علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

تنبيه

تخلف التابع عن المتبوع اما بالعطف على المحل او القطع او العطف على التوهم ، فان امكن فيحمل على الاول ، والا فعلى الثانى ، والا فعلى الثالث.

الامر الثامن

يقع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمفرد والجملة.

مثال الاول قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) ـ ٨ / ٤١ ، وقد مر فى الامر الثانى والثالث وجوب الفصل بشئ اذا كان المعطوف عليه ضميرا مرفوعا متصلا ، وباعادة الجار اذا كان مجرورا.

مثال الثانى قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) الخ ـ ٢ / ١٢٠ ، جملة قل ان الخ فصلت بينهما ، وقوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ٢ / ١٢٧ ـ ١٢٩ ، تقبل واجعلنا وارنا وتب علينا وابعث فيهم متعاطفات ، فصلت بينها جمل ، وهذه الجملة الفاصلة معترضة ، ومر ذكرها فى مبحث الجمل ، وامكن ان يقع قليلا غير المعترضة.

الامر التاسع

وقع فى الكلام حذف المعطوف فقط ، ومع العاطف ، والعاطف فقط ، والمعطوف عليه فقط ، وشوهد هذا فى الواو والفاء واو، نذكر منه امثلة.

الاول حذف المعطوف فقط ، نحو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) ـ ٥٩ / ٩ ، اى تبوا وا الدار وحققوا الايمان ، لان

٦٨١

التبوء وهو اخذ المكان بيتا ومنزلا لا يتعلق بالايمان ، وكما فى هذه الابيات.

علّفتها تبنا وماء باردا

١١١٠ حتّى شبت همّالة عيناها

اذا ما الغانيات برزن يوما

١١١١ وزجّجن الحواجب والعيونا

انّى مقسّم ما ملكت فجاعل

١١١٢ قسما لآخرة ودنيا تنفع

وقال ابن هشام فى خامس المغنى باب حذف المعطوف : ويجب ان يتبعه العاطف ، اى لا يحذف المعطوف فقط ، فكانه غفل عن هذه الامثلة او راى ان ليس فيها حذف وهو بعيد.

الثانى حذف المعطوف مع العاطف ، نحو قوله تعالى (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) ـ ١٦ / ٨١ ، اى وسرابيل تقيكم البرد ، ولم يذكر لانه معلوم بطريق اولى ، (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ـ ٢ / ١٩٦ ، اى ان احصرتم واردتم الاحلال ، والتفصيل فى كتاب الحج ، (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) ـ ٢ / ١٩٦ ، اى فحلق فعليه فدية ، (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) ـ ٥٧ / ١٠ ، اى ومن انفق من بعد الفتح وقاتل ، لان الاستواء يستدعى الطرفين ، ولم يذكر لدلالة ذيل الآية عليه ، ومنه قولهم : راكب الناقة طليحتان ، اى راكب الناقة والناقة ، وكما فى هذه الابيات.

فما كان بين الخير لو جاء سالما

١١١٣ ابو حجر الّا ليال قلائل

دعانى اليها القلب انّى لامره

١١١٤ سميع فما ادرى ارشد طلابها

وقال صحابى قد غبنت وخلتنى

١١١٥ غبنت فما ادرى اشكلكم شكلى

الثالث حذف العاطف فقط ، وذلك كثير بين الاخبار المتتالية والنعوت المتتالية ، وقليل فى غيرها ، نحو قوله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) ـ ٦٦ / ٥ ، خلت النعوت عن العاطف الا الاخير للايذان بعدم اجتماع الثيبوبة والبكارة فى امراة واحدة بخلاف النعوت الاخرى معا ومع احديهما ، وسمى بعضهم هذه الواو واو الثمانية ،

٦٨٢

وياتى بيانها فى حرف الواو فى خاتمة الكتاب ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ـ ٨٨ ـ ١ ـ ٥.

وفى الحديث : رحم الله رجلا قال يا اهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل الله يجمعهم معه فى الجنة ، اى رحم الله رجلا قال لاهله : واظبوا صلاتكم وصيامكم الخ ، وفى الحديث ايضا : ليتصدق رجل من ديناره ، من درهمه ، من صاع بره ، من صاع تمره ، ويقدر الواو ان اريد الجمع واو ان اريد التخيير.

ومن كلامهم : اكلت خبزا ، لحما ، تمرا ، فالظاهر ان المقدر الواو ، اعطه دينارا ، دينارين ، ثلاثة ، فالظاهران المقدر او ، قرات القرآن سورة سورة اى سورة فسورة ، ادخلوا الدار واحدا واحدا ، اى واحدا فواحدا ، وما فى هذين البيتين.

كيف اصبحت كيف امسيت ممّا

١١١٦ يغرس الودّ فى فؤاد الكريم

انّ امرا رهطه بالشام منزله

١١١٧ برمل يبرين جار شدّ ما اغتربا

الرابع حذف المعطوف عليه فقط ، نحو قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) ـ ٧ / ١٦٠ ، ومثلها (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) ـ ٢ / ٦٠ ، اى فضرب فانبجست ، فضرب فانفجرت ، وهذه الفاء على المعطوف تسمى فصيحة لانها تفصح عن المحذوف ، وضرب المقدر فى الآيتين عطف على اوحينا وقلنا ، والمحذوف باعتبار ما عطف عليه من قبيل حذف المعطوف مع العاطف ، وباعتبار عطف انبجست وانفجرت عليه من قبيل حذف المعطوف عليه فقط وياتى فى الامر الثالث عشر ما يرتبط بالعطف بالفاء.

ومنه ما يجاب به كقولك : وفى امرك فى جواب من قال لك : بارك الله فى امرك ، اى بارك الله فى امرى وفى امرك ، ولا يجوز ان يكون كلامك معطوفا على كلامه ، اذ يصير المجموع بارك الله فى امرك وفى امرك.

ثم انهم حملوا آيات على حذف المعطوف عليه ، نحو قوله تعالى : (أَوَلا يَذْكُرُ

٦٨٣

الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) ـ ١٩ / ٦٧ ، اى انسى ولا يذكر الخ ، وليس عطفا على يقول الانسان المذكور قبله ، ونظير ذلك كثير عندهم ، وباعثهم على هذا التقدير انكار عطف الانشاء على الخبر وبالعكس ، وقد قلنا فى الامر الخامس انه منع فى قبال الواقع ، ولا ملزم لذلك ، اذ لا يختل معنى الكلام بدونه ، مع ان التقدير خلاف الاصل.

الامر العاشر

لا يتقدم المعطوف على المعطوف عليه الا شذوذا ، ولا يقاس عليه ولا يجوز ذلك لان تقديم التابع على المتبوع ظلم اقربه العاقلون ، وذلك الشاذ قول الشاعر.

الا يا نخلة من ذات عرق

١١١٨ عليك ورحمة الله السّلام

الامر الحادى عشر

يعتبر المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ولو بالعموم والخصوص لان الشئ لا يعطف على نفسه ، ومثال العموم والخصوص قولك : اكرم العلماء والفقهاء ، اعط الفقراء والمساكين ، ومنه قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ـ ٢ / ٢٣٨ ، وذكر الخاص بعد العام لاجل شدة الاهتمام به ، نعم يتعاطف المترادفان لغرض التوكيد ، نحو قوله تعالى : (قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) ـ ١٢ / ٨٦ ، (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) ـ ٢ / ١٥٧ ، (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) ـ ٢٠ / ١٠٧ ، وكقول الشاعر.

وقدّدت الاديم لراهشيه

١١١٩ والفى قولها كذبا ومينا

ومنهم من قال لا ترادف فى اللغة ، فكل ما شوهد من ذلك بينهما فرق من جهة ، والتفصيل فى محله ، وهو كتب فروق اللغة.

٦٨٤

الامر الثانى عشر

يجوز عطف الزمان على المكان وبالعكس خلافا لبعض ، نحو قوله تعالى : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) ـ ٩ / ٢٥ ، (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) ـ ١١ / ٦٠ ، والدنيا مكان المعيشة لا زمانها لقوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) ـ ٨ / ٦٧ ، فان عرضها ظواهرها الزائلة الجالبة للنفوس الجاهلة ، والزمان ليس له عرض هكذا.

الامر الثالث عشر

العطف المتعدد ان كان بالواو فالمعطوف عليه للجميع هو الاول لان الواو لمطلق الجمع ، وان كان بالفاء او ثم فالمعطوف عليه لكل معطوف هو ما قبله لانهما للترتيب ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) ـ ١٧ / ١٦ ، وقول على عليه‌السلام : من نظر فى عيوب الناس فانكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الاحمق بعينه ، وفى غيرها لا جمع ولا ترتيب ، وياتى تفصيل كل منها فى مكانه.

الامر الرابع عشر

للواو خصائص لا تكاد توجد فى غيرها من حروف العطف ، وهى ثمانى عشرة خصيصة.

١ ـ دلالتها على مطلق الجمع ، واحتمال معطوفها مع المعطوف عليه للتقدم والتاخر والمعية من دون تعين احدها والاستدلال بتاخر المعطوف ذكرا على تاخره وقوعا كما يشاهد فى بعض الكلمات خطا ، وان فهم ذلك فمن القرينة كما مر بيانه.

٢ ـ اقترانها باما كقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) ـ ٧٦ / ٣ ، وياتى ذكرها.

٦٨٥

٣ ـ اقترانها بلا كقوله تعالى : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) ـ ٣٤ / ٣٧ ، وياتى ذكرها.

٤ ـ اقترانها بلكن كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٦٣ / ٨ ، وياتى ذكرها.

٥ ـ عطف المفرد السببى على الاجنبى عند الاحتياج الى الرابط ، نحو مررت برجل قائم زيد واخوه ، زيد قائم عمرو وغلامه ، زيدا ضربت عمرا واخاه.

٦ ـ عطف الاعداد بعضها على بعض ، نحو احد وعشرون ، مائة واربعون ، الف ومائة وخمسون ، خمس مائة وستون.

٧ ـ عطف الامور المفصلة بعد ذكرها اجمالا ، نحو جاءنى صباحا رجال : سعد وسعيد ومسعود وساعد وسعاد ومسعاد ومساعد وسعود وسعادة ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) ـ ٢٩ / ٤٠ ، (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) ـ ١٢ / ٣٨ ، وكقول الشاعر.

بكيت وما بكا رجل حزين

١١٢٠ على ربعين مسلوب وبال

ان قلت : ان او تشارك الواو فى ذلك اذا وقع بها القسمة ، قلت : ان المقسم فى القسمة جنس لا جمع نحو الكلمة اسم او فعل او حرف ، والمراد هنا بالمجمل المذكور اولا هو الجمع ، وفى القسمة ايضا يصح الواو كما يصح او ، ولكن الواو باعتبار اجتماع الاقسام فى المقسم لان الكلى شامل لافراده ، واو باعتبار ان كلا من الاقسام قسيم للآخر ومخالف له ، ومنهم من قال : ان الواو المستعملة فى التقسيمات بمعنى او ، وذلك من عدم فهم الاعتبارين ، نبه على ذلك ابن هشام فى اول المغنى فى حرف الواو.

٨ ـ عطف ما حقه التثنية او الجمع اذا فرق افرادا ، كقول الشاعر.

اقمنا بها يوما ويوما وثالثا

١١٢١ ويوما له يوم الترحّل خامس

٦٨٦

وهذا اذا لم يرد الدلالة على الترتيب ، والا فبالفاء او ثم ، نحو اعطيتك دينارا فدينارا فدر همين ، ولو قال : اعطيتك دينارين ودرهمين لم يفهم الترتيب

٩ ـ عطف بين على بين او العطف على مجرور بين ، نحو قوله تعالى : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) ـ ٧ / ٨٩ ، (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) ـ ١٧ / ٤٥ ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) ـ ٨ / ٢٤ ،(نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً) ـ ١٦ / ٦٦.

١٠ ـ عطف ما لا يستغنى عن العطف من فاعلات الافعال التى تقع بين المتعدد كافعال باب التفاعل ، نحو تضارب زيد وعمرو ، وكل مادة يستدعى الطرفين فى سائر الابواب ، نحو اختصم بكر وخالد ، وشرك محمود وحميد.

١١ ـ عطف العام على الخاص كقوله تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ـ ٧١ / ٢٨.

١٢ ـ عطف الخاص على العام كقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) ـ ٣٣ / ٧ ، هولاء اولوا الغرم من الرسل خصوا بالذكر بعد النبيين.

١٣ ـ عطف معمول على معمول حذف عامل الثانى ، نحو اكلت البطيخ والماء فانتفخ بطنى ، اى وشربت الماء ، ومر لذلك امثلة فى الامر التاسع.

١٤ ـ عطف الشئ على مرادفه ، نحو قوله تعالى : (قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) ـ ١٢ / ٨٦ ، وقول الشاعر.

الا حبّذا هند وارض بها هند

١١٢٢ وهند اتى من دونها الناى والبعد

١٥ ـ عطف المقدم على متبوعه للضرورة ، نحو قول الشاعر.

الا يا نخلة من ذات عرق

١١٢٣ عليك ورحمة الله السّلام

١٦ ـ عطف المجرور على التوهم ، وقد مر ذكره.

٦٨٧

١٧ ـ جواز الفصل بينها وبين معطوفها ، نحو قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) ـ ٣٦ / ٩ ، (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) ـ ١١ / ٧١.

١٨ ـ العطف فى اسلوب التحذير والاغراء ، كقول على عليه‌السلام : اياك وفعل القبيح فانه يقبح ذكرك ويكثر وزرك ، اياك ومصاحبة الاحمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك ، وقوله : عليك بلزوم الحلال وحسن البر بالعيال وذكر الله فى كل حال ، ومر البحث فيهما فى المقصد الاول ، هذا ، ولكن بعض المتعاطفات مما ذكرنا يقع بينها غير الواو ، فلا تغفل ، والامر سهل.

الثانى من حروف العطف الفاء

وهى تفيد ثلاثة معان.

الاول الترتيب ، والمراد به ان وقوع المعطوف متاخر عن المعطوف عليه ، نحو قوله تعالى : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) ـ ٥١ / ٢٦ ، (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) ـ ٣٧ / ١٣٩ ـ ١٤٥.

الثانى السببية ، اى سببية المعطوف عليه للمعطوف ، نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) ـ ٢٢ / ٦٣ ،(تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) ـ ١٠٥ / ٤ ـ ٥ ، (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ـ ٥٠ / ٢٢ ، (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) ـ ٢ / ٣٧.

الثالث التعقيب ، وهو وقوع المعطوف بعد المعطوف عليه بلا تراخ ومهلة ، نحو قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) ـ ٢٣ / ١٨ ، ومعنى التعقيب فيما يكون له استمرار ودوام ان يكون نهاية المعطوف عليه متصلا ببداية

٦٨٨

المعطوف ، نحو قوله تعالى : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) ـ ٢٣ / ١٤ ، فان النطفة يتدرج فى الكمال الى ان تنته الى العلقة ، وهكذا ، وقوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ـ ٢١ / ٣ ، فان البشرية مستمرة الى اتيان السحر بزعهم ، وهو المعجزة ، فالتعقيب متحقق بلا ريب فى امثال هذه الامور لكنه بهذا النحو ، فظن من لا رويّة له بالتدقيق ان الفاء فيها بمعنى ثم ، ولكن قد تفارق التعقيب وياتى.

هنا تنبيهات

١ ـ ربما لا يكون بين المعطوف والمعطوف عليه بالفاء ترتيب فى الواقع والوجود ، بل فى الذكر فقط ، لانهما شىء واحد يكون المعطوف بيانا وتفصيلا للمعطوف عليه ، فالترتيب بين المبين والمبين حسب الذكر والمفهوم ، ويقال له الترتيب الذكرى كما يقال للاول الترتيب المعنوى والحقيقى ، نحو قوله تعالى : (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ـ ١١ / ٤٥ ، (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) ـ ٤ / ١٥٣ ، (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) ـ ٢ / ٣٦ ، فان ازلال الشيطان هو اخراجهما ، اذ لم يكن منه الا كلام وقسم غرهما به ، (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) ـ ٧ / ٤ ، وقيل ان هذه الآية من باب القلب ، ومر بيانه فى المبحث العاشر من المقصد الثانى ، ومنه قولهم : توضا فغسل وجهه ويديه ومسح راسه ورجليه.

ثم ان السببية اخص من الترتيب الحقيقى ومستلزمة له لان المسبب مترتب على السبب فى الخارج ، والترتيب لازم التعقيب ، وامكن ان يوجد ترتيب بلا تعقيب ، والترتيب الحقيقى اخص من الذكرى لان كل حقيقى يذكر فى الكلام على الترتيب

٢ ـ ان معنى الترتيب لا يفارق الفاء ، واما السببية فتفارقها كثيرا كما شوهد

٦٨٩

فى الامثلة ، واما التعقيب فيفارقها قليلا ، فلا باس حينئذ ان يقال انها بمعنى ثم ، نحو قولهم : مطرنا بمكان كذا فمكان كذا ، دخلت الكوفة فبغداد فالبصرة لاخذ الحديث ، وكقول الشاعر.

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

١١٢٤ بسقط اللّوى بين الدخول فحومل

٣ ـ ان السببية اما تامة ، فحينئذ لا ينفك عنها التعقيب ، نحو كسرت الكوز فانكسر ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٣٦ / ٨٢ ، واما غير تامة ، فالتاخير قطعى ان لم يكن المعطوف عليه جزءا اخيرا من السبب التام ، نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) ـ ٢٢ / ٦٣ ، فالسببية لا تستلزم التعقيب الا ان تكون تامة.

٤ ـ ان المتعاطفين بالفاء المفيدة للسببية فى حكم الشرط والجزاء ، فلذلك يدخل الفاء كثيرا على جملة الجزاء ، وياتى بيانها فى مبحث ادوات الشرط ، وقيل ان الفاء قد تكون زائدة ، وياتى ذكرها فى الخاتمة.

الثالث من حروف العطف ثمّ

وهى تستعمل فيما كان بين المعطوف عليه والمعطوف ترتيب وتراخ ، والتراخى قد يكون بين آخر المعطوف عليه واول المعطوف ، وهذا هو المتبادر منه ، وقد يكون بين اوله واوله مع اتصال آخره باوله ، والمتعاطفان بالفاء قد يكونان كذلك ، كما ان ثم تشرك الفاء فى الترتيب ايضا ، فالمائز بيهما هو معنى السببية.

مثال الاول قوله تعالى : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) ـ ١٠٢ / ٥ ـ ٨ ، فان الرؤية الاولى فى الدنيا وهى قلبية والثانية فى البرزخ وهى عينية والسؤال فى الآخرة ، (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) ـ ٨٠ / ١٩ ـ ٢٢ ، فان التراخى ظاهر بين المتعاطفات.

٦٩٠

مثال الثانى قوله تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ـ ٣٢ / ٥ ، فان تدبير الامر ينته بعروجه ، فليس بين آخر التدبير واول العروج فصل وتراخ.

هنا تنبيهات

١ ـ جاءت ثم فى آيات ظاهرها خلاف الترتيب ، منها قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ـ ٣٩ / ٦.

والجواب ان ثم على اصلها ، والخلق من نفس واحدة هو خلقة الذر التى كانت قبل خلق حواء ، وقوله : يخلقكم فى بطون الخ هو خلق بنى آدم الذى كان من آدم وحواء ومن بعدهما ، واتى ابن هشام فى المغنى لتوجيه الآية بوجوه خمسة ، هذا الذى قلنا احدها ، وهو الحق.

ومنها قوله تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) ـ ٣٢ / ٧ ، والجواب ان التسوية ونفخ الروح راجعان الى نسله ، لا الى الانسان ، وان شئت فقل ان ثم للترتيب الذكرى او فى الكلام تقديم وتاخير.

٢ ـ جاءت ثم كالفاء فى آيات للترتيب الذكرى ، نحو قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) ـ ٦ / ١٥٣ ، (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ـ ١٠٢ / ٣ ـ ٤ ، (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٨٢ / ١٧ ـ ١٨ ، وكقول الشاعر.

انّ من ساد ثمّ ساد ابوه

١١٢٥ ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه

٣ ـ استعملت ثم مكان الفاء فى هذا البيت لضرورة الوزن.

كهزّ الردينىّ تحت العجاج

١١٢٦ جرى فى الانابيب ثمّ اضطرب

٦٩١

الرابع من حروف العطف حتّى

وهى بمنزلة الواو الا ان حتى العاطفة كالجارة لا تدخل على الضمير ويكون معطوفها جزءا مما قبلها او كجزء منه ، واذا دخلت على الجملة فهى حرف جر او استيناف على خلاف مر فى مبحث حروف الجر ، وان قال احد انها حينئذ عاطفة لم يقل هجرا ، اللهم الا ان لا يستقيم العطف ، فحينئذ حرف استيناف لا حرف جر ولا حرف عطف ، نحو غاب حبيبى حتى قلت انه قلينى ، ومناط الاستيناف فى حتى ان لا يكون ما بعدها غاية لما قبلها ، ومثال العاطفة مفردا على مفرد ما فى هذين البيتين.

قهرناكم حتّى الكماة وانتم

١١٢٧ تهابوننا حتّى بنينا الا صاغرا

جود يمناك فاض فى الخلق حتّى

١١٢٨ بائس دان بالاساءة دينا

ثم ان هذه الاربعة تدل على الجمع اى جمع المعطوف والمعطوف عليه تحت الحكم المذكور فى الكلام مع خصوصية لكل منها ، فالواو لمطلق الجمع ، والفاء للترتيب والسببية والتعقيب مع تخلف فى الاخيرين ، وثم للترتيب والتراخى الا قليلا ، وحتى للجمع والغاية ، وغيرها لا تدل على الجمع وياتى تفصيله.

الخامس من حروف العطف او

وهى موضوعة لثبوت الحكم لاحد المتعاطفين او المتعاطفات ، وقد ينضم اليه معنى آخر حسب وقوعها فى الكلام ، وما تقع فيه اما خبر او طلب وكل منهما اما فى اثبات او نفى ، فهذه اربع صور ، وكل منها اما مع عدم امكان الجمع والخلو او مع امكانهما او امكان الجمع دون الخلو او امكان الخلو دون الجمع ، فهذه ست عشرة صورة ، دونك امثلتها.

الصورة الاولى فى الخبر الاثباتى مع عدم امكان الجمع والخلو ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٣٤ / ٢٤ ، هذا ينحل الى كلامين ،

٦٩٢

اى انا لعلى هدى او اياكم وانا فى ضلال مبين او اياكم ، ولا يمكن اجتماع المؤمن والكافر على هدى او فى ضلال ولا يمكن خلوهما عن هدى او ضلال ، (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) ـ ٤ / ١٣٥ ، (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) ـ ٢ / ٧٤ ، اى قلوبكم بطيئة التاثر او عديمته ، ويمتنع جمعهما ويمتنع خلو القلب القاسى منهما ، (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ـ ٢ / ٢٨٤ ، وكقول الشاعر.

نحن او انتم الالى الفوا ال

١١٢٩ حقّ فبعدا للمبطلين وسحقا

الصورة الثانية فى الخبر الاثباتى مع امكان الجمع والخلو ، نحو قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) ـ ٣٧ / ١٤٧ ، امكن جمع مائة الف وزيادة وامكن الخلو عنهما بان يكون الارسال الى اقل من الف.

الصورة الثالثة فى الخبر الاثباتى مع امكان الجمع دون الخلو ، نحو قوله تعالى : (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) ـ ٢٣ / ١١٣ ، امكن ان يكون اللبث فى يوم وبعض يوم ، وامتنع الخلو عنهما مع فرض اصل اللبث ، ومثلها (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) ـ ١٦ / ٧٧.

الصورة الرابعة فى الخبر الاثباتى مع امكان الخلو دون الجمع ، نحو قوله تعالى : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ـ ٢ / ١٣٥ ، اى قال اليهود كونوا هودا وقال النصارى كونوا نصارى ، فالمجموع فى قبال الاسلام يقولون كونوا هودا او نصارى ، والخلو عن المذهبين ممكن ، والجمع ممتنع لان اليهود تنكر عيسى والنصارى تعتقد به ، (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) ـ ٥١ / ٥٢ ، ان الخلو عنهما ممكن ، والجمع ممتنع لان السحر يحتاج الى عقل.

الصورة الخامسة فى الخبر المنفى مع عدم امكان الجمع والخلو ، نحو قولك : لا شىء من الانسان فى الدنيا ان لا يكون حيا او ميتا.

٦٩٣

الصورة السادسة فى الخبر المنفى مع امكان الجمع والخلو ، نحو قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) ـ ٢ / ٢٣٦ ، امكن اجتماع المس والفرض عند الطلاق وامكن انتفائهما ، وامكن حصول احدهما دون الآخر فالفروض اربعة ، ذكر حكم الاثنين منها فى ذيل الآية ، وحكم الآخرين فى آيات اخرى.

الصورة السابعة فى الخبر المنفى مع امكان الجمع دون الخلو ، نحو قولك : ليس موجود ممكن لا يكون فى الخارج او فى الذهن.

الصورة الثامنة فى الخبر المنفى مع امكان الخلو دون الجمع ، نحو قولك : ليس عندى ما يكون اسود او ابيض.

الصورة التاسعة فى الطلب الاثباتى مع عدم امكان الجمع والخلو ، نحو قولك لصديقك : كن عالما مفيدا او جاهلا مستفيدا فان العلم والجهل لا يجتمعان ولا يرتفعان بالنسبة الى شىء واحد.

الصورة العاشرة فى الطلب الاثباتى مع امكان الجمع والخلو ، نحو قولك : جالس العلماء او الزهاد ، وتعلم النحو او الفقه ، ومنه قوله تعالى : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) ـ ٢٠ / ٤٤.

الصورة الحادية عشرة فى الطلب الاثباتى مع امكان الجمع دون الخلو ، نحو خذلى دابة تمشى على الارض او تطير فى الهواء او تسبح فى الماء.

الصورة الثانية عشرة فى الطلب الاثباتى مع امكان الخلو دون الجمع ، نحو قولك : تزوج هندا او اختها نظرا الى حكم الشرع الصورة الثالثة عشرة فى الطلب النافى مع عدم امكان الجمع والخلو ، نحو قولك : لا تثق اليوم بكافر او مسلم ، ولا تقل قولا صدقا او كذبا ومنه قول على عليه‌السلام : لا تتكلم بالكذب جده او هزله.

الصورة الرابعة عشرة فى الطلب النافى مع امكان الجمع والخلو ، نحو قوله

٦٩٤

تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ـ ٧٦ / ٢٤ ، امكن اجتماع الاثم والكفر وارتفاعهما ، وحصول احدهما دون الآخر فالفروض اربعة ، والنهى عن الاطاعة فى ثلاثة منها معلوم ، واما الامر بالاطاعة عند الخلو عنهما فغير معلوم.

الصورة الخامسة عشرة فى الطلب النافى مع امكان الجمع دون الخلو ، نحو قولك : لا تعاون الفاسق بقليل او كثير مع وقوع التعاون.

الصورة السادسة عشرة فى الطلب النافى مع امكان الخلو دون الجمع ، نحو قولك : لا تسافر فى الحر الشديد او البرد الشديد.

ههنا امور

الامر الاول ان اهل المنطق جعلوا القضايا المنفصلة اقساما ثلاثة : ما نعة الجمع دون الخلو ومانعة الخلو دون الجمع والحقيقية ، وهى مانعة الجمع والخلو ، ولم يجعلوا ما امكن فيه الجمع والخلو من المنفصلة ، اذ لا انفصال فيه ، والمراد بالانفصال هو الامتناع فى الجمع او فى الخلو او فيهما ، فما ليس فيه امتناع الجمع ولا الخلو ليس فيه انفصال.

ثم ان ما امكن فيه الجمع سواءا امكن فيه الخلو ام لا يصح فيه حلول الواو محل او ، ولكن ذلك منوط بارادة المتكلم ، فان اراد الجمع ياتى بالواو ، وان اراد احد الامرين او الامور ياتى باو ، ولخفاء هذه النكتة على فريق منهم ذهبوا الى ان او تاتى بمعنى الواو ، ومثلوا بموارد نذكرها ونتكلم فيها.

١ ـ قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) ـ ٢٤ / ٣١ ، فان مراده تعالى انه لا باس بابداء الزينة لاى من هؤلاء الاصناف فعطفهم باو ، فليس او بمعنى الواو ، وان كان العطف بالواو

٦٩٥

ايضا صحيحا لاشتراك الكل فى الحكم وامكان جمعهم.

٢ ـ (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) ـ ٢٤ / ٦١ ، فالمراد انه لا باس باكل طعام اىّ من هؤلاء المذكورين اذا دخلتم بيته من دون وجوب الاستيذان ما لم يحس عدم رضاه بخلاف غيرهم فانه يشترط العلم برضاه ، ومن ذلك ما فى هذه الابيات.

قالت الا ليتما هذا الحمام لنا

١١٣٠ الى حما متنا او نصفه فقد

فحسّبوه فالفوه كما ذكرت

١١٣١ تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد

وقد زعمت ليلى بانّى فاجر

١١٣٢ لنفسى تقاها او عليها فجورها

وكان سيّان ان لا يسرحوا نعما

١١٣٣ او يسرحوه بها واغبرّت السوح

قوم اذا سمعوا الصريخ رايتهم

١١٣٤ ما بين ملجم مهره او سافع

خلّ الطريق واجتنب ارماما

١١٣٥ انّ بها اكتل او رزاما

خويربين ينقفان الهاما

١١٣٦ لم يدعا لسارح مقاما

وامكن ان يقال ان او فى بعضها لضرورة الوزن كما ان الواو حلت مكان او فى هذا البيت لذلك.

وقالوا نات فاخترلها الصبر والبكا

١١٣٧ فقلت البكا اشفى اذن لغليلى

نعم لا تصح الواو بين شيئين او اشياء اذا كان الواقع احدهما او احدها فى الاخبار ، او كان المطلوب احدهما او احدها فى الطلب ، وان امكن الجمع.

مثال الاخبار : قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) ـ ٣٧ / ١٤٧ ، (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ)ـ ١٦ / ٧٧ ، وكقول الشاعر.

ما ذا ترى فى عيال قد برمت بهم

١١٣٨ لم احص عدّتهم الّا بعدّاد

٦٩٦

كانوا ثمانين او زادوا ثمانية

١١٣٩ لو لا رجاؤك قد قتّلت اولادى

مثال الطلب قوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) ـ ٢ / ١٩٦ ، (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ـ ٥ / ٨٩.

الامر الثانى قالوا كما نقل ابن هشام فى المغنى : ان او تأتى للشك ، نحو (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ـ ٢٣ / ١١٣ ، وللابهام ، نحو (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٣٤ / ٢٤ ، وللتخيير وهى الواقعة بعد الطلب وقبل ما يمتنع فيه الجمع نحو تزوج هندا او اختها ، وللاباحة وهى الواقعة بعد الطلب وقبل ما يجوز فيه الجمع ، نحو جالس العلماء او الزهاد ، واذا دخلت لا الناهية امتنع فعل الجميع نحو (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ـ ٧٦ / ٢٤ ، اذ المعنى لا تطع احدهما فايهما فعله فهو احدهما ، ولو لا النهى لكانت او للتخيير او الاباحة.

اقول : ان او لا تفيد الا الدوران بين امرين او امور ، فان كانت فى الاخبار فمنشا الدوران اما شك المتكلم او ارادته الابهام على السامع ، وان كانت فى الطلب فمنشا الدوران تخيير المخاطب فى متعلق الحكم ، واما كون الحكم وجوبا او حرمة او ندبا او كراهة او اباحة فانما يعلم من القرائن ، نعم ان كان مفاد الكلام نهيا واحدا كما فى الآية فلابد من ترك جميع الاطراف حتى يحصل الامتثال ، وانما قلنا نهيا واحدا لان الدوران ان كان بين النهيين فالتخيير ثابت وياتى بيانه فى الامر الثالث ، وكذا امكان الجمع او الخلو او امتناعه بين اطراف الدوران يعلم من القرائن كما هو ظاهر.

قال ابن هشام فى حرف او : التحقيق ان او موضوعة لاحد الشيئين او الاشياء ، وهو الذى يقوله المتقدمون ، وقد تخرج الى معنى بل والى معنى الواو ، واما بقية المعانى فمستفادة من غيرها.

٦٩٧

اقول : مراده من غيرها اى من القرينة ، واما خروج او الى معنى الواو فقد بينا شانه فى الامر الاول ، واما خروجها الى معنى بل فنوضحه الآن.

الامر الثالث تاتى او بمعنى بل للاضراب فى نحو قولك لابنك مثلا : لا تخالط الجهال او لا تجادلهم ، وقولك لصديقك مثلا ما رايتك امس او ما سامرتك البارحة ، وغير ذلك مما وقعت او بين نهيين مختلفين او نفيين مختلفين.

واما اذا وقعت بين نهيين او نفيين غير مختلفين فهى على معناها الاصلى ، كما تقول : لا تضربنى بالخشبة او لا تضربنى بالسوط ، لمن يضربك بهما ، لا يقم زيد او لا يقم عمرو ، ما قام زيد او ما قام عمرو ، فان النهى والنفى متوجهان الى احد الطرفين ، وعلى هذا لو كان قوله تعالى : (لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ لا تطع منهم كَفُوراً) لكان النهى عن اطاعة احدهما لا بعينه ولا اضراب.

وكذا فى غير النفى والنهى ، نحو قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ،) وقوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ،) وقوله (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ،) وقول الشاعر : كانوا ثمانين او زادوا ثمانية ، فان او فيها على معناها الاصلى ، ومن ذهب الى انها بمعنى بل فقد اخطا ، لان المراد ان الواقع احدهما.

واما قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ـ ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، على قراءة او كلما بسكون الواو فهو من هذا الباب واو بمعنى بل ، لانها وقعت بين نفيين مختلفين اذ نبذ العهد بمعنى عدم العمل به ، والكفر عدم الايمان ، وهذا الذى بيناه هو التحقيق فى هذا المقام.

الامر الرابع يصح التقسيم بالواو وباو ، فالواو باعتبار اجتماع الاقسام تحت المقسم ، واو باعتبار عدم اجتماع كل قسم مع آخر وكونه قسيما له ، فمعنى قولك : الكلمة اسم وفعل وحرف ان هذه الثلاثة مندرجة تحت الكلمة ، ومعنى قولك : الكلمة اسم او فعل او حرف ان كل كلمة احد هذه الثلاثة ، فلا يكون التقسيم من معانى او

٦٩٨

كما ذكروا ، بل هى على اصلها ، وعبر بعضهم فى مبحث او عن التقسيم بالتفريق وبعضهم بالتفصيل ، وكل ذلك معنى واحد ولا يحل اختلاف التعبير عقدة ، على ان او اينما وقعت لا تخلو عن تفصيل.

الامر الخامس اذا وقع بعد او مضارع جاز رفعه فيكون عطفا على الجملة التى قبلها ، وجاز نصبه بان المقدرة فيؤول الى مصدر معطوف على مصدر مسبوك مما قبل او بالتناسب ، نحو لالزمنك او تقضينى حقى ، اى يكون الزام منى لك او قضاء منك لحقى ، ولا بد من احد الامرين ، ونحو لا قتلنه او يسلم ، اى يكون منى قتله او يكون منه اسلامه ، ولا بد من احد الامرين.

ثم ان ما قبل او اما يمكن استمراره الى ان يقع المعطوف كالمثال الاول وكقول الشاعر.

لاستسهلنّ الصعب او ادرك المنى

١١٤٠ فما انقادت الآمال الّا لصابر

او لا يمكن كالمثال الثانى وكقول الشاعر.

وكنت اذا غمزت قناة قوم

١١٤١ كسرت كعوبها او تستقيما

فلذلك قال بعضهم : ان او فى نحو الاول بمعنى الى وفى نحو الثانى بمعنى الا ، وهذا خطا ، واو على معناها ، ومعنى الى والا يستفاد من استمرار الفعل الى وقوع المعطوف وعدم استمراره.

السادس من حروف العطف امّا

وهى كاو تفيد دوران الحكم بين الامرين او الامور وتعطف المفرد والجملة ، وتمتاز عنها بذكرها مع الواو ، وبذكرها قبل المعطوف عليه ايضا فتؤذن من اول الامر ان الكلام مبنى على الترديد ، وبكونها فى الاكثر لتفصيل المذكور قبلها ، وان وقع بعدها مضارع فالاكثر كونها مع ان الناصبة.

مثال عطف المفرد قوله : تعالى : إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ـ

٦٩٩

٧٦ / ٣ ، والمنصوب حال ، (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) ـ ١٩ / ٧٥ ، والمنصوب عطف بيان لما يوعدون مثال عطف الجملة قوله تعالى :(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) ـ ٩ / ١٠٦.

مثال المضارع مع ان قوله تعالى : (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) ـ ١٨ / ٨٦ ، وما بعد اما خبر لمبتدا محذوف ، والتقدير : عملك بهم اما عذابهم واما اتخاذ الحسن فيهم.

هنا امور

الاول : الحق ان العاطف هو الواو ، واما يؤتى بها مكررة لافادة الترديد والتفصيل ، وهى بسيطة ، والقول بتركيبها من ان وما خرص وخيال.

الثانى : قد تحذف اما الثانية ويؤتى مكانها بشرط فيفيد فائدتها ، نحو قولك : اما ان تتكلم بخير والا فاسكت ، اى وان لا تتكلم بخير فاسكت ، وكقول الشاعر.

فامّا ان تكون اخى بصدق

١١٤٢ فاعرف منك غثّى من سمينى

والّا فاطّرحنى واتّخذنى

١١٤٣ عدوّا اتّقيك وتتّقينى

الثالث : فى هذه الابيات ضرورة فى اتيان اما.

يا ليتما امّنا شالت نعامتها

١١٤٤ ايما الى جنّة ايما الى نار

سقته الرواعد من صيّف

١١٤٥ وان من خريف فلن يعدما

تلمّ بدار قد تقادم عهدها

١١٤٦ وامّا باموات المّ خيالها

الرابع : ليست با ما التى فى قوله تعالى : (إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) ـ ٧ / ١٩٩ ، وقوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) ـ ١٩ / ٢٦ ، بل هى ان الشرطية وما الزائدة ، ومن هذا القبيل قولهم : افعل هذا اما لا ، اى افعل هذا ان لا تفعل غيره.

٧٠٠