السنة أن المراد بالسفر الطويل وهو أربعة برد وهي مرحلتان ويؤخذ من قوله فليس عليكم جناح أنه رخصة لا واجب وعليه الشافعي (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) (١٠١) بين العداوة (وَإِذا كُنْتَ) يا محمد حاضرا (فِيهِمْ) وأنتم تخافون العدو (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) وهذا جري على عادة القرآن في الخطاب فلا مفهوم له (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) وتتأخر طائفة (وَلْيَأْخُذُوا) أي الطائفة التي قامت معك (أَسْلِحَتَهُمْ) معهم (فَإِذا سَجَدُوا) أي صلوا (فَلْيَكُونُوا) أي الطائفة الأخرى (مِنْ وَرائِكُمْ) يحرسون إلى أن تقضوا الصلاة وتذهب هذه الطائفة تحرس (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) معهم إلى أن تقضوا الصلاة وقد فعل صلىاللهعليهوسلم كذلك ببطن نخل رواه الشيخان (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ) إذا قمتم إلى
____________________________________
أسفار نبينا وأصحابه لم تخل من خوف العدو لكثرة المشركين حينئذ ، وقوله : (فلا مفهوم له) أي لأنه يكون في سفر التجارة وغيرها من كل سفر مأذون فيه واجبا كان أو مندوبا أو مباحا. قوله : (وهي مرحلتان) أي سير يومين معتدلين ، كل يوم اثنا عشر ساعة بسير الجمال المثقلة بالأحمال. قوله : (إنه رخصة) أي جائز ما لم يبلغ سفره ثلاث مراحل ، وإلا كان أفضل للخروج من خلاف أبي حنيفة فإنه قال بوجوبه ، وعند مالك سنة مؤكدة. قوله : (عَدُوًّا مُبِيناً) العدو يقع بلفظ واحد على المذكر والمؤنث والمجموع والمثنى.
قوله : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ) شروع في ذكر صلاة القسمة في الخوف. واعلم أن صلاة الخوف على أقسام ، فتارة يكون العدو في غير تجاه القبلة ، وفي هذا القسم تكون صلاة القسمة ، وهي على كيفيتين : الأولى : أن يقسم الجيش طائفتين ، فطائفة تقف تجاه العدو ، وطائفة تصلي مع الإمام بتمامها ، فبعد السّلام تنصرف للعدو ، ويأتي الطائفة الثانية فيعبد الإمام بهم الصلاة ثانيا فصلاة الطائفة الأولى فرض خلف فرض ، والثانية فرض خلف نفل ، وهذه الكيفية انفرد بها الإمام الشافعي. الثانية : أن يصلي بكل طائفة ركعة في الثنائية وركعتين في الرباعية ، وبالطائفة الأولى ركعتين في الثلاثية والثانية ركعة ، وبها قال مالك والشافعي أيضا ، لكن مالك يقول بها وإن كان العدو تجاه القبلة ، وتارة يكون العدو تجاه القبلة ، وهي على قسمين أيضا : إما أن يتقدم الإمام ويقف الجيش خلفه صفوفا ، فعند ركوع الإمام تركع طائفة مع الإمام وتسجد معه ، فبعد وقوفهم تركع الطائفة الأخرى وتسجد ، وبهذه الكيفية أخذ الإمام الشافعي ، وإما أن يتقدم الإمام ويصلون جميعا معه ويركعون ويسجدون ، وبها أخذ مالك ، وتارة يلتحم القتال فيصلون كيف شاؤوا ، وحل للضرورة مشي وركض وإمساك ملطخ ، وهذه الكيفية عند مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة إن ضاق الوقت قدموا القتال وأخّروا الصلاة ثم يقضونها ، وتفاصيل هذه الأقسام مبينة عند أرباب المذاهب. قوله : (وتتأخر طائفة) أي بإزاء العدو. قوله : (أي صلوا) أي شرعوا في الصلاة.
قوله : (طائِفَةٌ أُخْرى) أي وهي الواقعة تجاه العدو. قوله : (فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) أي صلاة ثانية ، أو يتمموا معك الصلاة فالأولى. قوله : (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) إنما زاد هنا الأمر بالحذر لكونها مظنة تنبه الكفرة على تلك الطائفة ، وأما في الطائفة الأولى فلم يتنبهوا لهم. قوله : (ببطن نخل) سببه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلى مع أصحابه جميعا الظهر ، فتنبه المشركون وقال بعضهم لبعض إنا نظفر بهم في أوقات الصلاة ، وتحزب المشركون على ذلك ، فنزل جبريل على رسول الله بالآية ، وعلمه صلاة القسمة ففعلها في