الأب ولده ولا الحبيب حبيبه وقد عذبكم فأنتم كاذبون (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ) من جملة من (خَلَقَ) من البشر لكم ما لهم وعليكم ما عليهم (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) المغفرة له (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تعذيبه لا اعتراض عليه (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١٨) المرجع (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا) محمد (يُبَيِّنُ لَكُمْ) شرائع الدين (عَلى فَتْرَةٍ) انقطاع (مِنَ الرُّسُلِ) إذ لم يكن بينه وبين عيسى رسول ومدة ذلك خمسمائة وستون سنة (أَنْ) لا (تَقُولُوا) إذا عذبتم (ما جاءَنا مِنْ) زائدة (بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) فلا عذر لكم إذا (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٩) ومنه تعذيبكم إن لم تتبعوه (وَ) اذكر (إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ) أي منكم (أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) أصحاب خدم وحشم (وَآتاكُمْ ما
____________________________________
والمسخ ، وقد اعترفتم بأنه تعالى سيعذبكم في الآخرة بالنار أياما بعدد أيام عبادة العجل ، ولو كان الأمر كما زعمتم ، لما صدر منكم ما صدر ، ولما وقع عليكم ما وقع. قوله : (لا اعتراض عليه) أي لأنه القادر الفعال بالاختيار.
قوله : (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي في وقت لا تعرفون فيه توحيدا ، فعليكم باتباعه. قوله : (إذا لم يكن بينه وبين عيسى رسول الخ) هذا هو الصحيح ، وقيل كان بين محمد وعيسى أربعة رسل ، ثلاثة من بني إسرائيل ، وواحد من حمير ، وهو خالد بن سنان. قوله : (ومدة ذلك خمسمائة وستون سنة) وقيل خمسمائة وخمسة وستون ، وقيل خمسمائة وأربعون ، وقيل أربعمائة وبضع وثلاثون ، والصحيح أنها ستمائة ومدة ما بين موسى وعيسى ألف وسبعمائة سنة ، لكنها ليست فترة لبعثة كثيرين من الأنبياء بينهما ويتعبدون بشريعة موسى ، كداود وسليمان وزكريا ويحيى. قوله : (أَنْ) (لا) (تَقُولُوا) أشار بذلك إلى أنّ (أَنْ) المصدرية دخلت عليها اللام ولا النافية مقدرة بعدها ، والتقدير لعدم قولكم ما جاءنا الخ. قوله : (زائدة) أي في فاعل جاء.
قوله : (وَ) (اذكر) (إِذْ قالَ مُوسى) أشار بذلك إلى أن إذ ظرف لمحذوف ، قدره المفسر بقوله اذكر ، والمقصود من ذلك توبيخ اليهود الذين في زمنه صلىاللهعليهوسلم وتسليته على عدم إيمانهم به وبيان نقضهم العهد تفصيلا ، والمعنى تسل ولا تحزن من عدم إيمانهم بك ومن تكذيبك ، فإنهم كذبوا من يدعون أنه نبيهم إلى الآن. قوله : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ) أي تذكّروها واشكروا عليها. قوله : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) أي بكثرة ولم تكن في غيركم.
قوله : (جَعَلَكُمْ مُلُوكاً) أي يبسط الدنيا لكم ، وذلك بعد إغراق فرعون. قوله : (خدم) جمع خادم ، وهو صادق بالذكر والأنثى ، وقوله : (وحشم) هم الخدم لكن من الرجال ، ورد أن أول من ملك الخدم بنو إسرائيل ، وكان يقال عندهم من كانت عنده دابة وجارية وزوجة فهو ملك ، وقيل الملك من اتسعت داره وكان فيها النهر يجري ، وقيل جعلكم ملوكا أي أحرارا بعد استرقاق فرعون لكم. قوله :