البحر (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) إلها (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد ذهابه إلى الميقات (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٩٢) باتخاذه (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) على العمل بما في التوراة (وَ) قد (رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) الجبل حين امتنعتم من قولها ليسقط عليكم وقلنا (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) بجد واجتهاد (وَاسْمَعُوا) ما تؤمرون به سماع قبول (قالُوا سَمِعْنا) قولك (وَعَصَيْنا) أمرك (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) أي خالط حبه قلوبهم كما يخالط الشراب (بِكُفْرِهِمْ قُلْ) لهم (بِئْسَما) شيئا (يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ) بالتوراة عبادة العجل (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩٣) بها كما زعمتم. المعنى لستم بمؤمنين لأن الإيمان لا يأمر بعبادة العجل والمراد آباؤهم أي فكذلك أنتم لستم بمؤمنين بالتوراة وقد كذبتم محمدا والإيمان بها لا يأمركم بتكذيبه (قُلْ) لهم (إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) أي الجنة (عِنْدَ اللهِ خالِصَةً) خاصة (مِنْ دُونِ النَّاسِ) كما زعمتم (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩٤) تعلق بتمنيه الشرطان على أن الأول قيد في الثاني أي إن صدقتم في زعمكم أنها
____________________________________
الكاف باقي التسع وهي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنين والطمس. قوله : (إلها) قدره إشارة إلى مفعول اتخذتم. قوله : (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) أي كافرون. قوله : (ليسقط عليكم) علة لقوله رفعنا أي رفعناه لأجل السقوط عليكم إن لم تتمثلوا. قوله : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) الجملة حالية على حذف مضافين أي حب عبادة العجل ، وفي الكلام استعارة بالكناية وتقريرها أن تقول شبه حب عبادة العجل بمشروب لذيذ سائغ بجامع الإمتزاج في كل وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو الإشراب فاثباته تخييل ولم يعبر بالأكل لأنه ليس فيه شدة مخالطة. قوله : (كما يخالط الشراب) أي خلال القلوب والأبدان فمفعول يخالط محذوف. قوله : (شيئا) أشار بذلك إلى أن ما نكرة بمعنى شيء مفسرة لفاعل بئس ، وقوله : (يَأْمُرُكُمْ) صفة لما و (إِيمانُكُمْ) فاعل يأمر ، وقوله : (عبادة العجل) هو المخصوص بالذم قدره المفسر وهذا من جملة التشنيع عليهم ، أي أنتم ادعيتم الإيمان بالتوراة ثم رأيناكم قد عبدتم العجل ، فإن كان إيمانكم بها أمركم وحملكم على عبادته فبئس إيمانكم وما يأمركم به فإنه كفر لا إيمان ، وقوله بالتوراة إن قلت إن عبادة العجل متقدمة على التوراة ، أجيب بأن موسى كان يأمرهم بالتوحيد وهو موافق لما في التوراة.
قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يحتمل أن إن شرطية وكنتم فعل الشرط وجوابه محذوف دل عليه قوله : (بئسما يأمركم به إيمانكم) ويحتمل أنها نافية نتيجة قوله : (بئسما يأمركم به إيمانكم) وكلام المفسر يحتملها. قوله : (المعنى إلخ) إشارة إلى قياس حملي من الشكل الأول ، وتقريره أن تقول اعتقادكم يأمركم بعبادة العجل ، وكل اعتقاد يأمر بعبادة العجل فهو كفر ينتج اعتقادكم كفر. قوله : (أي فكذلك أنتم إلخ) أشار بذلك إلى قياس آخر تقريره أن تقول اعتقادكم يأمركم بتكذيب محمد ، وكل اعتقاد يأمر بذلك فهو كفر ينتج اعتقادكم كفر.
قوله : (إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) إلخ في هذه الآية أعاريب منها أن الدار اسم كانت ولكم جار ومجرور خبرها وعند الله ظرف وخالصة حال ، ومنها أن الخبر قوله خالصة وعند الله ظرف على كل حال ، ومنها أن الخبر هو الظرف وخالصة حال. قوله : (تعلق بتمنيه الشرطان) في العبارة قلب والأصل