عمر فذكر له اليهودي ذلك فقال للمنافق أكذلك فقال نعم فقتله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) الكثير الطغيان وهو كعب بن الأشرف (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) ولا يوالوه (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) (٦٠) عن الحق (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) في القرآن من الحكم (وَإِلَى الرَّسُولِ) ليحكم بينكم (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ) يعرضون (عَنْكَ) إلى غيرك (صُدُوداً) (٦١) (فَكَيْفَ) يصنعون (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) عقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من الكفر والمعاصي أي يقدرون على الإعراض والفرار منها لا (ثُمَّ جاؤُكَ) معطوف على يصدون (يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ) ما (أَرَدْنا) بالمحاكمة إلى غيرك (إِلَّا إِحْساناً) صلحا (وَتَوْفِيقاً) (٦٢) تأليفا بين الخصمين بالتقريب في الحكم دون الحمل على مر الحق (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من النفاق وكذبهم في عذرهم (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) بالصفح (وَعِظْهُمْ) خوفهم الله (وَقُلْ لَهُمْ فِي) شأن (أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) (٦٣) مؤثرا فيهم أي ازجرهم ليرجعوا عن كفرهم (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ) فيما
____________________________________
الله وقضاء رسوله ، فنزلت هذه الآية ، وقال جبريل : إن عمر فرق بين الحق والباطل ، فسمي الفاروق ، وإنما دعا المنافق لكعب بن الأشرف لأنه يقبل الرشوة ، والنبي لا يقبلها بل يحكم بالحق ، وكان الحق إذ ذاك مع اليهودي.
قوله : (يَزْعُمُونَ) أي يقولون قولا كذبا ، لأن الزعم مطية الكذب. قوله : (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) أي وهو جميع الكتب السماوية. قوله : (الكثير الطغيان) وقيل إنه صنم يعبد من دون الله ، وقيل اسم من يعبد من دون الله صنما أو غيره. قوله : (بَعِيداً) يحتمل أنه صفة كاشفة لأن الضلال هو البعد ويحتمل أنه صفة مخصصة ، ويكون معنى بعده أنه لا يهتدي بعد ذلك أصلا ، وهذا هو مراد الشيطان ، ويؤيده قول المفسر عن الحق. قوله : (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ) رأى بصرية والمنافقين مفعول لها ، وجملة يصدون حال. قوله : (يعرضون) أشار بذلك إلى أن الصد هنا بمعنى الإعراض فهو لازم ، لا بمعنى المنع فيكون متعديا ، فقوله : (صُدُوداً) مفعول مطلق لقوله : (يَصُدُّونَ) قوله : (فَكَيْفَ) يصح أن تكون مفعولا لمحذوف تقديره (يصنعون) كما قدره المفسر ، ويصح أن تكون خبرا لمحذوف تقديره صنعهم.
قوله : (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) أي عاجلة أو آجلة. قوله : (لا) هذا جواب الاستفهام. قوله : (ثُمَّ جاؤُكَ) أي أهل المنافق ، يعتذرون إليك ويسترون على أنفسهم النفاق ، ويحتمل أنهم جاؤوا مطالبين بدمه مثبتين إسلامه ، فلولا هذه الآية لربما اقتص من عمر ، لعدم البينة على كفر المنافق. قوله : (بالتقريب) أي التساهل في الحكم ، كأن يعمل صلحا ، ويقسم المدعى به بين الخصمين. قوله : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي ولا تقتلهم ، وهذا قبل الأمر بإخراجهم وقتلهم ، والفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا كان حالهم كذلك فأعرض عن قبول عذرهم. قوله : (فِي) (شأن) (أَنْفُسِهِمْ) أي في حقها وما انطوت عليه ، ويحتمل أن المعنى حاليا بهم ليس معهم غيرهم. قوله : (ليرجعوا) أي لعله أن يترتب