(جَزاءً) نصب على المصدر (بِما كَسَبا نَكالاً) عقوبة لهما (مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ) غالب على أمره (حَكِيمٌ) (٣٨) في خلقه (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) رجع عن السرقة (وَأَصْلَحَ) عمله (فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٩) في التعبير بهذا ما تقدم فلا يسقط بتوبته حق الآدمي من القطع ورد المال نعم بينت السنة أنه إن عفا عنه قبل الرفع إلى الإمام سقط القطع وعليه الشافعي (أَلَمْ تَعْلَمْ) الاستفهام فيه للتقرير (أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تعذيبه (وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) المغفرة له (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٠) ومنه التعذيب والمغفرة (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ) صنع (الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) يقعون فيه بسرعة أي يظهرونه إذا وجدوا فرصة (مِنَ) للبيان (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ) بألسنتهم متعلق بقالوا (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ)
____________________________________
السرقة ، وجب عليه الستر على نفسه ورد المال والتوبة منه ، وكذا كل معصية ، فمن الجهل قول بعض من يدعي التصوف : لو اطلعتم علي لرجمتموني ، وبالجملة من ستر على نفسه ستره الله. قوله : (نصب على المصدر) أي والعامل محذوف تقديره جازاه الله جزاء ، ويصح أن يكون مفعولا لأجله ، أي اقطعوا أيديهما لأجل الجزاء ، وقوله : (بِما كَسَبا) الباء سببية أي بسبب كسبهما ، وقوله : (نَكالاً) علة للعلة فالعامل فيه جزاء. قوله : (غالب على أمره) أي فلا معقب لحكمه ، لأنه القاهر على كل شيء. قوله : (حكيم) أي يضع الشيء في محله ، فلا يحكم بقطع يده ظلما لأن السارق لما خان هان ، ولذا أورد بعض اليهود على القاضي عبد الوهاب البغدادي سؤالا حيث :
يد بخمس مئين عسجد وديت |
|
ما بالها قطعت في ربع دينار |
فأجابه رضي الله عنه بقوله :
عزّ الأمانة أغلاها وأرخصها |
|
ذلّ الخيانة فافهم حكمة الباري |
قوله : (مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) أي من بعد تعديه وأخذه المال وظلمه للناس. قوله : (في التعبير بهذا) أي قوله : (فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ) دون أن يقول فلا تحدوه. قوله : (وعليه الشافعي) أي وعند مالك فلا ينفع عفوه عنه مطلقا قبل الرفع أو بعده ، حيث ثبتت السرقة ببينة أو إقرار ، ولم يرجع بل يقطع لأنه حق الله ، وقوله : (قبل الرفع) أي وأما بعده فلا بد من قطعه اتفاقا.
قوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أي إن لم يتب فالميت المصر على الذنب تحت المشيئة خلافا للمعتزلة. قوله : (ومن التعذيب والمغفرة) أي من الشيء المقدور عليه. قوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) أل للعهد الحضوري ، أي الرسول الحاضر وقت نزول القرآن وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولم يخاطب بيا أيها الرسول إلا في موضعين هذا وما يأتي في هذه السورة. قوله : (لا يَحْزُنْكَ) قرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي ، والباقون بفتح الياء وضم الزاي ، والمقصود نهي النبي صلىاللهعليهوسلم عن الحزن الناشىء عن مسارعتهم إلى الكفر ، رفقا به وتسلية له. قوله : (إذا وجدوا فرصة) أي زمنا يتمكنون فيه من الظفر بمطلوبهم ، فالكفر حاصل منهم على كل حال ، غير أنهم إذا وجدوا زمنا أو مكانا يتمكنون فيه من إظهاره فعلوا قال تعالى : (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) قوله : (مِنَ) (للبيان) أي لقوله : (الَّذِينَ يُسارِعُونَ) على حد : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ). قوله : (متعلق بقالوا)