فصل
التعارض وإن كان لا يوجب إلّا سقوط أحد المتعارضين عن الحجية رأسا ، حيث لا يوجب إلا العلم بكذب أحدهما ، فلا يكون هناك مانع عن حجية الآخر ، إلا أنه حيث كان بلا تعيين ولا عنوان واقعا ـ فإنه لم يعلم كذبه إلا كذلك ، واحتمال كون كل منهما كاذبا ـ لم يكن واحد منهما بحجة في خصوص مؤدّاه ، لعدم التعيين في الحجة أصلا ، كما لا يخفى.
نعم يكون نفي الثالث بأحدهما لبقائه على الحجية ، وصلاحيته على ما هو عليه من عدم التّعيّن لذلك لا بهما (١) ، هذا بناء على حجية
______________________________________________________
انه لا معنى لجعل الحجية الفعلية لسند كل واحد منها «ف» لاجل ذلك «يقع التعارض بين ادلة السند حينئذ كما لا يخفى».
(١) توضيح الحال يتوقف على امور : الاول : ان الظاهر من ادلة الجعل لحجيّة الامارات هو الطريقية وانها بداعي الايصال الى الواقع ، كقوله عليهالسلام : العمري وابنه ثقتان فما أدّيا فعني يؤدّيان ، وغيره من ادلة الجعل ، وظهور اخبار العلاج في ذلك ايضا ، فان المزايا المذكورة في الادلّة العلاجية : كالأوثقيّة والأصدقيّة والأورعيّة والأفقهيّة وموافقة الكتاب ومخالفة القوم كلها ظاهرة في ان جعل الحجية انما هو بداعي الايصال الى الواقع.
الثاني : ان الجامع الاولي للامارة المجعولة هو احتمال الاصابة للواقع شخصا ، وغلبة الاصابة نوعا.
الثالث : انه بناء على الطريقية فالعلم التفصيلي بكذب الامارة مخرج لها موضوعا عن ادلّة الحجية ، لان جعل الحجية للامارة حيث انه بداعي الايصال فلا بد وان تكون الامارة محتملة الاصابة شخصا غالبة الاصابة نوعا ، ومع العلم بالكذب تفصيلا لا تكون الامارة محتملة الاصابة شخصا ولا غالبة الاصابة نوعا.