رِسالَتَهُ) بالجمع والإفراد وحيث مفعول به لفعل دل عليه أعلم أي يعلم الموضع الصالح لوضعها فيه فيضعها وهؤلاء ليسوا أهلا لها (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) بقولهم ذلك (صَغارٌ) ذل (عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ) (١٢٤) أي بسبب مكرهم (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) بأن يقذف في قلبه نورا فينفسح له ويقبله كما ورد في حديث (وَمَنْ يُرِدْ) الله
____________________________________
ومن الذي توكل عليك فلم تكفه ، يا غوثاه يا غوثاه يا غوثاه ، بك أستغيث ، أغثني يا مغيث ، واهدني هداية من عندك ، واقض حوائجنا ، واشف مرضانا ، واقض ديوننا ، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ، بحق القرآن العظيم ، والرسول الكريم ، برحمتك يا أرحم الراحمين اه. قوله : (قال تعالى) أي ردا عليهم. قوله : (لفعل دل عليه أعلم) دفع بذلك ما يقال من أن حيث مفعول به وليست ظرفا ، لأنها كناية عن الذات التي قامت بها الرسالة ، واسم التفضيل لا ينصب المفعول به ، فأجاب بما ذكر. وأجيب أيضا : بأن اسم التفضيل ليس على بابه بل هو مؤول باسم الفاعل وهذا أولى ، لأن ما لا تقدير فيه خير مما فيه تقدير ، وأيضا يدفع توهم المشاركة بين علم القديم والحادث ، والحاصل أن اسم التفضيل في أسماء الله وصفاته ، كأكرم وأعلم وأعظم وأجل ليس على بابه. قوله : (والموضع الصالح لوضعها فيه) أي الذات تستحق الرسالة وهو محمد صلىاللهعليهوسلم. قوله : (الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي وماتوا على الكفر.
قوله : (صَغارٌ) كسحاب مصدر صغر كتعب ، معناه الذل والهوان ، وأما الصغر ضد الكبر ، فيقال فيه صغر بالضم فهو صغير. قوله : (عِنْدَ اللهِ) إما ظرف ليصيب أو لصغار ، والعندية مجازية كناية عن الحشر ، والوقوف بين يديه ، والحساب والجزاء. قوله : (أي بسبب مكرهم) أشار بذلك إلى أن الياء سببية وما مصدرية.
قوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ) أعلم أن الله سبحانه وتعالى جعل خلقه في الأزل قسمين : شقي وسعيد ، وجعل لكل أمة علامة تدل عليه ، فعلامة السعادة شرح الصدر للإسلام ، وقبوله لما يرد عليه من النور والأحكام ، وعلامة الشقاوة ضيق الصدر ، وعلامة قبوله لذلك ، وجعل لكل قسم في الآخرة دار يسكنونها ، فلأهل السعادة الجنة ونعيمها ، ولأهل الشقاوة النار وعذابها ، لما في الحديث «إن الله خلق خلقا وقال هؤلاء للجنة ولا أبالي ، وخلق خلقا وقال هؤلاء للنار ولا أبالي» فذكر في هذه الآية علامة كل قسم ، فإذا رزق الله العبد شرح الصدر وأسكنه حلاوة الإيمان ، فليعلم أن الله أعظم عليه النعمة. وبضدها تتميز الأشياء. ومن اسم شرط ، ويرد فعل الشرط ، ويشرح جوابه. قوله : (يَهْدِيَهُ) أي يوصله للمقصود ، وليس المراد الدلالة لأنها هي شرح الصدر.
قوله : (يَشْرَحْ صَدْرَهُ) الشرح في الأصل التوسيع ، والمراد هنا لازمه ، وهو أن يقذف الله في قلب الشخص النور ، حتى تكون أحواله مرضية لله ، لأنه يلزم من الوسع قبول ما يحل فيه. قوله : (كما ورد في حديث) أي وهو أنه لما نزلت هذه الآية ، سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن شرح الصدر فقال : هو نور يقذفه الله في قلب المؤمن ، فينشرح له وينفتح ، قيل فهو لذلك أمارة؟ قال نعم الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت ، وفي رواية قبل لقى الموت.