ثبتوا (لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا) من عندنا (أَجْراً عَظِيماً) (٦٧) هو الجنة (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٦٨) قال بعض الصحابة للنبي صلىاللهعليهوسلم كيف نراك في الجنة وأنت في الدرجات العلى ونحن أسفل منك فنزل (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) فيما أمرا به (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ) أفاضل أصحاب الأنبياء لمبالغتهم في الصدق والتصديق (وَالشُّهَداءِ) القتلى في سبيل الله (وَالصَّالِحِينَ) غير من ذكر (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٦٩) رفقاء في الجنة بأن يستمتع فيها برؤيتهم وزيارتهم والحضور معهم وإن كان مقرهم في الدرجات العالية بالنسبة إلى غيرهم (ذلِكَ) أي كونهم مع من ذكر مبتدأ خبره (الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) تفضل به عليهم لا أنهم نالوه بطاعتهم (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) (٧٠) بثواب الآخرة أي فثقوا بما أخبركم به ولا ينبئك مثل خبير (يا
____________________________________
ثبتوا) ليس تفسير إلا ذابل ، إشارة إلى أن (إِذاً) واقعة في جواب سؤال مقدر ، وقوله : (لَآتَيْناهُمْ) جواب الشرط ، وأصل الكلام فما جزاؤهم لو ثبتوا إذ لآتيناهم الخ ، فالحامل للمفسر على تقدير (لو ثبتوا) قوله بعد : (لَآتَيْناهُمْ) والحامل لنا على تقدير السؤال قوله : (إِذاً) وهي هنا ملناة عن عمل النصب لفقد شرطها. قوله : (صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي دينا قيما لا اعوجاج فيه ، وهو دين الإسلام ، فتحصل أنهم لو امتثلوا لأعطاهم الله خير الدنيا والآخرة. قوله : (وأنت في الدرجات العلى) أي التي ليس فوقها درجة ، وهذا السؤال كما توجه من الصحابة ، يتوجه أيضا من الأنبياء ، فإنه أعلى من جميع المخلوقات على الإطلاق حتى الأنبياء ، قال البوصيري :
كيف ترقى رقيّك الأنبياء |
|
يا سماء ما طاولتها سماء |
قوله : (فيما أمرا به) أي ونهيا عنه ، فالطاعة امتثال المأمورات واجتناب المنهيات. قوله : (مِنَ النَّبِيِّينَ) الخ ، بيان للذين والمعنى أن من أطاع الله كان رفيقا لمن ذكر ، وليس ذلك بسفر ولا مشقة ، بل يكشف له عمن ذكر ويحادثه مع كون كل درجته لا يصعد هذا لهذا ، ولا ينزل هذا لهذا ، قال تعالى (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) فإذا تمنى الشخص مشاهدة النبي ومحادثته ، حصل ذلك من غير مشقة ولا انتقال. قوله : (أفاضل أصحاب الأنبياء) أي فالصديقية تحت مرتبة النبوة. قوله : (وَالصَّالِحِينَ) أي القائمين بحقوق الله وحقوق عباده. قوله : (غير من ذكر) أتى به دفعا للتكرار ، لأن جميع من تقدم صالحون.
قوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) حسن كنعم تستعمل للمدح وفيها معنى التعجب ، وأولئك فاعل ، ورفيقا تمييز ، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره هؤلاء. قوله : (رفقاء) أشار بذلك إلى أن رفيقا فعيل يستوي فيه الواحد وغيره ، ويحتمل أنه أفرد نظرا لكل واحد مما ذكر. قوله : (والحضور معهم) أي مجالستهم حيثما أحب. قوله : (مبتدأ خبره) (الْفَضْلُ) ويحتمل أن (الْفَضْلُ) نعت لاسم الإشارة أو بدل ، قوله : (مِنَ اللهِ) خبره. قوله : (لا أنهم نالوه بطاعتهم) أي نالوا الرفق بسبب طاعتهم ، ففي الحقيقة دخول الجنة وارتقاء منازلها ومرافقة من ذكر بمحض فضل الله ، وإلا فأي طاعة يستحق بها الإنسان شيئا من ذلك. قوله : (أي فثقوا) أي اعتمدوا على ذلك الخبر ولا تشكوا. قوله : (ولا ينبئك مثل