علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

جَنَّةُ الْمَأْوى) ـ ٥٣ / ١٣ ـ ١٥.

ولا يخفى ان الحضور اخص من القرب ، فكل حضور قرب وليس كل قرب حضور ، فقد يكون مثال واحد صالحا لكليهما ، وايضا ان القرب والحضور قد يكونان محسوسين او معنويين باعتبار نفسهما ، كما هما كذلك باعتبار ما يضاف اليه عند ، نحو ما جاء فى الحديث : لا تبع ما ليس عندك ، وقولك : عندى مال ، فان القرب فيهما معنوى ، وهو قرب الملك بقرينة المال ولا تبع ، وانت مكرم عندى فالقرب فيه معنوى ، وهو قرب المحبة بقرينة مكرم ، ولكنه فى هذه الامثلة ونظائرها حسى باعتبار ما يقرب منه ، اى ما يضاف اليه عند ، فلا تغفل.

وههنا امور

الامر الاول

كلمة عند غير متصرفة ، وهى منصوبة على الظرفية كما شوهد فى الامثلة ، وكثيرا تجر بمن الابتدائية ، وذلك عند اعتبارها مكانا حسيا او معنويا يبتدا منه شىء ، سواءا اعتبر له انتهاء ام لا.

مثاله قوله تعالى : (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) ـ ٢ / ٧٩ ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ـ ٤ / ٧٨ ، (حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً) ـ ٤٧ / ١٦.

الامر الثانى

عند ظرف مكان ، وما جاء فى كتاب الله تعالى للزمان ، ولكن استعمل له قليلا ، نحو قول على عليه‌السلام : عند الامتحان يكرم الرجل او يهان ، عند حضور الاجال تظهر

٤٢١

خيبة الامال ، عند زوال القدرة يتبين الصديق من العدو ، عند فساد النية ترتفع البركة ، عند تظاهر النعم يكثر الحساد ، وكقولك : قدم ابى من السفر عند طلوع الشمس ، وكقول الشاعر.

اذا الشعر لم يطربك عند سماعه

٦٩٩ فليس خليقا ان يقال له شعر

الامر الثالث

تعاقب عند فى المعنى كلمتان ، هما لدى ولدن ، وتفترق عنهما وكل منهما عن الاخرى بامور.

١ ـ : ان لدن لا تكون الافضلة ، نحو قوله تعالى : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) ـ ٢٠ / ٩٩ ، بخلاف عند فانها تقع خبرا نحو قوله تعالى : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) ـ ٥٠ / ٤ ، و (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ـ ٦ / ١٠٩ ، وفضلة نحو (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ـ ٧ / ٢٩ ، ولدى كعند ، نحو قوله تعالى : (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ) ـ ٢٣ / ٦٢ ، (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً) ـ ٧٣ / ١٢ ، (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ـ ٢٧ / ١٠.

٢ ـ : ان لدن مبنية على السكون ، ولدى مثلها الا ان الفها تنقلب ياء ان اضيفت الى الضمير ، وحكمها مع ما بعدها كحكم على ، وعند معربة ، وقال الرضى فى شرح الكافية فى مبحث الظروف : واعراب لدن المشهورة لغة قيسية.

٣ ـ : ان عند تستعمل مع من وبدونها على السواء ، ولدى لا تستعمل مع من ، ولدن تستعمل بدون من قليلا ، وليست فى التنزيل الا مع من.

٤ ـ : ان لدن اضيفت الى الجملة فى هذا البيت ، واما اختاه فلم ينقل لهما ذلك.

صريع غوان راقهنّ ورقنه

٧٠٠ لدن شبّ حتّى شاب سود الذوائب

٥ ـ : ان لدن قد لا تضاف ، بل ما بعدها اما مرفوع او منصوب ، بخلاف اختيها ،

٤٢٢

كما فى هذا البيت.

وما زال مهرى مزجر الكلب منهم

٧٠١ لدن غدوة حتّى دنت لغروب

٦ ـ : جاء لد مجردا عن النون فى هذا البيت.

يستوعب النوعين من خريره

٧٠٢ من لد لحييه الى منخوره

وقال فى تاج العروس : فى لدن ولدى اثنتا عشرة لغة وذكرها ، واما عند فاللغة الفصحى بكسر اولها ، وقال فى المغنى : وكسر فائها اكثر من ضمها وفتحها ، ولم يات بشاهد ، ولكن جاءت فى هذا البيت هكذا.

وكلّ خنزير يحبّ ولده

٧٠٣ حبّ الحبارى ويزفّ عنده

وقال فى تاج العروس : انها بمعنى جانب ، والظاهر انها بمعناها ، وجاء بهذا البيت مثالا لمجئ لدى بمعنى هل.

لدى من شباب يشترى بمشيب

٧٠٤ وكيف شباب المرء بعد دبيب

٢ ـ مع

والمعية لا بدلها من طرفين ، وهى على وجوه.

الوجه الاول : المعية فى الوجود ، نحو قوله تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ ٥٧ / ٤ ، فانه تعالى مع كل شىء كما هو قبل كل شىء وبعد كل شىء ، ولانه قبل كل شىء وبعد كل شىء فلا شىء معه كما ورد فى الحديث ، ولكنه مع كل شىء بالاحاطة به ، ومن ذلك (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) ـ ٢٣ / ٩١ ، (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) ـ ٤ / ١٠٨.

الوجه الثانى : المعية فى المكان ، نحو قوله تعالى : (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) ـ ٦٦ / ١٠ ، (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) ـ ٦ / ٩٤ ، (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ـ ٢٦ / ١١٩ ، (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) ـ ٤ / ١٤٠.

٤٢٣

الوجه الثالث : المعية فى الزمان ، نحو قوله تعالى : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) ـ ٣٨ / ١٨ ، مع والباء كلاهما يتعلقان بيسبحن ، اى كان تسبيحها مع تسبيحه فى الوقتين ، ونحو قولك : كان المحقق الخونسارى مع المحقق السبزوارى فى عصر واحد.

الوجه الرابع : المعية فى الصحابة ، وهذا اظهر الوجوه ، والصحابة ترادف المعية فى المعنى ، نحو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) ـ ٤٨ / ٢٩ ، (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) ـ ٥٠ / ٢١ ، (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) ـ ٢ / ٩١ ،(وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ـ ٥٧ / ٢٥ ، (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ) ـ ٢٦ / ٦٥ ، (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) ـ ٣٧ / ١٠٢ ، (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) ـ ٢٩ / ١٣.

الوجه الخامس : المعية فى الفعل ، نحو قوله تعالى : (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) ـ ٧٤ / ٤٥ ، (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) ـ ٢٨ / ٥٧ ، (قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ـ ٣ / ٨١ ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) ـ ٨ / ٧٥ ، (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) ـ ٢٤ / ٦٢.

الوجه السادس : المعية فى العقيدة : نحو قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) ـ ٢ / ١٤.

الوجه السابع : المعية فى الوصف ، نحو قوله تعالى : (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ـ ١٨ / ٦٧.

الوجه الثامن : المعية فى الموضع ، نحو قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) ـ ٤٨ / ٤ ، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ـ ٩٤ / ٥ ، فان العسر فى كل موضع معه يسر ، لكن من جهتين ، والفرق بينها وبين

٤٢٤

المعية فى المكان انها فى الجسم ، وهذه فى الاعراض المادية والمعنوية.

الوجه التاسع : المعية فى الارادة ، نحو قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) ـ ٢٥ / ٢٧ ، اى كنت اريد ما اراد الرسول ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ـ ٩ / ١١٩.

الوجه العاشر : المعية فى النصر ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) ـ ١٦ / ١٢٨ ،(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) ـ ٨ / ١٢ ، (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) ـ ٢٠ / ٤٦ ، فانه تعالى مع كل شىء ، لكنه مع المؤمن ينصره كما ينصره المؤمن ، تلك عشرة كاملة ، ولا يخفى ان هذه الوجوه يجامع بعضها بعضا.

ثم ان مع اسم ذو حرفين وظرف غير متصرف ، لا يفارقها الظرفيه ، وتاتى لاحد الوجوه العشرة ، وهى تقابل قبل وبعد ، وتدخل عليها من كما فى قراءة بعض : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) ـ ٢١ / ٢٤ ، وحكى سيبويه : ذهبت من معه ، والقراء شاذة ، والحكاية على عهدة حاكيها ، وجاءت مقطوعة عن الاضافة منونة فى هذه الابيات.

افيقوا بنى حرب واهواؤنا معا

٧٠٥ وارماحنا موصولة لم تقضّب

كنت ويحيى كيدى واحد

٧٠٦ نرمى جميعا ونرامى معا

يذكّرن ذا البثّ الحزين ببثّه

٧٠٧ اذا حنّت الاولى سجعن لها معا

وافنى رجالى فبادوا معا

٧٠٨ فاصبح قلبى بهم مستفزّا

٣ ـ بين

وهى فى الاغلب ظرف مكان لذات مكنوفة بالاطراف او حدث قائم بالاطراف والاطراف ما تضاف اليه ، وهو متعدد بالتثنية او الجمع او العطف مع تكرارها او بدونه والى الواحد لفظا والمتعدد فى المراد فهذه خمسة وجوه :

٤٢٥

الاول : اضافتها الى المثنى ، نحو قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) الى قوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) ـ ٤ / ٢٣ ، (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) ـ ٤ / ٣٥ ، فان الجمع فعل قائم بالاختين ، وكذا التوفيق ، وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ـ ٥ / ١٨ ، فان ما بينهما محفوف بالسماوات والارض.

الثانى : اضافتها الى الجمع ، نحو قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) ـ ٣ / ١٤٠ ، (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) ـ ٤ / ١٢٩ ، (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) ـ ٨ / ٦٣ ، (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) ـ ٥٧ / ١٣.

الثالث : اضافتها الى المتعدد بالعطف مع تكرارها ، وذلك فيما كان بين الاطراف تقابل باعتبار نحو قوله تعالى : (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ـ ٥ / ٢٥ ، (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ) ـ ٧ / ٨٩ ، (جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) ـ ١٧ / ٤٥ ، (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) ـ ٦٠ / ٧ ،(يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) ـ ٥٥ / ٤٤ ، (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) ـ ٣٤ / ٥٤ ، (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) ـ ٣٧ / ١٥٨.

الرابع : اضافتها الى المتعدد بالعطف بلا تكرارها ، وذلك فيما كان بين الاطراف تناسب وارتباط ، نحو قوله تعالى : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ـ ٢ / ١٠٢ ، (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ـ ٢ / ١٦٤ ، (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) ـ ٤ / ١٥٠ ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ـ ٨ / ٢٤ ، ومن ذلك قوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ـ ٢ / ٢٨٥ ، اى بين احد منهم وآخر منهم ، بل نقول كل مبعوث من عند الله داع اليه ، وامكن ان يكون من الوجه الخامس ، اى لا نفرق بينهم.

الخامس : اضافتها الى الواحد لفظا المتعدد مرادا ، نحو قوله تعالى : (إِنَّها بَقَرَةٌ

٤٢٦

لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) ـ ٢ / ٦٨ ، اى بين الفارض والبكر ، مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ ـ ٤ / ١٤٣ ، اى بين الكفر والايمان ، وامثال هذه فى لفظ ذلك كثير فى القرآن وغيره ، وفى غير ذلك ايضا.

حكى ابن هشام فى القاعدة الثالثة عشرة من ثامن المغنى : قال ابو عبيدة لرؤبة بن العجاج لما انشد.

فيها خطوط من سواد وبلق

٧٠٩ كانّه فى الجلد توليع البهق

: ان اردت الخطوط فقل : كانها ، او السواد والبلق فقل : كانهما ، فقال : اردت ذلك ويلك.

وهنا امور

١ ـ : ان بين قد يلحق به ما او الالف ، ويستعمل حينئذ للزمان ، ويضاف الى جملة تليها جملة كقول على عليه‌السلام : فيا عجبا بينا هو يستقليها فى حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته ، وكما فى هذه الابيات.

بينما نحن بالاراك معا

٧١٠ اذ اتى راكب على جمله

استقدر الله خيرا وارضينّ به

٧١١ فبينما العسر اذ دارت مياسير

وبينما المرء فى الاحياء مغتبطا

٧١٢ اذ صار فى الرمس تعفوه الاعاصير

فبينا نسوس الناس والامر امرنا

٧١٣ اذا نحن فيهم سوقة نتنصّف

وقد يضاف الى الجملة بدون ما والالف كما فى هذا البيت.

بين الفتى يسعى ويسعى له

٧١٤ تاح له من امره خالج

وتركيب هذا الكلام فيما ليس على صدر الجملة التالية اذا او اذ كالبيت الاخير ان ما بعد بين فى تاويل المصدر ، وهو متعلق بما فى الجملة التالية ، اى فى اثناء زمان سعى الفتى تاح له الخ ، وفيما على صدرها احديهما فان شئت فقل : انها زائدة للتاكيد وهذا اختيار ابن الشجرى ، وهو مستراح ، فالتركيب هو التركيب ، وان شئت

٤٢٧

فقل : بين مع مدخولها خبر مقدم ، واذا او اذ مع مدخولها مبتدا مؤخر ، والتقدير : زمن عقده لآخر بين زمن استقالته ، وكذا ما فى الابيات ، واضيف بينا فى هذا البيت الى نفس المصدر لا الجملة المؤولة به.

بينا تعانقه الكماة وروغه

٧١٥ يوما اتيح له جرئ سلفع

٢ ـ : ان بين قد تتكرر تركيبا مزجيا كخمسة عشر ، فيبنى الجزآن على الفتح ، نحو قولك : انا فى امورى بين بين ، اى فى الحد الوسط بين الافراط والتفريط ، وكقول الشاعر.

نحمى حقيقتنا وبعض

٧١٦ القوم يسقط بين بينا

٣ ـ : تضاف بين الى مثنى اليد او جمعها ، وتستعمل بمعنى الزمان المتقدم ، نحو قوله تعالى : (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ـ ٢ / ٩٧ ، اى لما قبله من كتب الانبياء ، وتستعمل هكذا للمكان ايضا بمعنى قدام ، نحو قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) ـ ٣٤ / ١٢.

وقد يعتبر له الابتداء زمانا او مكانا فيدخل عليها من ، نحو قوله تعالى : (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) ـ ٤٦ / ٢١ ، اى من زمن آدم عليه‌السلام ، (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) ـ ٣٦ / ٩ ، اى من حد لا يبصرون وراءه ، واصل هذه الكلمة بهذه الاضافة للمكان الذى هو قدام الانسان ، ثم استعملت فى غير الانسان وغير المكان توسعا.

٤ ـ تضاف بين الى مثنى الظهر وجمعه ، نحو نزلت بين ظهرى القوم واظهرهم ، ويزاد عليها فى مثناها الالف والنون ويقال بين ظهر انى القوم ، وفى كتاب لعلى عليه‌السلام الى بعض عماله : وانا بين اظهر الجيش فارفعوا الى مظالمكم.

قال ابن الاثير فى النهاية : وفى الحديث : فاقاموا بين ظهرانيهم وبين اظهر هم ، قد تكررت هذه اللفظة فى الحديث ، والمراد بها انهم اقاموا بينهم على سبيل

٤٢٨

الاستظهار والاستناد اليهم ، وزيدت فيه الف ونون مفتوحة تاكيدا ، ومعناه ان ظهرا منهم قدامه وظهرا منهم وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ومن جوانبه اذا قيل بين اظهرهم ، ثم كثر حتى استعمل فى الاقامة بين القوم مطلقا ، اى من دون الاستظهار والاستناد.

٥ ـ : ان بين غير متصرف لا يتجاوز مقام النصب على الظرفية ، الا انه قد يجر بمن الابتدائية كما مر فى الامثلة ، او بالمضاف فهو ظرف له ، نحو قوله تعالى : (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) ـ ١٨ / ٧٨ ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) ـ ٥ / ١٠٦ ، (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) ـ ـ ٢٩ / ٢٥ ، (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) ـ ٤ / ٣٥.

٦ ـ : قد يذكر بين قبل الاقسام المذكورة بعد المقسم ، اذ المقسم دائر بين الاقسام كما فى هذه الابيات.

قوم اذا سمعوا الصريخ رايتهم

٧١٧ من بين ملجم مهره او سافع

قوم اذا طلبوا لدفع ملمّة

٧١٨ والخيل بين مكردس ومدعّس

لبسوا القلوب على الدروع وانّهم

٧١٩ يتهافتون الى ذهاب الانفس

فطافت ثلاثا بين يوم وليلة

٧٢٠ وكان النكير ان تضيف وتجارا

٧ ـ : اصل بين مصدر يستعمل بمعنى فرقة وبمعنى وصلة ، فهو من الاضداد ، نحو قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) ـ ٦ / ٩٤ ، اى انقطع وصلكم ، وفى قراءة بعضهم بنصب بين على الظرفية ، فان شئت فقل : ان الظرف وقع فاعلا كما يقع نائبا عنه بلا خلاف ، وان شئت فقدر له فاعلا ، اى لقد تقطع وصلكم بينكم ، وفيه كلام ياتى فى مبحث الجمل ، واما قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كنت نبيا وآدم بين الروح والبدن ، فبين مرفوع ، مصدر بمعنى فرقة ، اى كان ادم مفترقا روحه من بدنه ، وليس بين ظرفا لعدم صحة المعنى ، والمراد كنت نبيا وآدم غير مخلوق.

٤٢٩

٤ ـ دون

وهو ظرف مكان يستعمل للمرتبة المغايرة لمرتبة ما يضاف اليه ، ويعتبر مع المغايرة القصور فى المرتبة ، وهو يقارب معنى تحت ، واكثر استعماله فى المرتبة المعنوية ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ـ ٤ / ٤٨ ، اى يغفر الذنب الذى هو فى مرتبة تقصر عن الشرك ، (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) ـ ٧ / ٢٠٥ ، اى واذكر ربك بقلبك فى حال التضرع والخوف ، وبالقول فى مرتبة لا تبلغ مرتبة الجهر ، (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) ـ ٣٢ / ٢١ ، اى عذاب الدنيا الذى ليس فى مرتبة عذاب الآخرة ، (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) ـ ٢١ / ٨٢ ، ومن ذلك قول على عليه‌السلام : للظالم من الرجال ثلاث علامات : يظلم من فوقه بالمعصية ، ومن دونه بالغلبة ويظاهر القوم الظلمة ، وقوله : اللهم لك الحمد حمدا يملا ما خلقت ويبلغ ما اردت حمدا لا يحجب عنك ولا يقصر دونك.

ومثال المرتبة الحسية قول على عليه‌السلام : فلم يتعد ما خلق حدود منزلته ولم يقصر دون الانتهاء الى غايته ، كالمتحركات الارضية والسماوية فانها لا تقف فى حد من مسيرها حتى تصل غايتها ، وكقولك : الارض دون الماء والماء دون الهواء والهواء دون السماء.

ويستعمل للمكان القريب الى المضاف اليه ، وبهذا المعنى يقارب معنى عند ، وذلك ايضا معنوى وحسى ، نحو قول على عليه‌السلام : وانما طلبت حقا لى وانتم تحولون بينى وبينه وتضربون وجهى دونه ، وقوله : واطلبوا الى الله واستمنحوه فما قطعكم عنه حجاب ولا اغلق عنكم دونه باب وانه بكل مكان ، وقوله فى كتاب له الى معاوية : فقد سلكت مدارج اسلافك بادعائك الاباطيل واقحامك عرور المين والاكاذيب وبانتحالك ما قد علا عنك وابتزازك لما اختزن دونك فرارا من الحق ، وفى

٤٣٠

الحديث : من قتل دون ماله فهو شهيد.

وكثيرا يجئ بهذا المعنى مع من الابتدائية باعتبار جعل المكان ابتداء الفعل كما قلنا فى عند ، نحو قوله تعالى : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) ـ ١٩ / ١٧ ، (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) ـ ٢٨ / ٢٣ ، (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً) ـ ١٨ / ٩٣.

ويستعمل بمعنى غير ، او المكان المغاير ، نحو قوله تعالى : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) ـ ٨ / ٦٠ ، فان اخذته بمعنى غير فمن بيانية والتقدير : وآخرين هم غيرهم ، وان اخذته بمعنى المكان المغاير فمن ابتدائية والتقدير : وآخرين كانوا من مكان غير مكانهم ، ونحوه قوله تعالى : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) ـ ٧ / ٨١ ، قال ابن هشام فى حرف من : من للابتداء والظرف صفة لشهوة ، اى شهوة مبتداة من دونهن ، اقول : وان شئت فقل : شهوة هى غير شهوة النساء ، فمن بيانية ، وقوله : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ـ ٢٣ / ٦٣ ، اى اعمال هى غير الغفلة عن الحق ، او اعمال تنشا من مبدء غير الغفلة من التعلقات الدنيوية ، (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) ـ ٣٦ / ٢٣ ، اى ااتخذ آلهة هى غير الله ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) ـ ٣ / ١١٨ ، اى من غيركم.

ولا يخفى ان كونه بمعنى غير اظهر فى بعض المواضع بل اكثرها ، سواء اكان مع من ام بدونها ، نحو ما مر فى قوله : لا تتخذوا الخ ، وقوله تعالى : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) ـ ٣٧ / ٨٦ ، اى آلهة غير الله ، ولكن يبعد كونه بمعنى غير مجيئه منصوبا ، نحو قوله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) ـ ٧٢ / ١١ ، فانه ان كان بمعنى غير وجب رفعه ، فلابد ان يكون التقدير : ومنا قوم فى مقام غير مقام الصالحين.

ثم ان من فى هذا الاسلوب يكون فى الغالب متعلقا بمحذوف ، وهو صفة لما قبله ان كان نكرة او حالا ان كان معرفة ، وقد يتعلق بالفعل المذكور ، فانظر فى الآيات وغيرها ، وذكروا لدون معانى اخرى كقبل وبعد وفوق ، ولكنها راجعة الى

٤٣١

الثلاثة التى ذكرناها فراجع.

٥ ـ سواء

وهو ظرف متصرف يستعمل بمعنى وسط ، نحو قوله تعالى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) ـ ٣٧ / ٥٥ ، (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) ـ ٤٤ / ٤٧ ، (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) ـ ٣٨ / ٢٢ ، (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) ـ ٢ / ٢٠٨ ، فان الوسط لاضلال فيه ، والميل الى يمين الصراط ويساره مظنة الخروج عنه ثم الضلال ، وامكن ان يكون فى الآيتين بمعنى السوى اى المستقيم اضيف الى الموصوف ، اى اهدنا الى الصراط السوى ، فقد ضل السبيل السوى ، كما فى قوله تعالى : (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) ـ ١٩ / ٤٣ ، (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) ـ ٢٠ / ١٣٥ ، وسواء فى الاصل مصدر يستعمل بمعنى متساوى ومستوى ، ويستعمل للاستثناء كغير ، وياتى بيانه فى مبحث ادوات الاستثناء فى المقصد الثالث.

٦ ـ وسط

بسكون السين وفتحها اسم متصرف يستعمل لما بين الطرفين من المكان حسيا او معنويا ، نحو قول على عليه‌السلام فى وصف المتقين : فهم حانون على اوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم واطراف اقدامهم ، حانون الخ اى راكعون ، مفترشون الخ اى ساجدون ، وقوله لامير جيش له الى الشام : فاذا لقيت العدو وقفت من اصحابك وسطا وكقول الشاعر :

اذا ركبت فاجعلونى وسطا

٧٢١ انّى كبير لا اطيق العنّدا

ومن المكان المعنوى قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) ـ ٢ / ١٤٣ ، وكذا ما يشتق من هذا اللفظ ، نحو اوسط ووسطى وواسط وواسطة ومتوسط وغيرها ، وقد يستعمل للزمان ، نحو قولك : خرجت وسط النهار ، وقمت وسط الليل ، والقوم ذكروا

٤٣٢

فروقا بين الوسط بسكون السين وفتحها ، ان شئت فراجع تاج العروس وغيره.

٧ ـ حول

وهو ان استعمل ظرفا مكانيا فغير متصرف لا يجاوز النصب على الظرفية والجر بمن الابتدائية ، ومعناه اطراف ما يضاف اليه ، وهو يقابل بين ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) ـ ٤٦ / ٢٧ ، (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) ـ ٩ / ١٠١ ، و (تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ـ ٣٩ / ٧٥ ، وقول على عليه‌السلام فى كتاب له الى عثمان بن حنيف عامله على البصرة : او ابيت مبطانا وحولى بطون غرثى واكباد حرى او اكون كما قال القائل :

وحسبك داء ان تبيت ببطنة

٧٢٢ وحولك اكباد تحنّ الى القدّ

وان استعمل ظرفا زمانيا فهو كعام وزنا ومعنى وتصرفا ، نحو قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) ـ ٢ / ٢٣٣.

القسم الثانى

ما يضاف من الظروف الى الجملة.

١ ـ اذ

وتلزمها الاضافة الى الجملة ، ولها وجوه من الاستعمال.

الوجه الاول انها تقع مفعولا فيها ، اى ظرف زمان لفعل خارج عما اضيفت اليه ، نحو قوله تعالى : (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٩ / ٤٠ ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) ـ ٥١ / ٢٤ ، فاذ تصلح ان تتعلق بحديث او ضيف ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) ـ ٣ / ١٦٤ ، فاذ ظرف

٤٣٣

ليعلمون ، وللجملة المضاف اليها فى المعنى لا فى تركيب الكلام لان المضاف اليه لا يعمل فى المضاف ، وقد يحذف احد شطرى الجملة التى اضيفت اليها اذ كما فى هذه الابيات.

كانت منازل الّاف عهدتهم

٧٢٣ اذ نحن اذ ذاك دون الناس اخوانا

هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا

٧٢٤ والعيش منقلب اذ ذاك افنانا

كان لم يكونوا حمى يتّقى

٧٢٥ اذ الناس اذ ذاك من عزّ بزّا

الوجه الثانى : ان تكون مفعولا بها ، نحو قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) ـ ٧ / ٨٦ ، اى واذكروا زمان قلتكم ، ولا يصح ان تكون ظرفا لاذكروا كالوجه الاول لاقتضاء ذلك الامر بالذكر فى ذلك الوقت ، وهو محال لانه قد مضى.

الوجه الثالث : ان تكون بدلا عن المفعول به ، نحو قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) ـ ١٩ / ١٦ ، فان اذ بدل من مريم بدل اشتمال ، اى واذكر فى الكتاب زمان انتباذ مريم من اهلها ، ومثله (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) الخ ـ ١٩ / ٤١.

الوجه الرابع ان تكون بدلا عن مثلها كقوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) ـ ٩ / ٤٠ ، اذ الاولى ظرف لنصره والثانية بدل عنها والثالثة بدل عن الثانية ، وان قلت : كل منها ظرف لنصر فهو الا ظهر.

الوجه الخامس : ان تكون مضافا اليها اسم زمان ، نحو قوله تعالى : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) ـ ٣ / ٨ ، (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ـ ٣ / ٨٠ ، (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) ـ ٩ / ١١٥ ، وقال ابن هشام فى المغنى : من هذا الوجه يومئذ وحينئذ ، ولكن المضاف مستغنى عنه ، وياتى الكلام فيه فى القسم الثالث.

الوجه السادس : ان تقع بعد بينا وبينما ، وقد مر بيانه فى العدد الثالث

٤٣٤

من القسم الاول ، وتستعمل اذ للتعليل ، وياتى بيان ذلك فى مبحث حروف التعليل فى المقصد الثالث.

٢ ـ اذا

وهى على ستة وجوه : اذا الشرطية ، واذا الجوابية غير المنونة ، وياتى بيانهما فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث ، واذا التفسيرية ، وياتى ذكرها فى مبحث حروف التفسير فى المقصد الثالث ، واذا الفجائية واذا الجوابية المنونة واذا الظرفية المحضة ، ونذكرها هنا فى فصلين.

الفصل الاول

فى اذا الفجائية ، وهى تختص بالجملة الاسمية ، وتلزمها الفاء ، نحو قوله تعالى : (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) ـ ٢٠ / ٢٠ ، (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٢١ / ٩٧ ، (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ)ـ ٧ / ١٠٨ ، (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) ـ ٣٦ / ٢٩ ، (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) ـ ٧٩ / ١٣ ، (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) ـ ٢٨ / ١٨.

وهنا امور

١ ـ : معنى الفجاءة والفجاة والافتجاء والمفاجاة ، وقوع الشئ لمن لا يتوقعه ، كما هو ظاهر فى الآيات ، وقد يؤدى هذا المعنى بدون اذا ، نحو قوله تعالى : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) ـ ٢٢ / ٥٥ ، فان البغتة هى الفجاة ، وقد يؤدى هذا المعنى بالفاظ واساليب اخرى ، فلا ينحصر فى هذا الاسلوب.

٤٣٥

٢ ـ : لا يضاف اذا هذه الى الجملة التالية ، وان كان تركيب الكلام شبيها بالاضافة ، وانما ذكرناها هنا لمكان الشباهة لانها حينئذ تؤول بالمصدر فيفوت معنى المفاجاة بالتاويل ، كما تقول : فالقاها زمان سعى الحية ، مع ان الفاء مانعة من تعلق اذا بما قبلها ، لانها عاطفة ، ولا معنى لعطف المتعلق على المتعلق فيبقى ما بعدها مفردا بلا تعلق واسناد ، كما تقول : فالقاها فزمان سعى الحية.

٣ ـ : قال ابن هشام فى حرف الفاء من المغنى : الفاء فى نحو خرجت فاذا الاسد زائدة لازمة عند الفارسى والمازنى وجماعة ، وعاطفة عند مبرمان وابى الفتح ، وللسبببة المحضة كفاء الجواب عند ابى اسحاق.

اقول : هى عاطفة ، ولا امتناع فى تعاطف الاسمية والفعلية ، والسببية منتفية فى كثير من الموارد كالمثال المذكور فى كلام ابن هشام وبعض الآيات المذكورة.

٤ ـ : عامل اذا هذه هو الحدث المذكور فى الجملة التالية ، لا الجملة السابقة ، وان كان فى المعنى ظرفا له ايضا ، وهذه على عكس اذ ، لمكان الفاء العاطفة فان لها الصدر.

٥ ـ : الحق ان اذا هذه ظرف زمان لا حرف ولا ظرف مكان كما نقل ابن هشام عن الاخفش والمبرد ، وعاملها ما قلنا ، لا معنى المفاجاة كما نقل عن الزمخشرى ، لان المعنى يعمل فى اللفظ عند امتناع عامل لفظى كما يعمل معنى الابتداء فى المبتدا ، والعامل اللفظى هنا موجود بلا ريب.

٦ ـ : ان اذا الداخلة على الجزاء فى نحو قوله تعالى : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) ـ ١٠ / ٢١ ، فجائية عند بعضهم وليس عليها الفاء ، وقد سمعت مذهب الفارسى والمازنى وجماعة فى الامر الثالث انها زائدة لازمة ، واللزوم مسلم عند غيرهم ايضا ، انما الخلاف فى الزيادة وعدمها اقول : ومع ذلك ليس فيها معنى المفاجاة لان مكرهم لم يقع دفعة وبغتة بعد اذاقة الرحمة من بعد ضراء ، فالحق ان يقال : انها نائبة عن الفاء الجزائية جئ بها

٤٣٦

لتاكيد الربط بين الشرط والجزاء كالفاء ، وياتى تفصيل ذلك فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث كما وعدنا ، فاذا الفجائية هى الواقعة بين الجملتين المتعاطفتين بالفاء المعمولة لما بعدها.

٧ ـ : قد يحذف الخبر عن الجملة التالية لاذا الفجائية ، نحو خرجت من الدار فاذا صديقى ، اى صديقى واقف عند الباب ، ودخلت السوق بين النهار يوم السبت فاذا العطلة ، اى العطلة واقعة ، ويصح فى المثال الثانى ان يكون نفس اذا خبرا مقدما ، والمعنى : ففى ذلك الوقت العطلة ، لا فى المثال الاول لان الزمان لا يخبر به عن الجثة ، فلا يقال : ففى ذلك الوقت صديقى كما لا يقال : انت فى يوم الجمعة ، الا ان يقال ان اذا ظرف مكان كما ذهب اليه المبرد ، فحينئذ يصح.

٨ ـ : وجه الكلام الفصيح فى الجملة التالية لاذا كما هو فى الآيات وغيرها رفع الجزاين على ان يكونا مبتدا وخبرا.

وقال ابن هشام فى المغنى : قالت العرب : قد كنت اظن ان العقرب اشد لسعة من الزنبور فاذا هو هى ، وقالوا ايضا : فاذا هو اياها ، فاطال الكلام ونقل ما جرى بين الكسائى وسيبويه فى هذه المسالة المشهورة بالزنبورية عند يحيى بن خالد البرمكى ، فان شئت فراجع.

واما وجه النصب فى الضمير الثانى مع ان فيه شذوذ القياس والفصاحة ان ثبت فهو خبر لكائن محذوف ، اى فاذا هو كائن اياها ، اى هما على السواء فى اللسع ، وكذا فى غير الضمير نحو خرجت فاذا زيد جالس او جالسا ، ونقل ابن هشام للنصب وجوها خمسة ولم يختر منها شيئا.

الفصل الثانى

فى اذا الجوابية المنونة ، ويقال لها الناصبة لانها ان دخلت على المضارع تنصبه بشروط ذكروها ، هى تصديرها واستقبال المضارع واتصالهما ، والاولى الغاء

٤٣٧

هذه الشروط والقول بجواز نصب المضارع ان دخلت عليه مطلقا ، وانما يقال لها الجوابية لانها تدخل على جملة هى جواب لشرط مذكور او مقدر ويجوز كتابتها بالنون وبالتنوين ، والمكتوب فى التنزيل انما هو بالتنوين.

مثال دخولها على المضارع قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٦ ، (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) ـ ٤ / ٥٣ ، وقرئ المضارع فى الآيتين بالنصب وكما فى هذين البيتين.

لئن عادلى عبد العزيز بمثلها

٧٢٦ وامكننى منها اذن لا اقيلها

لا تتركنّى فيهم شطيرا

٧٢٧ انّى اذا اهلك او اطيرا

ومثال دخولها على غير المضارع قوله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٢٣ / ٩١ ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) ـ ٤ / ٦٦ ـ ٦٧ ، (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) ـ ١٧ / ٤٢ ، (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٣ ، وكقول الشاعر.

لو كنت من مازن لم تستبح ابلى

٧٢٨ بنوا اللقيطة من ذهل بن شيبانا

اذن لقام بنصرى معشر خشن

٧٢٩ عند الحفيظة ان ذولوثة لانا

وقد تقع اذا هذه بين اجزاء الجملة التى هى جواب فى المعنى ، نحو قوله تعالى : (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) ـ ١٢ / ٧٩ ، (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ـ ٢٦ / ٤١ ـ ٤٢ ، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) ـ ٥٣ / ٢١ ـ ٢٢ ، (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) ـ ٥٤ / ٢٣ ـ ٢٤ ، وكما فى هذه الابيات.

٤٣٨

وما انا بالساعى الى امّ عاصم

٧٣٠ لاضربها انّى اذن لجهول

تمرّون الديار ولم تعوجوا

٧٣١ كلامكم علىّ اذن حرام

نهيتك عن طلابك امّ عمرو

٧٣٢ بعافية وانت اذن صحيح

وقد تقع بعد الجملة التى هى جواب فى المعنى نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) ـ ١٨ / ٥٧ ، (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) ـ ٢٦ / ١٨ ـ ٢٠ ، والتقدير : متى لبثت فيكم اذا فعلتها ، وانا من الضالين جملة حالية ، واذا هذه كاذا الفجائية غير مضافة ، ولكنها متعلقة بجملة الشرط فى اللفظ او المعنى وكلاهما من الظروف الزمانية.

تنبيهان

الاول ـ قد يكون اذا ظرفا محضا لا شرطية ولا جوابية ولا فجائية ولا تفسيرية ، نحو ما وقع بعد القسم كقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) ـ ٩٢ / ١ ـ ٢ ، فانها ظرف لكائنا المقدر ، مضافة الى ما بعدها ، وهو حال للمقسم به ، والتقدير : اقسم والليل كائنا زمان غشيانه والنهار كائنا زمان تجليه ، وليست متعلقة بفعل القسم لان القسم لم يتقيد بزمان الغشيان والتجلى ، ومن ذلك قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) ـ ٣٩ / ٧٣ ، وياتى بيانها فى الخاتمة فى حرف الواو.

الثانى ـ اذا ملازمة للظرفية منصوبة على ان تكون مفعولا فيها دائما بخلاف اذ فانها تقع غير ذلك كما مر ذكره ، ولكن بعضهم قالوا بخروجها عن كونها مفعولا فيها ،

وذلك فى موارد.

١ ـ اذا الداخلة عليها حتى كما فى كثير من الآيات ، ومر ذكرها فى حرف حتى من المبحث الثانى ، قال ابو الحسن الاخفش : انها مجرورة بحتى ، والجواب ان

٤٣٩

المجرور بها هو الجملة باسرها او هى بعد حتى مستانفة ، كما مر بيان ذلك ، واذا منصوبه بعاملها.

٢ ـ قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) ـ ٥٦ / ١ ـ ٤ ، قال صاحب مجمع البيان : يجوز ان يكون اذا الثانية خبرا عن الاولى ، ونظيره اذا تزورنى اذا ازور زيدا ، اى وقت زيارتك اياى وقت زيارتى زيدا ، اقول : فى الآية اقوال اخرى ، والحق ان اذا الثانية مع مدخولها عطف بيان للاولى مع مدخولها ، وهى شرطية جوابها ليس لوقعتها كاذبة ، وخافضة رافعة خبر لهى المقدرة والجملة معترضة بينهما ، ولكن القوم ابوا ان يكون ليس جواب الشرط لخلوها عن الفاء ، وياتى بيان تخلف الفاء كثيرا عن جملة الجواب فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث.

٣ ـ روى انه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعائشة : انى لا علم اذا كنت عنى راضية واذا كنت على غضبى ، قال ابن مالك : اذا فى هذا الحديث مفعول بها لا علم ، اقول : مفعول اعلم محذوف ، اى انى لا علم ما فى خلدك اذا كنت الخ ، لان الرضا والغضب حالتان ظاهرتان فى الوجه فلا يحسن ان يخبر النبى عن علمه بزمانهما.

٤ ـ قيل فى نحو اخطب ما يكون الامير قائما : ان التقدير : اذا كان قائما ، واذا خبر ، اى اخطب اوقاب اكوان الامير وقت قيامه ، اقول : اختلال المعنى وقبح التركيب ظاهران فى هذا التقدير ، ومر بيان تركيب هذا الاسلوب فى مبحث الحال من المقصد الاول ، والتقدير : اخطب كون الامير حاصل قائما ، اى اخطبية الامير حاصلة حال قيامه.

٥ ـ قيل : اذا فى هذا البيت مجرورة ، والتوضيح فى شرح الشواهد.

وبعد غد يا لهف نفسى من غد

٧٣٣ اذا راح اصحابى ولست برائح

٤٤٠