علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

معطوف على بلغت ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) ـ ٤١ / ٥٢ ، من اضل جواب لان ، ومن ذلك ما فى هذين البيتين ، وكل ذلك من التخلف عن القاعدة.

فلا تكتمنّ الله ما فى نفوشكم

١٣٣٨ ليخفى ومهما يكتم الله يعلم

من يفعل الحسنات الله يشكرها

١٣٣٩ والشرّ بالشرّ عند الله مثلان

النوع الثانى

الجملة المصدرة باحد الحروف المشبهة بالفعل ، نحو قوله تعالى : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ٥ / ١١٨ ، (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) ـ ١٧ / ١٥ ،(مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ـ ٥ / ٣٢ ، (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ـ ٨ / ٤١ ، (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) ـ ٤ / ١١١.

وقد جاءت بدون الفاء ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) ـ ٦ / ١٢١ ، و (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ـ ٣٤ / ٧ ، (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) ـ ٢٣ / ٣٥.

النوع الثالث

الجملة الانشائية ، نحو قوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ـ ٥٩ / ٧ ،(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) ـ ٣ / ١٦٠ ، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ـ ٣ / ٣١ ، (إِنْ

٧٨١

زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) ـ ٦٢ / ٦ ، (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) ـ ٤ / ٢٠ ، (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) ـ ٤ / ١٠٢.

واستثنى من القاعدة فى هذا النوع غالبا ما صدر بالاستفهام ، نحو قوله تعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ـ ٣٧ / ١٦ ، (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) ـ ٦ / ٤٠ ، (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) ـ ٦ / ٤٧ ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) ـ ٦ / ٤٦ ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) ـ ١٠ / ٥٠ ، وكقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن طلب منه المعجزة بقلع الشجرة : فان فعل الله لكم ذلك اتؤمنون وتشهدون بالحق؟ قالوا : نعم ، وجاء فى غير الاستفهام مجردا عن الفاء قليلا ، نحو قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لابى بن كعب لما ساله عن اللقطة : فان جاء صاحبها والا استمتع بها ، اى وان لم يجئ استمتع بها.

النوع الرابع

الجملة المصدرة بحرف الاستقبال ، نحو قوله تعالى : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ـ ٥ / ٥٤ ، (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) ـ ٤ / ١٧٢ ، و (إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ـ ٩ / ٢٨ ، (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) ـ ٤٦ / ١١.

النوع الخامس

الجملة المصدرة بالفعل الجامد ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) ـ ٣ / ٢٨ ، (فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)

٧٨٢

ـ ٢٨ / ٦٧ ، (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) ـ ٢ / ٢٧١ ، واما كاد فمن الافعال المتصرفة فلذلك جاء مجردا عن الفاء فى قوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) ـ ٧٢ / ١٩ ، (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) ـ ٢٤ / ٤٠.

النوع السادس

الجملة الماضوية المصدرة بقد ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) ـ ٢ / ١٠٨ ،(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ ٣ / ١٠١ ، والماضى بدون قد لا تدخل عليه الفاء الا قليلا ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) ـ ٢٧ / ٩٠ ، (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ـ ٦٩ / ١٣ ـ ١٥ ، وبعضهم التزموا فى مثل هذا بتقدير قد ليحصل الاطراد ولا ملزم له.

والماضى فى جواب لو ولو لا يدخل عليه اللام كثيرا ، وقد مر امثلته ، وقد يجتمع اذا الناصبة للمضارع مع اللام بعد لو ، نحو قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) ـ ١٧ / ١٠٠ ، وقد مر ذكر اذا هذه وهى الجوابية المنونة فى المبحث الثالث من المقصد الثانى ، وهى كغير المنونة ، ولم يحس فرق بينهما فى المعنى.

وقد يشاهد اللام على جزاء اذا وان وهو قليل ، نحو قوله تعالى : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) ـ ١٩ / ٦٦ ، وكقول ابى بكر خطابا للانصار يوم السقيفة : يا معشر الانصار ان شئتم ان تقولوا انا آويناكم فى ظلالنا وشاطرناكم فى اموالنا ونصرناكم بانفسنا لقلتم الخ وكقول الشاعر.

فان يجزع عليه بنوا ابيه

١٣٤٠ لقد خدعوا وفاتهم قليل

٧٨٣

النوع السابع

الجملة المصدرة بحرف النفى الا لم ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) ـ ١٨ / ٥٧ ،(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) ـ ٣ / ١٦٠ ، (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) ـ ١٠ / ٧٢ ،(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ـ ١٣ / ٣٣ ، (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ـ ١٠ / ١٠٤ ، و (مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ـ ٦ / ١٦٠ ، (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) ـ ٧٢ / ١٣ ، (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ) ـ ٦ / ١٣٦ ، (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) ـ ١٠ / ٤٩ ، وكما فى هذين البيتين.

فان كنت قد فارقت نجدا واهله

١٣٤١ فما عهد نجد عندنا بذميم

اذا كانت النعمى تكدّر بالاذى

١٣٤٢ فما هى الّا محنة وعذاب

وجاء الجزاء المصدر بحرف النفى بدون الفاء ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٤٥ / ٢٥ ، (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) ـ ١٦ / ٦١ ، (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) ـ ٦ / ٢٥ ، وكون لا النافية بدون الفاء كثير.

النوع الثامن

الجملة المصدرة بما له الصدر كاداة الشرط ورب وغيرها غير الاستفهام ، نحو قوله تعالى : (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) ـ ٤ / ٢٥ ، و (إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) ـ ٦ / ٣٥ ، وجواب ان الثانية محذوف ، اى فافعل ، (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ٧ / ٣٥ ، ومثال الاستفهام قد مر ، ومثال رب مذكورا ومقدرا ما فى هذه الابيات.

٧٨٤

ان كان عادكم عيد فربّ فتى

١٣٤٣ بالشوق قد عاده من ذكركم حزن

فان اهلك فذى لهب لظاه

١٣٤٤ علىّ تكاد تلتهب التهابا

فان اهلك فربّ فتّى سيبكى

١٣٤٥ علىّ مهذّب رخص البنان

تبصرة

اعلم ان مضمون الشرط امر مفروض علق عليه مضمون الجزاء ، فالمتكلم يفرضه سواء اكان له واقع ام لا ، وسواء اكان المتكلم عالما بثبوته او لا ثبوته ام كان شاكا فيه ، والاداة الظرفية تفيد سوى نفس التعليق ان الجواب معلق على الشرط فى زمان الشرط ، او مكانه والامر المفروض يجب تجرده عن كل شىء الا النفى او الاثبات ، لان الفرض ينافى الانشاء والتاكيد والتشبيه والمضى والاستقبال والفرض الثانى بالشرط والتكثير والتقليل وغير ذلك مما هو مفاد الحروف وكثير من الاسماء المبنية والافعال ، فالجملة الشرطية لا تكون انشائية ولا مصدرة بشىء من الحروف وما يشبه الحروف الا لم الجازمة ولا النافية ان كان المفروض منفيا.

ولذلك قال القوم : ان ما يمتنع جعله شرطا ان وقع جوابا يجب عليه الفاء ، فعدوا تلك الانواع الثمانية ، وهى التى قلنا انها تنافى كون الامر مفروضا ، ولكنك علمت موارد تخلف الفاء ، والقوم كانوا يلتزمون بالتقدير والتاويل ، ونحن لا نلتزم ، والتحقيق ما قلنا ، مع ان بعضا من الافعال الناقصة يقع جوابا بدون الفاء ويمتنع وقوعه شرطا نحو كاد ، وقد مر مثاله ، وذلك لان الفرض لا يلائمه.

ثم ان الفرض انما هو لثبوت حدث او انتفائه ، فلذلك قال البصريون يجب ان يكون الجملة الشرطية فعلية لان الحدث هو الفعل ، وما ورد من نحو اذا السماء انشقت وان امراة خافت من الجمل الاسمية ارجعوها الى الفعلية وقالوا : ان التقدير : ان خافت امراة واذا انشقت السماء ، فحذف الفعل من الصدر وزحلق الى الذيل ، وهذا كما ترى فان الجملة الاسمية مشتملة على الحدث ولا سيما ان كان خبرها جملة

٧٨٥

فعلية ، على ان التعليق ليس على الفعل ولا الاسم بل هو لنسبة قضية على نسبة قضية اخرى ، والنسبة عبارة عن ثبوت شىء لشىء او انتفاء شىء عن شىء ، والجملة كائنة ما كانت مشتملة على النسبة ، هذا ، مع ان وقوع الاسمية شرطا كثير فى كلام العرب ، ولا موجب للتاويل ، ودونك بعض مواردها فى الآيات والاشعار.

نحو قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ـ ٩ / ٦ ، (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) ـ ٤ / ١٢٨ ، (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) ـ ٤ / ١٧٦ ، (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) ـ ٤٩ / ٩ ، وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ـ ٨٤ / ١ ، الى خمس آيات ، إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ـ ٨٢ / الى اربع آيات ، إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ٨١ / الى اربع عشرة آية ، وغيرها من الآيات ، ونحو ما فى هذه الابيات.

اذا انت لم تعرف لنفسك حقّها

١٣٤٦ هوانا بها كانت على الناس اهونا

اذا المرء لم يخزن عليه لسانه

١٣٤٧ فليس على شىء سواه بخزّان

اذا انت اكرمت الكريم ملكته

١٣٤٨ وان انت اكرمت اللّئيم تمرّدا

اذا انت فضّلت امرا ذا براعة

١٣٤٩ على ناقص كان المديح من النقص

اذا ملك لم يكن ذا هبة

١٣٥٠ فدعه فدولته ذاهبة

وان هو لم يحمل على النفس ضيمها

١٣٥١ فليس الى كسب الثناء سبيل

ان العقل فى اموالنا لا نضق بها

١٣٥٢ ذراعا وان صبرا فنصبر للصبر

اذا المرء عينا قرّ بالعيش مثريا

١٣٥٣ ولم يعن بالاحسان كان مذمّما

اذا المرء اعيته السيادة ناشيا

١٣٥٤ فمطلبها كهلا عليه شديد

اذا الجود لم يرزق خلاصا من الاذى

١٣٥٥ فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا

لو غيركم علق الزبير بحبله

١٣٥٦ ادّى الجوار الى بنى العوّام

على ان لو اذا دخلت على ان فشرطها جملة اسمية لانها مع مدخولها مؤوله الى

٧٨٦

المبتدا عند سيبويه ومن تبعه ، ولكن عند غيرهم جملة فعلية بتقدير ثبت على ما مر تفصيله ، وشرط لو لا ولوما جملة اسمية بلا كلام ، وما ومن ومهما واى اذا وقعت مبتداة فالشرط جملة اسمية.

ثم ان اداة الشرط تكفى فى ارتباط الجملتين بتعليق الثانية على الاولى ، فالفاء واللام تؤكدان الارتباط ، واما اذا المنونة وغير المنونة فالاقرب انهما من الظروف لتبادر معنى الظرفية منهما حيث وقعتا ، فان كان اداة الشرط من الظروف فهما للتاكيد ، والافاداة الشرط مع احديهما تصير كاداة شرط ظرفية ، فقوله تعالى مثلا : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) ـ ٣٠ / ٣٦ ، يكون بمنزلة واذا تصبهم سيئة بما قدمت ايديهم فهم يقنطون.

الامر الخامس

قد يحذف الشرط او الجزاء او كلاهما ، اما حذف الشرط ففى مواضع.

الاول ما يكون على الجملة فاء ولا يناسبها العطف ولا يصار الى القول بزيادتها مع استشمام رائحة الجزاء من تلك الجملة ، نحو قوله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) ـ ٢٩ / ٥٦ ، فالفاء الاولى عاطفة والثانية رابطة للجواب ، والشرط مقدر ، وتقديره : ان ارضى واسعة فان لم يتات لكم العبادة فى ارض فاعبدونى فى ارض اخرى ، واياى منصوب من باب الاشتغال ، ونظيرها قوله تعالى (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) و (إِيَّايَ فَاتَّقُونِ) فى سورة البقرة / ٤٠ و ٤١ ، (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٤٢ / ٩ ، ام منقطعة بمعنى بل ، وما بعد الفاء لا يناسب ما قبله حتى تكون الفاء للعطف لان مضمون الاولى باطل ومضمون الثانية حق ، والحق لا يكون مترتبا عليه ، فالتقدير : من اراد وليا بحق فالله هو الولى ، وذيل الآية يشعر بالتعليل ، اللهم الا ان يقال : ان الفاء لمجرد العطف كالواو ، وعلى هذا فليس هنا شرط مقدر ، (أَوْ

٧٨٧

تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) ـ ٦ / ١٥٧ ، والعطف هنا غير مناسب كالآية السابقة ، فالتقدير : ان كنتم صادقين فيما تقولون فقد جاءكم بينة الخ ، (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) ـ ٣٧ / ١٤٩ ، اى اذا تلوت عليهم الآيات النازلة فى قصص الانبياء فاستفتهم الخ ، اذ لا يلائم هنا العطف ايضا ، وامكن ان يكون من هذا القبيل ما ذكرنا من الآيات فى آخر الفصل الاول.

الثانى ما يكون الشرط مصدرا بحرف النفى فى نحو تكلم بالخير والا فاسكت ، اى ان لا تتكلم بالخير فاسكت ، وروى سعد بن ابى وقاص فقال : سمعت النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بهاتين والا فاستكتا يقول : على منى بمنزله هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى ، اى ان لم اسمعه فاستكتا ، وكما فى هذين البيتين.

فطلّقها فلست لها بكفو

١٣٥٧ والّا يعل مفرقك الحسام

فان تولنى منك الجميل فاهله

١٣٥٨ والّا فانّى عاذر وشكور

الثالث ما يكون المضارع بعد احد الاشياء الثمانية التى ذكرناها فى حرف ان ، نحو قوله تعالى : (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) ـ ١٩ / ٤٣ ، فان التقدير : ان اتبعتنى اهدك.

واما حذف الجواب ففى مواضع ايضا.

الاول ما يكون قبل الشرط كلام يدل عليه ويغنى عن ذكره من بعد ، نحو قوله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) ـ ٣ / ٩١ ، فان قوله : فلن يقبل الخ حسب صناعة الاعراب خبر لان وجزاء للو بالمعنى ، اى لو افتدى بملئ الارض ذهبا فلن يقبل منه ، وكذا هذه الآيات (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) ـ ١٨ / ١٠٩ ، (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ـ ٥ / ١٠٥ ، (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ـ ٧ / ٤٣ ، (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) ـ ٦ / ٥ ، (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) ، و (أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) ـ ٢ / ٢٨٢ ، (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ـ

٧٨٨

٢ / ٢٨٦ ، (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٢ / ٣١ ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) ـ ٤٦ / ١٠ ، اى ان كان هذا القرآن من عند الله الخ تقولون : افتراه ، بدليل ام يقولون افتراه فى الآية السابقة.

قال الكوفيون : ما تقدم على اداة الشرط هو الجزاء ، وهذا باطل لان الكلام المتقدم مربوط بما قبله بالعطف او بغير العطف ، ولا يراعى فيه شرائط الجزاء من جزم المضارع ودخول الفاء واللام او عدمه ، مع ان القول بكونه جزاء ينافى صدارة ادوات الشرط.

الثانى ما يكون بعد الشرط كلام يدل على الجزاء ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ) ـ ٧٠ / ١٩ ـ ٢٢ ، اى اذا مسه الشر جزع واذا مسه الخير منع ، فحذف الفعلان ، وجزوعا ومنوعا حالان لمفعول مسه ، يدلان على المحذوف ، وان قدرا خبرين لكان المقدرة فالمحذوف بعص جملة الجزاء ، (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ) ـ ٧٧ / ٨ ـ ١٣ ، اى فاذا النجوم طمست الخ قامت القيامة بدليل ليوم الفصل ، (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ـ ٣٦ / ٤٥ ، اى اذا قيل لهم الخ اعرضوا بدليل معرضين فى الآية اللاحقة.

الثالث ما يكون الشرط نفسه يدل على الجزاء ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) ـ ١٣ / ٣١ ، اى ولو ان قرآنا كذلك لكان هذا القرآن ، وقيل : الجواب لما آمنوا بدليل ما قبله وهم يكفرون بالرحمان فيكون من القسم الاول ، (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) ـ ٦ / ٣٥ ، الشرط الثانى جواب للشرط الاول وجواب الثانى محذوف ، اى فان استطعت الخ فافعل ، (فَتَأْتِيَهُمْ) عطف على (تَبْتَغِيَ) ، (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ـ ٢ / ٢٨٠ ، اى ان كنتم تعلمون

٧٨٩

ان التصدق خير لكم لعملتم به ، (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٦ / ٢٧ ، اى لو ترى ذلك ترى امرا فظيعا وكذا (لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) الخ ـ ٣٢ / ١٢.

ومن ذلك قول على عليه‌السلام : لنا حق ان اعطيناه والا ركبنا اعجاز الابل وان طال السرى ، اى ان اعطيناه اخذناه وان لم نعطه تاخرنا وان طال السرى نصبر ولا نوقد نار الحرب فى عقر دارنا.

الرابع ما يكون الشرط واقعا بين جملة الجزاء ، وهذا كالموضع الاول ليس الجزاء المكتنف بالشرط جزاء حسب صناعة النحو لما قلنا ، ولكنه جزاء فى المعنى ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) ـ ٢ / ٧٠ ، (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) ـ ٤٧ / ٢٢ ، (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) ـ ٧٣ / ١٧ ، يوما مفعول تتقون ، (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٣٦ / ٨٢ ، وكما فى هذه الابيات.

وقولى كلّما جشات وجاشت

١٣٥٩ مكانك تحمدى او تستريحى

يثنى عليك وانت اهل ثنائه

١٣٦٠ ولديك ان هو يستزدك مزيد

وانّى متى اشرف الى الجانب الّذى

١٣٦١ به انت من بين الجوانب ناظر

قال ابن هشام فى الثانى عشر من الجهة الثانية من خامس المغنى : ان سيبويه وغيره من الائمة نصوا على انه لا يحذف الجواب الا وفعل الشرط ماض ، اقول : هذا اكثرى كما تشاهد فى الامثلة.

ثم قد يحذف بعض الجواب وهو فى مكانه ، نحو قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ـ ٢ / ١٨٤ ، اى فوقت صيامه عدة من ايام اخر ، (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌ) ـ ٢ / ٢٦٥ ، اى فيصيبها طل ، (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ـ ٥٦ / ٨٨ ـ ٨٩ ، اى فله روح الخ.

اعلم انه لا يتقدم الجزاء على الشرط ولا على اداته ، وما ذكرنا انما هو

٧٩٠

جزاء بالمعنى لا فى صناعة النحو ، والجزاء الصناعى محذوف ، فان تقدم ما هو جواب معنى على غير من وما واى من ادوات الشرط فالامر كما ذكرنا ، وان تقدم على احد هذه الثلاثة فامكن ان يكون موصولا وشرطيا ، نحو ما فى حديث النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : احب الله من احب حسينا ، فامكن ان يكون من موصولة فهى مفعولة احب ، وامكن ان تكون شرطية فالتقدير : من احب حسينا احبه الله ، وقس على هذا ما ترى فى كلامهم من هذا القبيل.

واما حذف الشرط والجزاء كليهما فله امثله ، نحو ما فى هذا الحديث : الناس مجزيون باعمالهم ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا ، اى ان عملوا خيرا فيجزون خيرا وان عملوا شرا فيجزون شرا ، فان المحذوف جملة الجزاء وكذا الشرط باسرها لان خيرا فضلة ، ويقرا برفع خير وشر وبنصب الاول ورفع الثانى وبالعكس ، فالمحذوف بعض الجملة على الرفع ، وكما فى هذه الابيات.

قالت بنات العمّ يا سلمى وان

١٣٦٢ كان فقيرا معدما قالت وان

ان يكن طبّك الدلال فلو فى

١٣٦٣ سالف الدهر والسنين الخوالى

فانّ المنيّة من يخشها

١٣٦٤ فسوف تصادفه اينما

نودّعكم ونودعكم قلوبا

١٣٦٥ لعلّ الله يجمعنا والّا

وقد يحذف جملة الشرط مع اداته ، وذلك قبل اذا الناصبة اى الجوابية المنونة المفيدة معنى الجزاء للجملة التى هى فيها او قبلها ، نحو قوله تعالى : (وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ـ ٥ / ١٠٧ ، اى ان اعتدينا فانا لمن الظالمين ، (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٢٣ / ٩١ ، اى لو كان معه اله لذهب الخ ، (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٦ ، اى وان يخرجوك من الارض لا يلبثون بعدك ، (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) ـ ٤ / ٥٣ ، اى ان كان لهم نصيب من الملك لا يؤتون

٧٩١

الخ ، وقد يكون الشرط مذكورا قبلها ، وقد مر مثال ذلك فى المبحث الثالث من المقصد الثانى.

تتمة

قد قلنا ان من القضايا الشرطية ما يسمى اتفاقية ، وهى ما لا ترتب للجزاء على الشرط ولا يعلق عليه فى الواقع لزوما ، نحو قوله تعالى : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) ـ ٢٩ / ٥ ، (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) ـ ٢٠ / ٧ ، (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) ـ ٢٥ / ٤ ، (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) ـ ٣ / ١٤٠ ، وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ـ ٢٤ / ٢١ ، (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) ـ ٥ / ٥٦ ، (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ـ ٢ / ٢٢٧ ، (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ) ـ ١١ / ٥٧ ، (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) ـ ٥٦ / ٧٥ ـ ٧٦ ، (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ـ ٤ / ٣ ، (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ـ ٣ / ١١٨.

قال ابن هشام فى اواخر خامس المغنى : التحقيق ان هذه من حذف الجواب لان الجواب مسبب عن الشرط ، وهذه الاجوبة ليست كذلك ، ثم قدر لكل منها جوابا ليحصل الترتب والمسببية وجعل المذكور معطوفا على الجواب المحذوف او مستانفا ، اقول : لا حاجة الى ما تكلف ابن هشام ، فارجع البصر الى ما بينا من ان الربط بين الشرط والجزاء اما باللزوم او التلازم او الاتفاق او جعل المتكلم.

الامر السادس

لا يتوسط بين اداة الشرط وجملة الشرط شىء الا ما الزائدة للتوكيد كما مر ذكرها واما بين الشرط والجزاء فقد يتوسط بالاجنبى وغيره ، نحو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ

٧٩٢

لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) ـ ١٣ / ١٨ ، و (إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ـ ١٣ / ٤٠ ، (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) ـ ٨٩ / ٢١ ـ ٢٣ ، يومئذ يتذكر جواب لاذا ، وبين الشرط والجزاء جملتان معطوفتان على الشرط ، ولهذه المذكورات تعلق فليست باجنبية ، والمراد بالاجنبى الجملة المعترضة من القسمية او الندائية او الدعائية او الطلبية او غيرها مما لا تعلق لها بفعل الشرط والجزاء لا النعتية او الحالية او الخبرية او المعطوفة او المفعولة الثانية او غيرها مما له تعلق باحدهما ، واما المفرد الاجنبى فلا يتوسط بينهما ، ومثال الاجنبية ما فى هذه الابيات.

فان يك حقّا يا خديجة فاعلمى

١٣٦٦ حديثك ايّانا فاحمد مرسل

وجبريل ياتيه وميكال معهما

١٣٦٧ من الله وحى يشرح الصدر منزل

ان تغفر اللهمّ تغفر جمّا

١٣٦٨ واىّ عبد لك لا المّا

اذا قيل سيروا انّ ليلى لعلّها

١٣٦٩ جرىدون ليلى مائل القرن اعضب

ثم انهم اختلفوا فى جواز تقديم معمول الشرط او الجزاء على اداة الشرط ، فمن الكوفية من جوز ، ولكن كون اداة الشرط ذات الصدارة ينافى جوازه ، وياتى ذكر من ذلك فى مبحث طالبات الصدارة.

الامر السابع

قد يتعدد الشرط او الجزاء او كلاهما مع اداة واحدة ، وامثلة ذلك كثيرة من الآيات وغيرها ، وقد يتعدد الشرط مع تعدد الاداة بان يكون الثانية مع مدخولها جوابا للاول ، وقد مر لذلك بعض الامثلة ، وقد يتعدد الشرط مع تعدد الاداة بان لا يكون الثانية كذلك ، ونذكر بعض امثلة من ذلك ونشرحه تمرينا وتدريبا.

١ ـ (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ

٧٩٣

عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) ـ ٢ / ٨٩ ، يصلح ان يكون كفروا به جوابا لكلا الشرطين ، فلما الثانية مع مدخولها عطف على الاولى مع مدخولها ، ويمكن ان يكون جوابا للثانى فقط ، فيقدر للاول جواب آخر نحو كذبوا به.

٢ ـ (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ـ ١١ / ٣٤ ، لا ينفعكم نصحى جواب فى المعنى لكلا الشرطين ، وترتيبه : ان اردت ان انصح لكم واراد الله ان يغويكم فلا ينفعكم نصحى.

٣ ـ (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٥٦ ـ ٨٣ ـ ٨٧ ، لو لا للتوبيخ والثانية تكرار الاولى ، كررت للفصل الطويل بينها وبين فعلها وهو ترجعون ، واذا ظرفية فقط ليس فيها معنى الشرط ، لان الشرط يفهم من ان ، فلولا جواب للشرطين ، وغير مدينين ، اى غير مجزيين يوم القيامة ، وترتيبه : ان كنتم غير مدينين وكنتم صادقين فى قولكم هذا فلو لا ترجعون الروح اذا بلغت الحلقوم ، والحال انتم تنظرون الى المحتضر ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون.

ان قلت : ما التناسب بين الشرط والجزاء وهم لا يدعون القدرة على ارجاع روح المحتضر الى بدنه ، قلت : ان ذلك لازم عقيدتهم لانهم ينكرون البعث والمعاد وان الله يتوفى الانفس حين موتها ، بل يرون ان الموت امر طبيعى ليس لله ولملك الموت فيه دخل ، فعاتبهم الله بان الموت لو كان كذلك فلم لا تتصرفون فيه بدفعه عن المحتضر.

٤ ـ (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ـ ٩٦ / ٩ ـ ١٤ ، اذا شرطية جوابه قدم عليه بالمعنى ، وتقديره : ارايت الذى اذا صلى عبدينهاه ، والشرط الثانى جوابه محذوف ، وتقديره : ان كان هذا الناهى عن الصلاة على الهدى آمرا

٧٩٤

بالتقوى مكان نهيه عن الصلاة كان خيرا له ، والشرط الثالث جوابه الم يعلم بان الله يرى.

الامر الثامن

قد يجتمع الشرط والقسم وليس فى الكلام الاجواب واحد ، فهو للمتقدم منهما حسب صناعة النحو ، بمعنى انه يعطى ما يلزم فى جواب القسم ان كان القسم متقدما ، ويعطى ما يلزم فى جواب الشرط ان كان الشرط متقدما ، والاكثر تقدم القسم.

مثال تقدم القسم قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) ـ ٦ / ١٠٩ ، (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) ـ ٥ / ١٠٦ ، وتسمى هذه اللام قبل حرف الشرط باللام المؤذنة والموطئة ولام توطئة القسم فكانها توطئ الجواب ليكون للقسم وتؤذن بان هناك قسما مقدرا.

واجتماع القسم بان الشرطية هو الاكثر ، وجاء اجتماعه بغيرها من ادوات الشرط نحو قوله تعالى : (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) ـ ٧ / ١٨ ، وكما فى هذه الابيات.

غضبت علىّ لان شربت بجزّة

١٣٧٠ فلاذ غضبت لاشربن بخروف

والله لو لا الله ما اهتدينا

١٣٧١ ولا تصدّقنا ولا صلّينا

لمتى صلحت ليقضين لك صالح

١٣٧٢ ولتجزينّ اذا جزيت جميلا

وجاء الجواب طبقا لمقتضى الشرط مع تقدم القسم على اداته ، فى قول على عليه‌السلام : لئن امهل الله الظالم فلن يفوت اخذه وهو له بالمرصاد ، وفى هذه الابيات.

اما والّذى لو شاء لم يخلق النوى

١٣٧٣ لئن غبتعن عينى فما غبت عن قلبى

لئن كانت الدنيا علىّ كما ارى

١٣٧٤ تباريح من مىّ فللموت اروح

٧٩٥

لئن كان النكاح احلّ شيئا

١٣٧٥ فانّ نكاحها مطرا حرام

لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا

١٣٧٦ اصم فى نهار القيظ للشّمس باديا

قال ابن هشام فى حرف اللام : ان اللام قبل ان فى هذه الموارد زائدة لان الجواب موافق للشرط ، اقول : فعلى ما قال فليس فيها قسم مقدر مع انهم التزموا بتقدير القسم مع وجود هذه اللام المسماة بتوطئة القسم ، ولنا فى ذلك كلام ياتى فى خاتمة الكتاب ، ومثال تقدم الشرط قول الشاعر.

اذا رضيت علىّ بنو قشير

١٣٧٧ لعمر الله اعجبنى رضاها

هذا كله ان لم يكن الشرط والقسم معا خبرا لمبتدء واحد ، والا فالجواب للشرط مطلقا ، نحو انى والله لئن جئتنى اعطيتك ، ولم يكن احدهما مع جوابه فى حيز جواب الآخر ، والا فلكل منهما جوابه ، نحو قول على عليه‌السلام فى كتاب له الى معاوية : واقسم بالله انه لو لا الاستبقاء لوصلت اليك منى قوارع تقرع العظم وتهلس اللحم ، وياتى القسم واحكامه فى المبحث الرابع عشر.

فى الكافى عن ابى عبد الله عليه‌السلام ، قال : انّ الله خصّ عباده بآيتين من كتابه ان لا يقولوا حتّى يعلموا ولا يردّوا ما لم يعلموا ، وقال عزوجل : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) وقال : بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ.

٧٩٦

المبحث الخامس

فى ادوات الاستفهام ، وهى ثلاث عشرة كلمة : الهمزة وام وهل وما ومن ومهما واىّ وكيف وكم واين وانّى ومتى وايّان ، والثلاث الاولى حروف ، والبواقى اسماء ، وفى الاربع الاخيرة معنى الظرفية ، والهمزة ام الباب.

والاستفهام هو طلب الفهم ، وبعبارة اخرى هو السؤال عن الشىء والاستخبار عنه ، سواء اكان السائل عالما بالواقع ام جاهلا به ، فان كان جاهلا فسؤاله استعلام ، اى يسال ليعلم ، وان كان عالما فسؤاله استنطاق ، اى يسال لينطق المخاطب بالجواب لغرض من الاغراص ، والذى وقع منه تعالى من هذا القبيل.

ثم الاستفهام والسؤال يكون طلب تصديق وطلب تصور ، وطلب التصديق هو السؤال عن وقوع نسبه الكلام ولا وقوعها ، كقولك : هل قام زيد ، فانك تسال عن وقوع نسبة القيام الى زيد ولا وقوعها ، والجواب حينئذ بنعم او لا ، وطلب التصور هو السؤال عن احد اطراف الكلام من المسند او المسند اليه او متعلق من متعلقاته ، نحو قولك : ازيد قائم ام عمرو ، فانك تسال عن المسند اليه ، والجواب حينئذ بالتعيين ، بان يقول المجيب : زيد او يقول عمرو ، وليس الجواب بلا ونعم ، ثم الهمزة وهى ام الباب تستعمل لطلب التصور وطلب التصديق ، وام المتصلة معادلة للهمزة ، ولا تستعمل للاستفهام بوحدتها ، وقد مر تفصيل ذلك فى مبحث حروف العطف ، و

٧٩٧

هل تختص بطلب التصديق ولا تستعمل فى طلب التصور ، وغيرهما من الادوات تستعمل فى طلب التصور لا طلب التصديق ، ولا تقع ام معادلة لشىء منها الا الهمزة ودونك تفاصيل ذلك وام المنقطعة لها معنى الاستفهام فى بعض الموارد وقد مر.

١ و ٢ ـ الهمزة وام

مثالها لطلب التصديق قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ـ ٢٦ / ٤١ ـ ٤٢ ، (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) ـ ٣٧ / ١٦ ـ ١٨ ، وان كان الكلام منفيا فالجواب بلى ، نحو قوله تعالى : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ـ ٧ / ١٧٢ ، (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا) ـ ٦٧ / ٨ ـ ٩ ،

والاكثر ان لا يكون نعم او بلى مذكورا فى الجواب ، بل يجاب بكلام يناسب السؤال او لا يجاب بشىء ، وسكوت المخاطب لا يدل على تصديقه ولا تكذيبه الا ان يدل عليه القرينة ، نحو قوله تعالى : (قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) ١٧ / ٩٤ ـ ٩٥ ،

مثالها لطلب تصور المسند اليه قوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) ـ ٧٩ / ٢٧ ، ولطلب تصور المسند قوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) ـ ٢١ / ١٠٩ ، والقاعدة ان يقع المستفهم عنه المردد بين امرين او امور المطلوب تعيين احدهما او احدها عقيب الهمزة وام كما يشاهد فى الآيتين.

وان وقعت ام بين الجملتين او اكثر فالمطلوب احد التصديقين او التصديقات ، نحو قوله تعالى : (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) ـ ٣٩ / ٦٣ ، (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) ـ ٥٤ / ٤٣ ـ ٤٤ ، قام بين المفردين او اكثر لطلب التصور وبين الجملتين او اكثر لطلب التصديق

٧٩٨

، ولكن لا يجوز الجواب بلا او نعم ايضا ، بل يجاب بتعيين احد الكلامين او اكثر.

ولا يخفى ان طلب التصور لا يخلو من طلب التصديق التفصيلى ، اذ لا يمكن الاستفهام عن مفرد محضا ، فان السائل : ازيد قائم ام عمرو يريد ان يعلم موضع القيام على التعيين فيصدق على التفصيل ، بعد ان علم او احتمل احدهما ، ومر بعض الكلام فى المبحث الاول.

وههنا امور

الاول : قد يحذف احدى المتعادلتين ، اى الهمزة وام مع مدخولها ، نحو قوله تعالى : (يَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ) ـ ١٠ / ٥٣ ، اى احق هو ام باطل ، وكقول الشاعر :

دعانى اليها القلب انّى لامره

١٣٧٨ سميع فما ادرى ارشد طلابها

ومن ذلك قوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) ـ ٣٩ / ٩ / ١٠ ، قرئ ام من هو قانت ، فام على هذا منقطعة والموصول بعدها مبتدا محذوف الخبر ، تقديره بل من هو قانت الخ ليس كمن ليس كذلك ، ويمكن ان يكون ام متصلة ، والهمزة قبلها مقدرة ، والتقدير : امن كفر خير ام من هو قانت الخ ، وقرئ امن هو قانت ، فقيل : الهمزة للنداء ، وهو بعيد ، بل هى للاستفهام ولها معادلة محذوفة ، والتقدير : امن هو قانت خير ام هذا الكافر ، اى المذكور فى الآية السابقة بقوله (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ) الخ.

الثانى : قالوا فى الهمزة مثل ما قالوا فى ان الشرطية من انها طالبة للفعل ، فقدروا فى قوله تعالى مثلا : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) ـ ٧٢ / ١٠ ، ااريد شر الخ ، ثم اخذ اريد وزحلق من الصدر الى الذيل ، وهذا تكلف لا موجب له لان الاستفهام يتعلق بنسبة الكلام لا بالاسم و

٧٩٩

لا بالفعل كما مر بيانه فى الشرط ، مع انهم معترفون بان هل تدخل على الجملة الاسمية بشرط ان يكون خبرها اسما.

الثالث : يجوز حذف الهمزة لا غيرها من ادوات الاستفهام ، نحو قوله تعالى : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ـ ٧ / ١١٣ ـ ١١٤ ، اى اان لنا الخ ،(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ٢٦ / ٢٢ ، اى او تلك نعمة على سبيل الانكار ، وكذا قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ـ ٦ / ٧٦ ، اى قال اهذا ربى على سبيل الانكار ، وكذا ما بعد هذه الآية فى القمر والشمس ، ونحو ما فى هذه الابيات.

احيا وايسر ما قاسيت ما قتلا

١٣٧٩ والبين جار على ضعفى وما عدلا

ثمّ قالوا تحبّها قلت بهرا

١٣٨٠ عدد الرمل والحصى والتراب

طربت وما شوقا الى البيض اطرب

١٣٨١ ولا لعبا منّى وذو الشيب يلعب

بدالى منها معصم حين جمّرت

١٣٨٢ وكفّ خضيب زيّنت ببنان

فو الله ما ادرى وان كنت داريا

١٣٨٣ بسبع رمين الجمر ام بثمان

الرابع : قد قلنا ان الجواب عن طلب التصور او التصديق المردد بتعيين احدهما ولا يصح بلا او بنعم ، ولكن يمكن ان يجاب بنفى الجميع او اثباته ، كما تقول : ازيد قام ام عمرو ، وتجاب لا زيد ولا عمرو ، او تجاب زيد وعمرو كلاهما ، الا اذا كان الامر دائرا بين المتقابلين فلا يجوز الجواب بنفى الجميع ولا باثبات الجميع ، كما يسال : اصفات الله تعالى عين ذاته ام غير ذاته ، فالجواب احدهما ، اهذا الحيوان ناطق ام غير ناطق.

الخامس : ان للهمزة تمام الصدارة ، وياتى بيان ذلك فى المبحث الثالث عشر.

٣ ـ هل

حرف استفهام ، وتفترق عن الهمزة بسبعة فروق.

٨٠٠