فصل
اتفقت الكلمة على التخطئة في العقليات ، واختلفت في الشرعيات ، فقال أصحابنا بالتخطئة فيها أيضا ، وأن له تبارك وتعالى في كل مسألة حكما يؤدي إليه الاجتهاد تارة وإلى غيره أخرى. وقال مخالفونا بالتصويب ، وأن له تعالى أحكاما بعدد آراء المجتهدين ، فما يؤدي إليه الاجتهاد هو حكمه تبارك وتعالى (١) ، ولا يخفى أنه لا يكاد يعقل
______________________________________________________
وقد اشار المصنف الى جهة الاختلاف في الحاجة الى الاصول من ناحية الموارد الثلاثة بقوله : «نعم يختلف الاحتياج اليها» أي ان ادلة الاحكام الفرعية وهي المسائل الاصولية «بحسب اختلاف المسائل والازمنة والاشخاص» كما عرفت. واشار الى الوجه في الحاجة الى الاصول من حيث الازمنة بقوله : «ضرورة خفة مئونة الاجتهاد في الصدر الاول ... الى آخر كلامه».
(١) هذا الفصل للبحث في التخطئة والتصويب. والمراد من التخطئة هو انه هناك واقع يصيبه من يصيبه ويخطئه من يخطئه ، والمراد من التصويب انه ليس هناك واقع غير ما ادى اليه النظر ، ولذلك وقع الاتفاق على التخطئة في العقليات ، لوضوح ان المسائل العقلية ككون الممكن محتاجا الى العلة فانها مسألة لها واقع يصيبه من يصيبه ويخطئه من يخطئه ، ومثلها كل المسائل العقلية ، ولم يتوهم احد التصويب فيها ، وإلّا لانسد باب البرهان من رأس ، وكانت العلوم العقلية المحضة لغوا ، وكذلك ساير العلوم المحتاجة الى البرهان كالرياضيات وغيرها من العلوم ، وعلى كل فالتخطئة فيها من المسلمات بل من البديهيات.
وانما الخلاف في خصوص الحكم الشرعي .. فذهب اصحابنا وهم علماء الشيعة قاطبة الى التخطئة ، وان هناك حكما شرعيا واحدا واقعيا يشترك فيه الجاهل والعالم ، يصيبه من يصيبه من المجتهدين ويخطئه من يخطئه منهم.