علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

١ ـ انها لا تستعمل مع ام المتصلة المعادلة لهمزة الاستفهام ، ولكنها تستعمل مع ام المنقطعة ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) ـ ١٣ / ١٦ ، والتقدير فى ام الثانية : ام هل جعلوا الخ ، والاستفهام فى المواضع الثلاثة انكار ابطالى ، وتقدير هل لتناسب المذكورة قبلها كما هو ظاهر مجمع البيان ، ولكن القوم ابوا حذف هل وقالوا : ان حرف الاستفهام المقدر فى كل موضع هو الهمزة.

٢ ـ انها تختص بالايجاب ، والهمزة تستعمل فى النفى والايجاب ، ولكن لا باس بالايجاب المؤول الى النفى كقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) ـ ٥٥ / ٦٠ ، اى ليس جزاء الاحسان الا الاحسان ، كما ان الهمزة فى النفى قد ترجع الى الايجاب كقوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) ـ ٣٩ / ٣٦ ، اى هو كاف عبده.

٣ ـ انها لا تدخل على اداة الشرط بخلاف الهمزة ، نحو قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) ـ ٢١ / ٣٤.

٤ ـ انها لا تدخل على ان بخلاف الهمزة ، نحو قوله تعالى : (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) ـ ١٢ / ٩٠.

٥ ـ انها تقع بعد العاطف لا قبله بخلاف الهمزة ، نحو قوله تعالى : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) ـ ٤٦ / ٣٥.

٦ ـ انها تختص بطلب التصديق بخلاف الهمزة ، فانها اعم كما مر بيانه.

٧ ـ يقع بعدها من الزائدة للتاكيد بخلاف الهمزة ، وياتى ذكر حروف الزيادة فى خاتمة الكتاب.

٤ ـ ما

وهو اسم يقع مبتدا ومفعولا ومجرورا وخبرا على قول ، ولا يقع فاعلا

٨٠١

لصدارتها كما قلنا فى مبحث ادوات الشرط.

مثالها للابتداء قوله تعالى : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ، قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) ـ ٢ / ٦٨ ـ ٧٠ ، (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) ـ ٢٠ / ١٧ ، (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) ـ ٥٦ / ٨ ـ ٩ ، (قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) ـ ٤٥ / ٣٢ ، (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) ـ ١٢ / ٧٤ ، وكمسائلة الملكين اول الورود فى البرزخ : ما دينك وما كتابك وما قبلتك.

ونحو قوله تعالى : (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) ـ ٩٩ / ٣ ، (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) ـ ٧٠ / ٣٦ ، (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ـ ٥٧ / ٨ ، (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) ـ ٣٨ / ٧٥ ، ونحو قولك : ما عندك ، وما صارف لك عن امرك.

ثم ان ما ان وقع بعدها اسم معرفة كالامثلة الاولى فقوم على انها مبتداة والاسم المعرفة خبرها ، وقوم على انها خبر مقدم وما بعدها مبتدا مؤخر ، وانما قدم لصدارتها ، والاقرب هو القول الثانى ، وان وقع بعدها غير ذلك كالامثلة الثانية فما مبتداة وما بعدها خبر بلا كلام ، وكذا الكلام فى غير ما من هذه الاسماء التى ليس لها معنى الظرفية وياتى امثلتها.

مثالها للمفعولية قوله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) ـ ٢ / ١٣٣ ، (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ) ـ ٢٦ / ٦٩ ـ ٧٠ ،

مثالها للمجرورية قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) ـ ٧٨ / ١ ـ ٢ ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) ـ ٦١ / ٢ ، (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) ـ ٢٧ / ٣٥ ، (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا)ـ ٢١ / ٤١ ، وسقوط الالف يختص بكونها استفهامية فرقا بين الاستفهام والخبر ، ومنه ما فى هذين البيتين.

٨٠٢

فتلك ولاة السوء قد طال مكثهم

١٣٨٤ فحتّام حتّام العناء المطوّل

يا ابا الاسود لم خلّفتنى

١٣٨٥ لهموم طارقات وذكر

وقرئ عما يتسائلون باثبات الالف والقراءة شاذة ، ووقع فى هذين البيتين وهو ضرورة.

انّا قتلنا بقتلانا سراتكم

١٣٨٦ اهل اللّواء ففيما يكثر القيل

على ما قام يشتمتى لئيم

١٣٨٧ كخنزير تمرّغ فى دمان

وان لحق بها ذا فلا يسقط الفها ، نحو لما ذا جئتنى ، لانها معها كالكلمة الواحدة ، والالف فى وسط الكلمة لا يحذف ، ومر ذكر هذه الكلمة فى باب الموصولات فى المبحث الخامس من المقصد الثانى.

تنبيهان

الاول ان ما حرفية واسمية ، والاسمية موصولة وشرطية واستفهامية ولا حقة بنعم وبئس وتعجبية وموصوفة ، نحو قولهم : مررت بما معجب لى ، وكما فى قول الشاعر.

لما نافع يسعى اللّبيب فلا تكن

١٣٨٨ لشئ بعيد نفعه الدهر ساعيا

وقيل : منها قوله تعالى : (وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) ـ ٥٠ / ٢٣ ، اى هذا شىء عتيد لدى ، وقيل : انها موصولة ، اى هذا الذى لدى عتيد ، والثانى اظهر ، ومن هذا الباب نحو قولهم : ان زيدا مما ان يكتب ، اى من شىء هو الكتابة ، وهذا الاسلوب يستعمل للمبالغة ، كان القائل يقول : ان زيدا بلغ فى فن الكتابة حدا كانه خلق منها ، نظير قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) ـ ٢١ / ٣٧ ، وكقول الشاعر.

الا اصبحت اسماء جاذمة الحبل

١٣٨٩ وضنّت علينا والضنين من البخل

ومر فى المسالة الثالثة فى حرف من فى المبحث الثانى من المقصد الثانى نظير هذا الاسلوب ، ليس فيه حرف ان كما فى هذا البيت.

٨٠٣

وانّا لممّا نضرب الكبش ضربة

١٣٩٠ على راسه تلقى اللّسان من الفم

الثانى الاصل استعمال ما الاسمية فى غير ذوى العقول ، وقد تستعمل فيهم ، نحو قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) و (أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) ـ ٥٦ / ٢٧ و ٤١ ، (وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) ـ ٩١ / ٥ ـ ٧ ، (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ـ ٤ / ٣ ، وهذا سماع لا يتعدى عنه.

ويستعمل قياسا فى العاقل ان اريد به الحقيقة والماهية ، نحو قول ارباب المنطق : الانسان ما هو ، وفى الحديث : ان نفرا من الصحابة اجتمعوا حول رجل يقص عليهم فمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بهم فسال : من هذا؟ قالوا : علّامة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما العلامة ، قالوا : العالم بانساب العرب ووقائعها واشعارها ، فقال : هذا علم لا يضر ولا ينفع ، انما العلم ثلاثة : آية محكمة او فريضة عادلة او سنة قائمة ، وما عداهن فهو فضل ، سال صلوات الله عليه وآله اولا بمن عن الشخص ، وثانيا بما عن ماهية العلامة ومعناه الحقيقى ، ومن ذلك قول فرعون لعنه الله لموسى عليه‌السلام : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) ـ ٢٦ / ٢٣ ، فانه سال عن ماهية الرب تعالى ، وسال مرة اخرى عن شخصه بقوله : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) ـ ٢٠ / ٤٩ ، وفى الحديث : سئل الصادق عليه‌السلام عن الله تعالى : ما هو ، فاجاب عليه‌السلام : انه شىء بحقيقة الشيئية.

٥ ـ مهما

واستشهد لكونها للاستفهام بهذا البيت.

مهما لى اللّيلة مهما ليه

١٣٩١ اودى بنعلىّ وسرباليه

٦ ـ من

وهى كما فى كل شىء ، الا ان الاصل استعمالها للعاقل الا قليلا فتستعمل فى غير

٨٠٤

العاقل.

مثالها للابتداء قوله تعالى : (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) ـ ٣٦ / ٥٢ ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) ـ ٦٧ / ٣٠ ، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ) ـ ٢٩ / ٦٣ ،.

مثالها للمفعولية نحو قولك : من صحبت ، من لقيت ، من عاونت ، من اعطيت.

مثالها للمجرورية قوله تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) ـ ٢٦ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، ويلحق بهاذا ، نحو قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) ـ ٢ / ٢٥٥ ، ومر ذكرها فى باب الموصولات فى المبحث الخامس من المقصد الثانى.

تنبيه

تاتى من موصولة وشرطية واستفهامية ونكرة موصوفة كما فى هذه الابيات.

انّى وايّاك اذ حلّت بارحلنا

١٣٩٢ كمن بواديه بعد المحل ممطور

ربّ من انضجت غيظا قلبه

١٣٩٣ قد تمنّى لى موتا لم يطع

فكفى بنا فضلا على من غيرنا

١٣٩٤ حبّ النبىّ محمّد ايّانا

ونعم مزكأ من ضاقت مذاهبه

١٣٩٥ ونعم من هو فى سرّ واعلان

تنبيه آخر

الاصل استعمال من للعاقل ، وجاء لغيره ،

نحو قوله تعالى. (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ـ ٤٦ / ٥ ، ان كان المراد بالمدعو الاصنام ، ولا يبعدان يراد ائمة الضلال ، وكقول الشاعر.

الاعم صباحا ايّها الطلل البالى

١٣٩٦ وهل يعمنمن كان فى العصر الخالى

٧ ـ اىّ

وهو اسم معرب الا اذا كان موصولا مضافا فمبنى ، وقد مر فى مبحث المبنيات فى

٨٠٥

المقصد الثانى ، ويقع مبتدا وغيره.

مثاله للابتداء قوله تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) ـ ٩ / ١٢٤ ، (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ـ ٦ / ١٩ ، (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) ـ ٦٨ / ٤٠ ، (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ـ ٦ / ٨١ ، وكما فى هذا البيت.

ارايت اىّ سوالف وخدود

١٣٩٧ برزت لنا بين اللّوى فزرود

مثاله للمفعولية قوله تعالى : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) ـ ٤٠ / ٨١ ،(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) ـ ١٨ / ١٢ ، لنعلم علق عن العمل بالاستفهام ومجموع الجملة ما بعده مفعوله ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ـ ٢٦ / ٢٢٧ ، اى مفعول فيه منصوب بينقلبون ، ومجموع الجملة مفعول سيعلم ، ومنقلب اسم مكان ، وكقول الشاعر.

اىّ يوم سررتنى بوصال

١٣٩٨ لم ترعنى ثلاثة بصدود

مثاله للمجرورية قوله تعالى : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) ـ ٤٥ / ٦ ، (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) ـ ٨٠ / ١٨ ، (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) ـ ٧٧ / ١٢ ، ثم ان اى تاتى موصولة وشرطية ووصلة الى نداء ما فيه ال ونعتا للنكرة ، نحو ابوك عالم اى عالم ، وحالا للمعرفة ، نحو انت المدرس اى مدرس ، وهذا الاسلوب يدل على معنى الكمال ، ولا يخلو من معنى التعجب.

٨ ـ كيف

يسال بها عن الكيفيات ، وتقع خبرا وحالا ، نحو قولك : كيف انت ، وقوله تعالى : (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) ـ ٦٧ / ١٧ ، اى انذارى (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) ـ ٦٧ / ١٨ ، كيف خبر كان ، اى انكارى عليهم ، وانكاره تعالى عذابه فى الآخرة واهلاكه فى الدنيا

٨٠٦

ومثاله حالا قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) ـ ٢ / ٢٨ ، حال لفاعل تكفرون ، والاستفهام توبيخ وتعجيب ، وقوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) ـ ٢ / ٢٥٩ ، حال للمفعول ، والجملة بدل من العظام ، اى وانظر الى كيفية انشازها وكسوتها لحما.

وقال ابن هشام : ان كيف فى قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) ـ ١٠٥ / ١ ، مفعول مطلق ، اى الم تر اى فعل فعل ربك باصحاب الفيل ، اقول : هو مفعول مطلق نوعى ، والاولى فى التقدير ان يقال : الم تر ان ربك فعل بهم فعلا مكيفا بكيفية عجيبة لان تقديره يفوت معنى كيف ، وكيف فى هذه الآية ليست للاستفهام ، وامكن ان يكون الجملة باسرها مفعولة ، اى الم تر كيفية فعل ربك بهم العجيبة.

هنا امور

الاول قد يكون كيف حالا محذوف العامل او خبرا محذوف المبتدا ، نحو قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ـ ٣ / ٢٥ ، اى فكيف حالهم او فكيف يفعلون ، والجملة جزاء لاذا فى المعنى ، نظير قوله تعالى : (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) ـ ٧٣ / ١٧ ، (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) ـ ٩ / ٨ ، جملة الشرط والجزاء حال للمحذوف ، والتقدير : كيف يكون للمشركين عهد الخ والحال انهم ان يظهروا عليكم لا يرقبوا الخ.

الثانى كيف مبنية على الفتح ، ومحلها رفع ان وقعت خبرا للمبتدا ، ونصب ان وقعت حالا او خبرا لاحد من الافعال الناقصة ، نحو قوله تعالى : (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٥٤ / ١٨ ، ونحو قولك : كيف اصبحت ، كيف امسيت ، وهى تدل على الحال العامة المبهمة ، فصح فى الاستفهام تقديرها ظرفا اى جارا ومجرورا واسما ، فتقدير السؤال فى نحو كيف انت : فى اى حال او على اى حال انت ، و

٨٠٧

هذا تقدير الظرف ، واصحيح ام سقيم انت ، وهذا تقدير الاسم ، وكذا كيف كان ابوك وكيف اصبحت وغير ذلك ، فالجواب المطابق على تقدير الظرف : فى خير او على خير وغير الخير من الاحوال التى عليها المسئول ، والجواب المطابق على تقدير الاسم سليم ان كان محلها مرفوعا وسليما ان كان منصوبا وغير سليم مما هو عليه ، وعلى كل تقدير يصح الجواب على الوجهين.

الثالث قد تقع كيف مع ما فى حيزها بدل اشتمال ، وفاعلا ومفعولا ، وقد مر كل ذلك فى مبحث الجمل من المقصد الثانى ، وجاء فى هذا البيت محذوف الفاء للضرورة.

كى تجنحون الى سلم وما ثئرت

١٣٩٩ قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم

٩ ـ كم

وهى اسم من الكنايات ، وتحتاج الى التمييز ، وقد مرت احكامها فى المبحث السادس من المقصد الثانى.

١٠ ـ اين

يسأل بها عن المكان ، تقع خبرا وتتعلق بالفعل المذكور بعدها وهى مبنية على الفتح ، وترفع محلا على الخبرية وتنصب على كونها مفعولا فيها.

مثالها خبرا قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ـ ٢٨ / ٦٢ ، (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) ـ ٧٥ / ١٠ ، (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ) ـ ٢٦ / ٩٢ ، وكقول الشاعر :

اين المفرّ والالاه الطالب

١٤٠٠ والاشرم المغلوب ليس الغالب

مثالها مفعولا فيها قوله تعالى : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ـ ٨١ / ٢٦ ـ ٢٧ ، وقد مر فى مبحث ادوات الشرط انها تاتى للشرط مع لحوق ما وبدونه ، وليس لها استعمال غيرهما ، ولكنها تقع مجرورة كاكثر الظروف ، نحو : قول على

٨٠٨

عليه‌السلام : رحم الله عبدا علم من اين وفى اين والى اين اى علم من اين جاء وفى اين كان والى اين يذهب.

١١ ـ انّى

يسال بها عن المكان ايضا كاين ، تقع خبرا وظرفا ، نحو قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) ـ ٨٩ / ٢٣ ، (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) ـ ٣ / ١٦٥ ، (قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ـ ٣ / ٣٧ ، وامكن ان يكون له ولك فى الآية الاولى والثالثة خبرين وانى ظرفا ، ونظيرهما كثير.

وقال بعضهم : ان انى بمعنى من اين ، وهذا هو الفرق بينها وبين اين ، اقول : هذا المعنى ظاهر فى كثير من الموارد ، فلذا اجابت مريم عليها‌السلام بقولها : هو من عند الله.

وتاتى انى بمعنى كيف ، نحو قوله تعالى : (قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) ـ ٢ / ٢٥٩ ، (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) ـ ٢٣ / ٨٩ ، (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) ـ ٣٦ / ٦٦ ، وقيل : انى فى قوله تعالى : فانى يؤفكون ، فانى يصرفون فى كثير من الآيات بمعنى كيف ، اقول : الظاهر انها بمعنى الى اين.

ثم قد يحذف المبتدا عن الجملة التى بعدها ، نحو قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) ـ ٤٧ / ١٨ ، اى فانى لهم النجاة.

١٢ ـ متى

يسال بها عن الزمان وتقع خبرا وظرفا ، نحو قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ١٠ / ٤٨ ، (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ) ـ

٨٠٩

١٧ / ٥١ ، (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) ـ ٢ / ٢١٤ ، وفى الحديث جاء يهودى الى على عليه‌السلام فقال : يا امير المؤمنين متى كان ربنا فقال له على عليه‌السلام : انما يقال : متى كان لشئ لم يكن فكان وربنا تبارك وتعالى كان لم يزل ليس له قبل ، وقد يحذف عاملها كما فى هذا الحديث : ومن قال : متى فقد وقته ، اى من قال : متى كان الله.

١٣ ـ ايّان

وهى كمتى ، نحو قوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٥١ / ١٢ ، يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ـ ٧ / ١٨٧ ،(أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ـ ١٦ / ٢١.

تتميم فيه امور

الامر الاول

ان الاستفهام اما حقيقى ، وهو الاستعلام عن الشئ واما مجازى ، وهو استنطاق احد لغرض آخر ، وقد يكون المستنطق جاهلا فيجتمع غرضه مع الاستعلام ، والاستفهام المجازى لا يختص بالهمزة كما هو ظاهر ابن هشام فى حرف الهمزة ، بل ياتى فى غيرها ، وهو على وجوه ، وكلها يعلم بالقرينة كما هو شان المجاز فى كل اسلوب.

الوجه الاول الانكار الابطالى ، ومعناه ان المتكلم باستفهامه ينفى الشئ وينكره ويرى ان مدعيه كاذب ، فالكلام ايجابه سلب وسلبه ايجاب حسب اظهار المتكلم نحو قوله تعالى : (أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) ـ ٥٢ / ١٥ ، (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٣٩ / ٩ ، (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) ـ ٤٠ / ٢٩ ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) ـ ٧ / ١٨٥ ، (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ

٨١٠

إِيمانِهِمْ) ـ ٣ / ٨٦ ، (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) ـ ٩٤ / ١ ـ ٢ ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ ـ ١٠٥ / ٢ ـ ٣.

ثم ان ما ينكره المتكلم باستفهامه يمكن ان لا يكون منتفيا فى الواقع ، بل يكون حقا ، نحو قوله تعالى : (قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ) ـ ٢ / ٢٤٧ ، (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) ـ ٣٨ / ٨ ، (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) ـ ١٧ / ٤٩.

الوجه الثانى الانكار التوبيخى ، ومعناه ان المتكلم يرى الشئ واقعا ويوبخ فاعله ، وهذا ايضا اما حاصل فى الواقع او فى نظر المتكلم.

مثال الاول قوله تعالى : (قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) ـ ٣٧ / ٩٥ ، (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ) ـ ٢٦ / ١٦٥ ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٥٥ / ١٣ ـ ٧٧ ، (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) ـ ٤٠ / ٧٣ ، (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً) ـ ٤ / ٥٠ ، (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ) ـ ٣٩ / ٣٢ ، (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) ـ ٤ / ٨٨.

مثال الثانى قوله تعالى حكاية عن الظالمين : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ـ ٢١ / ٣ ، وحكاية عن الكفار : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) ـ ٣٤ / ٨.

وهنا قسم آخر وهو التوبيخ على فرض الوقوع ليعتبر السامعون لا على الفعل الواقع ، نحو قوله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ـ ١٠ / ٩٩ ، (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) ـ ٥ / ١١٦.

ثم قد يكون التوبيخ باطلا والذى وقع حقا ، نحو قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) ـ ٢ / ٢٦ ، (قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ) ـ ٢٨ / ١٩ ، (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) ـ ٢٥ / ٧ ، فهذه اقسام الاستفهام الانكارى ، وهى على الوجهين ستة ،

٨١١

قسمان منها للوجه الاول ، واربعة اقسام للوجه الثانى.

وقال ابن هشام فى حرف هل من المغنى : ان الانكار على ثلاثة اوجه : انكار على من ادعى وقوع الشئ وانكار على من اوقع الشئ ويختصان بالهمزة وانكار لوقوع الشئ ، وهذا يختص بهل ، انته ، وانت ترى انه لا اختصاص بالهمزة وهل وان فى تقسيمه تقصيرا ، والحق ما فصلناه ، نعم لا يجاب الاستفهام بحرف الجواب الا ما كان بالهمزة او هل ، وياتى بيانه فى المبحث السادس ، وما كان بغيرهما يجاب بالكلام.

الوجه الثالث الاستفهام التقريرى ، ومعناه سؤال المتكلم المخاطب ليعترف بالمسؤول عنه ، والمخاطب اما يعترف او ينكر او يسكت او يجيب بعير ما يتوقع السائل ، والتقرير اما للفاعل او المفعول او الفعل بالمعنى لا الفاعل والمفعول والفعل حسب الاصطلاح ، فلاى منها كان يجب ايلاؤه الاستفهام.

مثال الفاعل قوله تعالى : (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) ـ ٢١ / ٦٢ ، (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ـ ١١ / ١٤ ، (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) ـ ١١ / ٨١ ، (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) ـ ١٢ / ٣٩ ، أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ـ ٢٥ / ١٧ ، (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) الخ ـ ٣٨ / ٧٥ ـ ٧٦.

مثال المفعول قوله تعالى : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) ـ ٢١ / ٥٢.

مثال الفعل قوله تعالى : (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) ـ ١٩ / ٤٦ ، (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) ـ ١٢ / ٨٩ ، (قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) ـ ٢٠ / ٨٦ ، (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) ـ ٢٣ / ١١٢ ـ ١١٣ ، (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ

٨١٢

ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) ـ ٢٣ / ٦٨.

تنبيه

قد يكون التقرير لمدخول النفى ويكون الكلام فى اكثر الموارد خطابا للعالم به ، نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٢ / ١٠٦ ، وقوله تعالى حكاية عن الخضر مخاطبا لموسى : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ـ ١٨ / ٧٥ ، وحكاية عن يعقوب مخاطبا لبنيه : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ـ ١٢ / ٩٦ ، (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) ـ ١٤ / ١٩ ، ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) ـ ٣٩ / ٧١ ، (أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) ـ ١٢ / ٨٠ ، (قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) ـ ٤ / ٩٧ ، وقد يكون فى اسلوب الغياب لا الخطاب كقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) ـ ٢٥ / ٤٠.

ولا يخفى ان هذا الاسلوب باعتبار النفى انكار ابطالى ، ويمكن ان يكون توبيخيا فى نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ان كان المخاطب جاهلا مقصرا ، وباعتبار مدخول النفى تقرير ، فاشتبه الامر على بعض الناظرين فى هذه الآيات فلا تغفل.

الوجه الرابع الاستفهام الطلبى ، وهو ما يراد به الطلب ، نحو قوله تعالى : (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا) ـ ٣ / ٢٠ ، اى قل لهم اسلموا ، (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) ـ ٢٥ / ٢٠ ، اى اصبروا فى الفتنة ، ونظير ذلك فى الآيات كثير ، نحو افلا تتقون ، افلا تعقلون ، افلا يتدبرون القرآن ، افلا يؤمنون ، افلا تتفكرون ، اى تفكروا ، وكذا غيره ، ومن هذا القسم العرض وياتى فى المبحث السابع.

الوجه الخامس انكار الطلب ، نحو قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ

٨١٣

فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) ـ ١٧ / ٦١ ، فان اللعين انكر قوله تعالى : (اسْجُدُوا لِآدَمَ ، فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) ـ ٢٣ / ٤٧ ، انكر اللعين فرعون قول موسى وهارون لهم : (آمِنُوا بِاللهِ) ، (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) ـ ١١ / ٦٢ ، انكروا عليه قوله : لا تعبدوا الاصنام.

الوجه السادس التهكم وهو الاستهزاء المتضمن معنى اللوم ، نحو قوله تعالى : (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) ـ ١١ / ٨٧ ، (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) ـ ٢١ / ٣٦.

الوجه السابع التعجب بان يتعجب المتكلم او يحمل المخاطب على التعجب ، واكثر ما يستعمل فى هذا الوجه لفظة كيف ، ومر تفصيله فى المبحث الثامن عشر من المقصد الاول.

الوجه الثامن الاستبطاء ، وهو عد الفاعل بطيئا فيما عليه ان يفعله ، نحو قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ) ـ ٥٧ / ١٦.

ثم ذكر بعضهم غير هذه الوجوه من التهديد والاستبعاد والعرض واللوم وغيرها ، وهذه المعانى تندرج فى كثير من موارد تلك الوجوه ، ولا يبعد ان تستفاد من غيرها ، والامر سهل ، وذيل المجاز واسع طويل.

الامر الثانى

الاستفهام اذا اجتمع مع الشرط توجه الى الجزاء ، وهذا يؤيد تعلق اسماء الشرط الظرفية بالجزاء ، نحو قوله تعالى : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) ـ ١٠ / ٥١ ، (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) ـ ٢١ / ٣٤ ، (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) ـ ٣ / ١٤٤ ،

٨١٤

وهذا ظاهر.

الامر الثالث

قد يكون الاستخبار بصورة الاستفهام فى مادة الرؤية ، وبعده استفهام مذكور او مقدر ، نحو قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) ـ ٦ / ٤٦ ، ارايتم يراد به اخبرونى لانه لازم معناه ، اذ الرائى شيئا يخبر عنه ، (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) ـ ٢٥ / ٤٣ ، اى اخبرنى.

وقد يلحق به حرف الخطاب وليس بالضمير ، بل هو كالذى يلحق باسماء الاشارة ، نحو قوله تعالى : (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٦٢ ، والاستفهام بعده مقدر ، اى اخبرنى هذا الذى كرمت على لم كرمته على ، (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) ـ ٦ / ٤٠ ، وافرد الضمير المرفوع فى ارايتكم مع ان الخطاب الى الجماعة لان كم الحرفى يدل على الجمع ، ونظير ذلك كثير فى الآيات وغيرها ، وهذا يختص بهذه المادة وهذا الاسلوب ، لا يوجد فى غير ذلك.

فى الكافى عن جعفر عن ابيه قال : قال امير المؤمنين عليه‌السلام : انّ قلوب الجهّال تستفزّها الاطماع وترتهنها المنى وتستعلقها الخدائع.

٨١٥

المبحث السادس

فى حروف الجواب ، وحرف الجواب هو ما يقال فى قبال المتكلم مخبرا او منشئا ، والجواب اما بالكلام كقول يعقوب لبنيه حين قالوا يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ـ ١٢ / ٩٨ ، وكقول يوسف لاخوته حين قالوا اانك لانت يوسف : (أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) ـ ١٢ / ٩٠ ، وكقول اخوته له حين قال : ائتونى باخ لكم من ابيكم : (سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) ـ ١٢ / ٦١ ، واما بالحرف ، وحروف الجواب ثمانيه : نعم ، لا ، بلى ، اى ، اجل ، جير ، انّ ، قد.

١ ـ نعم

حرف اعلام ووعدو تصديق.

فالاول بعد الاستعلام ، اى الاستفهام ، نحو قوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) ـ ٧ / ٤٤ ، اى وجدنا ، (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) ـ ٣٧ / ١٦ ـ ١٨ ، اى انتم وآباؤكم مبعوثون ، وانتم داخرون جملة حالية ولم يات فى كتاب الله بغير هذا المعنى ، وفى نهج البلاغة :

٨١٦

قال البنى صلى‌الله‌عليه‌وآله لقوم من قريش : ان فعل الله لكم ما تريدون من المعجزة اتؤمنون وتشهدون بالحق قالوا نعم ، ونعم فى كلام المجيب يقرر المستفهم عنه فى كلام السائل ويثبته ، وان اراد عدم التقرير والتثبيت يقول : لا.

واعلم ان نعم تقع بعد الاستفهام المثبت والمنفى ، واختلفوا فى نحو الم يقم زيد ان اجيب بنعم هل هى تقرر النفى او المنفى ، فقوم على الاول مستشهدين بما روى عن ابن عباس انه قال فى قوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ـ ٧ / ١٧٢ : لو قالوا فى الجواب نعم لكان كفرا ، وذلك لان نعم تقرر النفى ، اى لست بربنا وقوم على الثانى مستشهدين بقول الشاعر ، فان نعم فيه قررت المنفى.

اليس اللّيل يجمع امّ عمرو

١٤٠١ وايّانا فذاك بنا تدان

نعم وترى الهلال كما اراه

١٤٠٢ ويعلوها النهار كما علانى

اقول : كلا الوجهين صحيح فى الاستعمال مع القرينة ، لان هذا الاسلوب ذو وجهين على ما بينا فى المبحث السابق ذيل قولنا : تنبيه.

والثانى بعد الطلب بالامر او النهى او العرض او التحضيض ، كما قيل لك : اعطنى اولا تفارقنى او الا تحدثنا او هلا تجيئنا فتقول : نعم ، فهى وعد بالاعطاء وعدم المفارقة والتحديث والمجئ ، ويمكن ان يكون طلب الشئ بالاستفهام كما يقول لك فقير : هل تعطينى ، فتقول : نعم ، اى اعطيك ، قال الشاعر :

واذا قلت نعم فاصبر لها

١٤٠٣ بنجاح الوعد انّ الخلف ذمّ

والثالث بعد الخبر مثبتا كان او منفيا ، كما قيل لك : زيد رجل عالم ، فتقول : نعم ، اى اصدقك فيما اخبرت ، وكقول على عليه‌السلام فى جواب الخوارج حين قالوا : لا حكم الا لله : كلمة حق يراد بها الباطل ، نعم انه لاحكم الا لله ، ولكن هؤلاء يقولون : لا امرة الا لله وانه لا بد للناس من امير براو فاجر ، فصدقهم فى قولهم : لاحكم الا لله ، اى لا حكومة الاله ، وكذبهم فيما ارادوا بهذه الكلمة ، وكقول مؤمن الطاق حين قال له ابو حنيفة تقريعا وشماتة : مات امامك : نعم ، ولكن

٨١٧

امامك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم.

٢ ـ لا

وهى تقع بعد الكلام الموجب فتنفى مضمونه خبرا كان او غيره ، ولا تقع بعد الكلام المنفى.

٣ ـ بلى

وهى تقع بعد الكلام المنفى خبرا كان او غيره ، ولا تقع بعد الموجب ، وتفيد ابطال النفى وتقرير المنفى ، نحو قوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ـ ٧ / ١٧٢ ، اى بلى انت ربنا ، (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا) ـ ٦٧ / ٨ ـ ٩ ، (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) ـ ٦٤ / ٧ ، (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) ـ ٤٣ / ٨٠ ، (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) ـ ٧٥ / ٣ ـ ٤.

ووقوعها بعد الايجاب فى قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ـ (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها) ـ ٣٩ / ٥٧ ـ ٥٩ ، لان الكلام فى تاويل المنفى ، اذ الكافر القائل يوم القيامة : لو ان الله هدانى الخ يقول بقوله هذا : ان الله لم يهدنى فى الدنيا ، فاجابه الله تعالى بقوله : بلى قد هديتك بآياتى التى جاء بها اليك رسولى فكذبت بها ولم تقبل هدايتى.

ثم مع ذلك جاء بلى نادرا فى جواب الموجب كما فى الحديث : ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لاصحابه : اترضون ان تكونوا ربع اهل الجنة قالوا بلى.

٤ ـ اى

وهى كنعم تقع حيث تقع ، ولكنها لا تستعمل الا وبعدها قسم بالرب او

٨١٨

الله او العمر بدون فعل القسم ، نحو قوله تعالى : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) ـ ١٠ / ٥٣.

٥ و ٦ ـ جير واجل

وهما كنعم ، ومثالهما ما فى هذه الابيات.

وقائلة اسيت فقلت جير

١٤٠٤ اسىّ انّنى من ذاك انّه

اذا تقول لا ابنة العجير

١٤٠٥ تصدق لا اذا تقول جير

وقلن على الفردوس اوّل مشرب

١٤٠٦ اجل جيران كانت ابيحت دعاثره

٧ ـ انّ

وهى كنعم ايضا كما فى هذه الابيات.

قالوا كبرت فقلت انّ وربّما

١٤٠٧ ذكر الكبير شبابه فتطرّبا

ويقلن شيب قد علا

١٤٠٨ ك وقد كبرت فقلت انّه

قالوا اخفت فقلت انّ وخيفتى

١٤٠٩ ما ان تزال منوطة برجائى

ومن ذلك قول عبد الله بن الزبير لمن قال له : لعن الله ناقة حملتنى اليك : ان وراكبها ، اى نعم ولعن راكبها ، وعن المبرد انه حمل على ذلك قراءة من قرا : (وَأَسَرُّوا النَّجْوى قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) ـ ٢٠ / ٦٣ ، اى واسروا النجوى فى امر موسى وهارون فقال بعضهم : انهما لساحران قالوا نعم هذان لساحران ، اقول : قال هذا النحوى ما يبعد فى نظر المفسر ، وعلى قوله قالوا الخ عطف بيان للنجوى.

٨ ـ قد

يجاب بها من ينتظر وقوع امر ، نحو قولك : قد ركب الامير لمن ينتظر ركوبه

٨١٩

ويسال عنه ، وقول المؤذن : قد قامت الصلاة لجماعة ينتظرون اقامتها ، فان حالهم تدل على سؤالهم وان لم يكن بلسانهم ، ومن ذلك قوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) ـ ٥٨ / ١ ، فان تلك المراة كانت تنتظر جواب الله لاشتكائها.

ولا يلزم ان يكون الفعل فى الجواب واقعا ، بل قريبا من الوقوع ، كقولك : قد جاء ابوك من السفر لمن ينتظره ، وهو يقدم غدا ، ومنه قوله تعالى : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) ـ ١١ / ٧٦ ، ويجوز حينئذ استعمال المضارع ايضا ، نحو قولك : قد اشفع لك عند الامير لمن طلب منك الشفاعة عنده ولما تفعل.

وقد يقع الماضى فى مورد الجواب بدون قد ، نحو قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) ـ ١٦ / ١ ، وهذا جواب لقولهم : متى هذا الوعد كما فى آيات عديدة.

تتمة

كثيرا يؤتى باللهم قبل حرف الجواب وبالقسم بعده او باحدهما ، كما تقول : اللهم اى والله ، وذلك لتمكين الجواب فى نفس من تجيبه او اظهار اليقين بالجواب ، ونحو قوله تعالى : (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا) ـ ٦ / ٣٠ ، وكقول على عليه‌السلام : كذلك يموت العلم بموت حامليه ، اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحجة اما ظاهرا مشهورا او خائفا مغمورا ، بلى جواب لسؤال مقدر ، كان قائلا يقول : ان مات العلم فما يفعل عباد الله ، فاجاب بان الارض لا تخلو من القائم بامر الله ، فهو مرجعهم وملجاهم فى امورهم.

فى الكافى عن ابى عبد الله عليه‌السلام ، قال : العقل دليل المؤمن.

٨٢٠