به إن تصدقتم فتمسكوا (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) البخل ومنع الزكاة (وَاللهُ يَعِدُكُمْ) على الإنفاق (مَغْفِرَةً مِنْهُ) لذنوبكم (وَفَضْلاً) رزقا خلفا منه (وَاللهُ واسِعٌ) فضله (عَلِيمٌ) (٢٦٨) بالمنفق (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ) العلم النافع المؤدي إلى العمل (مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) لمصيره إلى السعادة الأبدية (وَما يَذَّكَّرُ) فيه إدغام التاء في الأصل في الذال يتعظ (إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٦٩) أصحاب العقول (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ) أديتم من زكاة أو صدقة (أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ) فوفيتم به (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) فيجازيكم عليه (وَما لِلظَّالِمِينَ) بمنع الزكاة أو النذر أو بوضع الانفاق في غير محله من معاصي الله (مِنْ أَنْصارٍ) (٢٧٠) مانعين لهم من عذابه (إِنْ تُبْدُوا) تظهروا (الصَّدَقاتِ) أي النوافل (فَنِعِمَّا هِيَ) أي نعم شيئا إبداؤها (وَإِنْ تُخْفُوها) تسروها
____________________________________
بعضهم الفحشاء في القرآن جميعه معناه الزنا إلا هذه فمعناها البخل ، والمعنى يغويكم ويخبركم بأمور يتسبب عنها البخل فيترتب على ذلك مطاوعتكم له كمطاوعة المأمور للآمر ، وسمي إخبار الشيطان بالفقر وعد مع إنه وعيد لأنه شر مشاكلة لقوله : (وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً). قوله : (خلفا منه) ورد أن الله بعث ملكين أحدهما ينادي : اللهم أعط منفقا خلفا والآخر ينادي اللهم أعط ممسكا تلفا ، وفي الحديث أيضا «إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة به ، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان ثم قرأ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء» أخرجه الترمذي. قوله : (بالمنفق) يقرأ بصيغة اسم الفاعل أي بنية الشخص المنفق ، وبصيغة اسم المفعول أي بالشيء المنفق. قوله : (العلم النافع الخ) هذا هو أصح الأقوال وأولاها بالصواب وفي تفسيرها أقوال كثيرة : قيل النبوة ، وقيل المعرفة بإحكام القرآن ، وقيل الفهم فيه ، وقيل الإصابة في القول والفعل ، وقيل الفقه في الدين مطلقا ، وقيل بإحكام القرآن ، وقيل الفهم فيه ، وقيل الإصابة في القول والفعل ، وقيل الفقه في الدين مطلقا ، وقيل خشية الله ، وقيل القرآن لما ورد «إذا أراد الله إنزال العذاب بقوم سمع تعليم صبيانهم الحكمة رفعه عنهم» ويشهد لما قاله المفسر حديث «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الخير ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها للناس» قوله : (المؤدي إلى العمل) أي وأما شقشقة اللسان التي لم تورث القلب خشية فلا تسمى حكمة بل يعذب الإنسان على ذلك ويبعث جاهلا ، قال الإمام الشافعي :
إذا لم يزيد علم الفتى قلبه هدى |
|
وسيرته عدلا وأخلاقه حسنا |
فبشره أن الله أولاه نقمة |
|
ينكل بها من قبل من عبد الوثنا |
نسأل الله السلامة. قوله : (فيه إدغام التاء في الأصل الخ) أي فإن أصله يتذكر قلبت التاء دالا ثم أعجمت وأدغمت في الذال. قوله : (أصحاب العقول) أي الكاملة السالمة من شوائب النقص. قوله : (فوفيتم به) أشار بذلك إلى أن في الآية حذف العاطف والمعطوف ، لأن المجازاة لا تترتب إلا على الوفاء بالنذر لا على نفس النذر. قوله : (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) دليل الجواب ، وقدر المفسر الجواب. بقوله : (فيجازيكم عليه). قوله : (مِنْ أَنْصارٍ) من صلة ، والأنصار الأعوان.
قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) لما تقدم فضل الصدقة كأن قائلا يقول هل هذا الفضل مخصوص بمن أسرها أو بمن أعلنها فأجاب بذلك وحذف من هنا شيئا أثبت نظيره في الآخر ، تقديره إن تبدو الصدقات