علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

ان كان من الحياة ففعلان ، او من الحين بمعنى الهلاك ففعال ، وشيطان ان كان من شطن بمعنى ابتعد ففيعال ، او من شاط بمعنى احترق ففعلان.

فهذه الالفاظ تنصرف على فرض فعال ، ولا تنصرف على فرض فعلان ان كانت اعلاما او اوصافا ، ومناط الحكم بكونها منصرفة او غير منصرفة هو السماع ، فان حسان مثلا اسم شاعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر فيما ذكر غير منصرف.

الثالث : اذا انقلب النون حرفا آخر لم يزل امتناع الصرف عن الاسم كاصيلال فان اللام كانت فى الاصل نونا لانه مصغر اصلان ، وهو جمع اصيل ، ومعناه آخر العصر من اليوم.

الفصل السابع

ومن موانع صرف الاسم التركيب باحد الانحاء الخمسة التى مر ذكرها فى الباب الاول من المبحث السادس ، وهو يمنع من الصرف ان اجتمع مع العلمية وان لم تكن العلمية مع التركيب فلا يمنع من الصرف ، وآخر الجزء الاول منه مبنى على الفتح الا ان يكون حرف علة فمبنى على السكون ، نحو قالى قلا ومعدى كرب ونيويورك وقاضيخان ، واما الجزء الثانى فيجرى على آخره اعراب غير المنصرف.

الفصل الثامن

ومن موانع صرف الاسم وزن الفعل من الماضى والمضارع والامر وزنا صرفيا من دون لحاظ حركة الحرف الآخر ، والوزن اما يختص بالاسم او بالفعل او مشترك بينهما بالتساوى او باولوية احدهما على الآخر ، فهى خمسة اقسام والمعتبر عندهم من وزن الفعل فى منع الصرف هو الوزن المختص به او الاولى به ، وعلى كل حال فالاسم يمتنع من الصرف لموازنته للفعل اذا كان علما ، والاقسام الخمسة.

١ ـ : الوزن المختص بالفعل ، وهو كاوزان الفعل المجهول من الثلاثى المجرد

٥٦١

والمضارع المبدو بغير الهمزة من الثلاثى واكثر ابواب المزيد الثلاثى والرباعى ، فان وجد علم على واحد من هذه الاوزان فهو غير منصرف ، نحو خضّم علما لمكان ، وشمّر علما لفرس ، ودئل علما لقبيلة.

واكثر الاعلام الموازنة للفعل على وزن المضارع المفرد من الثلاثى ، نحو يعرب ويعيش ويزيد ويحيى ويسوع ويعلى اعلام اشخاص ، وتغلب ويشكر علمان لقبيلتين ، ويغوث ويعوق علمان لصنمين ، ويريم وتعز علمان لبلدين فى اليمن ، وظاهر ان الاغلب من هذه الاعلام منقول من الفعل.

٢ ـ : الوزن المختص بالاسم كاكثر اوزان الثلاثى والرباعى والخماسى ومزيداتها ، ومعلوم انها منصرفة وان كانت اعلاما الا ما يوجد فيه سبب غير الوزن.

٣ ـ : الوزن الاولى بالفعل كوزن الامر من الثلاثى ، والمتكلم وحده من المضارع الثلاثى ، والماضى المفرد من باب الافعال ، والاسم الموازن لها نحو اثمد وهو حجر الكحل ، واصبع وهو العضو الحامل للظفر ، وابلم وهو سعف المقل ، واكلب وهو جمع الكلب ، وافكل وهو الرعدة فى البدن ، فان جعل شىء من هذه الاسماء علما امتنع من الصرف.

٤ ـ : الوزن الاولى بالاسم كوزن فاعل فانه فى الفعل يختص بالامر المفرد من باب المفاعلة ، ولكنه فى الاسم كثير ، فان جعل الاسم بهذا الوزن علما فهو منصرف.

٥ ـ : الوزن المتساوى فيه الاسم والفعل ، نحو فعل وفعلل ، فانه يوجد بهذين الوزنين كثير منهما ، فلا يمتنع الاسم الموازن لهما من الصرف.

الفصل التاسع

ومن موانع صرف الاسم الوصف ، والمراد به الاسم المشتق لا الذى هو من التوابع ، ولا كل مشتق ، بل ما هو على وزن افعل من اسم التفضيل والصفة المشبهة ، نحو

٥٦٢

افضل واكبر واحمر واعور ، فكل اسم تفضيل وصفة مشبهة على وزن افعل غير منصرف ، ولا يمنع من الصرف وصف غير هذا الوزن.

والسبب الآخر فيه وزن الفعل لانه على وزن المتكلم وحده من المضارع الثلاثى ، والمفرد الماضى من باب الافعال.

تنبيهات

١ ـ : اذا زال الوزن انصرف ، نحو خير وشر ، فانهما كانا فى الاصل اخير واشر ، حذف همزتهما تخفيفا.

٢ ـ : اذا جعل هذا الوزن علما زال وصفيته ونابت عنها العلمية فلا ينصرف للعلمية ووزن الفعل ، نحو احمد واكبر واصغر واحمر واسود ان جعلت اعلاما.

٣ ـ : هذا الوزن من الوصف مشروط بان لا يكون مؤنثه بالتاء ، فارمل منصرف لان مؤنثه ارملة ، وهو صفة مشبهة بمعنى المحتاج ، وجمعهما اراميل وارامل ، فتخلف عن القاعدة فى مؤنثه وجمعه.

٤ ـ : ومشروط ايضا بان يكون اصيلا فى الوصفية ، فاربع فى قولك جاءنى نسوة اربع منصرف لانه فى الاصل اسم للعدد طرا عليه الوصفية اذ جعل صفة لنسوة.

٥ ـ : ومشروط ايضا بان يبقى وصفيته ولم يغلب عليه الاسمية ، فابطح بمعنى المكان المنبطح من الوادى ، وادهم بمعنى القيد ، واسود بمعنى الحية السوداء ، وارقم بمعنى الحية التى فيها نقط سود وبيض ، وابرق بمعنى التراب المختلط بالحصى والحجر ، واجرع بمعنى المكان المستوى ، واجدل بمعنى الصقر ، واخيل بمعنى الطائر الذى فيه خال ، وافعى للحية الضخمة القصيرة ، منصرفة لغلبة الاسمية ، وامكن ان يلمح فيها الوصفية الاصلية فتمنع من الصرف.

٥٦٣

الفصل العاشر

ومن موانع صرف الاسم العلمية ، وهى تجتمع مع كل سبب على ما مر مشروحا ، وقد يجتمع مع غير واحد منها ، ثم ان نكر العلم زال عنه العلمية وصار منصرفا كما تقول : عندى احمد من الاحامد ، ورايت عثمانا من عثامين هذا البلد ، وتزوجت بزينب من الزينبات.

وههنا امور

الاول : يقال لهذه العشرة اسباب منع الصرف وعلله والفرعيات ايضا ، لان الجمعية فرع الوحدة ، والالف المقصورة او الممدودة فرع ما تلحق به ، والتانيث فرع التذكير ، والعجمة فرع العربية اذا وقعت فيها ، والعدل فرع المعدول عنه ، والالف والنون الزائدتان فرع ما تلحقان به ، والتركيب فرع الافراد ، ووزن الفعل فرع وزن الاسم لان الفعل مشتق من الاسم ، والوصف اى المشتق فرع المشتق منه ، والتعريف بالعلمية فرع التنكير ، والفرعية منها معنوية وهى العلمية والعجمة وبعض التانيث ، ومنها لفظية ، وهى ما عداها.

ثم ان للفعل فرعيتين احديهما لفظية ، وهى ان الفعل مشتق من الاسم ، والمشتق فرع المشتق منه ، والثانية معنوية ، وهى ان الفعل يحتاج فى تركيب الكلام الى الاسم ، وهو لا يحتاج الى الفعل ، لان الكلام يتركب من اسمين لا من فعلين ، فاذا وجد فى اسم فرعيتان معنوية ولفظية من تلك الفرعيات اشبه الفعل ومنع من الجر والتنوين كما ان الفعل ممنوع منهما ، كذا قالوا ، وهذا من منسوجاتهم كمنسوجاتهم فى اسباب بناء الاسماء المبنية ، والمتبع هو الاستعمال.

الثانى : كون اسباب منع الصرف تسعة هو المشهور ، وقيل : اثنان ، وقيل

٥٦٤

ثمانية ، وقيل : عشرة ، وقيل احد عشر ، وقيل : ثلاثة عشر ، ذكر هذه الاقوال فى شرح الصمدية ، ونحن قلنا عشرة كما مر بيانه ، فجعلنا التانيث سببا والالف سببا آخر ، فتلك عشرة كاملة.

الثالث : غير المنصرف اذا اضيف او دخل عليه ال صار منصرفا ، اى يجرى عليه الكسرة ، واما التنوين فلا يجتمع معهما ، وذلك لان الخفة المرادة من منع الصرف حاصلة مع الاضافة ودخول ال ، ولكن قد ينصرف غير المنصرف بدونهما لاحد امرين.

احدهما رعاية توافق اواخر الآيات التى سميت بالفواصل ، نحو قوله تعالى : (كانَتْ قَوارِيرَا) ـ ٧٦ / ١٥ ، لان اواخر الآيات فى سورة الدهر منونة موقوفة على الالف ، فقرئ قواريرا كذلك رعاية للتوافق مع انه غير منصرف ، او لتناسب ما معه من الاسماء ، نحو قوله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) ـ ٧٦ / ٤ ، فصرف سلاسلا لتناسب اغلالا ، كما قرئ قواريرا من فضة بالتنوين لتناسب قوارير الاول المقروء بالتنوين ، كما وقع فى قراءة غير مشهورة يغوثا ويعوقا ـ ٧١ / ٢٣ ، بالتنوين لتناسب سواعا ونسرا مع ان فيهما العلمية والعجمة ووزن الفعل.

ثم ان هذه قراءة بعض القراء ، وقرا بعضهم سلاسل وقوارير الاول والثانى غير منصرفة على القاعدة ، وقرا بعضهم سلاسلا وقواريرا الاول بالف الاطلاق بلا تنوين كما هو فى المصحف المتداول بايدى الناس ، والف الاطلاق ايضا يؤتى بها لرعاية التوافق كما فى قوله تعالى : (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) ـ (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) ـ ٣٣ / ٦٦ ـ ٦٧ ، (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) ـ ٣٣ / ١٠ ، وكلها فى سورة الاحزاب المختومة آياتها بالتنوين الموقوفة على الالف ثم ان رعاية توافق الفواصل لا تختص بهذا ، بل شوهدت فى غيره نحو قوله تعالى : (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) ـ ٨٩ / ١ ـ ٣ ، حذف الياء من يسرى لرعاية توافق ما قبله.

ثانيهما : ضرورة الشعر كما فى هذه الابيات.

٥٦٥

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

٩٣٢ فقالت لك الويلات انّك مرجلى

انّ الّذى ملا اللغات محاسنا

٩٣٣ جعل الجمال وسرّه فى الضاد

هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

٩٣٤ بجدّه انبياء الله قد ختموا

اذا ما غزا بالجيش حلّق فوقه

٩٣٥ عصائب طير تهتدى بعصائب

وبالعكس قد تدعو الضرورة الى عدم صرف المنصرف كما فى هذين البيتين.

فلو كان عبد الله مولى هجوته

٩٣٦ ولكنّ عبد الله مولى مواليا

طلب الارازق بالكتائب اذ هوت

٩٣٧ بشبيب غائلة النفوس غدور

الرابع : جاء بعض الاسماء غير منصرف سماعا ، وليس فيه سبب المنع ، نحو سحر ان اريد معينا ، نحو جئتك اليوم سحر ، وامس على لغة بعض العرب ، واللغة الفصيحة صرفه مع ال كما فى التنزيل ، وبناؤه على الكسر بدونها كما فى غيره.

الخامس : تصغير غير المنصرف قد يزيل سببا فيصرف نحو ارطى وجنادل وعمر وسرحان ، فانها غير منصرفة ، فاذا صغرت باريطى وجنيديل وعمير وسريحين انصرف لزوال الالف المقصورة فى الاول وصيغة منتهى الجموع فى الثانى والعدل فى الثالث والالف الزائدة فى الرابع.

وقد يصير منع الصرف فى الكلمة واجبا بالتصغير بعد كونه جائزا ، نحو دعدو هند علمين لامراتين فانهما يجوز فيهما الصرف وعدمه لكونهما ثلاثيين ساكنى الوسط ، فاذا صغرا بدعيد وهنيد وجب منعهما من الصرف لزوال سبب جواز الامرين.

وبعض الاسماء لا يختلف فيه الحكم فى التصغير والتكبير ، نحو زينب وحمراء ومعديكرب ، فان صغرت بزيينب وحميراء ومعيديكرب لم يزل عنها سبب فبقيت على عدم صرفها ، والنسبة توجب زوال علة منع الصرف ، فزينبىّ وعمرىّ وعثمانىّ ومعديكربىّ وغيرها منصرفة ، لزوال العلمية عنها بعد النسبة.

السادس : يقال لهذا القسم من الاسم المعرب غير المنصرف وغير المصروف لعدم تصوت الاسم بالتنوين فى آخره اذ من معانى الصرف صوت البكرة ، ولانه

٥٦٦

غير متصرف فى بعض احوال الاسم اذ منع من الجر والتنوين ، وبهذا الاعتبار عبر بعض القدماء عن الصرف وعدمه بالاجراء وعدمه ، اى لا يجرى عليه جميع حالات الاسم بل بعضها ، وقال السيوطى : سمى به لامتناع دخول الصرف عليه اى التنوين كما قال ابن مالك.

الصرف تنوين اتى مبيّنا

٩٣٨ معنى به يكون الاسم امكنا

خاتمة

نذكر فيها اقسام التنوين لمناسبته بهذا المبحث ، وهو نون زائدة ساكنة ملفوظة غير مكتوبة تلحق آخر الاسم لا لمعنى ، بل للايذان بان الكلمة غير مضافة الى ما بعدها كما ان ال توذن بذلك ، وهو اقسام ثمانية.

الاول تنوين التمكين ويقال له تنوين التمكن والامكنية والصرف ، وهو اللاحق للاسم المعرب المنصرف ، نحو جاء زيد ورايت رجلا وشجرة ومررت برجال ونساء ، ويقال لها تنوين الصرف للحوقها بالمنصرف ، والتمكين والتمكن لتمكن الاسم وثباته فى الاسمية وبعده عن مشابهة الفعل والحرف بلحوقها ، والامكنية لان المنصرف اشد تمكنا فى الاسمية من غير المنصرف ، والتنوين الاصيل الاغلبى هو هذا التنوين.

الثانى تنوين التنكير ، وهو اللاحق بالنكرات وبينه وبين تنوين التمكن عموم وخصوص من وجه لان تنوين صه ومه وايه وافّ تنوين تنكير وليس بتنوين التمكن ، واللاحق بالمعارف المعربة المنصرفة تنوين تمكن وليس بتنوين التنكير ، واللاحق بالنكرة المعربة المنصرفة تنوين تنكير وتمكن كرجل.

الثالث : تنوين المقابلة ، وهو اللاحق بنحو مسلمات جعل فى قبال النون فى المسلمين ، وليس تنوين تمكين ولا تنكير ، اذ يلحق بنحو عرفات ، وفى عرفات سببان لمنع الصرف : العلمية والتانيث ، وتنوين التمكين لا يلحق بغير المنصرف ، وهى معرفة فليس للتنكير ايضا.

٥٦٧

الرابع : تنوين العوض ، وهو عوض عن حرف محذوف فى نحو غواش وجوار جمعى غاشية وجارية ، وعوض عن مضاف اليه محذوف مفرد فى نحو قبل وبعد وكل وبعض واىّ ، وعن مضاف اليه محذوف جملة فى نحو يومئذ وحينئذ على ما مر تفصيله فى المبحث الاول والثالث ، ولا يخفى ان كونه عوضا لا ينافى ان يكون للتنكير او التمكين فى بعض موارده.

الخامس تنوين الترنم ، وهو التنوين اللاحق للقوافى المطلقة والمقيدة ، والقافية المطلقة هى المنتهية الى حرف الاطلاق ، وهو الف المدوو واوه ، وياءه ، والقافية المقيدة هى المنتهية الى حرف ساكن ، والترنم هو التغنى ، ولا يختص هذا التنوين بالاسم كما فى هذه الابيات.

اقلّى اللوم عاذل والعتابا

٩٣٩ فقولى ان اصبت لقد اصابن

افد الترحّل غير انّ ركابنا

٩٤٠ لمّا تزل برحالنا وكان قدن

وقاتم الاعماق خاوى المخترق

٩٤١ مشتبه الاعلام لمّاع الخفق

السادس تنوين الضرورة ، وهو اللاحق بما ليس من حقه التنوين لضرورة الشعر كما فى البيتين.

سلام الله يا مطر عليها

٩٤٢ وليس عليك يا مطر السّلام

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

٩٤٣ فقالت لك الويلات انّك مرجلى

السابع : التنوين الشاذ ، كقول بعضهم : هؤلاء قومك ، حكاه ابو زيد ، وليس هذا تنوين تمكين لان الاسم مبنى ، ولا تنوين تنكير لانه معرفة.

الثامن : تنوين الحكاية ، قال ابن هشام فى حرف النون من المغنى : ذكر ابن الخباز فى شرح الجزولية ان اقسام التنوين عشرة ، وجعل كلا من تنوين المنادى وتنوين صرف ما لا ينصرف قسما براسه (وهما من تنوين الضرورة) وقال : والعاشر تنوين الحكاية مثل ان تسمى رجلا بعاقلة لبيبة فانك تحكى اللفظ المسمى به ، وهذا اعتراف منه بانه تنوين الصرف لان الذى كان قبل التسمية حكى بعدها ، انته نقل ابن هشام

٥٦٨

اقول : مراد ابن الخباز تنوين عاقلة اذا ركبت مع لبيبة وجعلتا علما لرجل ، فالعلم هو المركب منهما ، والتنوين واقع فى وسط الكلمة ، فيخرج بذلك عن كونه تنوين الصرف اى التمكن لانه انما يلحق بآخر الكلمة ويسقط عند الوقف عليها.

فى الكافى عن ابى عبد الله عليه‌السلام ، قال : طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم باعيانهم وصفاتهم : صنف يطلبه للجهل والمراء ، وصنف يطلبه للاستطالة والختل ، وصنف يطلبه للفقه والعقل ، فصاحب الجهل والمراء موذ ممار متعرّض للمقال فى اندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسر بل بالخشوع ، وتخلّى من الورع ، فدقّ الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه ، وصاحب الاستطالة والختل ذو خبّ وملق يستطيل على مثله من اشباهه ويتواضع للاغنياء من دونه فهو لحلوائهم هاضم ولدينه حاطم ، فاعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء اثره ، وصاحب الفقه والعقل ذو كابة وحزن وسهر ، قد تحنّك فى برنسه وقام اللّيل فى حندسه ، يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شانه ، عارفا باهل زمانه مستوحشا من اوثق اخوانه فشدّ الله من هذا اركانه واعطاه يوم القيامة امانه.

٥٦٩

المبحث الثامن

فى اسماء العدد ، والعدد كمية منفصلة تعرض على الاشياء ، والاشياء هى المعدودات ، ومراتبه من اثنين الى ما لا نهاية له ، واسماء العدد هى الاسماء التى وضعت لمراتبه ، وهى من المبهمات ، تحتاج الى التمييز واصولها عشرون لفظا : واحد ، اثنان ، ثلاثة ، اربعة ، خمسة ، ستة ، سبعة ، ثمانية ، تسعة ، عشرة ، عشرون ، ثلاثون ، اربعون ، خمسون ، ستّون ، سبعون ، ثمانون ، تسعون ، مائة ، الف ، وليس فى كلام العرب اسم عدد معين الا هذه الكلمات وفروعها ، ثم انها على اربعة اقسام : المفرد والمركب والعقد والمعطوف.

القسم الاول

المفرد من اسماء العدد من اثنين الى عشرة ، وكلها معربة ، ومميزها جمع مجرور بالاضافة او اسم جمع كذلك ، ويؤتى بدون التاء ان كان المميز مؤنثا وبالتاء ان كان مذكرا على عكس قاعدة التانيث والتذكير فى سائر الاسماء.

مثاله : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) ـ ١٩ / ١٠ ، (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ـ ٢ / ٢٢٨ ، وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ ـ ٢٤ / ٨ ، (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) ـ ٤١ / ١٠ ، (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ

٥٧٠

آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) ـ ٣ / ١٣٥ ، رايت خمس نساء ، (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ـ ١١ / ٧ ، رايت ست اماء ، (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) ـ ١٥ / ٤٤ ، (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) ـ ٦٧ / ٣ ، (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) ـ ٢٨ / ٢٧ ، (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) ـ ٣٩ / ٦ ، (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) ـ ١٧ / ١٠١ ، (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) ـ ٢٧ / ٤٨ ، (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) ـ ٥ / ٨٩ ، (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) ـ ١١ / ١٣.

واما الواحد والاثنان فيذكران ان كان معدود هما مذكرا ويؤنثان ان كان مؤنثا ولا يؤتى لهما بتمييز ، بل يؤتى بنفس المعدود فقط فيقال : رجل ورجلان وامراة وامراتان ، او بنفس العدد فقط ، كقوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) ـ ٤ / ٣ ، اى زوجة واحدة ، (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ـ ٤٠ / ١١ ، اى موتتين وحياتين ، او يؤتى بالعدد والمعدود معا بان يكون احدهما نعتا للآخر او يكونا مبتدا وخبرا ، كقوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ـ ٢ / ١٦٣ ، إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ ـ ٣٧ / ٤ ، (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) ـ ١٦ / ٥١ ، (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) ـ ٥ / ١٠٦.

نعم قد يؤتى لهما بمميز مع من مؤخرا او مقدما ، نحو عندى واحد من التجار ومن العلماء اثنان ، وكقوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) ـ ٦ / ١٤٤.

القسم الثانى

المركب ، وهو ما تركب من عددين ليس بينهما عاطف ، وهذا القسم من احد عشر الى تسعة عشر ، والجزآن مبنيان على الفتح الا اثنى عشر فان الجزء الاول منه معرب ، والجزء الثانى من الجميع يطابق المعدود فى التذكير والتانيث ، والجزء الاول من الثلاثة الى التسعة يخالفه كما كان كذلك عند الافراد ، ومميز هذا القسم

٥٧١

مفرد منصوب على التمييز.

مثاله قوله تعالى : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) ـ ١٢ / ٤ ، فى البيت احدى عشرة امراة ، (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) ـ ٩ / ٣٦ ، (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) ـ ٥ / ١٢ ، (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) ـ ٢ / ٦٠ ، رايت ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امراة ، وقس عليها البواقى الى تسعة عشر وتسع عشرة ، وحذف نون التثنية فى اثنا واثنتا واثنى واثنتى لمكان التركيب فانه كالاضافة.

القسم الثالث

العقود ، وهى عشرة وعشرون الى تسعين ومائة والف ، وحكم العشرة قد مر ، وعشرون الى تسعين مميزها مفرد منصوب على التمييز ، وتعرب اعراب الجمع المذكر السالم ، وليست بجموع على ما بينا فى كتاب الصرف ، والفاظها واحدة ، مع المذكر كانت ام مع المؤنث ، ومميز مائة والف مفرد مجرور بالاضافة ولفظهما واحد مع المذكر والمؤنث ايضا.

مثاله قوله تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً) ـ ٧ / ١٤٢ ، (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) ـ ٤٦ / ١٥ ، (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ـ ٧ / ١٤٢ ، (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ـ ٢ / ٥١ ، (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) ـ ٢٩ / ١٤ ، (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) ـ ٥٨ / ٤ ، (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) ـ ٧ / ١٥٥ ، (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) ـ ٩ / ٨٠ ، (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) ـ ٢٤ / ٤ ، (فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) ـ ٢ / ٢٥٩ ، (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) ـ ٢٤ / ٢ ، (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ـ ٢٢ / ٤٧ ، (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ـ ٩٧ / ٣.

٥٧٢

القسم الرابع

المعطوف ، وهو المفرد او المركب المتعاطف مع احد العقود بحرف العطف ، والعقد معطوف ، وان تعدد فالاكثر متاخر ، نحو ثلاثة وعشرون ومائة رجل ، والمميز حيث وقع فله حكمه من حيث التانيث والتذكير والافراد والجمع والنصب والجر.

مثاله قوله تعالى : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) ـ ٣٨ / ٢٣ ، عندى اثنان وعشرون ومائة درهم ، وعندك ثلاثة واربعون ومائة الف دينار ، وعند زيد خمسة وسبعون واربعمائة والفارطل من السمسم.

ولا يخفى انه يؤتى بالاعداد المتعاطفة باساليب غير هذا الاسلوب ، ويقع العطف بين المفردين واكثر ومركبين واكثر وبين المفرد والمركب ، ويجوز تقديم العقد والاكثر فى هذا الاسلوب وغيره ، فانك تجد فى كتاب الله تعالى وغيره العدد المعطوف باساليب مختلفة فلا يتعين فيما ذكرنا ، نحو قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) ـ ١٨ / ٢٥ ، ولم يقل تسع وثلاث مائة ، والقوم ذكروا لاعراب هذه الاقسام وبنائها وافراد المميز وجمعه ونصبه وجره عللا لا تليق بالذكر ، من ارادها فالى تلك الكتب.

وههنا امور

الاول : قد يكون المميز عددا فيحتاج الى مميز آخر كقوله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ـ ٧٠ / ٤ ، فالف مميز خمسين وسنة مميز الف.

اما قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) ـ ١٨ / ٢٥ ، فليس من هذا

٥٧٣

القبيل لان القراءة المشهورة بتنوين مائة فسنين عطف بيان لثلاث مائة لا تمييز لمائة ، وهو يغنى عن التمييز ، وقرئ فى الشواذ بلا تنوين ، فسنين حينئذ مميز لمائة ، ولكن هذه القرائة شاذة خارجة عن القاعدة لان القاعدة افراد مميز مائة ، وكذا قول الشاعر حيث نصب تمييز مائة شاذ وضرورة.

اذا عاش الفتى مائتين عاما

٩٤٤ فقد ذهب اللذاذة والفتاء

واما قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) ـ ٧ / ١٦٠ ، فالمميز محذوف ايضا كآية الكهف واسباطا عطف بيان للعدد ، وامما نعت لاسباطا ، وفى التفاسير كلام غير هذا ، واما قوله تعالى : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) ـ ١٨ / ١١ ، فعددا نعت لسنين لا تمييز له ، اى سنين متعددة.

الثانى : ان مميز العدد قد يحذف لقصد الابهام او قرينة الكلام او ذكره قبل العدد ، ولا يسمى فى هذه الصورة مميزا ولاله احكامه.

مثال قصد الابهام قوله تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) ـ ٦٩ / ١٧ ، وفى هولاء الثمانية اقوال.

مثال وجود القرينة قوله تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) ـ ٣٦ / ١٤ ، اى رسولين اثين فعززنا هما برسول ثالث بقرينة ارسلنا ، (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) الخ ـ ١٨ / ٢٢ ، اى ثلاثة اشخاص لان الكلام فى اصحاب الكهف ، (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) ـ ٤ / ١٧١ ، اى ثلاثة آلهة ، اذ الكلام فى نهى النصارى عن الشرك ، (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) ـ ٧٤ / ٣٠ ، اى تسعة عشر ملكا بقرينة ما بعده.

مثال ذكره قبلا قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) ـ ٥٦ / ٧ ، (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) ـ ٢ / ١٩٦ ، اى سبعة ايام ، وقوله تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) ـ ٧ / ١٤٢ ، اى بعشر ليال ، وقوله تعالى : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ـ ٣٩ / ٦ ، (وَالْفَجْرِ

٥٧٤

وَلَيالٍ عَشْرٍ) ـ ٨٩ / ١ ـ ٢ ، وقد يذكر مع ذلك تاكيدا كقوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) ـ ٩ / ٣٦ ، وقوله تعالى : (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) ـ ٦٩ / ٣٢.

الثالث : مميز العدد قد يؤتى بمن قبله او بعده ، ولا يسمى حينئذ مميزا ولا له احكامه وان كان مزيلا لابهام العدد ، كقوله تعالى : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) ـ ٣ / ١٢٤ ، (قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) ـ ٢ / ٢٦٠ ، (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) ـ ٤ / ١٥ ، (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ـ ١٥ / ٨٧ ، (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ـ ٩ / ٣٦ ، (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) الخ ـ ٦ / ١٤٣ ، (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) ـ ٨ / ٦٥.

الرابع : ما خالف من اسماء العدد معدوده فى التذكير والتانيث ما اذا لم يكن مشتقا ، واما المشتق فيطابقه كائنا ما كان ، كقوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ـ ٥ / ٧٣ ، (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ـ ٥٣ / ١٩ ـ ٢٠ ، وكذا عند التركيب والعطف ، تقول : القاعدة الخامسة عشرة ، والاصل الثالث والعشرون.

واما بناؤه عند التركيب فالجزء الثانى باق على بنائه ولا يصاغ مشتقا ولا يدخل عليه ال ، والجزء الاول ايضا مبنى لان التركيب لا يزول بدخول ال ولا بالاشتقاق حتى فى ثانى عشر لان خروج اثنا عشر وفروعه عن قاعدة البناء لا يسرى الى غيرها ، تقول : جائنى ثالث عشر من القوم ، ودخلت فى الباب الرابع عشر.

واما ان اضيف المركب جاز اعراب الجزء الثانى سواء اكان الجزء الاول مشتقا ام لا ، تقول : هذا ثلاثة عشرك من الدراهم بفتح ثلاثة ورفع عشر ، وهذه تاسعة عشرة عمرك بفتح تاسعة ورفع عشرة.

الخامس : قالوا : ست اصله سدس ، قلبت السين تاء لانهما من الحروف المهموسة على اصطلاح علم القراءة ، فادغمت الدال فيها لتقارب المخرج ، وكذا ستة

٥٧٥

وستون ، ودليله سائر الفاظ هذا العدد.

السادس : بضع يستعمل لثلاث الى تسع لا على التعيين ، كقوله تعالى : (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ـ ١٢ / ٤٢ ، روى انه كان فى السجن سبع سنين ، وقوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) ـ ٣٠ / ٤ ، روى ان ظهور فارس على الروم فى تسع سنين ثم اظهر الله الروم على فارس ، وكذا بضعة بمعنى ثلاثة الى تسعة ، وقيل : لا يستعمل مركبا ولا معطوفا ، فلا يقال : بضع عشر وبضع وعشرون مثلا ، وبمعناه نيّف ونيف وهو يستعمل مركبا ومعطوفا.

السابع : المميز ان كان جمعا وكان له نعت فالنعت على صيغة الجمع ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) ـ ١٧ / ١٠١ ، (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ) ـ ١٢ / ٤٣ ، وان كان مفردا جاز فى نعته الافراد طبقا له والجمع طبقا للعدد ، نحو عندى ثلاثون رجلا كريما او كراما ، وطابق العدد فى قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) ـ ٨ / ٦٥ ، اى عشرون رجلا صابرون.

الثامن : ان اضيف العدد الى غير المميز فلا مميز له ، فلابد لتعيين المعدود من ذكره قبلا او بعدا او كونه معلوما بالقرينة ، تقول : خذ عشرتك من الدراهم ، واعط عشرة اخيك ، وهذه الدراهم عشرة ابيك.

التاسع : يقع الف تمييزا لكل عدد ويجمع ، نحو ثلاثة آلاف واربعة عشر الفا وخمسون الفا ومائة الف ، واما مائة فلا تجمع اذا وقعت تمييزا للعدد ولا تقع تمييزا الا لثلاث وتسع وما بينهما ، تقول : ثلاثمائة رجل ، ولا يقال مثلا : ثلاثون مائة رجل ، بل يقال مكانه ثلاثة آلاف رجل ، والعرب رفضت جمع مائة فى هذه الصورة اى فيما وقعت تمييزا للعدد مع ان تمييز ثلاث الى تسع بصيغة الجمع لانها اسم جمع كقوم ورهط ، ولكن تجمع فى غير هذه الصورة على مآت ومئون ومئين.

ولام الفعل من مائة ياء حذفت وعوضت عنها التاء ، والالف بعد الميم زيادة فى الكتابة كزيادة الالف بعد واو الجمع ، ولا تقرء لان الميم مكسورة ، ويجوز حذفها

٥٧٦

من الكتابة بان تكتب مئة ، ويجوز فتح الميم وقراءة الالف ، وفى عشر وعشرة يجوز سكون الشين وفتحها وكسرها.

العاشر : المعكوس فى التذكير والتانيث فى الثلاثة الى العشرة فيما لم يحذف المعدود المميز ولم يتقدم على العدد ، واما ان حذف او قدم جاز الوجهان : اتيان التاء فى العدد وعدمه ، كقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ـ ٢ / ٢٣٤ ، اى عشر ايام ، ومقتضى القاعدة ان يقال عشرة ، اللهم الا ان يكون المقدر ليال ، (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) ـ ٧ / ١٤٢ ، اى بعشر ليال ، وهذا على القاعدة ، وفى الخبر : من صام رمضان واتبعه بست من شوال فكانما صام السنة ، اى بست ايام ، والقاعدة بستة ايام ، وتقول : ليال عشر او عشرة ، وايام عشرة او عشر ، رايت الرجال ثلاثتهم او ثلاثهم ، ورايت النساء ثلاثهم او ثلاثتهم ، وليس على خلاف القاعدة قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ـ ٦ / ١٦٠ ، لان امثالها ليس مميزا ، بل بدل لمميز محذوف هو حسنات ، اى عشر حسنات امثال تلك الحسنة.

الحادى عشر : المعتبر فى الجمع حال مفرده فى التذكير والتانيث فيجاء بالعدد بدون التاء ان كان مفرد مميزه مؤنثا ، وان لم يكن فى الجمع نفسه علامة التانيث ، نحو قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) ـ ٧٧ / ٣٠ ، مفرده شعبة ، (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ) ـ ٢٣ / ١٧ ، مفرده طريقة ، (قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) ـ ١٢ / ٤٧ ، مفرده سنة ، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) ـ ١١ / ١٣ ، مفرده سورة.

وكذا العكس ، فان كان فى الجمع علامة التانيث وكان مفرده مذكرا جئ بالعدد مع التاء ، نحو جاءنى ثلاثة عملة ، مفرده عامل ، رايت خمسة اغلمة ، مفرده غلام.

وان كان الاسم مما يستعمل مذكرا ومؤنثا كحال ودرع وروح وسبيل وسوق

٥٧٧

وسماء وعقاب وعقرب وفرس جاز الوجهان فى العدد ، تقول مثلا : ثلاث احوال وثلاثة احوال ، ثلاث عشرة عقربا وثلاثة عشر سوقا ، وكذا غير ذلك.

وكذلك جاز الوجهان ان كان اللفظ مذكرا ويراد منه المؤنث كالشخص مثلا ، تقول : جائنى ثلاث اشخاص وثلاثة اشخاص وانت تريد ثلاث نسوة.

واما ان كان اللفظ مؤنثا فيراعى جانب اللفظ سواء ااريد منه المذكر ام المؤنث ، تقول : حررت ثلاث رقاب جمع رقبة وانت تريد ثلاثة اعبد ، الا ان يكون علما لذوى العقول فيراعى جانب المعنى ، تقول : رايت ثلاثة طلحات واربعة حمزات.

الثانى عشر : الاصل فى الاسماء هو المذكر والمؤنث فرع له ، تقول : ضارب وضاربة ، مرء ومرءة ، ولكن الاصل فى اسماء العدد من الثلاثة الى التسعة هو مع التاء ، فان استعمل نفس العدد من دون نظر الى المعدود جئ بالتاء ، تقول : الثلاثة نصف التسعة ، والاربعة عشر ضعف السبعة ، والخمسة مرتبة من العدد بين الاربعة والستة وكذا ان ارجع الضمير الى نفس العدد ، تقول : الثلاثة يستعمل للمذكر والثلاث تستعمل للمؤنث ، ومضروب الخمسة فى نفسه خمسة وعشرون.

الثالث عشر : ان وقع العدد نعتا او منعوتا او خبرا او غير ذلك روعى فيه من جهة التذكير والتانيث ما روعى فيه مع المميز ، نحو قوله تعالى : (خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ـ ٣٩ / ٦ ، (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) ـ ٥٦ / ٧ ، (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ـ ٩ / ٣٦ ، (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ) ـ ١٧ / ٤٤ ، (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) ـ ٩ / ١١٨ ، (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) ـ ٢ / ١٩٦ ، (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ) ـ ٨٩ / ٢.

الرابع عشر : حادى مقلوب من واحد ، واحد اصله وحد ، ومؤنثه احدى ، ويستعمل احد للمؤنث ايضا كقوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) ـ ٣٣ / ٣٢.

وقالوا كما فى تاج العروس ان الاحد اى المعرف باللام من هذا اللفظ اذا لم يقصد به العدد المركب كالاحد عشر ونحوه لا يوصف به الا الله تعالى لخلوص هذا الاسم الشريف له تعالى وهو الفرد الذى لم يزل احدا ولم يكن معه آخر.

٥٧٨

وقد يستعمل احد نكرة فى سياق النفى مكان الجمع لان النكرة فى سياق النفى تفيد العموم ، كقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) ـ ٦٩ / ٤٧ ، فحاجزين خبر عن احد ، ومن زيادة ، ومنكم حال عنه مقدم عليه ، اى فما احد منكم حاجزين عنه.

وقال فى تاج العروس : وفى حواشى السعد على الكشاف : انه لا يقع فى الاثبات الا بلفظ كل ، ويظهر هذا من ابن هشام فى سابع المغنى حيث قال : الثالثة عشرة قولهم : ان احدا لا يقول ذلك ، فاوقع احدا فى الاثبات لانه نفس الضمير المستتر فى يقول والضمير فى سياق النفى فكان احدا كذلك.

اقول : ان ابن هشام ابى ان يكون احد فى سياق الايجاب الا ان يكون مؤولا بالنفى ، وهذا منهم غفلة ، فان كتاب الله تعالى يشهد على خلافهم ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) ـ ٩ / ٦ ، (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) ـ ٥ / ٦ ، (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)ـ ١١٢ / ١ ، (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) ـ ١٩ / ٢٦ ، (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ـ ٤٩ / ١٢ ، (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) ـ ٦٣ / ١٠ ، (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) ـ ٢ / ٩٦.

ان قلت : ان مرادهم ذكر احد اسما نكرة لا وصفا ، واحد فى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وصف ، والنكرة فى حيز الشرط تفيد العموم فكان احدا وقع فى الاثبات بلفظ كل ، فقوله تعالى ان احد من المشركين الخ يؤول الى وان استجارك كل احد من المشركين ، وكذا الآية الثانية ، واحد فى سائر الآيات معرفة ، قلت : هذا توجيه وكلامهم فيما رايت مطلق ، مع ان عموم كل شمولى وعموم النكرة فى حيز الشرط بدلى.

الخامس عشر : لفظ احد ياتى اسما ، فى قبال اثنين وثلاثة الخ ، وهو بهذا المعنى لا يثنى ولا يجمع ، لانهم استغنوا عن تثنيته باثنين وعن جمعه بثلاثة وما فوقها ، وياتى وصفا بمعنى ما لا جزء له وما لا نظير له ، وبهذا المعنى يثنى ويجمع كقول الشاعر :

يحمى الصريمة احد ان الرجال له

٩٤٥ صيد ومجترئ باللّيل همّاس

٥٧٩

وكذا واحد ، فانه بما هو فى قبال اثنين وانه مبدء العدد لا يثنى ولا يجمع لما قلنا ولكنه يثنى ويجمع وصفا بمعنى لا نظير له ولا معه غيره ، كقولهم : فلان واحد قومه وكما فى هذين البيتين.

فلمّا التقينا واحدين علوته

٩٤٦ بذى الكفّ انّى للكماة ضروب

قوم اذا الشرّ ابدى ناجذيه لهم

٩٤٧ طاروا اليه زرافات ووحدانا

والله تعالى يوصف بهما بمعنى ما لا جزء له وما لا مثل له ، ولا يطلقان عليه تعالى بمعنى اول العدد ، لان هذا الاطلاق يصح فيما له ثان من جنسه ، ولا ثانى له تعالى.

واما قول السجاد عليه‌السلام فى الصحيفة فى دعائه متفزعا الى الله تعالى : لك يا الاهى وحدانية العدد فليس معناه : انت واحد بالعدد لصريح قول امير المؤمنين عليه‌السلام فيما رواه الصدوق فى الباب الثالث من كتاب التوحيد : قول القائل : هو واحد يقصد به باب الاعداد لا يجوز لان ما لا ثانى له لا يدخل فى باب الاعداد ، بل المعنى : انه احدى الدات لا يتجزى ولا ينقسم ويمتنع عليه تعدد الاجزاء ، فاضاف الوحدانية الى العدد واراد نفى التجزى فى الذات.

السادس عشر : يضاف العدد المشتق على وزن اسم الفاعل على قسمين.

القسم الاول اضافته الى ما اشتق منه ، نحو ثانى اثنين ، ثالث ثلاثة وعاشر عشرة ، وهذا بمعنى احد او بعض ، اى احد ثلاثة وبعض عشرة ، وهذا يدل على الاشتراك ، نحو قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ـ ٥ / ٧٣ ، اى ثالث ثلاثة مشتركين فى الالوهية ، والمشتق فى هذا القسم لا يعمل عمل النصب ، بل يضاف دائما ، لانه فى حكم الجامد اذ معناه احد او بعض.

وهذا فى الثانى الى العاشر ان اصيف الى الاثنين الى العشرة ، فاذا زيد على العشرة جاز ذكر الجزء الثانى من المضاف وعدمه ، تقول : حادى عشر احد عشر وحادى احد عشر ، ورابعة عشرة اربع عشرة ورابعة اربع عشرة.

القسم الثانى اضافته الى ما دون ما اشتق منه بمرتبة ، نحو قوله تعالى : (ما يَكُونُ

٥٨٠