علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

المبحث السابع

فى حروف العرض والتحضيض.

اعلم ان الكلام اما اخبار واما انشاء ، والاخبار هو بيان الواقع بالكلام نفيا او اثباتا حسب تصور المتكلم فيدخل فيه الكذب بالقيد الاخير ، والانشاء هو اظهار المتكلم ما فى نفسه من المطلوبات والاحوال بالكلام ، هذا فى اللغة ، وفى الاصطلاح يطلقان على الكلام الاخبارى والكلام الانشائى والانشاء اما طلب واما غير طلب ، وغير الطلب انواعه كثيرة مذكورة فى علم المعانى ، والطلب امر ونهى ودعاء ونداء واستفهام وعرض وتحضيض ، ولكل منها اساليب وكلمات ذكرت فى مباحثها ، وللاخيرين حروف نذكرها ، والعرض فى الاصطلاح هو طلب الفعل برفق وخضوع ، والتحضيض هو طلب الفعل بعنف وشدة ، وميزهما فى الكلام هو القرينة ، والتحضيض بتضمن غالبا معنى التوبيخ ، والعرض يتضمن غالبا معنى الرجاء ، وحروفهما ثمانية : لولا ، لوما ، الّا ، هلّا ، اما ، الا ، لو ، هل.

١ ـ لولا

مثال التحضيض قوله تعالى : (قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ـ ٢٧ / ٤٦ ، (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ

٨٢١

ـ ٥٦ / ٦٢ ، (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) ـ ٥٦ / ٧٠ ، (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) ـ ٩ / ١٢٢.

مثال العرض قوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) ـ ٦٣ ـ ١٠ ، وكقول الشاعر :

لولا تعوجين يا سلمى على دنف

١٤١٠ فتخمدى نار وجد كاد يفنيه

٢ ـ لوما

مثال التحضيض قوله تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ـ ١٥ / ٧.

مثال العرض قولك لشيخك : لوما تاتينا فتحدثنا.

٣ و ٤ ـ الّا وهلّا

مثالها قول الشاعر.

هلّا تمنّن بوعد غير مخلفة

١٤١١ كما عهدتك فى ايّام ذى سلم

ونبّئت ليلى ارسلت بشفاعة

١٤١٢ الىّ فهلّا نفس ليلى شفيعها

وفى بعض القراءات : فهلا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس ـ ١٠ / ٩٨ ، والقراءة المشهورة فلولا كانت الخ ، ومثال الا قولك للعاصى : الا تستحيى من الله تعصيه وهو يراك.

٥ و ٦ ـ الا واما

مثال التحضيص قوله تعالى : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) ـ ٩ / ١٣ ، (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) ـ ٢٤ / ٢٢ ، وقول على عليه‌السلام :

٨٢٢

الاحرّ يدع هذه اللماظة لاهلها انه ليس لانفسكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها الا بها ، وقوله الآخر : الا منتبه من رقدته قبل حين منيته ، الا مستيقظ من غفلته قبل نفاد مدته ، الا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ، الا مستعد للقاء ربه قبل زهوق نفسه ، الا متزود لآخرته قبل ازوف رحلته ، الا تائب من خطيئته قبل حضور منيته.

مثال العرض قولك لصديقك : اما تاتينا فنفرح بصحبتك ، وكما فى البيتين.

يابن الكرام الا تدنو فتبصر ما

١٤١٣ قد حدّثوك فما راء كمن سمعا

الا رجلا جزاه الله خيرا

١٤١٤ يدلّ على محصّلة تبيت

٧ ـ لو

قال فى المغنى : ان من معانيها التمنى فمثل لذلك بقوله : لو تاتينى فتحدثنى ، ومن معانيها العرض فمثل لذلك بقوله : لو تنزل عندنا فتصيب خيرا.

اقول : لا ارى فرقا بين المثالين الا انه فرع على الاول ما يستفيده المتكلم وعلى الثانى ما يستفيده المخاطب ، وهذا ليس ميزا بين التمنى والعرض ، مع ان ما يستفيده المخاطب انسب بالتحضيض ولو لا تستعمل فيه ، فالميز بينهما فى استعمال لو انها للعرض ان كان مدخولها ممكنا كالمثالين لان العرض طلب والطلب لا يتعلق بالمتنع ، وان كان مدخولها ممتنعا او لم يكن هناك مخاطب مطلوب منه فهى للتمنى ، نحو قوله تعالى : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٢٦ / ١٠٢ ، وكقولك : لو ان لى مالا فانفقه فى سبيل الله وقد يجتمع الشرط مع التمنى او العرض كما فى هذين البيتين.

لو كنت من مازن لم تستبح ابلى

١٤١٥ بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا

لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة

١٤١٦ تدع الحوائم لا يجدن غليلا

٨ ـ هل

وهى كلو لا تستعمل للتحضيض ، ومثال العرض قوله تعالى :(فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا

٨٢٣

فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) ـ ٤٠ / ١١ ، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) ـ ١٤ / ٢١ ، وكقول الشاعر.

هل تعرفون لباناتى فارجو ان

١٤١٧ تقضى فيرتدّ بعض الروح للجسد

وقد ياتى العرض فى الاستفهام بغير هل نحو قوله تعالى : (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) ـ ١٢ / ١١ ، وهذا احد المعانى المجازية لاداة الاستفهام ، وقد مر سائر المعانى المجازية فى المبحث الخامس.

هنا امور

الاول هذه الحروف غير لو وهل مركبة ، والجزء الثانى حرف نفى والجزء الاول حرف شرط او استفهام او ان ، ولكنها صرفت عن معانيها الاصلية الى هذين المعنيين ، فليس لان فى الاعمل النصب ولا لحروف الشرط والاستفهام والنفى معانيها ولا لحرف النفى عمله ..

ولكن لا يذهب عليك انها تقع فى الكلام على اصلها فتشتبه على من لا دقة له ، نحو قوله تعالى : (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ ـ ،) و (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) فى سورة النمل ، فانها ليست الا التحضيضية ، بل هى ان الناصبة ولا النافية بدليل عمل النصب فى المضارع بعده ، فان حروف العرض والتحضيص ليست عاملة ، ونحو قوله تعالى : (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ـ ١٢ / ٥٩ ، فان الهمزة استفهام ولا نافية ، وكما فى هذه الابيات.

الا زعمت اسماء ان لا احبّها

١٤١٨ فقلت بلى لو لا ينازعنى شغلى

الا اصطبار لسلمى ام لها جلد

١٤١٩ اذا الاقى الّذى لاقاه امثالى

الا طعان الا فرسان عادية

١٤٢٠ الّا تجشّؤكم حول التنانير

الا ارعواء لمن ولّت شبيبته

١٤٢١ وآذنت بمشيب بعده هرم

٨٢٤

الثانى هذه الحروف تدخل على الجملة الاسمية قليلا ، والاكثر دخولها على الفعلية المضارعية او الماضوية ، وما وقع بعدها ان كان مضمونه فى ماضى زمان التكلم فالطلب انما هو لتدارك ما فات ان امكن لان الطلب لا يتعلق بما مضى وان لم يمكن فالكلام للتوبيخ او التمنى فقط ولا طلب.

مثال ما امكن تداركه قوله تعالى : (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) ـ ٢٤ / ١٣ ، (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) ـ ٥٦ / ٥٧ ، وقولك لاخيك : لولا جئتنى اذ دعوتك ، وكقول الشاعر :

تعدّون عقر النيب افضل مجدكم

١٤٢٢ بنى ضوطرى لو لا الكمىّ المقنّعا

مثال ما لم يمكن تداركه قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) ـ ٤٦ / ٢٨ ، (رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) ـ ٦٣ / ١٠.

الثالث قد يفصل بين حرف التحضيض وفعله بجملة شرطية هما فى المعنى جواب لها كما مر بيانه فى مبحث ادوات الشرط ، نحو قوله تعالى : (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها) ـ ٥٦ / ٨٧ ، (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) ـ ٦ / ٤٣.

فى الكافى عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الكمال كلّ الكمال التفقّه فى الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة.

٨٢٥

المبحث الثامن

فى حروف التنبيه والاستفتاح ، وهى خمسة : يا ، الا ، اما ، ها ، كلّا ، يؤتى بها فى صدر الكلام لتنبيه المخاطب على اصغائه ، وتشعر بتحقيقه واهميته ، ويقال لها حروف الاستفتاح لافتتاح الكلام بها ، وهى تدخل على كل جملة بلا شريطة شىء الّاها ، وكلها غير عاملة.

١ ـ يا

نحو قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) ـ ٤ / ٧٣ ، وقد مر ذكرها فى مبحث حروف النداء.

٢ ـ الا

نحو قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) ـ ٢ / ١٢ ـ ١٣ ، (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ١٠ / ٦٢ ،(أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) ـ ١١ / ٨ ، وقول على عليه‌السلام : الا انى لم ار كالجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها ، نام طالبها صفة للمشبه المحذوف ، اى لم ار مطلوبة نام طالبها كالجنة ، ولم ار مهروبة نام هاربها كالنار ، الا ما يصنع

٨٢٦

بالدنيا من خلق للآخرة ، وما يصنع بالمال من عما قليل يسلبه ويبقى عليه حسابه وتبعته ، الا لا يستحيين من لا يعلم ان يتعلم فان قيمة كل امرء ما يعلم ، ولا يستقبحن من يعلم ان سئل عما لا يعلم ان يقول لا اعلم ، الا ان اهل البيت ابواب الحكم وانوار الظلم وضياء الامم ، والقول بتركيبها وكذا اختها اما من الهمزه وحرف النفى مشهور كحروف التحضيض ، ولكن الاصل مهجور بالمعنى ، ودخول الا على النداء كثير كهذا البيت.

الا ايّهذا الباخع الوجد نفسه

١٤٢٣ لشئ نحته عن يديه المقادر

٣ ـ اما

والاكثر وقوعها قبل اليمين كقول على عليه‌السلام : اما والله لقد تقمصها فلان وانه ليعلم ان محلى منها محل القطب من الرحى ينحدر عنى السيل ولا يرقى الى الطير ، وكما فى هذه الابيات.

اما والّذى لا يعلم الغيب غيره

١٤٢٤ ويحيى العظام البيض وهى رميم

اما والّذى ابكى واضحك والّذى

١٤٢٥ امات واحيا والّذى امره الامر

اما والّذى لو شاء لم يخلق النوى

١٤٢٦ لئن غبت عن عينى لماغبت عن قلبى

وقالوا : ان وقع ان مكسورة الهمزة بعد اما فهى حرف استفتاح ، وان وقعت مفتوحتها فهى بمعنى حقا او احقا ، نحو اما انك تتعب نفسك لدنياك وتنسى آخرتك ، فان كانت بمعنى حقا فالكلام خبر ، والتقدير : ثبت ثبوتا هذا الامر منك ، وان كانت بمعنى احقا فالكلام انشاء ، والتقدير : اثبت ثبوتا هذا الامر منك ، والاستفهام يكون حقيقيا او انكاريا كما فى هذا البيت فى لفظة حقا.

احقّا انّ جيرتنا استقلّوا

١٤٢٧ فنيّتنا ونيّتهم فريق

ومن ذلك قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلى عليه‌السلام : اما ان فيك شبها من عيسى بن مريم ، ولو لا مخافة ان يقول فيك طوائف من امتى ما قالت

٨٢٧

النصارى فى عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لاتمر بملأ من الناس الا اخذوا التراب من تحت قدميك يبغون به البركة ويستشفون به.

٤ ـ ها

وهى تدخل فى اربعة مواضع.

الاول على اسم الاشارة ، نحو هذا وهاتا وهؤلاء ، ولا تدخل على ما هو مختص بالاشارة البعيدة ، ومر بيان ذلك فى المبحث السادس من المقصد الثانى.

الثانى على الجملة الاسمية التى مبتداها ضمير الرفع وخبرها اسم الاشارة ، وهذا الشرط اكثرى ، نحو قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ) ـ ٣ / ١١٩ ، ها انتم هولاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ، وقول على عليه‌السلام لكميل : ها ان ههنا لعلما جما واشار بيده الى صدره ، وقول رجل ضبى آخذ بخطام جمل عائشة يوم حرب الجمل مشيرا الى على عليه‌السلام : ها هو ذا واقف رافع يده الى السماء حين سالته عائشة اين ترى على ابن طالب ، وهو فى قصة طويلة ذكرها البيهقى فى كتاب المحاسن والمساوى ، وكما فى هذه الابيات.

لو كان يبغى الفداء قلت له

١٤٢٨ ها انا دون الحبيب يا وجع

ولوعا فشطّت غربة دار زينب

١٤٢٩ فها انا ابلى والفؤاد جريح

فها انا للعشّاق يا عزّ قائد

١٤٣٠ وبى تضربالامثالفى الشرق والغرب

وعروة مات موتا مستريحا

١٤٣١ وها انا ميّت فى كلّ يوم

ها بيّنا ذا صريح النصح فاصغ له

١٤٣٢ وطع فطاعة مهد نصحه رشد

الثالث فى نحو يا ايها الرجل ، وقد مر تفصيله فى مبحث حروف النداء ، وتحذف الفها فى القراءة لالتقاء الساكنين ، وحذفت فى الكتابة ايضا فى قوله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ـ ٥٥ / ٣١ ، (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

٨٢٨

ـ ٢٤ / ٣١ ، (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ) ـ ٤٣ / ٤٩ ، وضمت الهاء بعد حذف الالف فى بعض القراءات وهو لغة.

قال ابن هشام : وهى فى هذا الموضع واجبة لتنبيه المخاطب على انه المقصود بالنداء ، اقول : بل هى لسلاسة الاداء كما هو شان اى فى هذا الموضع ايضا.

الرابع على لفظ الجلالة فى القسم قائمة مقام حرف القسم نحوها الله لافعلن كذا ، وياتى الفاظ القسم فى مبحثها.

٥ ـ كلّا

وياتى ذكرها فى المبحث التاسع.

فى الكافى عن ابى اسحاق السبيعىّ عمّن حدّثه ، قال : سمعت امير المؤمنين عليه‌السلام يقول : ايّها الناس اعلموا انّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، الا وانّ طلب العلم اوجب عليكم من طلب المال ، انّ المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفى لكم ، والعلم مخزون عند اهله وقد امرتم بطلبه من اهله فاطلبوه

٨٢٩

المبحث التاسع

فى ادوات النفى ، والنفى هو الدلالة على لا وقوع النسبة ، والنسبة اما تامة ، وهى بين المسند والمسند اليه ، واما غير تامة ، وهى بين الفعل واحد متعلقاته ، وادواته اثنتا عشرة : ليس ، لا ، لات ، ما ، ان ، لن ، لم ، لمّا ، كلّا ، هل ، غير ، سوى ، والاول فعل والاخيران اسمان ، والبواقى حروف.

١ ـ ليس

تعد من الافعال الناقصة ، تدخل على الجملة الاسمية وترفع الاسم وتنصب الخبر ، والكلام فى كونها لنفى الحال كما هو المشهور عندهم كالكلام فى دلالة غيرها من الافعال على الزمن المخصوص ، ولها من الصيغ اربع عشرة صيغة من الماضى لا غير ، فلذا يقال انها فعل غير متصرف ، والقول بحرفيتها كما نقل عن ابن السراج بالنظر الى معناها ، واما نظرا الى لفظها فهى فعل من باب سمع خفف عينه لكثرة الاستعمال ، وسمع لست بضم الاول فهو من باب كرم ، وكانه لغة ، و

٨٣٠

رفع الاسم ونصب الخبر وكونهما مذكورين وكون الاسم معرفة والخبر نكرة قاعدتها ، ووقع التخلف عنها فى هذه الابيات ، وشرحها فى شرح الشواهد الشعرية.

عددت قومى كعديد الطيس

١٤٣٣ اذ ذهب القوم الكرام ليسى

لهفى عليك للهفة من خائف

١٤٣٤ يبغى جوارك حين ليس مجير

الا ليس الّا ما قضى الله كائن

١٤٣٥ ولا يستطيع المرء نفعا ولا ضرّا

هى الشفاء لدائى لو ظفرت بها

١٤٣٦ وليس منها شفاء النفس مبذول

اين المفرّ والالاه الطالب

١٤٣٧ والاشرم المغلوب ليس الغالب

ولا يتقدم خبرها عليها ، وقيل : يجوز واستشهد بقوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) ـ ١١ / ٨ ، لان يوم معمول مصروفا ، ومصروفا خبر ليس ، وجواز تقديم معمول الخبر يدل على جواز تقديمه ، وهذا الاستدلال لا يفيد شيئا ما لم ير واقعا فى كلامهم ، ولكن يجوز تقديم خبرها على اسمها ظرفا كان او غيره ، نحو قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ـ ٢ / ٢٧٢ ، (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) ـ ٢ / ١٧٧ ، وكثيرا تدخل على خبرها الباء الزائدة ، نحو قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ٣ / ١٨٢.

٢ ـ لا

وهى اقسام.

القسم الاول

لا النافية ، واكثر دخولها على المضارع ، ولا يعمل شيئا ، نحو قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ـ ٤٢ / ٢٣ ، (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ـ ٣٤ / ٣ ، كررت لا للتاكيد والعاطف هو الواو ، واصغر واكبر معطوفان على مثقال ،

٨٣١

والا الخ كلام مستانف خبر لمحذوف ، والتقدير : كل ذلك ليس الا فى كتاب مبين ، وقيل فى تركيب الآية غير ذلك.

ولا تدخل لا النافية على الماضى الا ان يكون دعاء او مكررا بالعطف نحو قوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) ـ ٧٥ / ٣١ ، ومثال الدعاء ما فى هذه الابيات ، وما فى البيت الاخير نادر اذ ليس فيه احد الشرطين.

لا اضحك الله سنّ الدهر ان ضحكت

١٤٣٨ وآل احمد مظلومون قد قهروا

الا يا اسلمى يا دارمىّ على البلى

١٤٣٩ ولا زال منهلّا بجرعائك القطر

حسب المحبّين فى الدنيا عذابهم

١٤٤٠ تالله لاعذّبتهم بعدها سقر

ان تغفر اللهمّ تغفر جمّا

١٤٤١ واىّ عبد لك لا المّا

واما قوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ، فتكرارها مقدر فى (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) ـ ٩٠ / ١٧ ، والتقدير : فلا اقتحم العقبة ثم لا كان الخ ، ولو لم تقدر لادى الى خلاف المقصود لان كان عطف على اقتحم.

وتدخل على الجملة الاسمية بشرط التكرار ، ويجوز حينئذ اعمالها عمل ليس ، نحو قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ـ ٣٦ / ٤٠ ، (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) ـ ٣٧ / ٤٥ ـ ٤٧ ، وكما فى هذه الابيات.

اذا الجود لم يرزق خلاصا من الاذى

١٤٤٢ فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا

وحلّت سواد القلب لا انا باغيا

١٤٤٣ سواها ولا عن حبّها متراخيا

تعزّ فلا شىء على الارض باقيا

١٤٤٤ ولا وزر ممّا قضى الله واقيا

والقول بان عملها وذكر خبرها قليل وانها لا تعمل الا فى النكرات مردود بما تشاهد من الامثلة ، وجاءت محذوفة الخبر وغير مكررة فى هذين البيتين.

يا بؤس للحرب الّتى

١٤٤٥ وضعت اراهط فاستراحوا

من صدّ عن نيرانها

١٤٤٦ فانا ابن قيس لابراح

٨٣٢

نصرتك اذ لا صاحب غير خاذل

١٤٤٧ فبوّئت حصنا بالكماة حصينا

القسم الثانى

لا العاطفة ، وقد مر ذكرها فى مبحث حروف العطف ، وهو المبحث الاول.

القسم الثالث

لا النافية للجنس ، ويقال لها : لا التبرئة ولا نفى الجنس ايضا ، وتعمل عمل ان ، ومعنى نفى الجنس انها تنفى الحكم عن مدخولها الذى هو اسم جنس شامل لافراده ، ولها احكام خاصة نذكرها فى فصول.

الفصل الاول

يجب حذف خبرها ان كان من افعال العموم نحو لا الاه الا الله ، لا الاه الا هو ، لا الاه الا انت ، لا الاه الا الذى آمنت به بنوا اسرائيل ، وخبرها حق ان كان الاه بمعنى معبود ، وموجود ان كان بمعنى معطى الوجود ، والمرفوع بعد الا مستثنى من الضمير المستتر فى الخبر المحذوف ، والاستثناء مفرغ وقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) ـ ٣٤ / ٥١ ، اى فلا فوت كائن ، وقول الصادق عليه‌السلام : لا جبر ولا تفويض بل امر بين الامرين ، والجبرى يقول : لا ارادة لنا فى افعالنا والتفويضى يقول : لا ارادة لله فى افعالنا ، والامر بين الامرين نفى لهذين النفيين واثبات للارادتين ، مع ان ارادته تعالى هى فعله ولا تتوقف الا على علمه الازلى ومشيته التى خلق بها الاشياء ، وارادتنا تتوقف على امور كثيرة خارجة عن حيطة اختيارنا وقدرتنا ، ان حصلت حصل لنا الارادة ثم الفعل.

وخبرها ان ذكر فالاكثر ظرف او جار ومجرور ، نحو قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

٨٣٣

ـ ٣٥ / ٢ ، وقول على عليه‌السلام : لا عقل مع هوى ، وقد يكون خبرها ظرفا محذوفا نحو قوله تعالى : (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) ـ ٢٦ / ٥٠ ، اى لا ضير علينا ، وقولهم : لا باس ، اى لا باس عليك ، لا صداقة ، اى لا صداقه بيننا ، وخبرها المذكور غير الظرف والجار والمجرور قول على عليه‌السلام : لا مال اعود من العقل ولا فقر اشد من الجهل ولا حافظ احفظ من الصمت ولا قادم اقرب من الموت ولا كنز انفع من العلم.

الفصل الثانى

اسمها لا يكون الا ظاهرا نكرة ولا يكون ضميرا ولا معرفة ، وهو اما مفرد او مضاف او شبه مضاف ، وقد ذكر مثال المفرد.

ومثال المضاف نحو لا صاحب بر ممقوت ولا رجل سوء عندنا.

ومثال شبه المضاف وهو نكرة عملت فيما يليه ، ويقال له الاسم المطول لتطويله بمعموله ، وهذه الجهة توجد فى المضاف ايضا ، ولكن لا يجب الاطراد فى التسمية ، نحو لا قبيحا فعله محبوب ولا فاعلا خيرا ملوم ولا عاملا لله خائب ولا طالعا جبلا مرئى.

واسم لا ان كان مفردا فمبنى على الفتح ونصبه تقديرى يظهر فى التابع ، نحو لا رجل عالما عندنا ، وان كان مضافا فمنصوب بلا تنوين ، وان كان شبه مضاف فمنصوب منون ، ولكن جاء شبه المضاف فى الآيات وغيرها غير منون كالمضاف وهو خلاف القاعدة ، وذلك لشباهته بالمفرد وعدم الاعتداد بعمله نحو قوله تعالى : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) ـ ١٢ / ٩٢ ، فان تثريب عامل فى اليوم وعليكم خبر لا ، (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ـ ١١ / ٤٣ ، اليوم ومن امر الله معمولان لعاصم ، وخبر لا محذوف وهو موجود والاستثناء من عاصم ، (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) ـ ٢٥ / ٢٢ ، وفى الدعاء : لا مانع لما اعطيت ولا معطى لما منعت

٨٣٤

قال ابن هشام فى ثانى المغنى فى فصل الجملة المعترضة : ترك التنوين فى شبه المضاف قول البغداديين اجازوا لا طالع جبلا ، اجروه فى ذلك مجرى المضاف كما اجرى مجراه فى الاعراب ، واما على قول البصريين فيجب تنوينه ، اقول : للبصرية ان تجيب ليست المذكورات معمولات ، بل اخبار متعلقات بافعال العموم المقدرة ، ولا يختل المعنى ، فليس اسم لا فى تلك الموارد شبه المضاف ، بل مفرد.

ثم ان المفرد فى هذا الباب ما يقابل المضاف فيشمل المثنى والمجموع ، فان وقع احدهما اسما للا فمبنى على الياء ، نحو لارجلين فى الدار ولا قائمين للعدل ، واما الجمع المكسر والمؤنث فمبنى على الفتح كالمفرد ، نحو لارجال عندى ولا صائمات فى شهر رمضان ، ويجوز فى الجمع المؤنث البناء على الكسر كما روى بالوجهين فى هذين البيتين.

لا سابغات ولا جاواء باسلة

١٤٤٨ تقى المنون لدى استيفاء آجال

اودى الشباب الّذى مجد عواقبه

١٤٤٩ فيه نلذّ ولا لذات للشيب

ثم ان نفى الجنس فى التثنية والجمع اخص منه فى المفرد ، لانك اذا قلت : لا رجلين او لارجال فى الدار نفيت هذا الجنس بقيد الاثنينية والجمع ، ويصدق كلامك ان كان فى الدار رجل او رجلان ، واما اذا قلت : لا رجل فى الدار فنفيته مطلقا.

الفصل الثالث

يدخل عليها حرف الجر للتوكيد والعمل له لان حرف الجر اينما دخل فله الحكومة على سائر العوامل وان كان زائدا ، كقولك : جئت بلا زاد ، وغضبت من لا شىء وفى الدعاء : غدوت بحول الله وقوته وغدوت بلا حول منى ولا قوة ولكن بحولك وقوتك يا رب ، وكقول الشاعر.

متاركة السفيه بلا جواب

١٤٥٠ اشدّ على السفيه من الجواب

٨٣٥

وقد يدخل من على اسمها لتوكيد النفى ايضا ، كقولك : لا من احد فى الدار ، وكقول الشاعر :

فقام يذود الناس عنها بسيفه

١٤٥١ وقال الا لا من سبيل الى هند

وقد يحذف اسمها ويبقى خبرها ، كقولك : لا عندى ، اى لا شىء عندى ، او لا احد عندى ، ولا عليك ، اى لا باس عليك او لا شىء عليك على حسب القرائن ، ولا يتقدم خبرها على اسمها ولا عليها وان كان ظرفا او جارا ومجرورا ، فان فات عنها شىء من هذه الاحكام فليست بالنافية للجنس ، بل اما مهملة فبعدها المبتدا والخبر ، او المشبهة بليس فبعدها الاسم والخبر وتعمل عمل ليس.

الفصل الرابع

يجوز اعمالها عمل ان والغاؤها اذا تكررت ، نحو قوله تعالى : (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) ـ ٥٢ / ٢٣ ، قرئ لغو وتاثيم بالفتح على ان تكون لا لنفى الجنس ، وقرئ بالرفع على ان تكون نافية ، وكذا قرئ بالفتح والرفع قوله تعالى : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ،) ومنه لا حول ولا قوة الا بالله و، يجوز الرفع فى بعض والفتح فى بعض كما وقع فى آية الحج كذلك على بعض القراءات ، وفى هذا الشعر.

فلا لغو ولا تاثيم فيها

١٤٥٢ ولا حين ولا فيها مليم

وليس من هذا الباب قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ ،) فان لا فيها نافية لا لنفى الجنس لتقدم خبر الاولى على اسمها وكون اسم الثانية معرفة.

ثم ان لا المهملة عن العمل والمشبهة بليس تفيدان نفى الجنس ان كان ما بعدهما نكرة لان وقوع النكرة فى حيز النفى يفيد العموم.

٣ ـ لات

وهى لا النافية لحقت بها التاء للتوكيد ، وفى الاكثر يعمل عمل ليس ويحذف

٨٣٦

احد جزئى الجملة بعدها ويكون معمولها اسما دالا على الزمان ، نحو قوله تعالى : (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ـ ٣٨ / ٣ ، اى لات هذا الحين حين خلاص ، وكما فى هذه الابيات.

ندم البغاة ولات ساعة مندم

١٤٥٣ والبغى مرتع مبتغيه وخيم

لهفى عليك للهفة من خائف

١٤٥٤ يبغى جوارك حين لات مجير

طلبوا صلحنا ولات اوان

١٤٥٥ فاجبنا ان ليس حين بقاء

لقد تصبّرت حتّى لات مصطبر

١٤٥٦ والآن اقحم حتّى لات مقتحم

لات هنّا ذكرى جبيرة او

١٤٥٧ من جاء منها بطائف الاهوال

حنّت نوار ولات هنّا حنّت

١٤٥٨ وبدا الّذى كانت نوار اجنّت

وقرئ حين فى الآية بالرفع فخبره محذوف ، والتقدير : لات حين مناص لهم ، وقرئ بالجر فلات حينئذ بمعنى غير ، اى هذا الحين غير حين مناص ، واوان ومصطبر ومقتحم فى البيتين رويت بالجر.

٤ ـ ان

تدخل على الجملة الاسمية والفعلية ، والاكثر نقض نفيها بالا او لما ، نحو قوله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) ـ ٦٧ / ٢٠ ، (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ـ ٤ / ١٥٨ ، اى ان احد من اهل الكتاب ، ومثلها (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ـ ١٩ / ٧١ ،(إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)ـ ٥٨ / ٢ ، (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى) ـ ٩ / ١٠٨ ، (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) ـ ٤ / ١١٧ ، (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) ـ ٨٦ / ٤ ، ومجيئها بدون الا قوله تعالى : (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا) ـ ١٠ / ٦٨ ، (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) ـ ٢١ / ١١١ ، (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) ـ ٧٢ / ٢٥ ، (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ـ ٣٥ / ٤١ ،.

٨٣٧

ويجوز اعمالها عمل ليس ، وقيل هو لغة اهل العالية ، وهى مساكن لبعض العرب قريبة من نجد ، نحو قولهم : ان احد خيرا من احد الا بالعافية ، ان ذلك نافعك ولا ضارك ، وكما فى هذين البيتين.

ان المرء ميتا بانقضاء حياته

١٤٥٩ ولكن بان يبغى عليه فيخذلا

ان هو مستوليا على احد

١٤٦٠ الّا على اضعف المجانين

وفى بعض القراءات : ان الذين تدعون من دون الله عبادا امثالكم ـ ٧ / ١٩٣ ، ومن قولهم : ان قائم ، والاصل ان انا قائم ، ونقل ان قائما على اعمال ان النافية ، وادغامه كالادغام فى قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ـ ١٨ / ٣٩.

٥ ـ ما

تدخل على الفعلية والاسمية ، والاكثر دخول الباء الزائدة الموكدة على خبرها وكون المبتدا بعدها معرفة بحلاف لا ، نحو قوله تعالى : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) ـ ٢ / ١٦ ، (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) ـ ٢ / ٩ ، (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) ـ ٢ / ١٤٤ ، (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ) ـ ٢ / ٩٦ ، (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ـ ٢ / ١٠٢ ، (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) ـ ٢ / ١٤٥.

ويجوز اعمالها عمل ليس ، نحو قوله تعالى : (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) ١٢ / ٣١ ، وشروط اعمال هذه الثلاثة ، اى لا وما وان المشبهات بليس ان لا يتقدم خبرها ولا معمول خبرها عليها ولا على اسمها وان لا يقترن بحرف نفى آخر للتوكيد وان لا ينتقض نفيه بالا قبل خبرها.

٦ و ٧ ـ لم ولمّا

وهما مذكوران فى الفصل الخامس فى المبحث الواحد والعشرين من المقصد

٨٣٨

الاول.

٨ ـ لن

حرف نفى يختص بالمضارع وينصبه ويخلصه للاستقبال ، والنفى به مؤكد ، ولا يفيد تاييد النفى كقوله تعالى : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) ـ ١٩ / ٢٦ ، وقد يستعمل للدعاء كلا نحو قوله تعالى : (قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) ـ ٢٨ / ١٧ ، وكقول الشاعر.

لن تزالوا كذلكم ثمّ لازل

١٤٦١ ت لكم خالدا خلود الجبال

وجاء المضارع بعده مجزوما فى البيتين وهو ضرورة.

لن يخب الآن من رجائك من

١٤٦٢ حرّك من دون بابك الحلقة

ايادى سبا يا عزّ ما كنت بعدكم

١٤٦٣ فلن يحل للعينين بعدك منظر

٩ ـ هل

وهى للاستفهام كما مر فى المبحث الخامس ولكنها اذا استعملت للانكار الابطالى تفيد معنى النفى ويؤتى معها بما يختص بالكلام المنفى ، وذلك امور.

١ ـ وقوع الاستثناء المفرغ بعدها ، نحو قوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) ـ ٥٥ / ٦٠ ، (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ـ ١٦ / ٣٥ ، (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) ـ ٤٣ / ٦٦.

٢ ـ وقوع من الزائدة فيما بعدها ، نحو قوله تعالى : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ـ ٣٥ / ٣ ، وكقول الشاعر.

وانّ شفائى عبرة مهراقة

١٤٦٤ وهل عند رسم دارس من معوّل

٣ ـ وقوع الباء الزائدة على خبر ما بعدها كقول الشاعر.

يقول اذا اقلولى عليها وارقدت

١٤٦٥ الاهل اخو عيش لذيذ بدائم

٨٣٩

وغير هل من ادوات الاستفهام اذا استعمل للانكار الابطالى يفيد النفى ايضا ولكن لم يوجد معه احد هذه الامور.

١٠ ـ كلّا

وهى حرف للردع غير عامل يفيد ان ما ذكر قبله منفى او منهى فى ارادة المتكلم ، وفيها مع ذلك معنى الجواب بالرد كلا الجوابية ، وحيث انها راجعة الى ما قبلها فالوقف عليها وما بعدها استيناف.

مثال المنهى قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) ـ ١٩ / ٨١ ـ ٨٢ ، (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) ـ ٧٨ / ١ ـ ٥ ، (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ) ـ ٨٠ / ٨ ـ ١١ ، (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ) ـ ٨٩ / ٢٠ ، (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ـ ١٠٢ / ١ ـ ٣ ، (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) ـ ١٠٤ / ١ ـ ٤.

مثال المنفى قوله تعالى : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا) ـ ١٩ / ٧٨ ، (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) ـ ٢٣ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) ـ ٢٦ / ١٤ ـ ١٥ ، (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) ـ ٢٦ / ٦١ ـ ٦٢ ، (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) ـ ٧٤ / ١٥ ـ ١٦ ، وكقول الشاعر.

قالوا ابو الصقر من شيبان قلت لهم

١٤٦٦ كلّا لعمرى ولكن منه شيبان

ومنها ما يحتمل نفيا لما قبله ونهيا له ، نحو قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ

٨٤٠