النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ) فرض (لَهُنَ) من الميراث (وَتَرْغَبُونَ) أيها الأولياء عن (أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) لدمامتهن وتعضلوهن أن يتزوجن طمعا في ميراثهن أي يفتيكم أن لا تفعلوا ذلك (وَ) في (الْمُسْتَضْعَفِينَ) الصغار (مِنَ الْوِلْدانِ) أن تعطوهم حقوقهم (وَ) يأمركم (أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) بالعدل في الميراث والمهر (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) (١٢٧) فيجازيكم به (وَإِنِ امْرَأَةٌ) مرفوع بفعل يفسره (خافَتْ) توقعت (مِنْ بَعْلِها) زوجها
____________________________________
أوائل السورة كقوله : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) فالمناسب للمفسر أن لا يقتصر على آية الميراث. قوله : (ويفتيكم أيضا) أشار بذلك إلى أن قوله : (فِي يَتامَى النِّساءِ) متعلق بمحذوف معطوف على الضمير في قوله : (فِيهِنَ) العاطف محذوف ، التقدير الله وكتابه يفتيكم في شأن النساء عموما ، والله وكتابه يفتيكم في يتامى النساء ، فهو من عطف الخاص على العام والنكتة الاعتناء بشأنهن.
قوله : (فِي يَتامَى النِّساءِ) الإضافة على معنى من أي اليتامى من النساء ، أو من إضافة الصفة للموصوف أي النساء اليتامى. قوله : (من الميراث) أي وباقي الحقوق كالمهور. قوله : (عن) (أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) معلوم أن حذف الجار مع أن وإن مطرد ، وإنما قدر عن إشارة إلى أن الرغبة بمعنى الزهد فتعدى بعن ، وبعضهم قدر في إشارة إلى أن الرغبة بمعنى الحب ، والمعنى تحبون وترغبون في نكاحهن لمالهن ، ولو لا ذلك ما تزوجتموهن ، وهو مذموم أيضا ، بل الواجب تقوى الله فيهن ، فإن أكل مال اليتيم فيه الوعيد الشديد ، فضلا عن كون اليتيم امرأة لا ناصر لها ، روى مسلم عن عائشة قالت : هذه اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيرغب في جمالها ومالها ، ويريد أن ينقص صداقها. فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق ، وأمروا بنكاح من سواهن ، قالت عائشة رضي الله عنها : فاستفتى الناس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله عزوجل : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) إلى قوله : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) فبين لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ، ولم يلحقوا بسنتها في إكمال الصداق ، وإذا كانت مرغوبا عنها في قلة المال والجمال والتمسوا غيرها قال : فكما يتركونها حين يرغبون عنها ، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها ، إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق ، وقد تقدم بسط ذلك أول السورة. قوله : (لدمامتهن) أي فقرهن. قوله : (وتعضلوهن) أي تمنعوهن ، وهذا التخويف للأولياء كما هو مقتضى المفسر ، وفي الحقيقة هو عام للأولياء ، ومن يتزوج بها فتخويف الولي من حيث عضلهن عن الزواج لأخذ مالهن ، وتخويف الزوج من حيث تزوجها لأخذ مالها ، أو بغير مهر مثلها وعدم إعطائها إياه ، وبالجملة فلا يجوز لولي ولا زوج أكل مال اليتيم ميراثا أو مهرا.
قوله : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) معطوف على يتامى عطف عام على خاص. قوله : (مِنَ الْوِلْدانِ) أي ذكورا أو إناثا ، وكانوا في الجاهلية لا يورثون الصبيان مطلقا ولا النساء ، وإنما كانوا يقولون : لا نورث إلا من يحمي الحوزة ويذب عن الحرم ، فيحرمون المرأة والصبي. قوله : (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى) معطوف على قوله : (فِي يَتامَى) من عطف العام أيضا ، ويصح نصبه بإضمار فعل ، وهو الذي مشى عليه المفسر بقوله : (وَ) (يأمركم) وهو خطاب للأولياء والحكام ، والمراد باليتامى مطلقا ذكورا أو إناثا. قوله : (مِنْ خَيْرٍ) بيان لما. قوله : (مرفوع بفعل يفسره) (خافَتْ) أي فهو من باب الاشتغال ، ولا يصح جعله