ثم إنه لا يذهب عليك أن جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة ، يكون بديهيا جبليا فطريا لا يحتاج إلى دليل ، وإلا لزم سد باب العلم به على العامي مطلقا غالبا ، لعجزه عن معرفة ما دل عليه كتابا وسنة (١) ، ولا يجوز التقليد فيه أيضا ، وإلا لدار أو
______________________________________________________
فلذا كان نفس عمل المقلد ـ بما انه مستند فيه لرأي المجتهد ـ هو تقليده له ، فلا يلزم في التقليد الالتزام بسبق التقليد على العمل.
واما الوجه الثاني .. فيرد عليه : ان التقليد من المقلد ليس ضدا للاجتهاد الذي هو معرفة الحجة ، وانما هو ضد لعمل المجتهد ، ويدل على ذلك ان التقليد ضد ايضا للاحتياط والاحتياط انما هو في العمل لا في غيره.
وبعبارة اخرى : ان العمل المبرئ للذمة : اما ان يكون عن اجتهاد ، واما ان يكون عن تقليد ، واما ان يكون للاحتياط.
فاتضح ان الاجتهاد والتقليد متقابلان بتقابل التضاد في نفس العمل لا في المعرفة ، كما هو الحال في تقابله للاحتياط فانه من البديهي ان تقابلهما في نفس العمل. والله العالم.
(١) هذا هو الكلام في المقام الثاني ، وهو الدليل على جواز التقليد ورجوع الجاهل الى العالم ، وقول المصنف : «في الجملة» للاشارة الى ان التقليد الصحيح المبرئ للذمة هو خصوص رجوع الجاهل الى العالم الجامع للشرائط ، وليس هو مطلق رجوع الجاهل الى العالم ، لبداهة ان رجوع الجاهل الى العالم غير الجامع للشرائط غير مبرئ للذمة فلا يكون تقليدا صحيحا.
وقد استدل عليه بأدلة : الاول : كون التقليد بديهيا جبليا فطريا ، وهو عمدة الادلة على جواز التقليد عند المصنف.
وتوضيحه : ان الفطري بحسب الاصطلاح هي الامور التي قياساتها معها ككون الاربعة زوجا ، والجبلي هو الذي تدعو اليه جبلة ذي الادراك كهرب الحيوان من