القرآن (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) صمما فلا يسمعونه سماع قبول (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ) ما (هذا) القرآن (إِلَّا أَساطِيرُ) أكاذيب (الْأَوَّلِينَ) (٢٥) كالأضاحيك والأعاجيب جمع أسطور بالضم (وَهُمْ يَنْهَوْنَ) الناس (عَنْهُ) عن اتباع النبي صلىاللهعليهوسلم (وَيَنْأَوْنَ) يتباعدون (عَنْهُ) فلا يؤمنون به وقيل نزلت في أبي طالب كان ينهى عن أذاه ولا يؤمن به (وَإِنْ) ما (يُهْلِكُونَ) بالنأي عنه (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) لأن ضرره عليهم (وَما يَشْعُرُونَ) (٢٦) بذلك (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذْ وُقِفُوا) عرضوا (عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا) للتنبيه (لَيْتَنا نُرَدُّ) إلى الدنيا (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٧) برفع الفعلين استئنافا
____________________________________
الجامع الذي يحفظ فيه الشيء ويجمع على أكنان ، والمراد بها هنا الغطاء الساتر. قوله : (فلا يسمعونه) أي القرآن. قوله : (حَتَّى إِذا جاؤُكَ) حتى ابتدائية. وقوله : (يُجادِلُونَكَ) حال من الواو في جاؤوك. وقوله : (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) جواب إذا. قوله : (كالأضاحيك) جمع أضحوكة بالضم ، وكذا (الأعاجيب) أي فالمشهور أن أساطير في جمعه ومفرده كالأضاحيك والأعاجيب. قوله : (هُمْ يَنْهَوْنَ) أي الكفار ينهون عن اتباع النبي ، أو عن سماع القرآن. قوله : (أي عن اتباع النبي) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله : (وقيل نزلت في أبي طالب) أي وعليه فجمع الضمير باعتبار اتباعه. قوله : (كان ينهى عن أذاه) أي وكان يخاطب النبي عليه الصلاة والسّلام بقوله :
ولقد علمت بأن دين محمد |
|
من خيز أديان البرية دينا |
لو لا الملامة أو حذار مسبة |
|
لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة |
|
حتى أوسد في التراب رهينا |
وهذا القول لابن عباس وعمرو بن دينار وسعيد بن جبير ، والقول بأنها نزلت في المشركين لجماعة منهم الكلبي والحسن ؛ والأقرب لسياق ما قبلها وما بعدها المعنى الأولى فتأمل. قوله : (بذلك) أي بإهلاكهم أنفسهم ، قوله : (وَلَوْ تَرى) المقصود من ذلك حكاية ما سيقع من الكفار يوم القيامة وتسلية للنبي وأصحابه ، والمعنى لو تبصر بعينك يا محمد ما يقع لهؤلاء في الآخرة ، لرأيت أمرا عظيما تتسلى به عن الدنيا ، فالخطاب لسيدنا محمد كما قال المفسر. إن قلت : هذا يقتضي أن رسول الله لم يطلع على ذلك ، مع أنه لم يخرج من الدنيا حتى أحاط بوقائع الدنيا والآخرة. أجيب : بأن هذا قبل إعلام الله له بالآخرة. وأجيب أيضا بأن الخطاب له والمراد غيره ، ورأى إما بصرية وهو الأقرب أو قلبية ، والمعنى لو صرفت فكرك الصحيح في تدبير حالهم لازددت يقينا ، ولو يحتمل أنها حرف امتناع ، فيكون قوله ترى بمعنى رأيت ، وإذ على بابها من المعنى ، فيكون عبر بالماضي لتحقق الحصول ، ويحتمل أنها بمعنى إن الشرطية وإذ بمعنى إذا ، فيكون مستقبلا ، والأقرب الأول. قوله : (للتنبيه) أي لدخولها على الحرف.
قوله : (لَيْتَنا نُرَدُّ) ليت حرف تمن ، ونا اسمها ، وجملة نرد خبرها. قوله : (برفع الفعلين استئنافا) أي واقع في جواب سؤال مقدر تقديره ماذا تفعلون لو رددتم ، فقوله (وَلا نُكَذِّبَ) خبر محذوف تقديره