بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

المشهور بين الاصحاب ، ودلت عليه رواية يونس (١) وروي : يلقى فضلها على وجهه (٢) وفي بعض الروايات واطرح طرفيها على ظهره ، وفي بعضها يرد فضلها على رجليه ، ولعل الاولى العمل بالمشهور وكذا إعمال القطن مما ذكره الاصحاب ووردت في الروايات ، وشد الخرقة أيضا لا خلاف في استحبابه.

ولا خلاف في وجوب التحنيط والمشهور وجوب تحنيط المساجد السبعة ، ونقل الشيخ في الخلاف إجماع الفرقة عليه ، وأضاف المفيد طرف الانف ، والصدوق السمع والبصر والفم والمغابن وهي الآباط وأصول الافخاذ ، واختلفت الروايات في هذا الباب ، ولا يبعد القول باستحباب تحنيط المفاصل ، والاخبار في المسامع مختلفة ، وجمع الشيخ بينها بحمل أخبار الجواز على جعله فوقها ، وأخبار النهي على إدخاله فيها ، ولعل الترك أولى لشهرة الاستحباب بين العامة ، وكذا رواية المسك (٣) الظاهر أنها محمولة على التقية كماعرفت.

قال في المختلف : المشهور أنه يكره أن يجعل مع الكافور مسك ، وروى ابن بابويه استحبابه انتهى ، وكذا تجمير الكفن ، وإن ذكره الصدوق مطابقا لما في الكتاب محمول على التقية أيضا كما عرفت.

وأما الاثواب الزائدة على الواجب ، فاختلف فيها كلام القوم. قال في الذكرى : قال كثير من الاصحاب تزاد المرأة نمطا وهو لغة ضرب من البسط ، ولعله مراد ، أوهو ثوب فيه خطط مأخوذ من الانماط وهي الطرايق ، وابن إدريس جلعه الحبرة لدلالة الاسمين على الزينة.

والمفيد : تزاد المرءة ثوبين : وهما لفافتان أولفافة ونمط ، وفي النهاية نهايته خمسة أثواب وهي لفافتان إحداهما حبرة ، وقميص وإزار وخرقة : والمرءة تزدا لفافة أخرى ونمطا ، وفي المبسوط مثل النهاية ، ثم قال : وإن كانت امرءة زيدت لفافتين فيكمل لها سبعة ، فظاهره هنامشاركة المرءة في الخمسة الاول ،

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٨٨ وترى فيها سائر الروايات المشار اليها في المتن.

(٢) راجع الفقيه ج ١ ص ٩٣.

٣٢١

وزيادتها لفافتين ، وفي الخلاف تزاد المرءة إزارين.

وقال الجعفى : الخمسة لفافتين وقميص وعمامة ومئزر ، وقال : وقد روي سبع : مئزر وعمامة وقميصان ولفافتان ويمنية ، وليس تعد الخرقة التي على فرجه من الكفن ، وقال : وروي ليس العمامة من الكفن المفروض ، وقال أو الصلاح : يكفنه في درع ومئزر ولفافة ونمط ، ويعممه ، قال : والافضل أن تكون الملاف ثلاثا إحداهن حبرة يمنية وجيزي واحدة ، وهذه العبارة تدل على اشتراك الرجل والمرءة في اللفائف والنمط ، ولم يذكر البصروي النمط وسمى الازار الواجب حبرة.

وقال علي بن بابويه : ثم اقطع كفنه تبدأ بالنمط وتبسطه ، وتبسط عليه الحبرة ، وتبسط الازار على الحبرة ، وتبسط القميص على الازار ، وتكتب على قميصه وإزاره وحبره. وظاهره مساواة الرجل والمرءة ، وابنه الصدوق لما ذكر الثلاث الواجبة وحكم بأن العمامة والخرقة لا تعدان من الكفن ، قال : من أحب ان يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد خمسة أثواب وقال في المقنع بقول أبيه بلفظ الخبر ، وسلار ذكر الحبرة والخرقة للرجل ، ثم قال : ويستحب أن أن تزاد للمرءة لفافتان ، قال : وأسبغ الكفن سبع قطع ثم خمس ثم ثلات ، و يظهر منه زيادة اللفائف ومساواة الرجل للمرءة.

وقال ابن أبي عقيل ره الفرض إزار وقميص ولفافة ، والسنة ثوبان عمامة وخرقة ، وجعل الازار فوق القميص ، وقالا : السنة في اللفافة أن تكون حبرة يمانية ، فان اعوزهم فثوب بياض ، والمرءة تكفن في ثلاثة : درع وخمار ولفافة.

وقال ابن البراج في الكامل : يسن لفافتان زيادة على الثلاثة المفروضة إحداهما حبرة يمنية ، فان كانت الميت امرأة كانت إحدى اللفافتين نمطا فهده الخمس هي الكفن ، ولا تجوز الزيادة عليها ، ويتبع ذلك وإن لم يكن من الكفن خرقة وعمامة ، وللمرءة خرقة للثديين : قال : وإن لم توجد حبرة ولا

٣٢٢

نمط جاز أن يجعل بدل كل واحدة منهما إزار ونحوه.

قال في التهذيب وصرح بثلاث أزر أحدها الحبرة ، وهو ظاهر ابن زهرة أيضا وابن الجنيد لم يفرق بين الرجل والمرءة في ثلاثة أثواب يدرج فيها أو ثوبين وقميص ، قال : ولا بد من العمامة ، ويستحب المئزر والخمار للاشعار ، فظهر أن النمط مغاير للحبرة في كلام الاكثر وأن بعض الاصحاب على استحباب لفافتين فوق الازار الواجب للرجل والمرءة ، وإن كانت تسمى إحداهما نمطا وأن الحمسة في كلام الاكثر غير الخرقة والعمامة ، والسبعة للمرءة غير القناع انتهى كلامه رفع الله مقامه.

وقال في النهاية : في الحديث كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ثوبين صحاريين ، صحار قرية باليمن نسب الثوب إليها ، وقيل هو من الصحرة وهي حمرة خفية كالغبرة يقال ثوب اصحر وصحاري ، وقال في الذكرى : هما منسوبان إلى صحار بضم الصاد وهي قصبة عمان مما يلي الجبل.

قوله : وقال العالم. أقول : رواه الكليني والشيخ عن الصادق عليه‌السلام بسند حسن (١) وفي القاموس البادن والبدين الجسيم.

أقول : وجه التعليل أن الجسيم يحتاج إلى توسيع ليسعه ، وفي الاراضي الرخوة لا يتيسر ذلك.

قوله عليه‌السلام : « اذا مات المحرم » هذا الحكم مروي في عدة أخبار ، و عمل بها الاصحاب ، فلا يجوز تحنيطه بالكافور ، ولا وضعه في ماء غسله ، واختلف في أنه يغسل بقراحين أحدهما بدل الكافور أو يسقط غسل الكافور رأسا ، والاخير أظهر ، وإن كان الاول أحوط ، ثم في ساير الاحكام بحكم الحلال على المشهور وحكي عن ابن أبي عقيل أنه أوجب كشف رأسه ووجهه ، والاخبار تدفعه ، ولا فرق في الحكم المذكور بين الاحرامين ، ولا بين موته قبل الحلق أو التقصير أو

____________________

(١) راجع التهذيب ج ١ ص ٨٣ الكافى ج ٣ ص ١٤٤ : ورواه في الفقيه ج ١ص ١٣ مرسلا.

٣٢٣

بعدهما قبل طواف الزيارة ، وربما احتمل اختصاص الحكم بالاول وهو ضعيف ولومات بعد الطواف ففي تحريم الطيب نظر من إطلاق اسم المحرم عليه وحل الطيب له حيا فهنا أولى ورجح العلامة في النهاية الثاني وفيهع إشكال.

١٥ ـ العيون والعلل : عن عبدالواحد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام قال : إنما امرأن يكفن الميت ليلقى ربه عزوجل طاهر الجسد ، ولئلا تبدوعورته لمن يحمله أو يدفنه ، ولئلا يظهر الناس على بعض حاله وقبح منظرة ، ولئلا يقسو القلب من كثرة النظر إلى مثل ذلك للعاهة والفساد ، وليكون اطيب لانفس الاحياء ، ولئلا يبغضه حميمه فيلغي ذكره ومودته ، فلا يحفظه فيما خلف وأوصاه به وأمره به وأحب (١).

١٦ ـ معرفة الرجال للكشى : عن علي بن محمد ، عن بنان بن محمد ، عن علي ابن مهزيار ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام أن يبعث إلى بقميص من قمصه أعده لكفني فبعث إلى به ، قال : فقلت له : كيف أصنع به؟ فقال : انزع أزراره (٢).

بيان : يدل على أن كراهة الاكمام إنما هي في الاكفان المبتدءة ، كما ذكره الاصحاب ، وعلى رجحان نزع الازرار ، وظاهر الاصحاب الاستحباب وعلى استحباب أخذ القميص من الامام عليه‌السلام للكفن تبركا ، بل من مطلق الصلحاء أيضا.

١٧ ـ كشف الغمة : قال : روي أن فاطمة عليها‌السلام قالت : إن جبرئيل أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لماحضرته الوفاة بكافور من الجنة ، فقسمه أثلاثا ثلثا لنفسه ، وثلثا لعلي ، وثلثا لي ، وكان أربعين درهما (٣).

٨ ـ الطرف : للسيد بن طاووس ومصباح الانوار لبعض أصحابنا الاخيار

____________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ١١٤ ، علل الشرايع ج ١ ص ٢٥٤.

(٢) رجال الكشى ص ٢١٢ تحت الرقم ١٢٢.

(٣) كشف الغمة ج ٢ ص ٦٢ في حديث.

٣٢٤

باسنادهما عن عيسى بن المستفاد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : كان في الوصية أن يدفع إلى الحنوط ، فدعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل وفاته بقليل ، فقال : يا علي ويا فاطمة هذا حنوطي من الجنة دفعه إلى جبرئيل عليه‌السلام وهو يقرئكما السلام ويقول لكما : اقسماه واعزلا منه لي ولكما ، فقالت فاطمة يا أبتاه لك ثلثه ، وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب عليه‌السلام فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وضمها إليه فقال : موفقة رشيدة مهدية ملهمة ، يا علي قل في الباقي ، قال : نصف ما بقي لها ، والنصف لمن ترى يا رسول الله؟ قال : هولك فاقبضه.

وقال كان فيما أوصى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدفن في بيته الذي قبض فيه ، ويكفن بثلاثة أثواب أحدها يماني ، ولا يدخل قبره غير علي عليه‌السلام (١).

١٩ ـ المقنعة : قال : روي أن آدم لما أهبطه الله من جنته إلى الارض استوحش ، فسأل الله تعالى أن يؤنسه بشئ من أشجار الجنة ، فأنزل الله النخلة فكان يأنس بها في حياته ، فلما حضرته الوفاة قال لولده : إني كنت أنس بها في حياتي ، وإني لارجو الانس بها بعد وفاتي ، فاذا مت فخذوا منها جريدا و شقوه بنصفين وضعوهما معي في أكفاني ، ففعل ولده ذلك ، وفعلته الانبياء بعده ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفعله وصار سنة متبعة (٢).

٢٠ ـ معرفة الرجال للكشى : عن محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن محمد ابن أحمد ، عن سهل بن زاذويه ، عن ايوب بن نوح ، عمن رواه ، عن أبي مريم الانصاري ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الحسن بن علي عليه‌السلام كفن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة (٣).

____________________

(١) الطرف ص ٤١.

(٢) المقنعة : ١٢.

(٣) رجال الكشى ص ٤٠ ، الرقم ٩ ، وقال في التنقيح ج ١ ص ١٠٩ ماملخصه أن الامام السبط الحسن الزكى توفى سنة ٤٩ وقد مات أسامة سنة ٥٤ من الهجرة ، ولعل

٣٢٥

٢١ ـ ومنه : عن محمد بن مسعود ، عن أحمد بن عبدالله العلوي ، عن علي ابن محمد ، عن أحمد بن محمد الليثي ، عن عبدالغفار ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أن عليا عليه‌السلام كفن سهل بن حنيف في برد أحمر حبرة (١).

بيان : يدل الخبران على استحباب البرد الاحمر ، وقال في الذكرى : يستحب التكفين في القطن الابيض إلا الحبرة

٢٢ ـ مجالس الصدوق : عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن محمد بن عبدالله ابن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن خلف ابن حماد ، عن ابي الحسن العبدي ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي وعبدالله ابن عباس في حديث وفاة فاطمة بنت اسد أم أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال النبي لعلي عليهما‌السلام خذ عمامتي هذه ، وخذ ثوبي هذين فكفنها فيهما ، ومر النساء فليحسن غسلها ، وسيأتي تمامها في باب الصلاة على الميت (٢).

٢٣ ـ العلل عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن بكر بن عبد الوهاب ، عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده في حديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دفن فاطمة بنت اسد وكفنها في قميصه ، ونزل في قبرها وتمرغ في لحدها (٣).

٢٤ ـ ومنه : عن الحسن بن محمد ، عن جده يعقوب ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في حديث قال : إن فاطمة بنت أسد أوصت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقبل وصيتها فلما ماتت نزع قميصه وقال كفنوها فيه (٤).

____________________

الصحيح الحسين بدل الحسن ، وقال في قاموس الرجال : قد روى الكافى الخبر ونسخه مختلفة في الحسن والحسين. وليس التحريف منحصرا به فسهل بن زاذويه في سنده محرف سهل بن زياد ، بشهادة رواية الكافى له ( اقول : راجع ج ٣ ص ١٥٩ من الكافى ) (١) رجال الكشى ص ٣٨ ، الرقم : ٥.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٨٩ في حديث.

(٣) علل الشرايع ج ٢ ص ١٥٤.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ١٥٥.

٣٢٦

أقول : وقد مر في باب الاحتضار أن الصادق عليه‌السلام كتب في حاشية كفن إسماعيل ابنه « إسماعيل يشهد أن لا إله إلا. الله » (١).

٢٥ ـ اكمال الدين : عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن سعد بن عبدالله عن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي كهمس قال : حضرت موت إسماعيل ورأيت أبا عبدالله عليه‌السلام وقد سجد سجدة فأطال السجود ثم رفع رأسه فنظر إليه ثم سجد سجدة أخرى أطول من الاولى ، ثم رفع رأسه وقد حضره الموت ، فغمضه وربط لحييه ، وغطى عليه الملحفة ، ثم قام ، ورأيت وجهه وقد دخله منه شئ الله أعلم به ، ثم قام ودخل منزله فمكث ساعة ثم خرج علينا مدهنا مكتحلا ، عليه ثياب غير ثيابه التي كانت عليه ، ووجهه غير الذي دخلبه ، فأمر ونهى في أمره ، حتى إذا فرغ دعي بكفنه فكتب في حاشية الكفن « إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله » (٢).

بيان : ذكر الاصحاب أنه لم يرد في كتابة الكفن غير هذه الرواية ، لكن الاصحاب زادوا أشياء كما وكيفا ومكتوبا به ومكتوبا عليه ، للعمومات وبعض المناسبات ، قال الشهيد في الذكرى : يستحب أن يكتب على الحبرة واللفافة والقميص والعمة والجريدتين « فلان يشهد أن لا إله إلا الله » لخبر أبي كهمس ، وزاد ابن الجنيد « وأن محمدا رسول الله » وزاد الشيخ في النهاية والمبسوط و الخلاف أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة ، وظاهره في الخلاف دعوى الاجماع عليه ، و العمامة ذكرها الشيخ في المبسوط وابن البراج لعدم تخصيص الخبر.

ولتكن الكتابة بتربة الحسين عليه‌السلام ، ومع عدمها بطين وماء ، ومع عدمه بالاصبع ، وفي العزية للمفيد : بالتربة أوغيرها من الطين ، وابن الجنيد بالطين والماء ولم يعين ابن بابويه ما يكتب به ، والظاهر اشتراط التاثير في الكتابة لانه المعهود و يكره بالسواد ، قال المفيد : وبغيره من الاصباغ ، ولم ينقل استحباب كتابة شئ

____________________

(١) راجع ص ٢٣٩ فيما سبق وقد أخرجه عن اكمال الدين ج ١ ص ١٦١.

(٢) اكمال الدين ج ١ ص ١٦٢.

٣٢٧

على الكفن سوى ذلك ، فيمكن أن يقال بجوازه قضية للاصل ، وبالمنع ، لانه تصرف لم يعلم إباحة الشرع له انتهى.

أقول : قد مر استحباب الكتابة بالتربة في توقيع الناحية المقدسة ، وربما يؤيد تعميم المكتوب حديث الجوشن ، وحديث لوح محمد بن عثمان كما سيأتي في باب الدفن.

٢٦ ـ العيون : عن ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن الحسن ابن عبدالله الصيرفي ، عن أبيه قال : وفي موسيى بن جعفر عليهما‌السلام في يدي سندي بن شاهك ، فحمل على نعش ونودي عليه : هذا إمام الرافضة ، فسمع سليمان بن ابي جعفر الصياح ونزل عن قصره وحضر جنازته وغسله وحنطه بحنوط فاخر ، وكفنه بكفن فيه حبرة استعملت له بألفين وخمسمائة دينار ، عليها القرآن كله ، واحتفى ومشى في جنازته متسلبا مشقوق الجيب إلى مقابر قريش فدفنه عليه‌السلام هناك (١).

بيان : الاستدلال بهذا الخبر على استحباب كتابة القرآآ في الكفن بعيد ، إذ ليس من فعل المعصوم ولا تقرير منه فيه إلا أن يقال : ورد في الرواية حضور الرضا عليه‌السلام فيتضمن تقريره ولا يخفى ما فيه.

٢٧ ـ قرب الاسناد : عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الفضل بن يونس الكاتب قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أفاشترى له كفنه من الزكاة؟ قال : فقال أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه ، قلت : فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره أفأجهزه أنا من الزكاة؟ قال : فقال : كان ابي يقول : إن حرمة عورة المؤمن وحرمة بدنه وهو ميت كحرمته وهو حي ، فوارعورته وبدنه وجهزه وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من الزكاة.

____________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ج ١ ص ٩٩ و ١٠٠ ، ورواه في اكمال الدين واتمام النعمة ج ١ ص ١١٨ ، أيضا.

٣٢٨

قلت : فان اتجر عليه (١) بعض إخوانه بكفن آخر ، وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضي بالآخر دينه؟ قال : فقال : هذا ليس ميراثا تركه ، وإنما هذا شئ صار إليهم بعد وفاته ، فليكفنون بالذي اتجر عليهم به ، وليكن الذي من الزكاة لهم يصلحون به شأنهم (٢).

بيان : ذكر جماعة من الاصحاب أنه يجوز تكفين الميت من الزكاة مع احتياجه إلى ذلك ، بل صرح بعضهم بالوجوب ، وتوقف فيه بعض المتأخرين لضعف السند وقال الجزري في حديث الاضاحي كلوا وادخروا واتجروا أي تصدقوا طالبين الاجر ، ولا يجوز فيه اتجروا بالادغام لان الهمزة لا تدغم في التاء ، وإنماهو من الاجر لا من التجارة ، وقد أجازه الهروي في كتابه ، واستشهد عليه بقوله في حديثه الآخر إن رجلا دخل المسجد وقد قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاته فقال : من يتجر فيقوم فيصلي معه ، والرواية إنماهي يأتجر ، وإن صح فيها يتجر فيكون من التجار لا الاجر كأنه بصلاته معه قد حصل لنفسه تجارة أي مكسبا ومنه حديث الزكاة ومن أعطاها مؤتجرا بها.

٢٨ ـ فلاح السائل : من كتاب مدينة العلم باسناده إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : تنوقوا في الاكفان فانكم تبعون بها (٣).

وقال : وجدت في تاريخ نيسابور في ترجمة إبراهيم بن عبدالرحمان بن سهل باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خير ثيابكم البياض فليلبسها أحياؤكم ، وكفنوا فيها موتاكم ، فانها من خير ثيابكم (٤).

ومن كتاب سير الائمة باسناده إلى الصادق عليه‌السلام قال : إن ابي عليه‌السلام أوصاني عند الموت فقال : يا جعفر كفني في ثوب كذا وكذا ، وثوب كذا وكذا ، فان الموتى يتباهون بأكفانهم ، الخبر (٥).

____________________

(١) ولعله مصحف وكان « أنجز » من الانجاز وهو القضاء والاعطاء.

(٢) قرب الاسناد ص ١٧٥ ط نجف ص ١٣٠ ط حجر ، ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٥ ط نجف ص ١٢٦ ط حجر.

(٣ ـ ٥) فلاح السائل ص ٦٩.

٣٢٩

ومن كتاب مدينة العلم باسناده عن الصادق عليه‌السلام قال : من كان كفنه في بيته لم يكتب من الغافلين ، وكان مأجورا كلما نظر إليه (١).

ومن المعجم الكبير للطبراني في مسند حذيفة بن اليمان قال : بعث حذيفة من يبتاع له كفنا فابتاعوا له كفنا بثلاث مائة درهم ، فقال حذيفة : ليس أريد هذا ولكن ابتاعوا ريطتين بيضاوين خشنتين (٢).

وروي في كتاب دلائل الائمة عليهم‌السلام أخبار كثيرة بأنهم هيئوا أكفان جماعة من شيعتهم قبل وفاتهم ، ونفذوا الاكفان إليهم (٣).

بيان : قال الفيروز آبادي : النواق رائض الامور ومصلحها وتنيق في مطعمه وملبسه تجود وبالغ كتنوق.

أقول : عمل حذيفة لا حجة فيه ، لا سيما مع معارضة الاخبار المعتبرة.

٢٩ ـ ارشاد القلوب : قال سندي بن شاهك : كنت سألت موسى بن جعفر عليهما‌السلام أن يأذن لي في أن أكفنه فأبى ، وقال : إنا أهل بيت مهور نسائنا وحج صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا ، وعندي كفني (٤).

٣٠ ـ دعوات الراوندى : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أجيدوا أكفان موتاكم فانها زينتهم (٥).

٣١ ـ المكارم : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :ليس من لباسكم شئ أحسن من البياض ، فالبسوه ، وكفنوا فيه موتاكم (٦).

وعن الحسين بن المختار قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : يحرم الرجل في الثوب

____________________

(١ ـ ٣) فلاح السائل ص ٧٢.

(٤) ارشاد المفيد ص ٢٨٣.

(٥) دعوات الراوندي مخطوط ، وقد أخرجه السيد في فلاح السائل ص ٦٩ من كتاب مدينة العلم أيضا.

(٦) مكارم الاخلاق ص ١١٩.

٣٣٠

الاسود؟ فقال : لا يجوز في الثوب الاسود ولا يكفن به الميت (١).

٣٢ ـ جنة الامان : للكفعمي ، عن السجاد زين العابدين ، عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال:نزل جبرئيل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض غزواته وعليه جوشن ثقيل آلمه ثقله ، فقال : يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك : اخلع هذا الجوشن واقرأ هذا الدعاء فهو أمان لك ولامتك ، وساق الحديث إلى أنقال : ومن كتبه على كفنه استحيى الله أن يعذبه بالنار ، وساق الحديث إلى أن قال : قال الحسين عليه‌السلام أوصاني أبي عليه‌السلام بحفظ هذا الدعاء ، وتعظيمه ، وأن أكتبه على كفنه ، و أن أعلمه أهلي وأحثهم عليه ، ثم ذكر الجوشن الكبير كما سيأتي في كتاب الدعاء (٢).

أقول : رواه في البلد الامين (٣) ايضا بهذا السند ، وزاد فيه ومن كتب في جام بكافور أومسك ثم غسله ورشه على كفن ميت أنزل الله تعالى في قبره ألف نور وآمنه من هول منكر ونكير ، ورفع عنه عذاب القبر ، ويدخل كل يوم سبعون الف ملك إلى قبره يبشرونه بالجنة ، ويوسع عليه قبره يبشرونه بالجنة ، ويوسع عليه قبره مد بصره.

ومن الغرايب أن السيد بن طاووس قدس الله روحه بعد ما أورد الجوشن الصغير المفتتح بقوله « إلهي كم منعدو انتضى على سيف عداوته » في كتاب مهج الدعوات (٤). قال : خبر دعاء الجوشن وفضله وما لقاريه وحامله من الثواب بحذف الاسناد عن مولانا وسيدنا موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين وذكر نحوا مما رواه الكفعمي في فضل

____________________

(١) مكارم الاخلاق ص ١١٩ ، ورواه في الكافي ولفظه « قال : لا يحرم في الثوب الاسود » الخ.

(٢) راجع ج ٩٤ ص ٣٨٤٣٨٢ ، ومتن الدعاء من ص ٣٨٤ ٣٩٧.

(٣) البلد الامين ص ٤١١٤٠٢ ، متن الدعاء فقط ، راجع شرح ذلك ج ٩٤ ذيل الصفحة ٣٨٤.

(٤) مهج الدعوات ص ٢٨١٢٧١.

٣٣١

الجوشن الكبير ، وساق الحديث إلى أن قال :

قال جبرئيل عليه‌السلام : يا نبي الله لو كتب إنسان هذا الدعاء في جام بكافور ومسك ، وغسله ورش ذلك على كفن ميت ، أنزل الله عليه في قبره مائة الف نور ، و يدفع الله عنه هول منكر ونكير ، ويأمن من عذاب القبر ، ويبعث الله إليه في قبره سبعين ألف ملك ، مع كل ملك طبق من النور ينثرونه عليه ، ويحملونه إلى الجنة ، ويقولون له : إن الله تبارك وتعالى أمرنا بهذا ، ونونسك إلى يوم القيامة ، ويوسع الله عليه قبره مد بصره ، ويفتح له بابا إلى الجنة ، ويوسدونه مثل العروس في حجلتها من حرمة هذا الدعاء وعظمت ، ويقول الله تعالى : إنني أستحيي من عبد يكون هذا الدعاء على كفنه وساقه إلى قوله :

قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما : أوصاني ابي امير المؤمنين عليه‌السلام وصية عظيمة بهذا الدعاء وقال لي : يا بني اكتب هذا الدعاء على كفني ، وقال الحسين عليه‌السلام فعلت كما أمرني أبي عليه‌السلام (١).

أقول : ظهر لي من بعض القرائن أن هذا ليس من السيد قدس الله روحه ، وليس هذا إلا شرح الجوشن الكبير ، وكان كتب الشيخ أبوطالب بن رجب هذا الشرح من كتب جده السعيد تقي الدين الحسن بن داود لمناسبة لفظة الجوشن واشتراكهما في هذا اللقب ، في حاشية الكتاب ، فأدخله النساخ في المتن ، وعلى أي حال الاحوط لمن عمل بذلك أن لا يتعدى عن الكافور ، لما عرفت من أن الافضل أن لا يقرب الميت غير الكافور من الطيب.

٣٣ ـ البلد الامين : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من جعل هذا الدعاء في كفنه شهد له عند الله أنه وفى بعهده ، ويكفى منكرا ونكيرا ، وتحفه الملائكة عن يمينه وشماله بالولدان والحور ، ويجعل في أعلى عليين ، ويبنى له بيت في الجنة من لؤلؤة بيضاء ، يرى باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها ، لها مائة ألف باب ويعطى مائة ألف مدينة إلى آخر ما سيأتي وهو هذا الدعاء بسم الله الرحمن

____________________

(١) مهج الدعوات ص ٢٨٧٢٨١ ، وقد أخرجه في ج ٩٤ ص ٣٩٧ ٤٠٢.

٣٣٢

الرحيم اللهم إنك حميد مجيد ، ودود شكور ، كريم وفي ، ملي إلى آخر ما سيأتي في كتاب الدعاء.

٣٤ ـ دعائم الاسلام : عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : ما سقط من الميت من عظم أو غير ذلك جعل في كفنه ودفن به (١).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : إذا فرغ من غسل الميت نشف في ثوب ، وجعل الكافور والحنوط في مواضع سجوده : جبهته وأنفه ويديه وركبتيه ورجليه ، ويجعل ذلك في مسامعه وفيه ولحيته وصدره ، وحنوط الرجل والمرءة سواء (٢).

وعنه ، عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام أنه كان لا يرى بالمسك في الحنوط باسا (٣).

وعنه عليه‌السلام قال : لا يحنط الميت بزعفران ولا ورس ، وكان لا يرى بتجمير الميت بأسا ، وتجمير كفنه ، والموضع الذي يغسل فيه ويكفن (٤).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام أنه سئل عن المحرم يموت محرما قال : يغطي رأسه ، ويصنع به ما يصنع بالحل ، خلا أنه لا يقرب بطيب (٥).

وعن علي عليه‌السلام أنه كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين له ، وثوب يمنية ، وإزار وعمامة (٦).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : نعم الكفن ثلاثة أثواب : قميص غير مزرور ولا مكفوف ، ولفافة وإزار ، وقال أوصى أبي أن أكفنه في ثلاثة أحدها رداء حبرة كان يصلي فيها الجمعة ، وثوب آخر وقميص (٧).

وعن ابي جعفر عليه‌السلام أنه قال : لا بد من إزار وعمامة ، ولا يعدان في الكفن (٨).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أن رجلا كان يغسل الموتى سأله كيف يعمم الميت؟ قال : لا تعممه عمة الاعرابي ولكن خذ العمامة من وسطها ثم انشرهاعلى رأسه

____________________

(١ ـ ٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٣٠.

(٣ ـ ٨) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٣١.

٣٣٣

وردها من تحت لحيته وعممه وأرخ ذيليها مع صدره ، واشدد على حقويه [ خرقة كالازار ] ، وأنعم شدها ، وافرش القطن تحت مقعدته ، لئلا يخرج منه شئ ، وليست العمامة ولا الخرقة من الكفن ، وإنما الكفن مالف به البدن (١).

وعن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يكفن الرجال في ثياب الحرير (٢).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : يجعل القطن في مقعدة الميت لئلا يبدو منه شئ ، ويجعل منه على فرجه وبين رجليه ، ويخمر راس المرءة بخمار ، وتعمم الرجل (٣).

وروينا عن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كفن حمزة في نمرة سوداء (٤).

وعن الحسن بن علي عليهما‌السلام أنه كفن أسامة بن زيد في برد أحمر (٥).

وروينا عن علي عليه‌السلام أنه قال : أول مايبدء به من تركة الميت الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث (٦).

بيان : قوله عليه‌السلام أن يكفن الرجال ، يشعر بجواز تكفين المرءة في الحرير ، والمشهور بين الاصحاب عموم التحريم كما هو مدلول أكثر الاخبار ، وإثبات الجواز بمثل هذا الخبر مشكل ، مع أن في دلالته أيضا ضعفا ، واحتمل العلامة في النهاية كراهته للمرءة لاباحته لها في حال الحياة ولا يخفى وهنه.

٣٥ ـ الهداية : ويقطع غاسل الميت كفنه : يبدء بالنمط فيبسطه ، ويبسط عليه الحبرة ، وينثر عليه شيئا من الذريرة ، ويبسط الازار على الحبرة ، وينثر عليه شيئا من الذريرة ، ويكثر منه ، ويكتب على قميصه وإزاره وحبرته والجريدة « فلان يشهد أن لا إله إلا الله » ويلفها جميعا ويعد مئزرا ويأخذ جريدتين من النخل خضراوين

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٣١ وما بين العلامتين زيادة من المصدر.

(٢ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٣٢.

(٥) المصدر نفسه ، وفيه « وعن الحسين بن علي عليهما‌السلام » وقد عرفت أنه الصحيح.

(٦) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٣٢.

٣٣٤

رطبتين طول كل واحدة قدر عظم الذراع (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : السنة في الكافور للميت وزن ثلاثة عشر درهما وثلث ، والعلة في ذلك أن جبرئيل عليه‌السلام أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأوقية كافور من الجنة ، فجعلها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث أثلاث : ثلثا له ، وثلثا لعلي ، وثلثا لفاطمة ، فمن لم يقدر على وزن ثلاثة عشر درهما وثلث كافورا ، حنط الميت بأربعة دراهم ، فان لم يقدر فمثقال واحدة لا أقل. منه لمن وجده (٢).

٣٦ ـ مصباح الانوار :عن جعفر بن محمد،عن أبيه عليهما‌السلام أن فاطمة عليها‌السلام كفنت في سبعة أثواب.

وعن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن المنكدر أن عليا عليه‌السلام كفن فاطمة عليها‌السلام في سبعة أثواب.

وعن عبدالله بن محمد بن عقيل قال : لما حضرت فاطمة الوفاة دعت بماء فاغتسلت ثم دعت بطيب فتحنطت به ثم دعت بأثواب كفنها فأتيت بأثواب غلاظ خشنة ، فتلففت بها ، ثم قالت : إذا أنامت فادفنوني كما أنا ولا تغسلوني ، فقلت : هل شهد معك ذلك أحد؟ قال : نعم شهد كثير بن عباس ، وكتب في أطراف كفنها كثير بن عباس : « تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله » صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

____________________

(١) الهداية ص ٢٣ ط الاسلامية.

(٢) الهداية ص ٢٥.

(٣) روى مثله الشيخ في أماليه ج ٢ ص ١٥ عن ابن حمويه قال : حدثنا أبوالحسين قال : حدثنا أبوخليفة قال : حدثنا العباس بن الفضل قال : حدثنا محمد بن أبي رجاء أبوسليمان ، عن ابراهيم بن سعد ، عن أبي اسحاق ، عن أبي عبدالله بن علي بن أبي رافع عن أبيه ، عن سلمى امرءة أبى رافع قالت : مرضت فاطمة عليها‌السلام فلما كان اليوم الذي ماتت فيه قالت : هيئى لي ماء ، فصببت لها فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ، ثم قالت : ائتنى بثياب جدد ، فلبستها ، ثم أتت البيت الذي كانت فيه فقالت : افرشي لي في وسطه ثم اضطجعت واستقبلت القبلة ووضعت يدها تحت خدها وقالت : اني مقبوضة الان ،

٣٣٥

____________________

فلا أكشفن فاني قد اغتسلت ، قالت : وماتت ، فلما جاء علي عليه‌السلام أخبرته ، فقال : لا تكشف ، فحملها يغسلها عليها‌السلام ، انتهى.

ولعل الظاهر من لفظ الحديث في آخره أن المراد من قولها صلوات الله عليها « فلا أكشفن فاني قد اغتسلت » أن لا يكشف عنها ثيابها ، فيبدو جثتها النحيفة الناحلة ، ولذلك حملها علي عليه‌السلام وغسلها من وراء الثياب ، وقد أخرج المؤلف العلامة المجلسي هذا الحديث في تاريخها ج (٤٣ ص ١٧٢ البحار الحديثة) وقال في بيانه : لعلها عليها‌السلام انمانهت عن كشف العورة والجسد للتنظيف ، ولم تنه عن الغسل. انتهى.

وروى ابن شهر آشوب في المناقب ج ٣ ص ٣٦٤ عن ابن حمويه وابن حنبل وابن بطة بأسانيدهم قالت سلمى امرءة ابي رافع : اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيها وكنت أمرضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت فخرج علي (ع) إلى بعض حوائجه ، فقالت : اسكبى لي غسلا فسكبت ، فقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ثم لبست أثوابها الجدد ثم قالت : افرشي فراشي وسط البيت ثم استقبلت القبلة ونامت وقالت : أنا مقبوضة ، وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد ، ثم وضعت خدها على يدها وماتت.

ونقله ابن بابويه على ما في كشف الغمة ج ٢ ص ٦٤ قال : روى مرفوعا إلى سلمى أم بنى رافع وساق الحديث إلى قولها ثم قالت عليها‌السلام : انى قد فرغت من نفسي فلا أكشفن اني مقبوضة الان ثم توسدت يدها اليمنى واستقبلت القبلة وقضت ، فجاء علي عليه‌السلام ونحن نصيح ، فسأل عنها فأخبرته ، فقال : اذا والله لا تكشف ، فاحتملت في ثيابها فغيبت.

وقال الاربلى بعد نقل الحديث : أقول : انهذا الحديث قد رواه ابن بابويه ره كما ترى ، وقد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن سلمى قالت وساق الحديث إلى قولها  « فجاء علي فأخبرته » ثم قال :

واتفاقهما من طرق الشيعة والسنة على نقله ، مع كون الحكم على خلارفه عجيب ، فان الفقهاء من الطريقين لا يجيزون الدفن الا بعد الغسل الا في مواضع ليس هذامنه ، فكيف

٣٣٦

____________________

رويا هذا الحديث ولم يعللاه ولا ذكرا فقهه ولا نبها على الجواز ولا المنع ، ولعل هذا أمر يخصها عليها‌السلام ، وانما استدل الفقهاء على أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته ، باآ عليا غسل فاطمة عليهما‌السلام وهو مشهور.

أقول : هذا الحديث مع كونه مرفوعا يناقض الاخبار القطعية من أن عليا عليه السلام غسلها ودفنها في البيت ، ولا يجرى فيه ما ذكرناه قبلا في حديث الامالى كما لا يجرى في حديث المتن المنقول من مصباح الانوار.

بل ويظهر من قولها « فاحتملت في ثيابها فغيبت » في حديث ابن بابويه ، أن قولها في حديث الامالى « فحملها يغسلها » مصحف عن قولها « فحملها فغيبها » والمراد أنه عليها‌السلام حملها إلى البقيع ودفنها ، والا فلا معنى لحملها من وسط البيت إلى خارج البيت لتغسل ولم يكن لهما الا بيت واحد.

ومما يسلم هذا هو حديث المصباح حيث قال : « فاغتسلت ثم دعت بطيب فتحنطت به ثم دعت بأثواب كفنها فتلفقت بها ثم قالت : اذا أنامت فادفنوني كما أنا ولا تغسلوني » الخ فلو كان المراد بالغسل النظافة لئلا يكشف قميصها فما معنى الحنوط وأثواب الكفن وقولها  « ادفنوني كما أنا ولا تغسلوني »؟.

وعندي أن هذا الحديث وسائر ماقيل في كيفية غسلها ودفنها من أساطير القصاصين ، حيث كان تجهيزها خفية بحيث لم يشعر بذلك أحد الا بعد غد ، وكل من سئل عن كيفية ذلك ولم يكن ليعترف بجهله اختلق حديثا ورواه للناس ، فبعض ذكر أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر ، وقد عرفت مافيه ص ٢٥٠ ٢٥٢ وبعض ذكر سلمى امرءة أبي رافع وأتى بهذه العجيبة : وهي وصيتها أن لا تكشف وتوارى كما هى ، وحاشا فاطمة صلوات الله عليها أن تجهل أن الغسل انمايجب بسبب الموت وفيضان النفس ، وحاشا عليا صلوات الله عليه أن يواريها من دون دفن ، ويخالف بذلك سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وراوي المصباح زاد على ذلك الحنوط ، وأن كثير بن عباس كتب في اطراف كفنها صلوات الله عليها أنها « تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله » وقد ذهب عليه أن كثيرا

٣٣٧

٣٧ ـ كتاب عاصم بن حميد ، عن سلام بن سعيد قال : سأل عباد البصري أبا عبدالله عليه‌السلام فيماكفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : في ثوبين صحاريين وبرد حبرة الخبر.

٣٨ ـ كتاب محمد بن المثنى : عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح المحاربي عن عمر بن حنظلة،عن أبي جعفر عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مر على قبر قيس بن فهد الانصاري وهو يعذب فيه ، فسمع صوته فوضع على قبره جريدتين ، فقيل له : لم وضعتها؟ قال : يخفف ماكانتا خضراوين.

____________________

ابن العباس ولد قبل وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأشهر في سنة عشر من الهجرة ، نص على ذلك ابن عبدالبر في الاستيعاب وابن الاثير في أسد الغابة ، فكيف كان كاتبا ولم يكن له عند وفاتها الا سنة؟.

فبعد ما صح أن عليا عليه‌السلام غسلها ودفنها في بيتها ليلا حفية من الناس لا عبرة بهذه الاحاديث المختلقة وما شابهها ، ولا حاجة لتوجيهها وتأويلها ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

٣٣٨

١٠

* ( باب ) *

* « ( وجوب الصلاة على الميت وعللها ) » *

* « ( وآدابها وأحكامها ) » *

١ ـ العلل عن عل بن حاتم ، عن علي بن محمد ، عن العباس بن محمد ، عن ابيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن المهاجر ، عن أمه أم سلمة قالت : خرجت إلى مكة فصحبتني امرءة من المرجئة ، فلما أتينا الربذة أحرم الناس وأحرمت معهم ، فأخرت إحرامي إلى العقيق ، فقالت : يامعشر الشيعة تخالفون في كل شئ يحرم الناس من الرذة وتحرمون من العقيق؟ وكذلك تخالفون في الصلاة على الميت يكبر الناس أربعا وتكبرون خمسا ، وهي تشهد على الله أن التكبير على الميت أربع.

قالت : فدخلت على ابي عبدالله عليه‌السلام فقلت : له : اصلحك الله صحبتني امرءة من المرجئة فقالت كذا وكذا ، ، فأخبرته بمقالتها ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على الميت كبرفتشهد،ثم كبر فصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا ، ثم كبر واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، ثم كبر فدعا للميت ، ثم يكبر وينصرف ، فلما نهاه الله عزوجل عن الصلاة على المنافقين ، كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم كبر فدعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت (١).

تحقيق وتفصيل

اعلم أن الشيخ في التهذيب (٢) روى هذا الخبر باسناد فيه أيضا جهالة عنه عليه‌السلام من قوله « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على ميت » إلى آخر الخبر ، و

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٦.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٣٠٨.

٣٣٩

فيه ثم كبر وصلى على الانبياء ، وفي الثانية على النبيين وفي الاولى أيضا و دعا للمؤمنين.

ثم إنه اختلف الاصحاب في أنه هل تجب الصلاة على غير المؤمن من فرق المسلمين؟ فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن الجنيد والمحقق إلى الوجوب ، وقال المفيد في المقنعة : ولا يجوز لاحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه ، إلا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية. وإليه ذهب أبوالصلاح وابن إدريس ولا يخلو من قوة.

ويشكل الاستدلال بهذا الخبر على الوجوب ، لان فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعم منه وأيضا يمكن أن يكون صلاته عليهم لاظهارهم الاسلام ، وكونهم ظاهرا من المسلمين والتكبير عليهم أربعا بأمر الله تعالى لتبين نفاقهم ، لا ينافي لزوم الصلاة عليهم ظاهرا ، بل يتعين أن يكون كذلك ، لان الله تعالى نهاه عن الصلاة على الكافرين ، ولم تكن واسطة بين الايمان والكفر إلا بالنفاق وإسرار الكفر ، ومع إسرار الكفر كان يلزمه الصلاة عليهم بظاهر الاسلام كسائر الاحكام.

وأما ما دل عليه الخبر من كون الصلاة على المؤمن خمس تكبيرات فقد أجمع أصحابنا على وجوبها ، وأخبارنا به مستفيضة بل متواترة ، وذهب الفقهاء الاربعة من المخالفين وجماعة أخرى منهم إلى أن التكبير أربع ، وأما كون الصلاة على غير المؤمن أربعا فهو المقطوع به في كلامهم ويظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة لعنهم الله في الاربع ، هو فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك أحيانا ، ولم يفهموا جهة فعله ، بل أعماهم الله تعالى عن ذلك ، ليتيسر للشيعة العمل بهذا في الصلاة عليهم ، لكونهم من أخبث المنافقين لعنة الله عليهم أجمعين.

ثم اعلم أن الاصحاب اختلفوا في وجوب الادعية بين التكبيرات واستحبابها والاشهر الوجوب ، وربما يستدل عليه بهذا الخبر للتاسي مع أن قوله عليه‌السلام :  « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على الميت كبر » ظاهره المواظبة عليه ، وهذا مما

٣٤٠