مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ﴾ يعني في الحرم ، وقال : ﴿فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾(١) .
﴿وَاتَّقُوا اللهَ﴾ واحذروا غضبه ، فلا تتجاوزوا عمّا رخّص لكم ، ولا تفاتحوا بالقتال في الحرم وفي الشّهر الحرام ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ﴾ بالنّصرة والمعونة والحفظ ﴿مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
ثمّ روي أنّه لمّا نزلت ﴿الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ﴾ قال رجل من الحاضرين : يا رسول الله ، مالنا زاد ، وليس أحد يطعمنا ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن ينفقوا في سبيل الله ، وأن يتصدّقوا ، وأن لا يكفّوا أيديهم عن الصّدقة ولو بشقّ تمرة تحمل في سبيل الله ، فنزلت [ هذه الآية ] على وفق رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢) .
﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ ونصرة دينه ، وطلب مرضاته من الجهاد وسائر أبواب الخير ، وهذا أمر بالجهاد بالمال بعد الأمر بالجهاد بالنّفس.
في وجوب الاقتصاد في الانفاق
﴿وَ﴾ لكن ﴿لا تُلْقُوا﴾ أنفسكم ، ولا تطرحوها ﴿بِأَيْدِيكُمْ﴾ وبمباشرتكم ﴿إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ والتّلف بسبب الإسراف في الإنفاق وتضييع أمر المعاش وسائر ما يؤدّي إلى الهلاك.
عن أبي أيّوب الأنصاريّ ، قال : إنّ الله تعالى لمّا أعزّ دينه ونصر رسوله صلىاللهعليهوآله قلنا فيما بيننا : إنّا قد تركنا أهلنا وأموالنا حتّى فشا الإسلام ونصر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله فلو رجعنا إلى أهلنا وأموالنا فأقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منا ؟ فأنزل الله هذه الآية. فالتّهلكة ما كان سببا للهلاك من الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد (٣) .
في وجوب طاعة السلطان
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « طاعة السّلطان واجبة ، ومن ترك طاعة السّلطان فقد ترك طاعة الله تعالى ، ودخل في نهيه ، إنّ الله يقول : ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾(٤) » .
عن ( الكافي ) : عن الصّادق عليهالسلام قال : « لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله ، ما [ كان ] أحسن ولا وفّق ، أ ليس يقول الله تعالى : ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾(٥) .
ثمّ أكّد سبحانه الأمر بالإنفاق ، بالأمر بالإحسان ، من الإنفاق وسائر الأعمال الصّالحة بقوله :
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٢٧ / ٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢١٠.
(٢) تفسير الرازي ٥ : ١٣٥.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٣٠٩.
(٤) أمالي الصدوق : ٤١٨ / ٥٥٣.
(٥) الكافي ٤ : ٥٣ / ٧.