بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وربما يوهم الخبر تقييد الجواز بالشبق أو الخوف على النفس من الوقوع في الحرام لكن ظاهره الجواز ، وإن كان لمحض الالتذاذ.

ثم اعلم أن المشهور بين الاصحاب عدم الفرق بين متعمد الجنابة وغيره ، في تسويغ التيمم له عند التضرر بالماء وقال المفيد : إن أجنب نفسه مختارا وجب عليه الغسل ، وإن خاف منه عى نفسه ولم يجزه التيمم ، وأسند في المعتبر إلى الشيخين القول بعدم جواز التيمم ، وإن خاف التلف أو زيادة المرض ، وأسند في المنتهى إلى الشيخ القول بأن المتعمد وجب عليه الغسل ، وإن لحقه برد ، إلا أن يخاف على نفسه التلف.

وقال في المبسوط والنهاية : يتيمم عند خوف البرد على نفسه ، ويعيد الصلاة عند الاغتسال ، إذا كانت الجنابة عمدا ، والمنقول عن ظاهر ابن الجنيد عدم إجزاء التيمم للمتعمد ، والاشهر جواز التيمم مطلقا وعدم الاعادة وهو أقوى.

٢٢ ـ السرائر : نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين عن صفوان ، عن العلا ، عن محمد ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنه سئل عن الرجل يقيم بالبلاد الاشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي وصلاح الابل؟ قال : لا (١).

ومنه : نقلا من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب ، عن العلا وأبي أيوب وابن بكير كلهم عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٢).

بيان : قوله : من أجل المراعي يمكن تعلقه بقوله : « ليس فيها ماء » أي لا ماء فيها لصلاح الابل ومرعاه ، فيكون النهي للاضرار بالابل ، وإتلاف المال ، ويحتمل تعلقه بيقيم فالمراد أنه يسكن البلدة أو القرية لرعي الابل في نواحيها ، والماء في البلد قليل قد لا يقي بالوضوء والغسل والاستنجاء وتنظيف الثوب والجسد ، فالنهي لعدم التمكن من هذه الامور الضرورية فيكون مثل قوله : « ولا أرى أن يعود إلى هذه الارض التي توبق دينه » ولعل الشيخ فهم هذا المعنى حيث أورده في التهذيب (٣)

____________________

(١) السرائر : ٤٧٨.

(٢) لا يوجد في المصدر المطبوع.

(٣) التهذيب ج ١ ص ١١٥.

١٦١

في باب التيمم.

٢٣ ـ كتاب سليم بن قيس : بالاسانيد التي ذكرناها في صدر الكتاب عنه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما ذكره من بدع عمر قال عليه‌السلام : والعجب لجهله وجهل الامة أنه كتب إلى جميع عماله أن الجنب إذا لم يجد الماء فليس له أن يصلي ، وليس له أن يتيمم بالصعد حتى يجد الماء ، وإن لم يجده حتى يلقى الله. وفي رواية أخرى : وإن لم يجده سنة ، ثم قبل الناس ذلك منه ورضوا به ، وقد علم وعلم الناس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمر عمارا وأمر أبا ذر أن يتيمما من الجنابة ويصليا ، وشهدابه عنده وغيرهما ، فلم يقبل ذلك ولم يرفع به رأسا (١).

٢٤ ـ نوادر الراوندي : عن عبدالواحد بن إسماعيل الروياني ، عن محمد بن الحسن التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى ابن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تمسحوا بالارض فانها أمكم وهي بكم برة (٢).

بيان : لعل المراد بالتمسح التيمم عند الضرورة ، ويحتمل أن يكون المراد التمسح على وجه البركة ، أو يكون كناية عن الجلوس عليها ، ويؤيد الاخيرين ما رواه الراوندي أيضا أنه أقبل رجلان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أحدهما لصاحبه : اجلس على اسم الله تعالى والبركة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجلس على استك ، فأقبل يضرب الارض بعصا فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تضربها فانها أمكم وهي بكم برة (٣).

والخبر مذكور في روايات العامة أيضا قال في النهاية : فيه : « تمسحوا بالارض فانها بكم برة » أراد به التيمم ، وقيل : أراد مباشرة ترابها بالجباه في السجود من غير حائل ، ويكون هذا أمر تأديب واستحباب ، لا وجوب ، وقوله : « فانها بكم برة » أي مشفقة عليكم ، كالوالدة البرةء بأولادها يعني أن منها خلقكم ، و

____________________

(١) كتاب سليم ص ١٢٢ ، وقوله لم يرفع به رأسا : أي لم يلتفت به.

(٢ و ٣) نوادر الراوندي ص ٩ وفي هامش الاصل ، ستأتى بسند آخر في باب ما يصح السجود عليه ، منه.

١٦٢

فيها معاشكم ، وإليها بعد الموت معادكم.

٢٥ ـ ونوادر الرواندي : بالاسناد المتقدم قال : قال علي عليه‌السلام : من أخذته سماء شديدة والارض مبتلة ، فليتيمم من غيرها ، أو من غبار ثوبه أو غبار سرجه أو أكفافه (١).

بيان : كفة كل شئ بالضم طرته وحاشيته.

٢٦ ـ النوادر : بالاسناد المتقدم عنه عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل علي عليه‌السلام عن رجل يكون في زحام في صلاة جمعة ، أحدث ولا يقدر على الخروج فقال : يتيمم ويصلي معهم ويعيد (٢).

تاييد وتوجيه

ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط إلى أن من منعه زحام الجمعة عن الخروج يتيمم ويصلي ، ويعيد إذا وجد الماء ، ومستنده ما رواه في التهذيب (٣) بسند فيه ضعف عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن علي عليه‌السلام أنه سئل عن رجل يكون وسط الزحام يوم الجمعة أويوم عرفة لا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة الناس ، قال : يتيمم ويصلي معهم ، ويعيد إذا انصرف. وبسند موثق (٤) عن سماعة عنه عليه‌السلام مثله.

والمشهور عدم الاعادة ، وحملها بعضهم على الاستحباب ، ولا يبعد حملها على ما إذا كانت الصلاة مع المخالفين ولم يمكنه الخروج ولا ترك الصلاة تقية ، فلذا يعيد ، بقرينة ذكر عرفة في الروايتين والوقت فيه غير مضيق ، وحملها على ما إذا لم يمكنه الخروج إلى آخر الوقت بعيد ، ولذا خص الشيخ الحكم بالجمعة مع اشتمال الروايتين على عرفة

____________________

(١) نوادر الراوندي ص ٥٣.

(٢) نوادر الراوندي ص ٥٠.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٥٢.

(٤) التهذيب ج ١ ص ٣٢٤.

١٦٣

أيضا وإن لم يبعد تجويز التيمم والصلاة لادراك فضل الماعة ، لا سيما الجماعة المشتملة على تلك الكثرة العظيمة الواقعة في مثل هذا اليوم الشريف ، لكن لم أر قائلا به وهذا الاشكال عن خبر النوادر مندفع ، والاحوط الفعل والاعادة في الجمعة.

٢٧ ـ النوادر : بالاسناد المتقدم عنه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : يجوز التيمم بالجص والنورة ، ولا يجوز بالرماد ، لانه لم يخرج من الارض فقيل له : أيتيمم بالصفا البالية على وجه الارض؟ قال : نعم (١).

توضيح : أما عدم جواز التيمم بالرماد فلا خلاف فيه إذا كان مأخوذا من الشجر والنبات ، وهو الظاهر من الرواية ، للتعليل بأنه لم يخرج من الارض أي لم يحصل منها ، ويؤيده أنه روي الشيخ (٢) مثل هذه الرواية عن السكوني عنه عليه‌السلام وزاد في آخره : إنما يخرج من الشجرة.

وأما النورة والجص قبل الاحراق فيجوز التيمم بهما من يجوز التيمم بالحجر ، ومنع منه ابن إدريس لكونهما معدنا وهو ضعيف ، وشرط الشيخ في النهاية في جواز التيمم بهما فقد التراب ، وأما النورة والجص بعد الاحراق فالمشهور المنع من التيمم بهما ، لعدم صدق اسم الارض عليهما ، والمنقول عن المرتضى وسلار الجواز وهو الظاهر من الرواية بل الظاهر منها جواز التيمم بكل ما يحصل من الارض كالخزف واختلفوا فيه ، ولعل الجواز اقوى ، والترك اختيارا أولى ، وكذا الرماد الحاصل من التراب ، وإن كان الحكم فيه أخفى ، والاكثر فيه على عدم الجواز مع الخروج عن اسم الارض (٣).

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ٥٠.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٥٣.

(٣) قد عرفت ان الاية الشريفة امر بتيمم الصعيد ، وأن المراد بالصعيد ليس هو الا الغبار المرتفع من الارض ، وانما امروا عليهم‌السلام بضرب الكفين على الارض ليتحقق مفهوم التيمم ، وهو طلب الصعيد فانه لا يحصل على الكفين الا بضربهما على الارض ليثور الغبار ويلصق بهما ، ولو صح التيمم بالخزف المطبوخ أو الصفاة قبل أن تبلى أو

١٦٤

____________________

الصخرة الملساء ، لما كان لضرب اليد عليها وجه ، الا أن يكون عليها غبارتعلو بضرب اليد عليها كما في الصفا البالية وهو الطين المتحجر من صفوة الارض ينجمد بعد انحسار الماء عن وجهها.

ولو كانت الصفاة بمعنى الصخرة كما توهم لما وصفت في الحديث بالبالية؟ ، فان الصخرة لا تبلى ، ، ولما وصفها الفيروز آبادي بقوله : « الصفاة الحجر الصلد الضخم لا ينبت » فان الصلد هو الارض المتحجرة التي لا تنبت ، ولذلك قالوا راس صلدأى لا ينبت ، وجبين صلد اي صلب ، وفرس صلد اي لا يعرق.

ومنه قولهم « فلان لا تندى صفاته » أي بخيل لا يسمح بشئ ، والمراد بالصفاة هذه الراووق المتخذ من الطين الحر الصلب كالخزف ولذلك وصفت بعدم النداوة والرش ، و لو كانت بمعنى الصخرة لما كان ينتظر منه الرش والندى.

وأما الجص والنورة والرماد فكلها يمكن أن يكون صعيدا ثائرا هائجا ، وهو ظاهر ، الا أن قوله تعالى : « صعيدا طيبا » يخص التيمم بالتراب الخالص الذي يخرج نباته باذن الله دون النورة والجص والسبخة والرمل والرماد لانها لا تنبت ، وقد وصف الرماد في قوله تعالى « فتصبح صعيدا زلقا » و « انا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا » بكونه زلقا جرزا خرج عن كونه طيبا نابتا.

وعلى ذلك فتوى الاصحاب وروايات الباب ، أما الرماد فظاهر ، وأما النورة و الجص والسبخة والرمل وأمثالها فهى معادن فلا يجوز التيمم بها اجماعا ، وما ورود من رواية السكونى وهي أصل هذا الخبر المروى في النوادر فلا يعبأ بها لضعفها ومعارضتها الاجماع.

وأما استناد بعض الفقهاء بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « جعلت لى الارض مسجدا وطهورا » وأن اسم الارض يقع على الحجر والمدر والتراب كلها ففيه أن الحجر ان كان بمعنى الارض الصلب الصلد ، فلا بأس به ، من حيث اطلاق اسم الارض عليه ، الا أنه يقيد اطلاقها بقرينة لفظ الصعيد في القرآن العزيز ، ولذلك ورد التصريح بالتراب في بعض الاحاديث ولفظه : جعلت لى

١٦٥

٢٨ ـ دعائم الاسلام : عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام أنه

____________________

الارض مسجدا وترابها طهورا.

وأما اذا كان بمعنى الصخرة وما هو من جنسها كالحصا والرمل ، فليس بصحيح ، فان الارض في أصل اللغة هو ما نسميه بالفارسية خاك زمين ، فلا يطلق على الجبل وما أزيل منه كالصخرة والجندل والحصا والرمل ، كما أنها لا تطلق على المياه وقد استوعب ثلاثة أرباع الارض فقولهم : الارض ما قابل السماء ليس الا على التسامح العرفى ، والا فثلاثة أرباع السماء لا يقابلها الا الماء.

على أن القرآن العزيز استعمل كلمة الارض في أكثر من ٤٦٠ موضعا وكلها تنادى بأن الارض يقابل الحجر ، فقد وصفت الارض في بعضها بالاحياء والاماتة والاثارة و الانبات والتمديد والرحب والسعة والاهتزاز والربا والتفجير ونقص اطرافها وخسفها بالناس ، وكونها مهادا ومهدا وسطحا وفراشا وبساطا وكفاتا وذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور ، ولا يليق شئ منها بالحجر.

واما في بعضها الاخر ، فقد جعلت الارض في مقابل الجبل والصخرة صريحا كما في قوله تعالى : « ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض » الرعد : ٣١ « تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا » مريم : ٩٠ « وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة » الحاقة : ١٤ « يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا » المزمل : ١٤ « وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسى وأنهارا » الرعد : ٣ ومثله في الحجر : ١٩ ، ق : ٧ ، النحل ، ١٥ ، الانبياء : ٣١ ، لقمان : ١٠.

وهكذا قوله تعالى : « انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا » أسرى : ٣٧  « يوم نسير الجبال وترى الارض بارزة » الكهف : ٤٧ « أم من جعل الارض قرارا وجعل خلالها أنهارا » النمل : ٦١ « يا بنى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الارض » لقمان ، ١٦ « اناعرضنا الامانة على السموات و الارض والجبال فأبين أن يحملنها » الاحزاب : ٧٢. ففى كلها قابلت الارض الجبال كما قابلت المياه ، وعد كل منها شيئا على حدته.

١٦٦

قال : لا ينبغي أن يتيمم من لم يجد الماء إلا في آخر الوقت (١).

وعنه عليه‌السلام قال : من تيمم صلى بتيممه ذلك ماشاء من الصلوات ما لم يحدث أويجد الماء ، فانه إذا مر بالماء أووجده انتقض تيممه ، فان عدمه بعد ذلك تيمم ، وإن هو تيمم في أول الوقت وصلى ثم وجد الماء وفي الوقت بقية يمكنه معها أن يتوضا ويصلي توضأ وصلى ، ولم يجزه صلاته بالتيمم ، إذا هو وجد الماء وهو في وقت من الصلاة (٢).

قال : وكذلك إن تيمم ولم يصل ، فوجد الماء ، وهو في وقت من الصلاة انتقض تيممه ، وعليه أن يتوضأ ويصلي ، وان دخل في الصلاة بتيمم ثم وجد الماء فلنصرف فيتوضأ ويصلي إن لم يكن ركع ، فان ركع مضى في صلاته ، فان انصرف منها وهو في وقت توضأ وأعادها ، فان مضى الوقت أجزأه (٣).

وقال عليه‌السلام : إن عمار بن ياسر أصابته جنابة فتجرد من ثيابه وأتى صعيدا فتمعك عليه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا عمار تمعكت تمعك الحمار؟ قد كان يجزيك من ذلك أن تمسح بيديك وجهك وكفيك ، كما قال الله عزوجل (٤).

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : من أصابته جنابة والارض مبتلة فلينفض لبده وليتيمم بغباره ، وكذلك قال أبوجعفر وأبوعبدالله عليهما‌السلام : لينفض ثوبه أو لبده أو إكافه إذا لم يجد ترابا طيبا (٥).

وقالوا صلوات الله عليهم : المتيمم تجزيه ضربة واحدة ، يضرب بيديه على الارض فيمسح بهما وجهه ويديه ، وقالوا لا يجزي التيمم بالجص ولا بالرماد ولا بالنورة ، ويجزي بالصفا الثابت في الارض إذا كان عليه غبار ولم يكن مبلولا ، ولا يتيمم في الحضر إلا من عذر أو يكون في زحام ولا يخلص منه وحضرت الصلاة فانه يتيمم ويصلي ، ويعيد تلك الصلاة (٦).

____________________

(١ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٠.

(٥ و ٦) المصدر ج ١ ص ١٢١.

١٦٧

وقالوا في الجنب يمر بالبئر ولا يجد ما يستقي به يتيمم ، ومن كانت به قروح أوعلة يخاف منها على نفسه يتيمم ، وكذلك إن خاف أن يقتله البرد إن اغتسل يتيمم ، وان لم يخف اغتسل ، فان مات فهو شهيد. ومن لم يكن معه من الماء إلا شئ يسير يخاف إن هوتوضأ به أو تطهر أن يموت عطشا ، قالوا عليهم‌السلام : يتيمم ، و يبقي الماء لنفسه ولا يعين على هلاكها ، قال الله عزوجل (١) « ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما » (٢).

وقالوا صلوات الله عليهم في المسافر إذا لم يجد الماء إلا بموضع يخاف فيه على نفسه ، إن مضى في طلبه من لصوص او سباع أو يخاف منه التلف والهلاك يتيمم ويصلي (٣).

وقالوا في المسافر يجد الماء بثمن غال أن يشتريه إذا كان واجدا لثمنه فقد وجده إلا أن يكون في دفعه الثمن ما يخاف منه على نفسه التلف إن عدمه والعطب فلا يشتريه ، ويتيمم بالصعيد ويصلي (٤).

وعن علي عليه‌السلام قال : لا بأس أن يجامع الرجل امرأته في السفر ، وليس معه ماء ويتيمم ويصلي ، وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن مثل هذا فقال : نعم ائت أهلك وتيمم وتؤجر قال : يا رسول الله وأوجر؟ قال : نعم ، إذا أتيت الحلال أجرت كما أنك إذا أتيت الحرام أثمت (٥).

بيان : إكاف الحمار ككتاب وغراب برعته ، وهي ما يلقى تحت الرحل.

٢٩ ـ أربعين الشهيد : عن محمد بن القاسم بن معية الحسني الديباجي عن السيد علي بن عبدالحميد بن فخار الموسوي ، عن أبيه ، عن جده ، عن السيد عبدالحميد بن التقي الحسني ، عن السيد فضل الله بن علي الراوندي ، عن السيد ذي الفقار بن معد الحسني ، عن الشيخ الصدوق أحمد بن علي النجاشي ، عن أحمد ابن عبدون ، عن أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري ، عن أحمد بن إدريس ، عن

____________________

(١) النساء : ٣٩.

(٢ ـ ٥ ) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢١.

١٦٨

محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس بن معروف ، عن إسماعيل بن همام ، عن محمد ابن سعيد بن غزوان ، عن إسماعيل بن ابي زياد السكوني ، عن الصادق ، عن أبيه عن آبائه صلوات الله عليهم ، عن أبي ذر الغفاري أنه أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله هلكت : جامعت على غير ماء ، قال : فأمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بمحمل فاستترت به ، وبماء فاغتسلت أنا وهي ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين.

ومنه : باسناده ، عن شيخ الطائفة ، عن المفيد ، عن الصدوق محمد بن بابويه عن والده ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم عن داود بن النعمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن عمارا اصابته جنابة فتمعك في التراب كما تتمعك الدابة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يهز أبه : يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة؟ فقلنا له : فكيف التيمم؟ فوضع يديه على الارض ثم رفعهما فمسح وجهه ويديه فوق الكف قليلا.

بيان : الظاهر أن قائل « فقلنا » داود ، والمقول له الصادق عليه‌السلام ويحتمل أن يكون القائل الصحابة الذين كانوا حاضرين ، والمقول له هو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، و الامام حكى كلامهم بلفظه ، ويؤيده بعض الروايات ، وإن كان بعيدا هنا.

وظاهره الاكتفاء بالوضع بدون اعتماد ، ومسح جميع الوجه ، وقد مر الكلام فيهما ، وقوله « فوق الكف قليلا » يحتمل وجهين ، الاول مسح قليل من ظهر الكف فيدل على عدم وجوب الاستيعاب كماذهب إليه الصدوق ، والثاني أنه ابتدأ في المسح بما فوق الكف من باب المقدمة.

١٦٩

ابواب

* « ( الجنايز ومقدماتها ولواحقها ) » *

١

* ( باب ) *

* « ( فضل العافية والمرض وثواب المرض ) » *

* « ( وعلله وأنواعه ) » *

١ ـ الخصال : عن جعفر بن علي الكوفي ، عن جده الحسن بن علي ، عن جده عبدالله بن المغيرة ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعمتان مكفورتان الامن والعافية (١).

بيان : « مكفورتان » أي مستورتان عن الناس ، لا يعرفون قدرهما ، أو لا يشكرهما الناس لغفلتهم عن عظم شأنهما.

٢ ـ الخصال : عن ابيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما : الصحة والفراغ (٢).

٣ ـ ومنه : عن الخليل بن أحمد. عن محمد بن معاذ ، عن الحسين بن الحسن المروزي ، عن عبدالله بن المبارك والفضل بن موسى معا ، عن عبدالله بن سعيد بن

____________________

(١ و ٢) الخصال ج ١ ص ١٩.

١٧٠

أبي هند ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعمتان مفتون [ مغبون ] خ فيهماكثير من الناس : الفراغ والصحة (١).

توضيح : « مغبون » في بعض النسخ بالغين المعجمة والباء الموحدة ، قال في القاموس : غبن الشئ وفيه كفرح غبنا وغبنا نسيه أو أغفله أو غلط فيه ، ورأيه بالنصب غبانة وغبنا محركة ضعف ، فهو غبين ومغبون ، وغبنه في البيع يغبنه غبنا ويحرك ، أو بالتسكين في البيع وبالتحريك في الرأي ، خدعه ، وقد غبن كعني فهو مغبون انتهى فالمعنى أنهم مخدوعون من الشيطان في ترك شكرهما ، ويحتمل بعض المعاني الاخر.

وفي أكثر النسخ بالفاء والتاء أي مختبرون امتحنهم الله بهما وابتلاهم ليرى كيف شكرهم فيهما ، أو افتتنوا ووقعوا في الضلال والاثم بهما ، والفراغ التخلي من الشغل والعمل ، أو فراغ القلب من الخوف والحزن ، والاخير أنسب بالخبر الاول.

٤ ـ الخصال : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن الجاموراني عن سجادة ، عن درست ، عن ابي خالد السجستاني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خمس خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش ، زايل العقل ، مشغول القلب : فأولاها صحة البدن ، والثانية الامن ، والثالثة السعة في الرزق ، و الرابعة الانيس الموافق ، قلت : وما الانيس الموافق؟ قال : الزوجة الصالحة والولد الصالح والخليط الصالح ، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال الدعة (٢).

بيان : الدعة السكون وقلة الاشغال قال في النهاية : ودع بالضم وداعة ودعة أي سكن وترفه ، وفي الصحاح الدعة الخفض ، والهاء عوض من الواو ، تقول منه : ودع الرجل فهو وديع ، أي ساكن ، ورجل متدع أي صاحب دعة

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٩.

(٢) الخصال ج ١ ص ١٣٧.

١٧١

وراحة ، والموادعة المصالحة انتهى ، ويحتمل أن يكون المراد عدم المنازعة والمخاصمة.

٥ ـ مجالس الصدوق : عن أحمد بن يحيى المكتب ، عن أحمد بن محمد الوراق ، عن بشر بن سعيد بن قلبويه ، عن عبدالجبار بن كثير قال : سمعت محمد حرب الهلالي أمير المدينة يقول : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : العافية نعمة خفية إذا وجدت نسيت ، وإذا فقدت ذكرت (١).

قال : وسمعت الصادق عليه‌السلام يقول : العافية نعمة يعجز الشكر عنها (٢).

٦ ـ ومنه : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبدالهل بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خمس من لم يكن فيه لم يتهن بالعيش : الصحة ، والامن ، والغنى ، والقناعة والانيس الموافق (٣).

٧ ـ معانى الاخبار : عن محمد بن أحمد بن تميم ، عن محمد بن إدريس ، عن محمد بن مهاجر ، عن الجريري ، عن أبي الورد بن تمام ، عن اللجلاج ، عن معاذ ابن كثير قال : كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فمر برجل يدعو ، هو يقول : « أسألك اللهم الصبر » فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : سألت البلاء فاسأل الله العافية الخبر (٤).

٨ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحكم الحناط ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : النعيم في الدنيا الامن وصحة الجسم ، وتمام النعمة في الآخرة دخول الجنة ، وما تمت النعمة على عبد قط ما لم يدخل الجنة (٥).

٩ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال

____________________

(١ و ٢) أمالى الصدوق ص ١٣٨.

(٣) أمالى الصدوق ص ١٧٥ في حديث.

(٤) معانى الاخبار ص ٢٣٠.

(٥) معانى الاخبار : ٤٠٨.

١٧٢

عن يونس بن يعقوب ، عن شعيب العقرقوفي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : شئ يروى عن أبي ذر رحمه‌الله أنه قال : ثلاثة يبغضها الناس وأنا أحبها أحب الموت ، وأحب الفقر ، وأحب البلاء ، فقال : هذا ليس على ما يروون ، إنما عنى : الموت في طاعة الله أحب إلي من الحياة في معصية الله ، والفقر في طاعة الله أحب إلي من الغنى في معصية الله ، والبلاء في طاعة الله أحب إلي من الصحة في معصية الله (١).

١٠ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن علي عن حارث بن الحسن الطحان ، عن إبراهيم بن عبدالله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا يبلغ أحدكم حقيقة الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : حتى يكون الموت أحب إليه من الحياة ، والفقر أحب إليه من الغنى ، والمرض أحب إليه من الصحة ، قلنا : ومن يكون كذا؟ قال : كلكم ، ثم قال : أيما أحب إلى أحدكم؟ يموت في حبنا أو يعيش في بغضنا؟ فقلت : نموت والله في حبكم أحب إلينا ، قال : وكذلك الفقر والغنى ، والمرض والصحة ، قلت : إي والله (٢).

١١ ـ دعوات الراوندي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الصحة بضاعة ، والتواني إضاعة ، ألا إن من النعم سعة المال ، وأفضل من سعة المال صحة البدن ، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب.

وقال عليه‌السلام : السلامة مع الاستقامة.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك.

وقال عليه‌السلام : خير ما يسأل الله العبد العافية.

وقال عيسى عليه‌السلام : الناس رجلان معافى ومبتلى ، فارحموا المبتلى ، واحمدوا الله على العافية ، وفي حكمة آل داود : العافية الملك الخفي.

____________________

(١) معانى الاخبار ص ١٦٥.

(٢) معانى الاخبار ص ١٨٩.

١٧٣

وروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على مريض فقال : ما شأنك؟ قال : صليت بنا صلاة المغرب فقرأت القارعة ، فقلت : « اللهم إن كان لي عندك ذنب تريد أن تعذبني به في الآخرة فعجل ذلك في الدنيا ، فصرت كماترى ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئسما قلت! الا قلت : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار » فدعا له حتى أفاق.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحسنة في الدنيا الصحة والعافية وفي الآخرة المغفرة والرحمة.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كفى بالسلامة داء.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يذهب حبيبتا عبد فيصبر ويحتسب إلا أدخل الجنة.

وقال : إن الله يبغض العفرية النفرية الذي لم يرزء في جسمه ولا ماله.

وقال : إن الرجل ليكون له الدرجة عند الله لا يبلغها بعمله يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك (١).

بيان : البضاعة بالكسر رأس المال ، أي الصحة رأس مال الانسان في اقتناء الصالحات واكتساب السعادات.

وقوله عليه‌السلام : « السلامة مع الاستقامة » أي لا تكون سلامة الجسم والقلب إلا مع الاستقامة في الدين ، وما يبتلى به الناس إنما هو لتركهم الاستقامة كما قال سبحانه « وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم » (٢) وقال تعالى : « وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا » (٣) أو المعنى أن السلامة إنماتنفع إذا كانت مع الاستقامة ، وأما السلامة التي غايتها عذاب الآخرة ، فليست بسلامة ، و بعبارة أخرى السلامة مع الاستقامة ، وإن كانت مع بلايا الدنيا ومصائبها.

والحاصل أنه لما كانت السلامة غالبا تصير سببا للتوغل في الشرور والمعاصي

____________________

(١) دعوات الراوندي مخطوط.

(٢) الشورى : ٣٠.

(٣) الجن : ١٦.

١٧٤

بين عليه‌السلام أن مثل تلك السلامة عين الابتلاء ، ويؤيده قوله عليه‌السلام « كفى بالسلامة داء » أي تصير غالبا سببا للادواء النفسانية ، والامراض الروحانية ، أو المعنى أن السلامة عن معارضة الناس والمسالمة معهم ، إنما تجوز إذا كانت مع الانقياد للحق وموافقة رضى الله ، لا كما اختاره جماعة من الاشقياء في زمانه صلوات الله عليه ، وخالفوا إمامهم ، وكفروا وارتدوا والاوسط اظهر ، والحبيبتان العينان.

وقال الجوهري : العفر الرجل الخبيث الداهي ، والمرءة عفرة ، قال أبوعبيدة : العفريت من كل شئ المبالغ ، يقال : فلان عفريت نفريت ، وعفرية نفرية وفي الحديث « إن الله يبغض العفرية النفرية الذي لا يرزء في أهل ولا مال » والعفرية المصحح ، والنفرية إتباع ، وقال في نفر النفريت إتباع للعفريت وتوكيد.

وقال في النهاية بعد ذكر الحديث : هو الداهي الخبيث الشرير ، ومنه العفريت ، وقيل : هو الجموع المنوع ، وقيل الظلوم ، وقال الجوهري في تفسيره : العفرية المصحح والنفرية إتباع له ، وكأنه اشبه لانه قال في تمامه : الذي لا يرزء في أهل ولا مال.

وقال الزمخشري : العفر والعفرية والعفريت والعفارية ، القوي المتشيطن الذي يعفر قرنه ، والياء في عفرية وعفارية للالحاق بشر ذمة وعذافرة ، والهاء فيهما للمبالغة ، والتاء في عفريت للالحاق بقنديل ، وقال في حديث سراقة فلم يرزآني شيئا اي لم يأخذا مني شيئا يقال : رزأته أرزؤه ، وأصله النقص ، ومنه ما رزءنا من مالك شيئا اي ما نقصنا منه شيئا ولا أخذنا.

١٢ ـ نهج البلاغة : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا وإن من البلاء الفاقة ، واشد من الفاقة مرض البدن ، وأشد من مرض البدن مرض القلب ، ألا وإن من النعم سعة المال ، وأفضل من سعة المال صحة البدن ، وافضل من صحة البدن تقوى القلب (١).

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٣٨٨ من قسم الحكم.

١٧٥

وقال عليه‌السلام : لا ينبغي للعبد ان يثق للعبد ان يثق بخصلتين : العافية والغنا ، بينا تراه معافى إذ سقم ، وبينا تراه غنيا إذ افتقر (١).

١٣ ـ دعائم الاسلام : عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله : صلى‌الله‌عليه‌وآله عاد رجلا من الانصار فشكى إليه ما يلقى من الحمى فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الحمى طهور ، من رب غفور ، قال الرجل : بل الحمى يفور بالشيخ الكبير حتى تحله في القبور ، فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ليكن بك ما قلت ، فمات منه (٢).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : حمى يوم كفارة سنة ، وسمعنا بعض الاطباء وقد حكي له هذا الحديث ، فقال : هذا يصدق قول أهل الطب إن حمى يوم تؤلم البدن سنة (٣).

وعن علي عليه‌السلام قال : إذا ابتلى الله عبدا أسقط عنه من الذنوب بقدر علته (٤).

١٤ ـ كتاب محمد بن المثنى بن القاسم : عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح المحاربي ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : مر أعرابي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : أتعرف أم ملدم؟ قال : وما أم ملدم؟ قال : صداع يأخذ الراس ، و سخونة في الجسد ، فقال الاعرابي : ما اصابني هذا قط ، فلما مضى قال : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا.

قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : قال علي بن الحسين : إني لاكره أن يعافى الرجل في الدنيا ولا يصيبه شئ من المصائب ونحو هذا.

بيان : في القاموس أم ملدم الحمى.

١٥ ـ مجالس الصدوق : عن أحمد بن محمد العطار ، عن سعد بن عبدالله ، عن الهيثم النهدي ، عن ابن محبوب ، عن سماعة ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفرها به ، ابتلاه الله بالحزن في الدنيا ، ليكفرها به

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٤٢٦ من قسم الحكم.

(٢ و ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢١٧.

(٤) المصدر ج ١ ص ٢١٨.

١٧٦

فان فعل ذلك به وإلا أسقم بدنه ليكفرها به ، فان فعل ذلك به وإلا شدد عليه عند موته ليكفرها به ، فان فعل ذلك به ، وإلا عذبه في قبره ليلقى الله عزوجل يوم يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من ذنوبه (١).

١٦ ـ ومنه : عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانة ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن المؤمن ليهول عليه في منامه فتغفر له ذنوبه ، وإنه ليمتهن في بدنه فتغفر له ذنوبه (٢).

ايضاح قال الجوهري : المهنة بالفتح الخدمة ، وقد مهن القوم يمهنهم مهنة اي خدمهم ، وامتهنت الشئ ابتذلته ، وأمهنته أضعفته انتهى ، ولعل المراد هنا الابتذال بالامراض ، ويحتمل أن يراد به الخدمة للناس ، والعلم لهم.

١٧ ـ مجالس الصدوق : عن حمزة العلوي ، عن عبدالعزيز الابهري عن محمد بن زكريا الجوهري ، عن شعيب بن واقد ، عن الحسين بن زيد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال:قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله:من مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده بعثه الله يوم القيامة مع إبراهيم خليل الرحمان حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع (٣).

١٨ ـ الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن ابي عمير عن السري بن خالد ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا أراد الله بعبد خيرا عجل عقوبته في الدنيا ، وإذا أراد بعبد سوء أمسك عليه ذنوبه حتى يوافي بهايوم القيامة (٤).

١٩ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١٧٧.

(٢) المصدر ص ٢٩٩.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٥٩.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٣.

١٧٧

القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عن آبائه عليهم‌السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : توقوا الذنوب ، فما من بلية ولا نقص رزق إلا بذنب ، حتى الخدش ، والكبوة ، والمصيبة ، قال الله عز وجل : « وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير » (١).

وقال عليه‌السلام : ليس من داء إلا وهو من داخل الجوف إلا الجراحة والحمى ، فانهما يردان ورودا (٢).

وقال عليه‌السلام : ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه إما في مال أو في ولد وإما في نفسه ، حتى يلقى الله عز وجل وماله ذنب ، وإنه ليبقى عليه الشئ من ذنوبه فيشدد به عليه عند موته (٣).

بيان : قوله عليه‌السلام « فانهما يردان » لعل المعنى أن في طريان سائر الامراض يشترط وجود مادة في البدن سابقا تنجر إليها ، بخلاف الحمى ، فانه قد يكون بسبب الامور الخارجة ، كتصرف الهواء البارد أو الحار والامر في الجراحة ظاهر.

٢٠ ـ الخصال : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن علي ابن السندي ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : إذا أحب الله عبدا نظر إليه ، فاذا نظر إليه أتحفه من ثلاثة بواحدة : إما صداع ، وإما حمى ، وإمارمد (٤).

٢١ ـ ومنه : عن أحمد بن زياد الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن ابيه عن ابن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تكرهوا أربعة فانها لاربعة : لا تكرهوا الزكام فانه أمان من الجذام ، ولا تكرهوا الدماميل فانها أمان من البرص ، ولا

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥٨ ، والاية في الشورى : ٣٠.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٦٠.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٦٩.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٠.

١٧٨

تكرهوا الرمد فانه أمان من العمى ، ولا تكرهوا السعال فانه أمان من الفالج (١).

دعوات الراوندى : مرسلا مثله.

٢٢ ـ الخصال : عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد ابن محمد ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن الحسن بن علي بن ابي عثمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : أربع خصال لا تكون في مؤمن : لا يكون مجنونا ، ولا يسأل على أبواب الناس ، ولا يولد من الزنا ، ولا ينكح في دبره (٢).

٢٣ ـ ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن سهل بن زياد ، عن السياري ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عمن أخبره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل أعفى شيعتنا من ست : من الجنون ، والجذام ، والبرص ، والابنة وأن يولد له من زنا ، وأن يسأل الناس بكفه (٣).

٢٤ ـ ومنه : في حديث مرفوع موقوف قال : أربعة قليل منها كثير : المرض القليل منه كثير الخبر (٤).

٢٥ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن ابي حمزة ، عن الاصبغ بن نباته ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه ، ثم أقبل علينا فقال : ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا إلا كان الله أحلم وأمجد وأجود وأكرم من أن يعود في عقابه يوم القيامة ، وما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا وعفى عنه إلا كان الله أمجد وأجود وأكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة ، ثم قال : قد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله ، ثم تلا هذه الآية « وما

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٩٩.

(٢) الخصال ج ١ ص ١٠٩.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٦٣.

(٤) الخصال ج ١ ص ١١٣.

١٧٩

أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير » وحثا بيده ثلاث مرات (١).

بيان : حثيه عليه‌السلام بيده ثلاث مرات كما يحثى التراب لبيان كثرة ما يعفو الله عنه.

٢٦ ـ التفسير : عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله « وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير » قال : أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته هو بما كسبت أيديهم؟ وهم أهل طهارة معصومين؟ قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب ، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب (٢).

معانى الاخبار : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب مثله (٣).

توضيح : أي كما أن استغفاره صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن لحط الذنوب ، بل لرفع الدرجات ، فكذا ابتلاؤهم ، والحاصل أن المخاطب في الآية غيرهم كما سيأتي.

٢٧ ـ التفسير : قال الصادق عليه‌السلام : لما ادخل علي بن الحسين عليهما‌السلام على يزيد لعنه الله نظر إليه ثم قال له : يا علي بن الحسين « وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم » فقال علي بن الحسين عليه‌السلام : كلا ما هذه فينا نزلت ، وانما نزلت فينا « ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تاسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم » فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا ، ولا نفرح بما أوتينا (٤).

____________________

(١ و ٢) تفسير القمى : ٦٠٣ ، والاية في سورة الشورى : ٣٠.

(٣) معانى الاخبار : ٣٨٣ و ٣٨٤.

(٤) تفسير القمى ص ٦٠٣ والاية في سورة الحديد : ٢٢.

١٨٠