البق (فَما فَوْقَها) أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) أي المثل (الْحَقُ) الثابت الواقع موقعه (مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي أي فائدة فيه قال تعالى في جوابهم (يُضِلُّ بِهِ) أي بهذا المثل (كَثِيراً) عن الحق لكفرهم به (وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) من المؤمنين لتصديقهم به (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (٢٦) الخارجين عن طاعته (الَّذِينَ) نعت (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم (مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) توكيده عليهم (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك ، وأن بدل من
____________________________________
بقوله : (فَما فَوْقَها) أي في الخسة كالذرة. قوله : (أي لا يترك بيانه) هذا هو معنى الإستحياء في حق الله وتقدم أنه مجاز من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. قوله : (لما فيه من الحكم) علة لعدم الترك.
قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) شروع في بيان الحكمة المترتبة على ضرب المثل. قوله : (الواقع موقعه) صادق بالأفعال الصائبة والذات الثابتة والأقوال الصادقة. قوله : (تمييز) أي محول عن المفعول على حد (وفجرنا الأرض عيونا). قوله : (استفهام إنكار) أي بمعنى النفي. قوله : (بمعنى الذي) أي والعائد محذوف أي أراده. قوله : (أي أي فائدة) هذا زبدة معنى التركيب وقصدهم بهذا الإستفهام نفي الفائدة فيتوصلون بذلك إلى إنكار كونه من عند الله قوله : (به) الباء سببية وقوله : (لكفرهم به) علة لضلالهم. وقوله : (لتصديقهم به) علة لهدايتهم.
قوله : (إِلَّا الْفاسِقِينَ) يطلق لفظ الفاسقين على من فعل الكبائر في بعض الأحيان وعلى من فعلها في كل الأحيان غير مستحل لها وعلى من استحلها وهو المراد هنا فقول المفسر الخارجين عن طاعته أي بالكلية وهم الكفار. قوله : (نعت) أي للفاسقين. قوله : (ما عهده إليهم) إنما فسر المصدر باسم المفعول لأن العهد الذي هو أمر الله بالإيمان بالنبي قد حصل فلا ينقض ، وإنما الذي ينقض المأمور به ، والمراد جملة العهد الواقع على ألسنة أنبيائهم في كتبهم ، فإن الله عاهد كل نبي مع أمته من آدم إلى عيسى أنه إذا ظهر محمد ليؤمنن به ولينصرنه قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) الآية. ومن العهد أوصافه المذكورة في كتبهم فنقضوا ذلك بتبديلهم إياها وإنكارها وعدم الإيمان بها وفي قوله تعالى : (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) استعار بالكناية حيث شبه العهد بالحبل وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو ينقضون فاثباته تخييل ، والنقض في الأصل فك طاقات الحبل والمراد منه هنا الإبطال ففيه استعارة تصريحية تبعية حيث شبه الأبطال بالنقض واستعير النقض للإبطال واشتق من النقض ينقضون بمعنى يبطلون والعهود ثلاثة عهد عام وهو عهد الله في الأزل لجميع الخلق على التوحيد وابتاع الرسل وعهد خاص بالإنبياء وهو تبليغ الشرائع والأحكام وعهد خاص بالعلماء وهو تبليغ ما تلقوه عن الأنبياء والكفار قد نقضوها. قوله : (من الإيمان) بيان لما. وقوله : (بالنبي) أي من توقيره ونصره والإيمان به ومتابعته. وقوله : (والرحم) أي ومن وصل ذي الرحم أي القرابة من الإحسان إليهم ومواساتهم والبر بهم. قوله : (وأن بدل من ضمير به) أي فإن والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر على البدلية للضمير في به ، التقدير ما أمر الله بوصله ويصح أن يكون أن يوصل بدل من ما فهو في محل نصب والأول أقرب. قوله : (والتعويق عن الإيمان) عطف