علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

الاتيان بها نحو قوله تعالى : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) ـ ٣٣ / ٣٧ ، (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) ـ ١٩ / ٢٥ ، (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) ـ ٢٨ / ٣٢ ، (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) ـ ٢ / ٢٦٠ ، ولا وجه لتقدير النفس فى امثال هذه ليطرد القاعدة ، بل القول بجواز الوجهين هو الحق طبقا لاستعمال اهل اللسان ، ومن ذلك ما فى هذه الابيات.

دع عنك لومى فانّ اللوم اغراء

٧٩٧ وداونى بالّتى كانت هى الدّاء

هوّن عليك فانّ الامور

٧٩٨ بكفّ الالاه مقاديرها

ودع عنك نهبا صيح فى حجراته

٧٩٩ ولكن حديثا ما حديث الرواحل

ان قلت : ان المعنى يستدعى تقدير لفظة نفس ، قلت : لا يستدعى ، اذ لا فرق فى المعنى بين هزى اليك وهزى الى نفسك ، ولو استدعى لكان استدعائه فى باب ظن واخواتها اشد ولم يقولوا بالتقدير فيه ، نحو قوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) ـ ١٢ / ٣٦.

تنبيه

ليس من هذا الباب قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) ـ ٦ / ٤٠ ، بل كم حرف خطاب كما يلحق ببعض اسماء الاشارة ، ولانه يدل على الجمع وقد جئ بالفعل على صيغة المفرد ، ولولاه لقيل ارايتم كما فى قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) ـ ١٠ / ٥٠.

المسالة السابعة

الاصل فى الضمير ان يكون مطابقا لمرجعه فى الافراد والتثنية والجمع ، والتانيث والتذكير ، والغياب والخطاب والتكلم ، ولكن تخلف عن هذا الاصل فى كل من هذه النواحى الثلاث كثيرا لوجوه بلاغية مظانها علوم البلاغة وكتب

٤٨١

التفسير ، وذكرنا نبذة من هذا التخلف فى مبحث الفعل والفاعل فى المقصد الاول ، ونذكر هنا نبذة منه تذكرة وتدريبا.

الناحية الاولى تخلفه فى الافراد واخويه ، نحو قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) ـ ٩ / ٦٢ ، فان الضمير مفرد والمرجع اثنان ، (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ـ ٩ / ٣٤ ، (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) ـ ٢ / ٤٥ ، (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) ـ ٤٩ / ٩ ، (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) ـ ٢٢ / ١٩ ، (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) ـ ٢ / ١٧ ، (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ـ ٣٩ / ٣٣ ، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ـ ٢ / ٢٩ ، وكما فى هذا الابيات.

انّ شرخ الشباب والشعر الا

٨٠٠ سود ما لم يعاص كان جنونا

وانّ الّذى حانت بفلج دماؤهم

٨٠١ هم القوم كلّ القوم يا امّ خالد

فيها خطوط من سواد وبلق

٨٠٢ كانّه فى الجلد توليع البهق

ومن هذا القبيل اسم التفضيل المستعمل مع من فانه مفرد مذكر فى جميع حالاته والمفرد ليس حاملا الا للمفرد ، نحو قوله تعالى : (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا) ـ ٥٧ / ١٠ ، وقد مر بيانه فى باب اسم التفضيل فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول.

الناحية الثانية تخلفه فى التذكير والتانيث ، نحو قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) ـ ٢٤ / ٤٥ ، (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) ـ ١٧ / ٩٩.

الناحية الثالثة تخلفه فى الغياب والخطاب والتكلم ، وهو الاتيان بكل

٤٨٢

منها مكان الآخر ، مع ان سياق الكلام السابق عليه يستدعى ذلك الآخر ، ويسمى هذا فى علم المعانى بالالتفات ، نحو قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ـ ١ / ٥ ، فان سياق اول السورة يستدعى ان يقال : اياه نعبد واياه نستعين ، ولكن التفت من الغيبة الى الخطاب لوجه بلاغى مذكور فى التفاسير ، (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ـ ٣٦ / ٢٢ ، التفت من التكلم الى الخطاب ، والسياق يستدعى : واليه ارجع ، (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) ـ ١٠ / ٢٢ ، قال : بهم مكان بكم ، (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) ـ ٣٥ / ٩ ، قال : فسقناه مكان فساقه والالتفات ياتى فى غير الضمير ، والتفصيل فى علم المعانى.

المسالة الثامنة

فى احكام مختلفة للضمير.

١ ـ : من الاسماء ما يلازم الافراد كمن وما وكل وبعض وكلا وكلتا واى ، فيجوز فى ارجاع الضمير اليه رعاية لفظه فيوتى بالضمير مفردا فى كل حال ، ورعاية معناه فيوتى بالضمير طبقا لمعناه من المؤنث والمثنى والجمع ، وياتى بعض الشرح فى باب الموصولات.

٢ ـ : اذا اجتمع ضمير وغيره فى الاسناد اليهما روعى جانب الضمير ، فتقول : انت واخوتك جئتم امس ، ولا تقول جاؤوا ، واذا اجتمع ضمير متكلم مع ضمير مخاطب او غائب روعى جانب المتكلم ، فتقول : انا وانت اكلنا ، ولا تقول اكلتما ، وتقول : انا وهو سافرنا ، ولا تقول : سافرا ، وكذا اذا اجتمع ضمير مخاطب مع ضمير غائب روعى جانب المخاطب ، فتقول : انت وهو قلتما ، ولا تقول : قالا ، وذلك لان الاعرف يغلب فى الاسناد على غير الاعرف ، وضمير المتكلم اعرف من المخاطب ، وهو اعرف من الغائب ، والضمير اعرف من غيره وان كان معرفة.

٣ ـ : الضمير مستتر فى المشتق الحامل للضمير ، وليس له ضمير متصل بارز ، والالف

٤٨٣

والواو والياء فى المثنى والجمع علامات للتثنية والجمع لا ضمائر ، وذلك الضمير المستتر حسب مرجعه ، ففى زيد قائم هو ، كما فى زيد يقوم ، وفى انا قائم انا ، كما فى انا اقوم ، وفى انت قائم انت كما فى انت تقوم ، وكذا فى المثنى والجمع ، ففى الزيدون قائمون هم ، وقس عليه ما عداه.

وقال بعضهم : ان الضمير فى المشتق فى جميع الحالات انما هو ضمير الغائب ، فقولك : انا مؤمن ليس فى مؤمن الا هو ، ثم تكلف وقال : التقدير : انا رجل مؤمن لان هو لا يناسب انا ، بل يستدعى مرجعا غائبا ، وهذا التكلف مرفوض عندنا ، ولا وصمة على ما قلنا كما تدرسنا فى شرح الامثلة ، والشاهد عليه ان الضمير يظهر فى الوصف السببى حسب مرجعه كما تقول : زيد قائم ابوه ، وانا قائم ابى ، وانت قائم ابوك ، وهكذا.

المسالة التاسعة

فى احكام خاصة بضمير المتكلم وحده اذا كان منصوبا او مجرورا ، ويقال له حينئذ ياء المتكلم وياء النفس ، وهى ثلاثة :

الاول : وقوع نون الوقاية قبله ، وذلك فى مواضع.

١ ـ ان يكون منصوبا بالفعل متصرفا كان ام جامدا ، نحو قوله تعالى : (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) ـ ١٢ / ١٣ ، (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ـ ١٢ / ٢٦ ، (ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) ـ ١٢ / ٣٧ ، (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) ـ ١٧ / ٨٠ ، ويجب هذه النون فى آخر الفعل قبل ياء المتكلم ، ولكن فى آخر المضارع المختوم بنون التثنية ونون الجمع المذكر ونون الواحدة جاز الاتيان وعدمه ، ومع الاتيان جاز ادغام النونين وفك الادغام ، وقد قرئ بالوجوه الثلاثة قوله تعالى : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) ـ ٣٩ / ٦٤ ، واما مع نون تانيث الجمع يجب الاتيان بها كسائر الصيغ من المضارع وسائر الافعال ، نحو قوله

٤٨٤

تعالى : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) ـ ١٢ / ٣٣.

٢ ـ : ان يكون منصوبا باسم الفعل ، نحو دراكنى وتراكنى وعليكنى ، اى ادركنى واتركنى والزمنى.

٣ ـ : ان يكون منصوبا باحد الحروف المشبهة بالفعل ، ولكن ذكرها مع لعل قليل ، وليس فى القرآن منه مثال ، وعدمها مع ليت قليل ، وليس فى القرآن بدونها ، نحو قوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) ـ ٢٠ / ١٤ ، (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) ـ ٧٨ / ٤٠ ، وكقول الشاعر فى لكن.

يلوموننى فى حبّ ليلى عواذلى

٨٠٣ ولكنّنى من حبّها لعميد

وفى هذه الابيات جاء ليت بدونها ، ولعل معها ، وذلك نادر.

كمنية جابر اذ قال ليتى

٨٠٤ اصادفه وافقد كلّ مالى

فيا ليتى اذا ما كان ذاكم

٨٠٥ ولجت وكنت اوّلهم ولوجا

ارينى جواد امات هزلا لعلّنى

٨٠٦ ارى ما ترين او بخيلا مخلّدا

فقلت اعيرانى القدوم لعلّنى

٨٠٧ احطّ بها قبرا لابيض ماجد

٤ ـ : ان يكون مجرورا بعن او من نحو قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) ـ ٢ / ١٨٦ ، وقوله تعالى : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) ـ ٢ / ٢٤٩ ، وجاء فى هذا البيت بدونها ، وهو شاذ للضرورة.

ايّها السائل عنهم وعنى

٨٠٨ لست من قيس ولا قيس منى

٥ ـ : ان يكون مجرورا بلدن بمعنى عند وقد وقط بمعنى يكفى ، نحو قوله تعالى : (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) ـ ١٨ / ٧٦ ، وفى قراءة بعضهم لدنى بتخفيف النون ، ومثال قد وقط ما فى هذين البيتين.

قدنى من نصر الخبيبين قدى

٨٠٩ ليس الامام بالشحيح الملحد

امتلا الحوض وقال قطنى

٨١٠ مهلا رويدا قد ملات بطنى

ونون الوقاية فى هذه المواضع قياسى على الوجوب فى الفعل واسم الفعل

٤٨٥

وليت وعن ومن الا نادرا كما مر ، وفى غير ذلك على الجواز ، وفى غير هذه المواضع شوهدت قليلا لا يقاس عليه ، كما فى الحديث : غير الدجال اخوفنى عليكم ، واخوف اسم تفضيل ، وما فى هذين البيتين.

وليس الموافينى ليرفد خائبا

٨١١ فانّ له اضعاف ما كان امّلا

وما ادرى وظنّى كلّ ظنّ

٨١٢ امسلمنى الى قومى شراحى

ويقال لهذه النون نون الوقاية لانها تقى الفعل من التباسه فى كثير من الموارد ، مثلا ان طلبى بصيغه الماضى مشابه لطلبى بصيغه المصدر ، فان قلت طلبنى خلص من الالتباس ، وكذا اكرمى بصيغة المفردة المخاطبة مشابه لاكرمى بصيغه المفرد المخاطب مع ياء المتكلم ، فان قلت اكرمنى خلص من الالتباس ، ويقال لها نون العماد ايضا لاعتماد ياء المتكلم عليها فى تحملها الكسرة اللازمة قبل الياء ، ولولاها لزم كسر آخر الفعل او وقوع غير الكسرة قبل هذه الياء ، وكلاهما غير جائز.

الثانى حذفه منصوبا ومجرورا ، وهو جائز يقاس عليه ، نحو قوله تعالى : (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) ـ ٨٩ / ١٥ و ١٦ ، (وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) ـ ٧١ / ٣ ، (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) ـ ١٢ / ٩٤ ، والنون فى اواخر هذه الافعال نون الوقاية.

مثال حذفه مجرورا قوله تعالى : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ـ ١٠٩ / ٦ ، (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) ـ ١٣ / ٣٢ ، (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٥٤ / ٣٩ ، وقرينة الحذف وجود الكسرة فى آخر الاسم.

الثالث قلبه تاء او الفا على الجواز ان اضيف اليه اب او ام او اخ او اخت او بنت او عم فى النداء وغيره ، نحو قوله تعالى : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) ـ ٣٧ / ١٠٢ ، اى يا ابى ، وفى حديث الكساء : يا ابتا اعيذك من الضعف ، والالف الف الاطلاق ، ونحو ما فى هذه الابيات.

اطوّف ما اطوّف ثمّ آوى

٨١٣ الى امّا ويروينى النقيع

٤٨٦

يا بنت عمّا لا تلومى واهجعى

٨١٤ الم يكن يبيضّ لو لم يصلع

يا ابتا ارّقنى القذّان

٨١٥ فالنوم لا تالفه العينان

والقلب بعد هذه الاسماء شائع ، وجاء فى غيرها ايضا كما فى البيتين.

يا جارتا ما انت جارة

٨١٦ وحبّذا الجار ان كان شارة

يا عجبا لهذه الفليقة

٨١٧ هل تغلبنّ القوباء الريقة

وفى المنادى المندوب والمستغاث كثير ياتى ذكره فى مبحث حروف النداء فى المقصد الثالث.

المسالة العاشرة

الحق ان الضمائر كلها بسائط استعملتها العرب من اول الامر كذلك ، الا المنصوب المنفصل فانه يمكن ان يقال : ان الاصل هو المتصل فالحقوا به ايا ليسهل التلفظ به عند الانفصال ، والاقوال المختلفة فى تركيبها وبساطتها ، وكون بعض حروفها اصلا وبعضها ملحقا نتركها لقائليها ، اذ لا شاهد لواحد منها ، قالها سلفهم واتبع خلفهم ، والتعرض لها لا ثمرة له الاضياع العمر ، والضمائر كلها مبنية.

فالمرفوع المنفصل مبنى على الفتحة والسكون والكسر والضم كما يشاهد : هو ، هما ، هم ، هى ، هما ، هنّ ، انت ، انتما ، انتم ، انت ، انتما ، انتنّ ، انا ، نحن.

والمرفوع البارز المتصل بالماضى ايضا مبنى على هذه الاربعة ، كما يشاهد : ا، و، ا، ن ، ت ، تما ، تم ، ت ، تما ، تنّ ، ت ، نا ، واما المتصل بالمضارع والامر فمبنى على السكون والفتح فقط كما يشاهد : ا، و، ا، ن ، ا، و، ى ، ا، ن.

والمنصوب المنفصل مبنى على الاربعة ايضا ، كما يشاهد : ايّاه ، ايّاهما ، ايّاهم ايّاها ، ايّاهما ، ايّاهنّ ، ايّاك ، ايّاكما ، ايّاكم ، ايّاك ، ايّاكما ، ايّاكنّ ، ايّاى ، ايّانا ، والمنصوب المتصل والمجرور صورتهما صورة المنفصل بحذف ايّا ، فبناؤهما كبنائه.

٤٨٧

ثم الضمير ان كان الفا او ياء او واوا يحذف فى القراءة عند التقاء الساكن ، وكذا ان كان فى آخره واحد منها يحذف من آخره عند التقاء الساكن فى القراءة ، وذلك اذا كان حركة ما قبلها من سنخها ، واما ان كان قبل الياء او الواو فتحة فلا يحذف ، بل يحرك بالضم او الكسر ، نحو قوله تعالى : (وَآتَوُا الزَّكاةَ)ـ ٢ / ٢٧٧ ، (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ) ـ ١٠ / ٢٢ ، (فَإِمَّا تَرَيِنَ) ـ ١٩ / ٢٦ ، وانا مبنى على الفتح ، ولكن يشبع الفتحة عند الوقف ، ويكتب على حال الوقف.

وان كان آخر الضمير ساكنا يضم عند التقائه ساكنا آخر نحو قوله تعالى : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) ـ ٦٣ / ٤ ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) ـ ٣٥ / ١٥ ، ويضم ثم يشبع الضمة واوا اذا وقع بعده ضمير منصوب متصل ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ـ ٣٣ / ٥٣ ، (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) ـ ١٤ / ٣٤ ، (إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) ـ ٤٧ / ٤ ، (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) ـ ١٤ / ١٢ ، (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) ـ ٨ / ٤٤.

والضمير الغائب المفرد المذكر من المنصوب المتصل او المجرور يضم مشبعا فى القراءة ان كان قبله فتحة او ضمة ، ويكسر مشبعا ان كان قبله كسرة ، ويضم بلا اشباع ان كان قبله ساكن الا ان يكون الساكن ياء فيكسر ، وعليك استخراج الامثلة من الآيات.

الباب الثالث

فى اسم الاشارة ، وجهة تعريفه انطباقه على المشار اليه بالاشارة الحسية او العقلية ، واما الواضع فقد وضعه لكل ما يصح الاشارة اليه من دون نظر الى المشار اليه بالخصوص ، فهو من اقسام اسم الجنس لاشتراك معناه فى الكثير حسب الوضع ، وفى هذا الباب مسائل.

٤٨٨

المسالة الاولى

فى صيغ اسم الاشارة ، وهى.

١ ـ : ذا ، وهو مفرد مذكر ، قيل : اصله ذاء مبنيا على الكسر ، كما جاء فى هذا البيت.

هذاءه الدفتر خير دفتر

٨١٨ فى كفّ قوم ماجد مصدّر

والظاهر انه ضرورة ، والكلمة ثنائية ، وفيها اقوال خرصية مذكورة فى شرح الرضى ، ومثالها فى هذه الابيات.

ماذا الوقوف على نار وقد خمدت

٨١٩ يا طالما اوقدت فى الحرب نيران

ولست بامّعة فى الرجال

٨٢٠ اسائل عن ذا وذا ما الخبر

ها بيّنا ذا صريح النصح فاصغ له

٨٢١ وطع فطاعة مهد نصحه رشد

٢ ـ : مثناه ذان رفعا وذين نصبا وجرا.

٣ ـ : ذى وذه بسكون الهاء وكسرها واشباع الكسرة وذات ، وتى وته على الاوجه الثلاثة وتا ، كلها مفرد مؤنث.

٤ ـ : مثناه تان رفعا وتين نصبا وجرا ، والالف من ذا وتا تسقط عند التثنية ، والموجودة علامتها ، والنون تشدد فى بعض اللغات ، وبه قرا بعضهم : (فَذانِكَ بُرْهانانِ) ـ ٢٨ / ٣٢ ، و (إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ) ـ ٢٨ / ٢٧ ، والمثنى من اسم الاشارة معرب ، وغيره مبنى ، والعلة استعمال العرب.

٥ ـ : اولى واولاء للجمع مذكرا كان او مؤنثا ، نحو قوله تعالى : (قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) ـ ٢٠ / ٨٤ ، وهذه الاسماء تستعمل للعاقل وغير العاقل الا صيغة الجمع فان استعماله لغير العاقل قليل كما فى هذا البيت.

ذمّ المنازل بعد منزلة اللوى

٨٢٢ والعيش بعد اولئك الايّام

٤٨٩

٦ ـ : هنا ، ويقال هنّا وهنا ايضا ، نحو قول الشاعر.

هنّا وهنّا ومن هنّا لهنّ بها

٨٢٣ ذات الشمائل والايمان هينوم

٧ ـ : ثم ، هذا والذى قبله للاشارة الى المكان خاصة ، نحو قوله تعالى : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) ـ ٢٦ / ٦٤ ، (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) ـ ٧٦ / ٢٠ ، (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) ـ ٣ / ٣٨.

المسالة الثانية

تدخل ها التنبيه على اسماء الاشارة ، نحو قوله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ) ـ ٣١ / ١١ ، (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) ـ ٢٠ / ٦٣ ، (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ) ـ ٢٨ / ٢٧ ، (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) ـ ١١ / ٧٦ ، (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) ـ ٢١ / ٩٩ ، (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ـ ٥ / ٢٤ ، وقول الشاعر :

هذى الارامل قد قضيت حاجتها

٨٢٤ فمن لحاجة هذا الارمل الذكر

ولا تدخل على ثم كما لا تلحق بها اللام وحرف الخطاب ومعنى التنبيه توجيه المخاطب نحو الكلام ليصغى اليه ، وتدخل ها التنبيه على غير اسم الاشارة ، وياتى ذكره فى مبحث حروف التنبيه فى المقصد الثالث.

وتلحق ضمائر الخطاب المتصلة باسماء الاشارة ، وهى هنا ليست اسماء ولا محل لها من الاعراب ، بل حروف تفيد معنى الخطاب فقط ، لان اسم الاشارة لا يعمل عمل النصب ولا يضاف ، ولذلك لا يراعى تطابقها للمخاطب ، بل يؤتى بالمذكر للمؤنث وبالمفرد للجمع ، نحو قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) ـ ٢ / ٥ ، (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) ـ ٢٤ / ٤ ، جئ بحرف الخطاب مفردا مع ان المخاطبين جمع ، ونظيره فى الآيات كثير ، وجاء فى هذه الآية مطابقا : (وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) ـ ٤ / ٩١ ، ولا يجتمع حرف الخطاب مع ها التنبيه على اسم الاشارة الا قليلا كما فى هذا البيت.

٤٩٠

رايت بنى غبراء لا ينكروننى

٨٢٥ ولا اهل هذاك الطراف الممدّد

وتلحق اللام باسم الاشارة مع حرف الخطاب لا بدونه ، نحو ذلك ، ذلكما ، ذلكم ، ذلكن ، تلك ، تلكما ، تلكم وغيرها ، وهذه اللام ساكنة ، فلذا حذف الياء من تلك واخواتها لالتقاء الساكنين ، اذ كان فى الاصل تيلك ، واما فى ذلك وفروعه وهنالك فكسرت لاجل الالف اذ كرهوا حذفها فى القراءة ، كل ذلك لرعاية السلاسة فى الكلام ، وهذه اللام تمتنع مع مثنى اسم الاشارة وفيما عليه ها التنبيه ، وفى اولاء ممدودا ومقصورا ، ومجيئها فى هذا البيت نادر

اوليلك قومى لم يكونوا اشابة

٨٢٦ وهل يعظ الضلّيل الّا اوليلكا

والاصل فى اسم الاشارة كالضمير ان يطابق المشار اليه ، وقد وقع التخلف عن هذا الاصل كثيرا ، كقوله تعالى : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) ـ ٢ / ٦٨ ، اى بين الفارض والبكر ، وقوله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ) ـ ٢٨ / ٣٢ ، ذانك بصيغة التذكير اشارة الى اليد البيضاء وعصى موسى وانهما مؤنثان ، وكقول الشاعر :

ولقد سئمت من الحياة وطولها

٨٢٧ وسؤال هذا الناس كيف لبيد

ثم ان القوم قالوا : ان اسم الاشارة بدون اللام وحرف الخطاب للمشار اليه القريب ، ومع حرف الخطاب وحده للمتوسط ومع اللام وحرف الخطاب للبعيد ، فجعلوا اللام حرفا مفيدا للبعد ، وثمّ للمكان البعيد وبعضهم كابن مالك فى الالفيه اسقط المتوسط وقال : ان كان مع حرف الخطاب فللبعيد سواء اكان مع اللام ام بدونه ، والمجرد عنهما للقريب.

اقول : ان الذى قالوا انما هو فيما كان المشير والمشار اليه والمشار به والمشار له من المحسوسات ، واما فى الاشارة المعنوية لا سيما فيما كان المشير او المشار اليه هو الله تعالى فلا معنى لذلك ، على ان الذى قالوا قذ تخلف فى المحسوسات كثيرا فانظر ما ذا ترى.

٤٩١

المسالة الثالثة

ان هنا وفروعه وثم من الظروف ، فيشار بها الى المكان نحو قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ـ ٢ / ١١٥ ، (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) ـ ٢٥ / ١٣ ، واستعمل هنالك للزمان فى قوله تعالى : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) ـ ١٠ / ٣٠ ، كذا نقل السيوطى لقوله تعالى فى الآية السابقة : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) الخ ، ولكن يمكن ان يقال : انه اشارة الى مكانكم فى الآية لكونه اقرب ، مع ان الحوادث المكانية لا تنفك عن الزمان ، ولكن الظاهر فى هذين البيتين الاشارة الى الزمان.

حنّت نوار ولات هنّا حنّت

٨٢٨ وبدا الّذى كانت نوار اجنّت

واذا الامور تشابهت وتعاظمت

٨٢٩ فهناك يعترفون اين المفزع

المسالة الرابعة

اعلم ان الاشارة هى توجيه الموجود المدرك نحو شىء بقول او فعل ليتوجه اليه ويدركه ، والمشهور عندهم ان اسم الاشارة وضع للمشار اليه المحسوس ، واذا استعمل فى غيره فمجاز ، سواء اكان احساسه ممتنعا كذات البارى تعالى والمعانى الذهنية ، ام لم يكن كالبعيد الذى لا يحس ولا يرى او الغائب الذى لا يحس لمانع.

اقول : على اى وجه كان فان اسم الاشارة قد استعمل فى كلام العرب للمحسوس وغير المحسوس ، والبحث عن الحقيقة والمجاز موضعه علم البيان ، والاشارة لها اركان اربعة : المشير والمشار اليه والمشار له والمشار به ، والمشار به اما قول او فعل ، وكل من هذه الخمسة اما محسوس او غير محسوس ، والاحساس فى كثير من الاشياء نسبى ، اى يكون الشئ محسوسا لاحد وغير محسوس لآخر لعدم آلة الاحساس فيه او لمانع عنه ، وعليك النظر فى الآيات وغيرها وتطبيق اسم الاشارة فى كل

٤٩٢

مورد على ما ذكرنا من الانحاء.

الباب الرابع

فى الموصول ، وهو اسمى وحرفى ، والثانى هو الحرف المصدرى ، وياتى ذكره فى مبحث حروف المصدر فى المقصد الثالث ، والمقصود بالذكر هنا هو الاسمى ، وهو على قسمين : الموصول المختص ، وهو ما لا يستعمل غير موصول ، وله ثمانى صيغ : الذى وفروعه ، والموصول المشترك ، وهو ما يستعمل غير موصول ايضا ، وله ستة الفاظ : من وما واىّ وال وذو وذا.

وجهة تعريفه هى صلته ، ولو لا الصلة لكان مبهما لا يفهم منه معنى كسائر المبهمات ، والواضع وضعه لما حكم عليه بحكم وهو المذكور فى الصلة سواء اكان معهودا عند المخاطب ام لا ، وقيد بعضهم بكونه معهودا عنده ، وليس بلازم ، والاسماء الموصولة الاربعة عشر هى :

١ ـ الّذى

وهو للمفرد ، نحو قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) ـ ١٠٧ / ١ ـ ٢ ، (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ـ ٢١ / ١٠٣ ، وفيه لغات اخرى قليلة الاستعمال : تشديد الياء وحذفها مع كسر ما قبلها او سكونه ، كما فى هذه الابيات.

وليس المال فاعلمه بمال

٨٣٠ وان اغناك الّا للّذى

ينال به العلاء ويصطفيه

٨٣١ لاقرب اقربيه وللقضىّ

٤٩٣

والّذ لو شاء لكنت صخرا

٨٣٢ او جبلا اصمّ مشمخرّا

وكنت والامر الّذى قد كيدا

٨٣٣ كالّذ تزبّى زبية فاصطيدا

وقد يستعمل الذى موصولا حرفيا ، وياتى فى مبحثه ، وهذا اغرى بعضهم بان يقول : انه موصول حرفى مطلقا ، وهذا خطا بين ، وهو مبنى على السكون ، وهمزته همزة الوصل ، وان شدد الياء فمبنى على الكسر كما فى البيت ، وان حذف الياء فما قبله مبنى على الكسر او السكون كما فى البيتين ، وان وقع بعد الياء ساكن حذف الياء فى القراءة ، نحو قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) ـ ٢ / ١٧.

٢ ـ الّتى

وهى للمفردة نحو قوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) ـ ٥٨ / ١ ، (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) ـ ٢ / ١٤٢ ، ويجرى فيه كل ما ذكرنا فى الذى ، ومثال حذف الياء وسكون ما قبله قول الشاعر :

فقل للّت تلومك انّ نفسى

٨٣٤ اراها لا تعوّذ بالتميم

٣ ـ اللّذان

وهو معرب اعراب المثنى ، وحذف منه ياء المفرد تخفيفا وفتح الذال لاجل الف التثنية ، نحو قوله تعالى : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) ـ ٤ / ١٦ ، (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) ـ ٤١ / ٢٩ ، وبعض العرب يشدد نونه وبه قرا بعضهم فى الآيتين ، وليس فى كتاب الله مثنى الموصول غيرهما.

٤ ـ اللّتان

وهى مثناة التى ، ويجرى فيها ما يجرى فى مذكرها ، وقد يحذف النون

٤٩٤

منهما كما فى هذين البيتين.

ابنى كليب انّ عمّىّ اللّذا

٨٣٥ قتلا الملوك وفكّكا الاغلا لا

هما اللّتالو ولدت تميم

٨٣٦ لقيل فخر لهم صميم

٥ ـ الّذين

جمع الذى وهو مبنى على الياء فى الاحوال الثلاثة ، ويختص بالعقلاء ، ولا يستعمل فى غيرهم ، بخلاف غيره نحو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) ـ ٩٠ / ١٩ ـ ٢٠ ، وبعض العرب يعربونه اعراب الجمع وياتونه بالواو فى حالة الرفع كقول شاعرهم.

نحن الّذون صبّحوا الصباحا

٨٣٧ يوم النخيل غارة ملحاحا

قومى الّذوا بعكاظ طيّروا شررا

٨٣٨ من روس قومك ضربا بالمصاقيل

حذف النون منه فى البيت الثانى ، وقيل : هو قياسى ، قد حذف فى التنزيل وغيره ، كقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) الى (لا يُبْصِرُونَ) ـ ٢ / ١٧ ، فان ارجاع ضمير الجمع الى الذى دليل على انه فى الاصل الذين ، ونظيره قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ـ ٣٩ / ٣٣ ، وكقول الشاعر :

وانّ الّذى حانت بفلج دماؤهم

٨٣٩ هم القوم كلّ القوم يا امّ خالد

وهذا القول مردود لان فى الآيتين ارجع ضمير المفرد اليه ايضا ، ولو كان جمعا محذوف النون لم يجز ذلك ، بل الحق ان يقال : عومل بالذى فى هذه المواضع معاملة من الموصولة ، فانها يجوز ارجاع ضمير الواحد اليها باعتبار لفظها ، وارجاع ضمير الجمع اليها باعتبار معناها كما ياتى بيانه.

٦ ـ الالى والالاء

هذان بمعنى الذين ، ولكن قد يستعملان لغير العاقل ، وليس منهما فى القرآن

٤٩٥

مثال ، ومن غيره ما فى هذه الابيات.

هم الالى وهبوا للمجد انفسهم

٨٤٠ فما يبالون ما لاقوا اذا حمدوا

ايت بنى عمّى الالى يخذلوننى

٨٤١ على حدثان الدّهر اذ يتقلّب

تهيّجنى للوصل ايّامنا الالى

٨٤٢ مررن علينا والزمان وريق

ابى الله للشّمّ الالاء كانّهم

٨٤٣ سيوف اجاد القين يوما صقالها

وتبلى الالى يستلئمون على الالى

٨٤٤ تراهنّ يوم الروع كالحدء القبل

محاحبّها حبّ الالى كنّ قبلها

٨٤٥ وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل

وفى البيت الاخير استعمل لجماعة الاناث وهو شاذ ، وهذان اللفظان مبنيان على الالف والكسرة ، ويكتبان بغيروا وبعد الهمزة فرقا بينهما وبين اولى واولاء اللذان هما اسما الاشارة ، ولفظة ال فى اوائل الموصولات جزء الكلمة ، ولا يجوز حذفها ، بخلاف ما على سائر الاسماء وهمزتها همزة وصل كغيرها.

٧ و ٨ ـ اللّائى واللّاتى

وهما لجماعة الاناث ، نحو قوله تعالى : (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) ـ ٥٨ / ٢ ، (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَ) ـ ٤ / ٣٤ ، وهما مبنيان على سكون الياء ، وقد يحذف منهما الياء ويقال : اللاء واللات ، وقد يزاد الواو قبل الالف ويقال : اللوائى واللواتى ، وجاء فى هذا البيت اللاء مكان الذين وهو شاذ.

فما آباؤنا بامنّ منه

٨٤٦ علينا اللّاء قد مهدوا الحجورا

وهذه الفاظ الموصولات المختصة ، واللام المشددة فى الجمع المذكر والمفرد تكتب غير مفصولة وفى غير ذلك مفصولة فرقا بينهما ، وذكر الرضى فى شرح الكافية لها الفاظا اخرى ، هى من الشواذ ، ولم يات لها بشاهد ، فالاولى ترك ذكرها.

واما الموصولات المشتركة ، وهى التى تستعمل موصولة وغير موصولة فستة الفاظ.

٤٩٦

١ ـ من

وهو مبنى على السكون ، واذا التقى ساكنا حرك بالكسر ، وهو للعاقل ، ولغيره قليل ، ويستعمل للشرط والاستفهام ايضا ، وياتى كل منهما فى مبحثه فى المقصد الثالث والموصولة نحو قوله تعالى : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ـ ١٣ / ٤٣ ، (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) ـ ١٦ / ١٧ ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) ـ ١٠ / ٤٠ ، وجاز رعاية لفظه فيؤتى بالعائد مفردا فى جميع الاحوال ، وجاز رعاية معناه فيؤتى بالعائد طبقا له من حيث التذكير وفرعه والافراد وفرعيه كما تشاهد فى هذه الآيات : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ٢ / ١١٢ ، روعى اولا لفظه ، وفى آخر الآية معناه ، (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) ـ ٣٣ / ٣١ ، روعى اولا لفظه فجئ بصيغة المذكر ، ثم جئ بضمير المؤنث ، ونحو قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) ـ ١٠ / ٤٢ ، روعى فيه المعنى ، (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) ـ ٢٨ / ٥٠ ، روعى فيه اللفظ ، ونظاهرها فى القرآن كثيرة.

ثم تستعمل لغير العاقل فى ثلاثة مواضع :

١ ـ : ان يكون تفصيلا لعام شامل للعاقل وغيره ، نحو قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) ـ ٢٤ / ٤٥.

٢ ـ : ان يكون من باب تغليب العاقل على غير العاقل ، نحو قوله تعالى : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) ـ ١٥ / ٢٠ ، ومنه النوع الثانى فى الآية السابقة ، وليس منه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ـ ٢٢ / ١٨ ، كما قيل ، لان الموصول يتعين بالصلة لا بالمسند ، فان يسجد

٤٩٧

لا يدل على ان المراد بمن اعم من العقلاء والجبال والشجر والدواب وان كان لها نوع سجود لله تعالى ، مع انها عطفت فى الآية على من فى السماوات ، والعطف مشعر بالتغاير.

٣ ـ ان يعامل غير العاقل معاملة العاقل ، كان يدعى او ينادى ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) ـ ٤٦ / ٥ ، ان كان المراد ممن لا يستجيب غير الآدميين ، وقول الشاعر.

اسرب القطا هل من يعير جناحه

٨٤٧ لعلّى الى من قد هويت اطير

٢ ـ ما

وهو كمن الا انه يستعمل لغير العاقل اكثر من العاقل ، نحو قوله تعالى : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) ـ ١٦ / ٩٦ ، (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) ـ ٨٢ / ١٢ ، (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) ـ ٢١ / ٩٨.

ومثاله للعاقل قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) ـ ٩١ / ١٥ ، (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ـ ٩٢ / ٣ ، (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) ـ ٩٠ / ٣ ، (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ـ ٤ / ٣ ، (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) ـ ٣ / ٣٥.

مثاله لتغليب غير العاقل قوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) ـ ١١٣ / ١ ـ ٢ ، وليس منه قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ـ ٥٩ / ١ ، لان الموصول يتعين بالصلة لا بالمسند ، وان كان العقلاء يسبحون ، وما حرفية واسمية ، والاسمية غير الموصولة شرطية واستفهامية وغيرها ، وياتى كل فى مبحثه فى المقصد الثالث.

٣ ـ اىّ

وهو معرب الا فى النداء مطلقا وموصولا بشروط نذكرها الآن ، ويستعمل للشرط

٤٩٨

والاستفهام وصلة النداء وغيرها ، وياتى كل فى مبحثه ، واستعماله موصولا قليل حتى انكره بعضهم ، ومن ذلك قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) ـ ١٩ / ٦٩ ، واى فى هذه الآية مفعول ننزعن ، والتقدير : لننزعن منهم الذى هو اشد على الرحمان ، والضمير الذى اضيف اليه راجع الى كل شيعة ، واى مبنى علم الضم.

ونظرا الى هذه الآية قالوا : ان كان مضافا وصلته جملة اسمية مبتداها ضمير محذوف يبنى على الضم ، وهذا قول سيبويه ومن تابعه من نحاة البصرة ، وغيرهم انكروا كون اى هنا مبنيا وكونه موصولا ، وذكر اقوالهم فى المغنى ، ولكن المعنى يؤيد ما ذهب اليه سيبويه ، ونظير الآية قول الشاعر :

اذا ما لقيت بنى مالك

٨٤٨ فسلّم على ايّهم افضل

وشرحه فى الشواهد الشعرية ، وقرئ اى فى الآية بالنصب ، وفى الشعر بالجر ، وعلى هذا فهى معربة مطلقا الا فى النداء.

٤ ـ ال

ولا تكون موصولة الا اذا دخلت على اسم الفاعل والمفعول ، وهى بمعنى الذى وفروعه ، والتذكير ومقابله والافراد ومقابلاه تراعى فى مدخولها ، ومدخولها صلتها ويؤول بالفعل ، وقد تدخل على الجملة وشبهها وذلك محصور فى السماع كما فى هذه الابيات.

من القوم الرسول الله منهم

٨٤٩ لهم دانت رقاب بنى معدّ

ما كنت بالحكم التّرضى حكومته

٨٥٠ ولا الاصيل ولا ذى الراى والجدل

يقول الخنى وابغض العجم ناطقا

٨٥١ الى ربّنا صوت الحمار اليجدّع

من لا يزال شاكرا على المعه

٨٥٢ فهو حر بعيشة ذات سعة

ولا يخفى ان ال الموصولة مبنية على السكون ، ولا محل له من الاعراب كسائر

٤٩٩

الموصولات وان تحسب من الاسماء ، بل هى كال الحرفية مع مدخولها كالكلمة الواحدة ، يظهر الاعراب فى آخر مدخولها.

٥ ـ ذو

ويقال له : ذو الطائية ، لانه يستعمل مفردا بمعنى الذى وفروعه فى لغة طئّ ، نحو ما فى هذه الابيات.

فانّ الماء ماء ابى وجدّى

٨٥٣ وبئرى ذو حفرت وذو طويت

فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا

٨٥٤ هلمّ فانّ المشر فىّ الفرائض

اظنّك دون المال ذو جئت تبتغى

٨٥٥ ستلقاك بيض للنفوس قوابض

فانّ بيت تميم ذو سمعت به

٨٥٦ فيه تنمّت وارست عزّها مضر

فان لم يغيّر بعض ما قد فعلتم

٨٥٧ لا نتحين للعظم ذو انا عارقه

حبّ المدامة ذو سمعت به

٨٥٨ لم يبق فىّ لغيرها فضلا

انا ذو لم يزل يهون على الند

٨٥٩ مان ان عزّ جانب الندمان

انا ذو عرفت فان عرتك جهالة

٨٦٠ فانا المقيم قيامة العذّال

وذو هذا مبنى على السكون ، وهو لفظ واحد للمذكر وفرعه والمفرد وفرعيه ، ونقل ان بعض بنى طئّ يعامله معاملة ذو الذى هو بمعنى صاحب فى الاعراب والافراد والتذكير وفروعهما ، وروى فى هذين البيتين مجرورا بمن ومجموعا جمع الاناث.

فامّا كرام موسرون لقيتهم

٨٦١ فحسبى من ذى عندهم ما كفانيا

جمعتها من اينق موارق

٨٦٢ ذوات ينهضن بغير سائق

والفرق بينه وبين ذو الذى بمعنى صاحب ان بعده جملة او شبه جملة هى صلته ، واما هو فيضاف مع ما بينهما من الفرق فى المعنى.

٥٠٠