والرجل لا يكاد يسمح عليها بنفسه إذا أحب غيرها (وَإِنْ تُحْسِنُوا) عشرة النساء (وَتَتَّقُوا) الجور عليهن (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١٢٨) فيجازيكم به (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا) تسووا (بَيْنَ النِّساءِ) في المحبة (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) على ذلك (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) إلى التي تحبونها في القسم والنفقة (فَتَذَرُوها) أي تتركوا الممال عليها (كَالْمُعَلَّقَةِ) التي لا هي أيم ولا ذات بعل (وَإِنْ تُصْلِحُوا) بالعدل في القسم (وَتَتَّقُوا) الجور (فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً) لما في قلبكم من الميل (رَحِيماً) (١٢٩) بكم في ذلك (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) أي الزوجان بالطلاق (يُغْنِ اللهُ كُلًّا) عن صاحبه (مِنْ سَعَتِهِ) أي فضله بأن يرزقها زوجا غيره ويرزقه غيرها (وَكانَ اللهُ واسِعاً) لخلقه في الفضل (حَكِيماً) (١٣٠) فيما دبره لهم (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) بمعنى الكتب (مِنْ قَبْلِكُمْ) أي اليهود والنصارى (وَإِيَّاكُمْ) يا أهل القرآن (أَنِ) أي بأن (اتَّقُوا اللهَ) خافوا عقابه بأن تطيعوه (وَ) قلنا لهم ولكم (إِنْ تَكْفُرُوا) بما وصيتم به (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا وعبدا فلا يضره كفركم (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا) عن خلقه وعبادتهم (حَمِيداً) (١٣١) محمودا في صنعه بهم (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) كرره تأكيدا لتقرير موجب التقوى (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (١٣٢) شهيدا بأن ما فيهما له (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يا (أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) بدلكم (وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً) (١٣٣) (مَنْ كانَ يُرِيدُ)
____________________________________
(والمعنى) أي المراد من المعنى في ذلك ترغيب في الصلح ، وترك هوى النفس. قوله : (عشرة النساء) قدره إشارة إلى أن مفعول (تُحْسِنُوا) محذوف. قوله : (بِما تَعْمَلُونَ) أي بعلمكم مع النساء خيرا أو شرا. قوله : (في المحبة) أي والمحادثة والمضاجعة. قوله : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) أي فلا تعرضوا كل الإعراض ، بل يلزمكم العدل في المبيت وتركه حرام لما في الحديث : «من لم يعدل بين نسائه جاء يوم القيامة وشقه ساقط» وأما الميل القلبي إلى إحداهما فلا حرج فيه ، ولذا قال عليه الصلاة والسّلام : «اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك». قوله : (الممال عنها) على بمعنى عن ، أي الممال عنها بمعنى المبغوضة. قوله : (كَالْمُعَلَّقَةِ) الكاف بمعنى مثل مفعول ثان لتذروا ، والهاء مفعول أول ، لأنها إذا كانت بمعنى ترك تنصب مفعولين. قوله : (التي لا هي أيم) الأيم هي التي لا زوج لها ، كأن سبق لها زواج أو لم تتزوج أصلا. قوله : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) مقابل قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا). بقوله : (بأن يرزقها زوجا غيره) أي وإن كان لأحدهما عشق في الآخر ، يغنيه الله بأن يبرد قلبه من ذلك. قوله : (في الفضل) متعلق بواسعا. قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) الخ ، هذا كالعلة والدليل لقوله : (وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً). قوله : (فلا يضره كفركم) أي فليس أمرهم بالطاعة عن احتياج تنزه الله عن أن يصل له نفع من طاعتهم أو ضر من كفرهم ، وهذا هو جواب الشرط ، وقوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) دليل الجواب قوله : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) أي يستأصلكم بالمرة ، وقوله : (وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) أي يقوم آخرين دفعة مكانكم.