(وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) التوراة وفيها الوعيد على مخالفة القول العمل (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٤٤) سوء فعلكم فترجعون ، فجملة النسيان محل الإستفهام الإنكاري (وَاسْتَعِينُوا) اطلبوا المعونة على أموركم (بِالصَّبْرِ) الحبس للنفس على ما تكره (وَالصَّلاةِ) أفردها بالذكر تعظيما لشأنها وفي الحديث كان صلىاللهعليهوسلم إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة وقيل الخطاب لليهود لما عاقهم عن الإيمان الشره وحب الرياسة فأمروا بالصبر وهو الصوم لأنه يكسر الشهوة والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر (وَإِنَّها) أي الصلاة (لَكَبِيرَةٌ) ثقيلة (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (٤٥) الساكنين إلى الطاعة (الَّذِينَ
____________________________________
قوله : (بالإيمان بمحمد) الأخصر حذف بالإيمان ، فالبر اسم جامع لكل خير كما أن الإثم اسم جامع لكل شر. ولما كان الإيمان بمحمد يستلزم كل خير فسره به. وسيأتي تفسيره في قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) الآية. قوله : (تتركونها) أشار بذلك إلى أنه من باب استعمال اللازم في الملزوم ، أو السبب في المسبب ، لأنه يلزم من نسيان الشيء تركه ، وسبب الترك النسيان ، والحكمة في ارتكاب المجاز الإشارة إلى أن الشأن أن العالم لا يقع منه ذلك إلا نسيانا. قوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) قال بعض المفسرين إن الفاء في مثل هذا الموضع مؤخرة من تقديم ، وجملة تعقلون معطوفة على جملة تتلون ، والمستفهم عنه ما بعد الفاء ، التقدير فأي شيء لا تعقلونه ، وقال الزمخشري إن الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، التقدير أتفعلون ذلك فلا تعقلون.
قوله : (وَاسْتَعِينُوا) قيل إن هذا الخطاب للمسلمين ، وقيل لليهود فعلى الأول تكون الجملة معترضة بين أجزاء القصة ، وعلى الثاني لا اعتراض. قوله : (الحبس للنفس على ما تكره) أي من المصائب والطاعات وترك المعاصي ، فأقسام الصبر ثلاثة : صبر على المصيبة ، وصبر على دوام الطاعة ، وصبر عن المعاصي فلا يفعلها ، والكامل من تحقق بجميعها. قوله : (أفردها بالذكر) أي مع أنها داخلة في الصبر فذكر الخاص بعد العام لا بد له من نكتة ، أجاب عن ذلك بقوله تعظيما لشأنها. قوله : (تعظيما لشأنها) أي من حيث إن الصلاة جامعة لأنواع للعبادة من تسبيح وتهليل وتكبير وذكر وصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم وركوع وسجود ، وفي الحديث لما أسرى به ورأى الملائكة منهم القائم لا غير ، والراكع لا غير ، وهكذا تمنى عبادة تجمع عبادات الملائكة فأعطي الصلاة. قوله : (إذا حزبه) بالباء والنون ومعناها همه وشق عليه ، وهذا يؤيد أن الخطاب لمحمد وأصحابه. قوله : (الشره) أي الشهوة فالمانع لهم من الإيمان بمحمد الشهوات والكبر ، ولكن قد يقال إن الكافر لا يصح منه صوم ولا صلاة حتى يدخل في الإسلام ، فما معنى أمرهم بذلك ، أجيب بأن المراد أمرهم بعد الإسلام. قوله : (لأنه يكسر الشهوة) أي يضعفها. قوله : (تورث الخشوع) هو خضوع النفس وسكونها تحت المقادير قوله : (ثقيلة) قوله تعالى : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) الآية.
قوله : (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) استثناء مفرغ مضمن معنى النفي ، أي لا تسهل إلا على الخاشعين. قوله : (الساكنين) أي الماثلين المحبين للطاعة الذين اطمأنت قلوبهم لها ، وفي الحديث أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، وفي الحديث وجعلت قرة عيني في الصلاة ، هكذا مشى المفسر على أن الضمير عائد على الصلاة ، ويحتمل عوده على الإستعانة بالصبر والصلاة ، ويحتمل عوده على ما تقدم من قوله :