علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

عِنْدَ رَبِّهِمْ) ـ ٨ / ٤.

الحكم الثالث

الغرض من النعت احد امور عشرة : التخصيص والتوضيح وزيادة التوضيح والمدح والذم وبيان الاتصاف والاسترحام والتعميم والتفصيل والتاكيد ، وشرح ذلك فى علم المعانى.

الحكم الرابع

من النعت ما يتم به فائدة الخبر فيجب اتيانه ، نحو قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) ـ ٢٦ / ١٦٦ ، (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) ـ ٧ / ٢٨ ، (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ـ ٢٧ / ٥٥ ، وبدون هذه النعوت ليس فى الكلام فائدة يعتدبها ، وياتى فى تنبيهات الحكم الثالث عشر.

الحكم الخامس

ان الوصف كما هو تابع لموصوفه فى الاعراب يجب ان يتبعه فى التعريف والتنكير والتذكير والتانيث والافراد والتثنيه والجمع ، ولكنه تخلف عن هذا الاصل فى مواضع.

الاول تخلفه فى الاعراب ، وسماه النحاة نعتا مقطوعا ، نحو قوله تعالى : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) ـ ١١١ / ٤ ، امراته مرفوعه عطف على الضمير فى سيصلى ، وحمالة الحطب نعت لها قرئت منصوبة ، ونحو مررت بزيد النجار برفع الوصف ، قالوا : اطلاق الوصف عليه مجاز ، بل المنصوب مفعول لفعل مقدر من اذم او اذكر او غير ذلك ، والمرفوع خبر لمبتدا محذوف او مبتدا لخبر محذوف ، اى اذم حمالة الحطب ، ومررت بزيد هو النجار.

والقطع فى الصفات وفى المتعاطفات يكون من المرفوع الى المنصوب ، كقوله

٦٢١

تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ) ـ ٢ / ١٧٧ ، فان الصابرين كالموفون عطف على خبر لكن فى صدر الآية ، قطع عن الرفع الى النصب ، اى امدح الصابرين ، وقوله تعالى : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) الخ ـ ٤ / ١٦٢ ، والقطع فى المقيمين.

ويكون من المنصوب الى المرفوع كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ٥ / ٦٩ ، وقع القطع فى الصابئون ، والنصارى يحتمل ذلك ، ومن آمن بالله بدل عن اسم ان ، وفلا خوف الخ خبر له او جزاء ، ويمكن ان يكون من آمن بالله الخ خبر ان بتقدير منهم ، ونظير هذه الآية فى البقرة والحج ، والقراءة فيهما بنصب الصابئين.

ويكون من المجرور الى المرفوع او المنصوب ، كقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ـ ١ / ١ ـ ٣ ، روى عن زيد بن على نصب رب العالمين وعن الاعمش نصب مالك ، ومنه قول الشاعر.

وياوى الى نسوة عطّل

١٠٠٦ وشعثامرا ضيع مثل السعالى

ولا يكون القطع الى المجرور من غيره ، لان داعى القطع هو المدح او الذم ، وذلك بتقدير الفعل من امدح او اذم وما ضارعهما ، او جعل الكلمة جملة اسمية لحصول التاكيد والعناية ، وذلك بتقدير المبتدا او الخبر حسب ما اقتضاه الكلام ، والجر بتقدير حرفه لا يحصل فيه ذلك ، مع ان تقدير حرف الجر فى غير ان وانّ سماعى لا قياس فيه كما مر بيانه فى المبحث العشرين من المقصد الاول ، والقطع يجرى على البدل وعطف البيان ايضا.

الثانى تخلفه فى التعريف والتنكير ، كقوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) ـ ١٠٤ / ١ ـ ٢ ، قيل : الذى بدل لا نعت ، ومثله قوله تعالى : (قالُوا هذَا

٦٢٢

عارِضٌ مُمْطِرُنا) ـ ٤٦ / ٢٤ ، واما الاسم المتوغل فى الابهام الذى لا يقبل التعريف معنى وان عرف لفظا كغير ومثل فهو يقع وصفا للنكرة قياسا ، نحو قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) ـ ٦ / ٣٨ ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) ـ ٢٤ / ٢٧ ، ويقع وصفا للمعرفة ايضا كقوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ـ ١ / ٧ ، وادخال ال على لفظ غير ليطابق موصوفه فى التعريف كما شوهد فى بعض العبارات غلط ليس بعربى.

الثالث تخلفه فى التذكير والتانيث ، وهو فى بعض الصفات المشبهة وصيغ المبالغة من الثلاثى ، وما كان منها من الرباعى فانها يوصف بها المؤنث بدون التاء كالمذكر ، كما يوصف المذكر ببعضها مع التاء ، على ما ذكر تفصيله فى كتابنا فى الصرف فى التقسيم السابع من مبحث الاسماء ، وذلك كله جائز قياسا.

الرابع تخلفه فى الافراد والتثنية والجمع ، وهو فيما كان الوصف مصدرا ، نحو رجل عدل ورجلان عدل ورجال عدل وامراة عدل ، فيؤتى بالمفرد لكل موصوف ، ومنه قوله تعالى : (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) ـ ٦ / ١٣٨ ، او كان الموصوف جمعا لما لا يعقل ، فيجوز ان يوصف بالجمع ، نحو قوله تعالى : (خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) ـ ٢٠ / ٤ ، (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ) ـ ٣٥ / ٢٧ ، وان يوصف بالمفرد المؤنث ، نحو قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) ـ ٦٩ / ٢٤ ، وان يوصف بالجمع المؤنث السالم ، نحو قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ـ ٢ / ١٩٧ ، او كان الوصف اسم تفضيل على ما مر ذكره فى كتاب الصرف وفى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول ، او كان الموصوف المفرد ذا اجزاء فيوصف بالجمع باعتبار اجزائه ، نحو نطفة امشاج ، ثوب اسمال ، برمة اعشار ، وهذا كله قياس.

الحكم السادس

النعت اما واحد او متعدد بعطف او بلا عطف ، وكل منها اما منعوته واحدا ومتعدد [كذلك ، وهذه تسعة اضرب]

٦٢٣

كذلك ، وهذه تسعة اضرب ،.

الاول ان يكون كل من النعت والمنعوت واحدا ، وامثلة هذا كثيرة تراها فى الآيات وغيرها وقد مر بعضها.

الثانى ان يكون المنعوت واحدا والنعت متعددا بلا عطف ، نحو قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ـ ١ / ١ ـ ٣.

الثالث ان يكون المنعوت واحدا والنعت متعددا بالعطف ، نحو قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) ـ ٢ / ٢ ـ ٤ ، وهذا الضرب فى غير الموصول والجمل قليل ، وقد يكون الاوصاف المتعددة لموصوف واحد بعضها بالعطف وبعضها بلا عطف ، نحو قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) ـ ٨٧ / ١ ـ ٤.

الرابع ان يكون المنعوت متعددا بلا عطف ، والنعت واحدا ، نحو جاءنى ابنك احمد العالم بالنحو.

الخامس ان يكون المنعوت متعدد ابا لعطف والنعت واحدا ، نحو رايت سعدا وسعيدا ومسعودا الطلاب.

السادس ان يكون المنعوت متعددا بالعطف والنعت كذلك ، نحو جاءنى زيد وعمر والتاجر والعالم ، او تقول جاءنى زيد التاجر وعمرو العالم.

السابع ان يكون المنعوت متعددا بلا عطف والنعت كذلك ، نحو جائنى اخوك محمد الطالب الفهيم.

الثامن ان يكون المنعوت متعددا بالعطف والنعت متعددا بلا عطف ، نحو عندى رجل وامراة عالم جاهلة ، لى دار وزوجة واسعة صالحة ، ولكن الاحسن فى هذا ان يكون كل وصف تلو موصوفه بان يقال : لى دار واسعة وزوجة صالحة.

٦٢٤

التاسع ان يكون المنعوت متعددا بلا عطف والنعت متعددا بالعطف ، نحو يتعلم عندى ابوك ابن المعالى الفاهم والفاضل ، ولا يخفى ان الموصوف المتعدد ان كان متعددا بالمصداق وجب العطف ، وكذا الوصف ، وان كان واحدا بالمصداق امتنع العطف ، وفى الوصف او الموصوف المتعدد ان كان واحدا بالمعنى وجب ان يجمع ، انظر فى الامثلة.

ثم ان من النعت ما هو مركب مع حرف النفى كقوله تعالى : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) ـ ٢٤ / ٣٥ ، (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) ـ ٥٦ / ٤٣ ـ ٤٤ ، كما ان المبتدا او الخبر يركب مع حرف النفى ، ويقال للقضية كذلك على اصطلاح المنطق : معدولة الموضوع او معدولة المحمول ، وقال بعضهم نظر اللآيتين : ان هذا التركيب فى النعت انما هو فيما يكون متعددا ولكن عدم التعدد لا يخالف القواعد.

الحكم السابع

الاكثر كون الموصوف جامدا ، وان كان مشتقا ذهب بعضهم الى ان التابع عطف بيان له لا نعت كما قال الزمخشرى فى قوله تعالى : (مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ) ـ ١١٤ / ٢ ـ ٣ : هما عطف بيان لرب الناس ، ولكن هذا التزام لا ملزم له لكثرة وقوع المشتق وصفا للمشتق ، بل يابى عطف البيان فى بعض الموارد ، نحو قولك : رايت عالما كثيرا لعلم ، لان كثرة العلم لا تكون بيانا للعلم ، بل وصف له ، وكذا قوله تعالى : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) ـ ٩٨ / ٢ ، فان من الله ويتلو نعتان لرسول ، ورسول عطف بيان للبينة ، وذلك ظاهر ، والحق ان كلا من الجامد والمشتق يقع نعتا لمثلة وللآخر ، ولكن الاكثر فى النعت كونه مشتقا ، والاكثر فى المنعوت كونه جامدا ، والنعت ان كان جامدا فلا بد ان يكون باعتبار معنى كما ذكرنا فى الحكم الاول.

الحكم الثامن

لا يتقدم الوصف على الموصوف ، لان تقدم التابع على المتبوع ظلم ، وما يتراءى

٦٢٥

من ذلك يكون المتاخر بدلا او عطف بيان ، كقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) ـ ٣ / ٨٥ ، اى دينا غير الاسلام ، (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ) ـ ١٤ / ١ ، اى الى صراط الله العزيز الحميد ، (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً) ـ ٧ / ١٤٠ ، اى ابغى لكم الاها غير الله ، ومثلها : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) ـ ٦ / ١٦٤ ، واما قوله : (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) ـ ١٨ / ٢٢ ، اى احدا منهم فمنهم حال مقدم ، وهو قول الجمهور ، ولكن لا باس بان يقال : انه نعت مقدم من باب الاغتفار ، وان ابيت ذلك فقل : انه نعت فى المعنى.

الحكم التاسع

قد يحذف النعت او المنعوت ويعلم من القرينة.

مثال حذف النعت قوله تعالى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) ـ ١٨ / ٧٩ ، اى سفينة سالمة بقرينة ان الخضر خرق السفينة التى ركبها مع موسى لئلا ياخذها عمال الملك ، وروى انها قرئت كذلك ، وقوله تعالى : (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) ـ ٢ / ٧١ ، اى الحق الواضح الذى فهمنا به ما اراد الله منا ، لانهم لم يريدوا ان ما جئت قبل ذلك فى وصف البقرة كان باطلا والا كفروا ، وقوله تعالى : (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) ـ ١٨ / ١٠٥ ، اى وزنا نافعا لهم ان قلنا ان المنافقين توزن اعمالهم يوم القيامة ، وفى الحديث : لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد ، اى لا صلاة كاملة ، وكقول الشاعر :

وقد كنت فى الحرب ذا تدرء

١٠٠٧ فلم اعط شيئا ولم امنع

اى شيئا يعتد به ، ولفظ شىء يستعمل هكذا كثيرا ، نحو قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) ـ ٢ / ١١٣ ، اى شىء ينفعهم فى الآخرة ، (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) ـ ١٦ / ٧٦ ، اى على شىء من التفهيم والتفهم باللسان.

واما حذف المنعوت فكقوله تعالى : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) ـ ٣٤ / ١١ ، اى دروعا سابغات ، (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) ـ ٣٧ / ٤٨ ، اى حور قاصرات الطرف ،

٦٢٦

(فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) ـ ٩ / ٨٢ ، اى زمانا او ضحكا وبكاء ، وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ـ ٩٨ / ٥ ، اى دين الجماعة القيمة ، (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) ـ ١٢ / ١٠٩ ، اى ولدار الحياة الآخرة ، (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) ـ ٥٠ / ٩ ، اى حب النبات الحصيد ، وشرط حذف المنعوت ان يكون النعت مفردا ، لا جملة ولا شبهها ، واستثنى من ذلك مواضع

١ ـ ان يكون المنعوت مبتدا مؤخرا وخبره جارا او ظرفا نحو قوله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) ـ ٧٢ / ١١ ، اى ومنا قوم دون ذلك ، ونحو مناظعن ومنا اقام ، اى منا بعض ظعن ومنا بعض اقام ، فينا بعث وفينا استشهد ، اى فينا رجل بعث وفينا رجل استشهد ، وان قدرت المحذوف فاعلا للفعل وقلت : منا ظعن بعض ومنا اقام بعض فخارج عما نحن فيه ، مع ان الفاعل لم يعهد حذفه ، ونحو عندى يتتلمذون ، اى رجال يتتلمذون

٢ ـ ان يكون المنعوت بعد النفى كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ـ ٤ / ١٥٩ ، اى ان احد من اهل الكتاب.

٣ ـ ان يكون المنعوت بعد الا فى نحو ما فى الناس الا آمن او كفر ، اى الا عبد آمن او عبد كفر.

٤ ـ ان يكون المنعوت مضافا اليه كما فى هذه الابيات.

انا ابن جلا وطلّاع الثنايا

١٠٠٨ متى اضع العمامة تعرفونى

نبّئت اخوالى بنى يزيد

١٠٠٩ ظلما علينا لهم فديد

ما لك عندى غير سهم وحجر

١٠١٠ وغير كبداء شديدة الوتر

ترمى بكفّى كان من ارمى البشر

ثم قد يحذف النعت والمنعوت معا كقوله تعالى : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) ـ ٢٠ / ٧٤ ، اى لا يموت موتا قاطعا لانه يحس الآلام ولا يحيى حياة يدرك بها لذة او يعمل بها عملا باختياره ، والموت والحياة وان امكن ارتفاعهما عن بعض الاجسام كالاحجار ، ولكن فى الانسان لا يمكن ، فلابد من هذا التقدير ليتعدد الجهة ولا يتناقض الكلام.

٦٢٧

الحكم العاشر

يفصل بين المنعوت والنعت بمفرد وجملة وشبهها كقوله تعالى : (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ـ ١٤ / ١٠ ، (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) ـ ٥٦ / ٧٦ ، (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) ـ ٥٠ / ٤٤ ، (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ـ ٣٤ / ٤٨ ، وكقول الشاعر.

فما زدته الّا يبوسا وما ارى

١٠١١ لهم رحما والحمد لله توصل

وشرط الفاصل ان لا يكون اجنبيا بالمرة ، بل يكون له ربط باحدهما فى الاعراب او المعنى.

الحكم الحادى عشر

قد تكون النعوت المتعددة متداخلة بان يكون الاول نعتا للمنعوت والثانى نعتا للاول والثالث نعتا للثانى وهكذا ، كقوله تعالى : (بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) ـ ٢ / ٦٩ ، ان صفراء نعت لبقرة وفاقع وتسر نعتان لصفراء ، وقوله تعالى : (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) ـ ٨٨ / ١٠ ـ ١٢ ، ان جارية نعت لعين وجملة فيها عين جارية كالتى قبلها نعت لجنة ، وقول بعض بان النعت لا ينعت مردود بما ذكرنا.

الحكم الثانى عشر

اذا نعت بمفرد وجملة وشبه جملة او اثنين منها فالمناط فى تقديم اى منها او تاخيره هو الذوق البلاغى لا غير ، نحو قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) ـ ٤٠ / ٢٨ ، من آل فرعون ويكتم نعتان لرجل ، (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) ـ ٥ / ٥٤ ، الجملتان والمفردان نعوت لقوم ، (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ـ

٦٢٨

٤٣ / ٣١ ، الجار وعظيم نعتان لرجل ، أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ـ ٧ / ٧١ ، الجملتان الموجبة والسالبة نعتان لاسماء.

الحكم الثالث عشر

اذا وقع نعت بعد المركب الاضافى فالاصل ان يكون للمضاف لانه المقصود بالحكم ، واما المضاف اليه فهو قيد له ، كقوله تعالى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) ـ ١٩ / ٥٢ ، فالايمن وصف لجانب ، (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ـ ٢٠ / ٧٦ ، (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) ـ ٩٤ / ٢ ـ ٣ ، (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) ـ ٨٢ / ٦ ، ويستثنى من ذلك مواضع.

١ ـ ما يكون النعت غير صالح للمضاف ، نحو قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ـ ٩٦ / ١ ، فان الموصول صفة ربك لا صفة اسم ، وليس منه (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ـ ٨٧ / ١ ، لان الاعلى يصلح ان يكون نعتا لربك ولاسم ربك ، ومثلها (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) ـ ٩٢ / ٢٠.

٢ ـ ما يكون النعت صالحا لكل منهما كقوله تعالى (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) ـ ٨٥ / ١٤ ـ ١٥ ، فان المجيد قرئ بالرفع والجر.

٣ ـ ما يدل القرينة على انه للمضاف اليه كقوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) ـ ٨١ / ١٩ ـ ٢١ و ٢٥ ، (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) ـ ٨٠ / ١٥ ـ ١٦ ، (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ـ ٢ / ١٠٥ ، (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ـ ٢٨ / ٧٩.

٤ ـ ما يكون المضاف لفظة كل لانه جئ بها للتعميم ، والمقصود بالوصف هو ما يضاف اليه ، كقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) ـ ٣١ / ١٨ ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) ـ ٣٤ / ٩ ، فان فخور ومنيب وصفان لمختال وعبد ، وكقول الشاعر : وكلّ فتى يتّقى فائز.

٦٢٩

قال ابن هشام فى باب التوابع من خامس المغنى : وضعف قوله :

وكلّ اخ مفارقه اخوه

١٠١٢ لعمر ابيك الّا الفرقدان

لان الشاعر رفع الفرقدان وجعله مع الا نعتا لكل ، ولو جعله نعتا لاخ لقال : الا الفرقدين ، اقول : ان الشاعر اضطر الى الرفع ليتوافق قوافى ابياته ، وكون الا بمعنى غير ياتى بيانه فى مبحث ادوات الاستثناء فى المقصد الثالث.

الحكم الرابع عشر

الالفاظ فى الوصف على اربعة اقسام.

القسم الاول ما يوصف ويوصف به ، وهو المشتقات واسماء الاشارة والموصولات وبعض الجوامد الذى مر ذكره فى الحكم الاول.

القسم الثانى ما يوصف ولا يوصف به ، وهو الاعلام والجوامد غير ما ذكر وبعض الضمائر ، وما ومن واى النكرات.

القسم الثالث ما يوصف به ولا يوصف ، وهو الجمل وشبهها من الظروف والجار والمجرور.

القسم الرابع ما لا يوصف ولا يوصف به ، وهو اكثر الاسماء التى يلزمها معنى الحرف كاسماء الشرط والاستفهام واكثر الضمائر.

تنبيهات

الاول يجب وصف ما لو لا الوصف لخلا الكلام من الافادة او لزم الكذب ، نحو قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) ـ ٢٧ / ٤٧ ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ـ ٢ / ٢٥٨ ، وامثال هذا كثير فى الآيات وغيرها ، ويقال لموصوفه الموصوف الموطّئ ، اى جئ به توطئة للوصف فليس مقصودا بالاصالة.

وهذا لا يختص بباب النعت ، بل يجرى فى سائر قيود الكلام فرب قيد لولاه لصار

٦٣٠

الكلام بلا افاده ، نحو قوله تعالى :(إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ)ـ ٥ / ١١ ، فلو لا المفعول لصار اذ هم قوم بلا افاده ، فطالع كتاب الله وانظر فى كثير منها ، وقيل : يجب وصف اى فى النداء ، والجماء فى قولهم : جاؤوا الجماء الغفير ، ولكن الصحيح كما ذكرنا فى الحكم الاول ان ما فى النداء عطف بيان.

الثانى حكموا بوجوب وصف مجرور رب اذا كان ظاهرا كما نقل ابن هشام فى الباب الخامس وفى حرف الراء من المغنى ، ولكن جاء فى كلام على عليه‌السلام فى غرر الحكم خلاف ذلك كثيرا ، نحو رب كلام كالحسام ، رب عمل افسدته النية ، رب اجل تحت امل ، رب كلمة سلبت نعمة ، رب حريص قتله حرصه ، وما بعد رب فى هذه الجمل خبر لا وصف ، وكقول الشاعر.

ان يقتلوك فانّ قتلك لم يكن

١٠١٣ عارا عليك وربّ قتل عار

وقد مر فى مبحث حروف الجر ان مجرورها مجرور لفظا ومرفوع او منصوب معنى ، وتقديرا ، حتى ان ابن هشام قال : انها زائدة فى الاعراب دون المعنى ، فلا داعى الى تقدير متعلق لها من فعل او شبهه ، وعدم التعلق هو الشان فى الجار الزائد مطلقا سواء اكان زائدا فى الاعراب ام فى المعنى ام فيهما معا على ما مر فى المبحث الرابع ، وكذا لا داعى لتقدير الوصف فى هذه الامثلة بعد مجرور رب.

الثالث قالوا : يشترط فى فاعل نعم ويئس عدم الوصف بشئ ، كما نقل ابن هشام فى الباب الخامس ، وينقض قولهم قوله تعالى : (بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) و (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) ـ ١١ / ٩٨ ـ ٩٩ ، فان الثانى فى الآيتين وصف للاول والمخصوص بالذم محذوف وهو النار ، وقول على عليه‌السلام فى غرر الحكم : بئس الزاد الى المعاد العدوان على العباد ، والتقدير بئس الزاد الموجه الى المعاد وقول الشاعر :

نعم الفتى المرّىّ انت اذا هم

١٠١٤ حضروا لدى الحجرات نار الموقد

الرابع لا يوصف الموصول قبل تمام صلته لانهما كالكلمة الواحدة ، ولا يوصف المصدر العامل والوصف العامل قبل معمولهما ، وشذ قوله :

٦٣١

ازمعت ياسا مبينا من نوالكم

١٠١٥ ولن ترى طاردا للحرّ كالياس

الحكم الخامس عشر

النعت اما تخصيص وتقييد للمنعوت وهو الاكثر ، واما توكيد وتوضيح ، وقد اشتهر الاول فى السنة الطلبة بالقيد الاحترازى والثانى بالقيد التوضيحى ، وهذا لا يختص بالنعت ، بل ياتى فى سائر قيود الكلام كما مر فى مبحث الحال فى المقصد الاول وياتى فى مبحث الاستثناء فى المقصد الثالث.

القسم الثانى من النعت

وهو وصف لمتعلق المتبوع ، ويقال له النعت السببى ، والتعريف الذى ذكرنا شامل له لان وصف المتعلق وصف للمتبوع باعتبار ، فانك اذا قلت : جائنى الرجل العالم ابوه فالرجل متصف بان له ابا عالما ، ويقال له السببى لانه تابع للمتبوع ويصح ان يحمل عليه بسبب متعلقه ، ولهذا القسم من النعت خمس صور.

الصورة الاولى ان يضاف الى المتعلق ويحمل ضمير المتبوع ، نحو جائنى رجل حسن الوجه ورايت امراة كريمة الاب.

الصورة الثانية ان يحمل ضمير الموصوف ويكون المتعلق بعده منصوبا على التمييز ، او التشبيه نحو جائنى رجل حسن وجها وعندى امراة كريمة ابا ، وفى هاتين الصورتين يجب ان يطابق النعت متبوعه فيما يطابقه النعت الحقيقى بالافراد والتثنية والجمع والتعريف والتنكير والتذكير والتانيث لانه متحمل لضميره.

الصورة الثالثة ان لا يكون حاملا لضمير متبوعه ، فالمتعلق مرفوع به على الفاعلية على ما مر تفصيله فى باب الصفة فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول ، نحو جائنى رجل حسن وجهه ورايت الامراة الكريم ابوها ، وفى هذه الصورة لا يجب مطابقة متبوعه الا فى الاعراب الذى هو مقتضى كونه تابعا و

٦٣٢

فى التعريف والتنكير ، وهو مفرد دائما وحاله فى التانيث والتذكير مع ما بعده من المتعلق حال الفعل مع فاعله ، ويجب ان يكون مع متعلقه ضمير راجع الى متبوعه مطابق له كما رايت فى المثال ، ومنه قوله تعالى : (بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) ـ ٢ / ٦٩ ، وقوله : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) ـ ٤ / ٧٥.

الصورة الرابعة ان يكون الوصف جملة ان كان الموصوف نكرة فالجملة مستقلة بحكمها تابعة للموصوف فى الاعراب محلا ، والواجب ان يكون فيها ضمير راجع الى الموصوف مطابق له كقوله تعالى : (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ـ ٨٥ / ١١ ، (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ) ـ ٦٩ / ٢٢ ـ ٢٣ ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ـ ٦٦ / ٦ ، وكذا ان كان على الجملة حرف مصدرى ، نحو انى اعرف رجلا ان تحبه خير لك من كل شىء.

الصورة الخامسة ان يكون الوصف موصولا اسميا ، فالموصول تابع فى الاعراب وغيره من تلك الامور وان كانت صلته سببية لان الضمير الواقع فى الصلة راجع الى الموصول ، نحو قوله تعالى : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) ـ ٨٩ / ٧ ـ ٨ ، (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ـ ٢ / ٢٤.

قال ابن هشام فى العدد الثالث من سادس المغنى : انما يتبع النعت الحقيقى المنعوت فى اربعة من عشرة ، واما السببى فانما يتبع فى اثينن من خمسة ، واحد من اوجه الاعراب وواحد من التعريف والتنكير ، واما الافراد والتذكير واضدادهما فهو فيها كالفعل ، اقول : البيان التام ما ذكرنا فانظر.

واعلم ان السببية هذه تجرى فى خبر المبتدا والحال كما مر فى مبحثهما فى المقصد الاول ، وفى المفعول نحو قولك : رايت ناصرا اياى جنده ، وجرت فى هذا البيت فى المفعول الثانى.

بكرت عليه بكرة فوجدته

١٠١٦ قعودا لديه بالصريم عواذله

٦٣٣

تنبيه على خلاف

المشهور ان الجملة الوصفية لا تدخل عليها الواو بخلاف الجملة الحالية ، والزمخشرى خالفهم وقاسها عليها واجازها واستشهد بهذه الآيات : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) ـ ١٥ / ٤ ، (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) ـ ٢ / ٢٥٩ ، وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ـ ٢ / ٢١٦ ، وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ـ ١٨ / ٢٢ ، قال : ان هذه الواو لتاكيد لصوق الوصف بالموصوف ، اقول : ان الواو فى هذه المواضع للحال والجمل حالية ، وامتناع الزمخشرى عن اخذها احوالا لكون الاسماء قبلها نكرات ، والنكرة لا تكون ذا الحال ، فهى الموصوفات والجمل اوصافها ، ولكن الاخذ بها احوالا اهون مما ذهب اليه ، وامتناع مجئ الحال للنكرة لا دليل عليه ، بل الاستشهاد بهذه الآيات لجوازه لا باس به ، راجع مبحث الحال فى المقصد الاول.

النوع الثانى من التوابع

التوكيد ، ويقال له المؤكد ايضا ولمتبوعه الموكد ، وهو قسمان.

القسم الاول

التاكيد اللفظى ، وهو اللفظ المكرر اسما ظاهرا او ضميرا او فعلا او اسم فعل او حرفا او جملة او شبه جملة تكرارا واحدا او متعددا ، وفائدته تقرير مضمون الكلام وتثبيته فى ذهن السامع سواء اكان السامع فى اول الخطاب غافلا ام متوجها ، او دفع توهم السهو ، كقولك : جاءنى ابوك ابوك لئلا يتوهم السامع ان الجائى غير ابيه وانك سهوت وقلت ابوك ، واما امثلة التقرير.

فمثال الاسم الظاهر قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) ـ ٥٦ ـ

٦٣٤

١٠ ـ ١١ ، (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) ـ ٥٦ / ٢٥ ـ ٢٦ ، وقول على فى وصيته للحسن والحسين عليهم‌السلام : الله الله فى القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم ، الله الله فى الصلاة فانها عمود دينكم ، وفى اربعة مواضع اخرى ، ونصب لفظ الله بالفعل المقدر ، اى اتقوا الله ، وقوله : الجهاد الجهاد عباد الله ، وقوله : الحذر الحذر ايها المستمع والجد الجد ايها الغافل.

ومثال الضمير المرفوع قوله تعالى : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) ـ ٧ / ١٩ ، (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٢١ / ٥٤ ، (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) ـ ٢٣ / ٨٣.

ومثال الضمير المنصوب والفعل وحده واسم الفعل والحرف ما فى هذه الابيات.

وايّاك ايّاك المراء فانّه

١٠١٧ الى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب

هل نال نال بغير السعى انسان

١٠١٨ وهل جزاؤك ان احسنت احسان

الا حبّذا حبّذا حبّذا

١٠١٩ صديق تحمّلت منه الاذى

هى الدنيا تقول بملئ فيها

١٠٢٠ حذار حذار من بطشى وغدرى

فتلك ولاة السوء قد طال ملكهم

١٠٢١ فحتّام حتّام العناء المطوّل

ويا ليتنى ثمّ يا ليتنى

١٠٢٢ شهدت وان كنت لم اشهد

ولا يحسن تكرار الحرف بدون ما يتصل به الا ان يكون حرف جواب او يكون بينهما فاصل كما فى هذين البيتين.

لا لا ابوح بحبّ بثنة انّها

١٠٢٣ اخذت علىّ مواثقا وعهودا

ليت شعرى هل ثمّ هل آتينّهم

١٠٢٤ ام يحولنّ دون ذاك حمام

وفى غيرهما يختص بالشعر فى الضرورة كما فى هذه الابيات.

لا ينسك الاسى تاسيّا فما

١٠٢٥ ما من حمام احد معتصما

فلا والله لا يلفى لما بى

١٠٢٦ ولا للمابهم ابدا دواء

حتّى تراها وكانّ وكان

١٠٢٧ اعناقها مشدّدات بقرن

٦٣٥

فاصبحن لا يسالنه عن بما به

١٠٢٨ اصعّد فى علو الهوى ام تصوّبا

ومثال الجملة قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فى احد وثلاثين موضعا فى سورة الرحمان ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) فى عشرة مواضع فى سورة المرسلات (، وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٨٢ / ١٧ ـ ١٨ ، (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ـ ١٠٢ / ٣ ـ ٤ ، (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ـ ١٠٩ / ٣ ـ ٥ ، (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) ـ ٨٦ / ١٧ ، (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ـ ١ / ١ ـ ٣ ، (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) ـ ٩٦ / ١ ـ ٣ ، وليس خلق من باب التاكيد بل الثانى تاسيس لانه خاص والاول عام ، فالتاكيد فى اقرء ، (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) ـ ٧٥ / ٣٤ ـ ٣٥ ، وكما فى هذه الابيات.

الا يا اسلمى ثمّ اسلمى ثمّة اسلمى

١٠٢٩ ثلاث تحيّات وان لم تكلّمى

ايا من لست اقلاه

١٠٣٠ ولا فى البعد انساه

لك الله على ذاكا

١٠٣١ لك الله لك الله

وتاكيد الجملة يكون فى الاكثر بفاصل من كلام او حرف عطف كما شوهد فى الامثلة ، وهذا عطف فى اللفظ دون المعنى اذ لا بد فى العطف من تغاير بين المتعاطفين فى المعنى بعد اشتراكهما ، وهو فى هذا المقام مفقود.

ومثال شبه الجملة قول المناجى ربه : بك الرجاء بك يا من منعه كرم ، وقول الشاعر.

ان لم يكن لك عندى ما تنال به

١٠٣٢ وما لدىّ لدىّ الجور والحيف

تنبيهات

الاول من التوكيد ما يسمى ضمير الفصل ، ومر ذكره فى المسالة الثالثة فى الباب الثانى فى المبحث الخامس.

الثانى قد يؤكد اللفظ بمرادفه ، نحو آتانى اعطانى زيد دينارا ، رايت غضنفرا اسدا ،

٦٣٦

انك غنى ملى ، ومن هذا القبيل ما يسمونه تابعا واتباعا من غير اسم خاص ، وهو لفظ مهمل يؤتى بعد لفظ موازن له بتبديل حرفه الاول ، نحو اللص شيطان بيطان ، ابنى حسن بسن ، فى بلدنا عفريت نفريت ، وقد يعطف بالواو ، نحو هذه المراة حظيت وبظيت ، اقبل الحاج والداج ، وفائدته تاكيد الكلام او تعميمه بتكثير اللفظ وان كان مهملا.

وهذا نظير ما يعمل فى الفارسية لقصد التعميم بتبديل الحرف الاول ميما او باء ان كان اللفظ الاصلى مبدؤا بالميم ، نحو بشر مشر ، بچه مچه ، پلو ملو ، مريد بريد ، واحتمل بعض الادباء ان يكون الميم مخفف ما النافية ، فقولك مثلا : بشر مشر اصله بشر وما بشر ، اى كل بشر وغير بشر ، فخفف بحذف الواو والالف والباء ، وهذا بعيد.

وقد يكون هذا التابع فى العربية لفظا مستعملا فى معنى ، ولكن المتكلم لا يريده ، بل اتى به لقصد التاكيد ، وان اراده فليس من هذا الباب ، نحو انت خبيث نبيث ، ونبيث يستعمل بمعنى المخرج من قولهم : نبثت البئر انبثها اى اخرجت نبيثتها وهى ترابها ، ونحو عطشان نطشان ، ونطشان بمعنى المتحرك.

وقد يكون التبديل فى غير الحرف الاول ، نحو اسوان اتوان ، فاسوان بمعنى الخرين واتوان بمعنى الآتى على لغة هذيل فانهم يقولون اتا ياتو بالواو مكان اتى ياتى بالياء ، كقول شاعرهم.

يا قوم ما بال ابى ذؤيب

١٠٣٣ كنت اذا اتوته من غيب

يشمّ عطفى ويمسّ ثوبى

١٠٣٤ كانّنى آربته بريب

ومن هذا الباب ما يؤكد بما يشتق منه لقصد افادة الكمال ، نحو ارض اريضة ، ليل اليل ، شر شرير ، امر آمر ، صبر صابر ، اى ارض لها كل خير يتوقع من الارض من جوده النبات والماء وغيرهما ، وكذا الامثلة الاخر ، قال الشاعر.

بلاد عريضة وارض اريض

١٠٣٥ مدافع غيث فضاء عريض

وفى دعاء الصباح لعلى عليه‌السلام : صل اللهم على الدليل اليك فى الليل الاليل ، اى فى الجاهلية التى كانت فى نهاية الظلمة المعنوية ، ولو قلنا ان هذا القسم

٦٣٧

نعت تاكيدى لا تاكيد اصطلاحى كان احسن وان اشبه التاكيد من جهة توافق اللفظين فى المادة ، وقد اكثر من هذا الباب مع بيانات وتفاصيل ابن سيدة فى رابع المخصص فى السفر الرابع عشر باب الاتباع فراجع فانه اتعب نفسه فى استخراج المعانى للفظ الثانى.

الثالث لا يجوز حذف المؤكد ولا المؤكد لانه ينافى التاكيد ، ولا يجوز تقديمه عليه ، ولا يجوز التاكيد فى الجمل اذا او هم تعدد الواقعة ، نحو اعطيت زيدا درهما اعطيته درهما ان اوهم ان المعطى درهمان الا اذا دل قرينة ان المعطى درهم واحد.

الرابع ان الكلام يؤكد بعوض وقطّ وحقّا واجدّك وقعدك وقعيدك والبتّة ولا جرم ولا بدّ ولا محالة ، ويؤكد ايضا بالنعت وبالمفعول المطلق وبالقسم وبصينع المبالغة وباسمية الجملة وبتفسير المراد بحرف التفسير او بدونه وبذكر لازم المعنى ، نحو مات فلان وصار صغاره يتامى ومنه قوله تعالى : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) ـ ٧٤ / ٩ ـ ١٠ ، وبحروف الزيادة ، وياتى ذكرها فى الخاتمة ، وكل ذلك خارج من هذا الباب ، لان ذلك كله يؤكد به الكلام ، اى الحكم المذكور فيه ، وفيما نحن فيه يؤكد الكلمه او الكلام ، اى تتكرر لتتقرر فى ذهن السامع.

الخامس يجوز فى لفظ التوكيد ان يقال التاكيد بقلب الواو همزة وكذا غيره من هذه المادة ، وهذا قياس جرى فى كثير من الالفاظ ، نحو ارث اصله ورث ، واشاح اصله وشاح.

القسم الثانى من التوكيد

ويقال له التوكيد المعنوى ، وهو بالفاظ مخصوصة ، وفائدته تعميم الافراد او الاجزاء او دفع توهم المجاز ، ونحن نذكر تلك الالفاظ مسرودة.

٦٣٨

١ ـ كلّ

وهو ياتى لتعميم الافراد نحو قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ـ ٢ / ٣١ ، (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى) ـ ٢٠ / ٥٦ ، (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) ـ ١٠ / ٩٩ ، (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) ـ ٣٦ / ٣٦.

وياتى لتعميم الاجزاء نحو قوله تعالى : (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) ـ ٣ / ١١٩ ، (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ـ ٨ / ٣٩ ، اى يعمل لله بلارياء ونفاق بكل جزء من اجزاء دين الحق ، واما قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ـ ٩ / ٣٣ ، فلتعميم الافراد ، اى ليظهره على كل دين باطل.

هنا مسائل

الاولى : لا يكون كل توكيدا للنكرة ان كان تعميما للافراد ، اذ لا فائدة فى قولك : رايت رجالا كلهم وذلك لعدم تحديدهم ، ويجوز ان كان لتعميم الاجزاء لان الاجزاء محدودة كقولك : اكلت سمكة كلها وكقول الشاعر.

نلبث حولا كاملا كلّه

١٠٣٦ لا نلتقى الّا على منهج

وكذا يجوز ان كان لتعميم الافراد المحدودة ، نحو قولك : رايت علماء واستفدت منهم كلهم لانهم محدودون باستفادتك منهم ، وكذا الحال فى سائر الفاظ التوكيد المعنوى ، فلا يقال مثلا : رايت انسانا نفسه.

الثانيه : ان المراد بافاده كل التعميم افادة التنصيص به ، والا فقوله تعالى مثلا : فسجد الملائكة يدل بظاهره على العموم لان الملائكة جمع محلّى بال ، فقوله : كلهم نص فى هذا العموم ، فهذا التاكيد يفيد دفع توهم المجاز ايضا ، اذ يجوز ارادة بعض الافراد

٦٣٩

من الجمع المحلى بال مجازا كما هو كثير فى الكلام.

الثالثة : كما يقع كل تاكيدا يقع نعتا فيدل على كمال متبوعه ، ويجب اضافته الى اسم ظاهر مثله لفظا ومعنى كقول على عليه‌السلام : العالم كل العالم من لم يمنع العباد الرجاء لرحمة الله ولم يؤمنهم مكر الله ، وقوله : العجب كل العجب بين جمادى ورجب ، وقولك : رايت رجلا كل رجل ، وقول الشاعر :

وانّ الّذى حانت بفلج دماؤهم

١٠٣٧ هم القوم كلّ القوم يا امّ خالد

الرابعة : يقع كل معمولا للعوامل كسائر الاسماء ، فيقع مبتدا وخبرا وفاعلا ونائبا عنه ومفعولا مطلقا ومفعولا فيه ومفعولا به ومجرورا بالحرف والاسم ، انظر فى الآيات واستخرج منها امثلتها.

الخامسة : كل من الاسماء الواجبة اضافتها ، ويجب ان يضاف الى ضمير متبوعه ان وقع تاكيدا كما شوهد فى الامثلة ، وجاء لفظه مكان ضميره فى هذا البيت وهو ضرورة.

كم قد ذكرتك لو اجزى بذكركم

١٠٣٨ يا اشبه الناس كلّ النّاس بالقمر

السادسة : كل يقطع عن الاضافة منونا ، ومر بيانه فى المبحث الاول ، ولا يقطع عن الاضافة ان كان للتاكيد ، واجاز بعضهم متمسكا بقراءة شاذة فى هذه الآية : قال الذين استكبروا انا كلا فيها ـ ٤٠ / ٤٨ ، والقراءة المشهورة : (إِنَّا كُلٌّ فِيها) ، فكل مبتدا ، اى كلنا ، وقال ابن هشام : ان الاجود فى تلك القراءة ان تقدر كلا بدلا من اسم ان.

السابعة : ان لفظ كل لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ، وقال صاحب لسان العرب : حكى سيبويه كلّتهنّ منطلقة ، ولكن يختلف ارجاع الضمير اليه ، فان اضيف الى النكرة فالاحسن الاكثر ارجاع الضمير اليه طبقا لما اضيف اليه ، نحو قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) ـ ١٧ / ١٣ ، (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ـ ٣ / ١٨٥ ، (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ـ ٣٠ / ٣٢ ، (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) ـ ٤٠ / ٥ ، والامة كالحزب اسم جمع ، يرجع اليها ضمير الجمع ، ويجوز ارجاع ضمير الافراد مؤنثا اليه باعتبار الجماعة ، ومثال المثنى والجمع المؤنث ما فى هذين البيتين.

٦٤٠