علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

البدلية فى المستثنى خلاف الاصل ، وكون الجملة بدلا عن المفرد قليل ، والمستثنى منه مفرد دائما واما فى المنقطع فانها تابعة كما بينا.

الامر الثالث يرد على المستثنى المتصل اشكال مشهور ، وهو لزوم التناقض فى الكلام ، لانك اذا قلت مثلا : جاء القوم الا زيدا اثبتّ المجىء لزيد فى ضمن القوم ثم نفيت عنه بالا ، وجوابه انه ليس تناقضا فى قصد المتكلم وهو المعتبر لانه قصد من القوم غير زيد ، فياتى بالا زيد قرينة على قصده.

الامر الرابع ان الاصل تقدم المستثنى منه على المستثنى ، وقد يتاخر عنه ، ولكن فى هذه الصورة يجب نصب المستثنى ، سواء اكان متصلا ام منقطعا فى كلام موجب ام منفى ، ولا يصح الابدال لان البدل تابع والتابع لا يتقدم على المتبوع كقول الشاعر.

وما لى الّا آل احمد شيعة

١٢٤٩ وما لى الّا مذهب الحقّ مذهب

وشيعة فى هذا البيت مصدر بمعنى مشوع ، ولكن جاء على الابدال قليلا كالمنقول عن بعض العرب : ما لى الا ابوك ناصر ، ويسمى هذا بدلا مقلوبا ، ومن ذلك قول الشاعر.

لانّهم يرجون منك شفاعة

١٢٥٠ اذا لم يكن الّا النبيّون شافع

الامر الخامس قد يتكرر الاستثناء بان يكون الكل مستثنى من الاول ، نحو جاء القوم الا زيدا الا عمرا الا بكرا ، وامكن ان تاتى بها مع واو العطف وتقول : جاء القوم الا زيدا والا عمرا والا بكرا ، او بان يكون كل من ذلك مستثنى عما قبله ، نحو لك على عشرة دراهم الا اربعة الا واحدا ، فيلزم سبعة دراهم ، ومنه قوله تعالى : (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ) ـ ١٥ / ٥٨ ـ ٦٠.

خاتمه

نذكر فيها آيات متشابهة من جهة الاستثناء تدريبا وتمرينا.

٧٤١

١ ـ قوله تعالى : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) ـ ٨٨ / ٢١ ـ ٢٤ ، ان الظاهر عندى ان الاستثناء من مفعول ذكر المحذوف ، اى فذكر الناس الا من تولى وكفر لانه لا ينفعه التذكير لتوليه عن الحق وكفره العنادى كما بين فى آيات اخرى ان الانذار وعدمه سواء عليهم وان استغفارك لهم لا يقبل وان التذكير بالقرآن لمن يخاف وعيد وان الذكرى تنفع المؤمنين وغير ذلك من الآيات.

وقال ابن خروف : ان الاستثناء عن ضمير عليهم وهو منقطع ، ومن تولى مبتدا فيعذبه الله خبره كما مر آنفا فى الامر الثانى ، والمعنى على زعمه : لست على الناس بمصيطر ، لكن من تولى وكفر يعذبه الله.

٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ـ ٢٧ / ٦٥ ، ان الاستثناء متصل ، لان لفظ من بمفهومه يشمل الله وان لم يكن تعالى شانه من جنس غيره ، اذ قلنا : لا يشترط فى الاستثناء المتصل كون المستثنى داخلا فى جنس المستثنى منه ، بل اللازم كونه شاملا له بمفهومه ، واما تقيده بفى السماوات والارض فلا ينافى شانه تعالى لانه فى كل مكان وليس فى شىء من المكان بمحدود كما نطق به النبى الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقال ابن هشام فى اواخر ثالث المغنى : ان من مفعول به والغيب بدل اشتمال عنه والله فاعل والاستثناء مفرغ ، والتقدير : لا يعلم الغيب الا الله ، وهذا تكلف مستغنى عنه ولا يلائمه اسلوب الكلام.

وقال ابن مالك : ان فى السماوات والارض ليس متعلقا باستقر المحذوف بل بفعل آخر هو يذكر بصيغة المجهول ، والتقدير : لا يعلم من يذكر فى السماوات والارض الغيب الا الله ، والاستثناء متصل لانه تعالى ممن يذكر فى السماوات و

٧٤٢

الارض ، وانما قدر هكذا زعما منه انه تعالى لا يوصف بكونه فى السماوات والارض حقيقة ، وقد بينا انه تعالى فى كل مكان حقيقة لكنه لا يتحدد بالمكان كالاجسام.

وقال الزمخشرى لهذا الزعم على ما نقل ابن هشام : ان الاستثناء منقطع ، وان الله بدل ممن ، وهذا خلاف اجماعهم اذ لم يذهب احد الى ابدال المستثنى المنقطع ، وهو الحق لان الانقطاع ينافى البدلية.

٣ ـ قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) ـ ٢ / ٢٤٩ ، ان الاستثناء من الجملة الاولى ، اى فمن شرب منه فليس منى الا من اغترف غرفة بيده ، لا الثانية لاختلال المعنى ، لاقتضاء ذلك ان من اغترف غرفة بيده ليس منه ، وليس الامر كذلك لان شرب غرفة كان مباحالهم.

٤ ـ قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٢١ / ٢١ ـ ٢٢ ، المشهور ان الا فى هذه الآية بمعنى غير ، وهو صفة لآلهة ، ولا يجوز ان تكون للاستثناء ، اذ التقدير حينئذ : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضى بمفهومه انه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا ، وهذا المعنى فاسد ، فالمراد لو توليهما ودبر امرهما آلهة غير الله لفسدتا لامكان تنازعهم وتمانعهم ، ولكن ليس فيهما فساد لان الامور منتظمة متسقة فالالاه واحد.

وزاد ابن هشام فى المغنى فى حرف الا على ذلك امرين : احدهما انه لا يجوز فى الا هذه ان تكون للاستثناء من جهه اللفظ ايضا ، لان آلهة جمع منكر فى الاثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه ، فلو قلت : قام رجال الا زيدا لم يصح اتفاقا ، ثانيهما ان الا الله نعت مؤكد لا مخصص ، ولو كان الوصف تخصيصا لفسد المعنى ايضا لفساد مفهوم الوصف ، اذ مفهومه : لو كان فيهما آلهة لم تكن غير الله لم تفسدا ، وهذا فاسد ، فالمعنى لو كان فيهما آلهة متعددة غير الالاه الواحد

٧٤٣

لفسدتا ، فغير الله وصف توضيحى لان التعدد يفهم من صيغة الجمع وكل متعدد غير الواحد.

اقول : ان الذى قالوه انما يتم لو كان المراد بآلهة فى الآية تعدد المدبر لامر السماء والارض كما هو مصرح فى كلامهم ، واما لو كان المراد بها تعدد المعبود كان مفاد الآية : لو كان فيهما معبودون ولا يعبد الله تعالى فيهما لفسدتا ، ومفهومه ان عبد فيهما الله وعبد من دونه آلهة لم تفسدا ، وهذا المفهوم هو الواقع المشاهد الناطق به آيات كثيرة فان الآيات تنادى ان الناس يعبدون اصنامهم والمؤمنون يعبدون الله تعالى ، وهذا نظير ما فى الحديث : لو لا حجة الله فى الارض لساخت باهلها ، وهذا الذى قلت يؤيده الآية السابقة لان آلهة فيها بمعنى معبودين بلا كلام ، وعلى هذا فالا للاستثناء لا بمعنى غير.

ان قلت : ان لفظ الله بعد الا قرى بالرفع اجماعا ، ولو كان الا للاستثناء لوجب نصبه لان اجماع النحاة على انه لا يجوز ابدال المستثنى عن المستثنى منه فى الكلام الموجب ، قلت : ان الذى قلت انما هو بالنظر الى المعنى لا الى اللفظ والاعراب ، مع ان المبرد على ما نقل ابن هشام ذهب الى ان الا فى الآية للاستثناء وان ما بعده بدل ، على انا ذكرنا فى القسم الثانى شواهد على مجىء المستثنى بدلا فى الكلام الموجب ، وليكن هذه الآية منها.

واما قول ابن هشام : ان آلهة جمع منكر فى الاثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه فجوابه انه منقوض بما جاء فى كتاب الله متصلا ومنقطعا ، وان كان مراد المانع هو المتصل ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ ٣٨ / ٢٤ ، الذين آمنوا مستثنى متصل وكثيرا مستثنى منه ، وهو شبه جمع منكر ، وقوله تعالى : (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ) ـ ١٥ / ٥٨ ، آل لوط مستثنى منقطع وقوم مجرمين مستثنى منه ، وهو اسم جمع منكر ، واما مجىء الا بمعنى غير ففى هذين البيتين.

٧٤٤

لو كان غيرى سليمى الدهر غيّره

١٢٥١ وقع الحوادث الّا الصارم الذكر

انيخت فالقت بلدة فوق بلدة

١٢٥٢ قليل بها الاصوات الّا بغامها

وحيث كان الا بمعنى غير فما بعدها معرب باعراب التابع للموصوف لانها مع ما بعدها معاصفة لما قبلها فيظهر اعراب الصفة على مدخولها ، ومن امثلة ذلك ما نقل عن سيبويه : لو كان معنا رجل الا زيد لغلبنا ، والظاهر ان الا فى هذه الآية بمعنى غير ، (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) ـ ٨ / ١٦.

الفصل الثانى

فى حاشا وخلا وعدا ، وهى حروف جارة تفيد معنى الا ، وقد تحمل فى العمل على الا فينصب الاسم بعدها ، وقد تدخل عليها ما الزائدة للتاكيد ، نحو ما فى الرواية : اللهم اغفرلى ولمن يسمع حاشا الشيطان وابا الاصبغ ، وقول على عليه‌السلام : كل معط منتقص سواه وكل مانع مذموم ما خلاه ، وكما فى هذه الابيات.

الا كلّ شىء ما خلا الله باطل

١٢٥٣ وكلّ نعيم لا محالة زائل

تملّ الندامى ما عدانى فانّنى

١٢٥٤ لكلّ الّذى يهوى نديمى مولع

رايت الناس ما حاشا قريشا

١٢٥٥ فانّا نحن افضلهم فعالا

فى فتية جعلوا الصليب الاههم

١٢٥٦ حاشاى انّى مسلم معذور

حاشا قريشا فان الله فضّلهم

١٢٥٧ على البريّة بالاسلام والدين

حاشا ابا ثوبان انّ به

١٢٥٨ ضنّا على الملحاة والشتم

ابحنا حيّهم قتلا واسرا

١٢٥٩ عدا الشمطاء والطفل الصغير

هنا امور

١ ـ لا يدل لحوق نون الوقاية بها على انها افعال لانها تلحق بالحرف ايضا

٧٤٥

كعن ومن والنواسخ كلها.

٢ ـ قد يشتق منها الفعل ، والاشتقاق من الحرف سائغ كما يشتق من سوف : سوف يسوف تسويفا ، نحو قول الشاعر.

ولا ارى فاعلا فى الناس يشبهه

١٢٦٠ ولا احاشى من الاقوام من احد

وفى الحديث : اسامة احب الناس الى ، ثم زاد الراوى على ما نقل : ما حاشى فاطمة ولا غيرها ، ما نافية وحاشى فعل بمعنى استثنى ، هذه رواية ، ولكن الروايات المتواترة تدل على ان اهل بيته المعصومين عليهم‌السلام احب الخلائق اليه ، وهذه الكلمات بموادها تستعمل افعالا متصرفة ذات الاشتقاق بمعان مختلفة ، ولكنه خارج عن هذا الباب فراجع كتب اللغة.

٣ ـ فى كتاب الله قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) ـ ١٢ / ٣١ ، قرئ هذه اللفظة حاش بحذف الالف الآخرة مع فتح الشين او سكونها ودخول اللام على لفظ الجلالة ، وحشا لله بحذف الالف الاولى وحاش الله بالاضافة من دون اللام ، وحاشا لله بالتنوين ودخول اللام على لفظ الجلالة ، وحاشا الالاه ، وروى بعض هذه القراءات فى قوله تعالى : (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) ـ ١٢ / ٥١ ، وهذه اللفظة فى جميع القراءات بمعنى سبحان الله ، وعلى هذا فهى اسم مبنى على الفتح او السكون ، وتنوينه فى بعض القراءات تنوين تنكير ، وهو يلحق لبعض الاسماء المبنية ، كايه ومه وصه ، وفى نحو قولهم : جاءنى سيبويه وسيبويه آخر.

٤ ـ ذكر فى بعض كتب اللغة : ان حاشا تستعمل للاستثناء فيما ينزه المستثنى عن مشاركة المستثنى منه فى حكمه ، ولذلك لا يحسن ان يقال : صلى الناس حاشا زيدا لفوات معنى التنزيه.

اقول : معنى التنزيه ظاهر فى كثير من الامثلة ، ويناسبه استعماله اسما بمعنى سبحان الله.

٧٤٦

٥ ـ قد ذكرنا فى المبحث الرابع فى المقصد الثانى ان من حروف الجر ما لا يحتاج الى المتعلق ، منها هذه الثلاثة ، فراجع.

هذا ما عندى على سهولته فى هذه الكلمات الثلاث ، والقوم على انها حروف جارة ان جرما بعدها وافعال ان نصب ، ثم لهم فى فاعلها وما الداخلة عليها اقوال واختلافات وتقديرات وتاويلات وتعليلات لا ارى وجها للتعرض لها.

الفصل الثالث

فى ليس ولا يكون ، وهما من الافعال الناقصة ، وقد مر ذكرهما فى المبحث الثالث من المقصد الاول ، ويأتيان للاستثناء وينفيان عما بعدهما ما ثبت لما قبلهما ، وذلك حيث لا يكون لهما اسم ليكون ما بعدهما خبرا لهما ، نحو اتونى ليس زيدا اولا يكون زيدا ، وكقول الشاعر.

عددت قومى كعديد الطيس

١٢٦١ اذ ذهب القوم الكرام ليسى

قال ابن هشام فى مبحث ليس : والصحيح انها الناسخة وان اسمها ضمير راجع للبعض المفهوم مما تقدم واستتاره واجب فلا يليها فى اللفظ الا المنصوب ، ومراده ان التقدير فى المثال المذكور : اتونى ليس بعضهم زيدا ، والامر سهل.

الفصل الرابع

فى غير وسوى وبيد ولا سيما.

اما غير فهو اسم ملازم للاضافة ، ومر بعض احكامه فى المبحث الاول من المقصد الثانى ، وياتى ايضا فى المبحث التاسع ، ويقع فى الغالب وصفا ، ويحكم بانه للاستثناء اذا نصب وكان موصوفه غير منصوب ، وتعبير القوم : ان غير يقع للاستثناء فيعرب باعراب الاسم التالى لالّا ، نحو جاء القوم غير زيد وما جاءنى احد غير زيد ، ونصبه حينئذ على الحالية كما ان اتباعه على الوصفية.

٧٤٧

مثال ذلك قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ـ ٤ / ٩٥ ، اى لا يستوى القاعدون والمجاهدون الا اولى الضرر فانهم يساوون المجاهدين ، لانهم يحبون الجهاد ولكن لا يقدرون فيثابون على نيتهم ، وقرئ غير بالرفع فنعت للقاعدون وبالنصب فحال لهم ، وقوله تعالى : (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ـ ٧ / ٩٥ ، قرئ غير بالرفع عطفا على محل الاه وبالجر عطفا على لفظه ، فهو نعت على الوجهين ، وبالنصب فهو حال.

وقد يحذف ما يضاف اليه ، وذلك اذا وقع بعد ليس اولا النافية ، فيجوز حينئذ بناؤه واعرابه ، وحصر ابن هشام تبعا لبعضهم فى ليس فقال : وقولهم لا غير لحن ، ونسبة اللحن منه خطأ ، راجع لبيانه تاج العروس.

مثال ليس : قبضت عشرة دراهم ليس غير ، يجوز رفعه فهو اسم ليس ، والتقدير :

ليس غير العشرة ماخوذا ، ونصبه ، فهو خبر ليس ، والتقدير : ليس الماخوذ غير العشرة ، وضمه فامكن تقديره اسما وخبرا كذلك ، وجملة ليس غير تؤخذ استينافا او نعتا او حالا حسب المناسبة لما قبلها.

مثال لا نحو رايت رجلين لا غير ، عندى رجلان لا غير ، مررت برجلين لا غير ، اى لا غير رجلين ، فلا عاطفة ، وغير تابع لما قبله فى الاعراب ، ويفيد فى الوجهين معنى الا ، فان قولك قبضت عشرة ليس غيرا ولا غير ، اى ما قبضت الا عشرة.

واما سوى فهو كغير ، ويجوز فيه سواء ، وضم السين وفتحها فى الصورتين ، نحو قول على عليه‌السلام : ولا تكونوا كالمتكبر على ابن امه من غير ما فضل جعله الله فيه سوى ما الحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسد ، المراد بالمتكبر هو قابيل عادى اخاه هابيل بالحسد والتكبر فقتله ، وما بعد غير زائدة وقع بينه وبين ما يضاف اليه ، والمراد بالعظمة التكبر ، وسوى بمعنى الا ، وفى هذا الاستثناء ذم بصورة المدح ، وجاء عكسه فى هذا البيت.

٧٤٨

ولا عيب فيهم غير انّ سيوفهم

١٢٦٢ بهنّ فلول من قراع الكتائب

واما بيد ويقال ميد ايضا ، فهو اسم ملازم للنصب والاضافة الى ان وصلتها ، ونصبه على الحالية كغير فى الاستثناء ، وهو بمعنى الا فى الاستثناء المنقطع ، نحو ان زيدا كثير المال بيد انه بخيل ، اى لكنه بخيل ، وفى الحديث : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد انهم اولوا الكتاب من قبلنا ، اى الآخرون فى الدنيا الخ ، وفى الحديث ايضا : انا افصح من نطق بالضاد بيد انى من قريش واسترضعت فى بنى سعد بن بكر ، وقول الشاعر.

عمدا فعلت ذاك بيد انّى

١٢٦٣ اخاف ان هلكت ان ترنّى

قال ابن هشام : بيد فى الحديث الثانى وفى البيت بمعنى من اجل ، وقال ابن مالك : هو فى الحديث بمعنى غير على حد قول الشاعر : ولا عيب فيهم غير الخ.

واما لا سيما فلفظها مركب فى الاصل من لاوسىّ وما ، ويقع بعدها اسم نكرة او معرفة ، ومعناها الاستثناء عن التساوى الى جانب الاكثر ، نحو عظم العلماء ولا سيما زيد ، اى خصص زيدا بزيادة التعظيم ، ويجوز فى الاسم الواقع بعدها الجر والرفع والنصب ، وتقدير الجر : ولا يكون تعظيمك لهم مثل تعظيم زيد ، وتقدير الرفع : ولا يكون تعظيمك لهم مثل تعظيم الذى هو زيد ، وتقدير النصب : ولا يكون تعظيمك لهم مثل التعظيم الذى تعظم به زيدا ، ومثاله فى كلامهم ما فى هذين البيتين.

الا ربّ يوم صالح لك منهما

١٢٦٤ ولا سيّما يوم بدارة جلجل

فه بالعقود وبالايمان لا سيما

١٢٦٥ عقد وفاء به من اعظم القرب

وحذف لا كما فى بعض التآليف خطأ ، وقيل : ان الواو قبل لا ايضا واجبة الذكر ، وحذفها فى البيت الثانى ضرورة ، ويؤيد وجوب الواو ان لا سيما مع ما بعده بمنزله الجملة كما رايت فى التقادير الثلاثة ، والواو عاطفة.

٧٤٩

المبحث الرابع

فى ادوات الشرط ، وهى ثمانى عشره : ان ، لو ، لولا ، لوما ، امّا ، اذ ، لمّا ، اذا ، اىّ ، حيث ، كيف ، ما ، من ، مهما ، متى ، ايّان ، اين ، انّى ، والخمس الاولى حروف ، والبواقى اسماء ، ويقال لها كلم المجازاة ايضا.

وكل منها يدخل على جملتين يرتبط بينهما به ، يقال للاولى الشرط والجملة الشرطية ، وللثانية الجزاء والجواب والجملة الجزائية والجوابية ، وفى اصطلاح فن المنطق يقال لهما : المقدم والتالى.

وارتباطهما الحاصل من كلمة الشرط هو تعليق نسبة الجملة الثانية على نسبة الجملة الاولى تعليقا فى التكوين نحو اذا طلعت الشمس فالنهار موجود ، او بجعل المتكلم نحو ان ضربتنى ضربتك وان جاءك زيد فاكرمه ، والتكوين اما باللزوم او الاتفاق ، وياتى ايضاح ذلك.

ويقال للجملة الاولى الشرط اذ الشرط فى اللغة بمعنى العلامة ، واشراط الساعة علاماتها ، فكانها علامة لحصول الثانية ، ويقال لها الجواب والجزاء لمحاذاتها للاولى ، اذ الجواب كلام يحاذى كلاما والجزاء عمل يحاذى عملا.

ثم ان اسماء الشرط فى بعضها معنى الظرفية الزمانية او المكانية ، فنجعل هذا المبحث على اربعة فصول ، الاول فى حروف الشرط ، الثانى فى اسماء الشرط التى

٧٥٠

ليس لها معنى الظرفية ، الثالث فى اسماء الشرط التى لها معنى الظرفية المكانية ، الرابع فى اسماء الشرط التى لها معنى الظرفية الزمانية.

الفصل الاول

فى حروف الشرط ، وهى ان ، لو ، لولا ، لوما ، امّا.

١ ـ ان

وهى ام الباب ، تدخل على الجملتين الفعليتين والاسميتين والمختلفتين.

مثال الفعليتين كلاهما الماضوية قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) ـ ٥ / ١١٦ ، (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ـ ١٢ / ٢٧ ، (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٤ / ١٤١ ، (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) ـ ٣ / ١٨٤ ، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) ـ ٢٢ / ١١ ، والمراد من الماضى اعم من اللفظى والمعنوى ، فالمضارع المصدر بلم يحسب ماضيا ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ـ ٥ / ٦٧ ، والجملة الشرطية يكون جزاءها انشائيا لا العكس ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ـ ٤٩ / ٦ ، (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) ـ ٢ / ٢٣ ، وكذا غير الماضى ان وقع شرطا ، وياتى بعض الامثلة.

مثال الفعليتين كلاهما المضارعية قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ـ ٢ / ٢٨٤ ، (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) ـ ٩ / ٣٩ ، (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ) ـ ٥ / ٥٤.

مثال الفعليتين المختلفتين قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) ـ ٩ ـ

٧٥١

٤٠ ، (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) ـ ٨ / ١٩ ، (وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) ـ ٧ / ١٤٣ ، (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ـ ١٠ / ١٠٤.

مثال الاسميتين قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) ـ ٤ / ١٢٨ ، مثال المختلفتين (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ـ ٩ / ٦ ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) ـ ٤٢ / ٤٨.

هنا امور

الاول قد تلحق ما الزائدة بان للتاكيد وتدغم النون فى الميم وتكتبان بصورة الادغام وتاخذ شكل اما العاطفة فيظن انها هى وليست بها ، كقوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) ـ ١٩ / ٢٦ ، (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ٢ / ٣٨ ، (إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) ـ ٧ / ٢٠٠ ، (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ـ ٦ / ٦٨ ، واما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء ، فحينئذ كون الشرط بعدها مضارعا مؤكدا بالنون الثقيلة قريب من الوجوب ، وجاء فى هذا البيت بدون النون.

امّا ترينا حفاة لا نعال لنا

١٢٦٦ انّا كذلك ما نحفى وننتعل

الثانى تدخل ان على لا النافية وتدغم النون فى اللام وتكتبان بصورة الادغام وتاخذ شكل الا الاستثنائية فيظن انها هى وليست بها ، كقوله تعالى : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) ـ ١١ / ٤٧ ، (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ) ـ ١٢ / ٣٣ ، (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) ـ ٩ / ٤٠ ، ونظيرها كثير فى الآيات.

الثالث تستعمل ان للوصل ، ويقال لها : ان الوصيلة ، نحو قولك : الحريص

٧٥٢

بخيل وان كثر ماله ، وهذا التعليق للتعميم والواو للعطف ، اى الحريص بخيل ان قل ماله وان كثر ماله ، ونحو ما فى الحديث : عرض لى جبرئيل فقال : بشر امتك انه من مات لا يشرك بالله عزوجل شيئا دخل الجنة ، قال قلت : يا جبرئيل وان زنى وان سرق؟ قال : نعم وان شرب الخمر ، اى دخل الجنة ان لم يشرب الخمر وان شرب ، ويقال لها وصلية لوصل مدخولها بما يقابله فى التعليق بسبب العطف ، وياتى نظير هذا فى لو.

الرابع قالوا : ان للشرط فى الاستقبال ، اقول : ان لا تدل على زمان ، والفعل لا يدل على زمان مخصوص الا بالقرينة ، وياتى بيان ذلك فى المبحث الخامس عشر ، ولا دليل على انها لا تستعمل فى غير المستقبل ، وقد استعملت فى الشرط الماضى والشرط المطلق كثيرا ، ومر بعض الامثلة ، والالتزام بان استعمالها فى غير المستقبل مجاز ثم الالتزام بالتوجيه والتاويل اعتساف عن الطريق ، فان كغيرها تدل على الربط بين الجملتين ، وخاصتها انها تستعمل فى الشرط المحتمل الوقوع ، وان كان واجب الوقوع عند المتكلم فاداته اذا.

تكملة

ينجزم المضارع بعد ثمانية اشياء بان المقدرة : الامر والنهى والدعاء والاستفهام والتمنى والترجى والعرض والتحضيض ان قصد بها التعليق والارتباط.

الاول وقوعه بعد الامر ، نحو قوله تعالى : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) ـ ٢٨ / ٣٢ ، (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) ـ ٢ / ٥٨ ، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ـ ٣ / ٣١ ، والتقدير : ان تتبعونى يحببكم الله ، وكذا غيرها ، ومن ذلك قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) ـ ١٤ / ٣١ ، تقديره : ان تقل لهم اقيموا الصلاة يقيموها ، وتقدير اقيموا لئلا يبقى قل بلا مقول ، وامكن ان يكون قل بمعنى اومر ،

٧٥٣

والتقدير : اومر عبادى بان يقيموا الصلاة ، وعلى هذا فليست الآية من هذا الباب.

وقد يكون ما قبل المضارع امرا بالمعنى ، نحو قوله تعالى : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ـ ٦١ / ١١ ـ ١٢ ، اى آمنوا بالله ورسوله وجاهد وايغفر لكم الخ.

ثم ان لم يكن لما تقدم المضارع مدخلية فيه او كان ولم يقصده المتكلم فلا جزم له كما فى قوله تعالى : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ـ ٩ / ١٤ ـ ١٥ ، انجزم خمسة افعال بعد قاتلو المدخلية المقاتلة فيها وقصد المتكلم اياها ، ولم يجزم يتوب لعدم مدخلية المقاتلة فى توبة الله على من يشاء لان توبته تعالى على عبده موقوفة على ندامة العبد لا على قتال المقاتلين ، (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) ـ ٦ / ٩١ ، رفع يلعبون لعدم قصد مدخلية ترك النبى اياهم فى لعبهم وان كان يوثر تركهم فى لعبهم ولو بالازدياد ، (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ـ ١٩ / ٥ ـ ٦ ، رفع يرثنى لعدم قصد سببية هبة الله اياه ولدا فى كونه وارثه لا مكان ان يموت قبله ، وفى بعض القراءات يرثنى بالجزم ، وهو بقصد السببية لا مكان ان يبقى بعده فيرثه ، وقرئ قوله تعالى : فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون فى سورة الزخرف والمعارج بالجزم لقصد السببية بخلاف (يَلْعَبُونَ) فى سورة الانعام مع ان المتقدم فى جميعها ذرهم.

والحاصل ان كان للامر او غيره من تلك الاشياء مدخلية فى حصول المضارع بعده وقصدها المتكلم يجزمه والا فلا ، ولا يخفى ان المعتبر هو مدخلية ما باى وجه كانت كمدخلية ترك النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى لعب المجرمين لا السببية لان العدمى لا يكون سببا للوجودى على ان تركه لو كان سببا للعبهم لم يجز له لان سبب المحظور محظور ان كان تاما.

٧٥٤

واعلم ان المضارع اذا لم ينجزم بعد تلك الامور لاحد الوجهين فهو اما جملة مستانفة كيتوب فى الآية الاولى ، او حال كيلعبون فى الآية الثانية او نعت كيرثنى فى الآية الثالثة ، وان انجزم فهو جواب لشرط محذوف مع حرف الشرط كما قلنا ، ومما يحتمل الحالية والاستيناف قوله تعالى :(فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) ـ ٢٠ / ٧٧ ، وقول الشاعر.

وقال رائدهم ارسوا نزاولها

١٢٦٧ فكلّ حتف امرئ يجرى بمقدار

ثم اعلم ان عمدة البحث فى هذا الباب انما هى فى الامر ، واما غيره من تلك السبعة فلا كثير بحث فيه ، واقنصر فى كتب القوم بهذه الامثلة لان امثلتها قليلة فى كلام العرب.

مثال النهى ، لا تكفر تدخل الجنة ، اى ان لا تكفر تدخل الجنة ، مثال الدعاء : اللهم اغفرلى ادخل الجنة ، اى ان تغفرلى ادخل الجنة ، مثال الاستفهام : هل تزورنى احسن اليك ، اى ان تزرنى احسن اليك ، مثال التمنى : ليت لى مالا انفقه ، اى ان كان لى مال انفقه ، مثال العرض : الا تنزل عندنا تصب خيرا ، اى ان تنزل عندنا نصب خيرا ، مثال التحضيض : لولا تاتينا تحدثنا ، اى ان تاتنا تحدثنا ، مثال الترجى قول الشاعر :

لعلّ التفاتا منك نحوى مقدّر

١٢٦٨ يمل بك من بعد القساوة للرحم

تنبيهات

١ ـ قرئ تستكثر بالرفع فى قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) ـ ٧٤ / ٦ ، لان عدم المنة لا دخل له فى استكثار العطاء ، والمنة ذكر العطاء بما يسوء المعطى ، وقد يراد بها الاعطاء كما فى الآية ، والاستكثار من المنة ، فالجملة حال ، والمعنى : لا تعط حال كونك تعد عطاءك كثيرا ، وقراءة الجزم شاذة.

٢ ـ ان المضارع المصدر بالفاء ينتصب بان الناصبة المقدرة ان وقع بعد احد [هذه الاشياء الثمانية وبعد النفى ايضا ،]

٧٥٥

هذه الاشياء الثمانية وبعد النفى ايضا ، وياتى ذكرها فى المبحث الحادى عشر وقاس الكوفيون الجزم بالنصب فجوزوا الجزم بعد النفى ، نحو ما تاتينا تحدثنا.

٣ ـ منع البصريون الجزم فى لا تكفر تدخل النار لان عدم الكفر لا يكون سببا لدخول النار اذ التقدير عندهم ان لا تكفر تدخل النار ، ولا يجوز ان يكون التقدير : ان تكفر تدخل النار لان المقدر يجب ان يكون كالمذكور نفيا واثباتا.

والكوفيون اجازوا ذلك وقالوا : ان التقدير : ان تكفر تدخل النار ، ولا يجب ان يكون المقدر كالمذكور ، واستدلوا بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، لان التقدير : ان ترجعوا بعدى كفارا يضرب الخ ، واجيبوا بان باء يضرب مرفوعة فى الاصل وسكونها لاجل الادغام لا انه جزم اعرابى ، هذا ، والخطب يسير ، والنزاع لا ثمرة له بعد استقامة المعنى على الوجهين ، وتعيين احدهما يحتاج الى القرينة.

٢ ـ لو

وهى تدخل على ان المفتوحة التى يؤول مع ما بعدها بالمفرد ، وعلى الجملة الاسمية والفعلية الماضوية والمضارعية.

مثال دخولها على ان قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) ـ ٢ / ١٠٣ ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ـ ٤٩ / ٥ ، (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) ـ ٤ / ٦٦ ، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) ـ ٥ / ٦٥ ، وكما فى هذه الابيات.

ولو انّها عصفورة لحسبتها

١٢٦٩ مسوّمة تدعو عبيدا وازنما

ولو انّ ما اسعى لادنى معيشة

١٢٧٠ كفانى ولم اطلب قليل من المال

لو انّ حيّا مدرك الفلاح

١٢٧١ ادركه ملاعب الرماح

٧٥٦

وموضع ان مع مدخولها الرفع عند الجميع ، ولكن على الابتداء عند بعض ، والخبر مقدر من افعال العموم ، والتقدير فى الآية الاولى مثلا : لو ايمانهم وتقويهم ثابتان الخ ، وعلى الفاعلية عند بعض آخر ، والفعل مقدر من افعال العموم ، والتقدير : لو ثبت ايمانهم وتقويهم الخ.

مثال دخولها على الجملة الاسمية قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) ـ ١٧ / ١٠٠ ، وكما فى هذه الابيات.

لو غيركم علق الزبير بحبله

١٢٧٢ ادّى الجوار الى بنى العوّام

لو بغير الماء حلقى شرق

١٢٧٣ كنت كالغصّان بالماء اعتصارى

لو فى طهيّة احلام لما عرضوا

١٢٧٤ دون الّذى انا ارميه ويرمينى

مثال دخولها على الفعلية المضارعية قوله تعالى : (قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) ـ ٣ / ١٨٧ ، (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) ـ ٧ / ١٠٠ ، (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) ـ ٥٦ / ٦٥ ، (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) ـ ١٠٢ / ٥ ـ ٦ ، وكما فى هذين البيتين.

ولو نعطى الخيار لما افترقنا

١٢٧٥ ولكن لاخيار مع اللّيالى

ولو تلتقى اصداؤنا بعد موتنا

١٢٧٦ ومندون رمسينامن الارض سبسب

مثال دخولها على الفعلية الماضوية قوله تعالى : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ـ ٣ / ١١٠ ، (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ـ ٣ / ١٥٩ ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) ـ ٥ / ٤٨.

هنا امور

الامر الاول لو تفارق ان بدخولها على ان المفتوحة وبانها لا تعمل عمل الجزم ولا غيره ، ولكن جاء المضارع بعدها فى هذين البيتين مجزوما ، وهو ضرورة.

لو يشا طار به ذو ميعة

١٢٧٧ لاحق الآطال نهد ذو خصل

٧٥٧

تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت

١٢٧٨ احدى نساء بنى ذهل بن شيبانا

والغالب فى جوابها ان يكون ماضيا مثبتا او منفيا او مضارعا منفيا بلم ، وتدخل اللام على جوابها المثبت كثيرا وعلى المنفى قليلا ، وقد تدخل عليه اذا الجوابية ، ودخول قد والفاء على جوابها فى هذين البيتين نادر.

لو شئت قد نقع الفؤاد بشربه

١٢٧٩ تدع الحوائم لا يجدن غليلا

لو كان قتل يا سلام فراحة

١٢٨٠ لكن فررت مخافة ان اوسرا

والكلام فى كون شرطها للماضى كالكلام فى كون شرط ان للمستقبل ، واستعمال لو للمستقبل كثير كما يشاهد فى الامثلة.

الامر الثانى اعلم ان الشرط لا يكون الا جملة خبرية لانه امر مفروض لتعليق الجزاء عليه ، والفرض ينافى الانشاء ، واما الجزاء ان كان انشاء فهو تعليق مجعول من المتكلم ولا دخل له فى الواقع ، وان كان خبرا فالنسبة بينهما فى الواقع اما اتفاقية بمعنى ان لا لزوم من احد الطرفين سواء اكان فى زمن واحد ام فى زمانين ، ولكن المتكلم يخبر بوقوع الجزاء على فرض وقوع الشرط ، واما لزومية بمعنى ان الجزاء لازم للشرط او بينهما تلازم بنحو من اللزوم او التلازم.

مثال الاتفاقية فى زمان واحد قوله تعالى : (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) ـ ٨ / ٤٣ ، امكن تخلف كل من اراءتهم كثيرا وفشلهم عن الآخر ، ونحو قولك : ان كان زيد نائما فانا يقظان فلا لزوم من احد الطرفين ، ولكن المتكلم يخبر بالوقوع.

مثال الاتفاقية فى زمانين قوله تعالى : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) ـ ٣٥ / ٤ ، وقولك : ان قضيت لى حاجتى احج.

مثال اللزوميه اى استلزام الشرط للجزاء ، وذلك اذا كان الجزاء اعم ، فان الاعم لازم للاخص ، ولا يمكن فى الشرطية اللزومية ان يكون الشرط اعم من الجزاء لان الجزاء لازم للشرط ولا يكون الاخص لازما للاعم ، كما لا يكون المبتدا اعم من الخبر ، قوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) ـ ٨ / ٢٣ ، امكن الاسماع لاتمام

٧٥٨

الحجة مع علمه بعدم الخير فيهم ، فالجزاء اعم من الشرط ، واشار الى ذلك بعده بقوله : ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون ، وكقولك : ان نمت انتقض وضوئى ، امكن انتقاض الوضوء بغير النوم ، فالجزاء اعم ، ومن ذلك قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ـ ٢١ / ٢٢ ، امكن فسادهما بغير ذلك كما هو واقع عند الساعة ، (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) ـ ٦ / ٩ ، امكن كون الرسول رجلا بغير كونه ملكا ، وفى هذا القسم ينتفى الشرط بانتفاء الجزاء ، لا العكس.

مثال التلازم من الطرفين ، وذلك اذا كان بينهما التساوى ، قوله تعالى : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) ـ ١١ / ٤٧ ، فان خسران الآخرة وعدم مغفرته تعالى متلا زمان ، (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) ـ ٦ / ٢٨ ، فان الرجوع الى الدنيا والاشتغال بالمناهى متلا زمان للكافر ، (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ـ ٦ / ٧٧ ، فان عدم هداية الرب وضلالة العبد متلا زمان ، وفى هذا القسم ينتفى كل منهما بانتفاء الآخر لتلازمهما وكونهما متساويين.

اذا علمت هذا فاعلم ان القوم اختلفوا فى تفسير لو ، فقال فريق : انها تدل على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط ، وقال فريق : انها تدل على انتفاء الشرط لانتفاء الجواب ، وهذان الفريقان متفقان فى انها تفيد انتفاء الشرط والجواب جميعا ، وقال فريق : انها تفيد انتفاء الشرط فقط بمعنى ان انتفاء الجزاء يستلزم انتفاء الشرط لا العكس ، وقال فريق : انها لا تفيد انتفاء بوجه.

اقول : ان لو تفيد الربط كان الا ان اكثر استعمالها فى الشرط الماضى ، بخلاف ان فان اكثر استعمالها فى الشرط المستقبل ، وان تعمل وهى لا تعمل ، واما سائر الامور فهى مدلولات القرائن ، ولا تختص بلو ولا بغيرها مع خصوصية لكل منها فى مقام الاستعمال وزيادة مدلول اسمى للادوات الاسمية ، واما الانتفاء فهو لكل من الطرفين بانتفاء الآخر ان كان بينهما تلازم ، وانتفاء الشرط بانتفاء الجزاء ان كان الجزاء اعم ، وان كان بين الطرفين اتفاق فلا لزوم فى الانتفاء كما لا لزوم فى

٧٥٩

الثبوت ، وان كان التعليق مجعولا من المتكلم كما يقال : ان رايت عالما فاكرمه ، فلا لزوم تكوينا لا فى الثبوت ولا فى الانتفاء الا ان المتكلم جعل للشرط استلزاما للجزاء ، واما الاقوام المختلفون فنظر كل منهم فى مثال فحكم حكما كليا ، والتحقيق ما ذكرنا.

الامر الثالث قد يراد من التعليق تعميم الجزاء ، فيؤتى باحد المتقابلين ويجعل شرطا ليثبت الجزاء للمقابل الآخر بطريق اولى ، وليس المراد تعليق الجزاء على الشرط المذكور والسكوت عن مقابله ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) ـ ٣١ / ٢٧ ، فعدم نفاد كلمات الله على فرض مقابل هذا الشرط ثابت بطريق اولى ، ومقابله عدم شجرة الارض اقلاما وعدم سبعة ابحر مدادا ، او كان الاقلام والمداد اقل من ذلك ، (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) ـ ١٧ / ١٠٠ ، فان امساكهم ثابت على فرض عدم ملكهم لها او ملكهم لاقل من ذلك بطريق اولى ، (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) ـ ٥ / ٢٨ ، فعدم بسط اليد لقتل اخيه قابيل ثابت بطريق اولى ان لم يبسط هويده لقتله (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) ـ ١٢ / ١٧ ، فعدم تصديقه لهم على فرض كونهم كاذبين ثابت بطريق اولى ، (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) ـ ٤ / ٧٨ ، (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ـ ٢٤ / ٣٣ ، ومن ذلك قول على عليه‌السلام : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ، وما فى الحديث : اكرموا الضيف ولو كان كافرا ، ونحو قولك : ان اهنتنى اكرمتك ، الا ماء تسقبنى ولو كان كدرا ، وقول الشاعر.

لا يأمن الدهر ذو بغى ولو ملكا

١٢٨١ جنوده ضاق عنها السهل والجبل

والمقصود فى هذه وامثالها كون الجزاء لازم الثبوت للشرط فى جميع فروضه ، وعلى اصطلاح فن الاصول ان هذا الشرط له مفهوم الاولوية بخلاف الشرط فى غير

٧٦٠