طاعته (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) فكذلك نفقاتهم تضاعف لسبعمائة ضعف (وَاللهُ يُضاعِفُ) أكثر من ذلك (لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ) فضله (عَلِيمٌ) (٢٦١) بمن يستحق المضاعفة (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا) على المنفق عليه بقولهم مثلا قد أحسنت إليه وجبرت حاله (وَلا أَذىً) له بذكر ذلك إلى من لا يحب وقوفه عليه ونحوه (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) ثواب إنفاقهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٦٢) في
____________________________________
واحد ليظهر التمييز وكانت من الطيور لأن الطير صفته الطيران في العلو ، وهمة إبراهيم إلى جهة العلو فمعجزته مشاكلة لهمته.
قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) مثل مبتدأ مضاف للموصول وينفقون صلته والخبر قوله كمثل حبة ، وقدر المفسر قوله نفقات ليصح التشبيه لأن ذوات المنفقين لا يصح تشبيهها بالحبة. والحاصل أنه لا يصح التشبيه إلا بتقدير ، إما في الأول كما صنع المفسر أو في الثاني أي مثل الذين ينفقون أموالهم كمثل باذر حبة ، قوله : (طاعته) أي واجبة أو مندوبة فيشمل الجهاد وطلب العلم والحج والتوسعة على العيال وغير ذلك ، وكلما عظمت القربة كانت الحسنات فيها أكثر ، قوله : (أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) أي في سبع شعب والأصل والساق واحد وسنابل جمع سنبلة ويقال أيضا : سبل وسبلة وفعل الأول سنبل والثاني سبل وغالبا يوجد ذلك في الذرة والدخن والشعير.
قوله : (وَاللهُ يُضاعِفُ) (أكثر من ذلك) أي على حسب الأخلاص وطيب المال ويشهد لذلك قوله صلىاللهعليهوسلم «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا من بعدي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» وأعلم أن أقل المضاعفة عشر ثم سبعون ثم سبعمائة ثم إلى غير نهاية ، وظاهر المفسر أن وعد الله الذي لا يتخلف هو المضاعفة بالسبعمائة ، وأما ما زاد فيختص برحمته من يشاء ، والحق أن وعد الله الذي لا يختلف هو المضاعفة بالعشر وما زاد فيخص به من يشاء فقوله : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) صادق بما فوق العشرة ، قوله : (وَاللهُ واسِعٌ) (فضله) أي فلا يستغرب إعطاؤه الشيء الكثير في نظير شيء قليل لا تخفى عليه خافية ، وهذا كالدليل لما قبله ، قوله : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) ، نزلت هذه الآية في حق عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما في غزوة تبوك ، حيث جهز عثمان ألف بعير بأحلاسها وأقتابها ووضع بين يدي رسول الله الف دينار ، فصار رسول الله يقلبها ويقول : «ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم» «وأتى عبد الرحمن النبي عليه الصلاة والسّلام بأربعة آلاف درهم وأخبره بأنه أبقى لأهله نظيرها ،. فقال له : بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أنفقت» فصار بعد ذلك ماله كالتراب. قوله : (مَنًّا) هو تعداد النعم ، وأتى بثم إشارة أن المن يقع بعد الانفاق بمهلة وهو حرام محبط للعمل إلا من الوالد على ولده ، والشيخ على تلميذه والسيد على عبده ، فليس بحرام ، قوله : (وَلا أَذىً) من عطف العام على الخاص ، لأن المن من جملة الأذى ، قوله : (ونحوه) أي كان يعطيه ويسبه ، قوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي مدخر عنده والعندية عندية مكانة وشرف لا مكان.
قوله : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) أي في الآخرة والخوف غم لما يستقبل ، وقوله : (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)