علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

تنبيه

ان ابن سيدة قال فى المخصّص فى السفر السابع عشر : قال سيبويه : واما زاى ففيها لغتان منهم من يجعلها فى التهجى ككى فيقول : زى ومنهم من يقول : زاى فيجعلها بمنزلة واو.

اقول : ان القوم اخذوا بظاهر كلام سيبويه ، فجروا فى كتابة اسم هذا الحرف على الياء ، ويكتبون الزاى كما تشاهد فى كتبهم ، وهذا خطا لوجوه.

١ ـ : ان سيبويه قال : فى التهجى ، والتهجى هو تعديد هذه الحروف بالتقطيع كقولك : با ، تا ، جيم ، واو ، يا الخ ، كما عرفت فى الوجه الاول ، والقوم جعلوها بالياء فى التسمية ، والتعديد بالتهجى غير التسمية كما اعترف به القوم ، فانهم يقولون فى التهجى با ، ثا مثلا ، وفى التسمية : باء ، ثاء ،.

٢ ـ : ان جوهر الحرف هو الواحد الواقع فى القراءة او الكتابة منقوطا او غير منقوط ، ثم ان اريد فيه التهجى يلحق ببعضها الف نحو حا ، خا ، را وغيرها فيتلفظ به ، ويلحق ببعضها حرفان نحو جيم ، دال ، واو ، صاد ، كاف وغيرها فيتلفظ به ، ثم ان اريد التسمية يلحق بالقسم الاول همزة ، فمن اين جاؤوا لكل من تلك الحروف بالهمزة ، وخصوا الزاء بالياء ، وكلام سيبويه لا يدل على ذلك ، فالاخذ بالاطراد اجمع واحسن.

٣ ـ : فى لسان العرب : قال الليث : الزاى والزاء لغتان ، ولا يبعد ان يكون مراده : الزاى فى التهجى والزاء فى التسمية ، على ان زيادة الياء فى التهجى لاوجه لها ايضا ، وعلى كل حال ان كان لهذا الحرف اختصاص ففى التهجى لا فى التسمية ، والليث هو ابن المظفر بن نصر بن سيّار من تلاميذ الخليل النحوى.

واعلم انه يجوز ارجاع الضمير الى حروف الهجاء والكلمات الثلاث مذكرا

٥٤١

باعتبار اللفظ ، او اسمائها الخاصة من الاسم والفعل والحرف ، ومؤنثا باعتبار اللفظة او الكلمة كما هو المشاهد فى عبائر القوم ، ولارجحان لاحدهما على الآخر.

الفصل الخامس

فى حكاية الاسم بالاستفهام ، وهى اما بمن او اىّ.

الاول : اذا وقع نكرة فى كلام متكلم وكان معناها من العقلاء جازان يستفهم بمن على وجوه.

١ ـ ان يستفهم به مفردا فى جميع الحالات بان تقول فى السؤال من؟ فقط

٢ ـ : ان يستفهم به مع مبتدا كان يقول احد : عندى رجل او رجلان او رجال ، وتسال : من الرجل ، من الرجلان ، من الرجال ، او من هو ، من هما ، من هم ، او من ذا ، من ذان ، من هؤلاء ، وكذا ان كان فى كلامه منصوبا او مجرورا ، كان يقول : رايت رجلا او مررت برجل ، فتسال من الرجل فالرجل فى السؤال مرفوع ، وان كان فى الكلام منصوبا او مجرورا ، فليس فى هذين الوجهين حكاية اعراب ، بل المذكور بعد من مبتدا مرفوع دائما ، وهو فى الوجه الاول مقدر.

٣ ـ : ان يستفهم به مفردا فى جميع الحالات مع حكاية الاعراب عليه بالحروف ، كان يقول احد : عندى مسلم او مسلمان او مسلمون او مسلمة او مسلمتان او مسلمات ، وتسال فى كل الصور : منو ، او يقول : رايت مسلما او مسلمين او مسلمين او مسلمة او مسلمتين او مسلمات ، وتسال فى كل الصور : منا ، او يقول : مررت بمسلم او مسلمين او مسلمين او مسلمة او مسلمتين او مسلمات ، وتسال فى جميع الصور : منى ، وتلحق الالف او الواو او الياء بمن لغرض التصريح بان المسؤول عنه فى كلام المتكلم مرفوع او منصوب او مجرور ، وان قال : لى صديق مسلم رايت اليوم كافرا يحاجّه ، فان سالت : منو فالسوال عن الصديق ، وان سالت : منا فالسؤال عن الكافر ، ولا يجوز الحاق المبتدا بمن مع هذا الاعراب ، ولا يجوز الحاق الاعراب بالحركة ، ولا يجوز السؤال عن

٥٤٢

غير النكرة بهذا الوجه ، وان كان النكرة فى كلام المتكلم كثيرة وتشتبه عليه بهذا الوجه من السؤال كما كان الكل مرفوعا مثلا وجب السؤال بالوجه الثانى ، لا بهذا ولا بالوجه الاول.

٤ ـ ان يستفهم به طبقا للمسؤول عنه فى الافراد واخويه والتانيث واخيه مع حكاية الاعراب عليه بالحروف ، كان يقول احد : عندى رجل او رجلان او رجال او امراة او امراتان او نساء ، فتسال فى هذه الصور : من ، منان ، منون ، منة ، منتان ، منات ، او يقول : رايت صديقا او صديقين او اصدقاء او صديقة او صديقتين او صديقات ، فتسال فى هذه الصور : منا ، منين ، منين ، منة ، منتين ، منات ، او يقول : مررت بعالم ، عالمين ، عالمين ، عالمة ، عالمتين ، عالمات ، فتسال فى هذا الصور : منى ، منين ، منين ، منة ، منتين ، منات ، ويجوز فى منتان ومنتين تسكين النون بل هو اولى ، ويجرى فى هذا الوجه ما ذكرنا فى الوجه الثالث ، كل ذلك طبقا لما شوهد فى استعمالات اهل اللسان ، وهذه الوجوه الاربعة فيما اذا كان المستفهم عنه نكرة.

٥ ـ : اذا كان المستفهم عنه معرفة وجب ان يكون السؤال على الوجه الثانى ، ولا يجوز حكاية الاعراب الا اذا كان المعرفة علما ولم يكن السؤال مقترنا بحرف العطف ، فتقول : لمن قال لك جاءنى زيد : من زيد ، ولمن قال رايت زيدا : من زيدا ، ولمن قال مررت بزيد : من زيد ، وان قرنت السؤال بعاطف وقلت : ومن زيد ، فزيد مرفوع فى الحالات الثلاث.

واما ان كان المستفهم عنه من غير العقلاء وكان السؤال بما فعلى الوجه الثانى لا غير مع رعاية الافراد والتذكير وفروعهما.

الثانى : اذا وقع نكرة فى كلام متكلم سواء اكانت من العقلاء ام غيرهم جاز ان يستفهم عنه باىّ على وجوه.

١ ـ : ان يستفهم به مفردا مذكرا فى جميع الصور مع حكاية الاعراب كان يقول احد : عندى رجل او رجلان او رجال او امراة او امراتان او نساء او طعام او حيوان ،

٥٤٣

فتسال : اىّ ، او يقول : رايت رجلا او رجلين الخ ، فتسال : ايّا ، او يقول : مررت برجل او رجلين ، فتسال : اىّ.

٢ ـ : ان يستفهم به طبقا للمستفهم عنه فى الافراد والتذكير وفروعهما مع حكاية الاعراب ، كان يقول احد : عندى امراة او رجلان او نساء او رجال ، فتسال : ايّة ايّان ، ايّات ، ايّون ، وهكذا فى النصب والجر ياتيان اى منونا منصوبا او مجرورا ، هذا اذا لم يذكر المبتدا بعد اى.

٣ ـ : ان يستفهم به مع المبتدا بعده فهو ، مفرد مذكر دائما ولا حكاية فيه ، بل مرفوع ، وما بعده معرف مرفوع على الابتداء مطابق للمستفهم عنه فى الافراد والتذكير وفروعهما سواء اكان معرفة ام نكرة ، كان يقول احد : رايت رجلا ، فتسال : اى الرجل ، او يقول : مررت بزيد ، فتسال : اى زيد ، او يقول : عندى صورة حسنة ، فتسال : اى الصورة ، او يقول : حمدت الله على آلائه ، فتسال : اى الآلاء ، وهكذا ، ويجوز فى هذا الوجه اضافة اى الى ما بعده ، والمبتدا بعده مقدر ضميرا او اسم اشارة مطابقا للمستفهم عنه ، وهذا واضح.

ههنا تنبيهات

الاول : الحق ان ما يلحق بمن واى وما من الحروف والحركات فى باب الحكاية ليست علائم الاعراب ، بل الاعراب فيها تقديرى ، وهذه الحروف اتباعات للفظ المتكلم على وجه الحكاية لان اصل الكلمة يابى عن قبول الاعراب.

الثانى : قيل : ان من العرب قوما يثنون ويجمعون من وايا فى غير باب الحكاية ، من ذلك قول الشاعر :

اتوا نارى فقلت منون انتم

٩٣٠ فقالوا الجنّ قلت عموا ظلاما

الثالث : لا يجوز الحكاية ان كان المستفهم عنه تابعا او متبوعا ، بل يؤتى فى السؤال باحدهما او كليهما على الاعراب ، كان يقول احد : رايت رجلا وامراة ،

٥٤٤

او مررت بزيد العالم ، فتسال : من الرجل والمراة ، او من زيد ، او من العالم ، او من زيد العالم ، وهكذا.

الرابع : يجوز ان يؤتى بالجار حرفا او اسما مع حكاية المجرور ، كان يقول احد : جلست خلف دار الامير ، فتسال داراى ، او يقول : سافرت مع رجال ، فتسال : مع منين ، او يقول : اخذت من مال كريم ، فتسال : من مال منى ، وهكذا.

الخامس : جاز الاستفهام عن المنسوب اليه العاقل بمن ، كان يقول احد : لقيت زيدا ، فتسال : المنىّ ، فيجيبك : القرشىّ مثلا ، ويجب ادخال ال على منى لانه وصف للمعرفة فلابد ان يعرف ، ولا باس به لانه دخل فى المعربات بلحوق ياء النسبة اليه ، ويحكى اعراب المنسوب الذى هو محكى عنه اعنى زيدا فى هذا المثال على ياء النسبة ، واما الجواب اعنى القرشى فيجوز رفعه على تقدير هو القرشى ، واعرابه على الحكاية ، وبعض العرب يدخل على المحكى همزة الاستفهام ، ويقول : ءالمنى او آلمنى بالمد بعد قلب همزه ال الفا ، اذ يضعف دلالة من على الاستفهام بلحوق ياء النسبة ، وكذا الحال اذا كان المحكى عنه مثنى او مجموعا او متعددا ، كان يقول احد : عاونت مسلما ومسلمة ، فتساله : المنيّين ، فيجيبك : المرعشى والمرعشية ، وهكذا غير ذلك.

الباب الرابع

فى اسماء الاصوات ، وهى اقسام :

القسم الاول : اسماء يحكى بها عن اصوات صادرة عن الجمادات او الحيوانات او الاناسى.

نحو طاق : حكاية صوت وقوع حجارة او مثلها على شىء ، طق : حكاية صوت ضرب شىء على شىء ، قب : حكاية صوت ضربة سيف او مثله على مضرب ، طق طق : حكاية صوت يتكرر من ضرب شىء على شىء ، غق غق : حكاية صوت غليان القدر ، وفى الحديث

٥٤٥

ان الشمس لتقرب يوم القيامة من الناس حتى ان بطونهم لتقول : غق غق ، دب دب : حكاية صوت الدبداب ، حبطقطق : حكاية صوت حوافر الخيل عند الجرى ، ونحو غاق غاق او غار غار : حكاية صوت الغراب ، شيب : حكاية صوت مشافر الابل عند الشرب ، ماما : حكاية صوت الظبية حين تدعو ولدها ، خاز باز : حكاية صوت الذباب ، ونحو قاه قاه : حكاية صوت الضحك ، عيط وعاط مفردا ومكررا : حكاية صوت الصبيان او المجانّ اذا تصايحوا فى اللعب ، طيخ : حكاية صوت الضاحك ، ياع ياع ويع يع : حكاية اصوات القوم اذا تداعوا فى الحرب او الخصومة او غيرهما ، خاق باق حكاية صوت ابى عمير فى زرنب الفلهم ، تغن تغن وققن ققن وآها آها كلها حكاية صوت الضحك ، قال الشاعر.

آها آها عند زاد القوم ضحكتكم

٩٣١ وانتم كشف عند الوغى خور

واعلم ان هذه الالفاظ يقال لها اسماء الحكاية ، لانها الفاظ يتلفظ بها السامع لتلك الاصوات على سبيل حكايتها ، وليست موضوعة لمعان ، ولا تختص بلغة العرب ، بل يفعلها اهل كل لغة حسب لهجتهم ، وهى مبنية على السكون او الكسر سواء اتلفظ بها بوحدتها ام فى تركيب الكلام ، كما وقع آها آها مبتدا فى البيت المذكور ، وان شئت فقل : خبر مقدم ، وكما تقول : اسمع خاز باز ، او قاه قاه ، وهى جامدة غير متصرفة ، لا تحمل ضميرا ولا تثنى ولا تجمع ولا تصغرو لا تنسب ، وقد يجعل منها فعل ، نحو قهقه الرجل ، وطقطقت الحجارة.

ولا يخفى ان هذه الالفاظ غير الاسماء الموضوعة للاصوات ، نحو الخوار لصوت البقر ، والضبح لصوت نفس الفرس عند العدو ، والهمس لصوت حركة الانسان ، والصياح لصوت كل شىء اذا اشتد ، والصراخ للصياح عند المصيبة ، واللغط لاصوات مرتفعة مخلوطة ، والهتاف لصوت الداعى ، والرنين لصوت المريض او المكروب ، والفخيخ لصوت النائم ، والصهيل لصوت الفرس ، وغير ذلك على كثرتها من اسماء وضعت لاصوات الجمادات والنباتات والحيوانات والاناسى وغيرها من الارضيات

٥٤٦

والسماويات ، فانها اسماء معربة متصرفة يشتق منها الفعل والاسم ومعانيها تلك الاصوات بانواعها.

القسم الثانى : اسماء يصوت بها لزجر البهائم او دعوتها او تحريكها او تسكينها ، او الذى كالبهائم فى عدم فهم معانى الكلمات او عدم استماعها كالرضيع والاصم ، وهى كثيرة ، نحو حب وحاب وحوب وحل وحلى لزجر الابل ، وجوت جوت لدعائها الى شرب الماء ، وعه عه وعاه عاه وعيه عيه لحبس الابل ، وها ها وياه ياه لدعوتها الى صاحبها ، وهر هر لدعاء الغنم للماء ، وقيل : هر هر لسوقها ، وبر بر لدعائها ، وحو حو لدعاء الغنم ايضا ، وداع داع لزجر صغار المعز ، وهج وهجا امر للكلب بالكف ، وهلا لزجر الفرس ، وعدس لزجر البغل ، وكخ لامر الطفل بالكف ، ونخ واخ لاناخة الابل ، وهدع لتسكين صغار الابل اذا نفرت ، وهذه الاسماء نظير اسماء الافعال للآدميين ، وكلها مبنية وان وقعت فى تركيب الكلام ، ولا ضابط لها ، بل للانسان ان يتلفظ بكل لفظ يراه مناسبا لما اراده من الذى لا يفهم المعانى من الانسان وغيره ، وشوهد دخول ال على بعضها ولحوق التنوين ببعضها فى بعض الاشعار ، وهذا لا يوجب اعرابها الا ان يراد كونه اسما لنوعه ، نحو ان يقال : ان العرب تزجر الابل بحوب وتدعوها بياه ياه ، وتزجر البغل بعدس ، نظير ما مر فى الباب الثالث.

القسم الثالث : اسماء تدل طبعا على حالات فى نفس المتكلم ، ويقال لها : كلمات المعانى ، نحو اف يقوله المستكره ، ووى يقوله المتعجب ، آه ، واه ، اوه ، هاه يقوله المتوجع او الحزين ، وبخ بخ وبح بح يقوله المستحسن ، وحسن واخ يقوله المصاب بغتة ، وزه يقوله المرتضى بشئ.

وهذه الاسماء وغيرها غير موضوعة ، تصدر طبعا من الانسان بل من بعض الحيوانات عند حدوث تلك الحالات ، وكلها مبنية على السكون او الكسر ، وان دخل على احدها ال او لحق به التنوين فلان يستعمل اسما لنوعه ، وهذه الاسماء

٥٤٧

غير ما وضع لتلك الحالات كالتعجب والتوجع وغيرهما ، وقد يجعل منها مصدر جعلى نحو التاوه والتافف ، وقد مر فى كتاب الصرف منها امثلة فراجع.

تنبيه

ان علل اعراب الكلمات وبنائها هى محاكاة العرب فيما اعربته او بنته طبقا لغريزتها المودعة فى انفسها باذن الله تعالى ، فالمعرب ما اعربته العرب باستعمال الكلمة مختلفا آخرها فى تركيب الكلام ، والمبنى ما بنته باستعمالها غير مختلف آخرها فى تركيب الكلام.

ولكن القوم قالوا : الاصل فى الاسم هو الاعراب ، وعلة بناء بعض الاسماء شباهته بالحرف ، والشبه اما وضعى او معنوى او استعمالى او افتقارى او لفظى او اهمالى ، والاصل فى الحروف البناء ، وكذا الفعل ، وعلة اعراب بعض المضارع شباهته بالاسم فى اعتوار المعانى المختلفة عليه او موازنته لبعض الاسماء المشتقة ، ثم قالوا : الاصل فى المبنى السكون ، فخلقوا للبناء على الحركة عللا اخرى ثم راوا تخلف العلل طردا او عكسا فى مواضع كثيرة فقالوا فيها ما قالوا ونسجوا ما نسجوا واختلفوا وجادلوا وتنازعوا وضيعوا اعمارهم واعمار خلفهم ، وعلينا ان نتركها كلها ، لانها مخلوقات لا جدوى فيها لطلبة علم النحو ، ولا اثر لها الا ضياع الوقت.

فى الكافى ، عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا فى حسن عقله ، فانّما يجازى بعقله.

٥٤٨

المبحث السابع

فى غير المنصرف من الاسماء : وحكمها ان لا يلحق بها الجر والتنوين ، وجرها بالفتحة على عكس الجمع المؤنث السالم الذى نصبه بالكسرة ، وهذا الحكم ثابت لها اذا كانت مجردة عن ال والاضافة ، واما مع احدهما فهى كسائر الاسماء فى الاعراب.

وغير المنصرف هو اسم يكون فيه بعض هذه الامور العشرة : صيغة منتهى الجموع ، الالف المقصورة او الممدودة ، التانيث ، العجمة ، العدل ، الالف والنون الزائدتين ، التركيب ، وزن الفعل ، الوصف ، العلمية ، ويقال لهذه الامور : علل منع الصرف واسبابه ، فاذا اجتمع اثنان منها فى اسم منع من الصرف بشرائط ، الا الالف المقصورة او الممدودة وصيغة منتهى الجموع ، فان كلا منهما يكفى بوحدته لمنع الصرف ، واصطلحوا على انه نائب عن سببين ، وسموها علة مضعفة ، وتكلفوا بذلك وذكروا له عللا ليطرد القول بان علة منع الصرف اثنان منها ، وليس بلازم ، ونذكر احكام الاسم مع هذه العلل فى عشرة فصول.

الفصل الاول

من موانع صرف الاسم كونه على صيغة منتهى الجموع ، فانها بوحدتها تمنع الاسم

٥٤٩

عن الصرف وتجعله غير المنصرف ، وذكرنا فى كتاب الصرف فى التقسيم العاشر من مبحث الاسماء ان له عشرين صيغه ، كل منها يمنع من الصرف على اى وجه كان.

وكون الاوزان عشرين باعتبار الوزن الصرفى ، وهو موافقه كلمه لكلمه اخرى فى الحروف الاصليه والزائده وفى الحركات والسكون ، واما باعتبار الوزن العروضى الذى هو توافق الكلمتين فى الحركات والسكون فقط فهى اثنتان : ما يكون على خمسه احرف ، اولها مفتوح وثالثها الف ورابعها مكسور ، وقد يضم الحرف الاول ويفتح الرابع ان كان الخامس حرف علة انقلب الفا نحو سكارى ، او يبقى الاول على الفتح مع ذلك نحو فتاوى ، وما يكون على ستة احرف ، اولها مفتوح وثالثها الف ورابعها مكسور وخامسها ياء ساكنة ، راجع كتاب الصرف يتبين لك الامر.

تنبيهان

الاول : علة منع الصرف هى صيغة منتهى الجموع على احد الوزنين مع معنى الجمعية ، وعلى هذا فنحو ملائكة واشاعرة وملاحدة وفرازنة منصرف لخروجه عن تلك الصيغة بلحقوق التاء به ، ونحو حمر جمع احمر ، وطلاب جمع طالب ، وانصار جمع ناصر ، ورجالات جمع رجال ، وصواحبات كما فى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لازواجه : انكن صواحبات يوسف منصرف لخروجه عنها ايضا ، وان كان صواحبات جمع صواحب ، وحمر وطلاب وانصار فيها الوصف مع الجمعية.

وما كان على احد الوزنين بلا معنى الجمعية ، نحو ثمانى لمرتبة من العدد ، ورباعى للذى القى رباعيته ، وشناحى للطويل ، وحزابى للقصير ، ونحو ترامى وتراضى وتلاقى مصدر التفاعل ويمانى للمنسوب الى اليمن ، فانها منصرفة ، وكذا مونثاتها بطريق اولى ، نحو ثمانية ورباعية وشناحية وحزابية ويمانية ، وكذا نحو علانية وكراهية مصدر الثلاثى ، الا ان يكون فى الاصل جمعا وزال عنه معنى الجمعية بالعلمية ، فانه غير منصرف نظرا الى اصله ، نحو شراحيل علم رجل ، وحضا جر

٥٥٠

علم لانثى الضبع ، وكشاجم علم لرجل ، وصنافير علم قرية بمصر ، واثافت علم قرية بيمن ، ومدائن علم قرية قريبة من بغداد ، وهوازن علم قبيلة.

واما نحو سراويل لما يلبسه الانسان على رجليه الى معقد الازار ، وطباشير معرب تباشير وهو جسم ابيض كالجص كان يستعمله الاطباء لبعض المعالجات فشاذ عدم صرفهما لكونهما مفردين بلا علمية ولا جمعية وان كان سراويل فى الاصل جمعا لانه جمع سروال وهو معرب شلوار ، ولكنه يستعمل مفردا بعد التعريب ، واما تباشير فهو مفرد فى الاصل العجمى وبعد التعريب ، واما تباشير فى كلام على عليه‌السلام مبشرا بظهور صاحب الامر عليه‌السلام وانصاره : وما اقرب اليوم من تباشير غد فهو جمع تبشير ، والمراد منه الاوائل من الزمان المبشرة بما يجئ بعدها.

وقال فى تاج العروس : التباشير البشرى ، وليس له نظير الا ثلاثة احرف : تعاشيب الارض وتعاجيب الدهر وتفاطير النبات ، ومراده ان هذه الاربعة تستعمل فى مطلق الجنس المنطبق على الواحد والاكثر مع انها بصيغة الجمع ، وتستعمل غير منصرفة ان لم تكن مضافة او مع ال ، ولتباشير معان عديدة مذكورة فى القاموس وغيره.

الثانى يحذف الضمة والكسرة من آخر هذا الجمع ان كان ياء او واوا لثقلهما عليهما ، كما يحذف من نحو يرمى ويغزو والداعى واعيلى تصغيرا على واحيوى تصغير احوى ، والاعراب فى هذه كلها تقديرى ، ولا يحذف الواو والياء الا اذا كانت الكلمة منونة نحو راض وعم ، وما جاء محذوف الآخر سماع لا يقاس عليه ، نحو قوله تعالى : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ) ـ ٣٤ / ١٣ ، (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ) ـ ٤٢ / ٣٢ ، كما فى قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) ـ ٨٩ / ٤ ، و (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) ـ ٥٤ / ٦.

واما اذا كان آخر الكلمة الفا نحو خطايا وسكارى او فتحة نحو رايت جوارى او الجوارى ومررت بجوارى فلا تحذف ، كما لا تحذف من نحو يرضى ولن يرمى ورايت الداعى او داعيا ، وما شوهد خلاف ذلك فهو سماع او ضرورة لا يتجاوز عن

٥٥١

مورده.

الفصل الثانى

ومن موانع صرف الاسم ان يكون فى آخره الالف المقصورة او الممدودة الزائدة ، ، سواء اكانت فى الجمع ، نحو اشداء ورحماء واصدقاء وحكماء وجرحى وقتلى وشتى ، ام فى المفرد المؤنث ، نحو فضلى ولحيى وحمراء وسوداء وبيداء وبشرى وذكرى ، ام فى المذكر ، نحو زكريّا وورقاء علم رجل ، وهذه ايضا بوحدتها تكفى لمنع الصرف كصيغة منتهى الجموع.

تنبيهات

الاول : جعل القوم التانيث سببا واحدا ، وقالوا : انه اما بالتاء او بالالف المقصورة او الممدودة ثم فصلوا حكم التاء عن الالف ، فاسباب منع الصرف فى كلامهم تسعة على المشهور ، وانى جعلت الالف سببا والتاء سببا ، فهى حينئذ عشرة ، لان الالف ليست للتانيث فى كل موضع كما فى زكريا وعلماء مع انها تمنع من الصرف مطلقا ، والالف بوحدتها سبب للمنع بخلاف التاء فانها تمنع من الصرف ان اجتمعت مع سبب آخر ، ان قلت : ليكن الف زكريا وعلماء كتاء طلحة واغلمة فيشملهما الف التانيث ، قلت : لو سلمنا اطلاق الف التانيث عليهما فالاحسن ما صنعنا لان الالف تمنع من الصرف بوحدتها وغيرها ليس كذلك.

الثانى : قيل : ان الالف الممدودة كانت فى الاصل مقصورة ، فلما اريد المد زيدت قبلها الف اخرى فانقلب الثانية همزة لتعذر النطق بالالفين المتتاليتين ، وهذا خرص موهوم لم يستند الى اصل معلوم.

الثالث : الالفان زائدتان ، فان كان الالف من اصول الكلمة كسماء وعصا لم تمنع من الصرف ، ولكن العرب اتت بلفظة اشياء غير منصرفة ، نحو قوله تعالى : (لا تَسْئَلُوا

٥٥٢

عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) ـ ٥ / ١٠١ ، وهذا شاذ عن القاعدة لانها جمع شىء وهمزتها لام الفعل ، والتعرض للاقوال المختلفة والعلل المتعددة التى ذكروها فى هذه الكلمة كما فى شرحى النظام والرضى لا يسعها عمرنا ، واما الف الالحاق فى نحو ارطى اسم شجر وعلقى اسم نبات فزائدة باعتبار الملحق واصلية باعتبار الملحق به ، فلا باس بالقول بجواز الامرين اى الصرف وعدمه بالاعتبارين.

واعلم ان العمدة فى باب منع الصرف من الاسباب الباقية هى العلمية فانها فى الاكثر الاغلب تجتمع مع واحد من السبعة الباقية ، واما اجتماع اثنين منها من دون العلمية فقليل ، وسيتضح لك هذا فى الفصول التالية.

الفصل الثالث

ومن موانع صرف الاسم التانيث بغير الالفين ، سواء اكان مسمى الاسم مذكرا نحو طلحة وحمزة ، ام مؤنثا نحو فاطمة وجميلة ، وسواء اكان مع التاء كما مر ام بدونها نحو زينب وهند ، وسواء اكان التانيث حقيقيا كما مر ام غير حقيقى نحو شمس وجهنم ، وسواء اكان مفردا كما مر ام جمعا نحو قضاة وغلمة ، فالتانيث على اى وجه من هذه الوجوه سبب لمنع الصرف فان اجتمع مع سبب آخر فى كلمة فهى غير منصرفة الا ما فى نحو قضاة وغلمة ، فانه لا يمنع من الصرف الا ان يجتمع مع العلمية.

تنبيهات

الاول : ان جعل مؤنث بلا تاء نحو زينب وشمس علما لمذكر ينصرف ، وان جعل مذكر نحو قمر وكوكب علما لمؤنث لا ينصرف ، لان الصرف وعدمه تابعان للمسمى ان لم يكن فى اللفظ علامة التانيث ، والا فتابعان للعلامة وان كان المسمى مذكرا.

الثانى : كل علم مؤنث ثلاثى ساكن الوسط بلا علامة التانيث نحو هند ودعد

٥٥٣

وجور جاز فيه الوجهان الصرف وعدمه.

الثالث : ان جعل جمع المؤنث السالم علما نحو عرفات واذرعات وطيّبات جاز فيه الوجهان ، والاولى صرفه لان التاء المبسوطة فى آخرها علامة الجمع لا التانيث كما ان تاء نحو ملكوت وجبروت وطاغوت ونحو عفريت وكبريت ليست للتانيث ، الا اذا كان المسمى مؤنثا حقيقيا نحو غانيات اذا سمى بها امراة ، فيجب عدم صرفه.

الرابع : ان زال التعريف عن العلم كما تقول : حدثتنى زينب من المحدثات انصرف لزوال السبب ، وكذا الكلام فى اسباب اخرى غير العلمية ، كما سمى رجل بارض ، فقد زال التانيث بالتسمية.

الخامس : المضاف ينصرف كائنا ما كان ، واما المضاف اليه فباق على حكمه ، فالمضاف اليه فى نحو ابى زينب وابى هريرة وابن طلحة وغلام جميلة وثوب عاتكة وغيرها لا ينصرف.

السادس : اعلام البلاد والارضين والجبال والمياه والبحار والعيون والآبار والخانات والمساجد والمصانع والمعامل والبيوتات العامة والقبائل والشعوب والاحزاب والجماعات ان كانت لها علامة التانيث فلا تنصرف ، والا فان كان المسمى مذكرا ينصرف او مؤنثا فلا ينصرف ، وان كان المسمى ذا اعتبارين فجار الوجهان ، نحو بغداد وحجاز ودمشق وقم وغيرها من اعلام البلاد ، فان اعتبرت كلا منها بلدا ومكانا فمذكرا وقرية وبقعة فمؤنث ، ونحو قريش وهذيل وكلب وغيرها ، فان اعتبرت كلا منها قبيلة وطائفة فمؤنث ، او حى وقوم فمذكر ، هذا اذا لم يجتمع مع العلمية غير التانيث ، والا فلا ينصرف ، نحو تغلب علم قبيلة ، فان فيه العلمية ووزن الفعل ، وكوفان ففيه العلمية والالف والنون الزائدتان.

السابع : اسماء سور القرآن منها ما هو مع ال او الاضافة ، نحو البقرة والانعام والرحمان وآل عمران وبنى اسرائيل ، فهذا القبيل منصرف ، فتقول : قرات البقرة

٥٥٤

آل عمران ، واقسمت بالبقرة وآل عمران ، وهذه البقرة وآل عمران ، وان اضيفت اليها سورة فليست حينئذ اسماء للسور ، لان قولك : سورة البقرة ، اى سورة ذكرت فيها البقرة.

ومنها ما هو علم من قبل ثم سميت به السورة ، نحو ابراهيم ومريم وهود ويوسف ونوح ومحمد ، فهذا القبيل لا ينصرف وان كان فى الاصل منصرفا ، وذلك للعلمية والتانيث لان السورة مونثة ، وان اضيفت اليه سورة فله حكمه من الانصراف وعدمه ، اذ ليس حينئذ اسما للسورة بل للشخص.

ومنها ما هو حرف مقطع واحد او غير واحد ، نحو ق وطه وكهيعص ، او جملة نحو فصلت وتبت واقتربت وسال سائل و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وعبس وقل اوحى ، وهذان يحكيان سواء اضيفت اليهما سورة ام لا ، ومرحكم الحكاية فى المبحث السابق

الثامن : ان اجتمع مع التانيث غير العلمية من الاسباب لم يمنع الاسم من الصرف ، نحو ضاربة ففيها التانيث والوصف ، وعريانة ففيها التانيث والالف والنون الزائدتان ، وخانة وكلبة وسفرة ففيها التانيث والعجمة ، وثرمطة بمعنى الطين الرطب الرقيق ، فان فيها التانيث والتركيب ، قال ابن فارس فى مقائيس اللغه انها منحوتة من كلمتين : الثرط والرمط وهما بمعنى اللطخ ، فان الطين الرطب الرقيق يتلطخ به الانسان وغيره ، وينجلب فان فيها التانيث ووزن الفعل ، وهى بمعنى الخرزة.

الفصل الرابع

ومن موانع صرف الاسم العجمة ، وهى كون اللفظ موضوعا فى غير لغة العرب ، والاسم العجمى غير منصرف ان كان زائدا على ثلاثة احرف علما فى استعمال العرب.

٥٥٥

وهنا مسائل

الاولى : اسماء الانبياء عليهم‌السلام كلها عجمية ممنوعة من الصرف الا شيثا ونوحا وهودا وصالحا ولوطا وشعيبا وعزيرا ومحمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم ، وكذا اسماء الملائكة الا مالكا ملك النار ومنكرا ونكيرا ان كانا علمين لهما ، ورضوان خازن الجنان لا ينصرف للعلمية والالف والنون الزائدتين ، وابليس ممنوع من الصرف ، ومثله كثير من الجن والشياطين الذين لهم اعلام مذكورة فى الروايات ، وكذا اسماء الملوك والسلاطين فى غير العرب كفرعون وجالوت وكورش وفريدون وبابك ، واما ضحّاك فانه معرب دهاك.

والمعرب ليس له حكم العجمى ، والفرق بينهما ان العرب ان استعملت العجمى بلا تغيير فهو عجمى ، نحو خراسان وخرّم اسم نبات وعلم قرية ، وكركم بمعنى زعفران ، والاعلام المذكورة وغيرها ، وان استعملته بتغيير فهو معرب ، والتغيير اما بتبديل الحرف ، نحو بنفسج معرب بنفشه ، وساذج معرب ساده ، وطهران معرب تهران ، واصبهان معرب اصفهان ، وكوسج معرب كوسه ، ودانق معرب دانك ، وابريسم معرب ابريشم ، او بزيادة حرف ، نحو درهم معرب درم ، وديباج معرب ديبا ، او بنقصان حرف نحو بهرج وهو الردى من كل شىء معرب بنهرة او بنهلا ، وذكر ابن سيدة فى السفر الرابع عشر من المخصص قواعد التعريب.

الثانية : تعرف عجمة الاسم بوجوه : احدها النقل بان ينقل ذلك بعض ائمة اللغة ، الثانى خروجه عن اوزان الاسماء كابريشم فان مثل هذا الوزن مفقود فى ابنية الاسماء فى اللسان العربى ، الثالث ان يكون اوله نون ثم راء نحو نرجس فان ذلك لا يكون فى كلمة عربية ، الرابع ان يكون فى آخره زاء نحو مهندز بمعنى مهندس فان ذلك لا يكون فى كلمة عربية ، الخامس ان يجتمع فيه الصاد والجيم نحو الصولنجان

٥٥٦

والجص ، السادس ان يكون فيه الجيم والقاف نحو المنجنيق ، السابع ان يكون خماسيا او رباعيا عاريا من حروف الذلاقة وهى الياء والراء والفاء واللام والميم والنون ، فانه متى كان عربيا فلا بد ان يكون فيه شىء منها ، هكذا نقل السيد فى شرح الصمدية عن ائمة العربية.

الثالثة : تزول العجمة ان صغر العجمى على اوزان التصغير العربى ، نحو مريد ومريغ مصغرى مرد ومرغ ، فينصرف وان جعل علما ، الا ان يجتمع العلمية مع سبب آخر كما اذا سمى باحدهما مؤنث ، وكذا الامر فى المنسوب.

الرابعة : العجمى الثلاثى ومادونه ينصرف ، والرباعى وما فوقه لا ينصرف ، وقال بعضهم : الساكن الوسط منه منصرف ، والمتحرك الوسط منه غير منصرف كالرباعى ، وقال آخرون : الساكن الوسط منه يجوز فيه الوجهان ، والمتحرك الوسط منه غير منصرف كالرباعى.

الخامسة : الاعتبار بكون اللفظ عجميا وضعه فى العجم وعدم كونه ماخوذا من العرب وان وجد مثله فى العرب ، فموسى علما عجمى غير منصرف ، وموسى بمعنى آلة الحلق عربى منصرف ، وكذا يعقوب ، وهو فى العرب بمعنى ذكر الحجل ، وكذا اسحاق ، وهو فى العرب مصدر اسحق الضرع اذا ذهب لبنه ، وكذا الكلام فى تشابه الوزن ، فان طالوت وجالوت وقارون وهارون عجمية غير منصرفة ، وموازنها فى العرب نحو طاغوت وطاووس منصرف.

ثم القول باشتقاق بعض العجميات من العربى كاشتقاق ابليس من ابلس ابلاسا بمعنى حزن وتحير ، وآدم من الادمة بمعنى السمرة ، ويعقوب من عقب ، وغير ذلك مما هو مذكور فى بعض التفاسير وغيرها لا مدرك له ، بل مقطوع العدم لان وضع تلك الاسماء قبل ظهور العرب فى الارض ، والمشهور ان اول من تكلم بالعربية يعرب بن قحطان اليمنى ، وان انتشار لغة العرب فى الحجاز من زمن اسماعيل عليه‌السلام.

السادسة : ان اجتمع مع العجمة غير العلمية والتانيث من الخمسة الآتية

٥٥٧

فلا يمنع الاسم من الصرف.

الفصل الخامس

ومن موانع صرف الاسم العدل بمعنى العدول ، وهو تحويل الاسم عن صيغته الاصلية الى صيغة اخرى مع اتحاد المعنى لا لالحاق ولا اعلال ولا ترخيم ولا قلب ولا حذف ولا اشتقاق ولا تخفيف ، وقد ذكرنا هذه الامور فى كتاب الصرف ، والعدل يجتمع مع العلمية فى موضعين :

١ ـ اعلام على وزن فعل ، نحو عمرو مضروز فر وزحل وقثم ودلف وثعل وجشم وجمح وقزح وعصم وجحى وبلع وهبل وهذل ودهروتهم وطوى ، قالوا : انها معدولة عن وزن فاعل ، وهذا تخمين ليس له واقع ، وانما قررو لالتزامهم بوجود السببين فى غير المنصرف ، ومنشا التخمين ان الوصف على وزن فعل قد ياتى بمعنى فاعل ، نحو غدر بمعنى غادر وفسق بمعنى فاسق.

٢ ـ : اعلام نساء على وزن فعال ، نحو رقاش وقطام وحذام ، وقد روا فيها عدولا عن وزن فاعلة ، ولكن منع الصرف لغة بعض العرب ، واللغة الفصيحة بناءها على الكسر كالاوصاف الموازنة لها ، نحو فساق بمعنى فاسقة ، وكاسم الفعل الموازن لها بمعنى الامر ، نحو نزال بمعنى انزل ، ودراك بمعنى ادرك ، فلهذا الوزن ثلاثة وجوه : العلم والوصف واسم الفعل.

ويجتمع العدل مع الوصف فى ثلاثة مواضع :

١ ـ : احاد وموحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث الخ ، فان كلا منها كما بينا فى كتاب الصرف معدول عن العدد المكرر ، اى عن واحد واحد واثنين اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة الخ ، ومعنى الوصفية فيها التجمع بهذا العدد ، فان قولك : ادخلوا ثلاث ، اى ادخلوا مجتمعين بهذا العدد ، اى ثلاثة ثلاثة.

٢ ـ : وزن فعل جمعا لفعلى مؤنث افعل ، نحو اخر جمع اخرى مؤنث آخر ، وكبر

٥٥٨

جمع كبرى مؤنث اكبر ، وفى القرآن : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ـ ٢ / ١٨٤ ، وهذا معدول عن آخر ، اى عن مفردة لان اسم التفضيل المجرد عن ال والاضافة قياسه ان يكون مفردا مذكرا دائما على ما بين فى مبحث اسم التفضيل ، وكذا غير اخر ، ويمكن ان يقال : انه معدول عن الجمع المؤنث السالم ، لان قياس فعلى مؤنثا ان يجمع على فعليات.

ولا يخفى ان آخر واخرى هجرا معنى التفضيل ويستعملان بمعنى غير ، ولذلك سلب عنهما احكام اسم التفضيل ، فيثنيان ويجمعان بدون ال والاضافة ، ويذكران بدون الموصوف كغير ، كما يشاهد فى آيات كثيرة.

٣ ـ وزن فعل جمعا لفعلاء فى الفاظ التوكيد ، وهى جمع وكتع وبصع وبتع ، جمع جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء ، والقياس فى جمع فعلاء فعلاوات وفعل بسكون الوسط لا فتحه كما بينا فى كتاب الصرف ، فعدل فى هذه الالفاظ عن الجمع القياسى الى غيره ، ولا يمنع جمع عن الصرف الا هذين والجمع المتناهى الذى ذكرناه اولا ، وكل جمع يجتمع فيه سببان غير الجمعية كغلمة وغلمان مثلا ان جعلا علمين.

الفصل السادس

ومن موانع صرف الاسم الالف والنون الزائدتان ، وهما تمنعان عن الصرف فى موضعين.

١ ـ : اذا اجتمعتا مع العلمية ، نحو سلمان وعمران وعثمان وعمّان ونعمان وارسلان وسحبان.

٢ ـ : اذا اجتمعتا مع الوصف الذى مؤنثه فعلى ، نحو غضبان وسكران ولحيان ، فان مؤنثها غضبى وسكرى ولحيى ، وما عدا ذلك منصرف ، نحو برهان وحسان لان النون فيهما اصلية ، ودكّان ورمّان لانهما اسما جنس ، وقربان وقرآن لانهما

٥٥٩

مصدران ، وندمان وسيفان لان مونثهما ندمانة وسيفانة.

ثم ان كثيرا من العجميات اجتمع فيه اربعة اسباب ، نحو ايران وتهران واصفهان وكرمان وخراسان ، فان فيها الالف والنون والعلمية والعجمة والتانيث ، وان جاز فيها التذكير ايضا لانها اسماء البلاد ، ولكن العمدة فى منع صرفها العلمية ، فان خلا منها فمنصرف ، نحو سروان فان فيه العجمة والالف والنون ، ودربان فان فيه العجمة والتركيب ، وكذا ايوان وريسمان وارغوان وآرمان وارمغان وغيرها على كثرتها ، فان استعملت فى الاسلوب العربى وجب صرفها.

تنبيهات

الاول : ان شعبان ورمضان علمان لشهرين من الشهور العربية غير منصرفين للعلمية والالف والنون الزائدتين ، وجمادى غير منصرف للالف المقصورة مع ان فيه العلمية ، فان قلت : كيف العلمية والشهر له افراد كثيرة ، قلت : الكثير المتعدد هو قطعات الزمان الممتد المتصل الذى يعتبر من بقاء المادة او الحركة السماوية ، والشهر ليس شهرا بهذا الاعتبار ، بل باعتبار اضافات وخصوصيات جعلها الله تعالى لتلك القطعة من الزمان تكون موضوعات لاحكام مذكورة فى الآيات والاحاديث ، فالشهر بهذا الاعتبار واحد عند الله ، قال الله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ـ ٩ / ٣٦.

الثانى : علامة زيادة الالف والنون سقوطهما فى التصريفات ، وغير ذلك من العلامات التى ذكرناها فى كتاب الصرف ، فراجع ، ولكن بعض الكلمات مع ذلك ذو وجهين امكن ان يكون فعلان او فعال ، نحو غسان ، فان كان من الغس بمعنى دخول البلاد ففعلان ، او من الغسن بمعنى المضع ففعال ، وحسان ان كان من الحسن ففعال ، او من الحس ففعلان ، وودان ان كان من الود ففعلان ، او من الودن بمعنى نقع الشئ فى الماء ففعال ، وعفان ان كان من العفة ففعلان ، او من العفن ففعال ، وحيان

٥٦٠