حبهم للأنداد لأنهم لا يعدلون عنه بحال ما والكفار يعدلون في الشدة إلى الله (وَلَوْ يَرَى) تبصر يا محمد (الَّذِينَ ظَلَمُوا) باتخاذ الأنداد (إِذْ يَرَوْنَ) بالبناء للفاعل والمفعول يبصرون (الْعَذابَ) لرأيت أمرا عظيما وإذ بمعنى إذا (أَنَ) أي لأن (الْقُوَّةَ) القدرة والغلبة (لِلَّهِ جَمِيعاً) حال (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) (١٦٥) وفي قراءة يرى بالتحتانية والفاعل ضمير السامع وقيل الذين ظلموا فهي بمعنى يعلم وأن وما بعدها سدت مسد المفعولين وجواب لو محذوف والمعنى لو علموا في الدنيا شدة عذاب الله وأن القدرة لله وحده وقت معاينتهم له وهو يوم القيامة لما اتخذوا من دونه أندادا
____________________________________
كفروا بعبادتهم لهم لا بمجرد المحبة ففرق بين المحبة والعبادة ، فلا يعبد إلا الله لا غيره ، بخلاف المحبة من أجل كون ذلك المحبوب مقربا مثلا من الله كالأنبياء والأولياء ولذلك من عبدهم فقد كفر. قوله : (لأنهم لا يعدلون عنه بحال) أي فهذا وجه الأشدية. وحاصل ما قرره المفسر أن المشركين سووا الأنداد في المحبة بالله ، والمؤمنين انفردوا بمحبة الله ، ومع ذلك فهي أشد من محبة المشركين للأنداد ، وقرر غيره أن قوله تعالى : (أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) أي من جهة أن المحبة من الطرفين ، فالمؤمنون يحبون الله ويحبهم الله ، وأما المشركون فلا يخلو إما أن يكون معبودهم عاقلا أم لا فالأول يلعنهم ولا يحبهم ، والثاني لا يوصف بحب ولا بغض على أنه يصير حصبا لهم في نار جهنم بعذبون به ، فمحبة الله للعبد سابقة على محبة العبد لله ، لأن الله هو الخالق للخير والهدى في القلوب ، فحيث خلق الله في قلب الشخص النور والهدى والمحبة وفق العبد للرضا عنه ومحبته له وامتثاله أمره ونهيه ، ولذا قال بعض العارفين :
أيها المعرض عنا |
|
إن إعراضك منا |
لو أردناك جعلنا |
|
كل ما فيك يردنا |
وإنما قال أشد حبا ولم يقل أحب ، لأن اسم التفضيل لا يصاغ من الفعل المبني للمجهول ، وحيث اختل منه شرط توصل له بأشد أو أشدد. قوله : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) أظهر في محل الإضمار زيادة في التشنيع عليهم ، والمراد بالظلم الكفر. قوله : (باتخاذ الأنداد) الباء للسببية ومفعول ظلموا محذوف تقديره أنفسهم. قوله : (يبصرون) على القراءة الأولى هو بضم الياء مع سكون الباء وكسر الصاد ، وعلى الثانية بضم الياء وفتح الباء مع تشديد الصاد. قوله : (الْعَذابَ) مفعول لقوله يرون. قوله : (لرأيت أمرا عظيما) هذا هو جواب لو الشرطية. قوله : (إذ بمعنى إذا) جواب عن سؤال وهو أن إذ ظرف للماضي ورؤية العذاب مستقبل فالمحل لإذا فأجاب بذلك أو أنه نزل المستقبل منزلة الماضي لتحقق الحصول. قوله : (أي لأن) أشار بذلك إلى أنه علة لجواب لو أي رأيت أمرا عظيما لكون القوة جميعها لله ، فلا تخش من إمهالهم الفوات والهروب.
قوله : (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) هذا لدفع توهم الكافر أنه وإن كانت له القوة جميعا يمكن أن يسامح في ذلك فقال إن الله شديد العذاب. قوله : (قيل ضمير السامع) أي والذين ظلموا مفعوله والجواب محذوف تقديره لرأى أمرا فظيعا. قوله : (فهي بمعنى يعلم) أي فتنصب مفعولين. قوله : (وأن) أي الأولى. قوله : (سدت مسد المفعولين) أي فهذا موجب فتحها ، ويوجب فتحها أيضا تأويلها بمصدر. قوله : (والمعنى) أي على هذا الوجه الأخير. قوله : (وقت معاينتهم) هذا تفسير لإذ. قوله : (لما اتخذوا)