علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

وكلّ رفيقى كلّ رحل وان هما

١٠٣٩ تعاطى القنا قوما هما اخوان

وكلّ مصيبات الزمان وجدتها

١٠٤٠ سوى فرقة الاحباب هيّنة الخطب

ويجوز الاتيان بضمير الجمع مع كون المضاف اليه مفردا باعتبار معنى الكل ، نحو قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ،) ـ ٢٢ / ٢٧ ، اى ياتوك رجالا وركبانا على كل ضامر ، والضامر المهزول من الحيوان ، ارجع الى كل ضمير ياتين مع ان ضامر مفرد.

وقال ابن هشام فى المغنى ليس الضامر مفردا فى المعنى لانه قسيم الجمع وهو رجالا بل هو اسم جمع كالجامل والباقر او صفة لجمع محذوف اى كل نوع ضامر ، ونظيره ولا تكونوا اول كافر به فان كافر نعت لمحذوف مفرد لفظا مجموع معنى اى اول فريق كافر ولو لا ذلك لم يقل كافر بالافراد.

اقول : اخطا ابن هشام فى قوله : لانه قسيم الجمع وهو رجالا ، لان قسيم رجالا هو ركبانا المقدر الذى هو متعلق الجار ، وياتين صفة لكل ضامر ، وقوله : بل هو اسم جمع كالجامل والباقر لم ارله ذكرا فى كتب اللغة التى شاهدتها ، والجامل قطيع من الجمل والباقر قطيع من البقر ، وقوله : او صفة لجمع محذوف اى كل نوع ضامر غلط لان النوع كالجنس مفرد وليس بجمع لا لفظا ولا معنى ، بل هو معنى واحد ذو افراد كسائر اسماء الاجناس كالانسان والضاحك ، ونسبة هذا المعنى الى ارادته تعالى من كلامه جراة ممن لا يتقى ، ثم من ذلك ما فى هذه الابيات.

اخوتى لا تبعدوا ابدا

١٠٤١ وبلى والله قد بعدوا

كلّ ما حىّ وان امروا

١٠٤٢ وارد الحوض الّذى وردوا

جادت عليه كلّ عين ثرّة

١٠٤٣ فتركن كلّ حديقة كالدّرهم

....................

١٠٤٤ من كلّ كوماء كثيرات الوبر

وان اضيف الى المعرفة يرجع الضمير اليه مفردا مذكرا ان عاد اليه من خبره ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) ـ ١٧ / ٣٦ ، كُلُ

٦٤١

(ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) ـ ١٧ / ٣٨ ، وفى الحديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، ورعية الرجل اهل بيته ومن له ولاية عليه ، وان عاد اليه من غير خبره جاز الوجهان كما فى قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) ـ ١٩ / ٩٣ ـ ٩٥ ، والظاهران جملة لقد احصاهم وعدهم عدا معترضة بين المتعاطفتين لا خبر ثان عن كل ، وضمير هم يرجع الى كل لا الى من كما ظن ابن هشام لان مراده تعالى انه احصى كل من فى السماوات والارض فوجب ارجاعه اليه ، وان قطع عن الاضافة فينظر ما يقدر من المضاف اليه ، ويرجع الضمير اليه بحسبه سواء اكان الضمير فى خبره ام فى غيره ، نحو قوله تعالى : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) ـ ٢٤ / ٤١ ، اى كل طائر ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ٣٥ / ١٣ ، اى كل واحد منهما ، (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) ـ ٦ / ١٣٢ ، اى لكل فريق من الجن والانس ، (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) ـ ٢١ / ٩٣ ، اى كلهم ، هذا فى الاكثر.

ويجوز ضمير الجمع للمفرد المقدر كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ـ ٢١ / ٣٣ ، اى كل واحد من الشمس والقمر ، ونظيره فى سورة يس ، وبالعكس كقوله تعالى : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) ـ ٣٨ / ١٤ ، اى كل قوم من الاقوام المذكورين فى الآية ، وابن هشام انكر هذا الجواز رادا على ابى حيان ، ولعله غفل عن هذه الآيات.

الثامنة : ان لفظة كل فى نحو قوله تعالى : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) ـ ٢ / ٢٥ ، وقوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) ـ ٣ / ٣٧ ، وقوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) ـ ٧ / ٣٧ ، شرطية ظرفية ، ولم يجئ فى كتاب الله الا مع الماضى ، واكتسبت معنى الشرط والظرف من المضاف اليه ، لان ما ياتى للشرط الزمانى نحو قوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) ـ ٩ / ٧ ، وكقول الشاعر :

٦٤٢

فما تك يا بن عبد الله فينا

١٠٤٥ فلا ظلما نخاف ولا افتقارا

التاسعة : لم يستعمل كل وبعض فى العربية مع ال لانهما من الاسماء التى تلزمها الاضافة ، والاضافة لا تجتمع مع ال وان كان المضاف اليه مقدرا ، وما شوهد فى تاليفات بعض العلماء خارج عن العربية ، ولكن لا باس باستعمالهما كذلك وان كان حادثا ، وليكن كالحادثات التى لم تكن فى العرب العرباء ، مع انه لا يفسد الاسلوب العربى ويشاهد كثيرا فى التاليفات قديما وحديثا.

العاشرة : قال ابن الاثير فى النهاية : فى حديث عثمان انه دخل عليه فقيل له : ابامرك هذا؟ فقال : كل ذاك ، اى بعض عن امرى وبعضه بغير امرى ، فان موضوع كل الاحاطة بالجميع ، وقد تستعمل فى معنى البعض ، وعليه حمل قول عثمان ومثله قول الراجر :

قالت له وقولها مرعىّ

١٠٤٦ انّ الشواء خيره الطرىّ

وكلّ ذاك يفعل الوصىّ

اى قد يفعل وقد لا يفعل ، انته كلام ابن الاثير ، وقال الزبيدى فى تاج العروس : وقد جاء استعمال كل بمعنى بعض ، ثم ذكر ما ذكره ابن الاثير ، ثم قال : قال شيخنا : وجعلوا منه ايضا قوله تعالى : (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) ـ ١٦ / ٦٩ ، وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ـ ٢٧ / ٢٣ ، قال : وقد اورد بعض ذلك الفيومى فى مصباحه ، واشار اليه ابن السيد فى الانصاف انته كلام الزبيدى.

اقول : الظاهر ان جواب عثمان استفهام انكارى ، اى اكل ذاك بامرى ، وانكار كل اقرار ببعض ، واما البيت والآيتان ومنه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) ـ ٢٦ / ٢٢٥ ، ونظائرها على كثرتها فمعنى كل فيها محدود بما اراده المتكلم من المضاف اليه ، فمرادهم انه استعمل فى بعض افراد المضاف اليه مجازا ، لانه بحسب الوضع وضع لاحاطة جميع الافراد ، ونظير هذا المجاز كثير فى الالفاظ التى تفيد الاحاطة و

٦٤٣

العموم.

الحادية عشرة : ان لفظ كل اذا وقع فى حيز النفى كان النفى موجها الى الشمول والعموم ، ونفى العموم يدل بالمفهوم على اثبات البعض ، والمراد بالوقوع فى حيز النفى دخول النفى على الجملة وان تقدم بعض ما يتعلق بها على النفى ، نحو قوله تعالى : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) ـ ٤ / ١٢٩ ، (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) ـ ١٧ / ٢٩ ، اى لا باس ببعض الميل وبعض البسط ، وقولك : لم اخذ كل الدراهم او كل الدراهم لم آخذ ، وما فى هذا البيت.

ما كلّ ما يتمّنى المرء يدركه

١٠٤٧ تجرى الرياح بما لا تشته السفن

واما قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) ـ ١٩ / ٩٣ ، فالنفى منتقض بالا والكلام مثبت فى المعنى ، واما قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) ـ ٢ / ٢٧٦ ، (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) ـ ٧ / ٨٦ ، فبقاء العموم فيه بدليل خارج.

واذا وقع النفى فى حيز كل فالعموم باق والحكم المنفى ثابت لكل فرد ، كما تقول : كل من على الارض لا يبقى ، وقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل ذلك لم يكن ، لما قال له ذو اليدين : انسيت ام قصرت الصلاة ، وقول الشاعر.

قد اصبحت امّ الخيار تدّعى

١٠٤٨ علىّ ذنبا كلّه لم اصنع

وتفصيل هذه المساله فى علم المعانى.

٢ ـ اجمع

وهو من صيغ الصفة المشبهة ، ومؤنثه جمعاء ، وجمعه المؤنث جمع ، ومذكره اجمعون ، ولا مثنى له استغناء عنه بكلا وكلتا ، نحو قولك : اخذت حقى اجمع واخربت دارى جمعاء ورايت النسوة جمع ، ونحو قوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) ـ ٢٦ / ٩٤ ـ ٩٥ ، (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) ـ

٦٤٤

٦ / ١٤٩ ، وقد يجاء به بعد كل لزيادة التوكيد ، نحو قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) ـ ١٥ / ٣٠ ، وليس فى القرآن منه غير هذه الصيغة ، ورابطه الى متبوعه ضمير مستتر فيه ، ويستعمل مفرده مكان الجمع مضافا الى ضمير المتبوع مع الباء ، نحو جاء القوم باجمعهم.

قال ابن هشام فى النوع الخامس عشر من الجهة السادسة من خامس المغنى : اجمع وما يتصرف منه فى باب التوكيد يجب تجريده من ضمير المؤكد ، واما قولهم : جاء القوم باجمعهم فهو بضم الميم لا بفتحها ، وهو جمع لقولك جمع على حد قولهم : فلس وافلس ، والمعنى جاؤوا بجماعتهم ، ولو كان توكيدا لكانت الباء فيه زائدة مثلها فى قوله :

هذا وجدّكم الصّغار بعينه

١٠٤٩ لا امّ لى ان كان ذاك ولا اب

فكان يصح اسقاطها ، انته ما ذكر ابن هشام ، ولكن فى الصحاح كما نقل الزبيدى : يقال جاؤوا باجمعهم وتضم الميم كاكلب جمع كلب ، اى كلهم ، قال ابن برى : وشاهد الاخير قول ابى دهبل ، وهذا الكلام ظاهر فى جواز الوجهين.

فليت كوانينا من اهلى واهلها

١٠٥٠ باجمعهم فى لجّة البحر لجّجوا

ثم ان هذه الصيغ لا تكون الا توكيدا تابعا لما قبلها ، ولا يخبر عنها وبها ولا تكون فاعلات ولا مفعولات بخلاف كل ، نعم يجوز ان تنصب على الحالية ، وبالوجهين روى الحديث : فصلوا جلوسا اجمعين واجمعون ، وان شوهد فى غير التوكيد فهو اسم تفضيل كقول على عليه‌السلام فى كتابه الى مالك الاشتر : وليكن احب الامور اليك اوسطها فى الحق واعمها فى العدل واجمعها لرضا الرعية.

ثم : ان هذه الصيغ لها اتباع وروادف ، وهى اكتع وابصع وابتع وما يتصرف منها من المؤنث والجمع ، وهى كلها لزيادة التاكيد وان كانت لموادها معان اخرى ، جاء فى الحديث : لتدخلن الجنة اجمعون اكتعون الامن شرد على الله ، اى استعصى على الله وذهب على وجهه ، ولا تستعمل فى التاكيد الا بعد اجمع وكذا فروعه ، الا قليلا كما فى هذا البيت.

٦٤٥

يا ليتنى كنت صبيّا مرضعا

١٠٥١ تحملنى الذلفاء حولا اكتعا

٣ ـ جميع

وهو صفة مشبهة بمعنى كل يستعمل للمذكر والمؤنث والمفرد وفرعيه على السواء كقليل وكثير وغيرهما مما هو على هذا الوزن من الصفة المشبهة ، وجاء فى القرآن حالا لا تابعا كقوله تعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) ـ ٢ / ١٤٨ ، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) ـ ٣ / ١٠٣ ،(إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) ـ ٤ / ١٤٠.

ومثاله للتوكيد : جاء القوم جميعهم واكلت القرصة جميعها واديت دينى جميعه ، وهذا ككل يضاف الى ضمير المتبوع وان كان صالحا لاستتار الضمير فيه ، ويستعمل فى غير التاكيد والحال كقوله تعالى : (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) ـ ٢٦ / ٥٦ ، وقول على عليه‌السلام : واطع الله فى جميع امورك ، وقوله : او صيكما وجميع ولدى ومن بلغه كتابى ، وقوله فى وصف الاموات : جميع وهم آحاد وجيرة وهم ابعاد ، وفى وصفهم فى خطبة اخرى : وانما كانوا جميعا فتشتتوا والّافا فافترقوا فكلهم وحيد وهم جميع ، اى كانوا مجتمعين فى الدنيا فتفرقوا فى البرزخ فاستقر كل منهم وحيدا فى مقامه من الجنة او النار مع ان ابدانهم مجتمعة فى المقاير.

٤ ـ كافّة

وهى بمعنى جميع كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) ـ ٢ / ٢٠٨ ، وجاءت فى القرآن حالا لا غيرها ، وهى حاملة للضمير الذى يرجع الى جماعة فى المعنى ، وخففت فاؤه ضرورة فى هذا البيت.

فسرنا اليهم كافة فى رحالهم

١٠٥٢ جميعا علينا البيض لا نتخشّع

والمشهور انها لا تضاف ولا يدخل عليها ال ولا تخرج عن الحالية وتختص بمن

٦٤٦

يعقل ، ولذا لم يذكروها فى الفاظ التاكيد.

٥ ـ عامّة

وهى ككافة ، الا انها تضاف وتدخل عليها ال وتخرج عن الحالية كقول على عليه‌السلام : واحذر كل عمل يرضاه صاحبه لنفسه ويكره لعامة المسلمين ، اى لجميعهم ، وقوله : بادروا امر العامة وخاصة احدكم وهو الموت ، اى بادروا امرا راجعا الى جميع المسلمين وامرا يختص بكل واحد منكم وهو الموت فان كل احد له امور خاصة من الصالحات فى تهيئته للموت كيلا ياخذه على غفلة ولا يكون منه على اهبة ككثير من الناس المشغولين باهواء الدنيا ، ومثال التوكيد : قدم الحاج كافتهم ودخل العسكر البلد عامتهم ، ونظيرهما قاطبة وقطيب ، نحو جاء القوم بقطيبهم ، وجاؤوا قاطبة اى جميعا ، وفى الحديث عن عائشة : لما قبض سيدنا رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلم ارتدت العرب قاطبة ، وهذا نظير ما روى الشيعة عن الصادق عليه‌السلام : ارتد الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا ثلاثة ، وقال سيبويه لا يستعمل الا حالا.

٦ ـ كلا وكلتا

وهما مفردان لفظا ومثنيان معنى وتلزمهما الاضافة الى المثنى المعرفة ابدا وان كان حسب اراده المتكلم ، ويضافان الى الضمير فيكونان مؤكدين وغير مؤكدين ، والى الظاهر فيكونان غير مؤكدين لانهما فى فرض التاكيد لا بد ان يضافا الى ضمير المتبوع ، ولا يقطعان عن الاضافة ، ومر ذكر منهما فى المبحث الاول.

مثال اضافتهما الى الضمير مؤكدين ، نحو قدم من السفر ابى واخى كلاهما فبشرت بذلك امى واختى كلتيهما ، وما فى هذين البيتين.

كونوا كمن واسى اخاه بنفسه

١٠٥٣ نعيش جميعا او نموت كلانا

انّ المنيّة والحتوف كلاهما

١٠٥٤ يوفى المخارم يرقبان سوادى

٦٤٧

ومثال اضافتهما الى الضمير غير مؤكدين قوله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) ـ ١٧ / ٢٣ ، وما فى هذه الابيات.

لا تحسبنّ الموت موت البلى

١٠٥٥ وانّما الموت سؤال الرجال

كلاهما موت ولكنّ ذا

١٠٥٦ افظع من ذاك لذلّ السؤال

كلاهما حين جدّ السير بينهما

١٠٥٧ قد اقلعا وكلا انفيهما راب

كلانا غنىّ عن اخيه حياته

١٠٥٨ ونحن اذا متنا اشدّ تغانيا

ومثال اضافتهما الى الظاهر غير مؤكدين قوله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) ـ ١٨ / ٣٣ ، وما فى هذين البيتين.

كلا اخى وخليلى واجدى عضدا

١٠٥٩ فى النائبات والمام الملمّات

انّ للخير وللشرّ مدى

١٠٦٠ وكلا ذلك وجه وقبل

٧ ـ قضّ وقضيض

قال الزبيدى فى تاج العروس : يقال جاؤوا قضهم بفتح الضاد وبضمها وفتح القاف وكسرها بقضيضهم اى باجمعهم كما فى الصحاح ، ونحو ما فى البيتين.

اتتنى سليم قضّها بقضيضها

١٠٦١ تمسّح حولى بالبقيع سبالها

وجاءت جحاش قضّها بقضيضها

١٠٦٢ باكثر ما كانوا عديدا واوكعوا

٨ ـ جمّ وغفير

جم صفة مشبهة بمعنى الكثير المجتمع ، نحو قوله تعالى : (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) ـ ٨٩ / ٢٠ ، وقول على عليه‌السلام : ان ههنا لعلما جما ، والغفير ايضا صفة مشبهة بمعنى الكثير الذى يغطى غيره لكثرته ، وجاء فى الحديث عن ابى ذر : قلت : يا رسول الله كم الرسل؟ قال : ثلاثمائة وخمسة عشر جم الغفير ، وجاء القوم جما غفيرا وجماء غفيرا وجم الغفير وجماء الغفير والجماء الغفير وجماء الغفيرة ، اى جاؤوا جميعا لم يتخلف

٦٤٨

منهم احد وكانت فيهم كثرة ، وهذه كلها تنصب على الحالية ولم يسمع اعرابه على التابعية.

٩ ـ اسماء العدد

كقوله تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) ـ ١٦ / ٥١ ، فان الاهين نص فى المثنى فاثنين تاكيد ، وهذا نظير التاكيد بالواحدة فى قوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) ـ ٦٩ / ١٣ ، فان الوحدة تعلم من نفخة فواحدة تاكيد ، ونحو قولك : رايت اخوتى ثلاثتهم ان كان لك ثلاثة اخوة ، وقال بعضهم : ان العدد فى امثال هذا وصف لزيادة البيان والتوضيح ، وظاهر الزمخشرى فى الكشاف فى تفسير الاهين اثنين ونفحة واحدة انه تاكيد ، وقد اورد هذا البحث التفتازانى فى باب المسند اليه من كتابه المطول مستقصى.

١٠ ـ نفس وعين

يوكد بهما لدفع توهم السهو والمجاز كقولك : رايت اباك نفسه او عينه لمن توهم انك رايت مثله او ما يتعلق به من كتابه او داره او ابنه او غير ذلك وتجورت وقلت : رايت اباك ، او توهم انك رايت غيره وسهوت وتخيلت انه ابوه ولم يكن اباه.

وكثيرا ما يدخل عليها الباء لزيادة التوكيد كقول على عليه‌السلام فى ذم الاختلاف فى الفتوى : ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ، وفى ذم المذنب المعير لغيره : ومن نظر فى عيوب الناس فانكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الاحمق بعينه ، فان لم يكن ركب ذلك الذنب بعينه فقد عصى الله فيما سواه ، ولا يخرج بدخول الباء عن التابعية لانها زائدة واللفظ معرب محلا باعراب المتبوع.

ويجب مطابقتهما لمتبوعهما فى الافراد والجمع ، تقول : جاء زيد نفسه وجاء القوم انفسهم ، واما فى التثنية فالاحسن جمعهما او افرادهما ، تقول : جاء الزيدان او

٦٤٩

جاءت الهندان انفسهما او نفسهما ، ونفساهما شاذ غير فصيح ، واما الضمير المضاف اليه فيجب فيه المطابقة مطلقا ، ولا يجمع فى استعمالهما للتوكيد الا بصيغة الاعين والانفس.

واذا اكد الضمير المرفوع المتصل بارزا كان او مستترا باحدهما فبعد توكيده بالضمير المنفصل ، نحو زيد قام هو نفسه او عينه ، وانكم قمتم انتم انفسكم او اعينكم ، واذا اجتمعتا فى كلام واحد فذكر النفس مقدم على العين ، نحو رايت زيدا نفسه عينه.

وقد يدخل عليهما العامل من دون متبوع لقصد التاكيد ايضا ، نحو قولك : قد افادنى المعارف نفس الشيخ ، وانى سمعت منه عين كلامه ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) ـ ٤ / ٧٩ ، ولم يقل فمنك ، (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) ـ ١٧ / ١٤ ، ولم يقل بك ، وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ـ ٢ / ٢٧٢ ، ولم يقل فلكم مع ان الكلام صحيح بدون ذكر النفس ، ولكنه خال من التاكيد.

تنبيه

لا تؤكد النكرة بالتوكيد المعنوى لعدم الفائدة فى الاغلب ، فلا يقال : شاهدت حية نفسها ، واما مع الفائدة فلا باس به ، نحو صمت شهرا كله ، اشتريت عبدا كله ، رايت جنيا نفسه وتكلمت معه ، وغير ذلك من الامثلة ، وهى كثيرة.

النوع الثالث من التوابع البدل

وهو التابع المقصود بالحكم اصالة وذكر المتبوع توطئة له ، ولا يخلو ذلك من توكيد ودفع توهم السهو والتجوز ، وهو اربعة اقسام : بدل الكل من الكل وبدل البعض من الكل وبدل الاشتمال والبدل المباين.

القسم الاول

بدل الكل من الكل ويسمى بدلا مطابقا ايضا ، وهو ما يتحد مع المتبوع بالحقيقة

٦٥٠

ويخالفه فى القيود او المفهوم.

مثال الاول قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) ـ ١٠٦ / ١ ـ ٢ ، (وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) ٧٦ / ١٥ ـ ١٦ ، (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) ـ ٩٦ / ١٥ ـ ١٦.

مثال الثانى قوله تعالى : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ـ ٧٥ / ٣٩ ، إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَأَعْناباً ـ ٧٨ / ٣١ ـ ٣٢ ، (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ـ ١٤ / ١ ـ ٢ ، (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ـ ٦ / ١٦١ ، ملة ابراهيم بدل عن دينا قيما ، ودينا منصوب بهدانى المقدر بدليل المذكور اولا ، وليس بدلا عن صراط مستقيم لاختلافهما فى الاعراب ،(نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) ـ ٢ / ١٣٣ ، (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ) ـ ٧٣ / ٢ ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) ـ ٨٥ / ١٧ ـ ١٨.

ومن هذا القسم ما يسمى بدل التفصيل ، نحو قول على عليه‌السلام : وليس للعاقل ان يكون شاخصا الا فى ثلاث مرمة لمعاش او خطوة فى معاد او لذة فى غير محرم ، وقوله عليه‌السلام : قوام الدين والدنيا باربعة عالم مستعمل علمه وجاهل لا يستنكف ان يتعلم وغنى لا يبخل بمعروفه وفقير لا يبيع آخرته بدنياه ، فاذا ضيع العالم علمه استنكف الجاهل ان يتعلم واذا بخل الغنى بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه ، وكقول الشاعر.

وكنت كذى رجلين رجل صحيحة

١٠٦٣ ورجل رمى فيها الزمان فشلّت

ومن هذا التفصيل ما يصدر بالفاء العاطفة كقول على عليه‌السلام : الناس ثلاثة فعالم ربانى ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيؤوا بنور العلم ولم يلجأوا الى ركن وثيق ، وليس هذا من باب البدل ، بل ما بعد الفاء خبر لمبتدا محذوف ، اى فهم عالم ربانى الخ ، والفاء للعطف التفصيلى ، واعلم ان كثيرا من موارد هذا القسم يصلح ان يكون عطف بيان ، فلذا ترى فى التفسير وغيره حكمهم على تابع واحد بانه بدل او عطف بيان ، وسياتى ذكر الفروق بينهما.

٦٥١

القسم الثانى

بدل البعض من الكل ، وهو ما يكون بعض افراد المتبوع او بعض اجزائه.

مثال الاول قوله تعالى. (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ـ ٣ / ٩٧ ، ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ـ ٥ / ٧١.

مثال الثانى نحو اشتريت العبد ثلثه وضربت زيدا راسه ، ومن هذا القسم ما يكون التابع لفظ بعض نفسه ، نحو قوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ـ ٩ / ٧١ ، (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) ـ ٩ / ٦٧ ، (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ـ ٣٣ / ٦ ، (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) ـ ٨ / ٣٧ ، ومن بدل البعض من الكل ما ذكر فى مبحث الاستثناء فى المقصد الثالث.

القسم الثالث

بدل الاشتمال ، وهو ما يكون مع المتبوع بان يشتمل احدهما على الآخر ولا يكون جزءا منه.

مثال الاول اى اشتمال المتبوع على التابع قوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) ـ ١٥ / ٤ ، (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) ـ ٢ / ٢١٧ ، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) ـ ٢ / ١١٤ ،.

مثال الثانى اى اشتمال التابع على المتبوع قوله تعالى : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) ـ ٣٨ / ٥٠ ، فان جنات مشتملة على حسن مآب ، ومثلها (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَأَعْناباً) ـ ٧٨ / ٣١ ـ ٣٢ ، ان كان مفازا مصدرا ميميا ، وان كان اسم مكان فحدائق بدل الكل من الكل كما مر ، (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) ـ ٤٣ / ٣٣ ، لبيوتهم بدل عن لمن يكفر.

٦٥٢

القسم الرابع

البدل المباين ، وهو ما يخالف متبوعه فى قصد المتكلم ، فان اتى بالمتبوع ناسيا للبدل سمى بدل النسيان ، وان اتى به لسبق لسانه سمى بدل الغلط ، كما تقول جئتك يوم السبت يوم الاحد ، فانك اما قلت يوم السبت لنسيانك ان مجيئك كان يوم الاحد ، واما قلته لسبق لسانك ، وله قسم ثالث يسمى بدل الاضراب والبداء ، وهو ان تاتى بالمبدل عنه ثم بدالك فيه فتاتى بشئ آخر ، نحو حبيبى قمر شمس ، ساعظيك دينارا دينارين ، وهذا اذا انتقل قصدك من الاول الى الثانى بلا نسيان ولا سبق لسان.

قالوا : الثالث يقع فى الكلام الفصيح دون الاولين ، وفيه نظر لان النسيان وسبق اللسان لا ينافيان الفصاحة ، اللهم الا ان ارادوا انهما لا يقعان فى كلام الله تعالى وكلام صاحب العصمة.

وههنا امور

الامر الاول

التزموا فى بدل البعض والاشتمال وجود ضمير راجع الى المبدل منه مطابق له اما مذكورا واما مقدرا ، ففى قوله تعالى : من استطاع اليه سبيلا قدروا منهم ، وفى هذا البيت.

لقد كان فى حول ثواء ثويته

١٠٦٤ تقضّى لبانات ويسام سائم

قدروا ثويته فيه ، وهذا بدل اشتمال ، وسره ان بدل الكل نفس المبدل منه فلا يحتاج الى الرابط كما ان الجملة ان كانت نفس المبتدا لا تحتاج اليه ، نحو (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) ـ ١٠١ / ١ ، والبدل المباين ينافى الربط واما الجزء والمشتمل فلابد ان يربطا

٦٥٣

الى متبوعهما بشئ ، ويمكن ان يكون الرابط ال كما فى النار ذات الوقود ، فان ال قد تفيد فائدة الضمير كما فى قوله تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) ـ ٧٩ / ٤٠ / ٤١ ، اى هى ماواه ، ويمكن ان يكون التقدير هى الماوى له.

الامر الثانى

قد ذكرت بدل التفصيل وانه من قسم بدل الكل من الكل ، ومن امثلته قوله تعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) ـ ٤ / ٩٥ ، (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا ـ) ٥ / ١١٤ ، وكقول الشاعر.

اداوى جحود القلب بالبرّ والتقى

١٠٦٥ ولا يستوى القلبان قاس وراحم

ومنه ما وقع فى التقسيمات ، نحو الكلمة ثلاثة اسم وفعل وحرف ، الحيوان نوعان ناطق وغير ناطق.

ومنه ايضا ما يقع فى الاستفهام والشرط ، نحو من رايت ازيدا ام عمرا ، وكم كتبك االف ام الفان ، ما قرات من القرآن اسورة البقرة ام آل عمران ، متى تسافر اغدا ام بعد غد ، ونحو من جاءنى ان وليى وان عدوى اعطيته ، وليس من بدل التفصيل هذا البيت كما توهم.

انّ السيوف غدوّها ورواحها

١٠٦٦ تركت هوازن مثل قرن الاعضب

ثم ان هذا البدل من قسم بدل الكل من الكل لان مجموع المفصلات عين المبدل منه ولا يحتاج الى الرابط ، والقول بانه بدل البعض من الكل لان اول المفصلات بدل وغيره معطوف عليه يناقض القول بوجوب الرابط فى بدل البعض من الكل مطلقا اذ ليس فيه رابط ، والاصح ما قلنا.

٦٥٤

الامر الثالث

زاد بعضهم على الاقسام الاربعة قسما خامسا سماه بدل الكل من البعض ، ومثل له بقوله تعالى : (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) ـ ١٩ / ٦٠ ـ ٦١ ، فان جنات بدل عن الجنة ، والجنة بعض الجنات ، وبما فى هذين البيتين.

رحم الله اعظما دفنوها

١٠٦٧ بسجستان طلحة الطلحات

كانّى غداة البين يوم تحمّلوا

١٠٦٨ لدى سمرات الحىّ ناقف حنظل

اقول : هذا القائل هو السيوطى فى همع الهوامع ، وجوابه عن الآية ان ال فى الجنة للجنس وهو يعم جنات عدن وغيرها ، واما البيتان فالحق معه فيهما.

الامر الرابع

لا يجب مطابقة البدل لمتبوعه فى غير الاعراب ، وفيه يقع القطع ايضا كالنعت المقطوع ، وقال ابن هشام فى رابع المغنى : ولاشتراط الرابط فى بدل البعض وجب فى نحو قولك : مررت بثلاثه زيد وعمرو القطع بتقدير منهم ، لانه لو اتبع لكان بدل بعض من غير ضمير ، اقول : مراده ان يرفع زيد وعمرو على الابتداء ويقدر منهم خبرا عنهما ، اى مررت بثلاثه منهم زيد وعمرو.

الرابع من التوابع عطف البيان

وهو تابع يبين متبوعه بعض البيان ان كان مجملا ويزيده بيانا ان كان مبينا ، نحو قوله تعالى : (قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) ـ ٢٦ / ١٠٦ ، (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) ـ ٢٦ / ٨٧ ـ ٨٨ ، (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ

٦٥٥

وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) ـ ٢٧ / ٥١ ، انا دمرناهم فى قراءة فتح الهمزة عطف بيان لعاقبة ، ونظيرها قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ـ ٦ / ٥٤ ، (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) ـ ٧٦ / ١٧ ـ ١٨ ، عينا عطف بيان لزنجبيلا ، ومثلها (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) ـ ٧٦ / ٥ ـ ٦ ، والمراد بالعين الماء لا محله ، (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) ـ ٢٤ / ٣٥ ، (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) ـ ٥ / ٩٥ ، (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) ـ ٣ / ١٥٤ ، ومن عطف البيان ما يقع بعد حرف التفسير ، وياتى بيانه فى مبحثه فى المقصد الثالث.

تكملة

قالوا : يجب مطابقة عطف البيان لمتبوعه فى الافراد والتذكير والتعريف ومقابلاتها كالنعت ، وان لم يطابق فهو بدل الكل من الكل ، وقالوا : ان المبدل منه فى حكم السقوط ، وان البدل على نية اعادة العامل ، يعنون ان العامل متوجه الى البدل بالاصالة وحيث شغله المتبوع فلا بد ان يعاد للتابع.

وقال الرضى على ما نقل السيد فى شرح الصمدية : انا الى الآن لم يظهر لى فرق جلى بين بدل الكل من الكل وعطف البيان ، بل لا ادرى عطف البيان الا البدل كما هو ظاهر كلام سيبويه ، ثم شرع فى الجدال مع القوم ، ثم اجابه السيد بنقل الاقوال.

اقول : ان التميز بين التوابع الخمسة ظاهر من تعاريفها.

اما عطف النسق فهو متميز عن غيره بوجود حرف العطف بين التابع والمتبوع ، وياتى ذكره فى المقصد الثالث.

اما التوكيد فاللفظى منه بتكرار اللفظ من دون زيادة فى الثانى ، وان زيد عليه قيد فهو بدل ، والمعنوى منه انما هو بالفاظ مخصوصة قد مر ذكرها.

اما النعت فهو كل تابع فيه معنى الوصفية لمتبوعه مع مطابقته له فى الافراد و

٦٥٦

التعريف والتذكير ومقابلاتها ، فما فيه هاتان الخاصتان فلا داعى لصرفه عن كونه نعتا.

اما البدل فهو متميز عن غيره بعدم الاخلال بما قصده المتكلم من معنى الكلام ان فرض سقوطه ، بل اتيانه توطئة لتابعه توجيها للمخاطب ، ثم ان بدل البعض عن الكل متميز عن غيره من الابدال بكونه جزءا للمتبوع ، وبدل الاشتمال متميز بكون احدهما مشتملا على الآخر بدون الجزئية ، والبدل المباين ظاهر.

اما عطف البيان فهو تابع يبين متبوعه بعض البيان ويخل اسقاطه بالمراد ولا يكون احد تلك الاربعة ، ولا يخفى ان كثيرا من امثلة البدل وعطف البيان متشابهة.

فصل

ان ابن هشام ذكر فى رابع المغنى فروقا ثمانية بين البدل وعطف البيان ، وانا اذكرها واضيف اليها ما عندى فانها لا تخلو عن الفائدة.

الاول : قال : ان عطف البيان لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر لانه فى الجوامد نظير النعت فى المشتق ، واما البدل فيكون تابعا للمضمر بالاتفاق.

اقول : ان المقيس والمقيس عليه كلاهما منقوضان ، اذ جاء ذلك فى النعت وفى عطف البيان كما جاء فى البدل.

اما مثاله فى النعت فقوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) ـ ٢ / ١٦٣ ، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ٣ / ١٨ ، (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ـ ٢ / ٢٥٥ ، (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) ـ ٥٩ / ٢٣ ، وقولهم المنقول : اللهم صل عليه الرؤوف الرحيم ، ومررت به الخبيث ، وهذا مذهب الكسائى واتباعه ، وكقول الشاعر.

قد اصبحت بقرقرى كوانسا

١٠٦٩ فلا تلمه ان ينام البائسا

واما مثاله فى عطف البيان فقوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ـ ٤٢ / ١٣ ، فان اقيموا عطف بيان للموصول او الضمير الراجع اليه لانهما واحد

٦٥٧

واما مثاله فى البدل فقوله تعالى : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) ـ ١٨ / ٦٣ ، (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ـ ٢ / ٢٧.

والحاصل ان الظاهر ياتى تابعا للضمير فى الخمسة واما العكس فلا الا فى عطف النسق ، واما اتباع الضمير للضمير فليس الا فى التوكيد وعطف النسق ، واما اتباع الظاهر للظاهر فيحرى فى الخمسة ايضا.

الثانى : قال : ان عطف البيان لا يخالف متبوعه فى تنكيره وتعريفه بخلاف البدل.

اقول : عطف البيان يخالف متبوعه فى ذلك كالبدل ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ) ـ ٤٢ / ٥٢ ، هذا عطف بيان لان سقوط متبوعه يخل بالمراد ، فانه تعالى اراد ان يخبر عباده باستقامة صراطه ، (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) ـ ٣ / ٩٧ ، مقام ابراهيم عطف بيان كما عليه الزمخشرى.

الثالث : قال : ان عطف البيان لا يكون جملة لمفرد بخلاف البدل.

اقول : ان عطف البيان يكون جملة لمفرد كالبدل ، بل قياسه على النعت يقتضى جوازه لان كون الجملة نعتا لمفرد كثير ، نحو قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ـ ٢١ / ٣ ، هل مع مدخولها عطف بيان للنجوى ، (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) ـ ٢ / ٨٣ ، لا تعبدون عطف بيان لميثاق ، ونظيرها (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) ـ ٢ / ٨٤ ، كل ذلك عطف بيان ، بل الجملة المفسرة كائنة ما كانت عطف بيان لما قبلها على ما مر بيانه فى الجملة المفسرة فى المبحث التاسع ، ولكن ما فى هذين البيتين بدل.

لقد اذهلتنى امّ عمرو لكلمة

١٠٧٠ اتصبر يوم البين ام لست تصبر

الى الله اشكو بالمدينة حاجة

١٠٧١ وبالشّام اخرى كيف تلتقيان

والحاصل ان الجملة تتبع الجملة الا فى النعت ، والمفرد يتبع المفرد فى الكل ، والجملة تتبع المفرد الا فى التاكيد ، والمفرد لا يتبع الجملة الا فى عطف النسق ، لكن يمكن ان يقال : اكتب للكافرين ليس له دافع الثانية من آيات سورة المعارج ، والثانية

٦٥٨

نعت للجملة اى للكافرين ليس له دافع.

الرابع : قال : ان عطف البيان لا يكون تابعا لجملة ، بخلاف البدل.

اقول : نعم ان كان مفردا ولكن البدل كذلك ، لان المفرد لا يبين الجملة ولا يكون بدلا عنها لقصوره عنها ، واما كونه جملة لجملة فقد جرى فى كليهما ، ودونك امثلتهما.

مثال الجملة فى عطف البيان قوله تعالى : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) ـ ٢ / ٤٩ ، (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) ـ ٣٦ / ٢٠ ـ ٢١ ، (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) ـ ٢٠ / ١٢٠ ، مثال الجملة فى البدل قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) ـ ٨٦ / ٥ ـ ٦ ، (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) ـ ٢٦ / ١٣٢ ـ ١٣٤ ، وقول الشاعر.

اقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا

١٠٧٢ والّا فكن فى السرّ والجهر مسلما

وقد يكون شبه الجملة عطف بيان لشبه الجملة او بدلا عنه نحو قوله تعالى : (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) ـ ٢٦ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ، (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ) ـ ٧٧ / ١٢ ـ ١٣ ، (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) ـ ٧٨ / ١ ـ ٢ ، (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) ـ ٤٣ / ٣٣ ، وهذا الاخير بدل اشتمال ، وما قبله عطف بيان.

الخامس : قال : ان عطف البيان لا يكون فعلا تابعا بخلاف البدل ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) ـ ٢٥ / ٦٨ ، فان يضاعف بوحدته مع قطع النظر عن مرفوعه ومتعلقاته بدل عن يلق كذلك ، وقال غيره : ان جزم يضاعف دليل على ان الفعل وحده بدل ، اقول : جزم الفعل لا يمنع ان يكون الجملة باسرها بدلا ، على ان الفعل لو كان وحده بدلا فما حكم مرفوعه ، ونظير الآية هذا البيت.

انّ علىّ الله ان تبايعا

١٠٧٣ تؤخذ كرها او تجئ طائعا

السادس : قال : ان عطف البيان لا يكون بلفظ الاول ، ويجوز ذلك فى البدل بشرط

٦٥٩

ان يكون مع الثانى زيادة بيان.

اقول : هذا حق ان لم يكن مع المتبوع زيادة مخالفة لزيادة التابع يخل سقوطها بالمقصود ، نحو قوله تعالى : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) ـ ٩٦ / ١٦ ، واما ان كان كذلك فليس بالبدل ، نحو قوله تعالى : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٣٧ / ١٨٠ ، فانه تعالى اراد ان يبين انه ربك وان ربك رب الغرة ، فهو عطف بيان ، وان لم يكن مع الثانى زيادة اصلا فهو تاكيد.

السابع : قال : انه ليس فى نية احلاله محل الاول (اى المتبوع) بخلاف البدل.

اقول : هذا حق ، وهو ما ذكرت مكررا من ان المبدل منه فى نية السقوط واتيانه انما هو للتوطئة.

واعلم ان نية السقوط واحلال التابع محل المتبوع يكون حسب المعنى المراد كما مر بيانه وامثلته ولكن ابن هشام اورد ذلك حسب الاعراب والقواعد ، فقال بعد ذلك : ولهذا امتنع البدل وتعين البيان فى نحو يا زيد الحارث (لان المحلى بال لا يقع منادى فلا يحل محل الاول) وفى نحو يا سعيد كرزبا لرفع او كرزا بالنصب بخلاف يا سعيد كرز بالضم (لان العلم المنادى مبنى على الضم) وفى نحو انا الضارب الرجل زيد (لان الوصف المحلى بال لا يضاف الى غير المحلى بال) وفى نحو زيدا فضل الناس الرجال والنساء (اذ لا يصح ان يقال : زيد افضل النساء) وفى نحو يا ايها الرجل غلام زيد (لان المنادى المضاف لا يقع بعد ايها) وفى نحو اى الرجلين زيد وعمرو جاءك (اذ لا يصح ان يقال : اى زيد وعمرو جاءك) وفى نحو جاءنى كلا اخويك زيد وعمرو (اذ لا يصح ان يقال : جاءنى كلا زيد وعمرو) انته ما افاد.

اقول : ان الذى ذهب اليه ابن هشام يضاد القول المسلم عندهم : يغتفر فى الثوانى اى التوابع ما لا يغتفر فى الاوائل اى المتبوعات ، وسياتى عن قريب بيانه وتفصيله ، فامكن ان يكون الثوانى فى هذه الامثلة ابدا لا على القاعدة المذكورة.

الثامن : انه ليس فى التقدير من جملة اخرى بخلاف البدل ، ولهذا امتنع ايضا

٦٦٠