بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ليلة العيد ، قلت : جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نفعل فيها؟ قال : إذا غربت الشمس فاغتسل الحديث (١).

العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد السيارى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد مثله (٢).

بيان : القاريجار معرب كاركر.

٢٦ ـ الاقبال : روينا باسنادنا إلى الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد عن عبدالله بن سنان ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : الغسل يوم الفطر سنة (٣).

ومنه من كتاب محمد بن ابي قرة باسناده إلى أبي عنبسة عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : صلاة العيد يوم الفطر أن تغتسل من نهر ، فان لم يكن نهر فل! أنت بنفسك استقاء الماء بتخشع ، وليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حايط ، وتستر بجهدك فاذا هممت بذلك فقل اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، واتباع سنة نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سم واغتسل فاذا فرغت من الغسل فقل اللهم اجعله كفارة لذنوبي وطهر ديني اللهم اذهب عني الدنس (٤).

بيان : لِ أمر من ولي يلي ويدل على استحباب تولى مقدمات العبادة بنفسه ولا يلزم أن يكون خلافه داخلا في الاستعانة المكروهة.

٢٧ ـ المصباح : عن المعلى بن خنيس ، عن الصادق عليه‌السلام في يوم النيروز قال : إذا كان يوم النيروز فاغتسل ، والبس أنظف ثيابك الحديث (٥).

٢٨ ـ الاقبال : قال : إذا كنت بمشهد الحسين في يوم عرفة ، فاغتسل غسل الزيارة ، وقال في عمل يوم عرفة : فاغتسل الغسل المأمور به في عرفة ، فانه من

____________________

(١) الاقبال ص ٢٧١.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٧٥.

(٣) الاقبال ص ٢٧٩.

(٤) الاقبال ص ٢٧٩ وفيه : ول أنت.

(٥) المصباح ص ٥٩١.

٢١

المهمات إلى قال : وليكن غسلك قبل الظهرين بقليل (١).

ومنه : من كتاب محمد بن علي الطرازي قال : رويناه باسنادنا إلى عبدالله بن جعفر الحميري. عن هارون بن مسلم ، عن أبي الحسن الليثي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في حديث طويل ذكر فيه فضل يوم الغدير إلى أن قال : فاذا كان صبيحة ذلك اليوم ، وجب الغسل في صدر نهاره الحديث (٢).

ومنه باسناده إلى أبي الفرج محمد بن علي بن أبي قرة باسناده إلى علي بن محمد القمي رفعه في خبر المباهلة وهي يوم أربع وعشرين من ذي الحجة ، وقيل يوم إحدى وعشرين ، وقيل يوم سبعة وعشرين ، وأصح الروايات يوم أربعة وعشرين والزيارة فيه قال : إذا أردت ذلك فابدأ بصوم ذلك اليوم شكرا لله تعالى ، واغتسل والبس أنظف ثيابك (٣).

٢٩ ـ اختيار ابن الباقي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : غسل الاعياد طهور لمن أراد طلب الحوائج بين يدي الله عزوجل ، واتباع لسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٠ ـ فلاح السائل : الاغسال المندوبة : غسل التوبة ، وغسل الجمعة ، و غسل أول ليلة من شهر رمضان ، وغسل كل ليلة مفردة منه ، وأفضل أغساله غسل ليلة النصف منه ، وغسل ليلة سبع عشرة منه ، وغسل ليلة تسع عشرة منه ، وغسل ليلة إحدى وعشرين منه ، وغسل ليلة ثلاث وعشرين منه.

وذكر الشيخ ابن قرة رحمه‌الله في كتاب عمل شهر رمضان : و غسل ليلة اربع وعشرين منه ، وليلة خمس وعشرين منه ، وليلة سبع وعشرين منه وليلة تسع وعشرين منه ، وروى في ذلك روايات.

وغسل ليلة عيد الفطر ، وغسل يوم عيد الفطر ، وغسل يوم عرفة وهو تاسع ذي الحجة ، وغسل عيد الاضحى عاشر ذي الحجة ، وغسل يوم الغدير ثامن عشر ذي الحجة ، وغسل يوم المباهلة ، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة ، و

____________________

(١) الاقبال : ٣٣٧. (٢) الاقبال ص ٤٧٤.

(٣) الاقبال : ٥١٥.

٢٢

غسل يوم مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يوم سابع عشر ربيع الاول ، وغسل صلاة الكسوف إذا كان قد احترق كله وتركها متعمدا ، فيغتسل ويقضيها ، وغسل صلاة الحاجة ، وغسل صلاة الاستخارة ، وغسل الاحرام ، وغسل دخول مسجد الحرام ، ودخول الكعبة ، ودخول المدينة ، ودخول مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعند زيارته عليه أكمل الصلواة ، وعند زيارة الائمة من عترته أين كانت قبورهم ، عليهم افضل التحيات.

وغسل أخذ التربة من ضريح الحسين عليه‌السلام في بعض الروايات (١).

وروى ابن بابويه في الجزء الاول من كتاب مدينة العلم عن الصادق عليه‌السلام حديثا في الاغسال ، وذكر فيها غسل الاستخارة ، وغسل صلاة الاستخارة ، وغسل صلاة الاستسقاء ، وغسل الزيارة ، ورأيت في الاحاديث من غير كتاب مدينة العلم أن مولانا عليا عليه‌السلام كان يغتسل في الليالي الباردة طلبا للنشاط في صلاة الليل (٢).

٣١ ـ الهداية للصدوق : قال الصادق عليه‌السلام : غسل الجنابة والحيض واحد.

وروي أن من قصد مصلوبا فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة (٣).

بيان : قال أكثر الاصحاب باستحباب هذا الغسل ، واستندوا إلى هذه الرواية ، ورواها في الفقيه (٤) ايضا هكذا مرسلا ، وذهب أبوالصلاح إلى الوجوب وإثبات الوجوب بمثلها مشكل ، والاصحاب قيدوه بكونه بعد ثلاثة أيام ، وقال الاكثر : الحكم شامل لما كان بحق أم لا ، أو بالكيفية الشرعية أم لا ، لاطلاق النص ، وهو كذلك ، لكن لا بد من تقييده بما يسمى صلبا

____________________

(١) فلاح السائل ص ٦١ و ٦٢.

(٢) لم نجده في المصدر المطبوع ، ولعله في القسم المخطوط الذي لم يطبع بعد وقد أخرجه العلامة النورى في المستدرك ج ١ ص ١٥١ ، أيضا.

(٣) الهداية ص ١٩ ط قم.

(٤) الفقيه ج ١ ص ٤٥.

٢٣

في العرف.

أقول : سيأتي أغسال الاستخارة ، وصلاة الحاجة وغيرها في مواضعها ، وحصر بعض الاصحاب الاغسال المندوبة فذكر فيها غسل العيدين ، والمبعث ، والغدير ، والنيروز ، والدحو ، والجمعة ، والمباهلة ، والتوبة ، والحاجة ، والاستخارة ، والتروية ، وعرفة ، والطواف ، والحلق ، والذبح ، ورمي الجمار ، وإحرامي الحج ، والعمرة ، ودخول الكعبة ، ومكة ، والمدينة ، وحرميهما ، ومسجديهما والاستسقاء ، والمولود ، ومن غسل ميتا أو كفنه أومسه بعد تغسيله ، وليلتي نصف رجب وشعبان ، والكسوف مع الشرط ، وقتل الوزغة ، والسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاث ، وعند الشك في الحدث الاكبر مع تيقن الطهارة ، والحدث بعد غسل العضو ، وغسل الجنابة لمن مات جنبا ، وفرادى من شهر رمضان : الخمس عشرة (١) وثاني الغسلتين ليلة ثلاث وعشرين منه ، وزيارة البيت ، وأحد المعصومين عليهم‌السلام وإثبات بعضها لا يخلو من إشكال.

____________________

(١) يعنى ليالى الافراد تكون خمس عشرة.

٢٤

٢

* ( باب ) *

* « ( جوامع احكام الاغسال الواجبة ) » *

* « ( والمندوبة وآدابها ) » *

١ ـ قرب الاسناد وكتاب المسائل : باسنادهما ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته هل يجزيه أن يغتسل قبل طلوع الفجر؟ [ و ] هل يجزيه ذلك من غسل العيدين؟ قال : إن اغتسل يوم الفطر والاضحى قبل طلوع الفجر لم يجزه وإن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه (١).

بيان : في بعض النسخ هل يجزيه فالظاهر أنه تأكيد لقوله : « هل يجزيه » سابقا : وفي بعضها وهل يجزيه مع الواو ، فالظاهر كون السؤال الاول عن إيقاع غسل الجنابة قبل الفجر ، والثاني عن إجزائه عن غسل العيدين ، فيدل على تداخل الاغسال المسنونة والواجبة.

٢ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سالت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الغسل في رمضان واي الليل أغتسل؟ قال : تسع عشرة ، و إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وفي ليلة تسع عشرة يكتب وفد الحاج ، و فيها ضرب أمير المؤمنين ، وقضى عليه‌السلام ليلة إحدى وعشرين ، والغسل أول الليل (٢).

وبهذا الاسناد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : فان نام بعد الغسل؟ قال : فقال : أليس هو مثل غسل يوم الجمعة ، إذا اغتسلت بعد الفجر كفاك (٣).

٣ ـ العيون (٤) والعلل : عن الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١١ ط نجف وص ٨٧ ط حجر.

(٢ ـ ٣) قرب الاسناد ص ٨٢ ط حجر وص ١٠٢ ط نجف.

(٤) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨٢.

٢٥

عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن الضر قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن القوم يكونون في السفر فيموت منهم ميت ، ومعهم جنب ، ومعهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهم (١) أيهم يبدأ به ، قال : يغتسل الجنب ويترك الميت ، لانه هذا فريضة وهذا سنة (٢).

بيان : اعلم أن الاصحاب فرضوا المسألة فيما إذا اجتمع ميت ومحدث و جنب ، ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم كما ورد في رواية رواها الصدوق في الفقيه (٣) بسند صحيح ، عن ابن أبي نجران أنه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب ، والثاني ميت ، والثالث على غير وضوء ، وحضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم ، من يأخذ الماء؟ وكيف يصنعون؟ فقال : يغتسل الجنب ، ويدفن الميت بتيمم ، ويتيمم الذي هو على غير وضوء ، لان الغسل من الجنابة فريضة ، وغسل الميت سنة ، و التيمم للآخر جايز.

وذكروا أنه إن كان الماء ملكا لاحدهم اختص به ولم يكن له بذله لغيره ولو كان مباحا وجب على كل من المحدث والجنب المبادرة إلى حيازته ، فان سبق إليه أحدهما وحازه اختص به ، ولو توافيا دفعة اشتركا ، ولو تغلب أحدهما أثم وملك ، وإن كان ملكا لهم جميعا أو لمالك يسمح ببذله ، فلا ريب أن لملاكه الخيرة في تخصيص من شاؤا به ، وإنما الكلام في من الاولى؟

فقال الشيخ في النهاية أنه الجنب ، واختاره الاكثر ، وقيل الميت ، و قال الشيخ : في الخلاف : إن كان لاحدهم فهو أحق به ، وإن لم يكن لواحد بعينه تخيروا في التخصيص.

____________________

(١) في العيون قدر ما يكتفي أحدهما به : أيهما يبدء به؟ وهو أظهر ، وفي العلل ما يكفى أحدهم أيهم؟ فلعل الجمع على المجاز ، أو لان المراد أن بعضهم محدث ولم يذكر في السؤال ولا في الجواب لظهوره وظهور حكمه ، منه عفى عنه ، كذا بخطه قدس سره في الهامش.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٨.

(٣) الفقيه ج ١ ص ٥٩.

٢٦

والروايتان معتبرتان مؤيدتان بالشهرة ، ومعللتان ، فلا معدل عنهما ، ووردت رواية مرسلة بتقديم الميت ، فيمكن حملها على ما إذا كان الماء ملكا للميت ويمكن القول بان الجنب مع كونه أولى يجوز له إيثار الميت ، بل يستحب له ذلك ، كما يظهر من الشيخ في الخلاف ، وقد عرفت أن المراد بالفرض ما ظهر وجوبه من القرآن وبالسنة غيره.

٤ ـ الخصال : في حديث الاعمش عن الصادق عليه‌السلام : قال غسل الجنابة و الحيض واحد (١).

المقنع : (٢) والامالى (٣) والهداية مرسلا مثله (٤).

٥ ـ تحف العقول : من أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : غسل الاعياد طهور لمن أراد طلب الحوايح بين يدي الله عزوجل ، واتباع للسنة (٥).

٦ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : الوضوء في كل غسل ، ما خلا غسل الجنابة ، لان غسل الجنابة فريضة تجزيه عن الفرض الثاني ، ولا تجزيه ساير الاغسال عن الوضوء ، لان الغسل سنة ، والوضوء فريضة ، ولا تجزي سنة عن فرض ، وغسل الجنابة والوضوء فريضتان ، فاذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما ، وإذا اغتسلت لغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل ، ولا يجزيك الغسل عن الوضوء. فان اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ وأعد الصلاة (٦).

بيان : نقل الصدوق هذه العبارة بعينهافي الفقيه (٧) وأكثر ما يذكره هو

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥١.

(٢) المقنع ص ١٣ ط الاسلامية.

(٣) أمالى الصدوق ص ٣٨٤.

(٤) الهداية ص ١٩.

(٥) تحف العقول ص ٩٥.

(٦) فقه الرضا ص ٣ و ٤.

(٧) الفقيه ج ١ ص ٤٦.

٢٧

ووالده بلا سند مأخوذ من هذا الكتاب (١).

وأجمع علماؤنا على ان غسل الجنابة مجز عن الوضوء ، واختلف في غيره من الاغسال فالمشهور أنه لا يكفي بل يجب معه الوضوء للصلاة ، سواء كان فرضا أونفلا ، [ وقال المرتضى رحمه‌الله لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أونفلا وهو مختار ابن الجنيد وكثير من المتأخرين ، وعليه دلت الاخبار الكثيرة.

وأكثر القائلين بالوجوب خيروا بين تقديم الوضوء على الغسل وتأخيره عنه مع أفضلية التقديم ، ونقل عن الشيخ في الجمل القول بوجوب تقديم الوضوء للحايض والنفساء على الغسل ، ونقله المحقق عن الراوندي وتتخير بين نية الرفع والاستباحة فيهما على الحالين ، وعن ابن إدريس أنها تنوى نية الاستباحة لا الرفع في الوضوء ، والامر في النية هين ، والاحوط تقديم الوضوء ، ومع التأخير النقض بالحدث الاصغر والوضوء بعده والله يعلم.

٧ ـ السرائر : من كتاب حريز بن عبدالله ، عن الفضيل وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قالا : قلنا له : أيجزى إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة؟ قال : نعم (٢).

وعن زرارة ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة ، فاذا اجتمعت عليك لله حقوق أجزأك عنها غسل واحد. قال زرارة : قال : وكذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها (٣).

ومنه : نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ،

____________________

(١) بل قد عرفت مرارا أنه كتاب التكليف لابن أبى العزاقر الشلمغانى عمله في حال استقامته رسالة عملية ترجع اليه العوام كسائر ما عمل على طبقه في ذاك العهد من الرسائل ، والشباهة فيها وفي سياق الفاظها لا تدل على أن بعضها اذخ من بعض ، كما هو المعهود اليوم بين الرسائل العملية.

(٢ و ٣) السرائر ، ٤٧٧.

٢٨

عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما عليه‌السلام مثله وزاد في آخره وقال زرارة : حرم اجتمعت في حرمة يجزيك عنها غسل واحد (١).

وبهذا الاسناد : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا حاضت المرءة و هي جنب أجزأها غسل واحد (٢).

ومنه : من الكتاب المذكور ، عن أحمد بن محمد ، عن السين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل يجامع المرأة فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة ، قال : غسل الجنابة عليها واجب (٣).

بيان : يستفاد من تلك الاخبار تداخل الاغسال مطلقا كماهو مختار كثير من المحقيين ، ونفاه جماعة مطلقا ، وقال بعضهم بالتفصيل.

وجملة القول فيه أنه إذا اجتمع على المكلف غسلان فصاعدا ، فاما أن يكون الكل واجبا أو يكون الكل مستحبا ، أو بعضها واجبا وبعضها مستحبا : فان كان الكل واجبا ، فان قصد الجميع في النية فالظاهر إجزاؤه عن الجميع ، وإن لم يقصد تعيينا أصلا فالظاهر أيضا إجزاؤه عن الجميع إن تحقق ما يعتبر في صحة النية من القربة وغيرها ، إن قلنا باعتبار أمر زائد على القربة ، وإن قصد حدثا معينا فانكان الجنابة فالمشهور بين الاصحاب إجزاؤه عن غيره ، بل قيل : انه متفق عليه ، وإن كان غيرها ففيه قولان والاقوى أنه كالاول وظاهر القول بعدم التداخل عدم الاجزاء مطلقا ولو كان كلها مستحبا فالظاهر التداخل أيضا ، سواء قصد الاسباب بأسرها أم لا.

وقال العلامة رحمه‌الله لو نوى بالواحد الجميع فالوجه الاجزاء ، والاحوط ذلك.

ولو كان بعضها واجبا وبعضها مستحبا ، فان نوى الجميع فالظاهر الاجزاء وإن نوى الواجب كالجنابة فالظاهر الاجزاء كما اختاره الشيخ في الخلاف

____________________

(١ ـ ٣) السرائر ص ٤٧٧.

٢٩

والمبسوط ، وإن منعه العلامة ، واستشكله المحقق ، ولونوى المندوب كالجمعة دون الواجب كالجنابة فلا يبعد أيضا الاجزاء كما يدل عليه بعض الاخبار ، و الاحوط قصد الجميع.

تقريب

قال الكراجكي رحمه‌الله في كنز الفوائد : ذكر شيخنا المفيد في كتاب الاشراف : رجل اجتمع عليه عشرون غسلا فرض ، وسنة ، ومستحب أجزأه عن جميعها غسل واحد ، هذا رجل احتلم وأجنب نفسه بانزال الماء ، وجامع في الفرج وغسل ميتا ، ومس آخر بعد برده بالموت قبل تغسيله ، ودخل المدينة لزيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأراد زيارة الائمة عليهم‌السلام هنا ، وادرك فجر يوم العيد. وكان يوم جمعة وأراد قضاء غسل يوم عرفة ، وعزم على صلاة الحاجة ، واراد أن يقضي صلاة الكسوف وكان عليه في يومه بعينه صلاة ركعتين بغسل ، واراد التوبة من كبيرة على ما جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واراد صلاة الاستخارة ، وحضرت صلاة الاستسقاء ، ونظر إلى مصلوب ، وقتل وزغة ، وقصد إلى المباهلة ، وأهرق عليه ماء غالب النجاسة انتهى.

أقول : في عد الاخير في الاغسال تمحل ، ويظهر منه استحباب قضاء غسل عرفة ، ولم نقف له على مستند.

٨ ـ تفسير علي بن ابراهيم : عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، عن المنقري ، عن حماد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : في وصف لقمان عليه‌السلام لم يره أحد من الناس على بول ولا غايط ولا اغتسال لشدة تستره ، وعموق نظره وتحفظه في أمره (١).

٩ ـ العيون (٢) والعلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال :

____________________

(١) تفسير علي بن ابراهيم ص ٥٠٦.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨٢.

٣٠

دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عايشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس ، فقال : يا حميراء ما هذا؟ قالت أغسل رأسي وجسدي ، قال : لا تعودي ، فانه يورث البرص (١)

المقنع : مرسلا مثله (٢).

بيان : قال الصدوق رحمه‌الله في العيون أبوالحسن صاحب هذا الحديث يجوز أن يكون الرضا عليه‌السلام ويجوز أن يكون موسى عليه‌السلام لان إبراهيم بن عبد الحميد قد لقيهما جميعا ، وهذا الحديث من المراسيل انتهى.

ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون مرادها من غسل الرأس والجسد ، الغسل الشرعي أو معناه الظاهر ، وعلى التقديرين يفهم منه كراهة الغسل بالماء المسخن بالشمس على بعض الوجوه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تعودي » إما من العود أو بمعنى التعود بمعنى العادة ، والاول أظهر ، وأما قول الصدوق رحمه‌الله : إن الخبر من المراسيل (٣) ، فلا أعرف له معنى إلا أن يريد أن الامام عليه‌السلام أرسله ، وهو من مثله بعيد ، وقد مضى في أبواب الوضوء (٤) كراهة الاغتسال بالماء المسخن بالشمس في رواية أخرى.

١٠ ـ فلاح السائل : نقلا من كتاب مدينة العلم للصدوق قال : روي أن غسل يومك يجزيك لليلتك ، وغسل ليلتك يجزيك ليومك.

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٦.

(٢) المقنع ص ٨ ط الاسلامية.

(٣) ابراهيم بن عبدالحميد الكوفي ، عنونه البرقى في رجاله فيمن ادرك الرضا عليه‌السلام من اصحاب الصادق ، فقال ادركه ولم يسمع منه فيما أعلم ، وهكذا ذكره الشيخ في رجاله وقال : « أدرك الرضا عليه‌السلام ولم يسمع منه على قول سعد بن عبدالله » والظاهر أن صاحب الحديث هو الكاظم عليه‌السلام ، وانما يحتمل ارساله اذا كان المراد به الرضا عليه‌السلام خصوصا والصدوق يروى الحديث من طريق سعد بن عبدالله الذي نقل عنه أن ابراهيم هذا لم يسمع عن الرضا (ع).

(٤) راجع ج ٨٠ ص ٣٣٥.

٣١

بيان : الاجزاء في الفضل في الجملة لا ينافي استحباب إعادة بعض الاغسال بعد النوم ، أو ساير الاحداث ، أو لبس ما لايجوز لبسه في الاحرام أو انقضاء اليوم أو الليل كما يومي إليه بعض الاخبار.

١١ ـ الهداية : كل غسل فيه وضوء إلا غسل الجنابة لان كل غسل سنة إلا غسل الجنابة فانه فريضة وغسل الحيض فريضة مثل غسل الجنابة (١) فاذا اجتمع فرضان فأكبرهما يجزي عن أصغرهما؟ ومن اغتسل لغير جنابة فليبدأ بالوضوء ، ثم يغتسل ، ولا يجزيه الغسل عن الوضوء ، لان الغسل سنة والوضوء فريضة ، ولا يجزي سنة عن فرض (٢).

بيان : يحتمل أن يكون المراد باجزاء الاكبر عن الاصغر ، أنه تعالى ذكرهما في القرآن في موضع واحد متقابلين فالظاهر كون الوضوء في غير موضع الغسل ، والاظهر أنه من الخطا بيات لالزام المخالفين ، أو بيان لما علموا من العلل الواقعية.

____________________

(١) راجع شرح ذلك ذيلك ص ٩ و ١٠ فيما سبق.

(٢) الهداية ص ١٩.

٣٢

٣

* ( باب ) *

* « ( وجوب غغسل الجنابة وعلله وكيفيته ) » *

* « ( وأحكام الجنب ) » *

الايات : النساء : « يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا » (١).

المائدة : « يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا » (٢).

تفسير : في النهي عن الشئ بالنهي عن القرب منه مبالغة في الاحتراز عنه ، كما قال سبحانه « ولا تقربوا مال اليتيم » (٣) « ولا تقربوا الزنا » (٤) واختلف المفسرون في تأويل الآية على وجوه :

الاول أن المراد بالصلاة مواضعها ، أعني المساجد كما روي عن ائمتنا عليهم‌السلام (٥) فهو إما من قبيل تسمية المحل باسم الحال ، فانه مجاز شايع في

____________________

(١) النساء : ٤٣.

(٢) المائدة : ٦.

(٣) الانعام : ١٥٢.

(٤) أسرى : ٣٢.

(٥) المروى عن أئمتنا عليهم‌السلام الاستناد إلى قوله تعالى ، « ولا جنبا الا عابرى سبيل حتى تغتسلوا » كما ستعرف عن الروايات ، وليس فيها أن الصلاة هنا اطلق وأريد بها مواضعها اطلاقا للحال على المحل.

وأما وجه استدلالهم عليهم‌السلام فهو مبنى على قراءة كتاب الله بكل وجه احتمله ،

٣٣

كلام البلغاء او على حذف مضاف ، أي مواضع الصلاة ، والمعنى والله أعلم : لا تقربوا المساجد في حالتين إحداهما حالة السكر ، فان الاغلب أن الذي يأتي المسجد انما يأتيه للصلاة ، وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الاتيان بهاعلى وجهها ، والحالة الثانية حالة الجنابة ، واستثني من هذا الحالة ما إذا كنتم عابري سبيل اي مارين في المسجد ، ومجتازين فيه ، والعبور الاجتياز ، و السبيل الطريق.

الثاني ما نقله بعض المفسرين عن ابن عباس وسعيد بن جبير ، وربما رواه بعضهم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وهوأن المراد والله أعلم : لا تصلوا في حالين : حال السكر وحالة الجنابة ، واستثني من حال الجنابة ما إذا كنتم عابري سبيل أي مسافرين غير واجدين للماء ، كما هو الغالب من حال المسافرين ، فيجوز لكم حينئذ الصلاة بالتيمم الذي لا يرتفع به الحدث ، وإنما يباح به الدخول في الصلاة.

____________________

لما صح عنه عليه الصلاة والسلام « نزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه » و من الحروف المحتملة في الاية قراءة الصلاة بضم الصاد واللام أو بضم الصاد وفتح اللام مفردا أوجمعا ومطلع ذلك قوله تعالى في سورة الحج : ٤٠ « لهدمت صوامع وبيع و صلوة ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا » ، فان المقطوع فيها أن المراد بالصلاة مواضع الصلاة حقيقة أو مجازا على الخلاف فيه.

ولا يذهب عليك أن هذا الحرف لا يناقض الحرف المشهور عند العامة ، بل كل الحروف السبعة كذلك لا ينقض بعضها بعضا ، الا أن بعضها مستور وبعضها مشهور ، فالاحكام المذكورة للصلاة في هذه الاية ثابتة بكلا الحرفين : الصلاة بمعنى الماهية المجعولة عبادة ، والمصلى الذي تقام فيها تلك العبادة وهي المساجد ، ولذلك جيئ في الاستثناء بلفظ يوافق كلا المعنيين ، ولو قال بدل قوله « الا عابرى سبيل » : « الا مسافرين » لم يوافق الصلاة بمعنى المساجد ، كما هو ظاهر. وسيجئ تتمة البحث في باب التيمم عند تعرض المؤلف لذيل الاية الشريفة ان شاء الله تعالى.

٣٤

قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : عمل أصحابنا رضي‌الله‌عنهم على التفسير الاول ، فانه هو المروي عن أصحاب العصمة ، صلوات الله عليهم ، وأما رواية التفسير الثاني عن أمير المؤمنين عليه‌السلام فلم تثبت عندنا وأيضا فهو [ غير ] ظ سالم من شائبة التكرار فانه سبحانه بين حكم الجنب العادم للماء في آخر الآية (١) حيث قال

____________________

(١) بل في الحكم ولا شائبته ، فان من المسلم أن التيمم لا يرفع الجنابة بل يبيح الصلاة فقط مع بقاء الجنابة ، وانما تعرض لذلك في صدر الاية مبادرة إلى دفع ما قد يتوهم أن الجنابة كالحيض قذارة باطنية لا يجوز معها الصلاة بوجه ، الا بعد رفعها ، ولا يرتفع الا بالغسل ، كما توهمه عمر بن الخطاب على ما روى في الصحيحين أن رجلا أتى عمر فقال : اجنبت فلم أجد الماء ، فقال : لا تصل ، فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين اذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجدالماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انما كانيكفيك ان تضرب بيديك ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك؟ فقال عمر : اتق الله ياعمار ، فقال ان شئت لم أحدث به.

فصدر الاية يفيد أن الجنب لا يقرب الصلاة حتى يغتسل ويطهر نفسه عن الجنابة ، لكنه اذا كان عابر سبيل على جناح السفر ، يجوز له الصلاة مع الجنابة. وذيل الاية يدرجه في سائر من حكمه التيمم ويكلفه أن يتيمم ثم يصلى ، ويبين لهم مجتمعا كيفية التيمم ولذلك أخره.

فالحكم لما كان ذا شطرين : جواز الصلاة مع الجنابة ، ولزوم التيمم عند قيامه إلى الصلاة ، عنونه مرة بعنوان الجنب في صدر الكلام وحكم عليه بالحكم الاول ، ثم عنونه في ذيل الكلام بعنوان ملامس النساء ، وحكم عليه بالحكم الثاني ، فلا تكرار في الحكم.

الا ان تكرار العنوان وتجديده بلفظ آخر ، يفيد بظاهره تعدد الموضوع والفرق بين الجنابة واللمس ، وهو اشكال عام يرد على الاية الشريفة بكل الوجوه ، حيث لم يقل به أحد من الفقهاء الا الشافعي فانه قال : المراد باللمس مطلق مس النساء ومالك فانه قال فانه المس بشهوة وجعلاه ناقضا للوضوء كالمجئ من الغائط.

وعندي كما هو اظاهر من الاية الشريفة والاية التي وقعت في سورة المائدة : ٦

٣٥

جل شأنه : « وإن كنتم مرضى اوعلى سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا » فان قوله سبحانه « أو لامستم النساء » كناية عن الجماع ، كما روي عن أئمتنا سلام الله عليهم ، وليس المراد به مطلق اللمس كما يقوله الشافعي ، ولا الذي بشهوة كما يقوله مالك.

الثالث ما ذكره بعض فضلاء فن العربية من أصحابنا الامامية رضي‌الله‌عنهم في كتاب ألفه في الصناعات البديعية وهوأن تكون الصلاة في قوله : « لا تقربوا الصلاة » على معناه الحقيقي ، ويراد بها عند قوله تعالى : « ولا جنبا إلا عابري سبيل » مواضعها أعني المساجد ، وهذا النوع من الاستخدام غير مشهور بين المتأخرين من علماء المعاني ، وإنما المشهور منه نوعان الاول أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ، ثم يراد بالضمير الراجع إليه معناه الآخر ، والثاني أن يراد بأحد الضميرين الراجعين إلى لفظ أحد معنييه ، وبالآخر المعنى الآخر.

قال الشيخ البهائي رحمه‌الله : عدم اشتهار هذا النوع بين المتأخرين غير ضار ، فان صاحب هذا الكلام من أعلام علماء المعاني ، ولا مشاحة في الاصطلاح (١).

ثم إن المفسرين اختلفوا في السكر الذي اشتمل عليه الآية ، فقال بعضهم :

____________________

الفرق بين الجنابة والملامسة لغة وعرفا ، وأن المراد بالملامسة التقاء الختانين من دون جنابة بانزال المنى ، وسنتعرض لبيان ذلك في باب التيمم عند تعرص المؤلف قدس‌سره للاشكال وجوابه ، انشاء الله.

(١) لكنه قد ذهب على هذا القائل أن في الاستخدام نوع الغاز وتعمية لا يعرفه الا الخواص من البيانيين ، وهو ينافى توجه الخطاب إلى عموم المؤمنين في حكم تكليفى عملى ، فكيف بهذا النوع من الاستخدام الذى لم يذكر فيه اللفظ ثانيا ولا ضميره ، فهو الغاز في الغاز وتعمية في تعمية.

على ان صدر الاية تتضمن حكم الصلاة نفسهاوهو قوله تعالى « لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى » وهكذا ذيل الاية « وان كنتم مرى أو على سفر » الخ كما في آية المائدة : ٦

٣٦

المراد سكر النعاس ، فان الناعس لا يعلم ما يقول : وقد سمع من العرب سكر السنة ، والظاهر أنه مجاز ، وقال الاكثرون أن المراد به سكر الخمر ، كما نقل أن عبدالرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا لجماعة من الصحابة قبل نزول تحريم الخمر ، فأكلوا وشربوا ، فلما ثملوا دخل وقت المغرب ، فقدموا أحدهم ليصلي بهم فقرأ « أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد » فنزلت الآية ، فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة ، فاذا صلوا العشاء شربوا فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر.

والواو في قوله تعالى : « وأنتم سكارى » واو الحال ، والجملة حالية من فاعل تقربوا ، والمراد نهيهم عن أن يكونوا في وقت الاشتغال بالصلاة سكارى ، بأن لا يشربوا في وقت يؤدي إلى تلبسهم بالصلاة حال سكرهم ، وليس الخطاب متوجها إليهم حال سكرهم إذ السكران غير متأهل لهذا الخطاب ، و « حتى » في قوله سبحانه : « حتى تعلموا » يحتمل أن يكون تعليلية كما في أسلمت حتى أدخل الجنة ، وأن تكون بمعنى « إلى أن » كما في اسير حتى تغيب الشمس ، واما التي في قوله جل شأنه « حتى تغتسلوا » فبمعنى « إلى أن » لا غير.

وقيل : دلت الآية على بطلان صلاة السكران ، لاقتضاء النهي في العبادة الفساد ويمكن أن يستنبط منها منع السكران من دخول المسجد ، ولعل في قوله جل شأنه « تعلموا ما تقولون » نوع إشعار بأنه ينبغي للمصلي أن يعلم ما يقوله في الصلاة ويتدبر في معاني ما يقرؤه ويأتي به من الادعية والاذكار.

والجنب يستوي فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث ، وهو لغة بمعنى البعيد ، وشرعا البعيد عن أحكام الطاهرين لغيبوبة الحشفة في الفرج ، أو لخروج المنى يقظة أو نوما ، ونصبه على العطف على الجملة الحالية ، والاستثناء من عامة أحوال المخاطبين ، والمعنى على التفسير الاول الذي عليه أصحابنا : لا تدخلوا

____________________

بعينه فكيف يتضمن ما بينهما حكم مواضع الصلاة ، من دون ذكر لها ، ولا ضرورة تلجئ إلى ذلك.

٣٧

المساجد وأنتم على جنابة في حال من الاحوال ، إلا حال اجتيازكم فيها من باب إلى باب ، وعلى الثاني لا تصلوا وأنتم على جنابة في حال من الاحوال إلا حال كونكم مسافرين.

وما تضمنته الآية على التفسير الاول من إطلاق جواز اجتياز الجنب في المساجد مقيد عند علمائنا بما عدا المسجدين كما سيأتي ، وعند بعض المخالفين غير مقيد بذلك ، وبعضهم كأبي حنيفة لا يجوز اجتيازه في شئ من المساجد أصلا إلا إذا كان الماء في المسجد.

وكما دلت الآية على جواز اجتياز الجنب في المسجد ، فقد دلت على عدم جواز مكثه فيه ، ولا خلاف فيه بين علمائنا ، إلا من سلار ، فانه جعل مكث الجنب في المسجد مكروها.

وقد استنبط فخر المحققين قدس الله روحه من هذه الآية عدم جواز مكث الجنب في المسجد ، إذا تيمم تيمما مبيحا للصلاة ، لانه سبحانه علق دخول الجنب إلى المسجد على الاتيان بالغسل لا غير ، بخلاف صلاته فانه جل شأنه علقها على الغسل مع وجود الماء ، وعلى التيمم مع عدمه ، وحمل المكث في المسجد على الصلاة قياس ونحن لا نقول به.

وأجيب بأن هذا قياس الاولوية فان احترام المساجد لكونها مواضع الصلاة ، فاذا أباح التيمم الدخول فيها أباح الدخول فيها بطريق أولى ، وأيضا قوله عليه‌السلام : « جعل الله التراب طهورا كما جعل الماء طهورا » يقتضي أن يستباح بالتيمم كل ما يستباح بالغسل من الصلاة وغيرها ، لكن للبحث فيهما مجال.

قيل : ويمكن ان يستنبط من الآية عدم افتقار غسل الجنابة لدخول المسجد إلى الوضوء ، على التفسير الاول ، وللصلاة على الثاني ، وإلا لكان بعض الغاية غاية.

وأما الآية الثانية فالجملة الشرطية في قوله سبحانه « وإن كنتم جنبا فاطهروا » يجوز أن يكون معطوفة على جملة الشرط الواقعة في صدرها وهي قوله

٣٨

عزوعلا : « إذا قمتم إلى الصلاة » فلا تكون مندرجة تحت القيام إلى الصلاة ، بل مستقلة برأسها ، والمراد يا ايها الذين آمنوا إن كنتم جنبا فاطهروا ، ويجوز أن تكون معطوفة على جزاء الشرط الاول أعني « فاغسلوا وجوهكم » فيندرج تحت الشرط ، ويكون تقدير الكلام إذا قمتم إلى الصلاة ، فان كنتم محدثين فتوضؤا وإن كنتم جنبا فاطهروا ، وعلى الاول يستنبط منها وجوب غسل الجنابة لنفسه بخلاف الثاني.

وقد طال التشاجر بين علمائنا قدس الله أرواحهم في هذه المسألة ، لتعارض الاخبار من الجانبين ، واحتمال الآية الكريمة كلا من العطفين ، فالقائلون بوجوبه لنفسه ، عولوا على التفسير الاول ، وقالوا أيضا كون الواو في الآية للعطف غير متعين ، لجواز أن تكون للاستيناف ، وعلى تقدير كونها للعطف عليه فانما يلزم الوجوب عند القيام إلى الصلاة ، لا عدم الوجوب في غير ذلك الوقت.

والقائلون بوجوبه لغيره ، عولوا على التفسير الثاني ، لان الظاهر اندراج الشرط الثاني تحت الاول ، كما أن الثالث مندرج تحته البنة ، وإلا لم يتناسق المتعاطفان في الآية الكريمة.

وربما يقال : العطف بان دون « إذا » يأبى العطف على جملة إذا قمتم ، وأجيب بأنه يمكن أن يكون في العطف بان دون إذا إشعار بالمبالغة في أمر الصلاة ، والتأكيد فيها ، حيث أتى في القيام بها بكلمة إذا الدالة على تيقن الوقوع ، يعني أنه أمر متيقن الوقوع البتة ، وليس مما يجوز العقل عدمه ، وفي الجنابة بكلمة  « إن » الموضوعة للشك مع تحقق وقوعها وتيقنها تنبيها على أنها في جنب القيام إلى الصلاة كأنه أمر مشكوك الوقوع.

وفائدة الخلاف تظهر في نية الغسل للجنب عند خلو ذمته من مشروط بالطهارة فهل يوقعها إذا اراد إيقاعها بنية الوجوب أو الندب؟ مع اتفاق الفريقين ظاهرا على شرعية الايقاع ، وفي عصيانه بتركه لو ظن الموت قبل التكليف بمشروط بالطهارة.

٣٩

وقد يناقش في الاول بأنه لا ينافي الوجوب بالغير ، كونه واجبا قبل وجوب الغير ، إذا علم أو ظن أنه سيصير واجبا ، ويمكن الاتيان به وجوبا موسعا يتضيق بتضيق الفرض.

وعندي أن لا جدوى في هذا الخلاف كثيرا ، إذ الفائدة الثانية قلما يتفق موردها ، ومعه يوقعه خروجا من الخلاف.

وأما الاولى فلا ريب في أن الائمة وأتباعهم عليهم‌السلام لم يكونوا يوجبون تأخير الطهارة إلى الوقت ، بل كانوا يواظبون عليها مع نقل الاتفاق على شرعية إيقاعها قبل الوقت ، وأما النية فلم يثبت وجوب نية الوجه ، وعلى تقديره فانما هو فيما كان معلوما ، فايقاعها بنية القربة كاف ، لا سيما إذا ضم إليها نية الرفع والاستباحة لصلاة ما ، فظهر أن تلك المشاجرات الطويلة لا طائل تحتها.

ثم الظاهر أن القائلين بالوجوب النفسي قائلون بالوجوب الغيري أيضا بعد دخول وقت مشروط به فلا تغفل.

١ ـ جنة الامان للكفعمى : يستحب أن يقول في أثناء كل غسل ما ذكره الشهيد في نفليته « اللهم طهر قلبي ، واشرح لي صدرى ، وأجر على لساني مدحتك والثناء عليك ، اللهم اجعله لي طهورا وشفاء ونورا ، إنك على كل شئ قدير » ويقول بعد الفراغ : « اللهم طهر قلبي ، وزك عملي ، وتقبل سعيي ، واجعل ما عندك خيرا لي ، اللهم اجعلني من التواين واجعلني من المتطهرين ».

المتهجد : يستحب أن يقول عند الغسل اللهم طهرني وطهر لي قلبي إلى آخر الدعاء الاول.

بيان : روى الكليني (١) بسند فيه إرسال قال : تقول في غسل الجنابة  اللهم طهر قلبي إلى قوله خيرا لي ، وروى الشيخ في الموثق عن عمار (٢) الساباطي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام إذا اغتسلت من جنابة فقل : « اللهم طهر

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ٤٣.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٠٤ ط حجر.

٤٠