وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحرث فإنه يعيش فسمته فعاش فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره ، رواه الحاكم وقال صحيح ، والترمذي وقال حسن غريب (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١٩٠) أي أهل مكة به من الأصنام والجملة مسببة عطف على خلقكم وما بينهما اعتراض (أَيُشْرِكُونَ) به في العبادة (ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (١٩١) (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ) أي لعابديهم (نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (١٩٢) بمنعها ممن أراد بهم سوءا من كسر أو غيره والاستفهام للتوبيخ (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) أي الأصنام (إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ) بالتخفيف والتشديد (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ) إليه (أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١٩٣) عن دعائهم ولا يتبعوه لعدم سماعهم (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ) تعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ) مملوكة (أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) دعاءكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٩٤) في أنها آلهة ثم بين غاية عجزهم وفضل عابديهم عليهم فقال (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ) بل أ(لَهُمْ أَيْدٍ) جمع يد (يَبْطِشُونَ بِها أَمْ) بل أ(لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ) بل أ(لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) استفهام إنكاري أي ليس لهم شيء من ذلك مما
____________________________________
هذه الرواية ، أن هذا المقام زلت فيه اقدام العلماء ، فمنهم من أصاب ، ومنهم من أخطأ ، فذكر هذه الرواية ليتضح المقام ويظهر الغث من السمين. قوله : (كان لا يعيش لها ولد) وذلك أنها ولدت قبل ذلك ، عبد الله وعبيد الله وعبيد الرحمن فأصابهم الموت ، وكان يلح عليها كل مرة ، فألح عليها في الأخير ، فسمته عبد الحرث كما أفادته رواية المفسر. قوله : (والجملة) أي قوله : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ). قوله : (مسببة) عطف على قوله : (خلقكم) أي وليس لها تعلق بقصة آدم وحواء أصلا ، ويؤيد ذلك الجمع بعد التثنية ، ولو كان راجعا لها لثنى الضمير وقال يشركان. وفي قوله : (يُشْرِكُونَ) التفات من الخطاب إلى الغيبة.
قوله : (أَيُشْرِكُونَ) شروع في توبيخ أهل مكة على الاشراك. قوله : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) هذا بيان لعجز الأصنام عما هو أدنى من النصر المنفي عنها ، والخطاب للمشركين بطريق الالتفات اعتناء بمزيد التوبيخ ، وقوله : (إِلَى الْهُدى) أي لكم ، أي إن تدعوهم إلى أن يهدوكم لا يتبعوكم إلى مرادكم ، ولا يجيبوكم كما يجيبكم الله. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) استئناف مقرر لمضمون ما قبله ، أي سواء عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم عنه ، فإنه لا يتغير حالكم في الحالين ، كما لا يتغير حالهم عن حكم الجمادية. قوله : (مملوكة) دفع بذلك ما يقال إن الأصنام جمادات لا تعقل ، فكيف توصف بأنها مثلكم؟ وأجيب : بأن المراد بكونهم أمثالكم ، انهم مملوكون مقهورون ، لا يملكون ضرا ولا نفعا ، فالتشبيه من هذه الحقيقة لا بد من كل وجه. قوله : (وفضل عابديهم) إما بتشديد الضاد عطف على (بين) وبسكون الضاد عطف على (غاية) ومعنى فضلهم زيادتهم عليهم بهذه المنافع المذكورة. قوله : (أَمْ لَهُمْ) أشار المفسر إلى أن (أَمْ) منقطعة تفسر ببل ، والهمزة والاضراب انتقالي من توبيخ لتوبيخ آخر. قوله : (يَبْطِشُونَ) من باب ضرب ، وبها قرأ السبعة ، وقرىء شذوذا من باب قتل ، والبطش هو الأخذ بعنف. قوله : (استفهام إنكاري) أي في