(مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) الذي يزينه (فَاجْتَنِبُوهُ) أي الرجس المعبر به عن هذه الأشياء أن تفعلوه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٩٠) (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) إذا أتيتموهما لما يحصل فيهما من الشر والفتن (وَيَصُدَّكُمْ) بالاشتغال بهما (عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) خصها بالذكر تعظيما لها (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٩١) عن إتيانهما أي انتهوا (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا) المعاصي (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن الطاعة (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٩٢) الإبلاغ البين وجزاؤكم علينا (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) أكلوا من الخمر والميسر قبل التحريم (إِذا مَا اتَّقَوْا) المحرمات (وَآمَنُوا وَعَمِلُوا
____________________________________
قوله : (وَالْأَنْصابُ) جمع نصب ، سميت بذلك لأنها تنصب وترفع للعبادة. قوله : (قداح الاستقسام) تقدم أنها سبعة. قوله : (رِجْسٌ) خبر عن كل واحد مما تقدم من الخمر وما بعده ، وحيث قرن الخمر والميسر بالأنصاب والأزلام ، فهو دليل على أنهما من الكبائر ، وقوله : (خبيث مستقذر) تفسير للرجس ، وأما الرجز فهو العذاب ، وأما الركس فهو العذرة والشيء النتن. قوله : (الذي يزينه) أي يأمر به ويحسنه ، وليس المراد من عمل يده. قوله : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الترجي في كلام الله تعالى للتحقيق. قوله : (فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) إنما أعادهما ثانيا لأنها اللذان كانا في المسلمين ، بخلاف الأنصاب والأزلام ، وذكرهما أولا لمزيد التنفير عنهما ، وأكد التحريم بأمور ، وإنما جمعهما مع الأنصاب والأزلام ، وكونهما رجسا من عمل الشيطان ، وكون اجتنابهما موجبا للفلاح ، وكونهما يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويوقعان في العداوة والبغضاء والاستفهام التهديدي. قوله : (خصها بالذكر) أي الصلاة مع دخولها في الذكر. قوله : (أي انتهوا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام بمعنى الأمر ، وهو استفهام تهديدي ، وهو أبلغ من الأمر صريحا كأنه قيل : قد بينت لكم ما في هذه الأمور من القبائح ، فهل أنتم منتهون عنها ، أم أنتم مقيمون عليها فلكم الوعيد.
قوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ) معطوف على معنى الاستفهام ، أي انتهوا وأطيعوا. قوله : (وَاحْذَرُوا) (المعاصي) أي فإنها تجر إلى الكفر. قوله : (أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي وقد فعله ، فلم ينتقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم للرفيق الأعلى ، حتى بلغ ما أمر بتبليغه ، ففي الحديث : «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، ونهارها كليلها ، لا يضل عنها إلا هالك». قوله : (وجزاؤكم علينا) أشار بذلك إلى أن جواب الشرط محذوف.
قوله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) سبب نزولها أنه لما نزل تحريم الخمر والميسر ، قال أبو بكر وبعض الصحابة : يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وفعلوا القمار فنزلت. قوله : (أكلوا من الخمر والميسر) أي تناولوا ذلك شربا للخمر وانتفاعا بمال القمار عاشوا أو ماتوا. قوله : (إِذا مَا اتَّقَوْا) ظرف لقوله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ) والحاصل أنه كرر سبحانه وتعالى قوله اتقوا ثلاثا ، فقيل الأول محمول على مبدأ العمر ، والثاني على وسطه ، والثالث على آخره ، وقيل الأول اتقوا المحرمات خوف الوقوع في الكفر ، والثاني الشبهات خوف الوقوع في المحرمات ، والثالث بعض المباحات