علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

اقول : الداعى البلاغى اظهار المتكلم ما فى نفسه من الخاطرات مخاطبا لغير الآدمى حين لا يجد مخاطبا آدميا كمعز الاخفش ، اولا يصلح ان يظهر لآدمى كما روى ان جابر بن يزيد الجعفى قال للصادق عليه‌السلام : انى حفظت من ابيك احاديث امرنى ان لا احدث بها احدا فقد ضاق ذرعى منها ، قال عليه‌السلام : اخرج الى الجبانة وادل راسك فى بئر فحدث ، او يريد ان يسمع كلامه من هو حاضر عنده قريب منه ولكن لا يرى توجيه الخطاب اليه صالحا فينادى غير آدمى ليسمعه ذلك الحاضر عنده ، او يريد اظهار ما فى نفسه من غير داع لاسماع احد فيبدا بخطاب غير فاهم ثم يظهر كلامه.

ثم ان هذا الذى قالوا انما هو فى غير كلام الله تعالى وكلام من يفهم لسان غير الآدمى من الانبياء والاوصياء والملائكة ، فان كل موجود له شعور وسمع ولسان كما نطق به القرآن ، فالله تعالى ينادى كل شىء بلسانه وسمعه وليس مجازيا ولا حكميا ، كما يخاطب بغير حرف النداء ، نحو قوله تعالى : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ـ ٥٠ / ٣٠ ، (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) ـ ٤١ / ١١ ، وكذا غيره ممن ذكرنا كمكالمة سليمان عليه‌السلام مع الهدهد ، كما ان نداء موجود لآخر من سنخه ليس مجازيا ولا حكميا ، كنداء النملة فى قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) ـ ٢٧ / ١٨ ، فافهم ان كنت من اهله.

الامر الثانى : قد يدخل حرف النداء على الجملة الاسمية او الفعلية ، نحو قوله تعالى : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) ـ ٣٦ / ٢٧ ، (يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) ـ ٢٥ / ٢٧ ، وكقول على عليه‌السلام : فيا عجبا وما لى لا اعجب من خطا هذه الفرق على اختلاف حججها فى دينها ، اى فيا عجبت عجبا ، ومثله قوله : فيا عجبا والله يميت القلب ويجلب الهم اجتماع هولاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم ، وقوله : فيا عجبا بينا هو يستقيلها فى حياته اذ عقدها لآخر

٧٢١

بعد وفاته لشد ما تشطرا ذرعيها ، وامكن ان يكون هذا من المنادى المندوب ، وياتى ، ونحو ما فى هذه الابيات.

فخير نحن عند الناس منكم

١١٨٨ اذا الداعى المثوّب قال يا لا

قل لمن حصّل مالا واقتنى

١١٨٩ اقرض الله فيا نعم المدين

فيا ربّما بات الفتى وهو آمن

١١٩٠ واصبح قد سدّت عليه المطالع

الا يا اسلمى يا دار مىّ على البلى

١١٩١ ولا زال منهلّا بجرعائك القطر

 والحق ان يا فى هذه وامثالها حرف تنبيه كها ، وقالوا : حرف نداء والمنادى مقدر حسب المناسبة ، وهذا مردود لعدم الموجب ، والتقدير خلاف الاصل.

الامر الثالث : غير يا من حروف النداء ليس فى القرآن ، ولكن قيل فى قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) ـ ٣٩ / ٩ ، فى قراءة تخفيف من : ان الهمزة للنداء كما نقل ابن هشام فى حرف الهمزة من المغنى ، ومثاله من غير كتاب الله منه ما قد مضى فى بعض الابيات ، ومنه ما فى هذه الابيات.

ااسيد انّ مالا ملكت

١١٩٢ فسر به سيرا جميلا

فاصاخ يرجو ان يكون حيّا

١١٩٣ ويقول من فرح هيا ربّا

الم تسمعى اى عبد فى رونق الضحى

١١٩٤ بكاء حمامات لهنّ هدير

ايا منزلى سلمى سلام عليكما

١١٩٥ هل الازمن اللّائى مضين رواجع

وآ وآى قليلان فى الكلام ، ووا يختص بالمنادى المندوب وياتى بيانه ، واى رب كثير فى الادعية.

الامر الرابع قد يحذف حرف النداء ، وهو مختص بيا ، اى لا يقدر المحذوف الا يا لانها ام الباب ، وهو كثير فى القرآن على كلمة رب ، نحو (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ـ ٢ / ١٢٧ ، وفى غيرها نحو قوله تعالى : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) ـ ١٢ / ٢٩ ، اى يا يوسف ، وكما فى هذه الابيات.

٧٢٢

اطرق كرى اطرق كرى

١١٩٦ انّ النعام فى القرى

انّما الارض والسماء كتاب

١١٩٧ فاقرأوه معاشر الا ذكياء

زين الشباب وزين طلّاب العلا

١١٩٨ هل انت بالمهج الحزينة دارى

جارى لا تستنكرى عذيرى

١١٩٩ سيرى واشفاقى على بعيرى

الامر الخامس : المنادى المصدر بال لا يكون الا مع يا ، ويفصل بينهما بايها للمذكر وايتها للمؤنث ، نحو يا ايها الرجل ويا ايتها المراة ، وذلك لكراهتهم حذف الف يا لالتقاء الساكنين او التلفظ بهمزة ال فى وسط الكلام وبقاء الف يا لانها همزة وصل ، وتركيب هذا الكلام حسب القواعد ان اىّ منادى نكرة مقصودة على التعيين مبنى على الضم والاسم المصدر بال عطف بيان له ، وها للتنبيه وقعت بين التابع والمتبوع ، وكذا ايتها ، نحو (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) ـ ٨٢ / ٦ ، (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) ـ ٨٩ / ٢٧ ـ ٢٨ ، وجاء فى هذا الشعر ضرورة بلا ايها.

فيا الغلامان اللّذان فرّا

١٢٠٠ ايّا كما ان تعقبانا شرّا

واستثنى من هذه القاعدة ثلاث صور.

الاولى ان يكون المنادى مستغاثا ، وياتى بيانه.

الثانية ان يكون الاسم علما موضوعا مع ال ، فينادى كما وضع ، كما سمى احد بالزارع او الصاحب او الذى جاء او المولود مبارك ، فيقال فى ندائه : يا الزارع يا الصاحب يا الذى جاء يا المولود مبارك بحذف الف يا وهمزة ال.

واما اذا لم يكن موضوعا مع ال ، بل قد يستعمل معها فوجب حذفها عند النداء ، نحو الحسن والحسين والفضل والرضا والعباس ، فيقال عند النداء : يا حسن يا حسين يا فضل يا رضا يا عباس.

الثالثة ان ينادى الله تعالى : فيقال : يا الله ببقاء الف ياء وهمزة ال ، وكثيرا تحذف يا وعوض عنها الميم المشددة المفتوحة فى آخر الكلمة ، فيقال : اللهم ،

٧٢٣

وهذا يختص بهذه الكلمة ، ويجوز فى نداء يا الله حذف الف يا وهمزة ال ، واجتمع العوض والمعوض فى هذا الشعر وهو شاذ.

انّى اذا ما حدث المّا

١٢٠١ اقول يا اللهمّ يا اللهمّا

وجاء فى هذا الشعر حذف ال وهو شاذ ايضا.

اللهمّ انّ العبد يم

١٢٠٢ ـ نع رحله فامنع رحالك

ثم ان اللهم يؤتى بها فى الجواب ، كما تقول لاحد هل تعلمت القرآن فيجيبك : اللهم نعم ، وذلك لتمكين الجواب فى نفس السائل ويؤتى بها ايضا فى استثناء النادر كما تقول : انى لا اترك صلاة الليل اللهم الا ان يمنعنى مانع او ان يشاء ربى ان لا ايقظ ، او تقول لشجاع : انك لا تصرع فى صراع فيقول : اللهم الا ان يوجد من هو اشجع منى وهو بعيد ، وذلك دعاء من القائل رجاء ان يكون النادر خيرا لا شرا ، ويشاهد هذا فى عبائر المؤلفين كثيرا.

الامر السادس : المنادى المضاف الى ياء المتكلم له احكام خاصة ، نذكرها.

الاول جواز حذف الياء وابقاء الكسرة دالة عليها ، نحو قوله تعالى : (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) ـ ٤٠ / ٣٩ ، وقوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ) ـ ٣٩ / ١٠ ، (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) ـ ١٤ / ٣٥ ، وجاز تبديل الكسرة بالفتحة ، نحو يا رب يا اب ، يا ام ، وجاز اثبات الياء مفتوحة كقوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) ـ ٣٩ / ٥٣ ، وساكنة كقول الشاعر.

يا اخى اين عهد ذاك الاخاء

١٢٠٣ اين ما كان بيننا من صفاء

وهذا اذا لم يكن المنادى معتل الآخر او وصفا ، والا لم يجز الحذف ، نحو يا فتاى ويا ضاربى.

الثانى جواز قلب الياء الفا ، نحو يا ابا ، يا اما ، يا عما ، يا اخا ، وقد يلحق بها هاء السكت ، نحو يا اباه ، يا اماه ، يا اخاه ، يا عماه.

٧٢٤

الثالث جواز قلب الياء تاء مفتوحة ومكسورة ، كقوله تعالى : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ـ ٣٧ / ١٠٢ ، اصله يا ابى ، وهذا اذا كان المضاف لفظ اب او ام ، وقد يلحق الالف بالتاء لمد الصوت فى النداء كما فى هذه الابيات.

يا ابتا ارّقنى القذّان

١٢٠٤ والنوم لا يالف بالعينان

ايا ابتا لازلت فينا فانّما

١٢٠٥ لنا امل فى العيش ما دمت عائشا

يا امّتا ابصرنى راكب

١٢٠٦ فى بلد مسحنفر لاحب

الرابع جواز حذف الياء وتعويضها بهاء السكت ، وهذا ايضا فى لفظ اب وام ، نحو يا ابه ، يا امه.

الخامس ان كان المنادى مضافا الى مضاف الى ياء المتكلم يجوز حذف الياء ايضا بلا تعويض شىء مع بقاء الكسرة او تبديلها بالفتحة ، نحو قوله تعالى : (قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) ـ ٧ / ١٥٠ ، (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ـ ٢٠ / ٩٤ ، اى يا ابن امى ، وحرف النداء محذوف فى الآية الاولى ايضا ، وقيل : هذه الصورة تختص بلفظ ابن وابنة مضافا الى ام او عم ، ولم يرفى غير ذلك ، وجاز ذكر الياء وتبديلها بالالف ايضا كما فى هذه الابيات.

يا ابن امّى ويا شقيّق نفسى

١٢٠٧ انت خلّيتنى لدهر شديد

كن لى لا علىّ يا ابن عمّا

١٢٠٨ نعش عزيزين ونكفى الهمّا

يا ابنة عمّا لا تلومى واهجعى

١٢٠٩ لا يخرق اللوم حجاب مسمعى

والمنادى المضاف الى ياء المتكلم مبنى على الفتح او الكسر ، ومحله منصوب ، ويظهر نصبه فى التوابع ، وضم المضاف الى الياء بعد حذف الياء كالاسم المفرد المعرفة استعمال شاذ ضعيف.

الامر السابع فى المنادى المستغاث ، وهو ما ينادى لقصد الاستغاثة ، والاستغاثة معناها الاستعانة لدفع الضر والشر ، فهنا مستغيث وهو المنادى ، ومستغاث

٧٢٥

وهو المنادى اما معينا او غير معين ، ومستغاث منه وهو الشر او الضر الذى يستغاث لدفعه ، ومستغاث له وهو المبتلى بالضر والشر ، وقد يتحد المستغيث والمستغاث له اذا استغاث احد لنفسه ، ولا يستعمل فى هذا النداء الايا ، ولا يجوز حذفها.

ثم المستغاث تدخل عليه اللام الجارة المفتوحة فى الاكثر ، ويقال لها لام الاستغاثة ، والمستغاث له تدخل عليه اللام الجارة ، والمستغاث منه تدخل عليه اللام الجارة وهما مكسورتان او من الجارة على المستغاث منه وهى الاكثر ، والمقدر فى هذا الباب استغيث مكان ادعو او انادى ، ولام الاستغاثة ايضا جارة ، وانما تفتح لان الفتحة انسب بالاستغاثة لان الفم يفتح لادائها فيمد الصوت ، ومد الصوت مطلوب فى الاستغاثة ، وهذا ايضا علة عدم جواز حرف النداء ، وفتح اللام على المستغاث اذا كان مباشرا للياء ، فان تكرر بلا اعادة يا فاللام على الثانى مكسورة كسائر الاسماء وكل هذه الحروف متعلقة باستغيث.

مثاله قول على عليه‌السلام : حتى اذا مضى لسبيله جعلها فى جماعة زعم انى احدهم ، فيالله وللشورى ، متى اعترض الريب فى مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر ، المستغاث هو الله تعالى ، والمستغاث منه هو الشورى ، والمستغيث هو عليه‌السلام بستغيث الله لنفسه ، والشورى اسسها عمر بن الخطاب لتعيين الخليفة بعده ، وقصتها مشهورة مذكورة فى الكتب ، وكما فى هذه الابيات.

يا لقومى ويا لامثال قومى

١٢١٠ لاناس عتوّهم فى ازدياد

تكنفنى الوشاة فازعجونى

١٢١١ فيا للناس للواشى المطاع

يا للرّجال ذوى الالباب من نفر

١٢١٢ لا يبرح السفه المردى لهم دينا

يا للرّجال لحرّة موؤدة

١٢١٣ قتلت بغير جريرة وجناح

والمستغاث ان كان ياء المتكلم او معطوفا بلا اعادة يا فاللام عليه مكسورة كما فى البيتين.

فيا شوق ما ابقى ويا لى من النوى

١٢١٤ ويادمع مااجرى ويا قلب ما اصبى

٧٢٦

يبكيك ناء بعيد الدار مغترب

١٢١٥ يا للكهول وللشّبان للعجب

وقد تحذف اللام ويؤتى بدلا عنها بالف فى آخر المستغاث وقد يؤتى بالمستغاث بدون لام والف ، وقد يحذف المستغاث ، وقد لا يكون فى الكلام الا المستغاث ، وذلك كله كما فى هذه الابيات.

يا يزيدا لآمل نيل عزّ

١٢١٦ وغنىّ بعد فاقة وهو ان

الا يا قوم للعجب العجيب

١٢١٧ وللغفلات تعرض للاريب

يا لاناس ابوا الّا مثابرة

١٢١٨ على التوغّل فى بغى وعدوان

فهل من خالد الّا هلكنا

١٢١٩ وهل بالموت يا للنّاس من عار

يا لقومى من للعلا والمساعى

١٢٢٠ يا لقومى من للنّدى والسماح

يا لعطّا فنا ويا لرياح

١٢٢١ وابى الحشرج الفتى النفّاح

والمنادى المستغاث مع اللام معرب مجرور ، ومع الالف فى آخره مبنى على الفتح ، وبدونهما مبنى على الضم الا ان يكون نكرة مقصودة لا على التعيين فمعرب منصوب ، ومن المنادى ما يؤتى به للتعجب ، وهو نظير المنادى المستغاث ، ومر فى المبحث الثامن عشر من المقصد الاول.

الامر الثامن فى المنادى المندوب ، وهو اسم يندب به ، والندبة هى اظهار الانسان الحزن على ما اصابه او اصاب المتعلق به ، ووا مختص به ، ويستعمل يا له ايضا ، وهو اقسام : الاول ان ينادى المصاب ، وهو الذى ورد عليه الضر والالم ، كما فى البيتين.

وا اما ما خاض ارجاء الوغى

١٢٢٢ يصرع الشرك بسيف لا يفلّ

فوا كبدا من حبّ من لا يحبّنى

١٢٢٣ ومن عبرات ما لهنّ فناء

الثانى ان ينادى المصيبة بلفظها ، نحو وا مصيبتاه مصيبة ما اعظمها واعظم رزيتها ، الثانية عطف بيان للاولى.

الثالث ان ينادى المصيبة بمصداقها ، نحو وا قلة ناصراه ، وا عطشا ، وا ذلاه ،

٧٢٧

ومن ذلك كلمة الويل الدالة على نزول المصيبة من دون تعيين ، نحو وا ويلاه ، وفى القرآن : (وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٣٧ / ٢٠ ، (وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) ـ ١٨ / ٤٩ ،.

الرابع ان ينادى الحالة العارضة على المصاب من الاسف واللهف والتحسر وما بمعناها ، نحو قوله تعالى : (وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) ـ ١٢ / ٨٤ ، (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) ـ ٣٩ / ٥٦ ، وكما فى هذه الابيات.

يا لهف زيّابة للحارث الصّا

١٢٢٤ بح فالغانم فالآئب

فوا اسفا من مكرمات ارومها

١٢٢٥ فينهضنى عزمى ويقعدنى فقرى

واحرّ قلباه ممّن قلبه شبم

١٢٢٦ ومن بحالى وجسمى عنده سقم

الخامس ان ينادى زمان اقبال المصيبة ، نحو قولهم : يا صباحاه ، وهذه الكلمة يقولها من ارادان يخبر قومه باقبال بلاء ومصيبة ، وكانت العرب تستعملها لذلك كناية ، لان اكثر ما كان بينهم من الشر والقتال والغارة يقع عند الصباح ، فيصيح مخبرهم يا صباحاه ، ومن كناياتهم يوم الصباح اى يوم الغارة.

السادس ان ينادى العجب من المصيبة ، نحو قول على عليه‌السلام : وا عجباه اتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة ، واما قوله : فيا عجبا للدهر اذ صرت يقرن بى من لم يسع بقدمى ولم تكن له كسابقتى ، فيحتمل ذلك وان يكون يا للتنبيه ، والتقدير فيا اعجب عجبا فهذا مفعول مطلق ، والالف فى آخر المندوب اما الف النداء او منقلبة عن ياء التكلم ، واعرابه وبناؤه كما قلنا فى المنادى المستغاث.

الامر التاسع فى المنادى المرخم ، وهو ما يحذف آخره للتخفيف ، ولا يرخم الا اسمان.

الاول ما كان علما زائدا على ثلاثة احرف كما فى البيتين.

يا حار همدان من يمت يرنى

١٢٢٧ من مؤمن او منافق قبلا

٧٢٨

يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى

١٢٢٨ فى نفسك العذر فى ابعادها الاملا

الثانى ما كان مختوما بتاء التانيث فتحذف ، سواء اكان زائدا على ثلاثة احرف ام لا كما فى هذه الابيات.

افاطم لو خلت الحسين مجدّلا

١٢٢٩ وقد مات عطشانا بشطّ فرات

اعائش ما دعاك الى قتال

١٢٣٠ الوصىّ وما عليه تنقمينا

يا ناق جدّى فقد افنت اناتك بى

١٢٣١ صبرى وعمرىواحلاسى وانساعى

وقد يحذف من آخر المنادى حرفان للترخيم كما فى البيتين.

يا اسم صبرا على ما كان من حدث

١٢٣٢ انّ الحوادث ملقاة وتنتظر

يا مرو انّ مطيّتى محبوسة

١٢٣٣ ترجو الحياء وربّها لم يياس

وشرط الترخيم ان يرضى به غريزة البلاغة ، واختصاصه بالشعر غير معلوم ، ويجوز فى آخر المرخم ما هو القاعدة من النصب او الضم وابقاء حركته على ما كانت.

الامر العاشر ، من الاسماء ما لا يستعمل الا فى النداء.

١ ـ اللهم ، فلا يقع شيئا الا منادى.

٢ ـ اب وام مضافين الى ياء المتكلم اذا انقلبت تاء ، نحو ابت وامت ، فلا يقعان بهذه الصورة الا منادى.

٣ ـ فل وفلة ، لا يستعملان الا فى النداء ، والظاهر انهما مخففا فلان وفلانة لان مصغراهما فلين وفلينة ، واما فلان وفلانة فيستعملان فى غير النداء.

٤ ـ ما كان على وزن فعل اذا استعمل لسب الذكر وذمه ، نحو غدر وشتم وسفه وخبث بمعنى غادر وشاتم وسفيه وخبيث.

٥ ـ ما كان على وزن فعال اذا استعمل لسب الانثى وذمها ، نحو فساق وخباث بمعنى فاسقة وخبيثة.

٦ ـ ما كان على وزن مفعلان للذم او المدح ، نحو ملامان ومخبثان ومكرمان ومطيبان بمعنى لئيم وخبيث وكريم وطيب ، ويزاد فى آخره التاء للمؤنث.

٧٢٩

٧ ـ تومان ولومان وملام بمعنى كثير التوم واللوم ، وهذا ليس بالقياس.

وكل هذه الاسماء فى النداء مبنى على الضم لانها تستعمل نكرة مقصودة على التعيين الافعال فانه مبنى على الكسر فى الاصل اى قبل النداء فكذا بعده ، والا ابت وامت فيجوز فيهما الكسر والفتح كما مر.

الامر الحادى عشر فى كلامهم ما هو بصورة النداء ، ولكن يراد به الاختصاص ، نحو اللهم اغفر ايتها العصابة ، اى اخص هذه العصابة بطلب الغفران كانه يخاطبها ويبشرها به ، ونحو انا فعلت كذا ايها الرجل ، اى انا ذلك الرجل الذى فعل ، كانه يخاطب نفسه ويفتخر.

الامر الثانى عشر يشترط ان يكون المنادى اسما ظاهرا ، ونداء اسم الاشارة قليل وجاء نداء الضمير فى قول على عليه‌السلام بصفين حين يطارد بالسيف فى معركة القتال : يا هو يا من لا هو الا هو اغفر لى وانصرنى على القوم الكافرين ، رواه الصدوق فى التوحيد والطبرسى فى مجمع البيان ، والعجب من السيد فى شرح الصمدية حيث قال : وقول بعض الصوفية : يا هو ليس جار يا على كلام العرب ، كانه لم ير هذه الرواية ، وكقول الشاعر.

يا ابجر بن ابجر يا انتا

١٢٣٤ انت الّذى طلّقت عام جعتا

فصل فى توابع المنادى

يذكر فى هذا الفصل احكام.

الاول المنادى المعرب ، وهو المضاف وشبهه والنكرة المقصودة لا على التعيين والمستغاث المجرور باللام والمنون بالنصب ضرورة فتابعه يعرب باعرابه لفظا كائنا ما كان الا ان يكون التابع مبنيا فى الاصل فمنصوب محلا على التابعية.

الثانى المنادى المبنى على الضم بالنداء ان كان تابعه مضافا غير مصدر بال فمنصوب حملا على محله ، نحو يا رحيم ملك الملوك ، يا حيدر اسد الله ، يا سعيد

٧٣٠

عبد الله ، يا زيد ذا المعالى.

الثالث المنادى المبنى على الضم بالنداء ان كان تابعه غير التابع المذكور فى القسم الثانى ففيه الوجهان : الرفع حملا على اللفظ والنصب حملا على المحل ، وقرئ الطير بالوجهين فى قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) ـ ٣٤ / ١٠ ، وهو معطوف على الجبال.

هذا اذا كان التابع غير البدل وغير المعطوف بحرف العطف بدون ال ، واما هذان فكالمنادى المستقل ينظر فى نفسهما.

الرابع المنادى المبنى قبل النداء والمرخم الذى بقى على حركته وما يلحق به الف الاستغاثة او الندبة والمضاف الى ياء المتكلم لها محلان : النصب بادعو والضم بالنداء ، فتابعه ان كان كتابع القسم الثانى يحمل على محله المنصوب ، وان كان كتابع القسم الثالث يجوز فيه الوجهان ، الا ان يكون بدلا او معطوفا بدون ال فكالمنادى المستقل ، ولا يجوز حمله على ظاهر لفظه لان المعرب لا يتبع فى البناء.

الخامس المنادى المعرب المقدر اعرابه كقاض وهدى له نصب مقدر ، فيراعى فى تابعه ما يراعى فى تابع المعرب الظاهر اعرابه ، ولا ينظر الى حركته الظاهرة.

السادس اذا كان المنادى ايها او ايتها او هذا او هذه او ايهذا او ايتهذه مما ليس تابعه الا مصدرا بال فهو مضموم بالنداء لفظا او محلا ، وتابعه عطف بيان ، وهو ليس الا مرفوعا لفظا او محلا او تقديرا حملا على ظاهر متبوعه او محله المضموم ، نحو يا ايها الرجل ، يا هذا الرجل ، يا ايهذا الرجل ، يا ايتها المراة ، يا هذه المراة ، يا ايتهذه المراة ، وان تلا هذا التابع تابع آخر فهو مرفوع ايضا ، نحو (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) ـ ٨٩ / ٢٧ ، وهذا لانه جاء فى كلام العرب هكذا ، وما قيل فى هذا المقام من العلل منسوج.

السابع اذا وقع ابن او ابنة بين علمين نعتا للمتقدم ومضافا الى المتاخر وكان المقدم منادى غير المصدر بال جاز ضم المنادى لانه معرفة ، وفتحه لان المنعوت

٧٣١

مع نعته المتصل به شبيه بالمضاف ، والفتح احسن واشهر واسهل اداء لمناسبة ما بعده لانه منصوب اذ هو تابع مضاف ، نحو يا حسن بن على ، يا مريم ابنة ابراهيم.

وان وقع احدهما بين العلمين هكذا فى غير النداء فلا ينون المتقدم كما فى النداء ، ولكن يعرب بما اقتضاه العامل ، نحو رايت حسن بن داود وعندى بكر بن خالد ، ومررت بمحمد بن الحارث ، وان كان المتقدم مبنيا فى الاصل او معتل الآخر فما ذكر مقدر فيه.

وان فقد احد هذه الشروط ، نحو قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) ـ ٩ / ٣٠ ، و (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ) ـ ٥ / ٧٥ ، وغير ذلك فهو على القواعد.

ثم تحذف همزة ابن اذا وقع منادى ، نحو يابن اخى ، وكذا اذا وقع نعتا لعلم ومضافا الى علم سواء اكان فى النداء ام فى غيره كما شاهدت فى الامثلة ، وهذه قاعدة الكتابة ، ولكن خولفت فى المصاحف.

الثامن الحق ان اللهم يقبل التابع كقوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) ـ ٣ / ٢٦ ، (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ـ ٣٩ / ٤٦ ، (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) ـ ٥ / ١١٤ ، ومن النحاة من منع ذلك وقال انه منادى ثان بتقدير حرف النداء ، ولا موجب لذلك.

التاسع المنادى المكرر اذا كان الثانى مضافا فهو منصوب على القاعدة ، والاول ان كان علما يجوز فيه الضم على القاعدة والفتح لمناسبة ما بعده وهو بدل منه كما فى هذه الابيات.

يا تيم تيم عدىّ لا ابا لكم

١٢٣٥ لا يلقينّكم فى سوءة عمر

الا يا اسلمى يا هند هند بنى بدر

١٢٣٦ اذا كان حىّ قاعدا آخر الدهر

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل

١٢٣٧ وزيد دارىّ الفلات المجهل

فيا سعد سعد الاوس كن انت ناصرا

١٢٣٨ وياسعد سعد الخزرجين الغطارف

٧٣٢

المبحث الثالث

فى الاستثناء وادواته ، وهو طلب الثنى ، والثنى فى اللغة بمعنى امالة الشئ الى جهة ، وبمعنى جعل الشئ اثنين ، وبمعنى صرف الشئ عما عليه ، وفى الاصطلاح اخراج ما بعد اداة الاستثناء عن حكم ما قبلها من حيث النفى والاثبات ويناسب هذا المعنى المعنيان الاخيران ، نحو ما جائنى احد الا زيدا ، وفيه نفى المجئ عن كل احد واثباته لزيد ، وعكسه جاءنى القوم الا زيدا ، وفيه اثبات المجئ للقوم ونفيه عن زيد.

وما وقع بعد اداة الاستثناء يسمى مستثنى ، وما وقع قبلها يسمى مستثنى منه ، والمستثنى ان لم يذكر معه المستثنى منه فى اللفظ يسمى مفرّغا ، اى فارغا عن التقيد بذكره ، وان ذكر معه ، فان كان مفهومه شاملا له يسمى متصلا لاتصاله بافراده ، كالمثالين المذكورين ، وان لم يكن مفهومه شاملا له يسمى منقطعا لانقطاعه عن افراده ، نحو جاء القوم الاحمارهم ، والمستثنى المفرغ لا يكون الا متصلا ، ويوصف الاستثناء بهذه الثلاثة ايضا.

وادواته حروف واسماء وافعال ، هى الّا ولمّا وهما حرفان وحاشا وعدا وخلا ، وهذه الثلاثة حروف ان جرما بعدها وقال القوم انها افعال ان نصب ما بعدها ، وليس ولا يكون ، وهما فعلان ، وغير وسوى وبيد ولا سيّما ، وهذه الاربعة اسماء ،

٧٣٣

فهذه احدى عشرة اداة ، نذكرها فى اربعة فصول.

الفصل الاول

فى الا ولما ، والا هى ام الباب ، والاستثناء بها على ثلاثة اقسام : المفرغ والمتصل والمنفصل.

القسم الاول

المستثنى المفرغ وهو ما يكون المستثنى منه مقدرا فى الكلام والاكثر وقوعه فى الكلام المنفى ، وحكمه بحسب الاعراب النيابة عن المستثنى منه ، اى اعرابه اعراب المستثنى منه لو كان مذكورا ، ويقدر حسب تناسب الكلام ، والتفريغ يكون فى اشياء.

الاول فى المبتدا او ما يكون مبتدا فى الاصل من اسماء النواسخ ، نحو قوله تعالى : (لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ـ ٥٣ / ٣٩ ، اى ليس للانسان جزاء الاجزاء عمله الذى سعى له ، وكقول الشاعر.

مالك من شيخك الّا عمله

١٢٣٩ الّا رسيمه والّا رمله

الثانى فى الخبر ، نحو قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) ـ ٥٣ / ٢٣ ، (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) ـ ٤٥ ـ ٢٤ ، (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ـ ٣٨ / ٨٧ ، (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) ـ ٣ / ١٨٥ ، (فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) ـ ٧٤ / ٢٤ ـ ٢٥.

الثالث فى الفاعل ، نحو قوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) ـ ٦ / ٥٩ ، (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) ـ ٦٩ / ٣٧ ، وكقول الشاعر.

ما عاب الّا لئيم فعل ذى كرم

١٢٤٠ ولا جفا قطّ الّا جبّا بطلا

الرابع فى نائب الفاعل ، نحو قوله تعالى : (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) ـ ٤٦ /

٧٣٤

٢٥ ، (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) ـ ٦ ـ ٤٧.

الخامس فى المفعول به ، نحو قوله تعالى : (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ـ ٧١ / ٢٧ ، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) ـ ٦ / ١١٦ ، (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) ـ ٥٣ / ٢٩ ، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ ـ ٤٣ / ٦٦.

السادس فى المفعول به الثانى ، نحو قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ـ ٢ / ٢٨٦ ، (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) ـ ٧٤ / ٣١ ، (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) ـ ٧١ / ٦.

السابع فى المفعول له ، نحو قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) ـ ٢ / ٢٧٢ ، (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ـ ٢١ / ١٠٧ ، (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٧٤ / ٣١ ، اى وما جعلنا عدة ملائكة النار تسعة عشر الا تعذيبا للكافرين.

الثامن فى المفعول فيه ، نحو قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ) ـ ١٠ / ٤٥ ، (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٦ ، اى زمانا قليلا.

التاسع فى المفعول المطلق ، نحو قوله تعالى : (قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) ـ ٤٦ / ٣٢ ، اى ظنا لا يعتد به.

العاشر فى الجار والمجرور ، نحو قوله تعالى : (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) ـ ٤٢ / ١٤ ، (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) ـ ٢٣ / ٥ ، (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) ـ ٦٩ / ٣٥ ـ ٣٦ ، (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ـ ٦٤ / ١١ ، (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ـ ٥١ / ٥٦.

الحادى عشر فى الحال المفردة ، نحو قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) ـ ٤٢ / ٥١ ، والثلاث بعد الا احوال ، الاولى مفردة والثانية شبه الجملة والثالثة جملة ، والتقدير : لا يكلم الله بشرا الا موحيا اليه او مسمعاله من وراء حجاب او مرسلا رسولا

٧٣٥

موحيا ، وفى الآية اقوال مختلفة ، وكما فى هذين البيتين.

لا اشته يا قوم الّا كارها

١٢٤١ باب الامير ولا دفاع الحاجب

لا يلفك الرّاجيك الّا مظهرا

١٢٤٢ خلق الكرام ولو تكون عديما

الثانى عشر فى الحال الجملة ، نحو قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) ـ ٢٥ / ٢٠ ، و (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) ـ ٢١ / ٢ ، جملة استمعوه حال من فاعل ياتيهم او مفعوله ، وهم يلعبون حال من فاعل استمعوه ، ولاهِيَةً قُلُوبُهُمْ حال من فاعل (يَلْعَبُونَ) ، فالاحوال متداخلة ، (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ـ ٥٠ / ١٨ ، (ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) ـ ٥١ / ٥٢.

الثالث عشر فى النعت ، نحو قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) ـ ٥٨ / ٧ ، يكون تامة ، وهو رابعهم نعت لثلاثة.

الرابع عشر فى البدل ، نحو قولك : ما ضربت زيدا الا راسه ، اى ما ضربت زيدا عضوا منه الاراسه.

الخامس عشر فى المنصوب بنزع الخافض ، نحو قوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ـ ١٨ / ٢٣ ، اى لا تقولن انى فاعل بسبب الا بمشيه الله ، وذكر ابن هشام فى خامس المغنى وجوها اخرى فى الآية ، ونطيرها قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ـ ٨١ / ٢٩ ، (وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ـ ٧٤ / ٥٦ ، والعامل فى المستثنى المفرغ هو ما لو كان المستثنى منه مذكورا كان عاملا فيه.

وقد يكون التفريغ فى الكلام المثبت نحو قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) ـ ٢ / ٤٥ ، اى لصعبة ثقيلة على كل احد الا على الخاشعين ، (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) ـ ٩ / ٣٢ ، اى بابى الله لنوره كل شىء الا اتمامه ، وفسر ابن هشام فى ثامن

٧٣٦

المغنى يابى الله بلا يريد ولكبيرة بلا تسهل ليرجع معنى الاثبات الى النفى ، كانه لا يرضى بمجئ الاستثناء المفرغ فى الاثبات ، ومن ذلك عدمت الا الايمان وصمت الا العيدين وما زال زيد الا عالما لان نفى النفى اثبات وقول الشاعر.

وبالصريمة منهم منزل خلق

١٢٤٣ عاف تغيّر الّا النّؤى والوتد

واما لما فتاتى للاستثناء المفرغ وتدخل على المفرد نحو قوله تعالى : (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ـ ٤٣ / ٣٥ ، والتفريغ فى الخبر ، وقوله تعالى فى قراءة بعض : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) ـ ٨٦ / ٤ ، والتفريغ فى الخبر ايضا ، وكما فى هذا البيت.

قالت له بالله يا ذا البردين

١٢٤٤ لمّا غنثت نفسا او اثنين

ومن ذلك قولك : انشدك الله لما علمتنى ، اى ما اسالك الا تعليمك اياى ، وفى دعاء الغفيلة : فاسالك بحق محمد وآله عليه وعليهم‌السلام لما قضيتها لى ، وقال ابن هشام : وفى البيت رد لقول الجوهرى : ان لما بمعنى الا غير معروف فى اللغة ، والعجب من غفلة الجوهرى عن كتاب الله.

القسم الثانى

المستثنى المتصل ، وهو المذكور معه المستثنى منه الشامل له بمفهوم لفظه ، وهو يقع فى الكلام الموجب والمنفى ، فان وقع فى الموجب فاعرابه نصب بالا ، وان وقع فى المنفى جاز نصبه بالا واتباعه للمستثنى منه على البدلية.

مثال الموجب ونصب المستثنى قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) ـ ٧٤ / ٣٨ ـ ٣٩ ، (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ ١٠٣ / ٢ ـ ٣ ، (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) ـ ٧٣ / ٣ ، (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) ـ ٤٣ / ٦٧ ، (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) ـ ٢٩ / ١٤ ،.

٧٣٧

ثم المشهور ان المستثنى المتصل فى الكلام الموجب لا يجوز اتباعه على البدلية ، ولكن جاء قليلا ، نحو قوله تعالى : (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) ـ ٢ / ٢٤٩ ، برفع قليل فى قراءة بعض على ان يكون بدلا عن الضمير المرفوع ، وفى الحديث : كل امتى معافى الا المجاهرون بالمعاصى ، وفى الحديث ايضا : الناس هلكى الا العالمون والعالمون هلكى الا العاملون والعاملون هلكى الا المخلصون والمخلصون على خطر عظيم ، وكقول الشاعر.

وكلّ اخ مفارقه اخوه

١٢٤٥ لعمر ابيك الّا الفرقدان

والقوم وجهوا هذه الامثلة بوجوه ليطرد القاعدة ، ونحن لا نبالى بذلك ونقول : القواعد النحوية كلها مخصصة ، وليكن هذه منها.

مثال المنفى ونصب المستثنى او ابداله قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) ـ ٤ / ٦٦ ، وقرا بعضهم قليلا بالنصب ، (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) ـ ٧٨ / ٣٨ ، محل من اما نصب بالا او رفع على الابدال من الضمير المرفوع ، (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ) ـ ٧٢ / ٢٢ ـ ٢٣ ، (بَلاغاً) منصوب اما بالا او على الابدال عن ملتحدا ، (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) ـ ١١ / ٨١ ، قرئ امراتك بالرفع والنصب ، فعلى النصب مستثناة من اهلك او من احد ، وعلى الرفع بدل عن احد ، (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) ـ ٢٤ / ٦ ، قرئ انفسهم بالاجماع على الابدال عن شهداء.

القسم الثالث

المستثنى المنقطع ، وهو المذكور معه المستثنى منه غير الشامل له بمفهوم

٧٣٨

لفظه ، والمشهور فى تعريفه هو ما لا يكون من جنس المستثنى منه ، وهذا منقوض بنحو جاء العلماء الا زيدا ، فان زيدا ان لم يكن عالما فمنقطع مع انه داخل فى جنس العلماء من حيث هم اناسى ، فالاولى ما ذكرنا ، واعرابه النصب بالا ، سواء اكان الكلام موجبا ام منفيا ، ولا يجوز الابدال لان الانقطاع ينافى البدلية.

مثال الموجب (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ـ ٨٤ / ٢٢ ـ ٢٥ ، هذا منقطع لان الَّذِينَ آمَنُوا ليسوا داخلين فى مفهوم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ، (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) ـ ٤٣ / ٢٦ ـ ٢٧ ، (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) ـ ٥٣ / ٣٢ ، اللمم صغائر الذنوب ولا يشملها مفهوم الكبائر والفواحش.

مثال المنفى قوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) ـ ٤٤ / ٥٦ ، الموت المنفى فى الجنة لا يشمل مفهومه الموتة فى الدنيا ، (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) ـ ٤ / ١٥٧ ، (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) ـ ٢٠ / ٢ ـ ٣ ، وبنو تميم يجيزون فى المستثنى المنقطع الابدال كما فى هذه الابيات.

وبلدة ليس بها انيس

١٢٤٦ الّا اليعا فيرو الّا العيس

وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن

١٢٤٧ لنا خاطب الّا السنان وعامله

عشيّة لا تغنى الرماح مكانها

١٢٤٨ ولا النبل الّا المشرفىّ المصمّم

هنا امور

الامر الاول سمى المستثنى المتصل متصلا لاتصاله بالمستثنى منه لدخوله فى افراده او اجزائه ، وسمى المستثنى المنقطع منقطعا لانقطاعه عن ذلك ، وسمى المستثنى المفرغ مفرغا لفراغه عن معية المستثنى منه ، وقيل : سمى مفرغا لتفرغ العامل عن معموله الاصلى للعمل فيه ، وسمى استثناؤه ناقصا لنقصان الكلام بترك المستثنى

٧٣٩

منه ، وسمى استثناء غير المفرغ تاما ، وقد يجعل المفرغ والمتصل والمنقطع نعوتا للاستثناء.

الامر الثانى الا فى المنقطع بمعنى لكن ، فالمستثنى بعدها جملة فى المعنى لا فى الاعراب ، لان لكن لا تدخل الا على الجملة كما مربيانه فى مبحث حروف العطف ، فقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) ٤٣ / ٢٧ ، اى لكن الذى فطرنى لن ابرا منه ابدا ، وقس عليه غير ذلك من الامثلة ، وجاء القوم الاحمارهم ، اى لكن حمارهم لم يجئ ، وعلى هذا فالجملة الواقعة بعد الا الانقطاعية معطوفة على الجملة التى قبلها فان كان لها محل فلها ذلك المحل ، والا فلا.

ولكن يظهر من ابن هشام فى ثانى المغنى فى آخر الجمل التى لها محل من الاعراب فى فصل معنون بتنبيه ان الجملة المستثناة لها محل من الاعراب مطلقا وهو النصب حيث قال : اما الجملة المستثناة فنحو (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) ـ ٨٨ / ٢٢ ـ ٢٤ ، قال ابن حروف من مبتدا ويعذبه الله الخبر ، والجملة فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، وقال الفراء فى قراءة بعضهم فشربوا منه الا قليل منهم ـ ٢ / ٢٤٩ : ان قليل مبتدا حذف خبره ، اى لم يشربوا ، وقال جماعة فى (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) ـ ١١ / ٨١ : امراتك مبتدا والجملة بعده خبره ..

اقول : ان الجملة بعد الا فى الاستثناء المفرغ لها محلها حسب عاملها على ما فصلنا من قبل ، وليس ذلك من الجمل المستثناة التى لها محل النصب بالا ، وكذا المفرد الواقع بعدها ، والا لها معناها وليس لها عمل راسا ، واما غير المفرغ فالمفرد الواقع بعد الا منصوب بالا على الاستثناء او تابع للمستثنى منه على الابدال ، ولا داعى لجعل المفرد جملة الا فى المستثنى المنقطع لما قلنا ، واما الجملة الواقعة بعدها فالاولى ان يقال : انها منصوبة محلا بالا على الاستثناء فى المتصل لان

٧٤٠