بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أو توفي فجزع أهله عليه جزعا شديدا.

قال : فغبت عنهم ثم أتيتهم بعد ذلك فرأيت عزاء حسنا فقلت كيف تجدونكم؟ كيف عزاؤك أيتها المرءة؟ فقالت : والله لقد اصبنا بمصيبة عظيمة بوفاة فلان ، وكان مما طيب نفسي لرؤيا رأيتها الليلة ، فقلت : كيف؟ قالت : رأيته وقلت له ما كنت ميتا قال : بلى ، ولكن نجوت بكلمات لقننيهن أبوبكر الحضرمي ، ولولا ذلك كدت أهلك.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : نابذوا عند الموت ، فقيل : كيف ننابذ؟ قال : قولوا  « قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون » إلى آخر السورة.

وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال عند الوفاة : « تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان » (١) ثم كان يقول لا إله إلا الله حتى توفي.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فان من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، قيل : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن شدائد الموت وسكراته تشغلنا عن ذلك ، فنزل في الحال جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا محمد! قل لهم حتى يقولوا الآن في الصحة : لا إله إلا الله عدة للموت أو كما قال.

وكان زين العابدين عليه‌السلام يقول عند الموت : « اللهم ارحمني فانك كريم اللهم ارحمني فانك رحيم » فلم يزل يرددها حتى توفي صلوات الله عليه.

وكان عند رسول الله قدح فيه ماء وهو في الموت ويدخل يده في القدح و يمسح وجهه بالماء ويقول : « اللهم أعني على سكرات الموت ».

وروي أنه تقرء عند المريض والميت آية الكرسي وتقول : « اللهم أخرجه إلى رضى منك ورضوان اللهم اغفر له ذنبه ، جل ثناء وجهك » ثم تقرء آية السخرة « إن ربكم الله الذي خلق السموات » (٢) الخ ثم تقرء ثلاث آيات من من آخر البقرة « لله ما في السموات والارض » ثم يقرء سورة الاحزاب.

____________________

(١) المائدة : ٢.

(٢) الاعراف ص ٥٤.

٢٤١

ايضاح : قوله عليه‌السلام : « عشر بركات » أقول : ماذكره اثنى عشر ، و لعل تكرار المحبوس والمسجون للتأكيد ، فهما يعدان بواحد إن لم يكن التكرار من النساخ أو الرواة ، والقراءة عند الميت ليست من تلك العشر فانه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعد فوائدها للقارئ ويمكن عد الشبع والارتواء واحدا.

والغرغرة تردد الروح في الحلق ، ذكره الجوهري ، وضمير بينه في قوله « بينكم وبينه » راجع إلى الموت ، ويحتمل إرجاعه إلى الله.

قولها : مما طيب نفسي ، في الكافي (٢) « مما سخي بنفسي لرؤيا رأيتها الليلة فقلت وما تلك الرؤيا؟ قالت : رأيت فلانا تعني الميت حيا سليما ، فقلت فلان قال نعم ، فقلت ما كنت مت فقال : بلى » إلى آخر الخبر فقولها مما سخي على بناء المجهول ، لمكان الباء أو على المعلوم بأن تكون الباء زائدة.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « نابذوا » المنابذة المكاشفة والمقاتلة ، ولعل المراد المكاشفة مع الشيطان أو مع الكافرين باظهار العقايد الحقة والتبرى منهم و من عقائدهم.

٢٧ ـ عدة الداعى : روي عنهم عليهم‌السلام ينبغي في حالة المرض خصوصا مرض الموت أن يزيد الرجاء على الخوف.

٢٨ ـ مصباح الشيخ : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من لم يحسن الوصية عند موته كان ذلك نقصا في عقله ومروته ، قالوا : يا رسول الله وكيف الوصية؟ قال : إذا حضرته الوفاة ، واجتمع الناس عنده قال اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إني أعهد إليك أني أشهد أن لا إله إلا انت ، وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنك تبعث من في القبور ، وأن الحساب حق وأن الجنة حق ، وما وعد فيها من النعيم من المأكل والمشرب والنكاح حق وأن النار حق

٢٤٢

وأن الايمان حق وأن الدين كما وصفت ، وأن الاسلام كما شرعت وأن القول كما قلت ، وأن القرآن كما أنزلت ، وأنك أنت الله الحق المبين.

وأني أعهد إليك في دار الدنيا أني رضيت بك ربا وبالاسلام دينا ، وبمحمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نبيا وبعلي وليا ، وبالقرآن كتابا ، وأن أهل بيت نبيك عليه و عليهم‌السلام أئمتي.

اللهم أنت ثقتي عند شدتي ، ورجائي عند كربتى ، وعدتي عند الامور التي تنزل بي وأنت ولي نعمتي ، وإلهي وإله آبائي ، صل على محمد وآله ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، وآنس في قبري وحشتي ، واجعل لي عهدا عندك يوم ألقاك منشورا.

فهذا عهد الميت يوم يوصي بحاجته ، والوصية حق على كل مسلم ، قال أبو عبدالله عليه‌السلام وتصديق هذا في سورة مريم قول الله تبارك وتعالى « لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » وهذا هو العهد.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عيه السلام : تعلمها أنت وعلمها أهل بيتك وشيعتك ، قال وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علمنيها جبرئيل عليه‌السلام (١).

٢٩ ـ دعائم الاسلام : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : من الفطرة أن يستقبل بالعليل القبلة إذا احتضر (٢).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : إذا حضرت الرجل المسلم قبل أن يموت فلقنه شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبدا ورسوله (٣).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : يستحب لمن حضر النازع أن يقرء عند رأسه آية الكرسي وآيتين بعدها ، ويقرء « إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض

____________________

(١) المصباح ص ١١ ورواه القمى في تفسيره ص ٤١٥ ولم يخرجه ورواه السيد في فلاح السائل ص ٦٠ ، وقد أخرجه في كتاب الوصايا ج ١٠٣.

(٢ ـ ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢١٩.

٢٤٣

في ستة أيام » إلى آخر الآية (١) ثم ثلاث آيات من آخر البقرة ثم يقول :  « اللهم أخرجها منه إلى رضى منك ورضوان ، اللهم لقه البشرى ، اللهم اغفر له ذنبه وارحمه » (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : ان المؤمن إذا حيل بينه وبين الكلام أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس عن يمينه ويأتي علي عليه‌السلام فجلس عن يساره ، فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أماما كنت ترجو فهو أمامك وأما ما كنت تخافه فقد أمنته ، ثم يفتح له باب من الجنة فيقال له : هذا منزلك من الجنة ، فان شئت رددت إلى الدنيا ولك ذهبها وفضتها ، فيقول : لا حاجة لي في الدنيا فعند ذلك يبيض وجهه ، ويرشح جبينه وتتقلص شفتاه ، وينتشر منخراه ، وتدمع عينه اليسرى ، فاذا رأيتم ذلك فاكتفوا به ، وهو قول الله عزوجل « لهم البشرى في الحيوة الدنيا » (٣).

بيان : فاكتفوا به أي في الشروع في الاعمال المتعلقة بالاحتضار ، أو في العلم بأنه قد حضره النبي والائمة صلوات الله عليهم إن مات بعد ذلك لا العلم بالموت ، فانها قد تتخلف عن الموت كثيرا.

٣٠ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل له : يا رسول الله إن عبدالله بن رواحة ثقيل لما به فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله وقمنا معه ، حتى دخل عليه ، فأصابه مغمى عليه لا يعقل شيئا ، والنساء يبكين ويصرخن ويصحن ، فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات فلم يجبه ، فقال : « اللهم هذا عبدك إن كان قد انقضى أجله ورزقه وأثره ، فالى جنتك ورحمتك ، وان لم ينقض أجله ورزقه وأثره فعجل شفاءه وعافيته ».

____________________

(١) الاعراف : ٥٤.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢١٩.

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٠ وفيه : فاذا رأيتها فاكتف بها ، وذكر باقى الحديث وقال هو قول الله عزوجل : لهم البشرى ، الخ ، والحديث بتمامه في الكافى ج ٣ ص ١٢٩ و ١٣٠.

٢٤٤

فقال بعض القوم : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عجبا لعبد الله بن رواحة وتعرضه في غير موطن للشهادة ، فلم يرزقها حتى يقبض على فراشه ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن الشهيد من أمتي؟ فقالوا : أليس هو الذي يقتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن شهداء أمتي إذا لقليل ، الشهيد الذي ذكرتم ، والطعين والمبطون ، وصاحب الهدم والغرق ، والمرءة تموت جمعا.

قالوا : وكيف تموت جمعا يا رسول الله؟ قال : يعترض ولدها في بطنها.

ثم قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجد عبدالله بن رواحة خفة فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوقف فقال : يا عبدالله حدث بما رأيت ، فقد رأيت عجبا ، فقال : يا رسول الله رأيت ملكا من الملائكة بيده مقمعة من حديد تأجج نارا كلما صرخت صارخة « يا جبلاه » أهوى بها لهامتي ، وقال أنت جبلها فأقول لا بل الله ، فيكف بعد إهوائها وإذا صرخت صارخة « يا عزاه » أهوى بها لهامتي وقال أنت عزها ، فأقول : لا بل الله فكيف بعد إهوائها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : صدق عبدالله فما بال موتاكم يبتلون بقول أحيائكم (١).

بيان : عجز هذا الحديث يخالف بعض أصولنا ، وسيأتي عدم تعذيب الميت ببكاء الحي ، ولعل الخبر على تقدير صحته محمول على أن الميت كان مستحقا ببعض أعماله لنوع من العذاب ، فعذب بهذا الوجه ، أو فعل ذلك به لتخفيف سيئاته أو لانه كان آمرا أو راضيا به ، ولعل الخبر عامي.

وقال في النهاية في حديث الشهداء : والمرءة تموت بجمع أي تموت وفي بطنها ولد ، وقيل التي تموت بكرا ، والجمع بالضم بمعنى المجموع كالذخر بمعنى المدخور ، ويكسر الكسائي الجيم ، والمعنى أنها ماتت مع شئ مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة.

٣١ ـ مصباح الانوار : عن ابن أبي رافع ، عن أبيه ، عن أمه سلمى قال : اشتكت فاطمة عليها‌السلام بعدما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بستة اشهر قالت : فكنت أمرضها

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٥ و ٢٢٦.

٢٤٥

فقالت لي ذات يوم : اسكبي لي غسلا قالت فسكبت لها غسلا فقامت فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ، ثم قالت : يا سلمى هلمي ثيابي الجدد ، فأتيتها بها فلبستها ثم جاءت إلى مكانها الذي كانت تصلي فيه ، فقال : قربي فراشي إلى وسط البيت ، ففعلت فاضطجعت عليه ، ووضعت يدها اليمنى تحت خدها واستقبلت القبلة ، وقالت : يا سلمى إني مقبوضة الآن ، قالت : وكان علي عليه‌السلام يرى ذلك من صنيعها فلما سمعها تقول : إني مقبوضة الآن ، استبقت عيناه بالدموع ، فقالت يا أبا الحسن اصبر! فان الله مع الصابرين ، الله خليفتي عليك ، وضمت حسنا وحسينا إليها.

قالت سلمى فكأنها كانت نائمة قبضت صلوات الله عليها فأخذ علي في شأنها وأخرجها فدفنها ليلا.

٢٤٦

٦

* ( باب ) *

* « ( تجهيز الميت وما يتعلق به من الاحكام ) » *

١ ـ العلل عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل تطول على عباده بثلاث : القى عليهم الريح بعد الروح ، ولولا ذلك ما دفن حميم حميما ، وألقى عليهم السلوة بعد المصيبة ، ولولا ذلك لا انقطع النسل ، وألقى على هذه الحبة الدابة ولولا ذلك لكنزتها ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة (١).

٢ ـ الخصال : عن أحمد بن محمد العطار ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن ابن أبي عمير مثله (٢).

بيان : في القاموس سلاه وعنه كدعاه ورضيه سلوا وسلوا نسيه ، وأسلاه عنه فتسلى ، والاسم السلوة ويضم.

٣ ـ العلل قال أبي في رسالته إلي : لا يترك الميت وحده ، فان الشيطان يعبث به في جوفه (٣).

فقه الرضا عليه‌السلام : مثله (٣).

الفقيه : عن الصادق عليه‌السلام مثله (٥).

بيان : لا يبعد أن يكون المراد به حال الاحتضار ، فالمراد بعبث الشيطان وسوسته وإضلاله ، والاصحاب حملوه على ظاهره ، ولذا أوردناه في هذا الباب.

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٢.

(٢) الخصال ج ١ ص ٥٤.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٩٠.

(٤) فقه الرضا ص ١٧.

(٥) فقيه من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٨٦.

٢٤٧

٤ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن يونس ، عن إسماعيل بن عبدالخالق قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : خمسة ينتظر بهم إلا أن يتغيروا : الغريق ، والمصعوق ، والمبطون ، والمهدوم ، والمدخن (١).

الهداية : مرسلا مثله (٢).

بيان : لا خلاف في استحباب تعجيل تجهيز الميت ودفنه إلا مع الاشتباه ، فينتظر به إلى أن يتحقق موته ، وما ورد في بعض الاخبار من تحديد التربص باليومين والثلاثة ، فهو مبني على الغالب من حصول العلم بعد ذلك ، وكذا التغيير الوارد في هذا الخبر إذ يمكن حصول العلم بدون هذه الامور ، وإن كان الاحوط عدم الدفن قبل التغير ، وحكم في الذكرى بوجوب التربص ثلاثا ، إلا أن يعلم حاله قبل ذلك.

٥ ـ العلل عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبدالله بن جعفر ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد وابن سنان جميعا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ينبغي لاولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان الميت بموته ، فيشهدون جنازته ويصلون عليه ، ويستغفرون له ، فيكسب لهم الاجر ويكسب لميته الاستغفار ويكسب هو الاجر فيهم وفيما اكتسب لميته من الاستغفار (٣).

السرائر : نقلا من كتاب ابن محبوب مثله (٤).

دعوات الراوندى : عنه عليه‌السلام مثله.

بيان : المشهور استحباب إيذان إخوانه بموته ، وقال الشيخ في الخلاف لا نص في النداء وفي المعتبر والتذكرة لا بأس به ، وقال الجعفي يكره النعي إلا

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٤٤.

(٢) الهداية : ٢٥.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٤.

(٤) السرائر : ٤٧٤.

٢٤٨

أن يرسل صاحب المصيبة إلى من يختص به.

٦ ـ العلل عن محمد بن موسى ، عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن ابي عبدالله ، عن ابن محبوب ، عن ابن سيابة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا تكتموا موت ميت من المؤمنين مات في غيبته لتعتد زوجته ويقسم ميراثه (١).

٧ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إن كان الميت مصعوقا او غريقا أو مدخنا صبرت عليه ثلاثة أيام ، إلا أن يتغير قبل ذلك ، فان تغير غسلت وحنطت ودفنت (٢).

وقال عليه‌السلام : اعلم يرحمك الله أن تجهيز الميت فرض واجب على الحي ، عودوا مرضاكم ، وشيعوا جنازة موتاكم ، فانها من خصال الايمان ، وسنة نبيكم تؤجرون على ذلك ثوابا وعظيما (٣).

وقال عليه‌السلام : أول من جعل له النعش فاطمة ابنة رسول الله صلوات الله عليها ، وعلى أبيها وبعلها وبنيها (٤).

بيان : المشهور بين الاصحاب وجوب الاحكام المتعلقة بالميت من توجيهه إلى القبله ، وتغسيله ، وتكفينه ، والصلاة عليه ، ودفنه على كل من علم بموته على الكفاية وهل المعتبر في السقوط عن المكلفين العلم بوقوع الفعل على الوجه الشرعي أم يكفي الظن الغالب بذلك ، فيه قولان أحوطهما الاول ، وان كان القول بسقوطه إذا علم توجه جماعة من المسلمين إلى الاتيان بها ، لا سيما مع الوثوق ببعضهم لا يخلو من قوة ، واكتفى بعض المتأخرين بشهادة العدلين في السقوط إذا شهد بأن الافعال قد وقعت.

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٩١.

(٢) فقه الرضا ص ١٨.

(٣) فقه الرضا ص ٢٠.

(٤) فقه الرضا : ٢١.

٢٤٩

٨ ـ العلل عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عبدالله ، عن موسى ابن عمران ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام لاي علة دفنت فاطمة بالليل ولم تدفن بالنهار؟ قال : لانها أوصت أن لا يصلي عليها رجال (١).

بيان : المراد بالرجال أبوبكر وعمر وأتباعهما ، لكونهم قاتليها صلوات الله عليها ، ولعنة الله على من ظلمها كما مر مفصلا في كتاب الفتن ، وفي بعض النسخ مكان الرجال الرجلان الاعرابيان ، وفي بعضها الاعرابيان فقط.

٩ ـ كشف الغمة : عن ابن عباس قال : مرضت فاطمة عليها‌السلام مرضا شديدا فقالت لاسماء بنت عميس ألا ترين إلى ما بلغت (٢) فلا تحمليني على سرير ظاهر ، فقالت لا لعمري ، ولكن اصنع نعشا كما رأيت يصنع بالحبشة ، فقالت : أرينيه فأرسلت إلى جرايد رطة فقطت من الاسواق ، ثم جعلت على السرير نعشا ، وهو أول ما كان النعش فتبسمت وما رأيتها متبسمة إلا يومئذ ، حملناها فدفناها ليلا (٣).

١٠ ـ ومنه : عن أسماء بنت عميس (٤) أن فاطمة عليها‌السلام قالت : إني قد

____________________

(١) علل الشارئع ج ١ ص ١٧٦.

(٢) ظاهره : ألا ترين إلى ما بلغت من الهزال فلا تحملينى على سرير ظاهر يرانى الناس بهذه الحالة فيشمتوا بى ، وهذا المعنى خلاف ما ذكر في الحديث الاتى ، مع أنه لا يليق بالسيدة الصديقة سلام الله عليها.

(٣) كشف الغمة ج ٢ ص ٦٧ ط الاسلامية.

(٤) قد عرفت في ذيل تاريخ الزهراء سيدة نساء العالمين ج ٤٣ ص ١٨٢ من هذه الطبعة الحديثة أن اسماء بنت عميس كانت حين وفاة السيدة فاطمة ، زوجة لابي بكر وفي حجرها ولدها المرضع محمد بن أبى بكر ، فلم تكن في امكانها أن تخدم في بيت فاطمة وعلى تمرضها عامة الليالى والايام ، ثم تغسلها ليلا بنفسها وحدها كما في بعض الروايات أو مع علي عليه‌السلام كما في بعض آخر ، ولا لان تقوم نصحا لها في وجه عائشة بل وفى

٢٥٠

استقبحت ما يصنع بالنساء إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى ، فقلت : يا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا أصنع لك شيئا رأيته بأرض الحبشة ، قالت فدعوت بجريدة

____________________

وجه أبي بكر زوجها يمنعهما أن يدخلا على السيدة فاطمة ، كما وقع في ذيل هذا الحديث نفسه وقد أخرجه المؤلف العلامة في ج ٤٣ ص ١٨٩ من تاريخها صلى‌الله‌عليه‌وآله.

بل لم تكن ليأذن علي (ع) أن تحضر أسماء في بيته وهي اجنبية منه ، لحرمة الاجتماع معها في بيت. واحد. كيف بالخلوة معها لتعاونه في غسل السيدة فاطمة عليها‌السلام.

بل ولو لم بكن أسماء أجنبية منه (ع) لكان يحرم عليها الخروج من بيت زوجها أبى بكر والدخول إلى بيت فاطمة والمبيت فيه الا باذن منه.

ولو كان أبوبكر هو الذي أمر أسماء أو أذن لها بذلك لكفى به فخرا وشرفا و مكانة له من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بل ومنة عليهم حديث أخدمهم زوجته المرضعة فأجاز لها أن تدع بيته وتدع ولده الرضيع فتدخل إلى بيت فاطمة تمرضها وتخدمها تؤنسها وتصنع لها النعش سترا لجسدها منه شاميتها وشانئيها!

ولكان اذن أبي بكر لزوجته بذلك كالاستعتاب من السيدة فاطمة وقبولها خدمة أسماء والاستيناس بها بحيث توصى لها أن تلى غسلها وكفنها ودفنها كالعتبى والرضا من زوجها أبي بكر حيث قبل هذه المنة منه ، ولم تكن لترضى منه أبدا. وكيف أذنت فاطمة البتول أن تخدمها اسماء ويتوهم الناس أنها قد رضيت من أبي بكر وطابت نفسها منه ، وهي التي أوصت بأن تدفن سرا لتؤذن بذلك أنها كانت باغضة عليهما.

وهكذا ما ورد في تاريخ تزويجها بعلي عليهما‌السلام من ذكر أسماء بنت عميس ومبيتها ليلة الزفاف في بيت علي عليه‌السلام لتلى من فاطمة ما تلى الام الشفيقة من بنتها كما وقعت في ج ٤٣ ص ١٣٨ نقلا من كتاب كشف الغمة هذا ج ١ ص ٤٩٤ ط الاسلامية وفيه : أنهاكانت أسماء عاهدت خديجة أم السيدة فاطمة عند وفاتها في مكة ان بقيت إلى وقت زفاف الزهراء أن تقوم مقام خديجة في هذا الامر ، مع أن أسماء بنت عميس كانت من المهاجرات إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن ابي طالب قبل وفاة خديجة عليها‌السلام بسنين ، ولم تعد منها حتى عادت مع زوجها جعفر سنة ست من الهجرة بعد

٢٥١

فحنيتها ثم طرحت عليها ثوابا ، فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله؟ لا تعرف المرأة من الرجل ، فاذا مت فاغسليني أنت ، فلما ماتت غسلها علي وأسماء (١)

بيان : قال في الذكرى : يستحب حمل النساء في النعش للستر ، وقال : النعش لغة السرير عليه الميت ، أو السرير ، وهنا يراد المظلل عليه.

١١ ـ العلل عن علي بن أحمد ، عن أبي العباس بن محمد بن يحيى ، عن عمرو بن ابي المقدام وزياد بن عبيدالله قالا : أتى رجل أبا عبدالله عليه‌السلام فقال

____________________

غزوة خيبر ، فلم تكن في مكة لتعاهد خديجة عليها‌السلام عند رحلتها ولا في المدينة حتى تلى زفاف الزهراء سلام الله عليها.

وقد كثر ذكر أسماء بنت عميس هذه في الروايات التي تتعلق بحياة السيدة فاطمة ، تارة عند زفافها ، وأخرى عند نفاسها بأولادها ، وأخرى عند تمريضها وتغسيلها وتعبية نعش لها يسترها عن الرائين وكلها مدعومة مزعومة من روايات القصاصين واساطيرهم ، كيف واجماع علماء أهل البيت وشيعتهم قائم على أنها دفنت ليلافى بيتها خفية ، بوصية منها عليها‌السلام أوصت إلى على ذلك وعهدت اليه.

واذا كانت السيدة المظلومة المضطهدة غسلت في بيتها ليلا اختفاء من الناس وأمرائهم ( وقد كانت في بيتها بيت علي عليهما‌السلام متصلا بمسجد رسول الله (ص) ليس لهم باب يمرون منه الا من داخل المسجد ) ثم دفنت هناك ، لئلا يتمكن الامراء من الصلاة على قبرها فلم تكن حاجة إلى النعش ولا السرير لتحمل عليها ، ولا أن تشيع جنازتها بنار ومشعل أو مجمرة وغير ذلك مما نطقت به ألسنة القصاصين.

راجع في ذلك كتاب المزارع ١٠٠ ص ١٩١ ١٩٧ باب زيارة فاطمة عليها‌السلام وموضع قبرها ، وان شئت راجع التهذيب ج ٦ ص ٩ ط نجف ، عيون الاخبار ج ١ ص ٣١١ ط الاسلامية ، قرب الاسناد ص ١٦١ ط حجر ، معانى الاخبار ص ٢٦٧ ، الكافى ج ٤ ص ٥٥٦ ، الفقيه ج ٢ ص ٣٤١ ط نجف ، وقد صرح الصدوق في كتبه والشيخ في التهذيب وهكذا استظهر المؤلف العلامة المجلسى في البحار الباب المذكور آنفا ان السيدة فاطمة مدفونة في بيتها.

(١) كشف الغمة ج ٢ ص ٦٧.

٢٥٢

له : يرحمك الله هل شيعت الجنازة بنار ويمشى معها بمجمرة وقنديل أو غير ذلك مما يضاء به؟ قال : فتغير لون أبي عبدالله عليه‌السلام من ذلك ، ثم ساق الحديث الطويل فيما جرى بين فاطمة والظالمين الملعونين إلى أن قال :

فلما نعيت إلى فاطمة عليها‌السلام نفسها ، أرسلت إلى أم أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها ، فقالت : يا أم أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا فدعته لها ، فلما دخل عليها قالت له : يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال لها : قولي ما أحببت ، قالت له : تزوج فلانة تكون لولدي من بعدي مثلي ، واعمل نعشي رأيت الملائكة قد صورته لي (١) فقال لها علي : أريني كيف صورته ، فأرته ذلك كما وصف لها ، وكما أمرت به ، ثم قالت فاذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك اي ساعة كانت من ليل أو نهار ، ولا يحضرن من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي ، قال علي عليه‌السلام أفعل.

فلما قضت نحبها صلى الله عليها وهم في جوف الليل ، أخذ علي عليه‌السلام في جهازها من ساعته كما أوصته ، فلما فرغ منجهازها أخرج علي عليه‌السلام الجنازة وأشعل النار في جريد النخل ، ومشى مع الجنازة بالنار ، حتى صلى عليها ، و دفنها ليلا إلى آخر ما مر في أبواب أحوالها عليها‌السلام (٢).

تبيين : يدل على استحباب إتباع الجنازة بالسراج إذا كان بالليل ، وربما يوهم جواز استحباب الجمرة أيضا لكنه ليس إلا في كلام السائل ، وجوابه عليه‌السلام مقصور على السراج ، قال في الذكرى : يكره الاتباع بنار إجماعا ، ولو كان ليلا جاز المصباح ، لقول الصادق عليه‌السلام أن ابنة رسول الله أخرجت ليلا ومعها مصابيح.

ويدل على نفي ما ذهب إليه الحسن من العامة من عدم جواز الدفن ليلا

____________________

(١) قد مر آنفا ان التي وصفت النعش لها (ع) هي اسماء بنت أبي عميس ، وبعد ما عرفت أنها دفنت في بيتها ، لم يكن لهذا المقال مجال.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ١٧٧ ١٨٠ ، وقد مر تمامها في ج ٤٣ ص ٢٠٦٢٠١.

٢٥٣

وعلى أن ما اشتهر بين الناس من استحباب دفن النساء ليلا لدفن فاطمة عليها‌السلام ليلا لا اصل له إذ دفنها ليلا كان لفوتها ليلا مع أنها صلوات الله عليها قالت : « فاخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار » ويظهر من سائر الاخبار ان دفنها ليلا كان لئلا يحضر الملعونان جنازتها ، كما أن دفن أمير المؤمنين عليه‌السلام ليلا كان لاخفاء القبر عن الخوارج ، لعنهم الله ، مع أن أخبار تعجيل التجهيز شاملة للنساء ايضا.

ويدل على استحباب النعش الذي يستر جسد الميت للنساء أو مطلقا وفي النساء آكد ، ويدل على أن عمل النعش كان بتعليم الملائكة ، والاخبار السابقة عامية ، لكن ورد موافقا لها من طريق الخاصة ، فيمكن أن يكون أسماء أيضا وافقت الملائكة في ذلك ، ويدل على استحباب تعجيل التجهيز.

١٢ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : احبسوا الغريق يوما أو ليلة ثم ادفنوه (١).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال ، في الرجل تصيبه الصاعقة قال : لا يدفن دون ثلاث إلا أن يتبين موته ويستيقن (٢).

وعن علي عليه‌السلام قال : إذا مات الميت في أول النهار فلا يقيلن إلا في قبره ، وإذا مات في آخر النهار فلا يبيتن إلا في قبره (٣).

١٣ ـ مصباح الانوار : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : مكثت فاطمة عليها‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوما ثم مرضت فاستأذن عليها أبوبكر وعمر ، فلم تأذن لهما فأتيا أمير المؤمنين عليه‌السلام فكلماه في ذلك فكلمها وكانت لا تعصيه ، فأذنت لهما فدخلا ، وكلماها فلم ترد عليهما جوابا ، وحولت وجهها الكريم عنهما ، فخرجا وهما يقولان لعلي : إن حدث بها حدث فلا تفوتنا ، فقالت عند خروجهما لعلي عليه‌السلام : إن لي إليك حاجة ، فأحب أن لا تمنعنيها ، فقال عليه‌السلام :

____________________

(١ ـ ٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٩.

(٣) المصدر ج ١ ص ٢٣٠.

٢٥٤

وما ذاك؟ فقالت اسألك : أن لا يصلي علي أبوبكر ولا عمر ، وماتت من ليلتها ، فدفنها قبل الصباح.

فجاءا حين أصبحا ، فقالا : لا تترك عداوتك يا ابن ابي طالب أبدا ، ماتت بنت رسول الله فلم تعلمنا؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لئن لم ترجعا لافضحنكما! قالهاثلاثا ، فلما قال انصرفوا.

١٤ ـ ومنه : عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : لما حضرت فاطمة الوفاة كانت قد ذابت من الحزن ، وذهب لحمها ، فدعت أسماء بنت عميس وقال أبوبصير في حديثه عن أبي جعفر عليه‌السلام : أنها دعت أم أيمن فقالت : يا أم أيمن اصنعي لي نعشا يواري جسدى ، فاني قد ذهب لحمي ، فقالت لها : يا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا أريك شيئا يصنع في أرض الحبشة ، قالت فاطمة : بلى ، فصنعت لها مقدار ذراع من جرايد النخل ، وطرحت فوق النعش ثوبا فغطاه ، فقالت فاطمة عليها‌السلام سترتيني سترك الله من النار.

قال الفرات بن أحنف في حديثه : قال أبوجعفر عليه‌السلام : وذلك النعش أول نعش عمل على جنازة امرءة في الاسلام.

١٥ ـ ومنه : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال دفن أمير المؤمنين عليه‌السلام فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهم بالبقيع ، ورش ماء حول تلك القبور لئلا يعرف القبر ، و بلغ أبا بكر وعمر أن عليا دفنها ليلا ، فقالا له : فلم لم تعلمنا؟ قال : كان الليل وكرهت أن أشخصكم ، فقال له عمر : ما هذا ، ولكن شحناء في صدرك ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما إذا أبيتما فانها استحلفتني بحق الله وحرمة رسوله وبحقها علي أن لا تشهدا جنازتها.

١٦ ـ ومنه : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قالت : أوصت فاطمة عليها‌السلام أن لا يصلي عليها أبوبكر ولا عمر ، فلما توفيت أتاه العباس فقال : ما تريد أن تصنع؟ قال أخرجا ليلا ، قال : فذكر كلمة خوفه بها العباس منهما ، قال : فاخرجها ليلا فدفنها ورش الماء على قبرها ، قال : فلما صلى أبوبكر الفجر ، التفت

٢٥٥

إلى الناس فقال : احضروا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد توفيت في هذه الليلة ، قال : فذهب ليحضرها فاذا علي قد خرج بها ودفنها ، ومضى فاستقبل عليا راجعا ، فقال له : هذا مثل استيثارك علينا بغسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحدك ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : هي والله أوصتني أن لا تصليا عليها.

١٧ ـ ومنه : عن زيد بن علي أن فاطمة عليها‌السلام قالت لاسماء بنت عميس : يا أم إني أرى النساء على جنايزهن إذا حملن عليها تشف أكفانهن ، وإني أكره ذلك ، فذكرت لها اسماء بنت عميس النعش. فقالت : اصنعيه على جنازتي ، ففعلت ذلك.

١٨ ـ كتاب سليم بن قيس : عن أبان بن أبي عياش عنه ، عن سلمان وابن عباس في حديث طويل قالا : فبقيت فاطمة بعد أبيها أربعين ليلة ، فلما اشتد بها الامر دعت عليا ، وقالت : يا ابن عم ما أراني إلا لما بي ، وأنا اوصيك بأن تتزوج بأمامة بنت أختي زينب ، تكون لولدي مثلي ، وأن تتخدلي نعشا فاني رأيت الملائكة يصفونه لي ، وأن لا يشده أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي ، فدفنها علي عليهما‌السلام ليلا الخبر (١).

١٩ ـ كتاب محمد بن المثنى الحضرمى : عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح المحاربي قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الجنازة أيؤذن بها؟ قال : نعم.

____________________

(١) كتاب سليم بن قيس ص ٢٢٦.

٢٥٦

٧

* ( باب ) *

* « ( تشييع الجنازة وسننه وآدابه ) » *

١ ـ مجالس الصدوق : عن ابيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن الهيثم النهدي عن ابن محبوب ، عن داود بن كثير قال : قال الصادق عليه‌السلام من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله عزوجل سبعين ألف ملك من المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره (١).

٢ ـ ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن ميسر قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليه‌السلام يقول : من شيع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، ولم يقل شيئا إلا قال الملك : ولك مثل ذلك (٢).

بيان : قوله عليه‌السلام : « أربع شفاعات » اي تقبل شفاعته في أربعة من المذنبين أوفي في أربع حوايج من حوائجه ، قوله عليه‌السلام : « ولم يقل شيئا » اي من الدعاء للميت بالمغفرة وغيرها إلا دعا له الملك بمثله ودعاؤه لا يرد.

٣ ـ المجالس : عن حمزة العلوي ، عن عبدالعزيز بن محمد الابهري ، عن محمد بن زكريا الجوهري ، عن شعيب بن واقد ، عن الحسين بن زيد ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الرنة عند المصيبة ، ونهى عن النياحة و الاستماع إليها ، ونهي عن إتباع النساء الجنايز (٣).

وقال : ومن صلى على ميت صلى عليه سبعون ألف ملك ، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه ، فان أقام حتى يدفن ويحثي عليه التراب كان له بكل قدم نقلها

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١٣١.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٣١.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٥٤.

٢٥٧

قيراط من الاجر ، والقيراط مثل جبل أحد (١).

بيان : المشهور بين الاصحاب كراهة إتباع النساء الجنايز ، والاخبار الدالة عليها لا تخلو من ضعف ، ووردت أخبار كثيرة بجواز صلاتهن على الجنازة ، فان فاطمة صلوات الله عليها صلت على أختها ، والقيراط نصف عشر الدينار ، والمراد هنا قدر من الثواب ، والتشبيه بجبل أحد من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، أي كان ذلك الثواب عظيما ممتازا بالنسبة إلى ساير المثوبات الاخروية كما أن جبل أحد مشهور ممتاز في العظمة بين الاجسام المحسوسة في الدنيا ، ويحتمل أن يكون المراد أن هذا العمل له هذا الثقل في ميزان عمله إما بناء على تجسم الاعمال كما ذهب اليه بعض ، أو تثقيل الدفتر المكتوب فيه العمل بقدر ما يستحقه ذلك العمل من الثواب ، كما ذهب إليه آخرون ، وقد سبق الكلام فيه.

٤ ـ قرب الاسناد : عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دعيتم إلى العرسات فأبطئوا فانها تذكر الدنيا. وإذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا (٢).

بيان : يحتمل أن يكون الابطاء والاسراع محمولين على الحقيقة ، أو على التجوز كناية عن الاهتمام به وعدمه ، قال في الذكرى : لو دعي إلى وليمة و جنازة قدم الجنازة لخبر إسماعيل بن ابي زياد ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن النبي صلوات الله عليهم معللا بأن الجنازة تذكر الآخرة ، والوليمة تذكر الدنيا.

٥ ـ الخصال : عن محمد موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله [ البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان وابن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ] قال : قلت له : ما أول ما يتحف به المؤمن؟ قال : يغفر لمن تبع جنازته (٣).

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ٢٥٩.

(٢) قرب الاسناد ص ٤٢ ط حجر ص ٥٧ ط نجف.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٥.

٢٥٨

الهداية : مرسلا عنه عليه‌السلام مثله (١).

٦ ـ وقال : قال عليه‌السلام : من شيع جنازة مؤمن حط عنه خمس وعشرون كبيرة فان ربعها خرج من الذنوب (٢).

وروي أن المؤمن ينادي : الا إن أول حبائك الجنة ، وأول حباء من تبعك المغفرة (٣).

دعوات الراوندي : مثل الخبرين الاخيرين.

٧ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن المفيد ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن محمد بن عبدالله الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن عبدالملك ، عن ابي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه : إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا ، وأول تحفة المؤمن أن يغفر الله له ولمن تبع جنازته (٤).

٨ ـ ومنه : عن أبيه ، عن المفيد ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن عيسى ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول لخيثمة : ياخيثمة أقرئ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله العظيم ، وأن يشهد أحياؤهم جنايز موتاهم ، وان يتلاقوا في بيوتهم الخبر (٥).

٩ ـ ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن مخلد ، عن عمر بن الحسن الشيباني عن موسى بن سهل ، عن إسماعيل بن علية ، عن ليث بن ابي بردة ، عن أبيه قال : مروا بجنازة تمخض كما يمخض الزق : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالسكينة ، عليكم

____________________

(١ ـ ٣) الهداية : ٢٥.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٤٥ في حديث.

(٥) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٣٥ ومثله في قرب الاسناد ص ١٦ ط نجف ، الكافى ج ٢ ص ١٧٥ وقد مر في ج ٧٤ ص ٣٤٣ مع شرح.

٢٥٩

بالقصد في المشي بجنايزكم (١).

بيان : قال في الذكرى : نقل الشيخ الاجماع على كراهية الاسراع بالجنازة لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالقصد في جنايزكم ، لما رأى جنازة تمخض مخضا ، وقال ابن عباس في جنازة ميمونة : ارفقوا فانها أمكم ، ولو خيف على الميت فالاسراع أولى ، قال المحقق : أراد الشيخ كراهية ما زاد على المعتاد ، وقال الجعفي : السعي بها افضل ، وقال ابن الجنيد : يمشي بها خببا ثم قال السعي العدو والحبب ضرب منه ، فهما دالان على السرعة ، وروى الصدوق عن الصادق عليه‌السلام أن الميت إذا كان من أهل الجنة نادى عجلوا بي ، وإن كان من أهل النار نادى : ردوني.

١٠ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر عن ابيه ، عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا لقيت جنازة مشرك فلا تستقبلها خذ عن يمينها وعن شمالها (٢).

بيان : يدل على كراهة استقبال جنازة المشرك للعلة التي بها يكره المشي أما جنازة المخالف ، ولم ار من تعرض له.

١١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد باسناده رفعه إلى ابي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :أميران وليسا بأميرين : ليس لمن تبع جنازة أن يرجع حتى تدفن ، أو يؤذن له ، ورجل يحج مع امرأة فليس له أن ينفر حتى تقضي نسكها (٣).

المقنع : مرسلا مثله (٤).

بيان : « أميران » اي يلزم إطاعتهما وقبول ما يأمران به ، وليسا بأميرين [ منصوبين من قبل الامام على الخصوص ، أو ليسا بأميرين ] عامين

____________________

(١) امالى الطوسى ج ١ ص ٣٩٢.

(٢) قرب الاسناد ص ٦٥ ط حجر ، ٨٦ ط نجف.

(٣) الخصال ج ١ ص ٢٦.

(٤) المقنع ص ٦ ط حجر.

٢٦٠