ألف بينهما على الوجهين (لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) (١١٣) (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (١١٤) (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) عصاك (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) (١١٥) ما معنا (قالَ أَلْقُوا) أمر للإذن بتقديم إلقائهم توصلا به إلى إظهار الحق (فَلَمَّا أَلْقَوْا) حبالهم وعصيهم (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) صرفوها عن حقيقة إدراكها (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) خوفوهم حيث خيلوها حيات تسعى (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (١١٦) (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ) بحذف إحدى التاءين في الأصل تبتلع (ما يَأْفِكُونَ) (١١٧) يقلبون بتمويههم (فَوَقَعَ الْحَقُ) ثبت وظهر (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١١٨) من السحر (فَغُلِبُوا) أي فرعون وقومه (هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا
____________________________________
فكان عليه أن يقول : وإدخال ألف بينهما وتركه ، وبقيت خامسة : وهي إن بهمزة واحدة. قوله : (قالَ نَعَمْ) أي لكم الأجر. قوله : (وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) أي في المنزلة عندي ، بحيث تكونون أول من يدخل عندي وآخر من يخرج.
قوله : (قالُوا يا مُوسى) الخ ، إما أن يكون ذلك تأدبا من السحرة مع موسى ، وقد جوزوا عليه بالإيمان والنجاة من النار ، وإما أن يكون ذلك على عادة أهل الصنائع أو عدم مبالاة بموسى ، لاعتمادهم على غلبتهم. قوله : (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) الخ ، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لمحذوف تقديره اختر إما لقاءك. قوله : (أمر للإذن) جواب عما يقال كيف أمرهم بالسحر وأقرهم عليه؟ فأجاب بأن ذلك للتوصل إلى إظهار الحق. قوله : (عن حقيقة إدراكها) أي عن إدراك حقيقتها.
قوله : (بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) أي عند السحر ، وفي باب السحر ، وإن كان حقيرا في نفسه ، وذلك أنهم ألقوا حبالا غلاظا وأخشابا طوالا ، وطلوا تلك الحبال بالزئبق ، وجعلوا داخل تلك الأخشاب الزئبق أيضا. فلما أثر فيها حر الشمس تحركت والتوى بعضها على بعض ، حتى تخيل للناس أنها حيات ، وكانت سعة الأرض ميلا في ميل ، وكانت الواقعة في اسكندرية ، فلما ألقى موسى عصاه ، بلغ ذنبها وراء البحر ، ثم فتحت فاها ثمانين ذراعا ، فكانت تبتلع حبالهم وعصيهم واحدا واحدا ، حتى ابتلعت الكل وقصدت القوم الذين حضروا ذلك المجتمع ، ففزعوا ووقع الزحام ، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا ، ثم أخذها موسى فصارت في يده عصا كما كانت ، فلما رأى السحرة ذلك ، عرفوا أنه أمر من السماء وليس بسحر ، فخروا لله ساجدين ، وقالوا : لو كان ما صنع موسى سحرا لبقيت حبالنا وعصينا ، وكانت حمل ثلثمائة بعير ، فعدمت بقدرة الله تعالى.
قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى) أي بعد أن ألقى السحرة حبالهم وعصيهم ، أوحى الله إلى موسى على لسان جبريل حيث قال له كما في سورة طه : (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) الآية. قوله : (تَلْقَفُ) أي تأخذ وتبتلع بسرعة. قوله : (في الأصل) أي وأصلها تتلقف ، حذفت إحدى التاءين تخفيفا ، وهذه قراءة الجمهور ، وفي قراءة بإدغام التاء في التاء ، وفي قراءة تلقف من لقف كعلم ، فتكون القراءات ثلاثا وكلها سبعية. قوله : (ما يَأْفِكُونَ) أي يكذبون ، فالإفك الكذب. قوله : (بتمويههم) أي تزيينهم الباطل بصورة الحق.
قوله : (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي ظهر بطلانه. قوله : (هُنالِكَ) أي في ذلك المكان وهو