.................................................................................................
______________________________________________________
فلذا كان التنافي بينهما عرضا لا حقيقة : أي عارضا لا أولا وبالذات ، وان كان بعد العلم بذلك يكون التنافي بينهما حقيقيا.
بقي شيء : وهو ان قوله عرضا هل يرجع الى التناقض والتضاد معا ، او يختصّ بخصوص التضاد؟ .. ويظهر من بعض الاعلام المحشين انه يختص بالتضاد ولا يشمل التناقض ، نظرا الى ان التناقض هو عدم اجتماع الوجود والعدم ، والتضاد هو عدم اجتماع الامرين الوجوديين ، فان وردا على محلّ واحد كان التضادّ حقيقيا ، وان لم يردا على محل واحد بل كان عدم اجتماعهما للعلم بان الموجود احدهما كان التضاد عرضيا. فالتناقض لا ينقسم الى حقيقي وعرضي ، والتضاد هو المنقسم الى حقيقي وعرضي ، ولما كان المفروض في المقام ان التنافي انما حصل للعلم بكذب أحد الدليلين بعد كونهما امرين وجوديين لم يردا على محل واحد ، فالتنافي بينهما من التضاد العرضي.
إلّا انه يمكن ان يقال بامكان رجوع قوله عرضا الى التناقض والتضاد معا ، وان التناقض ايضا ينقسم الى حقيقي وعرضي كالتضاد ، وذلك انه بعد ان لم يكن بين الدليلين بذاتهما تناقض ولا تضاد حقيقي لعدم وحدة الموضوع ، وانما جاء التنافي بينهما من جهة العلم بعدم اجتماعهما : فتارة نعلم بعدم اجتماعهما فقط ، ولازم ذلك ان يحصل لنا في كل واحد منهما بخصوصه احتمال الوجود والعدم ، ومن هذه الحيثية يكون الحكم الترجيح بينهما او التخيير. واخرى نعلم زيادة على عدم اجتماعهما حرمة احدهما ، بان نعلم ان الواجب هو اما الظهر او الجمعة ، وانه لو كان الواجب هو الظهر فالجمعة محرّمة وبالعكس. فان كانت جهة التنافي بينهما هو العلم بعدم اجتماعهما فقط فهذا التنافي مستلزم للتناقض العرضي ، وان كان التنافي من جهة العلم بحرمة احدهما فلا بد وان يكون هذا التنافي مستلزما للتضاد العرضي ، لان كل واحد منهما مما يحتمل كونه هو الواجب او انه هو المحرّم .. وما اشار اليه من كونهما امرين وجوديين لم يردا على محل واحد فلا بد وان يكون التنافي بينهما هو