علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ـ ٣ / ١٥٤ ، انظر الى الافعال فى هذه الآية الواحدة النازلة فى واقعة واحدة ، اتى بصيغة الماضى فيما اراد افادة انه متحقق ، وبالمضارع فيما اراد افادة تلبس الفاعل به ، والواقعة كانت قبل نزول الآية.

الثامن قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ـ ٣٧ / ١٠٢ ، لم يقل ابراهيم : انى رايت فى المنام مع انه كان راى لئلا يخبر ان الذبح امر متحقق لا محالة ، بل اخبر انه متلبس بهذه الرؤية واجاب اسماعيل : افعل ما تؤمر به ، ولم يقل ما امرت به لذلك ايضا ، فحكى الله تعالى تحاورهما.

التاسع قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) الى قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) ـ ٨١ / ١ ـ ١٤ ، اى اذا تحقق تكوير الشمس وسائر الامور المذكورة تحقق علم كل نفس بما احضرت من دون نظر الى زمان الوقوع ، والقرينة القطعية تدل على ان ذلك فيما سياتى ، فلم يعبر بالماضى عن الآتى ، ومثلها سورة الانفطار والانشقاق والزلزال وغيرها.

العاشر قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) ـ ٩ / ٤٠ ، انظر الى اذ فى المواضع الثلاثة ، والقوم قالوا : انها للزمن الماضى.

الحادى عشر قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) ـ ٥ / ١٣ ، اى متلبسون بالتحريف متحققون بالنسيان مع ان كليهما سابق على نزول الآية.

الثانى عشر قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ

٩٠١

لَها خاضِعِينَ) ـ ٢٦ / ٤ ، لا نظر الى الزمان وهو ظاهر ، بل عند التلبس بتنزيل الآية تحقق صيرورة الاعناق خاضعة.

الثالث عشر قوله تعالى : (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ـ ٥ / ٧٠ ، انظر الى صيغ الماضى والمضارع تجد ما قلنا.

الرابع عشر قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ ٣ / ١٠١ ، اى من تلبس بالاعتصام فالهداية متحققة ، فانظر فى هذه الآيات وسائرها وتامل فيما بينت لك فاستقم على صراط لا تحتاج فيه الى توجيه وتاويل فى آيات الكتاب والتزام بان الماضى وقع فى مكان الآتى او الحاضر او الآتى وقع فى مكان الحاضر او الماضى كما التزم القوم وقالوا بآرائهم فى آيات الله ما قالوا واولوها بما اولوا مع اختلافات كثيرة.

الفصل الثانى

فيما يدل على استقبال الفعل المضارع بالنسبة الى زمان التكلم من دون دلالة على نفى الفعل او اثباته فى غير ذلك الزمان وان علم ذلك فانما هو بالقرينة ، وهى.

١ ـ السين وسوف ، وهما يختصان بالمضارع المثبت ، ولا يدخلان على غيره ، ويستعمل كلاهما للمستقبل البعيد والقريب ، نحو قوله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ـ ٥٥ / ٣١ ، فانه للبعيد ، (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) ـ ٩ / ٧١ ، هذا للبعيد ايضا لان ظاهر الآية بقرينة ما بعدها رحمة الآخرة ، (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ـ ٤٣ / ٤٤ ، فانه للبعيد لان سؤاله تعالى فى الآخرة ، واكثر مجئ سوف فى الآيات لامور الآخرة ، (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ـ ١٢ / ٩٨ ، وهذا للقريب ، لان يعقوب

٩٠٢

استغفر لبنيه ولم يتم الاسبوع ، (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) ـ ٦٥ / ٦ ، وهذا للقريب.

وقد تدخل الفاء عليهما فهى لمجرد العطف او مع السببية لان الترتيب والتعقيب يفهمان منهما ، نحو قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ـ ٥ / ٥٤ ، (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ـ ٢ / ١٣٧.

وقال ابن هشام فى المغنى : وتنفرد سوف عن السين بدخول اللام عليها ، نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) ـ ٩٣ / ٥ ، وبانها قد تفصل بالفعل الملغى ، كقوله.

وما ادرى وسوف اخال ادرى

١٥٦٧ اقوم آل حصن ام نساء

تنبيه

قيل : ان السين للاستمرار من الماضى الى المستقبل لا للمستقبل ، واستشهد بقوله تعالى : (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) ـ ٤ / ٩١ ، فان المؤمنين وجدوا ذلك من المنافقين قبل نزول الآية ، وقوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) ـ ٢ / ١٤٢ ، فان هذه الآية نزلت بعد قولهم ، اقول : لم يثبت وجدان المؤمنين ذلك وقول السفهاء ذلك قبل نزول الآيتين ، والتفصيل فى التفاسير ، ولكنا قلنا ان السين وسوف تدلان على ان مدخولهما واقع فى مستقبل زمان التكلم ، ولا ينافى ان يدل قرينة على وقوعه فى ماضى زمان التكلم ايضا.

٢ ـ نون التاكيد وذكرناها فى كتاب الصرف.

٣ ـ نواصب المضارع الاربع ، ولكن ينتقض فى ان بقوله تعالى : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) ـ ١٠ / ٣٧ ، وقوله : (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) ـ ٧ / ١٢٩ ،

٤ ـ اكثر ادوات الشرط ، ونحن لانقر بذلك ، وقد مر الكلام فيها فى المبحث

٩٠٣

الرابع.

٥ ـ لام التعليل الداخلة على المضارع ، ومر الكلام فيها فى المبحث الثانى عشر.

٦ ـ الظرف الدال على المستقبل كغد وبعد وغيرهما ، نحو قوله تعالى : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) ـ ٣١ / ٣٤ ، ومر ذكر الظروف فى المبحث الثالث من المقصد الثانى.

٧ ـ عوض ، وهو يفيد معنى ابدا ، ولكنه مبنى واكثر استعماله للمستقبل المنفى ، ولغيره قليل ، مثاله ما فى البيتين.

رضيعى لبان ثدى امّ تقاسما

١٥٦٨ باسحم داج عوض لا نتفرّق

ولو لا دفاعى عن عفاق ومشهدى

١٥٦٩ هوت بعفاق عوض عنقاء مغرب

ومن استعمالاتهم : عوض لا اتيك ، لا افعله عوض العائضين ، نحو ابد الابدين ، ويقال فى الاثبات : افعل ذلك من ذى عوض ، كما يقال : افعل ذلك من ذى قبل ، ومن ذى انف ، وكلها بمعنى فيما يستقبل ، وقد استقصى فى تاج العروس وجوه هذه الكلمة فراجع.

الفصل الثالث

فيما يمحض الفعل للماضى ، وهى.

١ ـ لم ولمّا ، ومر ذكرهما فى المبحث الحادى والعشرين من المقصد الاول.

٢ ـ قطّ ، لاستغراق الماضى المنفى ومر ذكرها فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول.

٣ ـ قد ، يستعمل اسم فعل بمعنى حسب ، ومر ذكره فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول ، ويستعمل حرفا ويدخل على الجملة الفعلية فيفيد التاكيد كانّ على الاسمية ، والماضى اذا دخل عليه قد فلا يستعمل لزمان الحال والاستقبال ،

٩٠٤

وياتى ذكره فى الخاتمه.

٤ ـ الكلمة الدالة على الزمن الماضى كامس وقبل ومذ ومنذ وغيرها.

الفصل الرابع

يتعين المضارع والماضى للحال بامور ، وهى.

١ ـ الآن ، نحو قوله تعالى : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً)ـ ٧٢ / ٩ ، (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) ـ ٤ / ١٨.

٢ ـ آنفا ، وهو منصوب على الظرفية ، نحو قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً) ـ ٤٧ / ١٦ ، وفى الحديث : انزلت على سورة آنفا ، ومن ذلك : وعظتك آنفا وسالفا ، اى الآن وفى سالف الازمان ، ومثلهما بعض الظروف كالساعة والحال.

٣ ـ المضارع المسبوق بليس ، نحو ليس زيد يقوم.

٤ ـ لام الابتداء ان دخلت على المضارع عند الكوفيين على ما نقل الرضى ، وتاتى فى خاتمة الكتاب.

هذا آخر المقصد الثالث وله الحمد

مصليا على نبيه وآله الطاهرين

٩٠٥

فى الكافى عن ابى اسحاق السبيعىّ عمّن حدّثه ممّن يوثق به ، قال : سمعت امير المؤمنين عليه‌السلام يقول : انّ الناس آلوا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ثلاثة : آلوا الى عالم على هدى من الله قد اغناه الله بما علم عن علم غيره ، وجاهل مدّع للعلم لاعلم له معجب بما عنده وقد فتنته الدنيا وفتن غيره ، ومتعلّم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة ، ثمّ هلك من ادّعى وخاب من افترى.

خاتمة الكتاب

فى فهرس حروف المعانى ووجوه معانيها وذكر الحروف الزائدة ومواضعها.

اعلم انه يقال لحروف الهجاء : حروف المبانى لانها مبنى بناء الكلمة والكلام ، ولما هو قسيم الاسم والفعل : حروف المعانى لان لكل منها معنى وان كان مفردا

واعلم انه يرى كثيرا فى تاليفاتهم ان الحرف الكذائى كانّ واللام مثلا معناه التاكيد ، وان الحرف الكدائى كالباء على خبر ليس وما بعد اداة الشرط مثلا زائد ،

٩٠٦

وان الحرف الزائد جئ به للتاكيد ، وعرف الرضى فى شرح الكافية الحرف الزائد بما لا يتغير به اصل المعنى بل لا يزيد بسببه الا تاكيد المعنى الثابت وتقويته ، ثم اورد عليه بانه يلزمهم على هذا ان يعدوا ان ولام الابتداء والفاظ التاكيد اسماء كانت او غير اسماء زوائد ، ولم يقولوا به.

ثم قال : قيل فائدة الحرف الزائد فى كلام العرب اما معنوية واما لفظية ، فالمعنوية تاكيد المعنى كما فى من الاستغراقية والباء فى خبر ما وليس ، واما الفائدة اللفظية فهى تزيين اللفظ وكونه بسبب الزيادة افصح او كون الكلمة والكلام بسببها مهياة لاستقامة وزن الشعر او لحسن السمع او غير ذلك من الفوائد اللفظية ، ولا يجوز خلوها من الفوائد اللفظية والمعنوية معا والا لعدت عبثا ، ولا يجوز ذلك فى كلام الفصحاء ولا سيما فى كلام البارى تعالى وانبياءه وائمته عليهم‌السلام ، وقد يجتمع الفائدتان فى حرف وقد تفرد احديهما عن الاخرى.

ثم قال : وبعض الزوائد يعمل كالباء ومن الزائد تين ، وبعضها لا يعمل نحو فبما رحمة ، وانما سميت هذه الحروف زوائد لانها قد تقع زائدة ، لا انها لا تقع الا زائدة ، بل وقوعها غير زائدة اكثر ، وسميت ايضا حروف الصلة لانها يتوصل بها الى زيادة الفصاحة او الى اقامة وزن او سجع او غير ذلك.

اقول : شان الحرف فى الكلام ربط الكلمات حتى يتشكل كلام مفيد لمعنى اراده المتكلم افهامه للمخاطب ، فالحروف على هذا لها وجوه من حيث الاصالة والزيادة.

الاول حرف يختل معنى الكلام بسقوطه نحو زيد فى الدار ، فان سقط فى يختل معنى الكلام.

الثانى حرف يتغير معنى الكلام بسقوطه ، نحو رايت منك قبيحا ، فان معناه انت فعلت عملا قبيحا ، فان سقط من صار المعنى انت قبيح ، ولا يختل المعنى ، بل يختل المراد.

الثالث حرف يتغير اعراب الكلمة بسقوطه بلا تغير واختلال ، نحو زيد فعال

٩٠٧

للعظائم ، فان سفط اللام وجر العظائم بالاضافه او نصب على المفعوليه لم يحصل اختلال ولا تغير فى المعنى المراد ، بل التغير فى الاعراب.

الرابع حرف يفيد تاكيد نسبة الكلام ، فان سقط يفوت التاكيد عاملا كان اولا ، وهذا على قسمين : قسم ينتظم تحت القاعدة كان ولام الابتداء ، وقسم لا ينتظم ، بل يقع فى مواضع مختلفة ، وما يشاهد فى كلامهم اطلاق الزائد على الثانى لا الاول.

الخامس حرف ليس له شان من الشؤون الاربعة ، الا انه يفيد فائدة لفظية من التزيين والافصحية واستقامة الوزن وحسن السمع وغير ذلك مما نقلنا عن الرضى فى كلامه ، واطلاق الزائد على هذا الوجه احق ، واكثر هذا الوجه واقع فى الشعر لاجل الضرورة.

ثم ان ما نطلق عليه التاكيد فالمراد القسم الاول من الوجه الرابع ، وما نطلق عليه الزيادة للتاكيد فالمراد القسم الثانى من الوجه الرابع ، وما نطلق عليه الزيادة فالمراد الوجه الخامس ، ويظهر من بعضهم اطلاق التاكيد على كل زيادة ، والامر سهل.

تنبيهات

١ ـ اطلاق الزيادة على ما فى كلامه تعالى ليس على ما ينبغى ، لانه ان كان زائدا فى ظواهر المعانى فليس بزائد حسب بواطن الآيات كما هو الشان فى الحروف المقطعة فى اوائل السور ، ومن يطلق عليه الزيادة ينوى فى نفسه حسب المفهوم الظاهر الذى نفهمه.

٢ ـ لا باس ان يسمى الوجه الخامس بالزائد المحض ، والقسم الثانى من الوجه الرابع بغير المحض كما يشاهد فى عبارة بعضهم.

٣ ـ ان الفعل لا يكون زائدا الا كان ، ومر شواهد منها فى المبحث الثالث والمبحث الثامن عشر من المقصد الاول ، واما الاسم ففيه اختلاف ، فقوم على

٩٠٨

القول بمجئ زيادته ، وياتى فى آخر الخاتمة.

٤ ـ ما تكرر بلفظه ليس من باب الزيادة ، بل الثانى تاكيد لفظى اسما كان او فعلا او حرفا ، اللهم الا ان يكون للضرورة ، وياتى من ذلك بعض الامثلة ، فالآن نشرع فى سرد حروف المعانى وذكر معانيها ومواضع زيادتها.

١ ـ الهمزة المفردة

ويطلق عليها الالف ايضا ، ولكنها غير الالف اللينية التى نذكرها فى آخر العدد ، ولها وجوه.

١ ـ النداء ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الثالث.

٢ ـ الاستفهام ، ومرت فى المبحث الخامس من المقصد الثالث.

٣ ـ التسوية ، وان شئت فقل المصدرية ومرت فى المبحث الاول والمبحث الحادى عشر من المقصد الثالث ، وهذه الثلاث مفتوحة.

٤ ـ صيغة الامر المفرد المذكر من واى ياى بمعنى وعد يعد ، وهى همزة مكسورة كما فى هذا البيت.

انّ هند المليحة الحسناء

١٥٧٠ واى من اضمرت لخلّ وفاء

٥ ـ لم يعهد زيادة الهمزة المفردة ، واما المركبة فهمزة ال على القول بان حرف التعريف هو اللام فقط ، وهمزة الوصل فى اوائل بعض الاسماء والافعال وهمزة المتكلم وحده وهمزة الامر ، ولكنها كلها زائدة على اصطلاح الصرف.

٢ ـ آ

من حروف النداء ، ولم يعهد زيادتها.

٣ ـ آى

من حروف النداء ، ولم يعهد زيادتها ، وذكرت والتى قبلها فى المبحث الثانى

٩٠٩

من المقصد الثالث.

٤ ـ اجل

حرف جواب مثل نعم ، مر ذكرها فى المبحث السادس من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

٥ ـ اذ ، ولها وجوه

١ ـ ظرف زمانى مر ذكرها فى المبحث الثالث من المقصد الثانى.

٢ ـ اسم شرط زمانى ، مر ذكرها فى المبحث الرابع من المقصد الثالث ، وهى بهذين الوجهين اسم.

٣ ـ حرف تعليل ، مر ذكرها فى المبحث الثانى عشر من المقصد الثالث.

٤ ـ الزيادة للتوكيد على قول فى نحو قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) ـ ٢ / ٣٠ ، ومر الكلام فيها فى المبحث الثالث من المقصد الثانى والمبحث الرابع من المقصد الثالث.

٦ ـ ال ، ولها وجوه

١ ـ كونها موصولة ، وذلك اذا دخلت على الوصف العامل ، وهى بهذا الوجه اسم ، مر ذكرها فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول والمبحث الخامس من المقصد الثانى.

٢ ـ حرف التعريف ، ومر ذكرها فى المبحث الخامس من المقصد الثانى.

٣ ـ الزائدة ، ومر ذكرها فى المبحث الخامس من المقصد الثانى.

٤ ـ حرف استفهام فى قولهم : ال فعلت مكان هل فعلت ، وهذا حكاية قطرب

٩١٠

كما فى المغنى.

٧ ـ الا ، ولها وجوه

١ ـ التنبيه ، ومرت فى المبحث الثامن من المقصد الثالث.

٢ ـ العرض والتحضيض وفروعهما من معنى التمنى والتوبيخ ومرت فى المبحث السابع من المقصد الثالث.

٣ ـ معناها الاصلى حسب تركيبها من همزة الاستفهام ولا النافية ، ومرت فى ذلك المبحث ، ولم يعهد زيادتها.

٨ ـ الّا

حرف تحضيض ، مرت فى المبحث السابع من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

٩ ـ الّا ، ولها وجوه

١ ـ الاستثناء ، ومرت فى المبحث الثالث من المقصد الثالث.

٢ ـ اسم بمعنى غير يقع نعتا ، ومرت فى ذلك المبحث.

٣ ـ الزيادة على قول بعضهم كما فى البيتين.

حراجيج ما تنفكّ الّا مناخة

١٥٧١ على الخسف او نرمى بها بلدا قفرا

ارى الدهر الّا منجنونا باهله

١٥٧٢ وما صاحب الحاجات الّا معذّبا

١٠ ـ الى ، ولها وجوه

مرت فى المبحث الثانى من المقصد الثانى ، ومر هناك القول بزيادتها وخطاء هذا القول.

٩١١

١١ ـ ام ، ولها وجوه

١ ـ معادلة همزة التسوية.

٢ ـ معادلة همزة الاستفهام.

٣ ـ الاضراب كبل ، ومر ذلك كله فى المبحث الاول من المقصد الثالث.

٤ ـ ان تكون حرف التعريف بمنزلة ال فى لغة طيئ ، كقول الشاعر.

ذاك خليلى وذو يواصلنى

١٥٧٣ يرمى ورائى بامسهم وامسلمة

وفى الحديث : سئل صلى‌الله‌عليه‌وآله : امن امبر امصيام فى امسفر ، فاجاب ليس من امبر امصيام فى امسفر ، وحكى ابن هشام عن بعض طلبة اليمن انه سمع فى بلادهم من يقول : خذ الرمح واركب امفرس.

٥ ـ الزيادة كما فى هذا البيت.

يا ليت شعرى ولا منجى من الهرم

١٥٧٤ ام هلعلى العيشبعدالشيب من ندم

١٢ ـ اما ، ولها وجوه

١ ـ التنبيه والاستفتاح ، ومرت فى المبحث الثامن فى المقصد الثالث.

٢ ـ معنى حقا ، ومرت فى المبحث الثامن فى المقصد الثالث.

٣ ـ العرض ، ومرت فى المبحث السابع من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

١٣ ـ امّا

للشرط والتفصيل والتاكيد ، ومر ذكرها فى المبحث الرابع من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

١٤ ـ امّا

للعطف ، ومر ذكرها فى المبحث الاول من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

٩١٢

١٥ ـ ان ، ولها وجوه

١ ـ الشرطية ، ومرت فى المبحث الرابع من المقصد الثالث.

٢ ـ النفى ، ومرت فى المبحث التاسع من المقصد الثالث.

٣ ـ كونها مخففة من الثقيلة ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الاول.

٤ ـ الزيادة ، وهى فى مواضع.

الاول بعد ما النافية كما فى هذه الابيات.

ما ان اتيت بشئ انت تكرهه

١٥٧٥ اذن فلا رفعت سوطى الىّ يدى

فما ان طبّنا جبن ولكن

١٥٧٦ منايانا ودولة آخرينا

بنى غدانة ما ان انتم ذهبا

١٥٧٧ ولا صريفا ولكن انتم الخزف

ما ان رايت ولا ارى فى مدّتى

١٥٧٨ كجوارى يلعبن فى الصحراء

ما ان رايت ولا سمعت بمثله

١٥٧٩ يوما كهانى اينق جرب

ما ان وجدنا للهوى من طبّ

١٥٨٠ ولا عدمنا قهر وجد صبّ

الثانى بعد ما الموصولة الاسمية وما المصدرية والا التنبيه كما فى هذه الابيات.

يرجّى المرء ما ان لا يراه

١٥٨١ وتعرض دون ادناه الخطوب

ورجّ الفتى للخير ما ان رايته

١٥٨٢ على السنّ خيرا لا يزال يزيد

الا ان سرى ليلى فبتّ كئيبا

١٥٨٣ احاذر ان تناى النوى بغضوبا

الثالث قبل مدة الانكار ، سمع سيبويه رجلا يقال له : اتخرج ان اخصبت البادية؟ فقال : اانا انيه؟ منكرا ان يكون رايه على خلاف ذلك ، وياتى بيان مدة الانكار فى الياء والواو والالف وقيل : استعملت بمعنى قد واذ التعليلية ، ذكرهما ابن هشام فى حرف ان من المغنى واجاب عن ذلك.

١٦ ـ ان ، ولها وجوه

١ ـ كونها حرفا مصدريا ، ومرت فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.

٩١٣

٢ ـ كونها مخففة من الثقيلة ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الاول ، وفى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.

٣ ـ التفسير ، ومرت فى المبحث العاشر من المقصد الثالث.

٤ ـ الزيادة ، وهى.

بعد لما الشرطية قياسا ، نحو قوله تعالى : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) ـ ٢٩ / ٣٣ ، (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) ـ ١٢ / ٩٦ ، وكما فى هذا البيت.

فلمّا ان جرى سمن عليها

١٥٨٤ كما طيّنت بالفدن السياعا

وبعد القسم وبعد اذا وبين الكاف ومجرورها كما فى هذه الابيات ، وذلك سماع.

اما والله ان لو كنت حرا

١٥٨٥ وما بالحرّ انت ولا العتيق

فاقسم ان لوّ التقينا وانتم

١٥٨٦ لكان لكم يوم من الشرّ مظلم

فامهله حتّى اذا ان كانّه

١٥٨٧ معاطى يد فى لجّة الماء غارف

ويوما توافينا بوجه مقسّم

١٥٨٨ كان ظبية تعطو الى وارق السلم

وقيل : لان معان اربعة اخرى : الشرطية والنفى والتعليل ومعنى لئلا ، ذكرها فى المغنى وليس ذلك بشئ.

١٧ ـ انّ ، ولها وجهان

١ ـ التاكيد ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الاول.

٢ ـ كونها حرف جواب ، ومرت فى المبحث السادس من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

تنبيه

تاتى ان فعلا ماضيا لجماعة الاناث من الاين وهو التعب ، وهو على وزن

٩١٤

بعن ، او من آن بمعنى قرب كذلك ، او فعل امر من الانين وهو تصوت المصاب او المريض ، وهى على وزن فر ، او مركبة من ان النافية وانا فى نحو قولهم : انّ قائم ، اى ان انا قائم ، حذف همزة انا والفه وادغم النون فى النون ، كما فى قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ـ ١٨ / ٣٨ ، اصله لكن انا ، الا انه لم يحذف الفه فى الكتابة.

١٨ ـ انّ ، ولها وجوه

١ ـ التوكيد كاختها ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الاول.

٢ ـ كونها حرفا مصدريا ، ومرت فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث

٣ ـ ان تكون لغة فى لعل فى نحو قولهم : ائت السوق انك تشترى لنا شيئا ، وقيل بذلك فى قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) ـ ٦ / ١٠٩ ، اى لعلها اذا جاءت لا يؤمنون ، والتفصيل فى التفسير ، ولم يعهد زيادتها كاختها.

١٩ ـ او

مرت فى المبحث الاول من المقصد الثالث ، وهى للعطف ، ولم يعهد زيادتها.

٢٠ ـ اى

مرت فى المبحث السادس من المقصد الثالث ، وهى حرف جواب ولم يعهد زيادتها.

٢١ ـ اى ، ولها وجهان

١ ـ النداء ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الثالث.

٩١٥

٢ ـ التفسير ، ومرت فى المبحث العاشر من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

٢٢ ـ ايا

حرف للنداء ، ومرت فى المبحث الثانى من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

٢٣ ـ الباء المفردة ، ولها وجوه

مرت فى المبحث الثانى من المقصد الثانى ، والمبحث الرابع عشر من المقصد الثالث ، وزيادتها للتاكيد فى مواضع.

الاول فى احدى صيغتى التعجب ، نحو احسن بزيد ، ومرت فى المبحث الثامن عشر من المقصد الاول ، وهذه الزيادة واجبة.

الثانى على فاعل كفى ، نحو قوله تعالى : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) ـ ١٣ / ٤٣ ، (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٤١ / ٥٣ ، وهذه الزيادة غالبة قياسية ، ومن غير الغالب قول الشاعر.

عميرة ودّع ان تجهّزت غاديا

١٥٨٩ كفى الشيب والاسلام للمرء ناهيا

قال الزجاج : ان الباء فى فاعل كفى باعتبار تضمين معنى اكتف ، فان كفى بالله شهيدا ضمن معنى اكتف بالله شهيدا ، وقال ابن هشام : وهو من الحسن بمكان ، ويصححه قولهم : اتّقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه ، فان اتقى وفعل ماضيان ضمنا معنى الامر بدليل جزم يثب ، اى ليتق الله وليفعل خيرا.

ثم قال ابن هشام : كفى التى بمعنى اجزا واغنى يتعدى الى مفعول واحد ولا يدخل على فاعلها الباء كقول الشاعر.

قليل منك يكفينى ولكن

١٥٩٠ قليلك لا يقال له قليل

٩١٦

ووقع فى شعر المتنبى زيادة الباء فى فاعل كفى المتعدية لواحد ، ولم ارمن انتقد عليه ذلك ، وشعره هذا.

كفى ثعلا فخرا بانّك منهم

١٥٩١ ودهر الان امسيت من اهله اهل

وهكذا كفى التى بمعنى وقى متعدية الى مفعولين ، ولا يدخل على فاعلها الباء ، كقوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) ـ ٣٣ / ٢٥ ، (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) ـ ٢ / ١٣٧ ، انته كلام ابن هشام.

اقول : ان الكفاية فى جميع استعمالاتها لها معنى واحد هو الاغناء ، ويتقوم هذا المعنى بالمغنى والمغنى وما يتحصل به مراد المغنى من جلب نفع او دفع شر ، فالاول فاعل كفى والثانى مفعولها الاول والثالث مفعولها الثانى ، فقوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) ، اى يكفيك الله دفع شرهم ، فان دفع شرهم مراد النبى ، وكذا قوله : كفى الله المؤمنين القتال ، فان قتال الكافرين مراد المؤمنين ، وقوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) ـ ٣ / ١٢٤ ، اى الن يكفيكم امداد ربكم بالملائكة قتال المشركين ، والمفعول الثانى مقدر ، وقوله : كفى بالله شهيدا ، اى كفى شهادة الله عباده فصل مخاصماتهم ، والمفعولان مقدران ، وشهيدا تمييز للفاعل ، والباء للتاكيد ، وقوله : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٤١ / ٥٣ ، انه بدل من ربك والمفعولان محذوفان ، وشرح الابيات فى شرح الشواهد الشعرية.

واما حديث التضمين فلا يستقيم ، بل اكتف به تفريع عليه ، اى كفاكم الله امركم فاكتفوا به ، وهو مطاوع كفى وفاعله مفعوله الاول ، والباء داخلة على المفعول الثانى ، كما تقول : كفانى الله امرى فاكتفيت به ، اى بذلك الامر.

وقد يجعل المفعول الثانى فاعلا لكفى اذ به يحصل الكفاية ، والفاعل الحقيقى يطوى فى الكلام ، كما يقال : كفاك هذا الشئ فاكتف به ، ومن ذلك قول الشاعر : قليل منك يكفينى الخ ، والفاعل الحقيقى هو المجرور بمن.

٩١٧

ومع ذلك كله لم يذكر ابن هشام معنى كفى التى على فاعلها الباء ، بل حاصل كلامه ان كفى هذه تضمنت معنى اكتف به ، وكفى المتعدية الى الواحد بمعنى اجزا واغنى ، وكفى المتعدية الى الاثنين بمعنى وقى ، ولا يدخل على فاعلهما الباء ، فهو مطالب بذلك ، وكتب اللغة لا تساعده على ما قال ، وانتقاده على المتنبى ليس بمكانه ، والحق ما بينا.

واما قولهم : اتقى الله امرؤ الخ ليس فيه تضمين لان التضمين انما هو فى مادة الفعل لا فى هيئته ، وجزم يثب لان الماضى اريد به الامر ، كالمضارع الذى اريد به الامر وجزم الفعل بعده ، ومر مثاله فى تكملة حرف ان الشرطية فى المبحث الرابع من المقصد الثالث.

الثالث على مفعول الفعل المتعدى ، نحو قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) ـ ١٩ / ٢٥ ، (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) ـ ٢٢ / ١٥ ، (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ـ ٢٢ / ٢٥ ، (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) ـ ٣٨ / ٣٣ ، اى فطفق يمسح السوق مسحا ، فان الهز والمد والارادة والمسح متعدية ، فالباء على الجذع وسبب والحاد والسوق زائدة ، ولا يبعد التضمين فيها وفى امثالها ، ومر بيان التضمين فى المبحث العشرين من المقصد الاول ، ومن زيادة الباء على المفعول ما فى هذه الابيات.

كفى بجسمى نحو لا انّنى رجل

١٥٩٢ لو لا مخاطبتى ايّاك لم ترنى

تبلت فؤادك فى المنام خريدة

١٥٩٣ تسقى الضجيع ببارد بسّام

فكفى بنا فضلا على من غيرنا

١٥٩٤ حبّ النبىّ محمّد ايّانا

نحن بنو جعدة ارباب الفلج

١٥٩٥ نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

هنّ الحرائر لا ربّات احمرة

١٥٩٦ سود المحاجر لا يقران بالسور

وتدخل الباء على مفعول علم وما بمعناه مع انه متعد ، والاكثر دخولها على مفعول المشتق منه ، بل قلما يوجد بدون الباء نحو قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ

٩١٨

عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) ـ ٣ / ٦٣ ، (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) ـ ٢١ / ٨١ ، (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ) ـ ١٧ / ٢٥ ، وكذا مفعول القول ان كان مضمون الجملة ، نحو قول على عليه‌السلام : واعلموا رحمكم الله انكم فى زمان القائل فيه بالحق قليل.

الرابع على المبتدا ، وهذا لا يقاس عليه ، نحو قوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) ـ ٦٨ / ٥ ـ ٦ ، على ان يكون المفتون اسم المفعول لا المصدر ، وفى نحو قولهم : بحسبك درهم ، وكما فى قول الشاعر.

اليس عجيبا بانّ الفتى

١٥٩٧ يصاب ببعض الّذى فى يديه

واما قولهم : خرجت فاذا بزيد فالتقدير : خرجت فاذا انا مع زيد ، وكذا قولهم : كيف بك اذا كان كذا وكذا ، فان التقدير : كيف يفعل بك ، وليس الباء فيهما زائدة على المبتدا كما زعم ابن هشام ، ومنه قول على عليه‌السلام : فكيف بالعائب الذى عاب اخاه وعيره ببلواه ، وفى بعض النسخ : فكيف بالغائب بالغين المعجمة من الغيبة ، والتقدير : فكيف يفعل الله به ، وفى الحديث : كيف بكم اذا غاب عنكم امامكم ، وحذف الفعل بعد كيف الاستفهامية كثير ، نحو قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) ـ ٣ / ٢٥ ، اى فكيف يفعل بهم.

الخامس على خبر المبتدا وخبر النواسخ ، والاكثر فى الكلام المنفى ، وهو قياسى واما فى الموجب فلا ، نحو قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) ـ ٣٩ / ٣٦ ، وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ـ ٢ / ٧٤ ، (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) ـ ٤٦ / ٣٣ ، (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) ـ ٨٢ / ١٦ ، وقول على عليه‌السلام : ما خير بخير بعده النار وما شر بشر بعده الجنة وكل نعيم دون الجنة فهو محقور وكل بلاء دون النار عافية ، وكقول الشاعر.

وان مدّت الايدى الى الزاد لم اكن

١٥٩٨ باعجلهم اذ اجشع القوم اعجل

وليس منه قوله تعالى كما زعم بعضهم : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ

٩١٩

بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) ـ ١٠ / ٢٧ ، بل المعنى جزاء كل سيئة حاصل لهم بمثلها ، وكذا ما فى هذا البيت.

فلا تطمع ابيت اللعن فيها

١٥٩٩ ومنعكها بشئ يستطاع

وما على الحال وعلى مجرور عن فى هذه الابيات ضرورة.

فما رجعت بخائبة ركاب

١٦٠٠ حكيم بن المسيّب منتهاها

كائن دعيت الى باساء داهمة

١٦٠١ فما انبعثت بمزؤود ولا وكل

فاصبح لا يسالنه عن بما به

١٦٠٢ اصعّد فى علو الهوى ام تصوّبا

٢٤ ـ بجل ، ولها وجهان

١ ـ كونها حرف جواب كنعم ، ومرت فى المبحث السادس من المقصد الثالث.

٢ ـ كونها اسم فعل ، بمعنى حسب ويكفى ، ومرت فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول ، ولم يعهد زيادتها.

٢٥ ـ بل

مرت فى المبحث الاول من المقصد الثالث ، وهى للاضراب ولم يعهد زيادتها

٢٦ ـ بلى

مرت فى المبحث السادس من المقصد الثالث ، ولم يعهد زيادتها.

٢٧ ـ التاء المفردة ، ولها وجوه

١ ـ كونها حرف القسم ، ومرت فى المبحث الرابع عشر من المقصد الثالث.

٢ ـ كونها حرف المضارع فى اوائل بعض صيغه ، وذكرت فى كتاب الصرف.

٩٢٠