علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

٦ ـ : الظرفية ، ومثلوا بما فى البيتين.

فلا تتركنّى بالوعيد كانّنى

٦٢٩ الى الناس مطلىّ به القار اجرب

وان يلتق الحىّ الجميع تلاقنى

٦٣٠ الى ذروة البيت الكريم المصمّد

وقال ابن مالك : ويمكن ان يكون منه قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) ـ ٤ / ٨٧ ، اى فى يوم القيامة ، اقول : التقدير : ليجمعنكم فى البرزخ الى يوم القيامة ، ونظيرها قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ـ ٥٦ / ٥٠ ، وصرح باليومين فى هذه الآية : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) ـ ٦٤ / ٩.

٧ ـ : الزيادة للتوكيد ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب.

الفصل الرابع

فى معنى حتى ، وهى للغاية ، اى تفيد ان ما بعدها غاية لما قبلها ، وفى هذا الفصل امور.

الامر الاول

ان الغاية ما يتعاقب الشئ ، ويقال لها النهاية ايضا ، وهى على انحاء كثيرة ، وان كانت مرادة للفاعل تسمى بالعلة الغائية باعتبار تصور الفاعل لها ، ويذكر بعض انحائها فيما ياتى ، والغاية اما فى الواقع واما حسب جعل المتكلم لا الواقع.

الامر الثانى

تدخل حتى على الاسم الصريح ، وهو اما جزء مما قبلها ، او فرد منه او متصل به ، وكل منها اما داخل من جهة الحكم فيما قبلها او خارج عنه ، فهذه ستة اقسام ، هاك تفصيلها.

٣٨١

١ ـ : ما يكون جزءا مما قبلها داخلا فى حكمه ، نحو اكلت السمكة حتى راسها وقرآت القرآن حتى السور القصار ، وكقول الشاعر :

سقى الحيا الارض حتّى امكن عزيت

٦٣١ لهم فلا زال عنها الخير مجذوذا

٢ ـ : ما يكون فردا مما قبلها داخلا فى حكمه ، نحو قدم الحاج حتى المشاة ، ومات الناس حتى الانبياء ، ويصعق الخلانق عند الساعة حتى الملائكة المقربين ، وما فى هذه الابيات.

قهرناكم حتّى الكماة فانتم

٦٣٢ تهابوننا حتّى بنينا الاصاغر

جود يمناك فاض فى الخلق حتّى

٦٣٣ بائس دان بالاسائة دينا

عمّمتهم بالندى حتّى غواتهم

٦٣٤ فكنت مالك ذى غىّ وذى رشد

القى الصحيفة كى يخفّف رحله

٦٣٥ والزاد حتّى نعله القاها

٣ ـ : ما يكون متصلا بما قبلها داخلا فى حكمه ، نحو اعجبتنى الجارية حتى حديثها ، وزيد نظيف حتى حذائه ، واتيان حتى فى هذه الصور الثلاث لافادة تعميم الحكم ودفع توهم خروج مدخولها عن الحكم ، مثلا اذا قلت : اكلت السمكة امكن ان يتوهم السامع انك لم تاكل راسها ، ولا سيما اذا لم تكن من اهل الشمال ، فتقول : حتى راسها لدفع ذلك التوهم.

٤ ـ : ما يكون جزءا مما قبلها خارجا عن حكمه : نحو قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) ـ ١٢ / ٣٥ ، ثم يحكمون عليه فى ذلك الحين بحكم آخر غير السجن ، وذلك الحين جزء ما قبله من الزمان المطلق.

٥ ـ : ما يكون فردا مما قبلها خارجا عن حكمه ، نحو انفقت دراهمى حتى واحد ابقيته لصديقى.

٦ ـ : ما يكون متصلا بما قبلها خارجا عن حكمه ، نحو قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ـ ٩٧ / ٥ ، فان مطلع الفجر متصل بليلة القدر ، وليس له حكمها الخاص ، وكقول الشاعر.

٣٨٢

عيّنت ليلة فما زلت حتّى

٦٣٦ نصفها راجيا فعدت يؤوسا

الامر الثالث

تدخل حتى على المضارع فتنصبه ، والجملة باسرها مجرورة المحل بحتى ، فعند الكوفية هى الناصبة ، وعند البصرية نصبه بان المقدرة ، وقول البصرية اقوى ، اذ يفوت معنى حتى بتاويلها مع الفعل بالمصدر ، نحو قوله تعالى : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) ـ ٧٠ / ٤٢ ، وفى الحديث : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه هما اللذان يهودانه او ينصرانه ، اى يكون على مقتضى فطرة التوحيد حتى يكون ابواه الخ.

ثم القاعدة نصب المضارع بعد حتى ، وتخلف عنها بعض الموارد كقراءة بعضهم فى قوله تعالى : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) ـ ٢ / ٢١٤ ، وهذا التخلف جائز ، ولكن النصب اولى وما بعد حتى حينئذ جملة ، وياتى ذكره فى الامر الرابع ، ومنه قول الشاعر.

يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم

٦٣٧ لا يسالون عن السواد المقبل

ثم ان ابن هشام ذكر فى المغنى لرفع المضارع بعد حتى شروطا ، وهو اسهاب بلا استهاب ، والاستراحة ان يقال ان ذلك من تخلف القاعدة جوازا وياتى بعض الكلام فى هذا الامر فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.

الامر الرابع

تدخل حتى على الجملة الاسمية والماضوية ، نحو قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ـ ١٠٢ / ١ ـ ٢ ، (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) ـ ٢٣ / ٩٩ ، وكما فى هذه الابيات.

فواعجبا حتّى كليب يسبّنى

٦٣٨ كانّ اباها نهشل او مجاشع

٣٨٣

فما زالت القتلى تمجّ دماءها

٦٣٩ بدجلة حتّى ماء دجلة اشكل

سريت بهم حتّى تكّل مطيّهم

٦٤٠ وحتّى الجياد ما يقدن بارسان

واختلفوا ، فقال فريق : ان الجملة مجرورة بحتى محلا ، وقال آخرون : انها مستانفة لا محل لها من الاعراب ، والاصح هو الاول لان ما بعد حتى مربوط بما قبلها معنى ، فالاولى ان يكون مربوطا به لفظا ايضا ، اللهم الا ان يكون ظاهرا فى الانقطاع ، وياتى فى المبحث الاول من المقصد الثالث ان حتى من حروف العطف ، ولا باس بان يقال ان الجملة بعدها معطوفة ان لم يمنع مانع منه.

الامر الخامس

قد يكون ما بعد حتى علة غائية لما قبلها ، نحو قوله تعالى : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) ـ ٢ / ٢١٧ ، (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) ـ ٦٣ / ٧ ، فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ـ ٤٩ / ٩ ، (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) ـ ٤١ / ٥٣ ، (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) ـ ٦٠ / ٤ ، اى ليس عداوتنا الا لانكم مشركون ، ونحو قولهم : اسلم حتى تدخل الجنة ، والغاية التعليلية نوع من الغاية المبحوث عنها فى باب حتى ، وجعل ابن هشام التعليل احد معانى حتى فقال : ولحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان : مرادفة الى الغائية ومرادفة كى التعليلية ومرادفة الا الاستثنائية.

اقول : ان حتى بمعنى الغاية على انحائها حيث وقعت كالى ، غير ان بينهما فروقا نذكرها عن قريب ، والتعليل او غيره يفهم من القرائن ، ومعنى الاستثناء ان فهم فهو كالتعليل ، وانفهام معنى التعليل لا يختص بالمضارع المنصوب ، بل يفهم من غير المضارع ، نحو قوله تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا) ـ ٧ / ٩٥ ، (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً

٣٨٤

سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) ـ ٧ / ٥٧ ، ونحو قولك : اكلت حتى شبعت.

ثم ان العلة الغائية اما اصلية او غير اصلية ، وكل منهما اما تمام الغرض او جزئه ، فلا تغفل فتحسب فى كل مورد انها تمام الغرض وقد شرحنا اقسام العلل فى تعليقتنا على شرح التجريد للعلامة الحلى رضوان الله عليه.

الامر السادس

قيل : ان حتى جاءت بمعنى الا فى موارد.

١ ـ : قوله تعالى : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) ـ ٢ / ١٠٢ ، لان قولهما ذلك مقدم على التعليم ، والمقدم لا يكون غاية للمؤخر ، فالمعنى : وما يعلمان من احد الا ان يقول الخ ، وهذا خطا لان ما بعد حتى غاية لعدم التعليم لا للتعليم.

٢ ـ : قوله صلوات الله عليه وآله : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه هما اللذان يهودانه او ينصرانه ، لان ما بعد حتى اى زمن تهويد الابوين او تنصيرهم للولد مفصول عن زمن الولادة بكثير ، فلا يكون التهويد او التنصير غاية لها لوجود الفصل ، فحتى بمعنى الا ، وهذا خطا ، لان المعنى : كل مولود يولد على الفطرة ويبقى على مقتضاها حتى يكون ابواه الخ ، مع ان معنى الاستثناء لا يستقيم الا مع هذا التقدير ، اذ ولادة كل مولود على الفطرة لا تقبل الاستثناء ، بل البقاء على مقتضى الفطرة يقبله ، فلابد ان يقال على فرض الاستثناء : كل مولود يولد على الفطرة ويبقى على مقتضاها الا ان يكون ابواه الخ ثم ان ابن هشام رد كون حتى بمعنى الا فى الآية والحديث ، وقال : نعم انه ظاهر فى هذين البيتين.

ليس العطاء من الفضول سماحة

٦٤١ حتّى تجود وما لديك قليل

والله لا يذهب شيخى باطلا

٦٤٢ حتّى ابير مالكا وكاهلا

٣٨٥

الامر السابع

ان حتى كالى لبيان الغاية ، غير ان بينهما فروقا :

١ ـ : ان الى تدخل على الضمائر بخلاف حتى ، وما جاء فى هذين البيتين شاذ.

 اتت حتّاك تقصد كلّ فجّ

٦٤٣ ترجّى منك انها لا تخيب

فلا والله لا يلفى اناس

٦٤٤ فتى حتّاك يا بن ابى زياد

٢ ـ : ان الاكثر فى حتى دخول ما بعدها فى الحكم ، والاكثر فى الى خروج ما بعدها عنه ، ومع ذلك يتبع فى كل منهما القرينة ، ومع عدم القرينة فالكلام مجمل ، وقال ابن هشام فى المغنى تبعا لغيره : يحمل حينئذ على الاكثر ، وفيه نظر.

٣ ـ : ان حتى يؤتى بها لدفع توهم خروج مجرورها عن الحكم لكونه اشرف الافراد او الاجزاء او اخسها ، كما مر بيانه ، بخلاف الى ، فانها لا يعتبر فيها ذلك.

٤ ـ : ان حتى لا يقابلها من الابتدائية ، بخلاف الى.

٥ ـ : ان حتى تدخل على الجمل ، بخلاف الى.

٦ ـ : ان حتى تدخل على المضارع المنصوب بان المقدرة كما مر بيانه ، بخلاف الى فانها ان دخلت فلابد من لفظ ان.

٧ ـ : ان كلا منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للاخر ، كما تقول : كتبت الى زيد ، ولا يصح ان يقال : كتبت حتى زيد ، وتقول : قدم الحاج حتى المشاة ، ولا يصح ان يقال : قدم الحاج الى المشاة ، والمائز هو الذوق العربى.

٨ ـ : ان حتى قد تكون عاطفة كما ياتى فى المبحث الاول من المقصد الثالث بخلاف الى فان ما بعدها لا يكون الا مجرورا.

٩ ـ : قال ابن هشام فى المغنى : حتى موضوعة لافادة تقضّى الفعل قبلها شيئا فشيئا الى الغاية ، والى ليست كذلك.

اقول : هذا خطا ، لان الى تكون كثيرا لتقضى الفعل شيئا فشيئا ، نحو قولك : سرت من البيت الى السوق ، فان السير يتقضى شيئا فشيئا الى الغاية ، وكذا حتى

٣٨٦

قد يكون الفعل الذى قبلها دفعة واحدة ، كما تقول : اكلت السمكة حتى راسها اذا بلعت سمكة صغيرة.

١٠ ـ : قال ابن هشام نقلا عن المغاربة وغيرهم : ان مجرور حتى ان كان جزءا من ذى الاجزاء يشترط ان يكون جزءا آخرا ، فلا يجوز سرت البارحة حتى ثلثها او نصفها ، بخلاف الى.

اقول : هذا خطا ، اذ نقول : سافرت شهر رمضان حتى ايام القدر ، واحترق باب البيت حتى ساكفه واسكفته وعضادتيه ، واكلت البطيخ حتى قشره ، واكلت التمر حتى نواه ، وتصفحت الدار حتى سطحها وآبارها فلم اجد فيها شيئا. اعلم ان بعضا من اصحاب الفنون ياخذون الاستقراء الناقص مكان التام ويحكمون حكما كليا ، فصن على نفسك من ذلك ، لئلا تقع فيما وقعوا فيه.

الفصل الخامس

فى معانى اللام الجارة ، وهى ثمانية.

المعنى الاول : الاختصاص ، وهو تعلق شىء بشئ من دون استحقاق ولا ملك ، وهذا بالمعنى الاخص المقابل لهما ، واما الاختصاص بالمعنى الاعم فيشمل الاستحقاق والملك ايضا ، نحو قوله تعالى : (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً) ـ ٢ / ٢٤٦ ، والشاهد فى غير الاولى ، (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) ـ ٤٠ / ١٨ ، (إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) ـ ١٢ / ٧٨ ، (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) ـ ٤ / ١١ ، والشاهد فى له ، (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ـ ٥٥ / ١٠ ، (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ـ ١٦ / ٧٢ ، ونحو قولهم : ادوم لك ما تدوم لى ، والحصير للمسجد ، والثوب للعبد ، والسرج للدابة ، والمفتاح للبيت.

المعنى الثانى : الاستحقاق بالمعنى الاخص لا الاعم الشامل للملك ايضا ، نحو قوله تعالى : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ـ ٢ / ١١٤ ، (إِنَّ الَّذِينَ

٣٨٧

آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ـ ٤١ / ٨ ، (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ـ ٤٠ / ٧٨ ، (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ـ ١٠٧ / ٥ ، واذا ثبت الاستحقاق ثبت الاختصاص ايضا بماله من حقه.

المعنى الثالث : الملك ، نحو قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ـ ٢ / ٢٥٥ ، (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) ـ ٦٣ / ٧ ، والملك يكون لذاته كما لله تعالى ، ويكون بتمليك الغير ، كما لغيره ، وحيث ثبت الملك ثبت الاستحقاق والاختصاص.

المعنى الرابع : التعليل ، وياتى بيانه فى مبحث حروف التعليل فى المقصد الثالث.

المعنى الخامس : التبليغ وهى اللام الداخله على المقول له ، سواء اكان غائبا ام حاضرا ، بقول لفظى او غير لفظى.

مثال الحاضر بقول لفظى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) ـ ٢ / ٥٤ ، (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ـ ٢ / ١١.

مثال الغائب بقول لفظى قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ) ـ ٢ / ١٥٤ ، (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) ـ ١١ / ٣١ ، (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) ـ ٧ / ٣٨ ، (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) ـ ٤٦ / ١١ ، (قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) ـ ٢١ / ٦٠.

مثال الخاضر بقول غير لفظى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ـ ٢ / ٣٠ ، (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) ـ ٢ / ١٣١ ، فان قوله تعالى وحى والهام ، (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) ـ ٥٩ / ١٦ ، ، فان قول الشيطان وسوسة فى القلب وليس باللفظ وكذا القول التكوينى من

٣٨٨

الله تعالى : نحو (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) ـ ٢ / ٢٤٣ ، (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٣ / ٥٩ ، (قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) ـ ٧ / ١٦٦.

مثال الغائب بقول غير لفظى : وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ـ ١٧ / ١٠٤ ، فان قوله تعالى لبنى اسرائيل لم يكن خطابا لهم ، بل ان كان خطابا فلموسى.

ثم لا يلزم فى اتيان هذه اللام ان يكون المقول له من ذوى السمع والشعور ، نحو قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ـ ٣٤ / ٤٣ ، والمراد من الحق القرآن المتلو عليهم ، (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) ـ ٤١ / ١١ ، (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ـ ١٨ / ٢٤ ، (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) ـ ١٦ / ١١٦ ، (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ١٦ / ٤٠ ، وقول الشاعر :

كضرائر الحسناء قلن لوجهها

٦٤٥ حسدا وبغضا انّه لدميم

ثم ان قوما التزموا لصحة اتيان هذه اللام ان يكون المقول له مخاطبا للقائل سامعا للمقول ، وجاؤوا فيما ليس كذلك بتاويلات تمجه الاسماع ، وانت ترى فى الآيات المذكورة وغيرها ان المقول له ليس سامعا مخاطبا ، بل ولا موجودا ولا ذا شعور امكن فيه السمع والخطاب ، بل ولا القول لفظا وكلاما ، فهذا التزام لغو ابداه احد من قبل وتبعه آخرون.

والعجب من ابن هشام حيث نفى فى المغنى فى السادس عشر من معانى اللام ان يكون غير السامع للقول مقولا له ، فقال وحيث دخلت اللام على غير المقول له فالتاويل على بعض ما ذكرناه ، ثم اتى شاهدا لما قال بهذه الآية : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) ـ ٧ / ٣٨ ، اقول : هذا مقال اهل النار خطابا الى الله ، فان لم يكن قولهم لجماعة دخلت النار اولا فلمن كان هذا القول؟

واعلم ان هذه اللام تدخل على الاسم المتعلق بما فيه معنى القول ايضا ،

٣٨٩

نحو قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) ـ ٩ / ٤٣ ، فان الاذن يقع بالقول ، (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ـ ١٢ / ١٨ ، فان التسويل هو الوسوسة ، وهى القول وان كان من دون لفظ ، (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ـ ٢ / ٢٤٢ ، فان البيان بالقول ، (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) ـ ٢٩ / ٢٦ ، فان الايمان اذا تعدى باللام فهو بمعنى التصديق ، وهو بالقول ، وان تعدى بالباء فهو بمعنى الاعتقاد القلبى ، وغير ذلك من الافعال التى يتضمن معنى القول.

المعنى السادس : التعدية ، ونذكر منها مواضع.

١ ـ : ان المعنى الخامس الذى سموه بالتبليغ لا يخلو من معنى التعدية ، بل الاولى عندى انه التعدية لان القول له اثر على المقول له ، ومعنى التبليغ ينتزع من ايصال المقول الذى هو خبر او انشاء الى المقول له ، كما ان تعدية اعطيت الى مفعولين باعتبار ايصال شىء الى شىء ، نحو اعطيتك دينارا ، فالمقول مفعول اول للقول والمقول له مفعول ثان له بواسطة اللام ، كما تقول : وهبت لزيد دينارا ، فانهما مفعولان لوهبت بالواسطة وبلا واسطة.

٢ ـ : مادة غفر ، فانها تتعدى الى المفعولين الذنب والمذنب ، الى احدهما باللام والى الآخر بلا واسطة ، فان الغفران له اثر فى المذنب واثر فى الذنب.

مثاله قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ،) ـ ٣ / ٣١ ، (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) ـ ٤٦ / ٣١ ، ومن للتبعيض وفى باب الاستفعال يزيد عليهما مفعول ثالث هو فاعل المغفرة ، نحو قوله تعالى : (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) ـ ١٩ / ٤٧ ، اى ساستغفر لك ربى ذنبك ، بدليل قوله : (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ـ ١٢ / ٩٧ ، اى استغفر ربنا لنا ذنوبنا ، وقد تدخل اللام على الذنب ، نحو قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ـ ٤٧ / ١٩.

٣ ـ : اللام الداخلة على المفعول بعد صيغتى التفضيل والتعجب من مادة الحب

٣٩٠

والبغض وما بمعناهما ، نحو زيد احب لى من عمرو ، اى زيد يحبنى حبا اشد من حب عمرو ، وكذا فلان ابغض لى من فلان ، ومثال فعل التعجب نحو ما احبه لبكر ، وما اولع خالدا للمال ، وما ابغض هذا العبد للذنب ، وان جئت بالى مكان اللام يكون مدخولها فاعلا وليست للتعدية ، نحو نبينا احب الىّ من كل خلق ، اى انى احبه اكثر من كل احد ، وهذا يختص بالحب والبغض وما بمعناهما ، واما غيرها فمثلها فى اللام لا فى الى ، نحو ما اضرب زيدا لعمرو ، وابى انصر لى من اخى ، فما بعد اللام مفعول ، واتيان هذه اللام واجب على المفعول فى اسم التفضيل وفعل التعجب وان كان مادتهما متعدية بنفسها.

المعنى السابع : الاستغاثة والندبة ، وياتى ذكرهما فى مبحث حروف النداء فى المقصد الثالث.

المعنى الثامن : التعجب ، ومر ذكرها فى المبحث الثامن عشر من المقصد الاول.

فصل

ذكروا للام معانى حروف اخرى كما فى المغنى وغيره ، نذكرها ونتكلم عليها.

الاول ، قالوا : ياتى اللام بمعنى الى ، نحو قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) ـ ٩٩ / ٤ ـ ٥ ، لان الايحاء يتعدى بالى كما فى آيات اخرى ، اقول : هذا بتضمين معنى الاذن ، اى اوحى اليها واذن لها بالاخبار ، وقوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ١٣ / ٢ ، اى الى اجل مسمى ، بدليل قوله تعالى : فى آية اخرى : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ٣١ / ٢٩ ، اقول : ان الجرى وما بمعناه من الحركات ان لوحظ منتهاه غاية للحركة يتعدى بالى ، وان لوحظ غاية للمتحرك يتعدى باللام ، فهى للتعليل ، وقوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ـ ٦ / ٢٨ ، اى الى ما نهوا عنه ، اقول : هذه اللام للتعليل ، اى لو رجعناهم الى الدنيا لكان عودهم بحسب ارادتهم للاتيان بما نهوا عنه ، وانهم لكاذبون فى قولهم :

٣٩١

يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٦ / ٢٧.

الثانى قالوا : ياتى اللام بمعنى على ، نحو قوله تعالى : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) ـ ١٧ / ١٠٩ ، اى على الاذقان ، اقول : لا معنى لعلى ههنا ، لان خرّ خرورا بمعنى سقط ، والاذقان ليست مخرورا عليها فاللام هنا للتعدية ، اى يخرون لاذقانهم على الارض ، ومثلها قول الشاعر.

ضممت اليه بالسنان قميصه

٦٤٦ فخرّ صريعا لليدين وللفم

وقوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) ـ ١٠ / ١٢ ، اى على جنبه بدليل قوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) ـ ٤ / ١٠٣ ، اقول : اللام للتعليل ، والتقدير : دعانا لما مسه من الضر على جنبه او قاعدا او قائما ، ففى الكلام تضمين ، وهذا من اشارات القرآن ، اى ليس دعاؤه ايانا لمحبته وايمانه بنا ، بل للضر الذى مسه ، بدليل قوله تعالى فى ذيل الآية : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.)

وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ـ ٣٧ / ١٠٣ ، اى على الجبين ، اقول فى هذا ما قلت فى يخرون للاذقان ، فان اللام للتعدية ، وقوله تعالى (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ـ ١٧ / ٧ ، اى وان اساتم فعليها ، اقول : ان لها خبر قدر مبتداه ، اى فلها رب يغفر لها على ما جاء فى الخبر ، وهذا من لطائف القرآن ، ولا ينافى قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) ـ ٤٥ / ١٥ ، لان كلا منهما لقوم.

الثالث ، قالوا : ياتى اللام بمعنى فى ، نحو قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ـ ٢١ / ٤٧ ، اى فى يوم القيامة ، اقول : اللام للاختصاص ، اى الموازين الخاصة ليوم القيامة ، لا كموازين الدنيا ، وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) ـ ٧ / ١٨٧ ، قالوا : اى فى

٣٩٢

وقتها ، اقول : اللام للاختصاص كما فى الآية السابقة ، اى لا يجليها تجلية تخص وقتها الا هو ، وتلك تجلية حقيقتها ، اى ولا يوقعها الا هو ، واما تجليتها بالاخبار عنها وعن بعض اشراطها فغيره ايضا يفعلها ، مع ان كون اللام بمعنى فى يفهم ان غيره يجليها فى غير وقتها ، فيصير القيد مخلا بالمراد ، وقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) ـ ٨٩ / ٢٤ ، اى يا ليتنى قدمت شيئا فى حياتى الدنيا ، اقول : اللام للاختصاص ، اى يا ليتنى قدمت شيئا فى حياتى الدنيا لحياتى الآخرة ، وقولهم : مضى لسبيله ، قالوا : اى مضى فى سبيله ، اقول : اللام للتعليل ، اى مضى لينهى سبيله.

الرابع ، قالوا : ياتى اللام بمعنى من ، نحو قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ـ ١٧ / ٧٨ ، اى من دلوك الشمس ، اقول : اللام للاختصاص ، اى اقم الصلاة الخاصة لهذا الوقت ، والامر للتاكيد لا لتعيين الوقت ، لانه صلوات الله عليه وآله كان يقيم صلاة الظهر والعصر قبل نزول هذه الآية بكثير.

وكذا الكلام فى الحديث : صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ، وقال ابن هشام : ان اللام فى الآية والحديث بمعنى بعد ، وقوله ابعد من القول بانها بمعنى من لانه امر بتاخير الصلاة عن اول وقتها ، وكذا اللام فى قولهم : سمعت له صراخا ، فانها للاختصاص لا بمعنى من ، ولكن الظاهر فى البيتين بمعنى مع ومن ، وذلك للضرورة.

فلمّا تفرّقنا كانّى ومالكا

٦٤٧ لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

لنا الفضل فى الدنيا وانفك راغم

٦٤٨ ونحن لكم يوم القيامة افضل

الخامس ، قالوا : ياتى اللام بمعنى عند ، نحو كتبته لخمس ليال خلون من الشهر ، اى عند خمس ليال ، اقول : هى للاختصاص ، اى كانت كتابتى لهذا الزمان لا لغيره ، مع ان استعمال عند للزمان قليل ، وان استعمل يستوعب زمان مدخولها ، والكتابة لم تكن فى جميع ذلك الزمان.

قال ابن هشام : وجعل منه ابن جنى قراءة الجحدرىّ : (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا

٣٩٣

جاءَهُمْ) ـ ٥٠ / ٥ ، بكسر اللام وتخفيف الميم ، اقول : انها للتعليل ، اى تكذيبهم للحق لانه جاءهم ، فلو لم يجئهم كانوا ساكتين ، وما مصدرية.

تنبيهات

١ ـ : دار فى السنة الباحثين ان اللام تاتى للنفع كما ان على تاتى للضرر ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) ـ ٣١ / ١٢ ، اقول : اللام فى امثال الآية للاختصاص ، والنفع لازمه ، والكلام فى على ياتى.

٢ ـ ان ابن هشام نقل فى آخر حرف الباء ، وفى الثالث عشر من سادس المغنى ان مذهب البصريين ان احرف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس ، كما ان احرف الجزم واحرف النصب كذلك ، وما اوهم ذلك فهو عندهم اما مؤول تاويلا يقبله اللفظ ، واما على تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف ، واما على شذوذ انابة كلمة عن اخرى.

اقول : ان مذهب البصريين اصح ، بل هو الصحيح ، وقد شاهدت التاويل والتضمين وشذوذ الانابة فى هذا المبحث وفى مبحث تعدى الفعل ولزومه فى المقصد الاول.

٣ ـ : قد يحذف اللام كما فى قوله تعالى : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ـ ٧ / ١٤٠ ، اى اغير الله ابغى لكم الاها ، وقوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) ـ ٨٣ / ٣ ، اى كالوا لهم ووزنوا لهم ، (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) ـ ٣ / ٩٩ ، اى تبغون لها عوجا ، (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ـ ٣٦ / ٣٩ ، اى قدرنا له منازل ، وفى هذه الايات وجوه اخرى مذكورة فى التفاسير ، ومن ذلك ما فى هذه الابيات.

اذا قالت حذام فانصتوها

٦٤٩ فانّ القول ما قالت حذام

٣٩٤

فتولّى غلامهم ثمّ نادى

٦٥٠ اظليما اصيدكم ام حمارا

ولقد جنيتك اكمؤا وعساقلا

٦٥١ ولقد نهيتك عن بنات الاوبر

٤ ـ : من اقسام اللام ، الزائدة للتاكيد جارة وغير جارة ، والزائدة للضرورة ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب ، واللاحقة باسماء الاشارة ، وياتى ذكرها فى مبحث المعارف ، ولام الامر العاملة للجزم ، ومرت فى كتاب الصرف وفى المبحث الواحد والعشرين من المقصد الاول.

٥ ـ : ان اللام الجارة تدخل على المضارع فى ثلاثة مواضع ، وينتصب بان المقدرة ، وياتى ذكرها فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.

ثم ان اللام الجارة مكسورة على الفعل وعلى الاسم الظاهر وعلى ضمير المتكلم وحده ، ومفتوحة على سائر الضمائر وعلى المستغاث منه ، وياتى ذكر المستغاث منه فى مبحث حروف النداء من المقصد الثالث.

الفصل السادس

فى معنى على : وهو الاستعلاء ، وهو اما حسى او معنوى ، والحسى اما حقيقى واما مجازى ، فهذه ثلاثة اقسام.

القسم الاول : الاستعلاء الحسى الحقيقى ، نحو قوله تعالى : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) ـ ٢٣ / ٢٢ ، (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) ـ ٨٣ / ٢٢ ـ ٢٣ ، (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) ـ ٨٠ / ٤٠ ، (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) ـ ٧٦ / ١٤ ، ونحو زيد على السطح ، والفلك على الماء ، والسماء علينا.

القسم الثانى : الاستعلاء الحسى المجازى ، نحو قوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) ـ ٨٥ / ٤ ـ ٦ ، فان اصحاب الاخدود ما كانوا قاعدين على النار ، بل على مكان قريب منها ، (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) ـ ٧٦ / ١٩ ، فان الطوف كان على اطرافهم ، (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ

٣٩٥

هُدىً) ـ ٢٠ / ١٠ ، اى اجد على قرب النار هاديا ، (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ـ ١٢ / ٩٩ ، اى على مكان قريب من يوسف ، (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) ـ ١١ / ٣٨.

القسم الثالث : الاستعلاء المعنوى ، وهو على وجوه :

١ ـ : ان يكون مدخولها سندا وعمادا لشئ فى اموره او بعض اموره ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ـ ٨ / ٤٩ ، ومنه الحديث : بنى الاسلام على خمس : الصلاة والزكاة وحج البيت وصوم شهر رمضان والولاية لاهل البيت ، فجعل فى اربع منها رخصة ولم يجعل فى الولاية رخصة ، ومنه قولهم : اركب على اسم الله ، وامش على بركة الله ، وقول الشاعر :

انّ الكريم وابيك يعتمل

٦٥٢ ان لم يجد يوما على من يتّكل

٢ ـ : ان يكون لشئ اعتلاء على مدخولها فى معنى ، نحو قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ـ ٢ / ٢٥٣ ، وكقول الشاعر :

ابى الله الّا انّ سرحة مالك

٦٥٣ على كلّ افنان العضاة تروق

٣ ـ : ان يكون مدخولها صفة شىء او فعل شىء ، لان للفاعل والموصوف اعتلاء على فعله وصفته وان لم يكونا بالاختيار ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ـ ٦٨ / ٤ ، (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ـ ٧٦ / ٨ ، (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) ـ ٢ / ٥ ، (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) ـ ٧٣ / ١٠ ، اى على ما سنح فى خلدك من ايذاء المخالفين بقولهم ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) ـ ١٣ / ٦ ، (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) ـ ٨١ / ٢٤ ، اى على تبليغه ، (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) ـ ٧٢ / ١٦ ، اى على الايمان والعمل الصالح ، ويجتمع مع هذا الوجه من الاستعلاء معنى المعية ، فزعم بعضهم ان على فى بعض هذه الامثلة بمعنى مع.

٤ ـ : ان يكون مدخولها موقع اثر من ادراك او فعل ، ولا يخفى ان فى اكثر

٣٩٦

موارد هذا الوجه والوجوه الآتية يتراءى معنى التعدية ، وذلك من اجتماع المعانى فى حرف واحد.

مثال الادراك قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٥٨ / ٦ ، (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ـ ٧٢ / ٢٦ ، (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) ـ ٧٥ / ١٤ ، (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) ـ ٨٥ / ٧.

مثال الفعل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٢ / ١٤٨ ، اى على ايجاده واعدامه وكل تصرف فيه ، (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) ـ ٨٣ / ١٤ ، (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) ـ ٢ / ٧.

وفى هذا الوجه من الاستعلاء قد ينتزع من الكلام معنى الضرر ، واما على فهى على معناها من الاستعلاء ، نحو قولهم : اقررت على نفسى بذلك.

٥ ـ : ان يكون مدخولها محكوما عليه تشريعا او تكوينا.

مثال التشريعى قوله تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ) ـ ٤ / ٧٧ ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) ـ ٥ / ٣ ، (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) ـ ٣ / ٩٧ ، (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ) ـ ٣٣ / ٥٠ ،

مثال التكوينى قوله تعالى : (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) ـ ٣٣ / ٤٢ ، (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) ـ ٢٧ / ٨٥ ، اى الحكم بنزول العذاب ، ومن ذلك ما يؤدى بكلمة حق ، نحو قوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) ـ ٣٩ / ١٩ ، (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) ـ ٧ / ٣٠.

٦ ـ : ان يكون مدخولها ضامنا متعهدا بنفسه او من غيره ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) ـ ٩٢ / ١٢ ، (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) ـ ١١ / ٦ ، (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ـ ٦ / ١٢ ، (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ـ ٢ / ٢٣٣.

٧ ـ : ان يكون مدخولها مختارا عليه ، نحو قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ

٣٩٧

اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) ـ ٣ / ٤٢ ، (قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) ـ ١٨ / ٧٧ ، فان اخذ الاجرة اختيار لها على ما قابلها من العمل ، وليس لعلى معنى الا الاستعلاء ، ولكن ذكروا لها معانى اخرى ، نذكرها ونتكلم عليها.

١ ـ المصاحبة ، نحو قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) ـ ٢ / ١٧٧ ، قالوا : اى مع حبه ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) ـ ١٣ / ٦ ، قالوا : اى مع ظلمهم ، اقول : هذان من الوجه الثالث ، ومعنى المعية منتزع من الموصوف وصفته والفاعل وفعله لا انه معنى على.

٢ ـ المجاوزة ، كما فى هذين البيتين.

اذا رضيت علىّ بنو قشير

٦٥٤ لعمر الله اعجبنى رضاها

فى ليلة لا نرى بها احدا

٦٥٥ يحكى علينا الّا كواكبها

٣ ـ التعليل ، نحو قوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) ـ ٢ / ١٨٥ ، قالوا : اى لهدايته اياكم ، اقول : هذا من الوجه الثالث ايضا ، وعلى ما هديكم حال من فاعل لتكبروا ، اى لتكبروا الله ثابتين على هدايته وكقول الشاعر.

علام تقول الرمح يثقل عاتقى

٦٥٦ اذا انا لم اطعن اذا الخيل كرّت

٤ ـ الظرفية ، نحو قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) ـ ٢٨ / ١٥ ، قالوا : اى فى حين غفلة ، اقول : فيه تضمين ، اى دخلها واقفا على ذلك ، وقوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) ـ ٢ / ١٠٢ ، اى فى ملك سليمان ، اقول : فيه تضمين ايضا ، اى تتلو الشياطين متقولة على ملكه بالاباطيل ، نظير قوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) ـ ٦٩ / ٤٤.

٥ ـ الابتداء نحو قوله تعالى : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) ـ ٨٣ / ٢ ، قالوا : اى من الناس ، اقول : فيه تضمين معنى الحكم ، اى اكتالوا حاكمين على صاحب المال بان مالك كذا مقدار.

٦ ـ معنى الباء ، نحو قوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ،)

٣٩٨

قالوا : اى حقيق بان لا اقول الخ ، اقول : حقيق معناه ثابت ، اى انا ثابت على هذا الشان ، وقولهم : اركب على اسم الله ، اى باسم الله ، اقول : اى اركب معتمدا على اسم الله ، كما مر فى الوجه الاول.

٧ ـ ان تكون للاستدراك والاضراب ، اى بمعنى لكن ، واتى بهذا المثال : فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على انه لا يياس من رحمة الله تعالى ، اى لكن انه الخ ، اقول : على فى هذا التركيب وغيره بمعناها ، اى كائنا على هذه الحال والوصف ، وكما فى الابيات.

فو الله لا انسى قتيلا رزئته

٦٥٧ بجانب قوسى ما بقيت على الارض

على انّها تعفو الكلوم وانّما

٦٥٨ نوكّل بالادنى وان جلّ ما يمضى

بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا

٦٥٩ على انّ قرب الدار خير من البعد

على انّ قرب الدار ليس بنافع

٦٦٠ اذا كان من تهواه ليس بذى ودّ

٨ ـ ان تكون زائدة ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب.

تنبيه

زعم قوم ان على اسم فى كل مورد ، وهو خطا اذ ليس فيها علائم الاسم ولا معناه ، نعم قد تستعمل بمعنى فوق ، وياتى ذكرها فى مبحث الظروف.

الفصل السابع

فى معنى فى : وهو الظرفية ، اى ظرفية مدخولها ، وهى اما حسية او معنوية والحسية اما مكانية او زمانية ، فهى ثلاثة اقسام :

القسم الاول

الظرفية المكانية ، نحو قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ـ ١١٣ / ٤ ، (إِنَ

٣٩٩

الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) ـ ٨٢ / ١٣ ، (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ـ ٧٤ / ٤٢ ، (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) ـ ٥٠ / ٧ ، (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) ـ ٧٨ / ٢٣ ، (فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) ـ ١١ / ٦٥.

القسم الثانى

الظرفية الزمانية ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ـ ٥٠ / ٣٨ ، (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) ـ ٩٠ / ١٤ ، (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) ـ ٣٠ / ١ ، (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ـ ٧٠ / ٤ ، (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) ـ ٦٩ / ٢٤.

القسم الثالث

الظرفية المعنوية ، وهى على ضروب :

الاول : ان يكون مدخولها فعلا اى حدثا ، واتيان الكلام بهذا الاسلوب لافادة ان الفاعل فى نهاية فعله نحو قوله تعالى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) ـ ٢٠ / ٣٢ ، (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) ـ ٦ / ٩١ ، (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) ـ ٨٥ / ١٩ ، (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) ـ ١٠٥ / ٢ ، (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) ـ ١١٠ / ٢ ، (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ـ ٦٩ / ٢١ ، وكقول على عليه‌السلام : طوبى لمن لزم بيته واكل قوته واشتغل بطاعة ربه وبكى على خطيئته فكان من نفسه فى شغل والناس منه فى راحة.

الثانى : ان يكون مدخولها صفة ، واتيان الكلام بهذا الاسلوب لافادة ان الموصوف مغمور فى صفته ، نحو قوله تعالى : (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) ـ ٥٠ / ١٥ ، (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) ـ ٥٠ / ٢٢ ، (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) ـ ٦٧ / ٢٠ ،

٤٠٠