بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أن يبنيا لقومهما بمصر بيوتا وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ، ولا يقرب فيه النساء إلا هارون وذريته ، وإن عليا مني بمنزلة هارون من موسى ، فلا يحل لاحد أن يقرب النساء في مسجدي ، ولا يبيت فيه جنب إلا علي وذريته ، فمن شاءه (١) فههنا ، وضرب بيده نحو الشام (٢).

٣٤ ـ ومنه : بالاسناد المتقدم عن نصر بن أحمد ، عن محمد بن عبيد بن عتبة عن إسماعيل بن أبان ، عن سلام بن ابي عميرة ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله إلى قوله ثم أمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله جنب إلا هارون وذريته ، وإن عليا مني بمنزلة هارون من موسى وهو أخي دون أهلي ولا يحل لاحد أن ينكح فيه النساء إلا علي وذريته ، فمن شاء فههنا وأشار بيده نحو الشام (٣).

بيان : أي من شاء أن يعلم حقية ما قلت فليذهب إلى الشام ولينظر إلى علامة بيت هارون واتصاله بالمسجد ، فانها موجودة ههنا ، ويدل على عدم جواز الجماع في مسجده صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا دخوله جنبا لغيرهم عليهم‌السلام.

٣٥ ـ مجالس الصدوق ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال:قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال وكرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي : العبث في الصلاة ، والرفث في الصوم ، والمن بعد الصدقة ، وإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك بين القبور (٤).

٣٦ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن

____________________

(١) في المصدر : فمن ساءه ذلك ، وهكذا في الحديث الاتى.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ١٩٢.

(٣) المصدر نفسه ج ١ ص ١٩٢ و ١٩٣.

(٤) أمالى الصدوق : ٣٨.

٦١

أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ستة كرهها الله تعالى لي ، فكرهتها للائمة من ذريتي ، ولتكرهها الائمة لاتباعهم وذكر نحوه (١).

بيان الكراهة هنا أعم منها بالمعنى المصطلح ومن الحرمة ، فالعبث ما لم ينته إلى إبطال الصلاة مكروه ، والرفث يكون بمعنى الجماع ، وبمعنى الفحش من القول ، وعلى الاول في الواجب حرام مبطل ، وعلى الثاني مكروه أو حرام مبطل لكماله ، والمشهور في المن الكراهة ، ويحتمل الحرمة ، وعلى التقديرين مبطل لثوابها أو لكماله ، وإتيان المساجد في المسجدين مطلقا وفي غيرهما مع اللبث حرام وفي غيرهما لامعه مكروه ، والتطلع بغير الاذن حرام على المشهور والضحك بين القبور مكروه كراهة مغلظة.

٣٧ ـ تفسير الامام : روى عليه‌السلام عن آبائه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث سد الابواب أنه قال : لا ينبغي لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر يبيت في هذا المسجد جنبا إلا محدم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام والمنتجبون من آلهم الطيبون من أولادهم (٢).

٣٨ ـ البصائر للصفار ، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت ، عن بكر بن محمد قال : خرجنا من المدينة نريد منزل ابي عبدالله عليه‌السلام فلحقنا أبوبصير خارجا من زقاق وهو جنب ، ونحن لا نعلم ، حتى دخلنا على أبي عبدالله عليه‌السلام فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال : يا أبا محمد أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الانبياء؟ قال : فرجع أبوبصير ودخلنا (٣).

قرب الاسناد : عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد الازدي مثله (٤).

٣٩ ـ ارشاد المفيد : عن أبي بصير قال : دخلت المدينة ، وكانت معي

____________________

(١) المحاسن ص ١٠.

(٢) تفسير الامام : ٧.

(٣) بصائر الدرجات : ٢٤١.

(٤) قرب الاسناد : ٣٠.

٦٢

جويرية لي فأصبت منها ، ثم خرجت إلى الحمام ، فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلى أبي عبدالله عليه‌السلام فخشيت أن يفوتني الدخول عليه ، فمشيت معهم حتى دخلت الدار ، فلما مثلت بين يديه نظر إلي ثم قال : يا ابا بصير أما علمت أن بيوت الانبياء وأولاد الانبياء لا يدخلها الجنب؟ فاستحييت فقلت إني لقيت اصحابنا وخشيت أن يفوتني الدخول معهم ، ولن أعود إلى مثلها وخرجت (١)

كشف الغمة : نقلا من كتاب الدلايل للحميري ، عن أبي بصير نحوا ممامر (٢).

٤٠ ـ معرفة الرجال للكشى : عن حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابي الحسن المكفوف ، عن رجل ، عن بكير قال : لقيت أبا بصير المرادي فقال : أين تريد؟ قلت : أريد مولاك ، قال أنا أتبعك ، فمضى فدخلنا عليه و أحد النظر إليه ، وقال : هكذا تدخل بيوت الانبياء وأنت جنب؟ فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضبك ، وقال : أستغفر الله ولا أعود قال : وروى ذلك ابوعبدالله البرقي عن بكير (٣).

بيان : تدل هذه الاخبار على عدم جواز دخول بيوتهم جنبا وكذا ضرائحهم المقدسة ، لما ورد أن حرمتهم أمواتا كحرمتهم أحياء.

٤١ ـ المعتبر : من جامع البزنطي ، عن محمد بن مسلم ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : سألته هل يمس الرجل الدرهم الابيض وهو جنب؟ فقال : إي والله إني لارى الدرهم فآخذه وأنا جنب.

قال : وفي كتاب الحسن بن محبوب ، عن خالد ، عن أبي الربيع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في الجنب يمس الدرام وفيها اسم الله واسم رسوله ، قال عليه‌السلام :

____________________

(١) ارشاد المفيد : ٢٥٦.

(٢) كشف الغمة ج ٢ ص ٤١٧.

(٣) رجال الكشى : ١٥٢.

٦٣

لا بأس ، ربما فعلت ذلك (١).

بيان : المشهور بين الاصحاب أنه يحرم على الجنب مس شئ كتب فيه اسم الله تعالى ، ونقل العلامة وابن زهرة عليه الاجماع ، واستندوا إلى رواية عمار (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله تعالى ، ولولا الاجماع المنقول والشهرة التامة بين الاصحاب ، لكان حمل الرواية على الكراهة متعينا لصحة رواية البزنطي وتأيدها برواية أبي الربيع ، وقلة الاعتماد على رواية عمار ، وكونها مخالفة للاصل ، وحمل الخبرين على عدم مس الاسم بعيد جدا لكن الاحوط العمل بالمشهور.

واختلف في مس اسماء الانبياء والائمة عليهم‌السلام ، والاشهر التحريم ، ولا مستند لهم ظاهرا سوى التعظيم ، والكراهة اظهر ، كما اختاره في المعتبر.

٤٢ ـ المعتبر : قال : يجوز للجنب والحائض أن يقرءا ما شاء امن القرآن إلا سور العزايم الاربع ، وهي : اقرأ باسم ربك ، والنجم ، وتنزيل السجدة ، وحم السجدة ، روى ذلك البزنطي في جامعه عن المثنى ، عن الحسن الصيقل عن أبي عبدالله عليه‌السلام (٣).

٤٣ ـ مكارم الاخلاق : من كتاب اللباس للعياشي ، عن علي بن موسى عليهما‌السلام قال : يكره أن يختضب الرجل وهو جنب ، وقال : من اختضب و هو جنب أو أجنب في خضابه لم يؤمن عليه أن يصيبه الشيطان بسوء (٤).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : لا تختضب وأنت جنب ولا تجنب وأنت مختضب ، ولا الطامث ، فان الشيطان يحضرها عند ذلك ، ولا بأس به للنفساء (٥).

بيان : يحتمل أن يكون حضور الشيطان عندها ليوسوس زوجها لجماعها ، ثم إن كراهة الخضاب للجنب والحايض والنفساء هو المشهور بين الاصحاب ، بل

____________________

(١) المعتبر ص ٥٠. (٢) التهذيب ج ١ ص ١٠ ط حجر

(٣) المعتبر : ٤٩.

(٤ ـ ٥) مكارم الاخلاق : ٩٣.

٦٤

ادعى ابن زهرة على الجنب الاجماع ، ويظهر من الصدوق نفي الكراهة ، وكذا المشهور كراهة جماع المختضب وظاهر الصدوق والمفيد عدمها ، ويظهر من رواية أنه إذا أخذ الحناء مأخذه فلا بأس ، وما دل عليه الخبر من كراهته للحائض وعدمها للنفساء مخالف للمشهور إذ لم يفرقوا بينهما في تلك الاحكام.

٤٤ ـ العلل (١) والخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن ابي بصير ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : لا ينام المسلم وهو جنب ، ولا ينام إلا على طهور ، فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد (٢)

٤٥ ـ اربعين الشهيد : باسناده ، عن المفيد رضي‌الله‌عنه ، عن ابن قولويه عن ابيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلصق عليهما ، فقال : إن الحيض والجنابة حيث جعلهما الله عزوجل ، ليس في العرق فلا يغسلان ثوبهما (٣).

٤٦ ـ المقنع : إن اغتسلت من الجنابة ووجدت بللا ، فان كنت بلت قبل الغسل ، فلا تعد الغسل ، وإن كنت لم تبل قبل الغسل ، فأعد الغسل.

وفي حديث آخر : إن لم تكن بلت فتوضأ ولا تغتسل إنما ذلك من الحبائل (٤).

٤٧ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن ابي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٩.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٥٦.

(٣) وتراه في التهذيب ج ١ ص ٧٦.

(٤) المقنع ص ١٣ ط الاسلامية.

٦٥

عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا أراد أحدكم الغسل فليبدأ بذراعيه فليغسلهما (١).

٤٨ ـ البصائر : للصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد البرقي عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن شهاب بن عبد ربه قال : دخلت على ابي عبدالله عليه‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن الجنب ، فلما صرت عنده أنسيت المسألة فنظر أبوعبدالله عليه‌السلام فقال : يا شهاب لا بأس بأن يغرف الجنب من الحب (٢).

٤٩ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يلبس ثوبا وفيه جنابة فيعرق فيه ، قال : فقال : إن الثوب لا يجنب الرجل (٣).

٥٠ ـ كتاب المسائل : باسناده ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الخاتم قال : إذا اغتسلت فحوله من مكانه ، وإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة (٤).

٥١ ـ قرب الاسناد وكتاب المسائل : باسنادهما عن علي بن جعفر قال : سألت أخي عليه‌السلام عن الرجل تصيبه الجنابة ، فلا يقدر على الماء ، فيصيبه المطر أيجزيه ذلك أو عليه التيمم؟ فقال : إن غسله أجزأه وإلا تيمم (٥).

٥٢ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر عليه‌السلام ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما افضل التيمم أو يمسح بالثلج وجهه وجسده ورأسه؟ قال : الثلج إن بل رأسه وجسده افضل ، فان لم يقدر على أن يغتسل بالثلج فليتيمم (٦).

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٦٦.

(٢) بصائر الدرجات ص ٢٣٦.

(٣) قرب الاسناد ص ٨٠ ط حجر.

(٤) راجع بحار الانوار ج ١٠ ص ٢٦٥.

(٥ ـ ٦) البحار ج ١٠ ص ٢٦٥.

٦٦

٥٣ ـ ومنه : قال : سألته عن الجنب يدخل يده في غسله قبل أن يتوضأ وقبل أن يغسل يده ، ما حاله؟ قال : إذا لم تصب يده شيئا من جنابة فلا بأس ، قال : وأن يغسل يده قبل أن يدخلها في شئ من غسله أحب إلي (١).

بيان : قوله عليه‌السلام « فليتيمم » استدل به سلار على التيمم بالثلج ، ولا يخفى أن الظاهر (٢) التيمم بالتراب كما فهمه غيره ، وعلى تقدير عدم ظهوره لا يمكن الاستدلال به.

ثم انه ذهب الشيخ في النهاية إلى تقدم الثلج على التراب كما يظهر من الخبر ، وبعض الاخبار يدل على التيمم والتفصيل الذي يظهر من الخبر جامع بين الاخبار ، وقوله : « من غسله » بضم الغين ، قال في النهاية فيه وضعت له غسله من الجنابة ، الغسل بالضم الماء الذي يغتسل به كالاكل لمايؤكل ، وهو الاسم ايضا من غسلته ، والغسل بالفتح المصدر وبالكسر ما يغسل به من خطمي وغيره.

٥٤ ـ نوادر الراوندي : عن عبدالواحد بن إسماعيل ، عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام اغتسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من جنابة ، فاذا لمعة من جسده لم يصبها ماء ، فأخذ من بلل شعره فمسح ذلك الموضع ، ثم صلى بالناس (٣)

وبهذا الاسناد قال : اجتمعت قريش والانصار ، فقالت الانصار : الماء من الماء ، وقالت قريش : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فترافعوا إلي علي عليه‌السلام فقال عليه‌السلام : يا معشر الانصار أيوجب الحد؟ قالوا : نعم ، قال : أيوجب المهر؟ قالوا : نعم ، فقال عليه‌السلام : ما بال من أوبج الحد والمهر لايوجب الماء؟

____________________

(١) البحارج ١٠ ص ٢٨٧.

(٢) في مطبوعة الكمباني ههنا اختلال.

(٣) نوادر الراوندي ص ٣٩.

٦٧

فأبوا على أمير المؤمنين عليه‌السلام وأبى عليهم (١).

وروي عن علي عليه‌السلام أنه قال : يوجب الصداق ويهدم الطلاق ويوجب الحد والعدة ، ولا يوجب صاعا من ماء؟ فهذا أوجب (٢).

وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه‌السلام : من جامع واغتسل ثم خرج منه بقية المني مع بوله ، فعليه إعادة الغسل (٣).

بيان : المسح محمول على ما إذا تحقق الجريان على المشهور ، قوله عليه‌السلام فعليه إعادة الغسل يشمل ما إذا بال قبل الغسل أو لم يبل ، وإن كان الثاني اظهر من الخبر ، إذ مع العلم لا فرق بينهما كما ستعرف.

٥٥ ـ مجالس الشيخ : عن المفيد ، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور.

عن ابي بكر المفيد الجرجرائي ، عن ابي الدنيا المعمر المغربي قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحجزه عن قراءة القرآن إلا الجنابة (٤).

٥٦ ـ قرب الاسناد : باسناده ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام عن المرأة عليها السوار ، والدملج بعضدها وفي ذراعها ، لا تدري يجري الماء تحته أم لا؟ كيف تصنع إذا توضأت أواغتسلت ، قال : تحركه حتى يجري الماء تحته أو تنزعه (٥).

قال : وسألته عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبلها فيخرج منه شئ فما عليه؟ قال : إذا جاءت الشهوة ودفق وفتر جوارحه ، فعليه الغسل ، وإن كان إنما هوشئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس (٦).

____________________

(١) المصدر ص ٤٥.

(٢ و ٣) المصدر ص ٤٦.

(٤) لا يوجد في المطبوع من المصدر.

(٥) قرب الاسناد : ١٠٨ ط نجف ص ٨١ ط حجر.

(٦) قرب الاسناد ص ١١١ ط نجف ص ٨٥ ط حجر.

٦٨

كتاب المسائل : عنه عليه‌السلام مثله إلا أن فيه مكان فلا بأس فلا غسل عليه ويتوضأ للصلاة (١).

٥٧ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام أيأكل الجنب ويشرب ويقرء؟ قال : يأكل ويشرب ويقرء ويذكر الله ما شاء (٢).

٥٨ ـ دعائم الاسلام : عن علي صلوات الله عليه قال : أتت نساء إلى بعض نساء النبي فحدثنها فقالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله إن هؤلاء نسوة جئن ليسألنك عن شئ يستحيين عن ذكره ، قال : ليسألن فان الله لا يستحيي من الحق قالت : يقلن : ما ترى في المرأة ترى في منامها ما ترى الرجل ، هل عليها الغسل قال : نعم ، إن لهاماء كماء الرجل ، ولكن الله استرماءها واظهر ماء الرجل على مائها ذهب شبه الولد إليه ، وإذا اعتدل الماءان ، كان الشبه بينهما واحدا فاذا ظهر منها ما يظهر من الرجل فلتغتسل ، ولا يكون ذلك إلا في سرارهن (٣).

٥٩ ـ العلل: عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول ، فخرج منه شئ؟ قال : يعيد الغسل ، قلت : فامرأة يخرج منها شئ بعد الغسل؟ قال : لا تعيد ، قلت : فما الفرق بينهما؟ قال : لان ما يخرج من المرأة إنما هو من الرجل (٤).

بيان : يدل على أن البلل الخارج بعد الغسل وقبل البول موجب للغسل في الرجل دون المرأة ، وتفصيله أن البلل الخارج بعد الغسل لا يخلو إما أن يعلم

____________________

(١) البحار ج ١٠ ص ٢٧٢.

(٢) قرب الاسناد ص ٨٠ ط حجر.

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١١٥ ، وفيه شرارهن بدل سرارهن.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٢.

٦٩

أنه منى أو بول أو غيرهما أو لا يعلم ، فان علم أنه مني فلا خلاف في وجوب الغسل وكذا إن علم أنه بول في عدم وجوب الغسل ، ووجوب الوضوء ، وكذا إن علم أنه غيرهما في عدم وجوب شئ منهما.

وأما إذا اشتبه ففيه أربع صور لان الغسل إما أن يكون بعد البول والاجتهاد بالعصرات معا أو بدونهما أو بدون البول فقط ، أو بدون الاجتهاد فقط ، أما الاول فقد ادعوا الاجماع على عدم وجوب شئ من الغسل والوضوء.

وأما الثاني فالمشهور وجوب إعادة الغسل ، وادعى ابن إدريس عليه الاجماع ، وإن كان مقتضى الجمع بين الاخبار القول بالاستحباب ، ويظهر من كلام الصدوق رحمه‌الله الاكتفاء بالوضوء في هذه الصورة كما مر في كلام المقنع.

وأما الثالث فهو إما مع تيسر البول أولا ، أما الاول فالظاهر من كلامهم وجوب إعادة الغسل حينئذ ايضا ويفهم من ظاهر الشرايع والنافع عدم الوجوب وأما الثاني فظاهر المقنعة عدم وجوب شئ من الوضوء والغسل حينئذ ، وهو الظاهر من كلام الاكثر وظاهر أكثر الاخبار وجوب إعادة الغسل.

وأما الرابع فالمعروف بينهم إعادة الوضوء حينئذ خاصة ، وقد نقل ابن إدريس عليه الاجماع ، وإن كان من حيث المجموع بين الاخبار لا يبعد القول بالاستحباب.

هذا كله في الرجل فأما المرأة فقال المفيد رحمه‌الله في المقنعة : ينبغي لها أن تستبرئ قبل الغسل بالبول ، فان لم يتيسر لها ذلك لم يكن عليها شئ ، وتوقف العلامة في المنتهى في استبرائها ، بناء على أن مخرج البول منها غير مخرج المني فلا فائدة فيه ، وظاهر المبسوط أنه لا استبراء عليها ، ونسب هذا في الذكرى إلى ظاهر الجمل وابن البراج في الكامل ، وقال أيضا : وأطلق أبوالصلاح الاستبراء ، وابنا بابويه والجعفي لم يذكروا المرءة انتهى ، والشيخ في النهاية سوى بين الرجل والمرأة في الاستبراء بالبول والاجتهاد.

٧٠

فالكلام في مقامات ثلاثة :

الاول أنه هل عليها استبراء أم لا؟ الثاني أن حكمها بعد وجود البلل ما ذا؟ الثالث هل تستبرئ بعد البول أولا؟ أما الاول فالظاهر عدم وجوبه ، بل ولا استحبابه ، إذ أخبار الاستبراء مخصوصة بالرجال ، ويمكن القول باستحبابه للاستظهار ، ولذهاب بعض الاصحاب إليه ، وقالوا إن استبراء المرأة بالاجتهاد إنما يكون بالعرض.

وأما الثاني فاما أن يكون وجدان البلل بعد الاستبراء أو قبله ، وعلى التقديرين إما أن تعلم أنه مني أو يشتبه ، فان كان بعد الاستبراء ويعلم أنه مني فلا يخلو إما أن يكون في فرجها مني رجل أولا ، فان لم يكن فالظاهر وجوب الغسل.

وإن كان في فرجها مني رجل فاما أن تعلم أن الخارج مني نفسها أولا فعلى الاول الظاهر أنه ايضا كسابقه في وجوب الغسل ، وعلى الثاني الظاهر عدم الوجوب ، لهذا الخبر الموثق وصحيحة (١) منصور بن حازم موافقا له ، وللروايات الدالة على عدم نقض اليقين بالشك ، وقطع ابن إدريس في هذه الصورة أيضا بوجوب الغسل ، وطرح الخبرين لعموم « الماء من الماء » ولا يخفى ضعفه ، لمنع شموله ما نحن فيه ، لا سيما بعد ورود الروايتين ، والاحوط الاعادة.

وإن لم نعلم أن مني فلا يخلوا أيضا إما أن يكون في فرجها مني رجل أولا ، فان كان فلا خفاء في عدم وجوب الغسل للاصل ، والاخبار ، وإن لم يكن فالظاهر ايضا عدم الوجوب لاصل والاستصحاب ، والاحتياط في هاتين الصورتين أيضا في الاعادة.

وإن كان قبل الاستبراء فاما أن تعلم أنه مني أولا ، فان علمت فلا يخلو أيضا إما أن يكون في فرجها مني رجل أولا ، فان لم يكن فالظاهر وجوب الغسل ، و إن كان ، فاما أن تعلم أنه منى نفسها أولا ، فان علمت فالظاهر أيضا الوجوب و

____________________

(١) راجع التهذيب ج ١ ص ٤٠.

٧١

إن لم تعلم فالظاهر عدم الوجوب للاصل والاستصحاب والروايات ، وخلاف ابن إدريس ههنا أيضا والاحتياط في الاعادة.

وإن لم تعلم أنه مني فلا يخلو أيضا من الوجهين فعلى الاول الظاهر عدم الوجوب ، إذ الروايات المتضمنة لوجوب الاعادة مع عدم البول مختصة بالرجل سوى رواية ضعيفة فيها إطلاق والاحتياط أيضا في الاعادة ، وتمام الاحتياط في ضم الوضوء ، وعلى الثاني فالظاهر أيضا أنه مثل سابقه في الحكم والاحتياط.

وأما الثالث فالظاهر أيضا عدم لزوم الاستبراء ، لا وجوبا ولا استحبابا ، و ربما يقال بالاستحباب للاستظهار ، ولقول بعض الاصحاب ، فلو وجدت بللا مشتبها فان كان بعد الاستبراء ، فالظاهر عدم الالتفات للاصل والاستصحاب والاجماع أيضا ظاهرا ، وإن كان قبله فالظاهر أيضا ذلك ، إذ الروايات مختصة بالرجل ، ظاهرا والاحتياط ظاهر.

وأما المجنب بالجماع بدون الانزال ، فلا استبراء عليه ، وإذا رأى بللا مشتبها فالظاهر عدم الغسل ، سواء استبرأ أم لا ، وربما يحتمل وجوب الغسل مع عدم الاستبراء ، لاطلاق بعض الروايات وهو ضعيف ، وإن كان الاحوط الغسل مع ضم الوضوء والله يعلم حقايق الاحكام ، وحججه الكرام عليهم‌السلام.

٦٠ ـ الهداية : اذا أردت الغسل من الجنابة ، فاجهد أن تبول ليخرج ما بقي في إحليلك من المني ، ثم اغسل يديك ثلاثا من قبل أن تدخلهما الاناء ، ثم استنج وأنق فرجك ، ، ثم ضع على رأسك ثلاث أكف من الماء ، وميز الشعر كله بأناملك حتى يبلغ الماء أصل الشعر كله ، وتناول الاناء بيدك وصبه على رأسك وبدنك مرتين ، وامرر يدك على بدنك كله ، وخلل أذنيك باصبعيك ، وكل ما أصابه الماء فقد طهر.

واجهد أن لا تبقي شعرة من راسك ولحيتك إلا وتدخل الماء تحتها ، فانه روي أن من ترك شعرة من الجنابة فلم يغسلها متعمدا فهو في النار.

وإن شئت أن تتمضمض وتستنشق فافعل ، وليس ذلك بواجب ، لان الغسل

٧٢

على ما ظهر ، لا على ما بطن ، غير أنك إذا أردت أن تأكل أو تشرب قبل الغسل لم يجز لك إلا أن تغسل يديك وتتمضمض وتستنشق ، فانك إن أكلت أو شربت قبل ذلك خيف عليك البرص.

وروي إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزءه ذلك من غسله ، و إن أجنبت في يوم أو ليلة مرارا أجزأك غسل واحد ، إلا أن تكون تجنب بعد الغسل أو تحتلم ، فان احتلمت فلا تجامع حتى تغتسل من الاحتلام.

ولا بأس بذكر الله وقراءة القرآن للجنب والحايض ، إلا العزايم التي يسجد فيها ، وهي سجدة لقمان (١) وحم السجدة ، والنجم ، وسورة اقرأ باسم ربك.

ولا تمس القرآن إذا كنت جنبا أو على غير وضوء ، ومس الورق (٢)

ومن خرج من إحليله بعد الغسل شئ وقد كان بال قبل أن يغتسل فلا شئ عليه ، وإن لم يكن بال قبل أن يغتسل فليعد الغسل ، ولا بأس بتبعيض الغسل : تغسل يديك وفرجك ورأسك ، وتؤخر غسل جسدك إذا أردت ذلك ، فان أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله.

ولا يدخل الحائض والجنب المسجد إلا مجتازين ، ولهما أن يأخذا منه ، وليس لهما أن يضعا فيه شيئا لان ما فيه لا يقدر على أخذه من غيره ، وإن احتلمت في مسجد من المساجد فاخرج منه واغتسل ، إلا أن يكون احتلامك في المسجد الحرام ، أو في مسجد الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانك إذا احتلمت في أحد هذين المسجدين تيممت وخرجت ولم تمش فيهما إلا متيمما.

والجنب إذا عرق في ثوبه ، فان كانت الجنابة من حلال ، فحلال الصلاة فيه وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه (٣).

____________________

(١) يعنى سورة الم تنزيل التى سطرت في المصحف الشريف بعد سورة لقمان ، وهذا اصطلاح لهم.

(٢ و ٣) الهداية : ٢٠ و ٢١.

٧٣

٤

* ( باب ) *

* « ( غسل الحيض والاستحاضة والنفاس ) » *

* « ( عللها وآدابها وأحكامها ) » *

الايات : البقرة : ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ، ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فاذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين * نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين (١).

تفسير : المحيض يكون مصدرا ، تقول حاضت المرأة محيضا ، واسم زمان أي مدة الحيض ، واسم مكان اي محل الحيض ، وهو القبل (٢) والمحيض الاول في الآية بالمعنى الاول أي يسئلونك عن الحيض وأحواله ، والسائل أبوالدحداح في جمع من الصحابة ، كما قيل ، وقوله تعالى : « قل هو اذى » اي هو أمر مستقذر مؤذ ينفر الطبع عنه ، والاعتزال التنحي عن الشئ ، وأما المحيض الثاني فيحتمل كلا من المعاني الثلاثة السابقة.

وقوله تعالى : ولا تقربوهن حتى يطهرن تأكيدا للامر بالاعتزال ،

____________________

(١) البقرة : ٢٢٣ و ٢٢٢.

(٢) وقد يطلق على معنيين آخرين : أحدهما الحاصل بالمصدر ، وهو الحالة الحاصلة من سيلان الدم كالحدث الحاصل من طرو الاحداث ، ولعله أنسب في المقام ، و الثانى دم الحيض ، وهو بعيد ولعل مراد من قال بالمصدر : المعنى الاول اوالاعم منه ومن المعنى المصدرى ، فتأمل. منه رحمه‌الله ، كذا في هامش نسخة الاصل بخط يده قدس‌سره.

٧٤

وبيان لغايته ، وقد قرءه حمزة والكسائي « يطهرن » بالتشديد اي يتطهرن ، وظاهره أن غاية الاعتزال هي الغسل ، وقرء الباقون « يطهرن » بالتخفيف (١) وظاهره أن غايته انقطاع الدم ، والخلاف بين الامة في ذلك مشهور.

وقوله سبحانه : « فاذا تطهرن » يؤيد القراءة الاولى ، والامر بالاتيان للاباحة كقوله تعالى : « وإذا حللتم فاصطادوا » (٢) وأما وجوب الاتيان لو كان قد اعتزلها أربعة أشهر مثلا ، فقد استفيد من خارج (٣).

واختلف المفسرون في معنى قوله جل شأنه « من حيث أمركم الله » فعن ابن

____________________

(١) هذه القراءة هو الوجه منحيث سياق الكلام وطبعه ، ولو كان بالتشديد ، لكان قوله تعالى بعده « فاذا تطهرن » حشوا زائدا ، والحكم المستفاد من سياق الاية : اعتزال النساء وحرمة اتيانهم حتى يطهرن وتجويز اتيانهن بعد التطهر وهو الاغتسال كما عرفت من ورود قوله تعالى « ولا جنبا حتى تغتسلوا » في سورة النساء بدل قوله تعالى :  « وان كنتم جنبا فاطهروا » في المائدة أن المراد بالتطهر هو الاغتسال.

وأما بعد الطهر وقبل الاغتسال ، فالاية ساكتة من حكمه ، من شاء أن يتزكى فعليه أن يأخذ بمورد الامر ، وهو الغسل ثم الاتيان ، فان الله لا يأمر الا بالزكى ، ومن لم يشأ ذلك فلا نهى عنه.

وقوله تعالى ، « من حيث أمركم الله » مع أن المراد باتيان النساء هو الايلاج ، كأنه يقسم الاتيان إلى قسمين : قسم أمر الله به بالفطرة ، وتعرض للبحث عن أحواله في حالة الحيض في صدر الاية وصرح به بعد ذلك بقوله « نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم » وهو الاتيان في القبل ، وقسم لم يأمر الله به ولم ينه عنه ، ولو أمر به آمر لكان هو النفس والشيطان لكونه خلافا للفطرة ، وهو الاتيان في المحاش.

فحال الاتيان في المحاش في هذه الاية كحال الاتيان في القبل بعد الطهر وقبل التطهر كما عرفت ، ومن تزكى فانما يتزكى لنفسه ، والى الله المصير.

(٢) المائدة : ٢.

(٣) وهو آية الايلاء : « للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة أشهر ».

٧٥

عباس أن معناه من حيث أمركم الله بتجنبه حال الحيض ، وهو الفرج ، وعن ابن الحنفية أن معناه من قبل النكاح دون السفاح ، وعن الزجاج معناه من الجهات التي يحل فيها الوطي ، لا ما لا يحل ، كوطيهن وهن صائمات أو محرمات أو معتكفات ، والاول مختار الطبرسي رحمه‌الله « إن الله يحب التوابين » اي عن الذنوب « ويحب المتطهرين » اي المتنزهين عن الاقذار كمجامعة الحايض مثلا وقيل التوابين عن الكبائر والمتطهرين عن الصغاير ، وقد مر تأويل آخر في صدر كتاب الطهارة.

والحرث قد يفسر بالزرع تشبيها لما يلقى في أرحامهن من النطف بالبذر وقال أبوعبيدة كنى سبحانه بالحرث عن الجماع اي محل حرث لكم ، وقد جاء في اللغة الحرث بمعنى الكسب ، ومن هنا قال بعض المفسرين معنى حرث لكم أي ذوات حرث تحرثون منهن الولد واللذة.

وقوله سبحانه : « أنى شئتم » قد اختلف في تفسيره ، فقيل : معناه من أي موضع شئتم ، ففيها دلالة على جواز إتيان المرأة في دبرها ، وعليه أكثر علمائنا ووافقهم مالك ، وسيأتي تحقيق المسألة في كتاب النكاح إنشاء الله وقيل معناه من أي جهة شئتم لما روي من أن اليهود كانوا يقولون من جامع امرأته من دبرها في قبلها يكون ولدها أحول فذكر ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت.

وقيل : معناه متى شئتم ، واستدل به على جواز الوطي بعد انقطاع الحيض وقبل الغسل لشموله لفظة أنى جميع الاوقات إلا ما خرج بدليل كوقت الحيض والصوم ، واعترض على هذا الوجه بأن القول بمجئ أنى بمعنى متى يحتاج إلى شاهد ، ولم يثبت ، بل قال الطبرسي رحمه‌الله أنه خطأ عند اهل اللغة.

« وقدموا لانفسكم » (١) اي قدموا الاعمال الصالحة التي أمرتم بها ،

____________________

(١) يقال : قدم له كذا ، اذا هيأه نزلا وتسبب في تهيئته كما في قوله تعالى ص : ٦١  « قالوا ربنا من قدم لنا هذه فزده عذابا ضعفا من النار » والمعنى بقرينة ما سبقه من

٧٦

ورغبتم فيها ، لتكون لكم ذخرا في القيامة ، وقيل : المراد بالتقديم طلب الولد الصالح ، والسعي في حصوله ، وقيل : المراد تقديم التسمية عند الجماع ، وقيل تقديم الدعاء عنده.

« واعلموا أنكم ملاقوه » اي ملاقوا ثوابه إن أطعتم ، وعقابه إن عصيتم.

وقال الشيخ البهائي رحمه‌الله : قد استنبط بعض المتأخرين من الآية الاولى أحكاما ثلاثة : أولها أن دم الحيض نجس ، لان الاذى بمعنى المستقذر وثانيها أن نجاسته مغلظة لا يعفى عن قليلها ، أعني ما دون الدرهم للمبالغة المفهومة من قوله سبحانه هو اذى ، وثالثها أنه من الاحداث الموجبة للغسل ، لاطلاق الطهارة المتعلقة به.

وفي دلالة الآية على هذه الاحكام نظر أما الاولان فلعدم نجاسة كل مستقذر فان القيح والقئ من المستقذرات ، وهما طاهران عندنا ، وأيضا فهذا المستنبط قائل كغيره من المفسرين بارجاع الضمير في قوله تعالى : هو أذى إلى المحيض بالمعنى المصدري ، لا إلى الدم ، وارتكاب الاستخدام فيه مجرد احتمال لم ينقل عن المفسرين فكيف يستنبط منه حكم شرعي.

وأما الثالث فلان الآية غير دالة على الامر بالغسل ، بشئ من الدلالات ولا سبيل إلى استفادة وجوبه عن كونه مقدمة للواجب ، أعني تمكين الزوج من الوطي ، لان جمهور فقهائنا رضوان الله عليهم على جوازه قبل الغسل بعد النقاء

____________________

الاتيان في الحرث طلب الولد ، بانزال الماء في الحرث لا عزله ليتحقق معنى الحرث بكماله.

وانما عبر كذلك لان الولد ان سقط او مات في الصغر كان فرطا له على الحوض و أوجر بمصيبته الجنة ، وان بقى ، فان كان طالحا كان وزره على نفسه ، وان كان صالحا نفعه صلاحه ، والمال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا.

٧٧

فلا تغفل (١).

ثم اعلم أنه اختلفت الامة في المراد بالاعتزال في الآية ، فقال فريق منهم : المراد ترك الوطي لا غير ، لما روي من أن أهل الجاهلية كانوا يجتنبون مؤاكلة الحيض ومشاربتهن ومساكنتهن كفعل اليهود والمجوس ، فلما نزلت الآية الكريمة عمل المسلمون بظاهر الاعتزال لهن وعدم القرب منهن فأخرجوهن من بيوتهم فقال ناس من الاعراب : يا رسول الله البرد شديد ، والثياب قليلة ، فان آثرناهن بالثياب هلك ساير أهل البيت ، وإن استأثرنا بها هلك الحيض ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ، ولم يأمركم باخراجهن من البيوت كفعل الاعاجم.

وأكثر علمائنا قائلون بذلك ، ويخصون الوطي المحرم بالوطي في موضع الدم أعني القبل لا غير ، ويجوزون الاستمتاع بما عداه ، ووافقهم أحمد بن حنبل وقال السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه : يحرم على زوجها الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها ، ووافقه بقية أصحاب المذاهب الاربعة.

واستدل العلامة طاب ثراه على ذلك في المنتهى بما حاصله أن المحيض في قوله تعالى « فاعتزلوا النساء في المحيض » إما أن يراد به المعنى المصدري ، أو زمان الحيض ، أو مكانه ، وعلى الاول يحتاج إلى الاضمار ، إذ لا معنى لكون المعنى المصدري ظرفا للاعتزال ، فلا بد من إضمار زمانه أو مكانه ، لكن الاضمار خلاف الاصل ، وعلى تقديره إضمار المكان أولى ، إذ إضمار الزمان يقتضي بظاهره

____________________

(١) لكنك عرفت في ج ٨٠ ص ٨٨ أن دم الحيض نجس لا يعفى عنه في الصلاة لكونه دما مسفوحا ، وعرفت آنفا أن المراد بالتطهر في ني القرآن هو الاغتسال واذا كان التطهر للصلاة واجبة في مورد الجنابة بعنوان الشرط لقوله تعالى : « وان كنتم جنبا فاطهروا » افاد أن خلاف التطهر أياما كان مانع عن الدخول في الصلاة ، واذا كانت الحائض غير متطهر بحكم الاية لزمها القعود عن الصلاة حتى يطهر ويطهر بالاغتسال ، ومثلها المستحاضة والنفساء بحكم السنة.

٧٨

وجوب اعتزال النساء مدة الحيض بالكلية ، وهو خلاف الاجماع ، وبهذا يظهر ضعف الحمل على الثاني ، فتعين الثالث ، وهو المطلوب انتهى ملخص كلامه وللبحث فيه مجال (١).

ثم الاعتزال المأمور به في الآية الكريمة هل هو مغيى بانقطاع الحيض أو الغسل ، اختلفت الامة في ذلك أما علماؤنا قدس الله أرواحهم ، فأكثرهم على الاول وقالوا بكراهة الوطي قبل الغسل. فان غلبته الشهوة أمرها بغسل فرجها استحبابا ثم يطؤها ، وذهب الصدوق رحمه‌الله إلى الثاني ، فانه قال بتحريم وطيها قبل الغسل إلا بشرطين : أما الاول أن يكون الرجل شبقا ، والثاني أن تغسل فرجها ويؤيده قول بعض المفسرين في قوله تعالى : « فاذا تطهرن » فاذا غسلن فرجهن.

وذهب الطبرسي قدس‌سره إلى أن حل وطيها مشروط بأن تتوضأ أو تغتسل فرجها وأما اصحاب المذاهب الاربعة سوى أبي حنيفة فعلى تحريم الوطي قبل الغسل ، وأما هو فذهب إلى حل وطيها قبل الغسل إن انقطع الدم لاكثر الحيض ، وتحريمه إن انقطع لدون ذلك.

واحتج العلامة في المختلف على ما عليه أكثر علمائنا بما تضمنته الآية من تخصيص الامر بالاعتزال بوقت الحيض أو موضع الحيض ، وإنما يكون موضعا له مع وجوده ، والتقدير عدمه ، فينتفي التحريم ، وبما تقتضيه قراءة التخفيف في « يطهرن » وجوز أن يحمل التفعل في قوله تعالى « فاذا تطهرن » على الفعل ، كما تقول تطعمت الطعام اي طعمته ، أو يكون المراد به غسل الفرج هذاملخص كلامه.

وأورد على الاستدلال بالغاية بأن الطهارة اللغوية وإن حصلت بالخروج

____________________

(١) حيث ان قوله تعالى : « ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله » عطف تفسيرى للاعتزال ، لا أنه حكم ثان ، فان الاعتزال بالمعنى الذي ذكروه اذا تحقق لم يتحقق الاقتراب حتى ينهى عنه.

٧٩

من الدم ، لكن حصول الطهارة الشرعية ممنوع ، إذ الحقيقة الشرعية ، وإن لم تثبت لكن لم يثبت نفيها ايضا والاحتمال كاف في مقام المنع.

سلمنا لكن لا ترجيح لقراءة التخفيف على قراءة التشديد ، ومقتضاها ثبوت التحريم قبل الاغتسال ، فيجب حمل الطهارة ههنا على المعنى الشرعي جمعا بين القراءتين.

سلمنا أن الطهارة بمعناها اللغوي لكن وقع التعارض بين المفهوم والمنطوق فالترجيح للثاني ، مع أنه مؤيد بمفهوم الشرط في قوله تعالى : « فاذا تطهرن فآتوهن » وهذا التأييد مبني على أن الامر الواقع بعد الحظر للجواز المطلق كما هوالمشهور ، وأما إذا كان للرجحان ، فمفهومه انتفاء رجحان الاتيان عند عدم التطهر ، وهوكذلك عند القائلين بجوازه عند عدمه ، لكونه مكروها عندهم وكذلك الحال إذا كان الامر للاباحة ، بمعنى تساوي الطرفين.

واحتج القائلون بالتحريم بقراءة التشديد ، وأورد عليه أنه لم يثبت أن التطهر حقيقة شرعية في المعنى الشرعي ، فيجوز أن يكون المراد به انقطاع الدم أو زيادة التنظيف الحاصل بسبب غسل الفرج ، سلمنا لكن الطهارة أعم من الوضوء.

والتحقيق أن دلالة الآية على شئ من التحريم والجواز غير واضح ، فالاحسن العدول عنها إلى الروايات ، ومقتضاها نظرا إلى قضية الجمع الجواز ، والاحتياط طريق النجاة.

١ ـ الهداية : أقل أيام الحيض ثلاثة ايام ، وأكثرها عشرة أيام ، فان رأت الدم يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ، ما لم تر الدم ثلاثة أيام متواليات وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم أو اليومين ، فان رأت الدم أكثر من عشرة أيام فلتقعد عن الصلاة عشرة ايام ، وتغتسل يوم حادي عشره ، وتحتشي فان لم يثقب الدم الكرسف صلت صلواتها كل صلاة بوضوء ، وإن ثقب الدم الكرسف ولم يسل ، صلت صلاة الليل وصلاة الغداة بغسل ، وساير الصلوات

٨٠