علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) ـ ٥٨ / ٧ ، وسيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ، وهذا لا يدل على الاشتراك ، بل يدل على انه جعل الثلاثة اربعة بمعيته معهم ، والمشتق فى هذا القسم يجوز اضافته ويجوز نصب ما بعده لانه بمعنى جاعل ، ويستعمل بمعناه الفعل ، كما تقول : كانوا ستة فسبعتهم ، واذا زيد هذا القسم على العشرة فلا يجوز حذف الجزء الثانى من المضاف ، فلا يقال : رابع ثلاثة عشر ، اذ لا يصح ان يقال : ربعت ثلاثة عشر ، فسره ان هذا فى تاويل الفعل بخلاف القسم الاول.

السابع عشر : يظهر من ابن هشام ان العدد المشتق فى العقود لبيان المرتبة هو لفظ المتمم كما قال فى حرف اللام : المتمم عشرين من معانى اللام التعدية ، وقال ابن سيدة فى آخر المخصّص فى مبحث العدد : قال ابو على فى العقود كلها : هو الموفى كذا وهى الموفية كذا ، كقولك : الموفى عشرين والموفية عشرين ، اقول هذا اجتهاد من ابى على وتبعه من بعده ، ولا اظن ان العرب استعملته كذلك ، فلا باس ان يذكر العقد للمرتبة ولنفس العدد ، والمائز هو القرينة.

الثامن عشر : لا يدخل ال على العدد المضاف ، وتدخل على ما يضاف اليه ، نحو ثلاثة الدراهم وخمسة الاثواب ، وثالث الثلاثة وثامن السبعة وقول الشاعر.

وهل يرجع التسليم او يكشف العمى

٩٤٨ ثلاث الاثافى والديار البلاقع

واما فى غير المضاف فيدخل ال عليه ، نحو عندى الثلاثة ، وعندك الاربعة عشر ، وعند ابيك الاربعون ، ولكن لا تدخل على الجزء الثانى ان كان العدد مركبا ، وتدخل عليه ان كان معطوفا ، كما تقول : رايت الاربعة والخمسين رجلا ، ولا تدخل على المميز مطلقا لان حق التمييز ان يكون نكرة ، كل ذلك اذا اوجب الكلام دخول ال ، والا فالاصل عدمها فى باب اسماء العدد ، ولم ير فى كتاب الله تعالى منه شىء.

ثم اجاز الكوفيون دخول ال على العدد المضاف قياسا على نحو الحسن الوجه فى حال الاضافة ، والقياس باطل لان دخول ال على المضاف خلاف الاصل الا على الوصف العامل فى المعرفة.

٥٨١

التاسع عشر : ان قلت : لا يصح ان يقال مثلا : خامس وعشرون لان الجزاين واحد فى المعنى ولا معنى للعطف فى الواحد ، وكذا رابع عشر مثلا لان حرف العطف مقدر بين الجزاين ، وكذا كل عدد يراد به واحد من المراتب ، ومن ذلك العقود ، فلا يصح اطلاق العشرين مثلا على الواحد الواقع فى تلك المرتبة ، قلت : هذا اختصار فى الكلام ، فان معنى ثالث عشر مثلا : واحد واقع فى مرتبة هى مع ما قبلها من المراتب ثلاث عشرة ، فاختصروا الكلام وركبوا على الجزء الاول هيئة المشتق الدالة على الواحد واسقطوا ما زاد على الحاجة ، واما نحو العشرين المستعمل فى المرتبة فغاية الامر فيه كونه مجازا ومصححه هو القرينة.

العشرون : التاريخ تعريف الوقت بما وقع فيه ، ولكل قوم مبدء تاريخ من حيث السنين ، ومبدء تاريخ الاسلام سنة هجرة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واول السنة اول المحرم الحرام من الشهور القمرية ، وعلى هذا عمل المسلمون فى تسجيل الحوادث والوقايع.

فاذا وقع امر ارخوه بهذه الشهور وبليالى هذه الشهور دون ايامها لان اول الشهر القمرى ليلة بظهور الهلال ، فيقال مثلا وقع القتال لثلاث ليال خلون او مضين من شهر كذا بصيغة الجمع الى العشر ، واذا جاوز العشر يقال لاحدى عشرة ليلة خلت او مضت رعاية للتمييز جمعا وافرادا.

واذا وقع امر فى منتصف الشهر يقال : وقع للنصف من شهر كذا ، وبعد المنتصف يقال : لاربع عشر ليلة بقيت مثلا ، وان كانت الباقية عشرا او اقل يقال : لعشر بقين الخ ، وللسيوطى كتاب فى التاريخ مسمى بالشماريخ فى علم التاريخ يوقف الناظر فيه على امور مفيدة.

فى الكافى ، قال الصادق عليه‌السلام : اكمل الناس عقلا احسنهم خلقا.

٥٨٢

المبحث التاسع

فى الجمل واحكامها وفيه فصول.

الفصل الاول

فى تعريف الجملة وتقسيمها.

الجملة ما يتركب من كلمتين بينهما الاسناد ، والاسناد قول باثبات شىء لشئ او نفيه عنه اخبارا او انشاء ، ويراد فها الكلام ، والكلام قول دال على معنى يصح السكوت عليه ، وخروج جملة الشرط والجزاء والصلة عن صحة السكوت انما هو لعارض التعليق بين الشرط والجزاء والتقييد بالموصول الاسمى او الحرفى فى الصلة ، والامر العرضى لا يضر بالذاتى ، فان كلا من هذه الجمل يصدق عليها تعريف الجملة والكلام لانها بنفسها مع قطع النظر عن اداة الشرط والجزاء والصلة فيها اسناد ويصح السكوت عليها ، وقال بعضهم كصاحب المغنى ان الجملة اعم من الكلام لصدقها على كل من هذه الجمل دون الكلام ، اذ لا يصح السكوت على ان ضربتنى وحده وعلى الذى جاءنى وحده ، والحق هو الاول لما قلنا ، وعليه الاكثر.

والمراد من كلمتين اقل ما يتركب منه الجملة ، فلا يقدح كون اكثر الجمل اكثر منهما ، والمراد بالكلمة اعم من الحقيقية والحكمية التى هى ما معناه موجود ولفظه

٥٨٣

مفقود ، فضرب فى قولك : زيد ضرب جملة والجزء المسند اليه حكمى ، وكذا قولك : زيد فى جواب من جائك جملة ، والجزء المسند حكمى ، فان المقدر كالمذكور ، وهذا كله حسب الاصطلاح ، واما فى اللغة فكل من الكلام والجملة وما اخذ فى تعريفهما له معنى او معان مذكورة فى كتبها.

اما تقسيمها

فهى تنقسم الى اسمية وفعلية ، صغرى وكبرى ، خبرية وانشائية ، والمؤولة وغير المؤولة ، ما له محل من الاعراب وما ليس له محل منه.

اما الاسمية فهى التى بدئت باسم ، نحو زيد قائم وزيد قام ، وهيهات هيهات لما توعدون ان كان هيهات مصدرا ، وان تصوموا خير لكم لان التاويل صومكم خير لكم ، وان زيدا قائم واقائم الزيدان وما زيد يقوم ، لان الحرف لا دخل له فى اسمية الجملة وفعليتها ، والفعلية ما بدئت بفعل ، نحو قام ابوك ويقوم اخوك وقطع يد السارق وكان صديقك مسافرا و (إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ) ـ ٦٨ / ٥١ ، وظننتك فاضلا وهلا تعلمت واذا السماء انشقت لان التقدير اذا انشقت السماء على مذهب الجمهور ، واما زيد فى جواب من جائك فان قدرت الفعل قبله ففعلية او بعده فاسمية ، والجملة المصدرة بالقسم او حرف النداء فعلية لان التقدير فى بالله لا فعلن ويا عبد الله اقسم بالله وادعو عبد الله ، واسم الفعل فى حكم الفعل.

والمراد ببداءة الاسم ان يكون الجملة مبدوّة بالاسم فى الاصل اى تكون مصدرة بالمبتدا ، (فاياك نعبد) ـ ١ / ٥ ، (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها) ـ ١٦ / ٥ ، (فَرِيقاً هَدى) ـ ٧ / ٣٠ ، و (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) ـ ٤٠ / ٨١ ، و (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ) ـ ٥٤ / ٧ ، وهلا زيدا ضربته وكيف جاء زيد فعلية ، لان هذه الاسماء متاخرة رتبة وانما قدمت لغرض من الاغراض او وجوب صدارتها.

واما شبه الجملة فهو قسيم الجملة ان قدر متعلقه اسما نحو كائن وحاصل لانه

٥٨٤

حينئذ مفرد والمفرد قسيم الجملة ، وجملة فعلية ان قدر متعلقه فعلا نحو كان ويحصل ، فلا وجه لعد المصدرة بظرف او مجرور نحو اعندك زيد وا فى الدار عمرو قسما براسه مسمى بالجملة الظرفية كما فعل ابن هشام ، لان الظرف لا بد ان يتعلق بفعل او شبه فعل مذكور او مقدر ، نعم لا باس بان يقال : ان من الفعلية الجملة الظرفية اذا قدر متعلق الظرف فعلا كما فهم من كلام الزمخشرى ، وزاد الزمخشرى وغيره الجملة الشرطية ، والصواب ان مجموع الشرط والجزاء فعليتان او اسميتان او مختلفتان ، فلا داعى الى تكثير الاقسام. ثم من الجمل ما يحتمل الوجهين لاختلاف التقدير مع اختلاف الاقوال فيه او بدونه ، ولذلك امثلة.

منها نحو اذا قدم زيد فانا اكرمه ، فان قدرت اذا مضافة الى الشرط كما هو قول فمجموع الكلام جملة واحدة اسمية لان التقدير : انا اكرم زيدا زمان قدومه ، وان قدرتها غير مضافة كما هو قول آخر فمجموع الكلام جملتان فعلية واسمية ، وياتى تفصيل ذلك فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث.

ومنها نحو فى البيت زيد وعندى عمرو ، فان قدرت المرفوع مبتدا مؤخرا فالجملة اسمية ، وان قدرته فاعلا لمتعلق الظرف فالجملة فعلية ان قدرت المتعلق فعلا ، ولا يجوز تقديره اسما لعدم الاعتماد.

ومنها مذ يومان فى نحو ما رايته مذ يومان ، فان تقديره عند الاخفش والزجاج :

بينى وبين لقائه يومان ، وعند ابى بكر وابى على : امد انتفاء الرؤية يومان ، وعليهما فالجملة اسمية لا محل لها لانها استينافية ، ومذ خبر على الاول ومبتدا على الثانى ، وقال الكسائى وجماعة : معناه ما رايته مذ كان يومان ، فمذ ظرف للفعل وما بعده مضاف اليه ، والتقدير : ما رايته مدة كون يومين وكان المقدرة تامة ، وقال قوم : معناه ما رايته من الزمن الذى هو يومان او فى الزمن الذى هو يومان ، فليس مذ يومان على هذين القولين جملة فى التقدير ، بل مضاف ومضاف اليه على الاول وجار ومجرور على الثانى ، كما يقال : ما رايته مذ يومين ، وكل هذه التكلفات لتوجيه رفع يومان لان المرفوع اما فاعل او

٥٨٥

نائبه او مبتدا او خبر ، وان كان ولا بد فقول الكسائى احسن واسهل ، واحسن منه ان يقال : ان مذ ظرف بمعنى مدة ويومان خبر لمبتدا محذوف والجملة صفة لمذ ، والتقدير : ما رايته مدة هى يومان.

ومنها نحو ما ذا صنعت ، فان قدرته ما الذى صنعت فالجملة اسمية ، وان قدرته اى شىء صنعت فالجملة فعلية قدم مفعول الفعل ، وان قلت ما ذا صنعه فالجملة على التقدير الاول اسمية ايضا ، وعلى الثانى تحتمل الاسمية والفعلية على الوجهين الذين مر بيانهما فى باب الاشتغال فى المقصد الاول ، وان قلت : ماذا عرض ومن ذا قدم فالجملة اسمية لا غير.

ومنها نحو اكلونى البراغيث ، فان قدرت البراغيث مبتدا مؤخرا فالجملة اسمية ، وان قدرته بدلا عن الضمير المرفوع او قدرت الضمير حرفا هو علامة الجمع كما ان التاء فى قامت زينب حرف هو علامة التانيث فالجملة فعلية ، فالاقوال فيه ثلاثة.

ومنها نحو نعم الرجل زيد ، فان قدرت زيدا مبتدا مؤخرا فالجملة اسمية كما فى زيد نعم الرجل ، وان قدرته خبر ابان يكون التقدير : نعم الرجل هو زيد فالكلام جملتان فعلية واسمية ، والتقديران قولان.

ومنها البسملة ، فان قدرت متعلق الباء اسما نحو ابتدائى او قراءتى او غيرهما فهى جملة اسمية ، وهذا قول اهل البصرة ، وان قدرت فعلا نحو ابتدا او اقرا او غير هما فهى جملة فعلية ، وهذا قول اهل الكوفة.

ومنها قولهم : ما جاءت حاجتك ، فانه روى برفع حاجتك فالجملة فعلية ، لان جاءت بمعنى صارت وحاجتك اسمها وما خبرها قدم عليها ، وروى بالنصب ، فالجملة اسمية ، لان ما مبتدا وجاءت حاجتك خبره ، وحاجتك خبر جاءت ، وارجاع الضمير الى ما مؤنثا باعتبار المعنى لانه هو الحاجة.

٥٨٦

التقسيم الثانى

وتنقسم الجملة الى صغرى وكبرى وما ليس باحديهما.

فالكبرى هى الجملة الاسمية التى خبرها ايضا جملة نحو زيد قام وزيد ابوه قائم وزيد يقوم ابوه ، او الفعلية التى فعلها يقتضى ان يكون مفعولها جملة كمادة القول ، نحو (قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) ـ ١٤ / ١٠ ، (قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ) ـ ٢١ / ٦٠ ، او التى فعلها ذو مفعولين والمفعول الثانى جملة ، نحو ظننتك ابوك عالم ورايتك تصنع القبيح ، او كان ذا مفاعيل ثلاثة والثالث جملة ، نحو اريك زيدا وجهه جميل ، او كان من افعال القلوب والغى او علّق عن معموله ، واما نحو جاءنى الذى رايته بالامس ، وانا الذى اعطيتك مالا ، وسافرت يوم سافر استادك ، وانا قادم يوم يقدم ابوك ، فان كلا منها جملة فى حيزها جملة ، ولكنهم لم يسموها كبرى كما لم يسموا بها بعض ما ذكرناه.

والصغرى هى ما فى حيز الكبرى ، كالجملة المخبر بها فى الامثلة ، وقد تكون الجملة صغرى وكبرى باعتبارين ، نحو زيد ابوه غلامه منطلق ، ومن ذلك قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ـ ١٨ / ٣٨ ، اذ الاصل لكن انا هو الله ربى. فالمجموع كبرى والله ربى صغرى ، وهو الله ربى صغرى باعتبار المجموع ، وكبرى باعتبار الله ربى ، ومثلها قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ـ ١١٢ / ١ ، فان هو الله احد صغرى باعتبار المجموع وكبرى باعتبار الله احد ، وضمير هو فى الآيتين يرجع الى الذات المشهودة لكل موجود بفطرته ، لا هو ضمير شان ولا مبدل عن لفظ الجلالة كما ذكر ابن هشام فى ثانى المغنى تبعا لسلفه.

ثم تنقسم الجملة الكبرى الى ذات وجه وذات وجهين ، وذات الوجهين هى اسمية الصدر فعلية العجز ، وانما يقال لها ذات الوجهين لمخالفة صغراها لها فى الفعلية والاسمية ، نحو زيد يقوم ابوه ، وظننت زيدا ابوه قائم ، وذات الوجه الواحد ما لا تخالف بينها وبين صغراها فيهما ، نحو زيد ابوه قائم وظننت زيدا يقوم ابوه ،

٥٨٧

والجملة التى ليست بكبرى ولا صغرى نحو زيد قائم وقام زيد ، اذ ليس فى حيزها حملة ولا هى فى حيز الجملة.

ومن الجمل ما يحتمل الكبرى او ما ليس باحدهما ، نحو قوله تعالى : (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ) ـ ٢٧ / ٣٩ ، فان آتيك ان كان مضارعا والكاف مفعوله فهو جملة صغرى والمجموع كبرى ، وان كان اسم فاعل والكاف مضاف اليه فالمجموع ليس باحدهما ، نحو (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) ـ ١١ / ٧٦ ، فان آتيهم اسم فاعل مضاف لا غير بقيرينة رفع عذاب ، ونحو زيد فى الدار مع تقدير كان جملة كبرى ومع تقدير كائن ليس باحدهما ، وكذا انما انت سيرا ، ان قدرت تسير سيرا فالمجموع كبرى ، او سائر سيرا فليس باحدهما ، ونحو زيد قائم ابوه ان قدرت ابوه مبتدا مؤخرا فالمجموع كبرى ، او فاعلا لقائم فليس باحدهما ، وهذا بخلاف وانهم آتيهم عذاب لان عذاب نكرة فلا يقدر مبتدا ، ولكن يمكن ان يؤخذ آتيهم مبتدا وعذاب خبره فالمجموع جملة كبرى.

التقسيم الثالث

وتنقسم الجملة الى الخبرية والانشائية ، والجملة الانشائية كالتى تدل على الامر او النهى او الاستفهام او المدح او الذم او التمنى او الترجى او القسم او العقد او الايقاع ، والانشائية هى التى ليس لنسبتها خارج تطابقه او لا تطابقه ، وانما تحاذى نسبتها ما فى نفس المتكلم من احد هذه المعانى وغيرها ، بخلاف الخبرية فان لنسبتها ، خارجا نفيا او اثباتا يخبر المتكلم عنه بعد ان تصوره فى نفسه ، وتفصيل ذلك كله فى علم المعانى.

التقسيم الرابع

تنقسم الجملة الى غير المؤولة ، ومر الكلام فيها ، والمؤولة الى المفرد ، وهى المصدرة باحد الحروف المصدرية ، وياتى بيان ذلك فى المبحث الحادى عشر من المقصد

٥٨٨

الثالث.

التقسيم الخامس

اعلم ان الجملة من حيث هى هى فى حكم نكرة مبنية ، لا محل لها من الاعراب ، ولكنها قد تحل محل المفرد كحلولها محل الخبر او النعت فيقال ان لها محلا من الاعراب ، اى اعراب ذلك المفرد ، وعلى هذا فالجملة من هذه الجهة قسمان : ما له محل من الاعراب ، وما ليس له محل منه ، نوردهما فى فصلين بعد الفصل الاول ونقول :

الفصل الثانى

فى الجمل التى لها محل من الاعراب ، وهى احدى عشرة.

الاولى

الواقعة مبتداة او اسما لناسخ ، نحو قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) ـ ٢ / ٦ ، وما فى الحديث : لا الاه الا الله حصنى فمن دخل حصنى امن من عذابى ، لا حول ولا قوة الا بالله كنز من كنوز الجنة ، وقولهم : زعموا مطيّة الكذب ، وقول بعضهم : تسمع بالمعيدى خير من ان تراه ، وقولك : زيد قائم جملة اسمية ، قام زيد جملة فعلية ، ان (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) جزء السورة.

الثانية

الواقعة خبرا او خبرا لناسخ ، ومر امثلة ذلك فى المبحث الاول الى الرابع من المقصد الاول ، ولا باس بوقوع الجملة الانشائية خبرا وان كان قليلا خلافا لمن منع ذلك وقال : ان التقدير فى قولك : زيدا ضربه : زيدا قول فيه اضربه ، وهذا غير لازم.

٥٨٩

الثالثة

الواقعة فاعلة ، نحو قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) ـ ١٢ / ٣٥ ، ليسجننه فاعل بدا ، وقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ) ـ ٣٢ / ٢٦ ، وقوله تعالى : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) ـ ١٤ / ٤٥ ، كيف فعلنا فاعل تبين ، ومن ذلك : يعصم لا الاه الا الله ومحمد رسول الله الدماء والاموال ، وكقول الشاعر.

وما راعنى الّا يسير بشرطة

٩٤٩ وعهدى به قينا يفشّ بكير

وقد وقع الجملة اسما لكان فى قولهم : كان من الامر كيت وكيت او ذيت وذيت ، واسم كان بمنزلة الفاعل ، وهاتان الكلمتان كناية عن الحادثة فتؤديان مؤدى الجملة كما ان كذا وفلان كناية عن المفرد ، ومرت فى المبحث السادس.

الرابعة

الواقعة نائبة عن الفاعل ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ـ ٢ / ١١ ، لا تفسدوا نائب فاعل لقيل ، ونظيرها قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) ـ ٤٥ / ٣٢ ، وقوله تعالى : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ـ ٨٣ / ١٧ ، ولا تقع الجملة نائبة عن الفاعل الا لمادة القول والجملة المعلقة فى باب افعال القلوب ، نحو علم اقام زيد ، كذا قالوا ، ولعلهم لم يجدوا فى كلام العرب غيرهما ، ولكن القياس يقتضى ان كل جملة يصح وقوعها مفعولا بها يصح وقوعها نائبة عن الفاعل ، لان نائب الفاعل هو المفعول بعد رفض الفاعل فى الذكر وجعل الفعل على صيغة المجهول.

٥٩٠

الخامسة

الواقعة مفعولا بها ، وهى فى ثلاثة ابواب.

احدها باب الحكاية بالقول او مرادفه ، مثال الاول قوله تعالى : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) ـ ١٩ / ٣٠ ، ومعنى الحكاية فى الآية انه تعالى حكى عن عيسى هذا الكلام بقوله : قال انى الخ ، فقال مع مدخوله قول الله ومدخوله قول عيسى المحكى ، ونظير هذا كثير فى الآيات وغيرها.

مثال الثانى اى مرادف القول قوله تعالى : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ـ ٢ / ١٣٢ ، فان يا بنى الخ كلام ابراهيم ويعقوب حكاه الله تعالى بقوله : ووصى ، (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا ،) ـ ١١ / ٤٢ ، يا بنى اركب معنا كلام نوح لابنه حكاه الله تعالى بقوله : (نادى نُوحٌ ، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) ـ ٥٤ / ١٠ ، انى مغلوب فانتصر كلام نوح حكاه تعالى بقوله : (فَدَعا رَبَّهُ) ، وقرى انى مغلوب بفتح همزه ان ، فليس حينئذ من هذا الباب لانه فى تاويل المفرد ، وقوله تعالى : (أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ـ ١٢ / ٧٠ ، وكقول الشاعر.

رجلان من مكّة اخبرانا

٩٥٠ انّا راينا رجلا عريانا

وهذه الجمل فى محل نصب على المفعولية بالافعال المذكورة قبلها التى هى مرادفة للقول ، فلا حاجة الى تقدير القول ايضا ليكون نصبها به كما ذهب اليه البصريون.

ثانيها باب ظن واخواتها واعلم واخواتها ، فان الجملة تقع مفعولا بها ثانيا لظن وثالثا لا علم كما تقع خبرا للمبتدا وللنواسخ ، وقد مر تفصيل ذلك وامثلتها فى المبحث الخامس من المقصد الاول ، وقد اجتمع الثانى من مفعولى زعم وخبر كان وخبر ان جملا فى هذا البيت.

٥٩١

فان تزعمينى كنت اجهل فيكم

٩٥١ فانّى شريت الحكم بعدك بالجهل

ثالثها باب التعليق ، فان الجملة تقع مفعولا بها للفعل المعلق ، وقد مر بيانه وامثلته فى المبحث الخامس من المقصد الاول ، ولان التعليق لا يختص بباب ظن واخواتها نذكر هنا من غيره امثلة ، وهو اقسام.

القسم الاول ما يكون فعلا متعديا بحرف الجر فى غير التعليق ، نحو قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) ـ ٧ / ١٨٤ ، مادة التفكر تتعدى بحرف فى ، فالفعل فى هذه الآية علق عن عمله الاصالى الذى هو بواسطة فى ، وعمل النصب فى محل الجملة المصدرة بحرف النفى.

القسم الثانى ما يكون فعلا متعديا الى مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) ـ ٢٢ / ١٥ ، علق فعل النظر بالاستفهام عن مفعوله المفرد وعمل النصب فى الجملة فان النظر بمعنى الرؤية يتعدى بنفسه الى مفعول واحد ، وياتى بمعان اخرى متعديا بفى والى.

القسم الثالث ما يكون فعلا متعديا الى واحد بنفسه والى ثان بحرف الجر ، نحو قوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٥١ / ١٢ ، اى يسالونك ايان يوم الدين ، علق الفعل بالاستفهام عن عمله فى المفعول الثانى بالواسطة وعمل فى محل الجملة ، لان سؤال الاستخبار المنقسم الى الاستفهام والاستنطاق يتعدى الى الثانى بعن ، واما سؤال الاستعطاء يتعدى الى اثنين بنفسه ، نحو قوله تعالى : (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) ـ ٢٠ / ١٣٢.

تنبيهات

١ ـ قد يكون الحكاية بحرف التفسير ، نحو قوله تعالى : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) ـ ٢٣ / ٢٧ ، وياتى تفصيله فى مبحث حروف التفسير فى المقصد الثالث ، وقد تكون بلسان الحال او بغير القول ومرادفه كما فى البيتين.

٥٩٢

وترميننى بالطرف اى انت مذنب

٩٥٢ وتقليننى لكنّ ايّاك لا اقلى

سمعت النّاس ينتجعون غيثا

٩٥٣ فقلت لصيدح انتجعى بلالا

٢ ـ من الجمل المحكية ما تسمى معدولة ، نحو قوله تعالى : (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) ـ ٣٧ / ٣١ ، فان قول الرب عزوجل : (انكم لذائقون) كما فى قوله : (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) ـ ٣٧ / ٣٨ ، فعدل عنها اليها لانهم يتكلمون عن انفسهم فى القيامة بانا لذائقون ، اى عذاب جهنم ، ومثله فى مرادف القول قوله تعالى : (أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) ـ ٦٨ / ٣٧ ـ ٣٨ ، فان درسهم فى كتاب مفروض : ان لنا فيه لما نتخير ، فعدل عن هذه الجملة اليها ، اذ هى مقتضاة خطاب غيرهم اليهم ، كما تقول : ان لى الف دينار ، ويخاطبك غيرك مستنكرا او مستفهما : الك الف دينار؟ ونظيره فى العدول قول الشاعر :

الم تر انّى يوم جوّسو يقة

٩٥٤ بكيت فنادتنى هنيدة ماليا

٣ ـ لا يجب ان يكون مقول القول مفعولا به فى كل موضع ، بل يمكن ان يكون مبتدا له ، نحو (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) ـ ٨١ / ١٩ ، (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) ـ ٣٣ / ٤ ، وكما تقول : آيات الكتاب قول الله تعالى ، او خبرا له ، نحو قولى فى هذه المسالة كذا وكذا ، او عطف بيان له ، نحو قوله تعالى : (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ـ ٣٢ / ١٣ ، لا ملان الخ عطف بيان للقول.

٤ ـ قد تقع الجملة بعد القول فيظن فى بادى النظر انها محكية به وليست كذلك ، ولها امثلة.

١ ـ قوله تعالى : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) ـ ٣٦ / ٧٦ ، (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) ـ ١٠ / ٦٥ ، ليس الجملتان المصدرتان بان مقول المشركين ، بل هما مستانفتان فى محل التعليل للنهى قبلهما ، واما مقول المشركين محذوف ، وهو معلوم مذكور فى الآيات الكثيرة.

٢ ـ قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ

٥٩٣

مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ ، قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) ـ ٧ / ١٠٩ ـ ١١١ ، فما ذا تامرون ليس من تتمة مقول الملا ، بل هو مقول لفرعون ، اى فقال فرعون ماذا تامرون بدليل قالوا ارجه الخ.

٣ ـ (قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا) ـ ١٠ / ٧٧ ، ليس اسحر هذا محكية بتقولون ، بل يقال ، والتقدير : قال موسى مستنكرا لمقالتهم : اسحر هذا ، اتقولون للحق لما جاءكم انه سحر ، وكقول الشاعر.

قالت له وهو بعيش ضنك

٩٥٥ لا تكثرى لومى وخلّى عنك

السادسة الواقعة

مضافا اليها ، ولا يضاف الى الجملة الاثمانية اشياء.

الاول اسماء الزمان ، سواء اكان ظرفا اى مفعولا فيه ام غير ظرف من المعمولات ، نحو قوله تعالى : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) ـ ١٩ / ٣٣ ، فان يوم فى هذه الآية ظرف للسلام ، (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) ـ ٧٧ / ٣٥ ، فيوم فى هذه الآية خبر ، (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) ـ ١٤ / ٤٤ ، فى هذه الآية مفعول ثان لانذر ، (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) ـ ٤٠ / ١٥ ، يوم الثانى عطف بيان للاول.

ولا يجب من اسماء الزمان ان يضاف الى الجملة الا اذ واذا عند الجميع ، ولمّا عند من قال باسميتها ، ومذ ومنذ عند بعضهم على تفصيل مر فى اول المبحث ، واما غيرها فيضاف الى الجملة والى المفرد وقد مر بعض البيان فى مبحث الاضافة.

الثانى حيث ، ولا يضاف من اسماء المكان الى الجملة الا اياه ، واضافته الى المفرد نادر ، ومر مثاله فى مبحث الاضافة.

الثالث آية بمعنى علامة ، فانها تضاف جوازا الى الجملة الفعلية المتصرف فعلها مثبتا او منفيا بما كما فى البيتين.

٥٩٤

بآية يقدمون الخيل شعثا

٩٥٦ كانّ على سنابكها مداما

الكنى الى قومى السّلام رسالة

٩٥٧ بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا

وتضاف الى المفرد ايضا كقوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) ـ ٢ / ٢٤٨ ، والى الجملة المصدرة بحرف المصدر كقوله.

الاهل مبلغ عنّى تميما

٩٥٨ بآية ما يحبّون الطعاما

الرابع ذى فى قولهم : اذهب بذى تسلم ، وقد مر الكلام فيه فى آخر المبحث الاول.

الخامس لدن ، وهو بمعنى عند ، يضاف الى الجملة الفعلية التى فعلها متصرف مثبت كقول الشاعر.

لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم

٩٥٩ فلا يك منكم للخلاف جنوح

السادس ريث ، وهو مصدر راث اذا ابطا ، كقول على عليه‌السلام : واجاب الى دعوته ولم يعترض دونه ريث المبطى ولا اناة المتلكى ، اى اجاب الخلق الى دعوته التكوينية ولم يعترض عند اجابتهم ابطاء وتثاقل من مبطى ولا اناة وتعلل من متعلل ، بل اجابوا سريعا ، واضافته الى الجملة كقوله.

خليلىّ رفقا ريث اقضى لبانة

٩٦٠ من العرصات المذكرات عهودا

السابع قول وما يرادفه نحو قول لا الاه الا الله ثمن الجنة ، كلمة لا الاه الا الله حصنى ، الواجب فى افتتاح الصلاة لفظ الله اكبر ، وكقول الشاعر.

قول يا للرجال ينهض منّا

٩٦١ مسرعين الكهول والشبّانا

الثامن قائل وما يرادفه كقول الشاعر :

واجبت قائل كيف انت بصالح

٩٦٢ حتّى مللت وملّنى عوّادى

وقوله : اانت لافظ انّى للكماة مبارز.

وقد تجر الجملة بالحرف ، نحو ما روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه نهى عن قيل وقال ، والتقدير : نهى عن قيل كذا وقال فلان كذا ، والمراد النهى عن كثرة

٥٩٥

نقل مقالات الناس ، وقيل : انهما مصدران ، والمراد النهى عن الجدال وفضول ما يتحدث به المتجالسون.

السابعة

الواقعة مستثناة ، وياتى تفصيلها فى مبحث ادوات الاستثناء فى المقصد الثالث.

الثامنة

الواقعة حالا ، وقد مضت فى المبحث الرابع عشر من المقصد الاول.

التاسعة

الواقعة شرطا او جزاء لاداة شرط جازمة ، وياتى ذكرها فى المبحث الرابع من المقصد الثالث.

العاشرة

الواقعة تابعة لمفرد او جملة لها محل من الاعراب ، وياتى تفصيلها فى المبحث الحادى عشر.

الحادية عشرة

الموضوعة علما ، ومر ذكرها فى المبحث الخامس والسادس.

تكملة

يقع شبه الجملة احد هذه الامور كما تقع الجملة ، ودونك امثلتها.

الاول ان يكون مبتدا ، نحو قوله تعالى : (أَفِي اللهِ شَكٌ) ـ ١٤ / ١٠ ، (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ

٥٩٦

سُلْطانٍ بِهذا) ـ ١٠ / ٦٨ ، فان قدرت المتعلق كائن فهو مبتدا وما بعده فاعل سد مسد الخبر على تفصيل مر فى مبحث المبتدا والخبر فى المقصد الاول.

الثانى ان يكون خبرا ، وامثلته كثيرة مرت فى ذلك المبحث.

الثالث ان يكون فاعلا ، نحو قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) ـ ٦ / ٩٤ ، فالظرف فاعل تقطع ، وهذا الفعل فى معنى ما لم يسم فاعله ، لانه مطاوع قطع ، والظرف يقع نائبا عن الفاعل بلا كلام ، فالمعنى : لقد قطع بينكم ، كما يقال : سير فى الطريق ، وهذا الذى قلت اسهل تناولا ، وفى الآية اقوال ، وقوله تعالى : (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) ـ ٢٩ / ٣٨ ، من مساكنهم فاعل تبين ، ومن للتبعيض ، اى بعضها ، وتلك المساكن ما ذكر فى سورة الاعراف والشعراء والنمل.

الرابع ان يكون نائبا عن الفاعل ، نحو قوله تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) ـ ٣٤ / ٥٤ ، (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) ـ ٧ / ١٤٩ ، وما فى هذين البيتين.

اهمّ بامر الحزم لو استطيعه

٩٦٣ وقد حيل بين العير والنزوان

وقالت متى يبخل عليك ويعتلل

٩٦٤ يسؤك وان يكشف غرامك تذرب

الخامس ان يكون مفعولا ، وذلك كل جار يتعدى الفعل بواسطته ، فقل لمجموع الجار والمجرور انه مفعول لذلك الفعل لان معنى الحرف له دخل فى التعدية كما يقال للمجرور وحده انه مفعول بالواسطة.

السادس ان يكون مصافا اليه ، وهذا لا يتصور فى الجار والمجرور ، ويمكن فى الظرف ، نحو جئتك صباح يومك هذا.

السابع ان يكون علما ، وكان رجل فى قم اسمه بالخير ، ورجل فى طهران اسمه على الحساب.

الثامن الى الحادى عشر نحيلها الى مباحثها كما احلنا الجملة اليها.

٥٩٧

الفصل الثالث

فى الجمل التى ليس لها محل من الاعراب ، وهى التى لا تحل محل المفرد ، وهى سبع.

الاولى

الابتدائية ، وتسمى ايضا المستانفة والاستينافية لان الاستيفاف هو الاخذ فى الشئ والابتداء به ، وهذه غير الجملة الابتدائية بمعنى المركبة من المبتدا والخبر ، بل هذه اعم واخص منها من وجه ، والمستانفة اشهر اسمائها ، وهى جملة ليس قبلها شىء مربوط بها لفظا واعرابا ، او ليس قبلها شىء اصلا ، فهى نوعان.

النوع الاول

ما يفتتح به المتكلم كلامه كاول ما يبتدئ به الخطيب او المدرس ، وكجملة البسملة فى اوائل السور ، وبراءة من الله الخ فى اول سورة التوبة ، واول جملة من كل آية نزلت على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منفردة كآية التطهير وغيرها.

النوع الثانى

ما لا يرتبط بما قبله ارتباطا لفظيا ، فقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ) ـ ١٨ / ٨٣ ـ ٨٤ ، ثلاث جمل ، الثانية والثالثة مستانفتان لعدم ارتباط كل منهما بما قبلها لفظا وان كانت مرتبطة بها معنى ، وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ

٥٩٨

تَعْقِلُونَ ـ ،) فالجمل كلها مستانفات الا السادسة فانها تابعة للمستانفة ، ولكنها مرتبطات بالمعنى لان الثانية مطلوبة بالنداء ، والباقيات الا الاخيرة فى مكان التعليل للنهى عن اتخاذ البطانة من دون المؤمنين ، والاخيرة ارشاد الى التعقل فى الجمل المتقدمة.

الثانية

المعترضة ، وهى الواقعة بين شيئين مرتبطين لافادة تقوية الكلام او تحسينه ، وهى تقع فى مواضع.

الاول بين الفعل ومرفوعه كما فى هذه الابيات.

الم ياتيك والانباء تنمى

٩٦٥ بما لاقت لبون بنى زياد

شجاك اظنّ ربع الظاعنينا

٩٦٦ ولم تعبا بعذل العاذلينا

وقد ادركتنى والحوادث جمّة

٩٦٧ اسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل

الثانى بين الفعل ومفعوله كقول الشاعر.

وبدّلت والدهر ذو تبدّل

٩٦٨ هيفا دبورا بالصبا والشمال

الثالث بين المبتدا وخبره ، نحو قوله تعالى : (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) ـ ٣٨ / ٨٥ ، فالحق مبتدا ولاملان خبره ، وبينهما اعتراض ، وقرى الحقان فى الآية بالنصب والرفع ونصب الاول ورفع الثانى وبالعكس ، والآية على القراءة الاخيرة محل الشاهد والتفصيل فى التفسير ، وكقول الشاعر.

وفيهنّ والايّام بعثرن بالفتى

٩٦٩ نوادب لا يمللنه ونوائح

ومنه الاعتراض بجملة الفعل الملغى ، نحو زيد اظن عالم ، واذا اخر الفعل فجملة مستانفة ، نحو زيد عالم اظن ، وبجملة الاختصاص نحو نحن العرب اسخى من بذل لان المنصوب فى باب الاختصاص مع عامله المقدر جملة ، واما الاعتراض بكان الزائدة فى نحو قولك : اعالم كان ابوك فالصحيح انها لا فاعل لها فلا جملة ومر ذكر كان الزائدة فى المبحث الثالث والثامن عشر من المقصد الاول.

٥٩٩

الرابع بين ما اصله المبتدا والخبر اى معمولى النواسخ ، كما فى هذه الابيات.

لعلّك والموعود حقّ لقاؤه

٩٧٠ بدالك فى تلك القلوص بداء

يا ليت شعرى والمنى لا تنفع

٩٧١ هل اغدون يوما وامرى مجمع

انّ الثّمانين وبلّغتها

٩٧٢ قد احوجت سمعى الى ترجمان

انّى واسطار سطرن سطرا

٩٧٣ لقائل يا نصر نصر نصرا

انّ سليمى والله يكلؤها

٩٧٤ ضنّت بشئ ما كان يرزؤها

وانّى لرام نظرة قبل الّتى

٩٧٥ لعلّى وان شطّت نواها ازورها

وانّى وتهيامى بعزّة بعد ما

٩٧٦ تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت

لكا لمرتجى ظلّ الغمامة كلّما

٩٧٧ تبوّا منها للمقيل اضمحلّت

الخامس بين الشرط والجزاء ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) ـ ١٦ / ١٠١ ، (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ـ ٢ / ٢٤.

السادس بين القسم وجوابه ، نحو قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ـ ٥٦ / ٧٧ ، وكقول الشاعر.

لعمرى وما عمرى علىّ بهيّن

٩٧٨ لقد نطقت بطلا علىّ الاقارع

السابع بين الموصوف وصفته ، نحو قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) ـ ٥٦ / ٧٧.

الثامن بين الموصول وصلته كقول الشاعر :

ذاك الّذى وابيك يعرف مالكا

٩٧٩ والحقّ يدمغ ترّهات الباطل

التاسع بين المعطوف والمعطوف عليه ، نحو قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) ـ ١٦ / ٥٧ ، وقوله تعالى : (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) ـ ٣ / ١٣٥.

العاشر بين الحرف ومدخوله كما فى هذه الابيات.

كانّ وقداتى حول كميل

٩٨٠ اثافيها حمامات مثول

٦٠٠