الكفار لما طلبوه بمكة لأذى الكفار لهم وهم جماعة من الصحابة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ) فرض (عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ) يخافون (النَّاسَ) الكفار أي عذابهم بالقتل (كَخَشْيَةِ) هم عذاب (اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) من خشيتهم له ونصب أشد على الحال وجواب لما دل عليه إذا وما بعدها أي فاجأتهم الخشية (وَقالُوا) جزعا من الموت (رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا) هلا (أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ) لهم (مَتاعُ الدُّنْيا) ما يتمتع به فيها أو الاستمتاع بها (قَلِيلٌ) آيل إلى الفناء (وَالْآخِرَةُ) أي الجنة (خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى) عقاب الله بترك معصيته (وَلا تُظْلَمُونَ) بالتاء والياء تنقصون من أعمالكم (فَتِيلاً) (٧٧) قدر قشرة النواة فجاهدوا
____________________________________
قوله : (أَلَمْ تَرَ) الاستفهام تعجبي ، أي تعجب يا محمد من قومك كيف يكرهون القتال مع كونهم قبل ذلك كانوا طالبين له وراغبين فيه. قوله : (وهم جماعة من الصحابة) منهم عبد الرحمن بن عوف ، والمقداد بن الأسود ، وسعد بن أبي وقاص ، وقدامة بن مظعون ، وجماعة كانوا بمكة يتحملون أذى الكفار كثيرا ، والله يأمرهم بالتحمل والكف عن القتال في نيف وسبعين آية ، فكانوا يقولون لو لا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال ، فلما هاجر النبي صلىاللهعليهوسلم وأمر بالقتال كرهوا ذلك فنزلت الآية ، وقوله : (بمكة) متعلق ب (طلبوه) وليس ذلك نفاقا منهم ، وإنما كراهتهم ذلك ، إما لغلبة الرأفة عليهم أو لمحبتهم المعيشة في طاعة الله ، وإلا لذمهم الله على ذلك ، ولما نزلت الآية ، أقلعوا عما خطر ببالهم ، وشمروا عن ساعد الجد والاجتهاد ، وجاهدوا في الله حق جهاده.
قوله : (إِذا فَرِيقٌ) قيل إذ ظرف مكان وقيل ظرف زمان وقيل حرف والأولى الأول ، وعليه فإذا خبر مقدم ، وفريق مبتدأ مؤخر ، ومنهم صفة لفريق ، وكذلك جملة (يَخْشَوْنَ) ويصح أن تكون حالا لوجود المسوغ ، والتقدير ففي الحضرة فريق كائن منهم خاشون أو خاشين. وقوله : (كَخَشْيَةِ اللهِ) مفعول مطلق أي خشية كخشية الله. قوله : (أي عذابهم بالقتل) ويحتمل أن المراد بخشيتهم احترامهم القرابة. قوله : (ونصب أشد على الحال) أي من خشية الثاني ، لأنه نعت نكرة تقدم عليها. قوله : (دل عليه إذا الخ) المناسب أن يقول وجواب لما إذا وما بعدها. قوله : (أي فاجأتهم الخشية) الأوضح أن يقول فاجأ كتب القتال عليهم الخشية ، لأن الخشية فاجأت كتب القتال لا ذواتهم. قوله : (جزعا من الموت) يحتمل أنهم قالوا ذلك لاعتقادهم أن القاتل يقطع المقتول أجله ، فأعلمهم الله تعالى أن الأجل محتم ، لا يزيد بالبعد عن القتال ولا ينقص به ، وليس ذلك نقصا فيهم. قال تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) وقال تعالى : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) ويحتمل أنهم قالوا ذلك بحسب الطبيعة البشرية ، وليس عندهم اعتقاد ذلك. قوله : (قُلْ) (لهم) أي ليزدادوا رغبة في دار البقاء ، وزهدا في دار الفناء.
قوله : (خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى) أي لأنه لا كدر فيها ولا نصب ، ولذلك حين دخولها يقولون : الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن. قوله : (بترك معصيته) أي كالشرك وغيره ، ومعلوم أن كل من زادت تقواه ، كان نعيمه في الآخرة أكبر. قوله : (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى التاء يكون خطابا لهم ، وعلى الياء يكون تحديثا عنهم ، والمعنى بلغهم يا محمد أنهم لا يظلمون فتيلا. قوله : (قدر قشرة النواة) تقدم أنه