رَبِّكُمْ) على صدقي (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) حال عاملها معنى الإشارة وكانوا سألوه أن يخرجها لهم من صخرة عينوها (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) بعقر أو ضرب (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣) (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) في الأرض (مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ) أسكنكم (فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً) تسكنونها في الصيف (وَتَنْحِتُونَ) من (الْجِبالَ بُيُوتاً) تسكنونها في الشتاء ونصبه على الحال المقدرة (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٧٤) (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) تكبروا عن الإيمان به (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا
____________________________________
علة لمحذوف ، والتقدير امتثلوا ما أمرتكم به ، لأنه قد جاءتكم بينة على صدقي. قوله : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) كلام مستأنف بيان للمعجزة ، والإضافة للتشريف واسم الإشارة مبتدأ و (ناقَةُ اللهِ) خبر ومضاف اليه و (لَكُمْ) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من : (آيَةً) لأنه نعت نكرة تقدم عليها أو خبر ثان و (آيَةً) حال والعامل فيها محذوف تقديره أشير ، وقد أشار له المفسر بقوله : (حال عاملها معنى الإشارة) وهذا القول وقع من صالح بعد نصحهم ، كما قال تعالى في سورة هود : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) الآيات. قوله : (من صخرة عينوها) وكان يقال لها الكاثبة ، وكانت منفردة في ناحية الجبل ، فقالوا أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة تكون على شكل البخت ، وتكون عشراء جوفاء وبراء ، أي ذات جوف واسع ووبر وصوف ، فدعا الله فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها ، فانصدعت عن ناقة عشراء جوفاء كما وصفوا ، لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله تعالى ، فعند خروجها ولدت ولدا مثلها في العظم ، فمكثت الناقة مع ولدها ترعى وتشرب إلى أن عقروها.
قوله : (فَذَرُوها تَأْكُلْ) مرتب على كونها آية من آيات الله. قوله : (تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) أي وتشرب. قوله : (فَيَأْخُذَكُمْ) بالنصب في جواب النهي ، والتعقيب ظاهر ، لأنهم لم يلبثوا إلا ثلاثة أيام ، رأوا فيها أمارات العذاب ، كما يأتي في سورة هود. قوله : (عَذابٌ أَلِيمٌ) أي مؤلم. قوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) تذكير لهم بنعم الله التي أنعمها عليهم. قوله : (في الأرض) قدره المفسر إشارة إلى أن في الآية الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه.
قوله : (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي أرض الحجر بكسر الحاء ، مكان بين الحجاز والشام. قوله : (تَتَّخِذُونَ) أي تعملون وتصنعون ، واتخذ يصح أن يكون متعديا لواحد ، فمن سهولها متعلق باتخذ ، أو لاثنين فمن سهولها متعلق بمحذوف مفعول ثان. قوله : (مِنْ سُهُولِها) جمع سهل وهو المكان المتسع الذي لا جبل به ، ومن بمعنى في ، أي تصنعون في الأرض السهلة القصور ، ويصح أن تكون من للابتداء ، أي تتخذون من السهول ، أي الأراضي اللينة القصور ، أي طوبها وطينها ، والأقرب الأول ، وسميت القصور بذلك لقصر أيدي الفقراء عن تحصيلها.
قوله : (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) يصح أن يكون المعنى على إسقاط الخالص أي من : (الْجِبالَ) و (بُيُوتاً) مفعول (تَنْحِتُونَ) ، ويصح أن يكون (الْجِبالَ) مفعولا به ، و (بُيُوتاً) حال مقدرة كما قال المفسر ، لأن الجبال لا تصير بيوتا إلا بعد نحتها ، وهو إن كان جامدا ، إلا أنه مؤول بالمشتق أي مساكن. قوله : (مُفْسِدِينَ) حال مؤكدة لعاملها ، لأن العثو هو الفساد. قوله : (تكبروا) أشار بذلك إلى أن السين