بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الشيخ في النهاية وابن زهرة ، واختاره غير واحد من المتأخرين وذهب الشيخ في كتابي الاخبار إلى اختصاص ذلك بحال الاضطرار ، وهو أحوط ، وإن كان الاول أقوى.

وأماكون التغسيل من وراء الثياب فقد دلت عليه أخبار لكن أكثر الاخبار دلت على كون تغسيل الزوج للزوجة من وراء الثياب لا بالعكس ، ولم يفرق الاصحاب بينهما ، مع اشتمال أكثرها على الفرق ، وقد وردت أخبار بجواز تغسيلها مجردة ، ولا يبعد حمل الاخبار الاولة على الكراهة ، وأخبار تغسيل أمير المؤمنين فاطمة عليهما‌السلام يشكل الاستدلال بها على الجواز مطلقا لاشتمال أكثرها على التعليل المشعر بالاختصاص.

واعلم أن إطلاق النصوص والفتاوى يقتضي عدم الفرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة (١) والحرة والامة ، قالوا : والمطلقة رجعية زوجة بخلاف الباينة.

٢١ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إذا مات الميت وليس معها ذومحرم ولا نساء ، تدفن كما هي في ثيابها ، وإذا مات الرجل وليس معه ذات محرم ولا

____________________

(١) بل الظاهر من الاخبار وهكذا الايات الكريمة أن الزوجية باقية بعد وفاة أحد الزوجين في الدائمة ، ولذلك يحكم على الزوجة بالحداد والعدة ويثبت بينهما التوارث على الزوجية ، وقد سماها الله عزوجل في كتابه زوجة في موارد منها قوله تعالى  « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لازواجهم متاعا إلى الحول » البقرة : ٢٤٠ ، « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن » الاية البقرة : ٢٣٤. وهكذا في آيات الارث.

وأما المنقطعة ، فلما كانت النكاح بينهما ينفسخ بموت أحدهما كالاجارة ، تنقطع العصمة والزوجية بينهما ، فلا توارث بينهما ولا أولوية ، فترجع الولاية من الزوج إلى الاقرب فالاقرب من مواليها ، وأما الاماء ، فالولاية بين الامة ومالكها باقية حيا وميتا حتى في الاعقاب ، وهو واضح بحمد الله.

٣٠١

رجال ، يدفن كما هو في ثيابه.

ونروي أن علي بن الحسين عليهما‌السلام لما أن مات ، قال أبوجعفر عليه‌السلام : لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك ، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك فأدخل يده وغسل جسده ، ثم دعا أم ولد له فأدخلت يدها فغسلت مراقه ، وكذلك فعلت أنا بأبي (١).

وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى علي عليه السم : لا يغسلني غيرك ، فقال علي عليه‌السلام : يا رسول الله من يناولني الماء ، وإنك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلبك ، فقال : جبرئيل معك يعاونك ، ويناولك الفضل الماء ، وقل له : فليغط عينيه فانه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه.

قال : كان الفضل يناوله الماء ، وجبرئيل يعاونه ، وعلي يغسله ، فلما أن فرغ منغسله وكفنه أتاه العباس فقال : يا علي إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في بقيع المصلى ، وأن يؤمهم رجل منهم.

فخرج علي إلى الناس فقال : يا ايها الناس أما تعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمامنا حيا وميتا؟ وهل تعلمون أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن من جعل القبور مصلى ، ولعن من يجعل مع الله إلها ، ولعن من كسر رباعيته وشق لثته؟ قال : فقالوا : الامر إليك فاصنع ما رأيت ، قال : وإني ادفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في البقعة التي قبض فيها ثم قام على الباب فصلى عليه ، ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون (٢).

توضيح : لو لم يوجد المماثل اصلا ولا ذوالرجم فالمشهور بين الاصحاب أنه لا يغسل ، ونقل في المعتبر الاجماع عليه ، وصرح الشيخ في عدة من كتبه بسقوط التيمم أيضا ، وبه قطع المحقق كما يدل عليه هذا الخبر ، وفيه قول بوجوب التغسيل من وراء الثياب ، وهو المحكي عن المفيد ، وعن ابن زهرة أنه

____________________

(١ و ٢) فقه الرضا ص ٢١.

٣٠٢

شرط تغميض العينين ، وفي رواية المفضل أنه يغسل منها ما أوجب الله عليها التيمم يغسل كفيها ثم وجهها ثم ظهر كفيها والمشهور أقوى ، ثم الظاهر من الرواية جواز تغسيل كل من الرجل والمرأة الآخر ، إذا كان محرما كما هو المشهور ، وهل يشترط في ذلك تعذر المماثل؟ ذهب الاكثر إلى الاشتراط ، وذهب أبن إدريس والعلامة في المنتهى إلى جوازه اختيارا من فوق الثياب ، وهو الاقوى ، لكن وجوب كونه من وراء الثياب مما ذهب إليه الاكثر وظاهر الاخبار العدم ، والاشهر أحوط.

وقال في النهاية : في حديث الغسل أنه بدأ بيمينه فغسلها ثم غسل مراقه بشماله ، المراق ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق جلودها ، واحدها مرق قاله الهروي وقال الجوهري لا واحد لها ومنه الحديث أنه اطلى حتى إذا بلغ المراق ولي هو ذلك بنفسه انتهى ، والمشهور بين الاصحاب أنه يجوز للسيد تغسيل أمته غير المزوجة ، والمعتدة ومدبرته ، وام ولده ، لانهن في حكم الزوجة دون المكاتبة ، وفي تغسيل الامة للسيد أقوال أحدها الجواز لاستصحاب حكم الملك ، وثانيها المنع لانتقالها إلى الورثة ، وثالثها تخصيص الجواز بأم الولد كما تدل عليه هذه الرواية ، ولما رواه إسحاق بن عمار عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام أن علي بن الحسين عليه‌السلام أوصى أن تغسله أم ولد له إذا مات فغسلته ، والظاهر أن الوصية للتقية ، لان المعصوم لا يغسله إلا معصوم ، وكان المقصود باطنا المعاونة كما دلت عليه هذه الرواية ، وظاهرا دفع الضرر عن الباقر عليه‌السلام ، وعدم اشتراك الغير معه في الغسل والله يعلم.

ويقال : انفقأت عينه اي انشقت ، ويدل على مرجوحية إيقاع صلاة الجنازة في المقابر ، والظاهر أن الصلاة الواقعة هي التي كان عليها أتى بها مع أهل بيته وخوصا اصحابه خفية لئلا يصلي عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله الملعونان ، ولئلا يتقدما عليه في تلك الصلاة ، بل كانوا يدخلون ويصلون عليه بالقول ، ويخرجون كما مر في باب وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٠٣

٢٢ ـ الطرف : للسيد بن طاووس باسناده عن عيسى بن المستفاد ، عن موسى ابن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال:قال رسول الله صلى الله عليه ونله يا علي أضمنت ديني تقضيه عني؟ قال : نعم قال اللهم فاشهد ، ثم قال : ياعلي غسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره ، قال علي عليه‌السلام : ولم يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : كذلك قال جبرئيل عن ربي إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره ، قال علي عليه‌السلام : فكيف أقوى عليك وحدي؟ قال : يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل صاحب سماء الدنيا ، قلت : فمن يناولني الماء؟ قال : الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شئ مني ، فانه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي ، وهي حرام عليهم ، فاذا فرغت من غسلي فضعني على لوح ، وأفرغ علي من بئري بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الافواه قال عيسى : أو قال : اربعين قربة شككت أنا في ذلك (١).

٢٣ ـ مصباح الانوار : عن أحمد بن محمد بن عياش ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن عبيدالله بن الفضيل الطائي ومحمد بن أحمد بن سليمان ، عن محمد بن إسماعيل ابن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه‌السلام ، عن ابي يوسف ، عن الازهر بن نظام ، عن أبي الحسن بن يعقوب ، عن عيسى بن المستفاد مثله.

وقال : كان في الصحيفة المختومة التي نزلت من السماء : يا علي غسلني ولا يغسلني غيرك ، قال : فقلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأبي أنت وأمي. أنا أقوى على غسلك وحدى؟ قال : بذا أمرني جبرئيل ، وبذلك أمره الله عزوجل.

قال : فقلت : فان لم أقو عليك فأستعين بغيري يكون معي؟ فقال جبرئيل : يا محمد! قل لعلي : إن ربك يأمرك أن تغسل ابن عمك ، فانما السنة أن لا يغسل الانبياء إلا أوصياؤهم ، ولنمايغسل كل نبي وصيه من بعده ، وهي من حجج الله عزوجل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمته من بعده ، فيما قد اجتمعوا عليه من قطيعة ما أمرهم الله تعالى به.

____________________

(١) الطرف : ٤٤.

٣٠٤

ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : واعلم يا علي أن لك على غسلي أعوانا هم نعم الاعوان والاخوان ، قال علي : فقلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بأبي أنت وأمي؟ قال : جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت ، وإسماعيل صاحب سماء الدنيا أعوانا لك ، قال علي : فخررت لله ساجدا ، وقلت : الحمد لله الذي جعل لي أعوانا وإخوانا هم أمناء الله تعالى.

بيان : في القاموس بئر غرس بالمدينة ، ومنه الحديث غرس من عيون الجنة ، و غسل صلى‌الله‌عليه‌وآله منها.

٢٤ ـ مصباح الانوار : عن مروان الاصفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين ثقلت في مرضها ، أوصت عليا عليه‌السلام فقالت : إني أوصيك أن لا يلي غسلي و كفني سواك ، فقال : نعم ، فقالت : وأوصيك أن تدفنني ولا تؤذن بي أحدا.

٢٥ ـ الطرف ومصباح الانوار : باسنادهما عن عيسى بن المستفاد عن الكاظم عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام :غسلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا وحدي،وهو في قميصه ، فذهبت أنزع عنه القميص ، فقال جبرئيل : ياعلي لا تجرد أخاك من قميصه ، فان الله لم يجرده ، وتأيد في الغسل فأنا اشركك في ابن عمك بأمر الله ، فغسلته بالروح والريحان ، والملائكة الكرام الابرار الاخيار تبشرني وتمسك وأكلم ساعة بعد ساعة ، ولا أقلب منه عضوا بأبي هو وأمي إلا انقلب لي قلبا ، إلى أن فرغت من غسله ، وكفنته ووضعته على سريره ، وأخرجته كما أمرت ، فاجتمعت له الملائكة ماسد الخافقين ، فصلى عليه ربه والملائكة المقربون ، وحملة العرش الكروبيون ، وما سبح لله رب العالمين ، وأنفذت جميع ما أمرني به ، ثم واريته في قبره صلى الله عليه وآله (١).

٢٦ ـ الذكرى : في جامع محمد بن الحسن : إذا كانت بنت أكثر من خمس أوست دفنت ولم تغسل ، وإن كانت بنت أقل من خمس غسلت ، قال : وأسند الصدوق في

____________________

(١) الطرف ص ٤٥.

٣٠٥

كتاب المدينة ما في الجامع إلى الحلبي عن الصادق عليه‌السلام (١).

توضيح : ذكر الصدوق في الفقيه (٢) ما في الجامع نقلا منه ، ثم قال : وذكر عن الحلبي حديثا في معناه عن الصادق عليه‌السلام.

واعلم أن الاصحاب استثنوا من عدم جواز تغسيل غير المماثل الصبي والصبية دون ثلاث سنين ، فجوز تغسيلهما مجردا اختيارا جماعة من الاصحاب وشرط الشيخ في النهاية عدم المماثل ، وشرط في المبسوط عدم المماثل في الصبية دون الصبي ، وجوز المفيد في المقنعة تغسيل ابن خمس سنين مجردا وإن كان ابن أكثر من خمس سنين غسلته من وراء الثياب ، واعتبر في البنت ثلاث سنين وتبعه سلار ، وجوز الصدوق تغسيل بنت أقل من خس سنين مجردة ، ومنع المحقق في المعتبر من تغسيل الرجل الصبية مطلقا وجوز للمرأة تغسيل ابن الثلاث اختيارا واضطرارا ، ونقل العلامة في النهاية والمنتهى إجماعنا على جواز تغسيل الرجل الصبية.

إذا تمهد هذا فاعلم أنه لا ريب في جواز تغسيل المراة الصبي لثلاث سنين ، وفي غير ذلك إشكال ، ولكن التحديد بالخمس لا يخلو من قوة.

٢٧ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام عن علي صلوات الله عليه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصاه بأن يتولى غسله ، فكان هو الذي وليه عليه‌السلام قال : فلما أخذت في غسله ، سمعت قائلا من جانب البيت يقول : لا تنزع القميص عنه ، فغسلته عليه‌السلام في قميصه ، وإني لاغسله وأحس يدا مع يدي يتردد عليه ، وإذا قلبته أعنت على تقليبه ، ولقد أردت أن اكبه لوجهه فأغسل ظهره ، فنوديت لا تكبه فقلبته لجنبه وغسلت ظهره (٣).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : لما أوصى إلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أغسله ولا يغسله معي أحد غيري ، قلت : يا رسول الله إنك رجل ثقيل البدن ، لا استطيع أن

____________________

(١) الذكرى ص ٣٩.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٩٤.

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٧٧.

٣٠٦

أقلبك وحدى فقال لي : إن جبرئيل معك يتولاني ، قلت : فمن يناولني الماء؟ قال : يناولك الفضل ، وقل فليغط عينيه ، فانه لا ينظر إلى عورتي احد غيرك ، إلا ذهب بصره ، قال أبوجعفر عليه‌السلام : فكان الفضل يناوله الماء وقد عصب عينيه ، وعلي وجبرئيل يغسلانه صلى الله عليهم أجمعين (١).

قال : وغسله ثلاث غسلات : بالماء والحرض والسدر ، وغسلة بماء فيه ذريرة وكافور ، وغسلة بالماء محضا وهي آخرهن (٢).

وعن علي صلوات الله عليه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما من عبد مسلم غسل أخا له مسلما فلم يقذره ولم ينظر إلى عورته ولم يذكر منه سوءا ثم شيعه وصلى عليه ثم جلس حتى يوارى في قبره ، إلا خرج عطلا من ذنوبه (٣).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : الجنب والحائض لا يغسلان ميتا (٤).

وعن ابي جعفر عليه‌السلام قال : غسل علي فاطمة عليهما‌السلام وكانت أوصت بذلك إليه (٥).

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : أوصت إلي فاطمة أن لا يغسلها غيري ، وسكبت اسماء بنت عميس (٦).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه سئل عن المرأة هل يغسلها زوجها؟ قال : لا بأس بذلك ، وليغسلها من فوق ثوب (٧).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : والمرأة تغسل زوجها إذا مات ولا تتعمد النظر إلى الفرج (٨).

وعنه عليه‌السلام أنه قال:لما مات علي بن الحسين عليهما‌السلام قال أبوجعفر عليه‌السلام : لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك ، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك فادخل يده من تحت الثوب فغسله ، ودعا أم ولده فأدخلت يدها معه فغسلته ، وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : وكذلك فعلت أنا بأبي عليه‌السلام (٩).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : في الرجل يموت بين النساء لا محرم له منهن ، والمرءة

____________________

(١ ـ ٦) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٨.

(٧ ـ ٩) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٩.

٣٠٧

كذلك تموت بين الرجال فلا يوجد من يغسلهما؟ قال : يدفنان بغير غسل (١).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الغريق يغسل (٢).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : من مات وهو جنب أجزء عنه غسل واحد ، و كذلك الحائض (٣).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : غسل الميت ثلاث غسلات : غسلة بالماء والسدر ، و غسلة بالماء والكافور ، والثالثة بالماء محضا ، وكل غسلة منها كغسل الجنابة يبدء فيوضأ كوضوء الصلاة ، ثم يمر الماء على جسده كله ، ويقلبه لجنبه ولا يجلسه فانه إذا أجلسه اندق ظهره ، ولكن يقلبه لجنبيه ويغسل ظهره وهو كذلك ، ويمر يديه على سائر جسده كما يفعل الجنب إذا اغتسل (٤).

وقال عليه‌السلام : يجعل على الميت حين يغسل إزار من سرته إلى ركبته ، ويمر الماء من تحته ، ويلف الغاسل على يده خرقة ويدخلها من تحت الازار ، فيغسل فرجه وسائر عورته التي تحت الازار (٥).

بيان : قال في النهاية يقال : قذرت الشئ اقذره ، إذا كرهته واجتنبته قوله عليه‌السلام عطلا من ذنوبه اي خاليا قال في القاموس عطل من الماء والادب خلا فهو عطل بضمة وبضمتين ، وقوس عطيل بلا وترانتهى.

٢٨ ـ الهداية : يغسل الميت أولى الناس به ، أومن يأمره الولى بذلك إلى قوله :

فاذا فرغ من أمر الكفن ، وضع الميت على المغتسل ، وجعل باطن رجليه إلى القبلة ، وينزع القميص من فوق إلى سرته ، ويتركه إلى ان يفرغ من غسله ليستر به عورته ، فاذا لم يكن عليه قميص القى على عورته ما يسترها به ، ويلين أصابعه برفق ، فان تصعبت عليه فليدعها ، ويمسح يده على بطنه مسحا رفيقا (٦).

____________________

(١ ـ ٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٩.

(٣ ـ ٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٣٠.

(٦) الهداية ص ٢٤.

٣٠٨

وقال أبي ره في رسالته إلي : ابدء بيديه فاغسلهما بثلاث حميديات بماء السدر ، ثم تلف على يدك اليسرى خرقة تجعل عليها شيئا من الحرض ، وهو الاشنان ، وتدخل يدك تحت الثوب ، ويصب عليك غيرك الماء من فوق إلى سرته وتغسل قبله ودبره ، ولا تقطع الماء عنه ، ثم تغسل رأسه ولحيته برغوة السدر ، و بعده بثلاث حميديات ، ولا تقعده. ثم تقلبه إلى الجانب الايسر ليبدو لك الايمن وتمد يده اليمنى على جنبيه الايمن إلى حيث بلغت ، ثم تغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه ، ولا تقطع الماء عنه ، ثم اتقلبه إلى جانبه الايمن ليبدو لك الايسر وتمد يده اليسرى على جنبه الايسر إلى حيث بلغت ثم تغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه ، ولا تقطع الماء عنه ، ثم اقلبه إلى ظهره وامسح بطنه مسحا رفيقا ، واغسله مرة أخرى بماء وشئ من جلال الكافور ، مثل الغسلة الاولى ، وخصخض الاواني التي فيها الماء ، واغسله الثالثة بماء قراح ، ولا تمسح بطنه ثالثة (١).

وقل وأنت تغسله : « اللهم عفوك عفوك » فانه من فعل ذلك عفا الهل عنه (٢).

والمجدور والمحترق إن لم يمكن غسلهما صب عليهما الماء صبا ، يجمع ما سقط منهما في أكفانهما (٣).

٢٩ ـ مصباح الانوار : عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام غسل فاطمة ثلاثا وخمسا ، وجعل في الغسلة الخامسة الآخرة شيئا من الكافور ، و اشعرها مئزرا سابغا دون الكفن ، وكان هو الذي يلي ذلك منها ، وهو يقول : « اللهم إنها أمتك وبنت رسولك وصفيك وخيرتك من خلقك ، اللهم لقنها حجتها ، وأعظم برهانها ، وأعل درجتها ، واجمع بينها وبين أبيها محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وعن زيد بن علي قال : غسل أمير المؤمنين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وغسل أمير المؤمنين الحسن ولده عليهما‌السلام ، ثم قال زيد : بأبي وأمي من تولت الملائكة غسله ، قال : يعني أبا عبدالله الحسين عليه‌السلام.

____________________

(١ ـ ٢) الهداية ص ٢٤.

(٣) الهداية ص ٢٥.

٣٠٩

وقال زيد : نحن الموتورون ، ونحن المظلومون ، فويل لمن جهل أمرنا ، وطوبى لمن عرف حقنا.

٣٠ ـ كتاب دلايل الامامة : للطبري الامامي ، عن أحمد بن محمد الخشاب عن زكريا بن يحيى ، عن ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي بصير عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال:لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأت فاطمة عليها‌السلام رؤيا طويلة بشرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باللحوق به،وأراها منزلها،فلما انتبهت قالت لامير المؤمنين عليه‌السلام : إذا توفيت لا تعلم أحدا إلا أم سلمة وأم أيمن وفضة ، ومن الرجال ابني والعباس وسلمان وعمارا والمقداد وأبا ذر وحذيفة ، وقالت : إني أحللتك أن تراني بعد موتي ، فكن من النسوة فيمن يغسلني ، ولا تدفني إلا ليلا ولا تعلم أحدا قبري تمام الحديث (١).

٣١ ـ ومنه : عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبرى ، عن أبيه ، عن محمد بن همام رفعه قال : لما قبضت فاطمة عليها‌السلام غسلها أمير المؤمنين عليه‌السلام ولم يحضرها غيره ، والحسن والحسين عليهما‌السلام وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها ، وأسماء بنت عميس الخبر (٢).

٣٢ ـ ومنه : عن أبي المفضل محمد بن عبدالله ، عن محمد بن همام ، عن أحمد ابن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن بعض رجاله ، عن الهيثم بن واقد قال : كنت عند الرضا عليه‌السلام بخراسان ، وكان العباس يحجبه ، فدعاني وإذا عنده شيخ أعور يسأله ، فخرج الشيخ فقال لي : رد علي الشيخ فخرجت إلى الحاجب فقال : لم يخرج علي أحد ، فقال الرضا : أتعرف الشيخ؟ فقلت : لا ، فقال : هذا رجل من الجن سألني عن مسائل ، وكان فيما سألني عنه مولودان ولذا في بطن ملتزمين مات أحدهما كيف يصنع به؟ قلت : ينشر الميت عن الحي (٣).

____________________

(١) دلائل الامامة ص ٤٤.

(٢) دلائل الامامة ص ٤٦.

(٣) دلائل الامامة ص ١٩٤.

٣١٠

٩

* ( باب ) *

* « ( التكفين وآدابه وأحكامه ) » *

١ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن علي بن خلف ، عن إبراهيم بن محمد بن عبدالله الجعفري قال : رأيت جعفر بن محمد ينفض يكمه المسك عن الكفن ، فيقول : ليس هذا من الحنوط في شئ (١).

بيان : يدل على مرجوحية التحنط بالمسك ، وما روي من تحنط النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله له لما محمول على التقية أومخصوص به صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وظاهر الاكثر كراهة غير الكافور والذريرة من الطيب مطلقا ، قال في الذكرى : وأما المسك ففي خبرين أرسلهما الصدوق (٢) أحدهما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حنط بمثال من مسك سوى الكافور ، والآخر عن الهادي عليه‌السلام أنه سوغ تقريب المسك والبخور إلى الميت ، ويعارضهما مسند محمد بن ابن مسلم (٣) ونقل ما سيأتي ، وقال : خبر غياث بن إبراهيم (٤) عن الصادق عليه‌السلام أن أباه كان يجمر بالعود ضعيف السند.

٢ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ، عن أبيه أن عليا عليه‌السلام كان لا يلبس إلا البياض أكثر ما يلبس ، ويقول : فيه تكفين الموتى (٥).

٣ ـ وبهذا الاسناد : عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام أن الرش على القبور كان على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يجعل الجريد الرطب على القبر ، حين يدفن الانسان

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٧٥ ط حجر ص ٩٩ ط نجف.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٩٣.

(٣) تراه في العلل والخصال تحت الرقم ٩.

(٤) أورده في التهذيب ج ١ ص ٨٤.

(٥) قرب الاسناد ص ٩٣ ط نجف ، ص ٧١ ط حجر.

٣١١

في أول الزمان ، ويستحب ذلك للميت (١).

بيان : لا خلاف ظاهرا في استحباب كون الكفن أبيض إلا الحبرة.

٤ ـ العلل عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض اصحابنا يرفعه إلى ابي عبدالله عليه‌السلام قال : أجيدوا أكفان موتاكم ، فانها زينتهم (٢).

ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد مثله (٣).

فلاح السائل : من كتاب مدينة العلم مرسلا مثله (٤).

٥ ـ العلل عن أبيه ، عن محمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوصاني أبي بكفنه قال لي : يا جعفر اشتر لي بردا وجوده ، فان الموتى يتباهون بأكفانهم (٥).

٦ ـ ومنه : عن أبيه ومحمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد ابن أحمد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن سنان رفعه قال : السنة في الحنوط ثلاثة عشرة درهما وثلث ، قال محمد بن أحمد ، ورووا أن جبرئيل عليه‌السلام نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحنوط وكان وزنه أربعين درهما،فقسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أجزء : جزء له ، وجزء لعلي وجزء لفاطمة صلوات الله عليهم (٦).

بيان : المشهور بين الاصحاب تحقق الحنوط بمسماه ، وقال الشيخان و الصدوق : أقله مثقال ، وأوسطه أربعة دراهم ، وأكمل منه وزن ثلاثة عشر درهما و ثلث ، وقال الجعفي : اقلة مثقال وثلث ، قال : ويخلط بتربة مولانا الحسين عليه‌السلام وقال ابن الجنيد : أقله مثقال وأوسطه أربعة مثاقيل وقدر ابن البراج أكثره بثلاثة

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٦٨ ، ط حجر ص ٩٠ ط نجف.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٥.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٧٨.

(٤) فلاح السائل ص ٩٦.

(٥ ـ ٦) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٥

٣١٢

عشر درهما ونصف ، وقد وردت الروايات بالمثقال ، وبالمثقال والنصف ، و بأربعة مثاقيل ، وبثلاثة عشر درهما وثلث ، والكل حسن ، وما زاد منها أحسن والظاهر عدم مشاركة الغسل للحنوط في تلك المقادير ، وقيل بالمشاركه.

٧ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن مخلد ، عن عثمان بن أحمد المعروف باب السماك ، عن أحمد بن علي الخزاز ، عن يحيى بن عمران عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال : خير ثيابكم البياض فليلبسه أحياؤكم وكفنوا فيه موتاكم (١).

٨ ـ الاحتجاج وغيبة الشيخ : فيما كتب محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري إلى القائم عليه‌السلام سئل عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره ، هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب عليه‌السلام : يوضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إنشاء الله تعالى (٢).

وسأل : وروي لنا عن الصادق عليه‌السلام أنه كتب على إزار إسماعيل ابنه  « إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله » وهل يجوز لنا نكتب مثل ذلك بطين القبر أو غيره؟ فأجاب عليه‌السلام يجوز ذلك (٣).

٩ ـ العلل والخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لاتجمروا الاكفان ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلا الكافور ، فان الميت بمنزلة المحرم (٤).

بيان : نقل في المعتبر إجماع علمائنا على كراهة تجمير الكفن [ وقال الصدوق : يكره أن يجمر أو يتبع بمجمرة ، ولكن يجمر الكفن ] ، ولا يبعد حمل الاخبار الواردة بالجواز على التقية.

١٠ ـ الخصال : (٥) عن أبيه ومحمد بن الحسن معا ، عن محمد بن يحيى وأحمد

____________________

(١) امالى الطوسى ج ١ ص ٣٩٨.

(٢ ـ ٣) الاحتجاج ص ٢٧٤ ، غيبة الشيخ الطوسى.

(٤) علل الشرائع ج ١ ص ٢٩٠ ، الخصال ج ١ ص ١٥٩.

(٥) قد كان في الاصل وهكذا الكمباني العلل ، لكنه من سهو القلم.

٣١٣

ابن إدريس معا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى رفعه إلى أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : لا يماكس في أربعة أشياء : في الاضحية والكفن وثمن النسمة والكرى إلى مكة (١).

وروي في وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام مثله كما مر باسناده (٢).

١١ ـ مجالس الصدوق : عن جعفر بن علي ، عن جده الحسن بن علي ، عن جده عبدالله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أعد الرجل كفنه كان مأجورا كلما نظر إليه (٣).

١٢ ـ معانى الاخبار : عن محمد بن الحسن ، [ عن محمد بن الحسن ] الصفار عن إبراهيم بن هاشم ، [ عن عبدالله بن المغيرة ، عن يحيى بن عبادة ] ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه سمعه أن رجلا مات من الامصار فشهده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال خضروه ، فما اقل المتخضرين يوم القيامة ، قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام وأي شئ التخضير؟ قال : تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع وتوضع هنا وأشار بيده إلى ترقوته تلف مع ثيابه.

وقال الصدوق رحمه‌الله جاء هذا الخبر هكذا ، والذي يجب استعماله أن يجعل للميت جريدتان من النخل خضراوين رطبتين ، طول كل واحدة قدر عظم الذراع ، تجعل إحداهما من عند الترقوة تلصق بجلده ، وعليه القميص ، و الارخى عند وركه ما بين القميص والازار ، فان لم يقدر على جريدة من نخل فلا بأس أن تكون من غيره من بعد أن تكون رطبا (٤).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١١٧.

(٢) رواه في الخصال ج ١ ص ١١٧ ، وتراه في ج ٧٧ من البحار ص ٥٨ المكرر نقلا عن مكارم الاخلاق.

(٣) أمالى الصدوق ص ١٩٧.

(٤) معانى الاخبار ص ٣٤٨.

٣١٤

توضيح : اعلم أنه لا خلاف بين اصحابنا في استحباب الجريدتين للميت وقال الشهيد الثاني رحمه‌الله الجريدة العود الذي يجرد عنه الخوص ، ولا يسمى جريدا ما دام عليه الخوص ، وإنما يسمى سعفا. وقال المفيد وسلار و جماعة : يستحب أن يكون من النخل ، فان لم يوجد فمن الخلاف ، وإلا فمن السدر ، وإلا فمن شجر رطب ، وذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية والمبسوط و المحقق في الشرايع إلى تقديم السدر على الخلاف ، وذهب الصدوق والشيخ في الخلاف والجعفي إلى أنه مع تعذر النخل تؤخذ من شجر رطب ، وهو اختيار ابن البراج وابن إدريس ، والشهيد في الدروس والبيان ذكر بعد الخلاف قبل الشجر الرطب شجر الرمان ، ولا يبعد التخيير بعد النخل بين السدر والخلاف ثم الرمان.

ثم اختلفوا في مقدارها فقال أكثر علمائنا منهم الشيخان يكون طولهما قدر عظم الذراع ، وقال الصدوق : طول كل واحدة قدر عظم الذراع ، قال : وإن كانت قدر الذراع فلا بأس ، وإن كانت قدر شبر فلا بأس ، وقال ابن أبي عقيل : مقدار كل واحدة أربع أصابع إلى ما فوقها ، قال في الذكرى : والكل جائز لثبوت الشرعية مع عدم القاطع على قدر معين ، والاظهر التخيير بين الذراع و الشبر وعظم الذراع ، لورود الرواية بكل منها.

واختلفوا أيضا في محلها فالمشهور بينهم أنه يجعل إحداهما من جانبه الايمن من ترقوته يلصقها بجلده ، والاخرى من الايسر بين القميص والازرا ، ذهب إليه الصدق في المقنع ، والشيخان وجمهور المتأخرين ، وقال علي بن بابويه و الصدوق في الفقيه كما ذكر هنا ، وقال ابن أبي عقيل : واحدة تحت إبطه الايمن وقال الجعفي إحداهما تحت إبطه الايمن والاخرى نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخد ، ولعل المشهور أقوى ، ومع التعذر للتقية توضع حيث يمكن ولو في القبر ، واستحباب الشق كما ذكره بعض الاصحاب غير ثابت ، وكذا

٣١٥

استحباب وضع القطن عليهما لم أربه نصا ، وقد ذكره بعض الاصحاب.

ثم اعلم أن هذا الخبر رواه في الفقيه (١) عن يحيى بن عبادة المكى انه قال : سمعت سفيان الثوري يسأل أبا جعفر عن التخضير ، فقال : إن رجلا من الانصار هلك وذكر نحوه.

وقال في المنتهى (٢) : روى الجمهور أن سفيان الثوري سال عبدالله بن يحيى ابن عبادة المكي عن التخضير وذكر نحوه.

١٣ ـ العلل عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : أرأيت الميت إذا مات ، لم تجعل معه الجريدة؟ قال : تجافي عنه العذاب والحساب ، ما دام العود رطبا ، إنما الحساب والعذاب كله في يوم واحد ، في ساعة واحدة ، قدر مايدخل القبر ، ويرجع الناس عنه ، فانما جعل السعفتان لذلك ، ولا عذاب و لا حساب بعد جفوفها إنشاء الله (٣).

بيان : قوله عليه‌السلام : إنما الحساب والعذاب إلى آخره ، ينافي بظاهره ما تضمنه كثير من الاخبار من اتصال نعيم القبر وعذابه إلى يوم القيامة ، إلا أن يجعل اتصال العذاب مختصا بالكفار ، أو يكون الحصر باعتبار الاشدية أو المعنى أن ابتداء الحساب والعذاب إنما يكون في الساعة الاولى واليوم الاول ، فاذا مضيا فلا يتبدء بعده فيهما.

١٤ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : ثم تضعه في أكفانه ، واجعل معه جريدتين إحداهما عند ترقوته تلصقها بجلده ، ثم تمد عليه قميصه ، والاخرى عند وركه (٤).

____________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٨٨.

(٢) منتهى المطلب ج ١ ص ٤٦١.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٥.

(٤) فقه الرضا ص ١٧.

٣١٦

وروي أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم ذراع ، تضع واحدة عند ركبتيه تلصق إلى الساق وإلى الفخذين ، والاخرى تحت إبطه الايمن ما بين القميص والازار ، ولن لم تقدر على جريدة من نخل فلا باس أن تكون من غيره ، بعد أن تكون رطبا وتلفه في إزاره وحبرته ، وتبدأ بالشق الايسر وتمد على الايمن ، ثم تمد الايمن على الايسر ، وإن شئت لم تجعل الحبرة معه حتى تدخله القبر فتلقيه عليه (١).

ثم تعممه وتحنكه فتثني على رأسه بالتدوير وتلقي فضل الشق الايمن على الايسر والايسر غلى الايمن ، ثم تمد على صدره ، ثم تلفف اللفافة وإياك أن تعممه عمة الاعرابي وتلقي طرفي العمامة على صدره.

وقبل أن تلبسه قميصه تأخذ شيئا من القطن ، وتجعل عليه حنوطه وتحشو به دبره ، وتضع شيئا من القطن على قبله. وتجعل عليه شيئا من الحنوط ، وتضم رجليه جميعا ، وتشد فخذيه إلى وركه بالمئزر شدا جيدا ، لان لا يخرج منه شئ (٢).

فاذا فرغت من كفنه حنطته بوزن ثلاثة عشر درهما وثلث من الكافور ، و تبدء بجبهته وتمسح مفاصله كلها به ، وتلقي ما بقي منه على صدره ، وفي وسط راحته ، ولا يجعل في فمه ولا منخره ولا في عينيه ولا في مسامعه ولا على وجهه قطن ولا كافور ، فان لم تقدر على هذا المقدار كافورا فأربعة دراهم ، فان لم تقدر فمثقال لا أقل من ذلك لمن وجده (٣).

وقال عليه‌السلام في موضع آخر : إذا فرغت من غسله حنطت بثلاثة عشر درهما وثلث كافورا ، تجعل في المفاصل ، ولا تقرب السمع والبصر ، وتجعل في موضع سجوده ، وادنى ما يجزيه من الكافور مثقال ونصف ثم يكفن بثلاث قطع وخمس وسبع : فأما الثلاثة فمئزر وعمامة ولفافة ، والخمس مئزر وقميص وعمامة

____________________

(١ ـ ٣) فقه الرضا : ١٧.

٣١٧

ولفافتان (١).

وروي أنه لا يقرب الميت من الطيب شيئا ولا البخور إلا الكافور ، فان سبيله سبيل المحرم (٢).

وروي إطلاق المسك فوق الكفن وعلى الجنازة لان في ذلك تكرمة الملائكة فما من مؤمن يقبض روحه إلا تحضر عنده الملائكة (٣).

وروي ان الكافور يجعل في فيه وفي مسامعه وبصره ورأسه ولحيته وكذلك المسك ، وعلى صدره وفرجه ، وقال : الرجل والمرأة سواء ، قال غير أني أكره أن يتجمر ويتبع بالمجمرة ولكن يجمر الكفن (٤).

وقال : تؤخذ خرقة فيشدها على مقعدته ورجليه ، قلت : الازار؟ قال : إنها لا تعد شيئا وإنما أمر بها لكيلا يظهر منه شئ ، وذكر أن ما جعل من القطن أفضل منه (٥).

وقال : يكفن بثلاثة أثواب : لفافة وقميص وإزار ، وذكر ان عليا عليه‌السلام غسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قميص وكفنه في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وثوب حبرة يمنية ، ولحدله أبوطلحة ، ثم خرج أبوطلحة ودخل على القبر فبسط يده فوضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها فأدخله اللحد (٦).

وقال : إن عليا عليه‌السلام لما أن غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرغ من غسله ، نظر في عينيه فرأى فيها شيئا فانكب عليه فأدخل لسانه فمسح ما كان فيها ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليك طبت حيا وطبت ميتا (٧).

وقال العالم عليه‌السلام : وكتب أبي في وصيته أن اكفنه في ثلاثه أثواب : أحدها رداء له حبرة ، وكان يصلي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر ، وقميص ، فقلت لابي لم تكتب هذا؟ فقال : إني أخاف أن يغلبك الناس ، يقولون : كفنه بأربعة اثواب أو خمسة ، فلا تقبل. قولهم ، وعصبته بعد بعمامة ، وليس تعد العمامة من الكفن إنما يعد مما يلف به الجسد ، وشققنا له القبر شقا من أجل أنه كان رجلا بدينا

____________________

(١ ـ ٧) فقه الرضا ص ٢٠.

٣١٨

وأمرني أن أجعل ارتفاع قبره أربعة اصابع مفرجات (١).

وعن ابيه قال : إذا مات المحرم فليغسل وليكفن كما يغسل الحلال ، غير أنه لا يقرب طيبا ولا يحنط ، ويغطى وجهه.

والمرأة تكفن بثلاثة أثواب : درع وخمار ولفافة ، وتدرج فيها وحنوط الرجل والمرءة سواء (٢).

توضيح وتنقيح : قوله عليه‌السلام : « وتبدء بالشق الايسر » المشهور بين الاصحاب استحباب تلك الهيئة ، واعترف الاكثر بعدم النص فيه ، قيل : ولعل وجهه التيمن باليمين.

أقول : الظاهر أن الصدوق أخذه من هذا الكتاب وأورده في الفقيه (٣) وتبعه الاصحاب لاعتمادهم عليه ، والاحوط العمل به ، إذ لا قول بتعين خلافه.

ثم اعلم أن المشهور بين اصحابنا أن الواجب في الكفن ثلاثة اثواب ، بل قال في المعتبر أنه مذهب فقهائنا أجمع ، عدا سلار ، فانه اقتصر على ثوب واحد (٤) ولعل الاشهر أقوى واظهر ، ثم الاشهر بينهم تعين القميص وذهب ابن الجنيد والمحقق في المعتبر وبعض المتأخرين إلى التخيير بين الاثواب الثلاثة وبين القميص والثوبين ، ولعل الاخير أرجح ، وذكر الشيخان وأتباعهما في الثياب الواجبة الثلاثة المئزر ولم أجد في الروايات المعتبرة ما يدل عليه بل الظاهر منها إما القميص والثوبان الشاملان للبدن أو ثلاثة أثواب شاملة (٥). نعم يظهر المئزر

____________________

(١ ـ ٢) فقه الرضا ص ٢٠.

(٣) فقيه من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٩٢.

(٤) وقد ورد به حديث زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : العمامة للميت من الكفن هي؟ قال : لا ، انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب ، أو ثوب تام لا أقل منه يوارى فيه جسده كله ، فما زاد فهو سنة إلى أن يبلغ خمسة ، فما زاد فمبتدع ، والعمامة سنة ، الحديث ، راجع ج ١ ص ٨٣ من التهذيب.

(٥) بل الظاهر مما ورد في تكفين النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كفن في ثوبى احرامه ثم لف

٣١٩

من هذا الخبر ، وموثقة عمار (١) الساباطي ، والاحوط الجمع بين القميص و المئزر ، واللفافتين ، عملا بالاقوال والاخبار جميعا ، ويظهر من بعض كلمات الصدوق في الفقيه أنه حمل المئزر على الخرقة التي تلف على الفخذين كما يحتمله هذا الخبر أيضا.

ثم اعلم أن المشهور بين الاصحاب استحباب إضافة الحبرة على الاثواب الواجبة ، ويظهر من أكثر الاصحاب أنه يستحب أن يكون أحد الاثواب الثلاثة المتقدمة حبرة ، كما ذهب إليه ابن ابي عقيل وأبوالصلاح ، وهو أقوى.

ثم المشهور أنه يلف في الحبرة ، ويظهر من هذا الخبر التخيير بينه وبين طرحه عليه في القبر كما ذكر الصدوق في الفقيه ، وروى الشيخ في الصحيح ، عن عبدالله بن سنان (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال البرد لا يلف ، ولكن يطرح عليه طرحا ، وإذا ادخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبه ، وقال في الذكرى : وذهب بعض الاصحاب إلى ان البرد لا يلف ، ولكن يطرح عليه طرحا ، فاذا ادخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبه وهو رواية ابن سنان انتهى.

ولا يبعد القول بالتخيير ، ولا خلاف في استحباب العمامة للرجل العامة من التحنيك ، وقال في المبسوط عمة الاعرابي بغير حنك ، وظاهر الاخبار أن عمة الاعرابي هي التي لم يكن لها طرفان ، بل الظاهر منها أن المراد بالتحنيك إدارة طرفي العمامة من خلفه وإخراجهما من تحت حنكه ، وإلقاؤهما على صدره لا شدهما تحت اللحبين ، ويشهد لذلك العمل المستمر بين أشراف المدينة من زمنهم عليهم‌السلام إلى هذا الزمان ، وأما إلقاء طرفي العمامة على الوجه المذكور فهو

____________________

عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ببرد حبرة ، ولا معنى لذلك الا أنه البس الثوبان بهيئة الازار والرداء كما كان دأبه صلى‌الله‌عليه‌وآله في ملبسه في حياته ، والازار هو المئزر نفسه ، كالملحف واللحاف. وهذا هو السنة.

(١) التهذيب ج ١ ص ٨٧.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٢٩ و ١٢٣.

٣٢٠