المدينة (وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي) ديني (وَقُتِلُوا) الكفار (وَقُتِلُوا) بالتخفيف والتشديد وفي قراءة بتقديمه (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) أسترها بالمغفرة (وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً) مصدر من معنى لأكفرن مؤكد له (مِنْ عِنْدِ اللهِ) فيه التفات عن التكلم (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) (١٩٥) الجزاء. ونزل لما قال المسلمون أعداء الله فيما نرى من الخير ونحن في الجهد (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا) تصرفهم (فِي الْبِلادِ) (١٩٦) بالتجارة والكسب (مَتاعٌ قَلِيلٌ) يتمتعون به يسيرا في الدنيا ويفنى (ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (١٩٧) الفراش هي (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ) أي مقدرين الخلود
____________________________________
إلى المدينة) أي أو إلى الحبشة كما كان في صدر الإسلام ، فكان من أسلم ولم يأمن على نفسه يأمره النبي صلىاللهعليهوسلم بالهجرة إلى الحبشة ، إلى أن جاءه الأذن بالهجرة إلى المدينة.
قوله : (وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) يشير بذلك إلى أن الإخراج قهري ، لأنه وإن كان في الظاهر طائعا إلا أنه في الباطن مكره. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وقوله : (وفي قراءة بتقديمه) أي المبني للمفعول لكن بالتخفيف ، فالقراءات ثلاث ، وتكون الواو على هذه القراءة بمعنى مع ، أي قتلوا مع كونهم قاتلوا فلم يفروا ، بل قتلوا في حال مقاتلهم الأعداء. قوله : (لَأُكَفِّرَنَ) اللام موطئة لقسم محذوف ، أو وحقي وجلالي لأكفرن ، والقسم وجوابه في محل رفع خبر. قوله : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا) إلخ ، وهذا الوعد الحسن لمن اتصف بجميع تلك الصفات أو ببعضها قوله : (أسترها بالمغفرة) أي عن الخلق وأبدلها حسنات. قوله : (ثَواباً) هو في الأصل مقدار من الجزاء اعده الله لعباده المؤمنين في الآخرة في نظير أعمالهم الحسنة ، لكن المراد به هنا الإثابة فهو مصدر مؤكد كما قال المفسر ، ويصح أن يكون حالا في جنات ، أي لأدخلنهم جنات حال كونها ثوابا بمعنى مثابا بها ، أي في نظير أعمالهم الحسنة. قوله : (من معنى لأكفرن) أي وما بعده وهو لأدخلنهم فهما في معنى لأثيبنهم.
قوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ) جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لثوابا. قوله : (فيه التفات عن التكلم) أي وكان مقتضى الظاهر أن يقول ثوابا من عندي وإنما أظهر في محل الإضمار تشريفا لهم قوله : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) لفظ الجلالة مبتدأ ، وقوله : (حُسْنُ الثَّوابِ) مبتدأ ثان ، وقوله : (عِنْدَهُ) خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول ، ويحتمل أن يكون حسن الثواب فاعلا بالظرف قبله ، والجملة خبر المبتدأ وإضافة حسن للثواب من إضافة الصفة للموصوف ، أي الثواب الحسن كالجنة وما فيها ، وأتى بهذه الآية تعليلا لما قبلها. قوله : (لا يَغُرَّنَّكَ) الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمقصود غيره ، لأن هذه المقالة واقعة من ضعفاء المسلمين ، ولا ناهية ، ويغرنك فعل مضارع مبني على الفتح لإتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، والكاف مفعوله ، والمعنى لا تغتر بتقلبهم إلخ.
قوله : (مَتاعٌ قَلِيلٌ) خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله هو. قوله : (يتمتعون) أي ينتفعون ويتنعمون به. قوله : (هي) أشار به إلى أنه المخصوص بالذم. قوله : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا) إنما أتى بالإستدارك دفعا لما يتوهم من أن الدنيا مذمومة ، ومتاع قليل مطلقا للمؤمن والكافر ، فأفاد أن المؤمن وإن أخذ في التجارة