علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

فلا ، واما باذنه تعالى وامداده فنعم ، فانه قد نطق به التنزيل وجاء فى الحديث ، كما ان غيره عالم وحى ومتكلم و..... ، ولكن بغيره لا بذاته.

والحاصل انه تعالى منزه عن وصمة الامكان ، كائن بذاته ، صفاته عين ذاته ، وفعله لا يتوقف على غير ذاته ، وغيره مقيد بقيود الامكان فى الثلاثة ، واما المفهوم فيعم الذاتى وغيره.

ومن الواجب ايضا ان يكون المفضل من افراد المفضل عليه بحسب المفهوم ان اضيف اسم التفضيل ، فلا يقال : زيد اقوى النسوان ، بل يقال : اقوى من النسوان ، ولا يقال : يوسف احسن اخوته ، بل يقال : احسن من اخوته ، ولا يقال : الله اعلم عباده ، بل يقال : اعلم من عباده ، ولا يقال : هذه المنارة ارفع الجبال ، بل يقال : ارفع من الجبال ، وهكذا ، فان روعى هذا الشرط فلا فرق فى اتحاد الالفاظ فى المادة بين المفضل والمفضل عليه او اختلافها ، نحو عالمنا اعلم العلماء ، زيدا علم العلماء ، زيد اسبق العلماء ، الله ارحم الراحمين وهو خير الراحمين وخير الرازقين.

تنبيه

قيل : يجوز ان يضاف اسم التفضيل وان لم يكن المفضل من افراد المضاف اليه بان يراد بالاضافة الانتساب فقط ، ويقدر المفضل عليه ما هو اعم من المذكور ، فالاضافة حينئذ لبيان الانتساب ، نحو يوسف احسن اخوته ، والتقدير : يوسف احسن الناس كائنا من اخوته الذين هم بنوا يعقوب ، ويجوز هذا القصد ايضا ان كان من افراده ، نحو نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله افضل قريش ، اى هو افضل الناس كائنا من قريش ، وهذا نظير الاوصاف التى يراد منها الانتساب ، نحو زيد متكلم القوم ، اى هو يتكلم من بينهم مع كل احد ، لا انه يتكلم مع القوم ، ونحو فلان مصارع مصر ، اى هو من بين اهل مصر يصارع الابطال ، لا انه يصارع اهل مصر ، وامكن ان يكون من ذلك قوله تعالى : (صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) اى هو يصلح ان يكون مولى لرسول الله

٣٢١

من بين المؤمنين على ما يشعر به صدر الآية ، وامكن ان يكون المعنى هو صالح لامور المؤمنين ، ثم قالوا : ان اريد من اسم التفضيل ما ذكرنا وجب مطابقته ، فيقال : زيد احسن اخوته ، والزيدان احسنا اخوتهما ، وهند فضلى اخواتها ، وهكذا ، وليس من هذا الباب قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا افصح من نطق بالضاد لان المراد فصاحة العرب ، اى انا افصح العرب ، وليس المراد انا افصح الناس كائنا ممن نطق بالضاد.

الحكم السادس

يعمل اسم التفضيل فى الفاعل كمامر ، وفى غيره من بعض المعمولات ، ودونك امثلتها.

١ ـ : عمله فى المفعول به ، نحو قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) ـ ٦ / ١٢٤ ، فان حيث مفعول به لا مفعول فيه كما توهم لان المراد انه تعالى اعلم بالموضع الذى يجعل فيه رسالته ، لا ان اعلميته فى ذلك الموضع ، وكقول الشاعر :

فلم ار مثل الحىّ حيّا مصبّحا

٤٨٠ ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا

اكر واحمى للحقيقة منهم

٤٨١ واضرب منّا بالسيوف القوانسا

ومن ذلك قوله تعالى :(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) ـ ٦ / ١١٧ ، ولا ملزم لتقدير الباء على من ، ولا يصح ان يكون مفضلا عليه لما قلنا فى الحكم الخامس.

٢ ـ : عمله فى الجار والمجرور ، نحو قول على عليه‌السلام : اقدر الناس على الصواب من لم يغضب ، ابعد الناس عن الصلاح المستهتر باللهو ، انصح الناس لنفسه اطوعهم لربه ، اعلم الناس بالله ارضاهم بقضائه ، ادل شىء على غزارة العقل حسن التدبير ، اشبه الناس بانبياء الله اقولهم للحق واصبرهم على العمل به.

٣ ـ : عمله فى الحال ، نحو هذا بسرا اطيب منه رطبا ، وقدمر فى مبحث الحال ، ونحو افضل الناس اعملهم مخلصا.

٣٢٢

٤ ـ : عمله فى التمييز وهو كثير جدا ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) ـ ٤ / ١٢٢ ، (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) ـ ٤ / ٨٤ ، (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) ـ ١٧ / ٢١ ، وقول على عليه‌السلام اسوء الناس عيشا الحسود ، احسن الناس عيشا من عاش الناس فى فضله ، اعظم الناس سعادة اكثرهم زهادة ، اكثر الناس معرفة لنفسه اخوفهم لربه.

ثم المشهور ان من التفضيلية لابتداء الارتفاع فى نحو زيد اعلم من عمرو ، اى يبتدا ارتفاع علم زيد من غاية علم عمرو ، ولابتداء الانحطاط فى نحو زيد اجهل من عمرو ، اى يبتدا انحطاط جهل زيد من غاية جهل عمرو.

وقال ابن مالك : لو كان من هذه للابتداء لصح وقوع الى بعدها ، ولا يصح ، فهى للمجاوزة ، فان معنى زيد افضل من عمرو : جاوز زيد عمرا فى الفضل ، واعترضه فى المغنى فى حرف من بانها لو كانت للمجاوزة لصح وقوع عن مكانها ولا يصح ، وياتى حل هذا المشكل فى حرف من فى المبحث الثانى من المقصد الثانى.

الحكم السابع

يتقدم معمول اسم التفضيل عليه مجرورا بمن التفضيل كما فى هذين البيتين.

وانّ عناء ان تناظر جاهلا

٤٨٢ فيحسب جهلا انّه منك اعلم

اذا سايرت اسماء يوما ظعينة

٤٨٣ فاسماء من تلك الظعينة املح

وقد يتقدم عليه معموله مجرورا بغيرها كقول الشاعر.

وللحلم اوقات وللجهل مثلها

٤٨٤ ولكنّ اوقاتى الى الحلم اقرب

ولا يتوسط بين اسم التفضيل ومن التفضيل غير معموله ، وقد يتوسط معموله ، كقوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ،) وكما فى هذه الابيات.

الموت احسن بالنفس الّتى الفت

٤٨٥ عزّ القناعة من ان تسال القوتا

وظلم ذوى القربى اشدّ مضاضة

٤٨٦ على المرء من وقع الحسام المهنّد

٣٢٣

لو لا العقول لكان ادنى ضيغم

٤٨٧ ادنى الى شرف من الانسان

لاكلة من اقط بسمن

٤٨٨ الين مسّا فى حشايا البطن

من يثربيّات قذاذ خشن

الحكم الثامن

ذكروا لصياغة افعل التفضيل شروطا ثمانية : هى ان يكون اصله فعلا ثلاثيا متصرفا تاما مبنيا للمعلوم قابلا للتفاضل مثبتا وصفه غير افعل فعلاء ، وهذه هى الشروط التى ذكروا لصياغة فعلى التعجب بعينها ، ولها موارد التخلف ونذكرها.

الشرط الاول ان يكون اصله فعلا ، فلا يبنى من الاسم ، وشذما احمره بصيغة التعجب ، فان اصله الحمار.

الشرط الثانى ان يكون اصله فعلا ثلاثيا مجردا ، فلا يبنى من غيره ، وشذ هو اعطاهم للدراهم واولاهم للمعروف ، فان الاول من اعطى والثانى من اولاه معروفا اى صنعه اليه ، وكذا قولهم : هذا الكلام اخصر منه ، فان اصله اختصر ، اذ لم يستعمل منه الثلانى بهذا المعنى ، وقولهم : هذا المكان اقفر من ذاك ، فان اصله اقفر من باب الافعال ، والاقفار خلو المكان من الماء والكلا والسكان ، ولم يستعمل ثلاثيه بهذا المعنى.

الشرط الثالث ان يكون اصله فعلا متصرفا ، فلا يبنى من نعم وبئس ويدع ويذر مثلا.

الشرط الرابع ان يكون اصله فعلا تاما ، فلا يبنى من الافعال الناقصة وافعال المقاربة ، ولا يقال : زيد اكون من عمرو صادقا.

الشرط الخامس ان يكون اصله معلوما ، فلا يبنى من الافعال التى لم تستعمل الا بصيغة المجهول ، نحو عنى بمعنى اهتم ، وزهى بمعنى تكبر ، ونقل عن بعض

٣٢٤

اللغويين ان المعلوم منهما استعمل ايضا بهذين المعنيين من باب سمع ، وقال ابن مالك ومن تبعه : لا باس بذلك ، والحق معه ، لان قولك : انا اعنى بحاجتك من زيد ، اى اشد اهتماما ، وفلان ازهى علينا منك ، اى اكثر تكبرا لا يبعد من الاسلوب العربى ، وقالوا : ان اسم التفضيل لا يستعمل بمعنى المفعول ، فلا يقال : زيد اضرب من عمرو بمعنى انه اكثر او اشد مضروبية منه ، وسنذكران استعماله بمعنى المفعول كثير ، فالاولى الغاء هذا الشرط.

الشرط السادس ان يكون اصله قابلا للتفاضل ، فلا يقال : اموت او افنى او اعدم او اعمى او اصم ، اذ لا تفاضل بين الاعدام الا على سبيل المجاز ، كما يقال : فلان اموت من زيد ، اى اقل اثرا ، وانت اصم من زيد ، اى اقل قبولا للحق ، وهذا الشرط ملغى اذ لا نظر فى النحو الى الحقيقة والمجاز.

الشرط السابع ان يكون اصله مثبتا ، قالوا : فلا يبنى من الفعل المنفى ، سواء اكان ملازما للنفى ، نحو ما عاج بالدواء ، اى ما انتفع به ، فان هذا الفعل لم يستعمل الا منفيا ، ام غير ملازم له ، نحو ما قام وما حضر وما فهم وكل فعل اقترن باداة النفى.

اقول : ان هذا الشرط لغو لان ادوات النفى امور لاحقة ولا دخل لها فى الصياغة والاشتقاق ، واما لفظ ما عاج فقد نقل فى التصريح عن نوادر ابى على القالى هذا البيت.

ولم ار شيئا بعد ليلى الذّه

٤٨٩ ولا مشربا اروى به فاعيج

فهذا البيت نقض لما قالوا من ان هذا الفعل يلازم النفى ، ولم يذكروا فعلا غيره يلازم النفى.

الشرط الثامن ان لا يكون اصله ذا وصف على وزن افعل فعلاء ، نحو احمر حمراء ، واعمى عمياء واحمق حمقاء ، فلا يقال : فلان احمر من فلان ، وانت احمق من زميلك ، والثلج ابيض من الجص.

٣٢٥

اقول : ان تخلف اسم التفضيل عن هذا الشرط الاخير كثير ، نحو قول على عليه‌السلام : احمق الناس من ظن انه اعقل الناس ، وقولهم : فلان احمق من هبنقة ، وهبنقة لقب لذى الودعات يزيد بن ثروان ، يضرب به المثل فى الحمق ، وهبنق وهبنقة يستعملان ايضا بمعنى احمق وحمقاء ، ونحو ما فى هذه الابيات.

ابعد بعدت بياضا لا بياض له

٤٩٠ لانت اسود فى عينى من الظلم

اذا الرجال شتوا واشتدّا كلهم

٤٩١ فانت ابيضهم سربال طبّاخ

جارية فى درعها الفضفاض

٤٩٢ ابيض من اخت بنى اباض

ومن ذلك قوله تعالى : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) ـ ٢ / ٢٠٤ ، اى اشد الخصام فى الخصومة ، والد فى هذه الآية اسم تفضيل بلا كلام ، مع انه يستعمل صفة مشبهة ، ومونثه لداء ، وجمعه لد ، كما فى قوله تعالى : (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) ـ ١٩ / ٩٧ ، اى اشداء فى الخصومة.

وقال الرضى فى شرح الكافية : ان العيوب الباطنة يبنى منها افعل التفضيل ، نحو فلان ابلد من فلان واجهل منه واحمق وارعن واهوج واخرق والد واشكس واعيى واعجم وانوك ، مع ان بعضها يجئ منه افعل لغير التفضيل ايضا كاحمق وحمقاء وارعن ورعناء واهوج وهوجاء واخرق وخرقاء واعجم وعجماء وانوك ونوكاء ، انته ، وهذا المقدار يكفى للقياس ، فالاولى رفض هذا الشرط ايضا ، ولا داعى لتطويل المباحث والاسهاب بلا استهاب ، فالشروط اذن اربعة برفض الاربعة الاخيرة.

ثم ان لم يكن فعل واجدا لتلك الشرائط يؤتى بنحو اقوى واضعف واكثر واقل واعظم واحقر واكبر واصغر واحسن واشد ويؤتى بمصدر ذلك الفعل بعده تمييزا ، فيقال مثلا : هذا اسرع دحرجة من ذاك وهذا اشد حمرة من هذا ، وكذا فى صيغتى التعجب ، ويجوز مع وجدان الشرائط ان يصاغ هكذا ايضا كما شوهد فى بعض الامثلة وفى آيات كثيرة.

٣٢٦

تنبيه

ان الاكثر فى اسم التفضيل كونه بمعنى الفاعل ، وجاء بمعنى المفعول فى بعض المواد ، منها :

١ ـ هدى : نحو قوله تعالى : (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) ـ ٦ / ١٥٧ ، اى لكنا مهديين بهداية فوق هدايتهم ، وبمعنى اسم الفاعل قوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ) ـ ٢٨ / ٤٩.

٢ ـ حب : نحو قوله تعالى : (قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) ـ ١٢ / ٨ ، اى هو اكثر محبوبية منا ، وبمعنى اسم الفاعل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) ـ ٢ / ١٦٥ ، وهذا قاعدة كلية ، فانه ان وقع بعده الى فهو بمعنى اسم المفعول ، وان وقع بعده اللام فهو بمعنى اسم الفاعل ، وكذا ما يقابله من البغض نحو قول على عليه‌السلام ، ابغض العباد الى الله سبحانه العالم المتجبر ، وبمعناه امقت ، نحو قوله ايضا : امقت العباد الى الله تعالى الفقير المزهو والشيخ الزانى والعالم الفاجر ، وهما بمعنى مبغوض وممقوت.

٣ ـ رضى : نحو قول على عليه‌السلام : اللهم لك الحمد على ما تاخذ وتعطى وعلى ما تعافى وتبتلى حمدا يكون ارضى الحمد لك واحب الحمد اليك وافضل الحمد عندك ، اى حمدا يكون مرضيا لك باعلى مراتب الرضا.

٤ ـ حمد : نحو ما فى الدعاء : وربى احمد شىء عندى ، اى محمود عندى فوق كل محمود ، وفى المثل : هو اشغل من ذات النحيين ، اى اكثر مشغولية.

الباب الخامس

فى اسماء الافعال ، وهى افعال معنى واسماء وزنا ، وكلها مبنيات وان كان منونا ، وليس لها احكام الاسم فلا تصغر ولا تنسب ولا تقع معمولة ، وكذا لا تثنى

٣٢٧

ولا تجمع الا قليلا منها ، وهى من حيث اللفظ مرتجل ومنقول ومعدول ، وذكرناها فى كتاب الصرف ، ومن حيث المعنى اما ماض او مضارع او امر.

القسم الاول

اسم الفعل الماضى.

١ ـ هيهات : ويقال : ايهات وهيهان ، وقال بعضهم : فيه خمسون لغة ، وهو بمعنى بعد ، كقوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) ـ ٢٣ / ٣٦ ، اى بعد منكم ما توعدون ، واللام للتاكيد كما ان التكرار للتاكيد ، وقال بعضهم : انه فى الآية بمعنى المصدر ، اى البعد لما توعدون ، وكقول على عليه‌السلام : ولكن هيهات ان يغلبنى هواى ، وقوله الآخر : انا لله وانا اليه راجعون ظهر الفساد فلا منكر متغير ولا زاجر مزدجر ، افبهذا تريدون ان تجاوروا الله فى دار قدسه وتكونوا اعز اوليائه عنده هيهات لا يخدع الله عن جنته ولا تنال مرضاته الا بطاعته ، اى هيهات ما تريدون ، وكما فى هذين البيتين.

فهيهات هيهات العقيق ومن به

٤٩٣ وهيهات خلّ بالعقيق نواصله

بعدت ديار واحتوتك ديار

٤٩٤ هيهات للنّجم الرفيع قرار

٢ ـ شتان ، وهو بمعنى شت ، كقول على عليه‌السلام : شتان ما بين عملين عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤونته ويبقى اجره ، وكما فى هذا البيت.

شتّان ما يومى على كورها

٤٩٥ ويوم حيّان اخى جابر

٣ ـ سرعان ، وهو بمعنى سرع ، كقول الشاعر :

اتخطب فيهم بعد قتل رجالهم

٤٩٦ لسرعان هذا والدماء تصيب

ومنه قولهم : سرعان ذا خروجا ، ذا فاعل وخروجا تمييز ، ومن امثالهم : سرعان ذا اهالة ، والاهالة شحمة ذائبة ، وهذا المثل يضرب لمن يخبر بوقوع الشى قبل

٣٢٨

اوانه ، وشرحه مذكور فى كتب الامثال ، ومثله وشكان وزنا ومعنى.

٤ ـ بطآن ، وهو بمعنى بطؤ ، وهو يقابل سرعان ، يقال : بطآن ذا خروجا

القسم الثانى

اسم الفعل المضارع.

١ ـ بجل ، وهو بمعنى يكفى ، كقول الشاعر :

فمتى اهلك فلا احفله

٤٩٧ بجلى الآن من العيش بجل

٢ ـ افّ ، وهو بمعنى اتضجر ، نحو قوله تعالى فى حق الوالدين : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما) ـ ١٧ / ٢٣ ، وقد تتبع بتف كقول ابن عباس فى ذم جماعة وقعوا فى على عليه‌السلام : اف وتف وقعوا فى رجل له بضع عشرة منقبة ليس لغيره منها شىء ، ويصاغ منها الفعل ، كقولهم : اففه وافف به واف له وتافف له ، اى قال له اف.

٣ ـ وى ، وهو بمعنى اتعجب ، نحو قوله تعالى فى قارون : (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) ـ ٢٨ / ٨٢ ، وكقول الشاعر :

وى كان من يكن له نشب يح

٤٩٨ بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ

وجاءت بمعنى ويل كما فى البيتين ، ومر معنى الويل فى المبحث الثامن.

ولقد شفى نفسى واذهب سقمها

٤٩٩ قيل الفوارس ويك عنتر اقدم

وى لامّها من دوىّ الجوّ طالبة

٥٠٠ ولا كهذا الّذى فى الارض مطلوب

٤ ـ هئ ، وهو ايضا بمعنى اتعجب ، وقيل : بمعنى اتاسف ، كما فى هذه الابيات.

يا هئ مالى قلقت محاورى

٥٠١ وصار اشباه الفعا ضرائرى

يا هئ مالى من يعمّر يفنه

٥٠٢ مرّ الزمان عليه والتقليب

الا هيّما ممّا لقيت وهيّما

٥٠٣ وويحالمن لم يدر ما هنّ ويحما

٣٢٩

٥ ـ آه ، وهو بمعنى اتحزن ، وفيه لغات كثيرة ، نحو قول على عليه‌السلام : اوه على اخوانى الذين قراوا القرآن فاحكموه ، وقوله : آه من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظيم المورد ، وقوله : وصحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالمحل الا على ، اولئك خلفاء الله فى ارضه والدعاة الى دينه آه آه شوقا الى رؤيتهم ، وكقول الشاعر :

فاوه لذكراها اذا ما ذكرتها

٥٠٤ ومن بعد ارض بيننا وسماء

ويصاغ منه الوصف ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) ـ ١١ / ٧٥ ، والفعل كقول الشاعر :

اذا ما قمت ارحلها بليل

٥٠٥ تاوّه آهة الرجل الحزين

٦ ـ بخ بخ ، وبالمهملة ، وهو بمعنى استحسن واستعظم ، نحو قول على عليه‌السلام : بح بح لعالم علم فكف وخاف البيان فاعد واستعد ، ان سئل افصح وان ترك صمت ، كلامه صواب وسكوته عن غير عىّ فى الجواب ، وقول عمر لعلى عليه‌السلام يوم الغدير : بخ بخ يا ابا الحسن اصبحت مولاى ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، والتكرار للتاكيد وكقول الشاعر :

روافده اكرم الرافدات

٥٠٦ بخ لك بخ لبحر خضمّ

ويصاغ منه الفعل ، نحو بخبخه ، اى قال له بخ بخ.

٧ ـ قد ، وهو بمعنى يكفى ، واصله البناء على السكون ، يقال : قد زيدا درهم ، وقدنى عطائك ، اى يكفيه ويكفينى.

وقد يستعمل استعمال حسب فيضاف ، نحو قد زيد درهم ، وقدى كرمك ، وكسر داله لاجل ياء المتكلم ، وقد يضم داله ، وهو بناء ايضا لا اعراب كما ظن ، نحو قد العبد ما رزقه الله ، وجاء فى هذا البيت على الوجهين.

قدنى من نصر الخبيبين قدى

٥٠٧ ليس الامام بالشحيح الملحد

وهو ايضا حرف تحقيق ، وياتى ذكره فى خاتمة الكتاب.

٣٣٠

٨ ـ قط ، وهو ايضا كقد يستعمل بالوجهين وفى كل ما ذكرنا فيه ، ويصدر بالفاء نحو قولك : ما اعطيتنى الا دينارا فقط ، وعندى ثلاثة دراهم فقط ، والفاء للتزيين وكانها جواب شرط محذوف ، تقديره : اذا علمت ما قلت فهو حسبك من العلم بهذا الامر ، ليس وراءه شىء حتى تعلمه ، وكقول الشاعر.

امتلا الحوض وقال قطنى

٥٠٨ مهلا رويدا قد ملات بطنى

ويستعمل مشدد الطاء لاستغراق نفى الماضى ، نحو قولك : ما رايته قط ، وهو مصدر بمعنى القطع ، كانك قلت : ما رايته قطع عمرى ، اى مدة قطع عمرى ، فهو منصوب محلا على الظرفية ومبنى لفظا على الضم لانه مضاف مقطوع عن الاضافة نظير قبل وبعد ، والمشهور انه يختص بالماضى المنفى ، ولكن جاء فى الحديث انه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فى صلاة الكسوف : انها اطول صلاة صليتها قط.

القسم الثالث

اسم الفعل الامر.

١ ـ هلمّ ، وهو بمعنى آت ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ) ـ ٦ / ١٥٠ ، وقول على عليه‌السلام : وهلم الخطب فى ابن ابى سفيان ، وبمعنى ائت ، كقوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) ـ ٣٣ / ١٨ ، ولغة الحجاز افراده مطلقا ، وقوم من العرب يقولون : هلم ، هلما ، هلموا ، هلمى ، هلما ، هلممن.

٢ ـ هيت ، وهو بمعنى ائت سريعا ، نحو قوله تعالى : (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) ـ ١٢ / ٢٣ ، ولك لتوجيه المخاطب ، وليس الكاف ضميرا ، بل حرف خطاب ، وفيه لغات ، وفى الآية قرئ على وجوه ، وكقول الشاعر :

ابلغ امير المؤمنين اخا العراق اذا اتينا

٥٠٩ انّ العراقواهله سلم اليك فهيتهيتا

وجاء للتعجب ، نحو هيت لحلمك ، اى عجبا له ، ويصاغ منه الفعل ، نحو هيت

٣٣١

وتهيت ، اى قال : هيت.

٣ ـ آمين ، وهو بمعنى استجب ، ويقال امين ايضا ، ومثاله ما فى هذه الابيات.

يا ربّ لا تسلبنّى حبّها ابدا

٥١٠ ويرحم الله عبدا قال آمينا

سقى الله حيّا بين صارة والحمى

٥١١ حمى فيد صوب المدجنات المواطر

امين وردّ الله ركبا اليهم

٥١٢ بخير ووقّاهم حمام المقادر

ويستعمل منه الفعل ، نحو قولهم : امن فلان ، اى قال آمين.

٤ ـ صه ، وهو بمعنى اسكت ، وقد ينون مع الكسرة ، ومثاله فى البيتين.

صه لا تكلّم لحمّاد بداهية

٥١٣ عليك عين من الاجذاع والقصب

اذا قال حادينا لتشبيه نبأة

٥١٤ صه لم يكن الّا دوىّ المسامع

٥ ـ مه ، وهو بمعنى انكفف ، نحو قول على عليه‌السلام لعمرحين استلم الحجر وقال : هذا حجر لا يضر ولا ينفع : مه يا عمر ، انه ملك من عظماء الملائكة ، صوره الله تعالى بهذه الصورة وجعل فيه مواثيق الانبياء ، كان ابيض ما يكون وسودته ايدى المشركين ، ويصاغ منه الفعل ، يقال : مهمهه ، اى كفه ، وتمهمه ، اى انكف.

٦ ـ بله ، وهو بمعنى دع ، كقول الشاعر :

نصل السيوف اذا قصرن بخطونا

٥١٥ قدما ونلحقها اذا لم تلحق

تذر الجماجم ضاحياها ماتها

٥١٦ بله الاكفّ كانّها لم تخلق

وفى الحديث القدسى : اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، بله ما اطلعتم عليه ، اى دعه فانه حقير فى جنب ذلك.

وقال فى لسان العرب : قد توضع بله موضع المضاف ويقال مثلا : بله زيد ، وهو مصدر بمعنى الترك قام مقام فعله واضيف الى المفعول به ، وقيل : جاء بمعنى على وسوى واجل وكيف.

٧ ـ هاء ، وهو بمعنى خذ ، وله ست صيغ ذكرناها فى كتاب الصرف ، نحو قوله

٣٣٢

تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) ـ ٦٩ / ١٩ ، واستعمل منه اهاء ، اى آخذ.

٨ ـ ايه ، وهو بمعنى ائت ، نحو قول على عليه‌السلام : اما والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال ياكل خضرتكم ويذيب شحمتكم ايه ابا وذحة ، والمراد به حجاج بن يوسف الثقفى ، والوذحة : الخنفساء.

وجاء بمعنى حدث فى قول الشاعر :

وقفنا فقلنا ايه عن امّ سالم

٥١٧ وما بال تكليم الديار البلاقع

وجاء منونا بمعنى اسكت كما فى حديث اصيل الخزاعى حين قيل له : كيف تركت مكة؟ فقال : تركتها وقد احجن ثمامها واعذق اذخرها وامشر سلمها ، فقال : ايها اصيل ، دع القلوب تقر ، وقيل : الاصل فيه التنوين ، وفيه وجوه ذكرها فى لسان العرب.

٩ ـ حىّ ، وهو بمعنى احضر مسرعا ، كقول المؤذن حى على الصلاة الخ ، وكقول الشاعر :

ونحن فى مسجد يدعو مؤذّنه

٥١٨ حىّ تعالوا وما ناموا وما غفلوا

وحاء بمعنى اعجل كما فى هذا البيت.

انشات اساله عن حال رفقته

٥١٩ فقال حىّ فانّ الركب قد ذهبا

١٠ ـ حيّهل ، وهو بمعنى عجل ، وفى لسان العرب : قال ابو عبيد : سمع ابو مهدية رجلا من العجم يقول لصاحبه : زود زود مرتين بالفارسية ، فساله ابو مهدية عنها فقيل له : يقول عجل عجل ، قال ابو مهدية : فهلا قال له حيهلك ، فقيل له : ما كان الله ليجمع لهم الى العجمية العربية ، واستعمل حثا للمطايا ، فهو حينئذ من اسماء الاصوات ، كقول الشاعر.

بحيّهلا يزجون كلّ مطيّة

٥٢٠ امام المطايا سيرها المتقاذف

١١ ـ هيّا ، وهو بمعنى اسرع ، كقول الشاعر :

٣٣٣

لتقربنّ قربا جلذيّا

٥٢١ مادام فيهنّ فصيل حيّا

وقد دجا اللّيل فهيّا هيّا

١٢ ـ عليك ، وهو بمعنى الزم ، ولها صيغ ست ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ـ ٥ / ١٠٥ وكقول الشاعر.

وقالوا عليكم عاصما نستغث به

٥٢٢ رويدك حتّى يصفق البهم عاصم

١٣ ـ اليك ، وهو بمعنى تنح ، كقول على عليه‌السلام : يا دنيا يا دنيا اليك عنى ، ابى تعرضت؟ ام الى تشوقت؟ وكقول الشاعر :

اليكم يا بنى عمرو اليكم

٥٢٣ المّا تعلموا منّا اليقينا

وجاء بمعنى خذ كما فى هذا البيت.

اذا التّيّار ذو العضلات قلنا

٥٢٤ اليك اليك ضاق بها ذراعا

١٤ ـ دون ، وهو بمعنى خذ ، كقول على عليه‌السلام : كان فى الارض اما نان من عذاب الله ، وقد رفع احدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به ، اشار عليه‌السلام بقوله الى هذه الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ـ ٨ / ٣٣ ، ويلحق به حرف الخطاب.

نقتصر هنا بالمذكورات ، وغيرها مذكور فى المطولات ، كشرح الكافية لرضى الدين الاسترابادى ، ولاكثر هذه الالفاظ لغات عديدة ومعان لم نذكرها ، وتلك فى كتب اللغة مذكورة ، وهذه الكلمات كلها مبنية ، استعملت فى كلام العرب بالبناء المختلف وبعضها منون ، وليس تنوينها للتمكين والاعراب ، وللقوم خلاف فى بساطة بعضها وتركيبه ، ولا جدوى لذكره.

وقال بعضهم : ان مكانك وامامك ووراءك اسماء افعال بمعنى اثبت وتقدم وتاخر ، والحق انها متعلقة بهذه الافعال ، حذفت لتخفيف الكلام ، لان الحذف وهو كثير اولى من نقل كلمة من معناها الى غير معناها وهو قليل.

ثم المعمول فى كتب النحو ذكر اسماء الاصوات والحكايات مع اسماء الافعال ،

٣٣٤

ونحن ذكرناها فى كتاب الصرف فلا نعيدها

الحمد الله اولا وآخرا وصلواته على نبيه وآله.

نهاية المقصد الاول

ـ فى الكافى عن ابى الجارود ، قال سمعت ابا جعفر عليه‌السلام يقول : رحم الله عبدا احيا العلم ، قال : قلت وما احيائه ، قال ان يذاكر به اهل الدين واهل الورع.

٣٣٥

ـ فى الكافى عن ابى بصير قال سمعت ابا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان امير المؤمنين عليه‌السلام يقول : يا طالب العلم انّ العلم ذو فضايل كثيرة : فرأسه التواضع وعينه البرائة من الحسد واذنه الفهم ولسانه الصدق وحفظه الفحص وقلبه حسن النيّة وعقله معرفة الأشياء والامور ويده الرحمة ورجله زيارة العلماء وهمّته السلامة وحكمته الورع ومستقرّه النجاة وقائدة العافية ومركبه الوفاء وسلاحه لين الكلمة وسيفه الرضا وقوسه المداراة وجيشه محاورة العلماء وماله الأدب وذخيرته اجتناب الذنوب وزاده المعروف ومأواه الموادعة ودليله الهدى ورفيقه محبّة الأخيار.

٣٣٦

المقصد الثانى

فى مباحث متفرقة لا يجمعها جهة واحدة قريبة ، وفى هذا المقصد احد عشر مبحثا.

المبحث الاول

فى المضاف والمضاف اليه والاضافة.

المضاف اسم ينسب الى غيره ويجره ، ويقال له المضاف اليه ، ويقال للنسبة بينهما الاضافة ، وحقيقة النسبة هى تقيد شىء بشى ، وهو يوجد بين جميع اجزاء الكلام الواحد فان المبتدا والخبر بينهما نسبة ، وكذا الفعل والفاعل ، ولكل منهما نسبة الى كل من المفاعيل الخمسة والى الحال والتمييز ومدخول الحروف ، وغير ذلك مما يدخل عليهما او يلحق ويتعلق بهما على ما مر ذكر اكثرها.

فالنسبة امر عام يوجد بين جميع اجزاء الكلام الواحد ، ولها انواع مختلفة ، من ذلك نسبة المضاف الى المضاف اليه ، فانك اذا قلت : رايت فقد نسبت الرؤية الى نفسك بالصدور ، واذا قلت : رايت حمارا فقد نسبت الروية ايضا الى الحمار بالوقوع ، واذا قلت : رايت حمار ابى فقد نسبتها الى حمار منسوب الى ابيك ، وهذه النسبة نسبة الملك او الاختصاص وهما نسبة الصدور والوقوع ، وهكذا ان تزد

٣٣٧

على كلامك قيودا اخرى من الزمان والمكان وغيرهما ، فكل من تلك القيود له نسبة اليك والى رؤيتك ، والمشهور ان النسبة بين المضاف والمضاف اليه ثلاثة انواع ، وسياتى بيانها ، وههنا امور واحكام نجعلها فى فصول.

الفصل الاول

ان المضاف لا يكون الا اسما مفردا او مثنى او جمعا ، والفعل لا يضاف ابدا ، واما المضاف اليه فقد يكون جملة ايضا اسمية او فعلية كما يكون اسما مفردا او مثنى او جمعا ، واما الحرف فلا يضاف ولا يضاف اليه ابدا ، والاضافة قسمان : معنوية ويقال لها : محضة ، ولفظية ، ويقال لها : غير محضة.

والاضافة اللفظية هى اضافة الوصف الى معموله وياتى بيانها فى الفصل الثانى عشر ، والاضافة المعنوية هى اضافة غير الوصف كائنا ما كان ، ويجب ان يجرد من التنوين وال لان هذه الثلاث لا تجتمع ولا اثنان منها فى لفظ واحد ، وكذا ما هو عوض عن التنوين ، اى نون المثنى والجمع السالم ، فانها تحذف عن المضاف ولكن تجتمع مع ال ، واعراب المضاف باقتضاء عامله ، والمضاف اليه مجرور بالمضاف ابدا.

مثال ذلك قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) ـ ١١٠ / ٣ ، (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) ـ ١١١ / ١ ، (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) ـ ٧١ / ٢٨ ، (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) ـ ٤٨ / ١١ ، (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) ـ ٦٦ / ٦ ،.

الفصل الثانى

قد قلنا ان النسبة انواع كثيرة مختلفة ، والنحاة حصروا التى بين المضاف والمضاف اليه فى ثلاثة انواع ، وقالوا : ان الاضافة اما بمعنى فى او من او اللام.

٣٣٨

النوع الاول

الاضافة بمعنى فى ، وضابطها ان يكون المضاف اليه ظرفا للمضاف مكانا او زمانا نحو قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ـ ٣٤ / ٣٣ ، (إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) ـ ١٠٦ / ٢ ، (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) ـ ٩٩ / ٢ ، (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) ـ ٧٩ / ٣١ ، (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ـ ٢ / ٢٢٦ ، (قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا) ـ ٩ / ٨١ ، (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ـ ١١ / ١٢٣ ، (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ـ ٤٨ / ٤ ، وهذه النسب ظرفية.

قالوا : ان انعكس الامر وكان المضاف ظرفا للمضاف اليه فليس الاضافة بمعنى فى ، اذ لا يصح تقدير فى بينهما لان فى يدخل على الظرف لا على المظروف ، نحو قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) ـ ١٣ / ٢٣ ، (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) ـ ٢٧ / ١٨ ، (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) ـ ١٥ / ٥ ، والاجل آخر المدة ، (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) ـ ٤٣ / ٨٣ ، (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) ـ ٧٨ / ١٧ ، (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ـ ٩٧ / ٣.

اقول : ان بدلنا التعبير وقلنا مكان الاضافة بمعنى فى : الاضافة الظرفية تشملهما ، ان قلت : ان بينهما النسبة اللامية ايضا ، قلت : لا باس باجتماع النسبتين بل النسب ، وياتى بيان ذلك.

نعم قد يكون المضاف او المضاف اليه ظرفا لا للاخر ، بل بينهما معنى من البيانية ، نحو قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) ـ ٦٢ / ٩ ، فان اليوم هو الجمعة ، وكذا (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) ـ ٣٨ / ٨١ ، او معنى اللام ، نحو قوله تعالى : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) ـ ١٦ / ٩٦ ، فان عند ليس ظرفا للمضاف اليه ولا العكس ، لان مفاد عند مكان يقرب مما يضاف اليه حسيا او معنويا.

٣٣٩

النوع الثانى

الاضافة بمعنى من ، وهى اقسام.

الاول ما يكون المضاف اليه جنسا اى اصلا ماديا للمضاف ، نحو خاتم فضة وثوب قطن ، وقوله تعالى : (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) ـ ٧٦ / ٢١ ، وقول الشاعر.

حرام على من يروم انتصارا

٥٢٥ ثياب حرير وحلى الذهب

وظهور من بينهما فى هذا القسم كثير ، نحو قوله تعالى : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) ـ ٧٦ / ٢١ ، (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) ـ ٧٦ / ١٦ ، (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ) ـ ٤٣ / ٧١.

تنبيه

من المكن ان يتحقق نوع نسبة فى اساليب متعددة كما نحن فيه ، فان قولك : هذا خاتم فضة وخاتم من فضة ، وخاتم فضة بنصب فضة على التمييز واحد فى افاده كون فضة جنسا لخاتم ، ولكن لا يطلق الاضافة الا على الاول.

الثانى ما يكون المضاف اليه اصلا فاعليا للمضاف نحو قوله تعالى : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) ـ ١٠٤ / ٦ ، (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) ـ ٩١ / ١٣ ، ومن هذا القسم اضافة المصادر الى فواعلها ، نحو قوله تعالى : (رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) ـ ١٩ / ٢ ، (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) ـ ١٠٥ / ٢.

وظهور من بينهما نحو قوله تعالى : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) ـ ٢ / ١٧٨ ، ولا يخفى ان اعتبر فى هذا القسم نسبة الصدور فالاضافة بمعنى من ، وان اعتبر نسبة واجدية المضاف اليه للمضاف فالاضافة بمعنى اللام ، ومن فى القسمين نشوية ، وياتى بيان معناها فى المبحث الاتى.

الثالث ما يكون المضاف بعض افراد المضاف اليه ، نحو قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) ـ ٦ / ١٠٠ ، (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) ـ ٦ / ١١٢ ، (عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ)

٣٤٠