علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

هذه الصورة فانه لا مفهوم له الا ان يدل عليه قرينة ، وللشرط والجزاء احكام اخرى نذكرها فى آخر المبحث.

٣ ـ لولا

وهى تدخل على الجملتين اوليهما اسمية محذوفة الخبر غالبا وثانيتهما فعلية ماضوية مصدرة باللام فى الغالب ، نحو قوله تعالى : (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) ـ ٣٤ / ٣١ ، (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ) ـ ٢٢ / ٤٠ ، وقول عمر : لو لا على لهلك عمر ، ولولا هذه تدل على انتفاء الثانية لوجود الاولى ، وهذا مفهوم الكلام وهو مراد المتكلم ، واما منطوقه فانتفاء الاولى يستلزم ثبوت الثانية ، وهذا نظرا الى ان يؤخذ لو حرف شرط ولا مفيدة للنفى واقعة فى حيزها والخبر المقدر من افعال العموم ، اى لولا على موجود لهلك عمر ، وهكذا.

وقد يذكر الخبر لكونه من افعال الخصوص ، نحو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : لولا قومك حديثوا عهد بالاسلام لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين ، ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ٤ / ٨٣ ، فان عليكم خبر ، واحتمال كونه متعلقا بالمصدر والخبر محذوفا من افعال العموم بعيد ، وكما فى هذين البيتين.

فو الله لو لا الله تخشى عواقبه

١٢٨٢ لزعزع من هذا السرير جوانبه

يذيب الرعب منه كلّ عضب

١٢٨٣ فلولا الغمد يمسكه لسالا

وكثيرا تدخل لو لا على الاسم المؤول ، نحو قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) ـ ٢٨ / ٢٨ ، (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٤ ، (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) ـ ٦٨ / ٤٩ ، وفى الحديث : لو لا ان اشق على امتى لامرتهم بالسواك ، اى امر الايجاب ، واما الندب

٧٦١

فقد كان امرهم به ، والاسم المؤول فى هذا الاسلوب مبتدا وخبره مقدر من افعال العموم ، واما الحديث فالظاهر ان على امتى خبر.

وقد يقع بعدها مكان المبتدا ضمير بصورته مجرور وبالمعنى مرفوع كما ان مدخول رب مجرور لفظا ومرفوع او منصوب محلا ، نحو لولاك لما خلقت الافلاك وكما فى هذين البيتين.

ايطمع فينا من اراق دماءنا

١٢٨٤ ولولاه لم يعرض لاحسابنا حسن

ومنزلة لولاى طحّت كما هوى

١٢٨٥ باجرامه من قنّة النيق منهوى

٤ ـ لوما

وهى كلولا ، ومجيئها للشرط قليل كما فى البيتين.

لوما الاصاخة للوشاة لكان لى

١٢٨٦ من بعد سخطك فى الرضاء رجاء

الا حبّذا لوما الحياء وربّما

١٢٨٧ منحت الهوى ما ليس بالمتقارب

٥ ـ امّا

وهى حرف شرط بدليل وقوع الفاء بعدها ، وليست الفاء زائدة للزومها بعدها ، ولا العاطفه ولا الاستينافية لعدم استقامة العطف والاستيناف.

مثالها قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) ـ ٢ / ٢٦.

وشرطها محذوف دائما والجملة الموجودة جزاؤها ، والفاء تؤخر عن اول الجزاء ويتوسط بينهما شىء منه ليشاكل الكلام صورة الشرط والجزاء ، وتقدير الشرط حسب ما يليق ويناسب المقام ، فالتقدير فى الآية : ان كان على الارض مؤمن وكافر فالذين آمنوا يعلمون انه الحق والذين كفروا يقولون الخ ، وانما لم اقتف القوم فى تقدير الشرط فى هذا الباب من قولهم : مهما يكن من شىء فكذا وكذا ، لان مهما اسم فلا

٧٦٢

يناسب تفسير الحرف به ، ولان تقدير الشرط ينبغى ان يكون فى كل مورد مناسبا للجزاء.

واما قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ـ ٣ / ١٠٦ ، فالفاء للعطف ، وفاء الجزاء مع مدخولها محذوفة ، والتقدير : فيقال لهم اكفرتم الخ ، كما حذف مدخولها فقط فى هذه الآية : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) ـ ٤٥ / ٣١ ، والتقدير : فيقال لهم الم تكن آياتى الخ ، فحذف يقال لهم وحده وانتقلت الفاء الى ما بعدها ، وحذف القول وابقاء المقول كثير فى الآيات.

واعلم انه يفصل بين اما وفاء الجزاء بواحد من امور ستة.

الاول المبتدا فتقع الفاء على الخبر ، نحو قوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) ـ ١٨ / ٧٩ ، وتقدير الشرط : ان اردت ان تعلم شان السفينة فالسفينة كانت الخ ، (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) ـ ٦٩ / ٥ ـ ٦ ، وتقدير الشرط : ان كذبت عادو ثمود فهم اهلكوا الخ.

الثانى جملة الشرط مع حرف شرط آخر ، نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ـ ٥٦ / ٨٨ ـ ٨٩ ، والتقدير : اذا مات المحتضر فله روح وريحان ان كان من المقربين ، وما بعد الفاء جزاء لا ما ويقدر مثله لان لمكان الفاء ولانّ جعله لان يوجب خلوا ما عن الشرط والجزاء معا ، بل الجزاء الواحد فى نحو هذا الاسلوب للشرطين كلاهما.

الثالث المبتدا مع جملة شرطية ، نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) ـ ٨٩ / ١٥ ، فيقول جزاء لا ما ، فاكرمه ونعمه معطوفان على ابتلاه.

الرابع المفعول به ، نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) ـ ٩٣ / ٩ ـ ١٠ ، (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) ـ ٤١ / ١٧ ، على قراءة نصب ثمود ،

٧٦٣

ونصبه من باب الاشتغال ، ومن ذلك نحو قولهم : اما قريشا فانا افضلهم ، واما العلم فزيد عالم ، واما الشجاعة فعمرو شجاع ، والتقدير : ان ذكرت قريشا فانا افصلهم ، وكذا غيره.

الخامس الظرف ، نحو قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ـ ٩٣ / ١١ ، وكقولك : اما اليوم فاسافر ، ومن ذلك ما ياتون اول الكتب ، نحو اما بعد فالنحو علم بكذا وكذا ، والتقدير : ان اردت الوقوف على كتابى بعد الحمد والصلاة فالنحو الخ ، فالظرف متعلق بمحذوف بخلاف الآية فان الظرف متعلق بحدث.

السادس الخبر ، والفصل به قليل ، نحو قولك : اما عندى فالعلم واما عندك فالمال.

هنا امور

الاول ـ اكثر احوال اما ان تكون للتفصيل كما شوهد فى الآيات ، والمراد به ذكر امور متعددة بتكرير اما وبيان حكم كل منها بعد ذكرها اجمالا ، نحو قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) ـ ٤١ / ١٣ ، ثم شرع فى التفصيل فقال : فاما عاد فاستكبروا فى الارض الخ ، واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى الخ.

وقد يذكر احد المفصلات بعد الاجمال ويطوى غيره ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) ـ ٤ / ١٧٤ ، ثم قال : فاما الذين آمنوا بالله واعتصموا به الخ ، ولم يقل : واما الذين كفروا ولم يعتصموا به فكذا لانه يعلم بالمقابلة ، ونظيرها قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) ـ ٣ / ٧ ، ولم يقل واما الذين ليس فى قلوبهم زيغ فكذا لانه يعلم بالمقابلة.

٧٦٤

وقال بعضهم : ان اما تفيد التاكيد غير افادة الشرط والتفصيل ، وهى كذلك لان قولك : زيد عالم مثلا ليس فيه تاكيد ، واذا قلت : اما زيد فعالم فهم منه تاكيد.

الثانى اما فى قوله تعالى : (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ ٢٧ / ٨٤ ، مركبة من ام المنقطعة وما الاستفهامية ادغمت الميم فى الميم وكتبت بصورة الادغام وليست مما نحن فيه ، وكذا ما فى هذا البيت.

ابا خراشة امّا انت ذانفر

١٢٨٨ فانّ قومى لم تاكلهم الضبع

الثالث قد يقلب ميمها الاولى ياء كما فى هذين البيتين.

مبتّلة هيفاء ايما وشاحها

١٢٨٩ فيجرى وايما الحجلمنها فلا يجرى

رات رجلا ايما اذا الشمس عارضت

١٢٩٠ فيضحى وايما بالعشىّ فيخصر

الرابع قد يحذف اما ويبقى ما بعده بصورته ، نحو قوله تعالى : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) ـ ٧٤ / ٣ ـ ٥ ، (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ـ ٣٩ / ٦٦ ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ـ ٥ / ١١ ، (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ـ ٥ / ٢٣ ، والالتزام بها لوجود الفاء ، وقيل : انها زائدة للتاكيد ، وقيل : مدخولها معطوف على محذوف ، والتقدير فى الآية الاولى مثلا : وربك اذكر فكبر ، والتقدير خلاف الاصل وان لزم فالاقل يمنع الاكثر ، وامكن تقدير الشرط فى هذه الموارد بغير اما ، وياتى بيانه فى الامر الخامس.

الفصل الثانى

فى اسماء الشرط التى ليس لها معنى الظرفية ، وهى ما ومن واىّ ومهما وكيف.

١ ـ ما

وهو اسم مبهم يحتاج الى بيان ، ويستعمل لغير ذوى العقول ، ولذوى العقول

٧٦٥

فى غير الشرط ، ويقع فى الكلام مبتدا ومفعولا مقدما ، ولا يقع فاعلا لان له الصدر ، نحو قوله تعالى : (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) ـ ٦ / ١٣٦ ، هذا مثال المبتدا ، وقوله تعالى : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) ـ ٧٣ / ٢٠ ، (ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) ـ ٢ / ١٩٧ ، (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) ـ ٢ / ١٠٦ ، (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) ـ ٤ / ١٢٧ ، هذا مثال المفعول

ويحتمل الموصولة والشرطية ما الثانية فى هذه الآية : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) ـ ٣ / ٣٠ ، ما الاولى موصولة واحتمال كون الثانية موصولة ايضا اقوى.

وترد للشرط مع افادة الزمان ، فهى ظرف للشرط او الجزاء ، ولا يحتاج الى البيان ، نحو قوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ـ ٩ / ٧ ، (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ـ ٤ / ٢٤ ، فان ما ظرف للاستمتاع ، وضمير به يرجع الى النكاح المذكور من قبل ، وضميرهن يرجع الى النساء ، والآية تدل على جواز المتعة ووجوب اداء ما فرض فيها من المهر وكقول الشاعر.

فما تك يابن عبد الله فينا

١٢٩١ فلا ظلما نخاف ولا افتقارا

وما الشرطية الزمانية يدخل عليها كل كثيرا لتعميم الوقت فيكتسب منها معنى الزمان ، نحو قوله تعالى : (كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ـ ٥ / ٧٠ ، (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) ـ ٣ / ٣٧ ، (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) ـ ٣٢ / ٢٠ ، والقاعدة فى كتابة هذه اللفظة الاتصال ، وكتبت فى بعض الآيات منفصلة كما فى هذه الآية : (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) ـ ٢٣ / ٤٤ ، وليس فى كتاب الله بعد كلما هذه الا جملتان ماضويتان ، ولكن قال ابن هشام فى مبحث كل من المغنى : مجىء الماضى بعدها كثيرة.

٧٦٦

٢ ـ من

وهو لذوى العقول ، وقد يستعمل لغيرهم فى غير الشرط ، ويقع مبتدا ومفعولا به ، ولا يقع فاعلا لان له الصدارة.

مثال المبتدا قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) ـ ٤ / ٨٠ ، (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) ـ ٥ / ٥ ، (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ـ ٥ / ٣٩ ، و (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) و (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) و (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) ـ ٥ / ٤٤ ـ ٤٧.

مثال المفعول به قوله تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) ـ ١٨ / ١٧ ، (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ـ ١٣ / ٣٣ ، (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) ـ ٣٦ / ٦٨ ، فمن فى الآية الاخيرة ان قدر منصوبا فمفعول من باب الاشتغال وان قدر مرفوعا فهو مبتدا.

تنبيهان

الاول من لفظه مفرد مذكر ، فيجوز فى ارجاع الضمير اليه مراعاة لفظه ومعناه من حيث التذكير والتانيث والافراد ومقابليه ، نحو قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ٢ / ١١٢ ، افرد الضمير اولا ثم جمع والمرجع واحد ، (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) ـ ٦٥ / ١١ ، افرد الضمير اولا ثم جمع ثم افرد والمرجع واحد ، (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) ـ ٣٣ / ٣١ ، ذكر الضمير اولا ثم انث والمرجع واحد.

الثانى اذا وقع من بعد اما فى نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ

٧٦٧

الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) ـ ٧٩ / ٣٧ ـ ٤١ ، فالجواب لاما لئلا تبقى بلا شرط وجزاء ، والاولى ان تؤخذ موصولة وما بعد الفاء خبرها.

٣ ـ اىّ

وهى معربة بخلاف ما ومن ، وتبنى على الضم ان كانت موصولة ، على ما مر ذكره فى المبحث الخامس فى المقصد الثانى ، وتكون اى كما ومن استفهامية ايضا ، وياتى ذكرها فى مبحث ادوات الاستفهام.

مثال الشرطية قوله تعالى :(قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ـ ١٧ / ١١٠ ، ايا منصوب على المفعولية وقدم لصدارتها ، وتدعوا جمع مذكر مجزوم بالشرط ، وما مزيدة للتاكيد فله الخ جواب الشرط ، وقوله تعالى : (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) ـ ٢٨ / ٢٨ ، اى مضاف الى الاجلين ، وما بينهما مزيدة للتاكيد ، ونظيرها قوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) ـ ٨٢ / ٨ ، شاء شرط وركبك جزاءه وما مزيدة والجار متعلق بالشرط ، وجر اسماء الشرط بالحرف او الاسم قليل.

٤ ـ مهما

وهو ياتى للشرط كما ، وقيل : هو ما زيدت عليها ما كاكثر ادوات الشرط فانقلبت الفهاهاء لكراهة اجتماع المثلين ، وهذا تخيل نحوى لا دليل عليه.

مثالها قوله تعالى : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) ـ ٧ / ١٣٢ ، وليس فى كتاب الله الا هذه ، ومهما فى الآية مبتدا ، وضمير به يرجع اليه ومن آية بيان له ، وكقول الشاعر :

مهما لى اللّيلة مهما لى

١٢٩٢ اودى بنعلىّ وسرباليه

٧٦٨

وياتى مهما كما للشرط الزمانى كما فى هذه الابيات.

وانّك مهما تعط بطنك سؤله

١٢٩٣ وفرجك نالا منتهى الذمّ اجمعا

ومهما تصلها او بدات براءة

١٢٩٤ لتنزيلها بالسيف لست مبسملا

ومهما تصلها مع اواخر سورة

١٢٩٥ فلا تقفنّ الدهر فيها فتثقلا

ومهما تكن عند امرىء من خليقة

١٢٩٦ وان خالها تخفى على الناس تعلم

قد اوبيت كلّ ماء فهى ضاوية

١٢٩٧ مهما تصب افقا من بارق تشم

وكون مهما فى هذه الابيات اسم شرط زمانى ظاهر ، فلا وجه لانكاره ولا وجه للقول بانه حرف.

٥ ـ كيف

نحو قوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ـ ٥ / ٦٤ ، (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) ـ ٣٠ / ٤٨ ، (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) ـ ٣ / ٦ ، والجزاء فى هذه الآيات محذوف لدلالة ما قبلها عليه ، اى كيف يشاء الانفاق ينفق ، فما قبلها جزاء فى المعنى لا فى صناعة الاعراب.

قالوا : يجب ان يكون شرطها وجزاؤها متفقى اللفظ والمعنى ، نحو كيف تصنع اصنع ، ولا يجوز كيف تجلس اذهب ، وقال ابن هشام : ويشكل اطلاق هذا القيد ، اذ فى هذه الآيات ليس بينهما اتفاق.

اقول : سر ذلك عندهم ان كيف الشرطية تفيد وحدة كيفية الشرط والجزاء كما ان اسم الشرط الزمانى او المكانى يفيد وحدة زمانهما او مكانهما ، كما ياتى بيانه ، والفعلان المختلفان لا يتحد كيفيتهما ، ثم اقول : هذا توهم باطل ، بل الكيفية الواحدة تعرض على الاشياء والافعال المختلفة وذلك ظاهر فى التشبيهات التى وجه الاشتراك فيها من مقولة الكيف كقوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ـ ٧ / ٢٩.

وكيف اسم مبنى على الفتح ولا يعمل عمل الجزم ، الا ان تلحقها ما ، نحو كيفما

٧٦٩

تعامل الناس يعاملوك ، وكيفما تكن يكن قرينك ، كيفما تعلم تعمل ، والاكثر كونها للاستفهام وتاتى فى مبحثه.

الفصل الثالث

فى اسماء الشرط التى لها معنى الظرفية المكانية ، وهى حيث واين وانّى.

١ ـ حيث

وهو اسم مبنى على الضم ياتى للشرط مع لحوق ما به وبدونه ، ولا يعمل الجزم بدون ما نحو قوله تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ـ ٢ / ١٤٤ ، (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) ـ ٢٠ / ٦٩ ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ـ ٢ / ١٩١ ، والجزاء فى الآيتين مقدم او محذوف على اختلاف بين البصرى والكوفى ، وياتى ، وكقول الشاعر.

حيثما تستقم يقدّر لك الله

١٢٩٨ نجاحا فى غابر الازمان

٢ ـ اين

اسم مبنى على الفتح ، وياتى للشرط مع لحوق ما وبدونه ، نحو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ـ ٢ / ١١٥ ، (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) ـ ٢ / ١٤٨ ، وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ ـ ١٦ / ٧٦ ، وليس فى كتاب الله تعالى للشرط بدون ما ، ومثاله قولك : اين رايت الحكمة فخذها ، وليس من ذلك قوله تعالى : (قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) ـ ٧ / ٣٧ ، فان ما هذه موصولة ، اى اين الذين تدعونهم الخ.

٣ ـ انّى

وهو اسم مبنى على الالف ، يستعمل بمعنى اين ولا تلحق به ما ، نحو قوله

٧٧٠

تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) ـ ٢ / ٢٢٣ ، وقيل : انى فى هذه الآية للزمان بمعنى متى ، وقيل : بمعنى كيف ، والتفصيل فى التفسير ، وكما فى هذين البيتين.

فاصبحت انّى تاتها تلتبس بها

١٢٩٩ كلا مر كبيها تحت رجليك شاجر

خليلىّ انّى تاتيانى تاتيا

١٣٠٠ اخا غير ما يرضيكما لا يحاول

الفصل الرابع

فى اسماء الشرط التى لها معنى الظرفية الزمانية ، وهى متى وايّان ولمّا واذ واذا ، وقد مر من هذه الاسماء والتى قبلها ذكر فى مبحث الاضافة ، وتاتى فى مبحث ادوات الاستفهام ايضا.

١ ـ متى

وهى اسم مبنى على الالف يستعمل للشرط كما فى هذه الابيات.

انا ابن جلا وطلّاع الثنايا

١٣٠١ متى اضع العمامة تعرفونى

متى تاته تعشو الى ضوء ناره

١٣٠٢ تجد خير نار عندها خير موقد

متى تاتنا تلمم بنا فى ديارنا

١٣٠٣ تجد حطبا جزلا ونارا تاجّجا

متى تردن يوما سفار تجد بها

١٣٠٤ اديهم يرمى المستجير المعوّرا

متى تهزز بنى قطن تجدهم

١٣٠٥ سيوفا فى عواتقهم سيوف

متى ما تناخى عند باب ابن هاشم

١٣٠٦ تراحى وتلقى من فواضله ندى

٢ ـ ايّان

وهى اسم مبنى على الفتح ، وتركبه من اى وان تخيل نحوى ، ويستعمل للشرط مع ما وبدونها كما فى هذين البيتين.

٧٧١

ايّان نؤمنك تامن غيرنا واذا

١٣٠٧ لم تدرك الامن منّا لم تزل حذرا

اذا النعجة الادماء باتت بقفرة

١٣٠٨ فايّان ما تعدل به الريح تنزل

٣ ـ لمّا

وهى اسم بمعنى اذ ، وقيل بمعنى حين ، والقدماء على انه حرف ، وقالوا : انه حرف وجود لوجود وحرف وجوب لوجوب ، اى تدل على وجود الجزاء ووجوبه عند وجود الشرط ووجوبه ، وذلك لان الجملتين بعدها موجبتان وجدت ثانيتهما عند وجود اولاهما ، والصحيح اسميتها لافادتها معنى الظرف واضافتها الى الجملة ، بخلاف لما النافية والاستثنائية فانها حرف.

مثالها قوله تعالى : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) ـ ٢٨ / ٢٢ ، (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً) ـ ٢٨ / ٢٩ ، (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) ـ ٢٨ / ٤٨ ، (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) ـ ٧ / ٢٢ ، وكقول الشاعر :

ولمّا قضينا من منى كلّ حاجة

١٣٠٩ ومسّح بالاركان من هو ماسح

وشدّت على دهم المهارى رحالنا

١٣١٠ ولم ينظر الغادى الّذى هو رائح

اخذنا باطراف الاحاديث بيننا

١٣١١ وسالت باعناق المطىّ الاباطح

والاكثر كون الجملتين بعدها ما ضويتين ، وجاء جزاؤها بغير ذلك فى قوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) ـ ٣١ / ٣٢ ، (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) ـ ١١ / ٧٤ ، وتكلف ابن هشام فى المغنى ارجاع الجزاء فى الآيتين الى الفعل الماضى ، وهو تكلف غير لازم.

وقد تلحق بها ان للتاكيد ، نحو قوله تعالى : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) ـ ٢٩ / ٣٣ ، و (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً)

٧٧٢

ـ ١٢ / ٩٦ ، وقد تدخل اذا على جوابها مكان الفاء ان كان جملة اسمية نحو قوله تعالى : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) ـ ٤٣ / ٥٠.

٤ ـ اذ

وهو اسم ثنائى مبنى على السكون ياتى للشرط ، نحو قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) ـ ٢ / ٣٠ ، (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) ـ ١٨ / ١٦ ، (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ـ ٢ / ١٢٤ ، (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) ـ ٢٤ / ١٣ ، (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ـ ٢ / ٢٦٠.

وقيل : اذ فى بعض هذه الآيات للتعليل ، وياتى فى مبحث ادوات التعليل ، وتعمل مع ما لا بدونها كقول الشاعر.

وانّك اذ ما تات ما انت آمر

١٣١٢ به تلف من ايّاه تامر آتيا

والقوم لم يثبتوا لاذ معنى الشرط الا اذا لحقت به ما ، وقالوا : انها فى هذه الآيات وامثالها مفعول بها بتقدير اذكر ، ولكن معنى الشرط منها ظاهر ، والتقدير خلاف الاصل ، ولا يصار الى غير الشرط الا ان لا يستقيم معناه ، نحو قوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ـ ٢ / ٥٠ ، وآيات اخرى فى سورة البقرة وغيرها.

على ان معنى اذكر سواء اكان الذكر قلبيا ام لسانيا لا يستقيم فى جميع الموارد لان الخطاب الى النبى والمسلمين الا ان يفرض الخطاب فى كل آية الى من يناسبه ، او قدر شىء آخر بالمناسبة كما قال بعضهم : ان التقدير فى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ـ ٢ / ٣٠ ، ابتداء خلقكم اذ قال ربك الخ ، فاذ

٧٧٣

على هذا خبر ، فانظر وحقق.

٥ ـ اذا

والغالب كونها للشرط ، وتدخل على الجملة الاسمية والفعلية الماضوية والمضارعية ، وكذلك جزاؤها.

مثال الاسمية قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) ـ ٨٢ / ١ ـ ٥ ، ومثلها فى سورة التكوير وغيرها.

مثال الفعلية الماضوية (إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ـ ٧١ / ٤ ، (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) ـ ١١٠ ، (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) ـ ٧٦ / ١٩ ـ ٢٠ ، (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) ـ ٥ / ٨٣.

مثال الفعلية المضارعية قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ـ ٦٨ / ١٥ ، وقول الشاعر.

اذا تقول لا ابنة العجير

١٣١٣ تصدق لا اذا تقول جير

وتلحق بهاما ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) ـ ٤٢ / ٣٧ ، وكما فى هذه الابيات.

اذا ما انتسبنا لم تلدنى لئيمة

١٣١٤ ولم تجدى من ان تقرّى به بدّا

اذا ما استحمّت ارضه من سمائه

١٣١٥ جرى وهو مودوع وواعد مصدق

اذا ما الغانيات برزن يوما

١٣١٦ وزجّجن الحواجب والعيونا

اذا ما تميمىّ اتاك مفاخرا

١٣١٧ فقلعدّ عن ذا كيف اكلك للضبّ

اذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد

١٣١٨ بها ابدا ما دام فيها الجراضم

٧٧٤

واذا كلو غير عامل ، ولكن جاء جزاوه فى البيت الاول وشرطه فى البيت الثانى مجزومين ، وهو ضرورة.

ترفع لى حندف والله يرفع لى

١٣١٩ نارا اذا خمدت نيرانهم تقد

استغن ما اغناك ربّك بالغنى

١٣٢٠ واذا تصبك خصاصة فتجمّل

تكلمة للمبحث فيها امور

الامر الاول

خلاصة الكلام فى دلالة ادوات الشرط ان حروفها تدل على تعليق الجزاء بالشرط بنحو من انحاء التعليق فى التكوين لزوما او اتفاقا او بجعل المتكلم ، واما غير الحروف فالاسماء التى ليس لها معنى الظرفية فما ومن ومهما تدل على عموم الموضوع فى الشرط ، فقوله تعالى مثلا : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) ـ ١٧ / ٧٢ ، علق عمى الآخرة على عمى الدنيا لكل احد ، واما اى فان اضيف الى النكرة يدل على العموم ، واما كيف فتدل على وحدة كيفية الشرط والجزاء ، فان قولك : كيف تجلس اجلس معناه ان جلوسى كجلوسك ، فالتعليق لكيفية الجلوس ، ولنفس الجلوس بالملازمة.

واما الاسماء التى لها معنى الظرفية فالتعليق فى الواقع من حيث الزمان او المكان ، فمفادها ان الجزاء واقع فى زمان وقوع الشرط او مكانه ، وتعليق الفعل يعلم بالملازمة.

واعلم ان حروف الشرط لا عاملة ولا معمولة الا ان ، وياتى بيانها ، واسماء الشرط التى ليس لها معنى الظرفية معمولة على الابتداء او المفعولية او المجرورية بقلة ، الاكيف فهى منصوبة على الحالية وعاملها الفعل الواقع فى الشرط ، والمبتدا منها خبره جملة الجزاء على قول ، وهو مع شرطه كالموصول مع صلته ، واسماء الشرط الظرفية

٧٧٥

مضافة الى جملة الشرط وعاملها الفعل الواقع فى الجزاء ، وهى مفعول فيها ، اذ قلنا ان مفادها ان الجزاء يقع فى زمان وقوع الشرط او مكانه ، وهذه الاسماء كلها مبنية الا اى ، وقد مر ذكر منها فى المبحث الثالث ، وياتى زيادة توضيح لها من جهة الاعراب فى المبحث الخامس ، واما عملها فنذكره الآن.

ان قلت : يدخل على الجزاء اذا والناسخ والفاء واللام ، وهذه لها الصدارة ، فكيف يعمل الجزاء فى اداة الشرط؟ ، قلت : ليس لها كمال الصدارة ، فلا بأس بذلك كما اعترف به الرضى فى مبحث الظروف ، وياتى بيان معنى الصدارة فى المبحث الثالث عشر.

الامر الثانى

من هذه الادوات ما يجزم ، وهو ان ومن وما ومهما واىّ ومتى وايّان واين وانّى مطلقا ، واذ وحيث وكيف مع لحوق ما بها ، واما غيرها فلا يجزم ، وما شوهد من ذلك فهو ضرورة كما مر فى بعض الابيات.

ثم المضارع المعرب الذى لم يدخل عليه ناصب او جازم غير هذه الادوات ينجزم بها لفظا ، وغيره من الافعال ينجزم بها محلا ، والجملة الاسمية تنجزم باسرها بها محلا.

ثم ان الشرط كائنا ما كان مجزوم بها لفظا او محلا ، واما الجزاء فان كان الشرط مضارعا فهو مجزوم ايضا لفظا او محلا ، والافجار الوجهان : الجزم وعدمه ، الا ان المضارع ان وقع بعد الفاء لم يجزم لفظه مطلقا وهذه قاعدة ، ولكن تخلف عنها الجزاء والشرط.

الاول رفع الجزاء مع ان الشرط مضارع ، فى قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) ـ ٤ / ٧٨ ، (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) ـ ٣ / ١٢٠ ، قرا بعضهم الجزاء فى الآيتين بالرفع والقاعدة تقتضى الجزم ، و

٧٧٦

فى هذه الابيات.

يا اقرع بن حابس يا اقرع

١٣٢١ انّك ان يصرع اخوك تصرع

فقلت تحمّل فوق طوقك انّها

١٣٢٢ مطبّعة من ياتها لا يضيرها

وما ذاك ان كان ابن عمّى ولا اخى

١٣٢٣ ولكن متى ما املك الضرّ انفع

ما انس لا انساه آخر عيشتى

١٣٢٤ بما لاح بالمعزاء ريع سراب

الثانى رفع الشرط فى قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) ـ ١٢ / ٩٠ ، باثبات ياء يتقى فى بعض القراءات ، وكما فى هذا البيت.

رايت المنايا خبط عشواء من تصب

١٣٢٥ تمته ومن تخطى يعمّر فيهرم

والمثال على القاعدة قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) ـ ٨ / ٣٩ ، (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) ـ ٤٢ / ٢٠ ، وكما فى البيتين.

انّ من لام فى بنى بنت حسّان

١٣٢٦ المه واعصه فى الخطوب

وان اتاه خليل يوم مسغبة

١٣٢٧ يقول لا غائب ما لى ولا حرم

عجيبة

قال ابن هشام فى القاعدة الثامنة من ثامن المغنى : لا يكون فى النثر فعل الشرط مضارعا والجواب ماضيا ، وتقدمه فى ذلك رضى الدين فى شرح الكافية فى مبحث كلم المجازاة وقال : وان كان الاول مضارعا والثانى ماضيا فالاول مجزوم ومثله قليل لم يات فى الكتاب العزيز ، وقال بعضهم لا يجىء الا فى ضرورة الشعر ، وقال فى شرح التصريح فى باب اعراب الفعل : وتارة يكونان مضارعا فماضيا وهو قليل حتى خصه الجمهور بالشعر ومذهب الفراء ومن تبعه جوازه فى الاختيار اقول : ما انكروه جاء فى الكتاب العزيز وفى الشعر بعد الادوات العاملة وغير العاملة.

٧٧٧

اما بعد الادوات غير العاملة فنحو قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) ـ ١٩ / ٥٨ ، (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) ـ ١٨ / ٥٨ ، وامثالهما كثيرة فى الآيات ، وكقول الشاعر.

لو يشا طار به ذو ميعة

١٣٢٨ لاحق الآطال نهد ذو خصل

واما بعد الادوات العاملة فنحو قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) ـ ٢ / ٢٧١ ، (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) ـ ٨ / ١٩ ، (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ـ ٤ / ٨٠ ، (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) ـ ٤٦ / ٣٢ ، (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) ـ ٢ / ٢٥٦ ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) ـ ٣ / ٢٨ ، وامثالها كثيرة كما فى هذه الابيات.

من يكدنى بسىّء كنت منه

١٣٢٩ كالشجى بين حلقه والوريد

ان يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا

١٣٣٠ عنّى وما يسمعوا من صالح دفنوا

ان يقتلوك فقد ثلّت عروشهم

١٣٣١ بعتيبة بن الحارث بن شهاب

ان يكن طبّك الدلال فلو فى

١٣٣٢ سالف الدهر والسنين الخوالى

ان يسلم المرء من قتل ومن هرم

١٣٣٣ للذّة العيش افناه الجديدان

ومن يوف لم يذمم ومن يهد قلبه

١٣٣٤ الى مطمئنّ الارض لم يتجمجم

الامر الثالث

اذا عطف على الشرط او على الجزاء المجزوم لفظا او محلا مضارع بالواو او الفاء او ثم جاز فيه الجزم على العطف والنصب بتقديران والرفع على الاعتراض ان كان بين الشرط والجزاء وعلى الاستيناف ان كان بعد الجزاء ، فالحرف فى الشق الثالث حرف اعتراض او استيناف ، ودونك امثلة من الآيات والاشعار ، وهى.

قوله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ـ ٤ / ١٠٠ ، قرىء يدركه بالوجوه الثلاثة ، (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ

٧٧٨

فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) ـ ٧ ـ ١٨٥ ، قرئ يذرهم بالجزم والرفع ، ونذرهم بصيغة المتكلم مع غيره بالرفع ، (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) ـ ٢ / ٢٧١ ، قرئ يكفر ونكفر بالرفع والجزم ، (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) ـ ٢ / ٢٨٤ ، قرئ يغفر ويعذب بالوجوه الثلاثة ، (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) ـ ٢٥ / ١٠ ، قرئ يجعل بالرفع والجزم ، وكما فى البيتين.

ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه

١٣٣٥ ولا يخش ظلما ما اقام ولا هضما

ان تركبوا فركوب الخيل عادتنا

١٣٣٦ او تنزلون فانّا معشر نزل

ثم ان وقع بعد جملة الشرط او الجزاء جملة بدون العاطف فهى اما من التوابع الاربعة الاخرى او مفعولة ثانية او نعت او حال او معترضة ان كانت بينهما ومستانفة ان كانت بعد الجزاء ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) ـ ٢٥ / ٦٩ ، قرئ يضاعف ويضعف ، كل منهما بالجزم والرفع وكذا يخلد المعطوف عليه ، فعلى قراءة الجزم عطف بيان ليلق وعلى الرفع استيناف ، ومنه قول الشاعر :

متى تاتنا تلمم بنا فى ديارنا

١٣٣٧ تجد حطبا جزلا ونارا تاجّجا

وقد مر بعض الامثلة من هذا الباب فى مبحث الجمل فراجع ، وتعثر على بعض الامثلة فى طى المباحث.

الامر الرابع

من الجمل ما يجب عليه الفاء ان وقعت جزاء ، وهو ثمانية انواع.

النوع الاول

الجملة الاسمية ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ

٧٧٩

يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٦ / ١٧ ، (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) ـ ٦ / ١٣٩ ، (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ـ ٦ / ١٦٠ ، (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) ـ ١١ / ١٧ ، ومن هذا القبيل ما يحذف المبتدا وينتقل الفاء الى الخبر ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) ـ ٤١ / ٥١ ، اى فهو ذو دعاء عريض ، (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ـ ٤ / ٩٢ ، اى فكفارته تحرير رقبة.

وقد يحل اذا محل الفاء ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) ـ ٣٠ / ٣٦ ، (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) ـ ٣٠ / ٢٥ ، واذا هذه لا تدخل الا على الجملة الاسمية غير الانشائية ، وهى جوابية غير منونة لا فجائية ، اذ لا يظهر منها معنى الفجاءة فى جميع الموارد كما بينا فى المبحث الثالث من المقصد الثانى ، وقد تجتمع معها الفاء ، نحو قوله تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٢١ / ٩٦ ـ ٩٧ ، اقترب معطوف على فتحت ، وما بينهما جملة حالية ، فاذا هى الخ جواب الشرط.

قال فى شرح التصريح : ويجوز ان تغنى اذا الفجائية عن الفاء ان كانت الاداة ان او اذا ، اقول : انها ليست فجائية ، ولا تختص بان واذا لقوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) ـ ٢٩ / ٦٥ ، (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) ـ ٤٣ / ٤٧ ، (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) ـ ٤ / ٧٧.

ثم جاء الجملة الاسمية مجردة عن الفاء واذا ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) ـ ٤٢ / ٣٧ ، (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) ـ ٤٢ / ٣٩ ، (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) ـ ٧٥ / ٢٦ ـ ٣٠ ، الى ربك الخ جواب اذا بلغت ، وما بينهما

٧٨٠