.................................................................................................
______________________________________________________
المبحوث عنه في المقام مع وجود التنافي حقيقة ولبّا بين المدلولين ، فالتعارض هو التنافي الخاص ـ لا مطلق التنافي ـ وهو التنافي بين الدليلين ، لما عرفت من ان الدليل الحاكم والمحكوم لا تعارض بينهما مع تحقق التنافي بين مدلوليهما لبّا وحقيقة ، ولذلك عدل المصنف عن تعريف المشهور بكون التعارض تنافي المدلولين الى تعريفه بانه تنافي الدليلين.
والمراد من الدليلين والادلة : هو الدليل بما هو دليل قد اعتبر حجة بالجعل الشرعي ، وعلى هذا فيكون قوله : ومقام الاثبات ، من عطف التفسير كما مرّت الاشارة الى ذلك في الحاشية المتقدّمة ، لوضوح انه لا تعارض بين الدليلين غير المعتبرين وان كان بينهما تناف ، لعدم وقوع كل منهما مانعا ومعترضا سبيل الآخر حيث لا يثبت بهما حكم ، فليس لهما مقام الاثبات حتى يتمانعا.
قوله : «على وجه التناقض او التضاد حقيقة» كون الدليلين متناقضين حقيقة بان يدل احدهما على وجوب شيء والآخر على عدم وجوبه ، وكون الدليلين متضادين حقيقة بان يدل احدهما على وجوب الشيء والآخر على حرمته مثلا.
قوله : «او عرضا» المراد من قوله عرضا ـ في قبال الحقيقة ـ ليس الواسطة في العروض لانه كما سيأتي انه يكون التنافي حقيقيا. ايضا التنافي بين الدليلين بالعرض هو ان يكون متعلق احد الدليلين عير متعلق الآخر ، كما لو دلّ احد الدليلين على وجوب الظهر والآخر على وجوب الجمعة ، وكنا قد علمنا من الخارج بكذب احدهما ، ولو لعلمنا بانه لا يجب في الظهر فرضان الجمعة والظهر ، فاما ان تجب الجمعة فلا يجب الظهر او يجب الظهر فلا تجب الجمعة ... ومما ذكرنا ظهر : ان وقوع التنافي بينهما لا لتنافيهما في الدلالة ، لوضوح عدم التنافي بينهما في الدلالة ، لان احدهما قد دلّ على وجوب الظهر والآخر على وجوب الجمعة ، ولا تنافي بين هاتين الدلالتين ، الّا انه حيث علمنا بكذب احدهما فنعلم بعدم صدورهما معا ، وان الصادر لا بد وان يكون احدهما ، فمن هذه الجهة التي قد عرضت يقع التنافي بينهما ،